جلسة 22 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله, محمد محمود راسم، عبد الرشيد نوفل ومحمود صدقي خليل.
-----------------
(169)
الطعن رقم 872 لسنة 44 القضائية
عمل "المزايا العينية". شركات "شركات القطاع العام".
تخصيص سيارات ركوب لنقل العاملين بين محال إقامتهم ومقار أعمالهم. ميزة عينية. إلغاؤها بقرار رئيس الوزراء 2642 لسنة 1966. أثره. وجوب أداء تعويض نقدي عنها - علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين وآخرين أقاموا على الشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 1272 لسنة 1968 عمال جزئي الإسكندرية وطلبوا إلزامها بأن تؤدي إلى كل منهم 170 ج وما يستجد من أول مايو سنة 1968 بواقع 7.500 ج شهرياً. وذكروا بياناً لدعواهم أن الشركة كانت تمنحهم حق ركوب سياراتها الخاصة في تنقلاتهم من محال إقامتهم إلى مقر الشركة ذهاباً وإياباً منذ شهر يوليه سنة 1961، ثم حرمتهم من هذه الميزة العينية اعتباراً من 1/ 7/ 1966, وإذا كانت هذه الميزة تقدر بواقع 7.500 ج شهرياً فإنه يحق لهم المطالبة بقيمتها المستحقة لهم حتى آخر أبريل سنة 1968 وما يستجد باعتبارها جزءاً من أجورهم، وإذ قام المدعون بتصحيح شكل الدعوى باختصام الشركة المطعون ضدها الأولى فقد قامت الأخيرة باختصام المطعون ضدها الثانية للحكم عليها بما عسى أن يقضي به ضدها، وبتاريخ 24/ 5/ سنة 1969 قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت برقم 2822 لسنة 1969 عمال كلي الإسكندرية وبتاريخ 21/ 12/ 1969 قضت المحكمة بندب خبير لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 12/ 3/ 1972 برفض الدعوى, استأنف الطاعنان وباقي المحكوم ضدهم هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 406 لسنة 28 ق الإسكندرية طالبين إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تدفع لكل منهم مبلغ 189 ج وما يستجد بواقع ثلاثة جنيهات شهرياً وبتاريخ 11/ 5/ 1974 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية لعدم اختصامها أمام محكمة الاستئناف، ونقض الحكم بالنسبة للمطعون ضدها الأولى، وعرض الطعن في غرفة مشورة وتحدد لنظره جلسة 25/ 1/ 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية، فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز اختصام من لم يكن في الخصومة أمام محكمة الاستئناف، وإذ كان الثابت أن الطاعنين لم يختصما المطعون ضدها الثانية - شركة السيوف للغزل والنسيج - في الاستئناف المرفوع منهما مع باقي المحكوم عليهم, ومن ثم فهي تعتبر خارجة عن الخصومة أمام محكمة الاستئناف ولا تعتبر طرفاً فيها، ويكون اختصام الطاعنين لها في الطعن بالنقض غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الأول والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم خلط فيما بين مصاريف الانتقال وبين المزايا العينية التي اعتبرها من قبيل مصاريف الانتقال في حين أن هذه المصاريف تتعلق بما يتكلفه العاملون بالفعل من نفقات انتقال بينما إن الميزة العينية تنشأ نتيجة توافر شروط الصرف الموجب لها من ثبات وعمومية واستمرار، وإذ كان مطلب الطاعنين هو المقابل النقدي للميزة العينية المقررة عن انتقالهما من مقر الشركة إلى محل إقامتهما ذهاباً وإياباً وقد رفض الحكم القضاء لهما به دون أن يحقق دفاعهما في هذه الشأن، فإنه يكون مخالفاً للقانون ومعيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك لأنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بني قضاءه برفض طلب الطاعنين لمقابل الميزة العينية على ما قال به من أنه "منذ أن صدر نظام العاملين رقم 3546 لسنة 1962 في 29/ 12/ 1962 أصبحت مصاريف الانتقال تخضع لتنظيم تشريعي ولم يعد للعرف أثره في استحقاق هذه المصروفات أو الحرمان منها، ومن المقرر أنه لا مجال لإعمال العرف إلا إذا لم يوجد نص تشريعي فإذا وجد هذا النص فلا حاجة لتطبيق قواعد العرف، لما كان هذا وكان طلب المدعيين مقابل الانتقال يستند إلى العرف فلا وجه لتطبيق هذا العرف ما دام ثمة تشريع قائم ينظم هذا المقابل وأحوال استحقاقه، فإن دعواهم بطلب مصاريف الانتقال تكون لا سند لها من القانون".. واستطرد الحكم بعد ذلك مقرراً "أنه إذا كان ما تقدم وكان قرار رئيس الوزراء رقم 2642 لسنة 1966 قد حظر على الدعيين أن يستخدما في انتقالهما إلى مقر الشركة سياراتها الخاصة دون مقابل وكان هذا الخطر لم يمس حقاً مكتسباً لهما على ما سلف فإن النعي عليه بأنه أنقص حقوقهما المكتسبة يكون في غير محله" ومفاد ذلك أن الحكم اعتبر أن دعوى الطاعنين قد انصرفت إلى المطالبة بمصاريف في حين أنهما أوضحا في صحيفة افتتاح الدعوى أنهما يطالبان بمقابل الميزة العينية التي كانا يتمتعان بها بالانتقال بسيارات الشركة من محل سكنهما إلى مقر العمل ذهاباً وإياباً ثم أكد ذلك في صحيفة الاستئناف وأوضحا أنهما لا يطالبان ببدل انتقال، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في فهم الواقع المطروح في الدعوى مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان قرار رئيس الوزراء رقم 2642 لسنة 1966 المعمول به اعتباراً من 1/ 7/ 1966 قد ألغى تخصيص سيارات الركوب لانتقال العاملين لغير الوزراء ونوابهم والمحافظين ومن في حكمهم في الحكومة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها بين محال إقامتهم ومقار أعمالهم، إلا أن ذلك لا يمنع من وجوب أداء تعويض نقدي للعامل مقابل تلك الميزة العينية بعد استحالة التنفيذ العيني طالما أنها تقررت له كجزء لا ينفصل عن أجره ولا يجوز بالتالي الانتقاص منه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بني على نظر خاطئ مخالفاً لما سبق مؤداه أن حظر استخدام السيارات الخاصة بالشركة دون مقابل عملاً بأحكام قرار رئيس الوزراء المشار إليه لا يمس حقاً مكتسباً للعاملين، وكان الحكم فيما انساق إليه من هذا الخطأ قد حجب نفسه عن البحث فيما تمسك به الطاعنان من أن الشركة المطعون ضدها الأولى جرت على تخصيص سيارات لهما في انتقالهما من محل إقامتهما إلى مقر العمل ذهاباً وإياباً كميزة عينية أصبحت عرفاً سارياً تلتزم المشركة بتوفيرها لهما بتحقق صفة الدوام والاستقرار مما تعتبر معه عنصراً من عناصر الأجر وتأخذ حكمه مما يلتزم معه رب العمل بأداء مقابل تلك الميزة للعامل، ومن ثم فإن الحكم المطعون في يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.