جلسة 26 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، إبراهيم فراج، عبد العزيز فوده، ومحمود صدقي خليل.
----------------
(237)
الطعن رقم 58 لسنة 50 القضائية
(1) استئناف "الاستئناف الفرعي". حكم "الطعن في الحكم".
رفع المستأنف عليه استئنافاً فرعياً. شرطه. عدم قبوله للحكم المستأنف بعد رفع الاستئناف الأصلي. دفعه ببطلان الاستئناف واعتباره كأن لم يكن وطلبه تأييد الحكم المستأنف هو قبول منه للحكم بعدم رفع الاستئناف..
(2) تأمينات اجتماعية "التأمين الصحي".
سريان أحكام التأمين الصحي على المنشآت والجهات ق 63 لسنة 1964. شرطه. صدور قرار من وزير الصحة. لا يغير من ذلك ما ورد بالقانون من سريانه خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن............. أقام على الطاعنة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - الدعوى رقم 207 سنة 1973 مدني كلي أسوان طالباً الحكم بأحقيته لمعونة مالية شهرية قدرها 18.500 جنيه وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 888 جنيه متجمد هذه المعونة عن المدة من 23/ 4/ 1969 إلى 22/ 4/ 1973 وغرامة بواقع 1% من قيمة المبالغ المستحقة عن كل يوم تأخير في صرفها، وقال بياناً لها أنه التحق بالعمل لدى الشركات الاتحادية لإنقاذ معبدي أبو سنبل في 18/ 11/ 1964 بأجر شهري قدره 18.500 جنيه وأصيب بمرض الدرن في 15/ 3/ 1968 فقامت جهة العمل في 23/ 4/ 1969 بفصله وإذ كان لا يزال تحت العلاج وتلتزم الطاعنة بأن تؤدي إليه معونة مالية تعادل أجره الشهري من تاريخ فصله إلى أن يتم شفاؤه أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً عن أداء عمله فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 30/ 11/ 1974 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 29/ 11/ 1975 بأحقية........ لمعونة مالية قدرها 11.700 جنيه شهرياً وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له هذا المبلغ بصفة دورية إلى أن يشفى أو يثبت عجزه عن أداء عمله ومتجمد هذه المعونة عن المدة من 23/ 4/ 1969 إلى 22/ 4/ 1972، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط - مأمورية أسوان - وقيد استئنافها برقم 8 سنة 51 ق. دفع المرحوم...... ببطلان صحيفة الاستئناف وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن وطلب في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 9/ 2/ 1977 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقررت تأجيل نظر الموضوع لمناقشة الطرفين فيما جاء بأسباب الحكم، وبجلسة 5/ 4/ 1977 قدم المرحوم...... مذكرة قرر فيها أنه يقيم استئنافاً فرعياً وطلب تعديل الحكم المستأنف والقضاء بأحقيته لمعونة مالية بواقع 18.500 جنيه شهرياً وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 888 جنيه متجمد هذه المعونة وغرامة تأخير بواقع 1% من هذا المبلغ عن كل يوم اعتباراً من 23/ 4/ 1969 إلى 31/ 8/ 1975 وبواقع 1% من ذلك المبلغ عن كل شهر اعتباراً من 1/ 9/ 1975 إلى تمام السداد. وبتاريخ 5/ 10/ 1977 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الاستئناف بوفاة المرحوم.....، وإذ عجل المطعون ضدهما السير فيه قضت المحكمة في 17/ 11/ 1978 في موضوع الاستئناف الأصلي برفضه وبقبول الاستئناف الفرعي شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهما مبلغ 888 جنيه ومبلغ 18.00 جنيه شهرياً ابتداء من 23/ 4/ 1973 حتى تاريخ وفاة مورثهما، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن في غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 1/ 2/ 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب من ثلاثة أوجه، وفي بيان الوجه الأول تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الاستئناف الفرعي وفصل في موضوعه في حين أن رافعه سبق أن دفع ببطلان صحيفة الاستئناف الأصلي وباعتباره كأن لم يكن وطلب رفضه وتأييد الحكم المستأنف بما يستفاد منه قبول للحكم المستأنف فيمتنع عليه بعد ذلك رفع استئناف فرعي عنه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك لأنه لما كان يبين من مدونات الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 9/ 2/ 1977 أن مورث المطعون ضدهما قدم مذكرة دفع فيها ببطلان صحيفة الاستئناف الأصلي وباعتباره كأن لم يكن وطلب الحكم برفضه وتأييد الحكم المستأنف ثم قدم بجلسة 5/ 4/ 1977 مذكرة باستئناف الحكم الابتدائي فرعياً وطلب تعديله والقضاء بمعونة مالية بواقع 18.500 جنيه شهرياً وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 888 جنيه متجمد هذه المعونة وغرامة تأخير بواقع 1% عن هذا المبلغ عن كل يوم اعتباراً من 23/ 4/ 1969 إلى 31/ 8/ 1979 وبواقع 1% عن كل شهر اعتباراً من 1/ 9/ 1975 إلى تمام السداد بما يزيد على ما قضى له به ابتدائياً، لما كان ذلك وكان ما طلبه مورث المطعون ضدهما من بطلان صحيفة الاستئناف الأصلي باعتبار هذا الاستئناف كأن لم يكن وتأييد الحكم المستأنف يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم مانعاً من إقامة استئناف فرعي بطلب التعديل، ذلك لأنه وإن كان الشارع قد أجاز بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات - استثناء من القواعد العامة - للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، إلا أن حقه في رفع الاستئناف الفرعي في هذه الحالة مقصوراً على ما إذا كان قبوله للحكم المستأنف قد تم قبل رفع الاستئناف الأصلي لا بعده، باعتبار أن العلة في إجازة الاستئناف الفرعي حينئذ - هي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن وقبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم الصادر، فإذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي فإن هذه العلة تكون قد انتفت بما يسقط حقه في الاستئناف فرعياً. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قبل الاستئناف الفرعي وقضى بتعديل الحكم المستأنف على الرغم من أن رافعه كان قد قبل الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تقول في بيان الوجه الثالث من سبب الطعن أنه يشترط لسريان أحكام التأمين الصحي التي أفرد لها المشرع الباب الخامس من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على مورث المطعون ضدهما صدور قرار من وزير العمل بتطبيقها على المنشأة التي كان يعمل بها المورث وقت إصابته بمرض الدرن، وأن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعدم صدور قرار وزاري بسريان أحكام هذا التأمين على تلك المنشأة، لكن الحكم المطعون فيه قضى لمورث المطعون ضدهما بالمعونة المالية طبقاً لأحكام التأمين الصحي المشار إليه على سند من القول بسريانه على جميع الخاضعين لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 طالما أنه قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ العمل بهذا التأمين، ودون أن يعنى ببحث ما إذا كان قد صدر قرار وزاري بتطبيق أحكامه على المنشأة المذكورة أم لا فخالف بذلك القانون وعابه القصور.
وحيث إن النعي سديد، ذلك لأنه لما كانت المادة الثامنة من مواد إصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أن "تسري أحكام الباب الخامس من القانون المرافق في شأن التأمين الصحي تدريجياً بالنسبة إلى المنشآت والجهات التي يصدر بتحديدها قرارات من وزير العمل، وعلى أن يتم سريانه على جميع الخاضعين لأحكامه في جميع أنحاء الجمهورية خلال ثلاث سنوات على الأكثر من تاريخ العمل........ وتنص المادة 9 من مواد إصدار القانون على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من أول الشهر التالي لتاريخ نشره فيما عدا أحكام التأمين الصحي وتأمين البطالة فيعمل بهما اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء ستة أشهر على نشره". وتنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 3268 لسنة 1964 على أن "قبول وزير الصحة الاختصاصات المقررة لوزير العمل المنصوص عليها في المادة 8 من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964". مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطبيق أحكام التأمين الصحي تدريجياً على المنشآت والجهات التي يسري عليها منوط بصدور قرار من وزير الصحة في هذا الخصوص، ولا يغير من ذلك ما تنص عليه المادة 8 المشار إليها من أنه يتم سريان التأمين الصحي على جميع الخاضعين لأحكامه في جميع أنحاء الجمهورية خلال ثلاث سنوات على الأكثر من تاريخ العمل به أي اعتباراً من 1/ 10/ 1967، ذلك لأن ما تنص عليه المادة في هذا الشأن هو من الأمور التنظيمية فإذا لم يصدر قرار من وزير الصحة بسريان أحكام التأمين الصحي الواردة بالباب الخامس من القانون رقم 63 لسنة 1964 على منشأة ما فإن عمالها لا يستفيدون من أحكام هذا التأمين. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى على خلاف هذا النظر وأقام قضاءه باستحقاق مورث المطعون ضدهما للمعونة المالية بالاستناد إلى أحكام التأمين الصحي المشار إليها على ما أورده بأسبابه من أن مقتضى المادتين 8، 9 من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964 أنه سواء صدر قرار من وزير العمل بسريان أحكام التأمين الصحي على العاملين بمدينة أسوان أم لم يصدر فإن هذا التأمين قد سرى على جميع الخاضعين لأحكامه بمقتضى هذين النصين اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1967 فيستفيد مورث المطعون ضدهما من أحكامه وتحجب بذلك عن دفاع الطاعنة الذي أوردته في مذكرتيها المقدمتين لمحكمة أول درجة بجلسة 4/ 5/ 1974 ولمحكمة الاستئناف بجلسة 6/ 1/ 1977 بشأن عدم صدور قرار من وزير الصحة بسريان التأمين الصحي على المنشأة التي كان مورث المطعون ضدهما يعمل بها بما مقتضاه عدم استفادته من أحكامه، وهو دفاع جوهري مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون فضلاً عن مخالفة القانون قد شابه القصور بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث الوجه الثاني من سبب الطعن.