جلسة 7 من مارس سنة 2000
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز الطنطاوي.
----------------
(74)
الطعن رقم 1050 لسنة 69 القضائية
(1، 2) مسئولية "مسئولية الناقل الجوي". معاهدات. نقل "نقل جوي: اتفاقية فارسوفيا".
(1) مسئولية الناقل الجوي. لا تنقضي ولا تنتهي إلا بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه من ميناء الوصول والمكان المتفق عليه. دفع هذه المسئولية. شرطه. إثبات الناقل وتابعيه اتخاذهم التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو أنه كان من المستحيل عليهم اتخاذها أو قام به أو لديه سبب آخر من أسباب الإعفاء طبقاً للقواعد العامة. المادتين 18، 20 من اتفاقية فارسوفيا الدولية المعدلة ببروتوكول لاهاي في 28 من سبتمبر سنة 1952.
(2) القضاء بمسئولية الشركة الطاعنة عن عدم وصول البضاعة تأسيساً على أنها لم تقدم ما يدل على قيامها بتسليمها إلى المرسل إليه مع خلو الأوراق مما يرفع مسئوليتها. صحيح. تقديم المرسل إليه النسخة الثانية من خطاب النقل الجوي لإثبات المسئولية عن فقد البضاعة. غير لازم. م 6 من اتفاقية فارسوفيا. أساس ذلك.
(3) حكم "تسبيب الحكم: ما لا يعيب تسبيب الحكم".
الدفاع ظاهر الفساد. لا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض له.
(4) نقل "نقل جوي: تحديد التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي". تعويض.
التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة والبضائع. تحديده أصلاً بوزن الرسالة دون النظر لمحتوياتها بواقع 250 فرنك عن كل كيلو جرام ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها بإيضاح نوعها وقيمتها الحقيقية وسداده للرسوم الإضافية عنها. مفاد ذلك. شمول التعويض كل أنواع الضرر بكافة عناصره بما فيها الأضرار الأدبية. م 22/ 2 من اتفاقية فارسوفيا.
2 - القضاء بثبوت مسئولية الشركة الطاعنة عن عدم وصول البضاعة محل النزاع على ما استقاه من تقرير خبير الدعوى وفي حدود سلطة المحكمة التقديرية من أن الشركة الطاعنة لم تقدم ما يدل على قيامها بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه، ورتب على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة عن فقدها بعد أن خلت الأوراق من تمسكها بما يرفع مسئوليتها - على نحو ما سلف بيانه - وكان من شأن ذلك أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في خصوص تعويض المطعون ضده عن فقد البضاعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا ينال من هذه النتيجة إغفاله الرد على ما أثارته الطاعنة من وجوب الاعتداد في ثبوت مسئوليتها عن فقد البضاعة على تقديم المطعون ضده للنسخة الثانية من خطاب النقل الجوي الصادر منها والوارد ذكرها في المادة السادسة من اتفاقية فارسوفيا، لأن هذه المادة وباقي مواد الاتفاقية قد خلت من ترتيب لهذا الأثر على تلك النسخة.
3 - المقرر أن الدفاع ظاهر الفساد لا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض له.
4 - مؤدى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفيا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه تقدير حكمي يتحدد على أساس وزن الرسالة بصرف النظر عن محتوياتها بمقدار 250 فرنكاً عن كل كيلو جرام منها، ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها بأن يوضح نوع الأمتعة والبضائع وقيمتها الحقيقة ويؤدي الرسوم الإضافية المقررة إذا لزم الأمر، مما مفاده أن التعويض الذي يلتزم به الناقل وفقاً للاتفاقية سالفة الذكر تعويض شامل يغطي كل أنواع الضرر الحاصل للبضاعة أو الأمتعة أثناء عملية النقل بكافة عناصره وبما فيها الأضرار الأدبية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5203 لسنة 1990 جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 6320 دولار أمريكي تعويضاً مادياً وأدبياً عن فقد عدد 2400 قطعة قطن مصري مصنعة قام بشحنها على طائرتها الرحلة رقم 156 المتجهة من القاهرة إلى لندن يوم 11/ 5/ 1989 وندبت المحكمة خبيراً بعد أن أودع تقريره النهائي حكمت بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 1732.550 جنيه، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 11355 لسنة 114 ق القاهرة واستأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 1384 لسنة 115 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين قضت بتاريخ 6 من يناير سنة 1999 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه تعويضاً أدبياً بالإضافة إلى التعويض المادي السابق القضاء به من محكمة أول درجة وفي الاستئناف الثاني برفضه، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه بمسئوليتها عن فقد الرسالة محل النزاع على سند من أن التزامها كناقل لا ينقضي ولا ينتهي إلا بتسليمها إلى المرسل إليه مغفلاً الرد على ما تمسكت به أمام محكمة الموضوع بدرجتيها من أن المطعون ضده لم يتقدم بالنسخة الثانية من خطاب نقل البضاعة التي يعد احتفاظه بها قرينة على صحة ادعائه بعدم وصول البضاعة إلى المرسل إليه، وإنما تقدم فقط بالنسخة الثالثة من هذا الخطاب التي لا تعد دليلاً على عدم وصول الرسالة إلى المرسل إليه، وإذ اعتد الحكم المطعون في قضائه بما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى رغم قصوره عن الرد على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد المادتان 18، 20 من اتفاقية فارسوفيا الدولية المعدلة ببروتوكول لاهاي في 28 من سبتمبر سنة 1952 والتي وافقت جمهورية مصر عليها بالقانونين 593، 644 لسنة 1955 أن مسئولية الناقل الجوي لا تنقضي ولا تنتهي إلا بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أو المكان المتفق عليه ولا ترتفع مسئوليته هذه إلا إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا كل التدابير اللازمة لتفادي الضرر أو أنه كان من المستحيل عليهم اتخاذها أو قام به أو لديه سبب آخر من أسباب الإعفاء طبقاً للقواعد العامة، لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه - في هذا الخصوص - قد أقام قضاءه بثبوت مسئولية الشركة الطاعنة عن عدم وصول البضاعة محل النزاع على ما استقاه من تقرير خبير الدعوى وفي حدود سلطة المحكمة التقديرية من أن الشركة الطاعنة لم تقدم ما يدل على قيامها بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه، ورتب على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة عن فقدها بعد أن خلت الأوراق من تمسكها بما يرفع مسئوليتها - على نحو ما سلف بيانه - وكان من شأن ذلك أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في خصوص تعويض المطعون ضده عن فقد البضاعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا ينال من هذه النتيجة إغفاله الرد على ما أثارته الطاعنة من وجوب الاعتداد في ثبوت مسئوليتها عن فقد البضاعة على تقديم المطعون ضده للنسخة الثانية من خطاب النقل الجوي الصادر منها الوارد ذكرها في المادة السادسة من اتفاقية فارسوفيا، لأن هذه المادة وباقي مواد الاتفاقية قد خلت من ترتيب لهذا الأثر على تلك النسخة، ومن ثم يضحى هذا الدفاع ظاهر الفساد لا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض له.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن محكمة أول درجة قضت للمطعون ضده بمبلغ 1732.55 جنيه وهو يمثل الحد الأقصى للتعويض بكافة عناصره تطبيقاً لحكم المادة 22 من اتفاقية فارسوفيا، وإذ أضاف له الحكم المطعون فيه مبلغ آخر مقدراه 1000 جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية التي لحقت به من جراء فقد البضاعة، في حين أنه يدخل ضمن الحد الأقصى للتعويض الشامل الذي قضت به محكمة أول درجة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفيا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه تقدير حكمي يتحدد على أساس وزن الرسالة بصرف النظر عن محتوياتها بمقدار 250 فرنكاً عن كل كيلوا جرام منها، ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها بأن يوضح نوع الأمتعة والبضائع وقيمتها الحقيقة ويؤدي الرسوم الإضافية المقررة إذا لزم الأمر، مما مفاده أن التعويض الذي يلتزم به الناقل وفقاً للاتفاقية سالفة الذكر تعويض شامل يغطي كل أنواع الضرر الحاصل للبضاعة أو الأمتعة أثناء عملية النقل بكافة عناصره وبما فيها الأضرار الأدبية، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 1732.55 جنيه باعتباره يمثل الحد الأقصى للتعويض طبقاً لأحكام المادة 22 من الاتفاقية سالفة الذكر وكان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد قضى بإلزامها أيضاً بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ آخر مقدراه 1000 جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية متجاوزاً بذلك الحد الأقصى المحدد في المادة سالفة الذكر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المتعلقة بمبلغ التعويض الأدبي.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق