الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

(الطعن 11185 لسنة 71 ق جلسة 23 / 9 / 2002 س 53 ق 144 ص 851)

 برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، سمير مصطفى، عبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - لما كان الطاعن الثالث.... بصفته الحارس القضائي على نقابة..... وإن قدم أسباب طعنه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبولا شكلا، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقدم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
 
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم - في خصوصية هذه الدعوى - إغفاله أقوال.... عضو اللجنة الهندسية، لاسيما وأن الثابت من المفردات المضمومة أن أقواله وأقوال باقي أعضاء اللجنة بالتحقيقات لا تعدو أن تكون ترديدا لنتيجة التقرير الذي قاموا بإعداده وعول عليه الحكم وأورد نتيجته تفصيلا، فضلا عن أن الثابت بالأوراق أن أقوال ذلك الشاهد لا تخالف ما جاء بأقوال الباقين ولا تتضمن أمورا تخرج عن النتيجة التي انتهى إليها التقرير.
 
3 -  لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، مما تنتفي معه قالة التناقض، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
 
4 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الواقعة التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها، وكان الطاعنان لا يجادلان في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدي إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
5 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 
6 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
 
7 - لما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
8 - لما كان ما أثبته الحكم كافيا لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة إجراء تعديل في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
 
9 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
 
10 - من المقرر أن تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
 
11 - من المقرر أنه يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنين وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي انهيار البناء ووفاة وإصابة المجني عليهم، ولا يجدي الطاعنين ما يثيراه من أن خطأ مالك العقار قد ساهم في وقوع الحادث إذ أنه بفرض صحته لا ينفي مسئوليتهما الجنائية عن النتيجة، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلي المتهم من المسئولية، مادام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة.
 
12 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
 
13 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
 
14 - لما كان القانون يجرم القيام بإجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص من الجهة المختصة، وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 22 مكررا من القانون 106 لسنة 1976 المعدل، فإن منعي الطاعن الثاني في شأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن قيمة الأعمال المخالفة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه يغدو غير منتج وذلك لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
 
15 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وطرح ما عداه، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها - وهي إزالة بعض الحوائط والتكسير في بعض الأعمدة - فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم في بعض التفاصيل - على فرض حصوله - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
 
16 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ أسبابا ومنطوقا جديدين وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وأورد على ثبوتها أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. ووقع على الطاعنين العقوبة الواردة بمنطوقه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها، غير متصل أو منعطف على الحكم المنقوض مما يعصمه من البطلان الذي شاب الحكم الأخير.
 
17 - لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة أمن الدولة العليا - وهي من المحاكم العادية - وليس من محكمة استثنائية كما ذهب الطاعن الأول بأسباب طعنه، هذا فضلا عن أنه لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه من عدم اختصاص محكمة أمن الدولة العليا ولائيا بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
 
18 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانهما بها تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقضي بها - مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الحبس مع الشغل لمدة سنتين والغرامة - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإنه لا يكون لهما مصلحة في النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لعدم بيانه رابطة السببية كركن من أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ.
----------------------
   اتهمت النيابة العامة كلا من (1)....... (2) ....... (3)...... (طاعن) (4)......... (طاعن). بأنهم أولا:- المتهم الأول:
1- لم يراع في تصميم وتنفيذ البناء رقم..... الأصول الفنية المقررة قانونا بأن أنشأه وأقامه على أعمدة وهيكل خرساني لا تحتمل عدد الأدوار المرخص بإقامتها مخالفا بذلك الرسم المعماري والإنشائي الذي منح على أساسه الترخيص ثم أقام خمسة أدوار من التاسع حتى الثالث عشر زائدة على المرخص له بإقامته دون الحصول على ترخيص رغم عدم تحمل الأعمدة والهيكل الخرساني التي أنشأها بالمخالفة للترخيص زيادة الأحمال الواقعة عليها مما أدى إلى زيادة تلك الأحمال فأفقدها معامل الأمان وسقوط البناء على النحو المبين بتقرير اللجنة الهندسية المرفق بالتحقيقات وقد نشأ عن تلك الأفعال وفاة أربعة وستين شخصا وإصابة ستة عشر آخرين.
2-    أجرى تعديلات وتوسعات بالدور الأرضي بالعقار موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات بدون ترخيص ومخالفا بذلك شروط ترخيص بناء العقار مما ساعد على سقوطه.
3- أقام بناء بمنطقة الردود بالعقار سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.
4- لم يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني للإشراف فعليا على تنفيذ أعمال البناء المرخص بإنشائها.
ثانيا:- المتهمون من الثاني حتى الرابع أجروا تعديلات في بناء الوحدة رقم 5 بالعقار المشار إليه المملوكة للبنك المركزي المصري الذي يمثله المتهم الثاني والذي أسند للمتهم الثالث إعداد الرسومات الهندسية للتعديلات المطلوبة وللمتهم الرابع تنفيذها بإزالة الحوائط وتكسير أجزاء بعض أعمدة تلك الوحدة بغير ترخيص بذلك بدون إشراف أو مراقبة حال تنفيذ تلك الأعمال مما ترتب على ذلك سقوط العقار ووفاة وإصابة من سبق الإشارة إليهم.
ثالثا: المتهمون جميعا:
1- تسببوا بأخطائهم على النحو المبين بالتهم السابقة وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء بإخلالهم إخلالا جسيما بما تفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة إجهادات الأعمدة مرتين ونصف عن أحمالها التصميمية مما أفقد بناء العقار معامل الأمان وسقوطه وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة وإصابة من سبق الإشارة إليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات.
2- تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات والسيارات المملوكة للغير والمبينة أسماؤهم بالتحقيقات. وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 238/1، 2، 3، 244/1، 2، 3، 378/6 من قانون العقوبات والمادة 22/1، 2، 3، 4 مكررا من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقوانين أرقام 30 لسنة 1983، 25 لسنة 1992، 101 لسنة 1996 واللائحة التنفيذية للقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات، أولا:- بمعاقبة....... بالحبس مع الشغل لمدة سبع سنوات عن التهمة ثالثا المسندة إليه بالبندين 1، 2 وببراءته من التهمة أولا: المسندة إليه ببنودها 1، 2، 3، 4 ثانيا: بمعاقبة كل من..... و..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما قيمة الأعمال البالغ قدرها 325396.270 ثلاثمائة خمسة وعشرين ألف وثلاثمائة وستة وتسعين جنيها وسبعة وعشرين قرشا. ثالثا: بشطب اسم المهندس.... و..... من سجلات نقابة المهندسين وسجلات اتحاد المقاولين حسب الأحوال لمدة سنة واحدة والنشر. رابعا: ببراءة..... مما أسند إليه فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.....
ومحكمة النقض قضت بقبول طعن كل من المحكوم عليهم شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين.... و..... إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة للطاعن.... وبجلسة..... مثل وكيل عن نقابة المهندسين أمام محكمة الإعادة طالبا التدخل في الدعوى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريا عملا بالمواد 238/1، 2، 3، 244/1، 2، 3 378/6 من قانون العقوبات والمادة 22/1، 2، 3، 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقوانين أرقام 30 لسنة 1983، 25 لسنة 1992، 101 لسنة 1996 واللائحة التنفيذية المرفقة بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من.... و...... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمهما مبلغ خمسين ألف جنيه. ثانيا:- بشطب اسم المهندس.... و..... من سجلات نقابة المهندسين وسجلات اتحاد المقاولين لمدة سنة واحدة والنشر وبعدم قبول تدخل نقابة المهندسين.
فطعن كل من الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/............ المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه الثاني والأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه الأول "للمرة الثانية" في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
-------------------------
   من حيث إن الطاعن الثالث ... بصفته الحارس القضائي على نقابة ..... وإن قدم أسباب طعنه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إلا إنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم. ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبولاً شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقدم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. 

ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليهما قد استوفى الشكل المقرر قانوناً. ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم إجراء تعديلات في عقار بغير ترخيص من الجهة المختصة والقتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في قضائه - من بين ما عول عليه - على أقوال المهندس ..... ولم يبين مؤداها، وأورد في مدوناته أن المسئول عن انهيار العقار هو مالكه ثم عاد في موضع آخر وأورد بأن الطاعن الأول ....... قد ساهم بفعله في ذلك رغم أن رواية الشهود تنفي مسئوليته عن الحادث، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني ...... القائم على نفي التهمة وأن المسئول عن انهيار العقار هو مالكه، وأعرض عما قدمه من مستندات في هذا الشأن ولم يدلل على توافر أركان الجريمة الأولى في حق الطاعنين، ولم يبين مدى مخالفة الطاعن الأول للأصول الهندسية مع اختفاء الرسومات الهندسية الخاصة بالعقار من حي ..... ودفع الطاعنان بانقطاع رابطة السببية، وطلبا ندب لجنة هندسية لبيان سبب انهيار العقار، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تعرض له إيراداً ورداً، والتفتت عن التقرير الاستشاري وعولت على تقرير اللجنة المنتدبة من النيابة العامة رغم انه بني على الظن، وأسند الحكم للطاعن الثاني إجراء تعديلات للعقار موضوع الدعوى بغير ترخيص من الجهة المختصة رغم ما أثاره بجلسة المحاكمة من أن الأعمال التي قام بإجرائها لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه، وأحال في بيان أقوال شهود الإثبات إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ..... رغم تناقضها في شأن تحديد السبب الرئيسي لانهيار العقار، فضلاً عن أن أحداًُ من الشهود لم يجزم بحدوث تكسير بالأعمدة الخرسانية للعقار، كما أن الحكم المطعون فيه نقل عن أسباب الحكم السابق نقضه، وصدر من محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) وهي غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى، وأغفل بيان رابطة السببية بين خطأ الطاعنين ووفاة وإصابة المجني عليهم من واقع تقرير فني كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير اللجنة الهندسية والتقارير الطبية الشرعية، وهي أدلة سائغة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعنان في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بصفة أصلية وفي موضوع الواقعة محل الجريمة على أقوال كل من .... و ... و .....و ....... و........ و..... و...... و........ و.... و..... و..... وتقرير اللجنة الهندسية والتقارير الطبية الشرعية، وهي دعامات صحيحة تكفي لإقامته، فإنه لا يعيب الحكم - في خصوصية هذه الدعوى - إغفاله أقوال ................. عضو اللجنة الهندسية، لاسيما وأن الثابت من المفردات المضمومة أن أقواله وأقوال باقي أعضاء اللجنة بالتحقيقات لا تعدو أن تكون ترديداً لنتيجة التقرير الذي قاموا بإعداده وعول عليه الحكم وأورد نتيجته تفصيلاً، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق أن أقوال ذلك الشاهد لا تخالف ما جاء بأقوال الباقين ولا تتضمن أموراً تخرج عن النتيجة التي انتهى إليها التقرير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شانها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، مما تنتفي معه قالة التناقض، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الواقعة التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها، وكان الطاعنان لا يجادلان في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدي إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن الثاني بعدم مسئوليته عن انهيار العقار ووقوع الحادث وأن المسئول هو مالك العقار مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها كما أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة إجراء تعديل في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفاع بانقطاع رابطة السببية ورد عليه بقوله "وحيث إنه في شأن ما قيل في علاقة السببية فإن المحكمة ترى أن علاقة السببية في المواد الجنائية هي علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية بسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير، وأن المتهم - الذي سبق الحكم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة له - أقام وشيد المبنى الذي انهار معيباً بإقامته على أعمدة لا تتحمل الأدوار الزائدة مما أفقده معامل الأمان وجعله في وضع حرج عرضه للانهيار إذا ما تعرض لأية مؤثرات، وقد انهار فعلاً إثر تدخل المتهمان الأول والثاني بإزالة الحوائط المجاورة للأعمدة والساندة لها في هذا العقار المعيب وتقليل حجم بعض الأعمدة لشقة ........... فإن اتصال أخطاء المتهمين الثلاثة بانهيار المبنى اتصال السبب بالمسبب ولولا تلك الأخطاء ما انهار العقار ووقع الضرر وتوفي من توفي وأصيب من أصيب وإذ كان الحكم في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول قد استخلص من ظروف الواقعة وعناصرها ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعنين واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع والمتمثل في انهيار العقار ووفاة وإصابة المجني عليهم نتيجة ذلك الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنين وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي انهيار البناء ووفاة وإصابة المجني عليهم، ولا يجدي الطاعنين ما يثيراه من أن خطأ مالك العقار قد ساهم في وقوع الحادث إذ إنه بفرض صحته لا ينفي مسئوليتهما الجنائية عن النتيجة، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلي المتهم من المسئولية، مادام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شانه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، إذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير اللجنة الهندسية واستندت إلى رأيها الفني في أن زيادة الحمل الواقع على العامود الذي بدأ بالانهيار نتيجة إزالة حوائط مجاورة له أو تقليل قطاعه عن طريق التكسير به قد ساعد على بداية انهيار العقار، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون يجرم القيام بإجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص من الجهة المختصة، وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 22 مكرراً من القانون 106 لسنة 1976 المعدل، فإن منعى الطاعن الثاني في شأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن قيمة الأعمال المخالفة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه يغدو غير منتج وذلك لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وطرح ما عداه، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما أستند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها - وهي إزالة بعض الحوائط والتكسير في بعض الأعمدة - فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم في بعض التفاصيل - على فرض حصوله - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ أسباباً ومنطوقاً جديدين وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وأورد على ثبوتها أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. ووقع على الطاعنين العقوبة الواردة بمنطوقه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها، غير متصل أو منعطف على الحكم المنقوض مما يعصمه من البطلان الذي شاب الحكم الأخير. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة أمن الدولة العليا - وهي من المحاكم العادية - وليس من محكمة استثنائية كما ذهب الطاعن الأول بأسباب طعنه، هذا فضلاً عن أنه لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه من عدم اختصاص محكمة أمن الدولة العليا ولائياً بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانهما بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقضي بها مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الحبس مع الشغل لمدة سنتين والغرامة - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإنه لا يكون لهما مصلحة في النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لعدم بيانه رابطة السببية كركن من أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق