الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 يوليو 2023

الطعن 1516 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 66 ص 515

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

------------------

(66)

القضية رقم 1516 لسنة 5 القضائية

موظف - أقدمية - قانون المعادلات الدراسية 

- تحديد الأقدمية في الدرجة طبقاً لقانون المعادلات من تاريخ التعيين بالحكومة أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً - شرط حساب المدد السابقة في الأقدمية أن تكون قضيت بالحكومة - عدم حساب المدد التي قضيت ببلدية الإسكندرية باعتبارها جهة غير حكومية - صدور القانون رقم 62 لسنة 1955 باعتبار مدد العمل ببلدية الإسكندرية مدة عمل بالحكومة لا يؤثر في الحكم السابق متى كانت شروط تطبيق قانون المعادلات غير متوافرة عند العمل به.

--------------------
إن قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 الذي يستند إليه المدعي في طلب حساب مدة خدمته السابقة ينص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً.." ومن مقتضى ذلك أن المدة التي تحسب في أقدمية الموظف هي المدة التي تقضى في الحكومة.
وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 عن الغرض من إصداره وهو تصفية الأوضاع الخاطئة التي انحرفت إليها السياسات السابقة بإصدارها الأنظمة الخاصة "بالانصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية للمؤهلات وغيرها من المسميات التي صدر بها قرارات من مجلس الوزراء متعارضة ومتضاربة لم يقتصر ضررها على الوظائف ذاتها دائماً وإنما امتد الضرر إلى إيجاد روح من التشاحن والتنابذ والحسد بين مختلف طوائف الموظفين فتفرقوا شعباً وأحزاباً وطوائف كل منها تحاول هدم الأخرى". الأمر الذي حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 للعمل على "تصفية هذا الوضع تصفية نهائية لا رجعة فيها وذلك بإقرار تنفيذ معادلات يوليه وديسمبر سنة 1951 مع تضمينها في قانون موحد يصدر استثناء من قانون التوظف الجديد - القانون رقم 210 لسنة 1951 لتسوية الحالات القديمة المعلقة للآن مع انتهاء شكاوى الطوائف التي كانت ترفع الصوت عالياً من بخس أمرها في التقديرات السابقة وتلك التي كانت تنعى إغفال أمرها إغفالاً تاماً". وإذن فالقانون رقم 371 لسنة 1953 قد هدف إلى تسوية الأوضاع المضطربة السابقة على صدوره ولم يكن الغرض منه وضع قواعد تطبق في مستقبل الأيام وإلا كان في ذلك استمرار للوضع الشاذ السابق عليه والذي صدر هذا القانون للقضاء عليه.
لذلك فإن الأمر بالنسبة لحساب الأقدمية - لا بالنسبة لتقدير المؤهل الذي قرر هذا القانون وضع قواعد خاصة به - يستلزم توافر شروط ثلاثة أولها - أن تكون المدة السابقة مدة عمل في الحكومة، وثانيها - أن تكون هذه المدة سابقة على صدور القانون وثالثها- أن يتحقق الشرطان السابقان عند نفاذ هذا القانون.
فإذا كانت المدة التي يطالب المدعي بحسابها في أقدميته عند نفاذ قانون المعادلات كانت مدة عمل في بلدية الإسكندرية أي في عمل غير حكومي؛ لذلك فإنها لا تحسب في أقدميته، ولا يقدح في ذلك أن القانون رقم 62 لسنة 1955 بشأن تسوية مدد العمل في بلدية الإسكندرية واعتبارها مدة عمل في الحكومة - وبالعكس - هذا القانون على فرض توافر شروطه في المدعي فإنه لا يفيد إذ أنه في الوقت الذي صدر فيه هذا القانون الأخير والذي يعتبر الموظف المنقول من بلدية الإسكندرية إلى الحكومة منقولاً بالحالة التي كان عليها لم يكن المدعي قد توافرت فيه الشروط التي يستلزمها قانون المعادلات عند العمل به وإذاً فليس من حق المدعي أن يعود ويطالب بضم مدة لم يكن من حقه المطالبة بها عند صدور قانون المعادلات نتيجة لصدور القانون رقم 620 سنة 1955 في وقت لاحق.


إجراءات الطعن

في يوم 31 من أغسطس سنة 1959 أودعت وزارة التربية والتعليم سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 2 من يوليه سنة 1959 في القضية رقم 646 لسنة 4 القضائية المقامة من محمد أبو العينين شهاب الدين ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية ابتداء من 3 من فبراير سنة 1955 وألزمت المدعى عليها بالمصروفات" وطلبت وزارة التربية والتعليم، للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن للمدعي في 28 من ديسمبر سنة 1959، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8 من مايو سنة 1960 وفي 26 من أبريل سنة 1960، أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 ثم تأجلت لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 15 من سبتمبر سنة 1957 طالباً الحكم باعتبار أقدميته في الدرجة التاسعة من تاريخ تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 نفاذاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه عين باليومية المستديمة ببلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 ثم عين في سنة 1936 بإحدى الوظائف الكتابية بالدرجة التاسعة ثم رقي إلى الدرجة الثامنة في 4 من نوفمبر سنة 1947 وهو يشغل الآن وظيفة كتابية بالمنطقة التعليمية بشبين الكوم التابعة لوزارة التربية والتعليم، ولما صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وإذ أنه حاصل على مؤهل موضح بالجدول المرافق للقانون برقم 27 قبل تعيينه ببلدية الإسكندرية كما هو ثابت بملف خدمته إذ أنه كان عند تعيينه سنة 1929 من المنقولين من السنة الثانية إلى السنة الثالثة بمدارس المعلمين الأولية - فنزولاً على حكم القانون رقم 371 لسنة 1953 تعتبر أقدميته في الدرجة التاسعة من تاريخ تعيينه ببلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929. ويذكر أنه تظلم إلى الوزارة طالباً اعتبار أقدميته في الدرجة التاسعة من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار تطبيقاً لأحكام القانون المذكور إلا أن الوزارة لم تأبه لتظلماته المذكورة. وقالت وزارة التربية والتعليم رداً على الدعوى أن المدعي يطالب بتطبيق قانون المعادلات عليه من بدء تعيينه باليومية من أول أكتوبر سنة 1929 إلى 30 من سبتمبر سنة 1936، وتستطرد الوزارة قائلة أن المدة التي يطالب المدعي بضمها كانت باليومية أي على غير درجة فلا يجوز ضمها طبقاً لقرارات الضم ولا يحكم هذه الحالة إلا قرارا مجلس الوزراء الصادران في أغسطس وأكتوبر سنة 1950 اللذان أجازا ضم مدة الخدمة باليومية بشرط أن تكون هذه المدة قضيت في الحكومة ولما كان المدعي قد أمضى هذه المدة ببلدية الإسكندرية أي في مصلحة غير حكومية فلا يستفيد من هذين القرارين. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 2 من يوليه سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية من 3 من فبراير سنة 1955 وألزمت المدعى عليها المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه نقل من السنة الثانية إلى الثالثة بمدرسة المعلمين الأولية بشبين الكوم وكان التحاقه بامتحان قبول وقد عين بخدمة بلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 بأجر يومي قدره 150 مليماً بوظيفة ملاحظ صحي بجمرك الإسكندرية ثم عين خارج الهيئة في أول أكتوبر سنة 1936 في الدرجة من 4 - 6 جنيهات بأول مربوطها ثم رقي إلى الدرجة 5 - 6 جنيهات في أول أغسطس سنة 1946 ثم عين بوظيفة كاتب بالدرجة التاسعة بمرتب قدره 5 جنيهات بمجلس مديرية بني سويف نقلاً من بلدية الإسكندرية في أول يوليه سنة 1947 وصدر أمر في 13 من أكتوبر سنة 1947 بضم مدة خدمته من تاريخ وضعه على درجة خارج الهيئة في أول أكتوبر سنة 1936 إلى تاريخ نقله لمجلس المديرية. وفي 4 من نوفمبر سنة 1947 رقي إلى الدرجة الثامنة. وفي 18 من يناير سنة 1948 نقل إلى مجلس مديرية المنوفية بماهيته ودرجته ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم من أول مارس سنة 1951 تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 بنقل اختصاصات مجالس المديريات في شئون التعليم إلى وزارة التربية والتعليم، وبعد أن نقل المدعي إلى وزارة التربية والتعليم أثيرت مسألة ضم مدة خدمته في الدرجة التاسعة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1936 وانتهى الرأي فيها إلى أنه لا محل لسحب ما تم من ضم هذه المدة لمضي المواعيد المقررة للسحب فيبقى وضع المدعي كما هو.
ولما كان الثابت مما تقدم أن المدعي نقل إلى وزارة التربية والتعليم تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 بشأن نقل اختصاصات مجالس المديريات إلى وزارة المعارف وإذ يستفاد من القانون المشار إليه أن موظفي التعليم الأولى بمجالس المديريات يعتبرون منقولين بحالتهم التي كانوا عليها بهذه المجالس تنفيذاً لحكم المادة الأولى من القانون ومن ثم تعتبر مدة خدمتهم بأكملها متصلة سواء ما قضى بمجالس المديريات أو وزارة التربية والتعليم ويعتبر تاريخ تعيينهم الفعلي والقانوني هو التاريخ الذي التحقوا به بخدمة هذه المجالس، وأنه على مقتضى ما تقدم فإن تاريخ التحاق المدعي بمجلس مديرية بني سويف يعتبر هو تاريخ تعيينه الفعلي بخدمة الحكومة.
ولما كان القانون رقم 62 لسنة 1955 والمعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 3 من فبراير سنة 1955 قد نص في مادته الأولى على أن "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون بالحالة التي يكون عليها كل منهم من تاريخ تعيينه" ونص في المادة الثانية "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحتسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم..." ونص في المادة الثالثة "تسري أحكام هاتين المادتين السابقتين على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة وكذا على من سبق نقله منهم إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون" ولما كان المستفاد من النصوص السابقة أن موظفي ومستخدمي مجلس بلدي الإسكندرية الذين ينقلون إلى الحكومة أو من سبق نقله إذا طلب ذلك خلال المدة المنصوص عليها تعتبر مدة خدمتهم كلها في مجلس بلدي مدينة الإسكندرية والحكومة وحدة لا تتجزأ ولما كان المدعي تقدم بحافظة ضمنها صورة الكتاب الذي تقدم به لبلدية الإسكندرية بطلب تطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه في 12 من مارس سنة 1955 كما ضمنها أصل الكتاب المؤرخ 13 من مارس سنة 1955 المرسل من وزارة التربية والتعليم إلى بلدية الإسكندرية بإرسال الالتماس المقدم منه بطلب تطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه، وقد منحت المحكمة المدعى عليها، أجلاً للرد على هذه المستندات فلم تعقب عليها بشيء، ولا شك أن المستند الأخير قاطع في أن المدعي تقدم بطل إعمال القانون المشار إليه في حقه في الميعاد المنصوص عليه به.
ولما كان مفاد ما تقدم كله أن مدة خدمة المدعي كلها من بدء تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 ببلدية الإسكندرية أصبحت مدة متصلة وكأنها قضيت كلها بالحكومة، ويستطرد الحكم قائلاً أنه بالنسبة لتطبيق القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية، أنه لا شك في إفادة المدعي من أحكامه ما دام أنه عين قبل سنة 1952 ومن الموظفين المعينين بصفة دائمة في وظيفة دائمة داخل الهيئة وإذ هو بالدرجة الثامنة الآن.
ولما كان قانون المعادلات الدراسية قدر لمؤهل المدعي الدرجة التاسعة بمرتب 5 جنيهات في البند 27 من الجدول المحق به فيتعين لذلك اعتباره في الدرجة وبالماهية المقررة لمؤهله من تاريخ تعيينه بالحكومة ما دام الثابت أنه حصل على المؤهل المذكور قبل التحاقه بالخدمة، وأنه على مقتضى ما تقدم يتعين تسوية حالة المدعي باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب 5 جنيهات ابتداء من أول أكتوبر سنة 1929، وبالنسبة للفروق المالية المترتبة على هذه التسوية فإن المدعي لا يستحقها إلا منذ نفاذ القانون رقم 62 لسنة 1955 باعتبار أن حقه فيها نشأ منه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة استندت في حكمها المطعون فيه إلى القانون رقم 62 لسنة 1955 وقررت في أسبابها إلى أن المستفاد من نصوص هذا القانون أن موظفي ومستخدمي مجلس بلدي الإسكندرية الذين ينقلون إلى الحكومة أو من سبق نقلهم إذا طب ذلك خلال المدة المنصوص عليها تعتبر مدة خدمتهم كلها في مجلس بلدي الإسكندرية والحكومة وحدة لا تتجزأ وأنه إذ قدم المدعي طلبه بتطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه في الميعاد المنصوص عليه فإن مدة خدمة المدعي كلها من بدء تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 ببلدية الإسكندرية أصبحت مدة متصلة وكأنها قضيت كلها بالحكومة وأنه بالنسبة لتطبيق قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 فقد قررت المحكمة إفادة المدعي بأحكامه ما دام أنه عين قبل سنة 1952 وأنه من الموظفين المعينين بصفة دائمة. ويقول الطعن أن هذا النظر من المحكمة لا يتفق مع القانون أو الواقع: (أولاً) ذلك لأن القانون رقم 62 لسنة 1955 والذي استندت إليه المحكمة قد نص في مادته الثانية على أن تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة واحدة لا تتجزأ، وإذ كان المطعون ضده معيناً بمجلس بلدي الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 ونقل في أول يوليه سنة 1947 بنفس درجته ومرتبه إلى مجلس مديرية بني سويف، ولما كانت المدة التي تقضي في مجالس المديريات لا تعتبر مدة حكومية وإذا اشترط القانون رقم 62 لسنة 1955 لاستفادة الموظف منه أن ينقل من المجلس البلدي الحكومة لذلك فإن القانون المذكور لا يمكن تطبيقه على حالة المطعون ضده وبالتالي لا يمكن للمذكور الاستفادة من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953.
(ثانياً) من المقرر أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 لا يطبق على من كان من الموظفين في وقت صدوره شاغلاً درجة أعلى من الدرجات التي قررها هذا القانون لمؤهله.
ولما كان المطعون ضده في الدرجة الثامنة وقت صدوره في سنة 1953 وكان هذا القانون يقرر مؤهله الدراسي الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات فإن هذا القانون لا يطبق على المطعون ضده (ثالثاً) نصت المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون، في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهله. ولما كان المطعون ضده في الدرجة الثامنة وقت صدوره في سنة 1953 من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، مع مراعاة الأقدميات النسبية الاعتبارية المشار إليها في المادتين 6، 7 من هذا القانون بالنسبة لحملة المؤهلات المحددة بهما".
ولما كانت المحكمة قضت في حكمها المطعون فيه بوضعه في الدرجة التاسعة من أول أكتوبر سنة 1929 بالتطبيق لقانون المعادلات وبالرغم من أنه لم يعين في الحكومة إلا في سنة 1950 ولا شك أن التعيين بالحكومة المقصود في المادة الأولى هو التعيين الفعلي وليس التعيين بعد ضم مدة خدمة اعتبارية لخدمة الموظف وعلى هذا فإنه بفرض انطباق أحكام قانون المعادلات على المطعون ضده تكون تسوية حالته بوضعه في هذه الدرجة من تاريخ نقله للحكومة لا من تاريخ شغله لإحدى وظائف المجلس البلدي الذي لم يكن تابعاً للحكومة.
ومن حيث إن قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 الذي يستند إليه المدعي في طلب حساب مدة خدمته ينص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً.." ومن مقتضى ذلك أن المدة التي تحسب في أقدمية الموظف هي المدة التي تقضى في الحكومة.
وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 عن الغرض من إصداره وهو تصفية الأوضاع الخاطئة التي انحرفت إليها السياسات السابقة بإصدارها الأنظمة الخاصة "بالانصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية للمؤهلات وغيرهم من المسميات التي صدر بها قرارات من مجلس الوزراء متعارضة ومتضاربة لم يقتصر ضررها على الوظائف ذاتها دائماً وإنما امتد الضرر إلى إيجاد روح من التشاحن والتنابذ والحسد بين مختلف طوائف الموظفين فتفرقوا شعباً وأحزاباً وطوائف كل منها تحاول هدم الأخرى. الأمر الذي حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 للعمل على تصفية هذا الوضع تصفية نهائية لا رجعة فيها وذلك بإقرار تنفيذ معادلات يوليه وديسمبر سنة 1951 مع تضمينها في قانون موحد يصدر استثناء من قانون التوظف الجديد - القانون رقم 210 سنة 1951 - لتسوية الحالات القديمة المعلقة للآن مع انتهاء شكاوى الطوائف التي كانت ترفع الصوت عالياً من بخس أمرها في التقديرات السابقة وتلك التي كانت تنعى إغفال أمرها إغفالاً تاماً" وإذن فالقانون رقم 371 سنة 1953 قد هدف إلى تسوية الأوضاع المضطربة السابقة على صدوره ولم يكن الغرض منه وضع قواعد تطبق في مستقبل الأيام وإلا كان في ذلك استمرار للوضع الشاذ السابق عليه والذي صدر هذا القانون للقضاء عليه.
ومن حيث إنه لذلك فإن الأمر بالنسبة لحساب الأقدمية - لا بالنسبة لتقدير المؤهل الذي قرر هذا القانون وضع قواعد خاصة به - يستلزم توافر شروط ثلاثة أولها - أن تكون المدة السابقة مدة عمل في الحكومة وثانيها - أن تكون هذه المدة سابقة على صدور القانون وثالثها - أن يتحقق الشرطان السابقان عند نفاذ هذا القانون.
ومن حيث إن المدة التي يطالب المدعي بحسابها في أقدميته عند نفاذ قانون المعادلات كانت مدة عمل في بلدية الإسكندرية أي في عمل غير حكومي لذلك فإنه لا تحسب في أقدميته، ولا يقدح في ذلك أن القانون رقم 62 لسنة 1955 بشأن تسوية مدد العمل في بلدية الإسكندرية واعتبارها مدة عمل في الحكومة - وبالعكس - هذا القانون على فرض توافر شروطه في المدعي فإنه لا يفيد؛ إذ أنه في الوقت الذي صدر فيه هذا القانون الأخير، والذي يعتبر الموظف المنقول من بلدية الإسكندرية إلى الحكومة منقولاً بالحالة التي كان عليها، لم يكن المدعي قد توافرت فيه الشروط التي يستلزمها قانون المعادلات عند العمل به، وإذن فليس من حق المدعي أن يعود ويطالب بضم مدة خدمة لم يكن من حقه المطالبة بها عند صدور قانون المعادلات نتيجة لصدور القانون رقم 62 لسنة 1955 في وقت لاحق.
ومن حيث إنه، وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصاريفها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1059 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 65 ص 505

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة محمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد عبد العزيز البرادعي وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-------------------

(65)

القضيتان رقم 1059 ورقم 1073 لسنة 5 القضائية

(أ) دعوى تأديبية - ميعاد رفعها - مخالفة مالية 

- ميعاد رفع الدعوى عن المخالفات المالية - الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - نصها على رفع الدعوى عن هذه المخالفات خلال 15 يوماً من تاريخ طلب رئيس ديوان المحاسبة - طبيعة هذا الميعاد - هو من قبيل استنهاض النيابة للسير في إجراءات الدعوى بالسرعة التي تقتضيها المصلحة العامة وحسن التنظيم لا من مواعيد السقوط - أساس ذلك.
(ب) دعوى تأديبية - طعن 

- محكمة تأديبية - حكمها في مسألة شكلية دون الفصل في موضوع التأديب - الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا - إلغاؤها إياه - الحكم بإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للنظر في موضوعها - أساس ذلك.

--------------------
1 - إن القانون رقم 117 لسنة 1958 الصادر في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري، قد أفرد الفصل الرابع من الباب الثاني المتعلق باختصاص النيابة الإدارية، أفرده لبيان ما يتبع عند التصرف في التحقيق. فنصت المادة (12) من هذا القانون على أنه "إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً تحيل أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص وعلى الجهة الإدارية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها بنتيجة التحقيق أن تصدر قراراً بالحفظ أو بتوقيع الجزاء. فإذا رأت الجهة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة ويجب على الجهة الإدارية أن تخطر النيابة الإدارية بنتيجة تصرفها في الأوراق خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدور قرار الجهة الإدارية" فإذا كانت القرارات المشار إليها في هذه المادة قد صدرت من الجهة الإدارية في شأن "المخالفات المالية" فقد نص المشرع في المادة 13 على إجراء معين خاص بالمخالفات المالية وحدها. فجرى هذا النص على النحو الآتي: "يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية، والمشار إليها في المادة السابقة ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية، وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية" وهذان النصان لم يكن لهما أصل في القانون رقم 480 لسنة 1954 الصادر بإنشاء النيابة الإدارية، وقد استحدثهما القانون رقم 117 لسنة 1958 وعلق عليهما في مذكرته الإيضاحية بما يأتي "أما التصرف في التحقيق فقد وردت أحكامه في الفصل الرابع والأخير من الباب الثاني المنظم لاختصاصات النيابة الإدارية وقد أوردت مواده الأحكام الخاصة بتوزيع الاختصاص بين النيابة الإدارية والجهة التي يتبعها الموظف على النحو الآتي: (1) إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة تستوجب جزاء يتجاوز الخصم من المرتب لمدة تزيد على خمسة عشر يوماً أحالت الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة مع إخطار الجهة التي يتبعها الموظف بالإحالة. (2) إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً أحالت الأوراق إلى الوزير أو من يندبه من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص لإصدار قراره في الموضوع. فإذا رأت الجهة الإدارية مع ذلك تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة. هذا كما أوجب المشرع إخطار النيابة الإدارية بقرار الجهة التي يتبعها الموظف بالقرار الصادر في التحقيق لتكون على بينة بما اتخذ فيه. ونظراً لما للمخالفات المالية من أهمها خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة، فقد أوجب المشرع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات. وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة، وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى". وجاء في المواد 19، 20، 21 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكمة التأديبية: المادة (19) - إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً ورأت الجهة الإدارية حفظ التحقيق جاز لمدير عام النيابة الإدارية عرض الأمر على الوزير المختص، وفي المادة 20 - على الجهة الإدارية إرجاء تنفيذ القرارات الصادرة في شأن المخالفات السالفة الإشارة إليها في المادة 12 من القانون إلى حين فوات الميعاد المقرر لطلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية - وفي المادة 21 - إذا طلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون وجب أن يكون الطلب مسبباً، وأن تخطر به في الوقت ذاته الجهة الإدارية التي أصدرت القرار، ولم تغفل التعليمات العامة للنيابة الإدارية التنبيه إلى مراعاة تفادي الإبطاء والتسويف عند الإعداد لإقامة الدعوى التأديبية في الحالات التي يطلب فيها ديوان المحاسبة تقديم الموظف المتهم بارتكاب مخالفات مالية إلى المحاكمة. فذكرت المادة 114 من هذه التعليمات أنه "إذا طلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية بعد إخطاره بالقرار الصادر من الجهة الإدارية في شأن مخالفات مالية أحيلت الأوراق فور وصولها إلى النيابة المختصة لإعداد مشروع تقرير الاتهام وقائمة الشهود، وإرسالها على وجه السرعة إلى إدارة الدعوى التأديبية التي يتعين عليها إقامة الدعوى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ طلب رئيس ديوان المحاسبة". وهذا البند من التعليمات العامة واضح الدلالة في بيان قصد الشارع من أنه لا ينبغي أكثر من الحض على الإسراع في إقامة الدعوى التأديبية والحث على المزيد من العناية في إنجاز المحاكمات ذات الطابع المالي، والتي يكون لديوان المحاسبة توجيه إيجابي فيها، وذلك لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة. فإذا كانت النيابة الإدارية قد تراخت في إقامة الدعوى التأديبية في الميعاد الذي نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 "وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية" فإن مثل هذا التراخي الإداري، لا يسقط بطبيعة الحال، الحق في السير في الدعوى التأديبية لأن ميعاد الخمسة عشر يوماً المذكورة في عجز هذه المادة ليس، كما قدمنا، ميعاد سقوط للدعوى التأديبية، وإنما هو من قبيل استنهاض النيابة الإدارية للسير في إجراءات الدعوى التأديبية بالسرعة التي تقتضيها المصلحة العامة من التأديب. وهذا من قبيل سلامة التوجيه وحسن التنظيم.
2 - إن المحاكمة التأديبية تقوم على ضمانات لصالح الموظف في التحقيق والدفاع والمحاكمة فهي من هذه الناحية أشبه بالمحاكمات الجنائية وعلى ذلك إذا كان القرار الصادر من المحكمة التأديبية قد فصل في نقطة فرعية شكلية أو خاصة بالاختصاص، غير حاسمة في موضوع التأديب ذاته بالإدانة أو بالبراءة أو بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، ورأت المحكمة الإدارية العليا إلغاء هذا القرار كان لها أن تعيد الدعوى إلى المحكمة التأديبية للنظر فيها من جديد متبعة ما رسمه القانون من إجراءات وما استوجبه من ضمانات في التحقيق والدفاع والمحاكمة، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وبإعادتها إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها.


إجراءات الطعن

في 8 من يوليه سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1059 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل والإرشاد القومي والثقافة، بجلسة 11 من مايو سنة 1959 في الدعوى رقم 65 لسنة 1 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد كل من محمد شكري الشرقاوي الكاتب بمنطقة شبين الكوم التعليمية من الدرجة السابعة، وحمزة السيد إبراهيم الكلاف، وكيل حسابات منطقة شبين الكوم التعليمية من الدرجة السادسة والذي قضى: "بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن: "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى مع إعادتها إلى المحكمة التأديبية للفصل في موضوعها". وفي اليوم التالي مباشرة لتقديم طعن هيئة المفوضين قدم في 9 من يوليه سنة 1959 محامي إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد رئيس ديوان المحاسبة، ومدير عام النيابة الإدارية تقريراً بالطعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1073) لسنة 5 القضائية في نفس الحكم الصادر من المحكمة التأديبية المشار إليها أعلاه، وطلب محامي الحكومة الحكم بذات الطلبات الواردة بعريضة طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة. وقد أعلن الطعن الأول إلى الحكومة في 15 من أغسطس سنة 1959 وإلى الخصم في 18 منه. وأعلن الطعن الثاني إلى الخصم في 18 من يوليه سنة 1959. وعين لنظر كل من الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلستي (30 من أكتوبر، 6 من نوفمبر سنة 1960) فقررت الدائرة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، على الوجه المبين بمحضر الجلسة وتقرر نظرهما معاً وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق التقرير بضم الطعنين رقمي (1059، 1073) لسنة 5 القضائية أحدهما إلى الآخر لأنهما عن حكم واحد.
ومن حيث إن كلاً من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه الدعوى التأديبية، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن النيابة الإدارية قد أودعت أوراق الدعوى، سكرتيرية المحكمة التأديبية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل والإرشاد القومي والثقافة، في 15 من فبراير سنة 1959 طالبة النظر في أمر كل من (1) محمد شكري الشرقاوي، الكاتب بمنطقة شبين الكوم التعليمية من الدرجة السابعة (2) حمزة السيد إبراهيم الكلاف، وكيل حسابات منطقة شبين الكوم التعليمية من الدرجة السادسة، لأنهما ارتكبا المخالفات المالية التي تحصل ملابساتها في أنه بينما كان وكيل حسابات منطقة شبين الكوم التعليمية يقوم في 26 من فبراير سنة 1956 بمراجعة الدفتر المعد لقيد الشيكات المسحوبة على البنوك "دفتر رقم (56) ع/ ح" تبين له أن ثمت خطأ قد وقع في جميع مفردات يوم 22 من فبراير سنة 1956 حيث إن حاصل هذا الجمع المثبت في الدفتر ينقص بمقدار ثلاثة جنيهات عن الرقم الواجب إثباته وببحث الموضوع اتضح له أن هذا الخطأ قد وقع في مرتب محمد شكري محمود الشرقاوي. إذ أن صافي مرتبه المثبت باستمارة الماهيات 132 ج/ ح وكذا باستمارته الخاصة بماهيته هو مبلغ 13 جنيهاً و827 مليماً بينما كان الإخطار المرسل لبنك سوارس المحول عليه ماهية الموظف المذكور قد قيد فيه مبلغ 16 جنيهاً و827 مليماً أي بزيادة قدرها ثلاثة جنيهات، كما اتضح له أن نفس هذا الخطأ قد حدث بمرتب الموظف ذاته عن الشهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر سنة 1955 ويناير سنة 1956 وأن الموظف المذكور كان يرتكب هذا التلاعب بنفسه باعتباره الموظف المختص بالعمليات الحسابية الخاصة بالمرتبات المحولة على البنوك، وأن جملة ما استولى عليه نتيجة لهذا التلاعب مبلغ (15) جنيهاً قام بتسديده في نفس اليوم أي في يوم 26 من فبراير سنة 1956 وعلى أثر ذلك قررت المنطقة إيقافه عن العمل وأحالت الموضوع إلى النيابة الإدارية المختصة لتحقيقه حيث ثبت لها صحة هذا الاتهام. كما ثبت لها مسئولية حمزة السيد إبراهيم الكلاف، وبعرض هذه النتيجة على مدير عام التربية والتعليم لمنطقة شبين الكوم التعليمية قرر في 7 من يناير سنة 1959 مجازاة محمد شكري الشرقاوي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه مع إعادته للعمل على أن يبعد عن جميع الأعمال المالية والحسابية، وحفظ الموضوع بالنسبة للسيد/ حمزة إبراهيم الكلاف لسابقة توقيع عقوبة الإنذار عليه. وأخطر ديوان المحاسبة بهذا القرار في 11 من يناير سنة 1959 وقد رأى أن التهمة المسندة إلى الموظف الأول هي من الأهمية والخطورة بمكان لما انطوت عليه من تلاعب مكن المتهم من الاستيلاء بغير حق على مبالغ تزيد عما يستحقه فعلاً، فضلاً عما ينطوي عليه هذا التلاعب من جريمة جنائية هي جريمة التزوير في أوراق رسمية واختلاس أموال أميرية، ومن ثم فإن الجزاء الموقع على هذا الموظف لا يتناسب مطلقاً مع خطورة التهمة المسندة إليه، والتي تستوجب إحالته إلى المحاكمة التأديبية كما رأى أن الإهمال الذي وقع من الموظف الثاني يعتبر إهمالاً جسيماً حيث إنه لم يكشف التلاعب المذكور إلا بعد تكرار وقوعه في خمسة شهور متتالية ومن ثم فإن الأمر يقتضي إحالة هذا الموظف أيضاً إلى المحاكمة التأديبية. ووافق في 25 من يناير سنة 1959 على إحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية لتتولى إقامة الدعوى التأديبية ضد الموظفين المذكورين أعلاه. وقد أحالت النيابة الإدارية هذين الموظفين إلى المحكمة التأديبية بإيداع أوراق الدعوى سكرتيرية المحكمة التأديبية في 15 من فبراير سنة 1959.
وبجلسة 11 من مايو سنة 1959 قضت المحكمة التأديبية لوزارات التربية والتعليم والشئون والإرشاد "بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد". وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن جزاء الخصم بخمسة عشر يوماً من مرتب المتهم الأول، وجزاء الإنذار للمتهم الثاني قد صدرا من جهة الإدارة في 7 من يناير سنة 1959، ثم أخطر بالجزاء ديوان المحاسبة في 11 من يناير سنة 1959 فأصدر الديوان قراره طالباً تقديم المتهمين إلى المحاكمة التأديبية في 25 من يناير سنة 1959 ومع ذلك فإن النيابة الإدارية لم تودع قرار الإحالة موضوع هذه الدعوى إلا في 15 من فبراير سنة 1959، ومن ثم تكون الدعوى التأديبية قد رفعت من جانب النيابة الإدارية بعد الميعاد الذي حددته المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958، وكان من المتعين عليها مباشرة الدعوى ضد المتهمين خلال الخمسة عشر يوماً التالية لقرار رئيس ديوان المحاسبة أي في ميعاد غايته 9 من فبراير سنة 1959 ومن المعلوم أن مباشرة الدعوى التأديبية لا تكون إلا بإيداع قرار الإحالة سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة. والثابت من الرجوع إلى ملف الدعوى أن قرار الإحالة لم يودع إلا في 15 من فبراير سنة 1959 كما سلف البيان. وقالت المحكمة التأديبية أن المستفاد من نص المادة (13) هو أن المواعيد الواردة بها هي من مواعيد السقوط لتعلقها بمصير القرارات الإدارية الصادرة بتوقيع الجزاءات التأديبية من السلطات الرئاسية المختصة وصيرورتها نهائية وما ترتبه من مراكز قانونية بالنسبة للموظفين الصادرة في شأنهم - وبهذه المثابة فإن الدعوى، ولم تباشرها النيابة الإدارية خلال الخمسة عشر يوماً التي حددها الشارع تكون مرفوعة بعد الميعاد وترتيباً على ذلك فقد أضحت الجزاءات الصادرة من جهة الإدارة ضد المتهمين في شأن المخالفات المالية موضوع الدعوى نهائية. فالدعوى التأديبية قد رفعت بعد الميعاد الحتمي الذي اشترطه المشرع وأوجب مراعاته.
ومن حيث إن طعن السيد رئيس هيئة المفوضين، وقد تبنت أسبابه أيضاً إدارة قضايا الحكومة، يقوم على أن الأصل في المواعيد الواردة في المادتين 12، 13 من القانون رقم (117) لسنة 1958 أنها مواعيد تنظيمية إلا في حالة ما إذا كانت الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف المتهم قد أصدرت قراراً في الموضوع بحفظه أو بتوقيع جزاء... إلخ... فعندئذ يكون الميعاد المقرر للاعتراض على هذا القرار ميعاد سقوط. وعلة ذلك أن هذا القرار الذي تصدره الجهة الإدارية ذات الشأن بسلطتها التقديرية يكون ناجزاً بطبيعته فإذا كان المشرع قد خول جهة إدارية أخرى سلطة الاعتراض عليه، وحدد لهذا الإجراء ميعاداً تعين على هذه الجهة الأخيرة أن تباشر سلطة الاعتراض خلال هذا الميعاد، وإلا سقط حقها في الاعتراض وتحصن القرار. والقول بغير هذا مؤداه أن يظل القرار معلقاً بما يخرجه عن طبيعته. هذا إلى أن مصلحة الموظف المتهم تتعلق بقرار الجهة الإدارية بمجرد صدوره، وتكون إحالته إلى المحاكمة التأديبية متضمنة أن الفعل المسند إليه من الجسامة بحيث يستأهل جزاء أشد أو من الثبوت بحيث لا يقبل فيه الحفظ. ومن ثم فالميعاد المحدد للاعتراض على القرار في الحالتين يتعين أن يكون ميعاد سقوط لقيام هذه المصلحة. فإذا كان المشرع قد خول رئيس ديوان المحاسبة سلطة الاعتراض على قرار الجهة الإدارية في حالة المخالفة المالية. خلال ميعاد معين فعليه أن يلتزم هذا الميعاد، وأن يباشر السلطة التي خوله القانون إياها قبل انقضائه. فإذا هو لم يعترض، أو هو اعترض بعد فوات هذا الميعاد اعتبر القرار الصادر من الجهة الإدارية صاحبة الولاية التأديبية قراراً حصيناً للسببين سالفي الذكر وعلى العكس يعتبر هذا القرار كأن لم يكن، إذا اعترض رئيس الديوان عليه خلال خمسة عشر يوماً من إخطاره به، وبالتالي يكون الميعاد المحدد للنيابة الإدارية لمباشرة الدعوى التأديبية، في هذه الحالة ميعاداً تنظيماً، لا جزاء على تجاوزه إذ ليس ثمت قرار إداري. والثابت إن رئيس ديوان المحاسبة قد اعترض على قرار جهة الإدارة المختصة في الميعاد، بأن طلب تقديم المتظلم إلى المحاكمة التأديبية، فلا تثريب على النيابة الإدارية إذ هي باشرت الدعوى بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 13 من القانون سالف الذكر. وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، يكون قد خالف القانون ويتعين الطعن فيه - وانتهى الطعنان إلى طلب الحكم بقبولهما شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى مع إعادتها إلى المحكمة التأديبية للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1958 الصادر في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري، قد أفرد الفصل الرابع من الباب الثاني المتعلق باختصاص النيابة الإدارية، أفرده ببيان ما يتبع عند التصرف في التحقيق. فنصت المادة (12) من هذا القانون على أنه "إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً تحيل أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص وعلى الجهة الإدارية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها بنتيجة التحقيق أن تصدر قراراً بالحفظ أو بتوقيع الجزاء. فإذا رأت الجهة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة. ويجب على الجهة الإدارية أن تخطر النيابة الإدارية بنتيجة تصرفها في الأوراق خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدور قرار الجهة الإدارية" فإذا كانت القرارات المشار إليها في هذه المادة قد صدرت من الجهة الإدارية في شأن "المخالفات المالية" فقد نص المشرع في المادة 13 على إجراء معين خاص بالمخالفات المالية وحدها. فجرى هذا النص على النحو الآتي: "يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية، والمشار إليها في المادة السابقة ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية، وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية، خلال الخمسة عشر يوماً التالية" وهذان النصان لم يكن لهما أصل في القانون رقم 480 لسنة 1954 الصادر بإنشاء النيابة الإدارية، وقد استحدثهما القانون رقم 177 لسنة 1958 وعلق عليهما في مذكرته الإيضاحية بما يأتي "أما التصرف في التحقيق فقد وردت أحكامه في الفصل الرابع والأخير من الباب الثاني المنظم لاختصاصات النيابة الإدارية وقد أوردت مواده الأحكام الخاصة بتوزيع الاختصاص بين النيابة الإدارية والجهة التي يتبعها الموظف على النحو الآتي: "(1) إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة تستوجب جزاء يجاوز الخصم من المرتب لمدة تزيد على خمسة عشر يوماً أحالت الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة مع إخطار الجهة التي يتبعها الموظف بالإحالة. (2) إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً أحالت الأوراق إلى الوزير أو من يندبه من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص لإصدار قراره في الموضوع. فإذا رأت الجهة الإدارية مع ذلك تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة. هذا كما أوجب المشرع إخطار النيابة الإدارية بقرار الجهة التي يتبعها الموظف بالقرار الصادر في التحقيق لتكون على بينة بما اتخذ فيه. ونظراً لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة، فقد أوجب المشرع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات. وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة، وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى". وجاء في المواد 19، 20، 21 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكمة التأديبية "المادة 19 - إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز (15) يوماً ورأت الجهة الإدارية حفظ التحقيق جاز لمدير عام النيابة الإدارية عرض الأمر على الوزير المختص، وفي المادة 20 - على الجهة الإدارية إرجاء تنفيذ القرارات الصادرة في شأن المخالفات السالفة الإشارة إليها في المادة 12 من القانون إلى حين فوات الميعاد المقرر لطلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية، وفي المادة 21 - إذا طلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية، وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون وجب أن يكون الطلب مسبباً، وأن تخطر به في الوقت ذاته الجهة الإدارية التي أصدرت القرار"، ولم تغفل التعليمات العامة للنيابة الإدارية التنبيه إلى مراعاة تفادي الإبطاء والتسويف عند الإعداد لإقامة الدعوى التأديبية في الحالات التي يطلب فيها ديوان المحاسبة تقديم الموظف المتهم بارتكاب مخالفات مالية إلى المحاكمة. فذكرت المادة 114 من هذه التعليمات أنه "إذا طلب رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية بعد إخطاره بالقرار الصادر من الجهة الإدارية في شأن مخالفات مالية أحيلت الأوراق فور وصولها إلى النيابة المختصة لإعداد مشروع تقرير الاتهام وقائمة الشهود، وإرسالها على وجه السرعة إلى إدارة الدعوى التأديبية التي يتعين عليها إقامة الدعوى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ طلب رئيس ديوان المحاسبة". وهذا البند من التعليمات واضح الدلالة في بيان قصد الشارع من أنه لا يبغى أكثر من الحض على الإسراع في إقامة الدعوى التأديبية والحث على المزيد من العناية في إنجاز المحاكمات ذات الطابع المالي، والتي يكون لديوان المحاسبة توجيه إيجابي فيها، وذلك لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة. فإذا كانت النيابة الإدارية قد تراخت في إقامة الدعوى التأديبية في الميعاد الذي نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 "وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية" فإن مثل هذا التراخي الإداري، لا يسقط بطبيعة الحال، الحق في السير في الدعوى التأديبية لأن ميعاد الخمسة عشر يوماً المذكورة في عجز هذه المادة ليس، كما قدمنا، ميعاد سقوط للدعوى التأديبية، وإنما هو من قبيل استنهاض النيابة الإدارية للسير في إجراءات الدعوى التأديبية بالسرعة التي تقتضيها المصلحة العامة من التأديب. وهذا من قبيل سلامة التوجيه وحسن التنظيم.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل والإرشاد القومي، وقد تبين لها أن السيد رئيس ديوان المحاسبة قد اعترض في 25 من يناير سنة 1959 على قرار الجهة الإدارية بمجازاة الموظف المتهم الأول بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وبمجازاة المتهم الثاني بالإنذار، وطلب من النيابة الإدارية محاكمتهما تأديبياً لما نسب إليهما من مخالفات مالية، فأقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية أمام تلك المحكمة في 15 من فبراير سنة 1951 أي بعد الموعد القانوني لجواز رفع هذه الدعوى بالمخالفة لنص الفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958، قضت في هذه الدعوى بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد، فإن هذا الحكم المطعون فيه، يكون قد وقع مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه، كما يتعين قبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إن المحاكمة التأديبية تقوم على ضمانات لصالح الموظف في التحقيق والدفاع والمحاكمة فهي من هذه الناحية أشبه بالمحاكمات الجنائية وعلى ذلك إذا كان القرار الصادر من المحكمة التأديبية قد فصل في نقطة فرعية شكلية أو خاصة بالاختصاص، غير حاسمة في موضوع التأديب في ذاته بالإدانة أو بالبراءة أو بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، ورأت المحكمة الإدارية العليا إلغاء هذا القرار، كان لها أن تعيد الدعوى إلى المحكمة التأديبية للنظر فيها من جديد متبعة ما رسمه القانون من إجراءات وما استوجبه من ضمانات في التحقيق والدفاع والمحاكمة، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وبإعادتها إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإعادتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم للفصل فيها.

الطعن 115 لسنة 34 ق جلسة 20 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 83 ص 550

جلسة 20 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور.

-----------------

(83)
الطعن رقم 115 لسنة 34 القضائية

(أ) عمل. "عقد العمل". "الإجازات".
المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 والقانون 91 لسنة 1959. إجازات العامل. استبدالها بأيام أخر أو بمقابل نقدي. شرطه. رفض الترخيص بالإجازة. إخلال بالتزام. تعويض العامل عنه.
(ب) عمل. "مكافأة نهاية الخدمة".
فصل العامل بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959. إبرام العقد قبل صدور القانون 41 لسنة 1944. مكافأة نهاية الخدمة. حسابها.
(ج) فوائد. "فوائد تأخيرية". عمل. محكمة الموضوع.
الفوائد التأخيرية. استحقاقها. شرطه.
عمل. المرتب والمكافأة السنوية ومقابل الإجازة ومكافأة نهاية مدة الخدمة. مبالغ محددة بمقتضى قانون عقد العمل. سلطة القاضي التقديرية في تحديدها. معدومة.

-----------------
1 - إجازات العامل بأنواعها عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام، وهي في نطاق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 91 لسنة 1959 أيام معدودات من كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون ولغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية، كما لا يجوز استبدالها بمقابل نقدي، وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى بإجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام وهو عوض حقه لا عين حقه بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه (1).
2 - مؤدى ما نصت عليه المادة 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والمادة الثانية فقرة جديدة المضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1959، أنه إذا كان العقد مبرماً قبل صدور القانون رقم 41 لسنة 1944 ولم ينته إلا بعد العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 فإن مكافأة العامل عن مدة الخدمة السابقة على القانون الأخير تحتسب على أساس القواعد المنصوص عليها في المادة 37 من القانون رقم 317 لسنة 1952، وأما المدة التالية للعمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 فتحتسب المكافأة عنها وفقاً لأحكام هذا القانون وتضاف إلى المكافأة عن مدة الخدمة السابقة ولو كانت هذه المكافأة قد بلغت الحد الأقصى المقرر في القانون رقم 317 لسنة 1952 (2).
3 - إذ اشترطت المادة 226 من القانون المدني لاستحقاق الفوائد التأخيرية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، فإن المبالغ المحكوم بها وهي مرتب شهر والمكافأة السنوية ومقابل إجازة السنة الأخيرة ومكافأة نهاية الخدمة مما يدخل في هذا النطاق، إذ هي محددة بمقتضى قانون عقد العمل وليس للقاضي سلطة تقديرية في تحديدها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن فهيمه حسن إبراهيم وسمير أبو العزم ومحمود حنفي أبو العزم أقاموا الدعوى رقم 730 سنة 1960 القاهرة الابتدائية ضد الحارس على وقف موسى حمدي وحرمه وطلبوا الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 2735 جنيهاً وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقالوا شرحاً لها إن مورثهم المرحوم أبو بكر محمد أبو العزم كان يعمل كبير كتاب وقف موسى حمدي وحرمه منذ سنة 1920 حتى توفى في أول أكتوبر سنة 1959 بمرتب شهري قدره 40 جنيهاً وإذ يستحقون مبلغ 1875 جنيه قيمة مكافأة مورثهم عن مدة عمله، 40 جنيهاً مرتب شهر سبتمبر سنة 1959، 120 جنيه المكافأة السنوية عن السنة الأخيرة، 500 جنيه مقابل الإجازات السنوية لم يحصل عليها - المورث - خلال العشر سنوات الأخيرة، 100 جنيه مصاريف العلاج و100 جنيه تكاليف الجنازة والدفن التي جرى الوقف على دفعها لموظفيه، فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم. وفي 12/ 3/ 1961 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعون بكافة الطرق القانونية عناصر دعواهم - عدا مكافأة مدة الخدمة - وصرحت للمدعى عليه بالنفي. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 29/ 4/ 1962 فحكمت حضورياً (أولاً) بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعين مبلغ 165 ج (وثانياً) بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية الأولى مبلغ 106 ج و250 م (وثالثاً) بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعيين الثاني والثالث مبلغ 106 ج و250 م (ورابعاً) بإلزام المدعى عليه بالمصروفات المناسبة وبمبلغ 200 ق مقابل أتعاب المحاماة للمدعين وأعفت الأخيرين من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين تعديله والحكم لهم بباقي طلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 933 سنة 79 قضائية وبتاريخ 26/ 12/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنفين من المصاريف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن في خصوص الأسباب الأول والثاني والخامس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على عدم أحقية الطاعنين لمقابل إجازات مورثهم في مدة خدمته وقصر استحقاقهم على مقابل إجازة السنة الأخيرة منها وهو منه خطأ ومخالفة للقانون لأن إجازة العامل حق له غير معلق على شرط طلبها خلال السنة المستحقة فيها، وهي في الوقت نفسه التزام يقع على عاتق رب العمل وطالما أنه لم يثبت براءة ذمته فإنه يكون ملزماً قانوناً بمقابله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن إجازات العامل بأنواعها عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي في نطاق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 91 لسنة 1959 - الذي يحكم واقعة الدعوى - أيام معدودات من كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون ولغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية، كما لا يجوز استبدالها بمقابل نقدي، وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى بإجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام - هو عوض حقه لا عين حقه - بينما لا يد له فيه وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن مورث الطاعنين لم يطالب بإجازاته ولم يرفض المطعون عليه التصريح له بها فإنه لا يحق للورثة المطالبة بمقابلها وإذ التزم الحكم فيه هذا النظر وقضى برفض مقابل الإجازات عن السنة الأخيرة التي توفى فيها المورث فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه لم يحتسب لمورث الطاعنين مكافأة عن مدة خدمته السابقة على نفاذ القانون رقم 41 لسنة 1944، وهو خطأ ومخالفة للقانون؛ لأن تشريعات العمل متعلقة بالنظام العام ولأحكامها أثر مباشر على العقود السارية وقت صدورها وبأثر رجعي في حساب مدة المكافأة فتسري على تلك العقود الأحكام المقررة للمكافأة عن مدة الخدمة جميعها بما في ذلك المدة السابقة على صدور تشريعات العمل ولو أراد الشارع قصر المكافأة على مدة الخدمة اللاحقة لنفاذ القانون لنص على ذلك صراحة كما حدث في القانون رقم 91 لسنة 1959 إذ نصت المادة الثانية منه على انسحاب أحكام القانون المذكور على طوائف العمال المشار إليهم فيها وقصر احتساب مدة خدمتهم في حساب المكافأة على المدة التالية لنفاذه، وإذ خلا التشريعان 41 لسنة 1944 و317 لسنة 1952 من نص مماثل للنص سالف الذكر فإن مؤدى ذلك احتساب مدة خدمة مورث الطاعنين منذ التحاقه بالعمل حتى انتهاء العقد بالوفاة وهي تبلغ حوالي الأربعين عاماً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وفقاً للمادة 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 "إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة أو كان الإلغاء صادراً من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة المدة وجب عليه أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية ويتخذ الأجر الأخير أساساً لحساب المكافأة" وبمقتضى القانون رقم 227 لسنة 1959 الصادر من أول أكتوبر سنة 1959 ولاعتبارات رآها الشارع وأفصح عنها في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أضيفت إلى المادة الثانية من القانون رقم 91 لسنة 1959 فقرة جديدة نص فيها على أنه "لا يسري حكم المادة 73 من القانون المرافق فيما يتعلق بمكافأة مدة الخدمة السابقة على العمل به، إلا في حدود ما كان منصوصاً عليه في القانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 279 لسنة 1946 وعلى أساس الأجر وقت انقضاء العقد" وأسند العمل بها إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 ومؤدى ذلك، أنه إذا كان العقد مبرماً قبل صدور القانون رقم 41 لسنة 1944 ولم ينته إلا بعد العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 فإن مكافأة العامل عن مدة الخدمة السابقة على القانون الأخير تحتسب على أساس القواعد المنصوص عليها في المادة 37 من القانون رقم 317 لسنة 1952، وأما المدة التالية للعمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 فتحتسب المكافأة عنها وفقاً لأحكام هذا القانون وتضاف إلى المكافأة عن مدة الخدمة السابقة ولو كانت هذه المكافأة قد بلغت الحد الأقصى المقرر في القانون رقم 317 لسنة 1952، وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن مورث الطاعنين التحق بخدمة المطعون عليه منذ سنة 1920 وتوفى في أول أكتوبر سنة 1959 بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1959 فإن المكافأة عن مدة خدمته تحسب وفقاً للقانونين 317 لسنة 1952 و91 لسنة 1959، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقصر المكافأة على المدة من 7/ 12/ 1952 حتى 1/ 10/ 1959 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من أن مورث الطاعنين من عمال الزراعة الذين أخرجهم القانون رقم 41 لسنة 1944 من نطاق تطبيقه ورتب على ذلك عدم احتساب مدة خدمة المورث السابقة على صدور القانون رقم 317 لسنة 1952، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون لأن المقصود بعمال الزراعة الذين أوردتهم المادة الثانية من القانون رقم 41 لسنة 1944 والذين لا ينتفعون بأحكامه هم العمال المباشرون للزراعة فعلاً سواء بأيديهم أو باستعمال آلات زراعية أما الموظفين الكتابيون - ومنهم مورث الطاعنين فلا يندرجون ضمن هذه الطائفة ويترتب على ذلك تطبيق أحكام القانون رقم 41 لسنة 1944 عليهم وبالتالي يتعين احتساب مدة خدمة المورث في ظل هذا القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السببين الأول والثاني، من أن مورث الطاعنين يستحق مكافأة عن مدة الخدمة جميعها فيكون النعي بأنه ليس عاملاً زراعياً غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 5/ 1960 حتى السداد مستنداً في ذلك إلى أن منازعة رب العمل للطاعنين في استحقاق المبلغ الذي يطلبون الحكم به تجعل هذا المبلغ غير معلوم المقدار وقت طلبه، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن الطاعنين قد حددوا في صحيفة افتتاح الدعوى المبلغ الذي يطلبون الحكم به مع فوائده وقد قضى لهم ببعضه ولم يكن من شأن منازعة رب العمل في استحقاقهم لما يطلبون أن يجعل المبلغ المدعى به غير معلوم المقدار وقت طلبه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 226 من القانون المدني اشترطت لاستحقاق الفوائد التأخيرية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمبالغ المحكوم بها - وهي مرتب شهر سبتمبر سنة 1959 والمكافأة السنوية ومقابل إجازة السنة الأخيرة ومكافأة نهاية مدة الخدمة - مما يدخل في هذا النطاق إذ هي محددة بمقتضى قانون عقد العمل وليس للقاضي سلطة تقديرية في تحديدها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض القضاء بالفوائد استناداً إلى أن "المبلغ المطلوب لا تحدد قيمته إلا إذا حكم به فعلاً" فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


(1) نقض 15/ 2/ 1967 - الطعن رقم 378 لسنة 32 ق - السنة 18 ص 357.
(2) نقض 5/ 4/ 1967 - الطعن رقم 68 لسنة 33 ق - السنة 18 ص 782.

الطعن 986 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 64 ص 498

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة محمد محمود إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد الفتاح بيومي وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

-----------------

(64)

القضية رقم 986 لسنة 5 القضائية

موظف - معاش 

- استقطاع احتياطي المعاش - إحالة الموظف إلى المعاش طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 600 لسنة 1953 مع ضم مدة خدمة لا تجاوز السنة - خضوع هذه المدة المضافة لاستقطاع مقابل المعاش - لا تعارض بين هذا الاستقطاع وفكرة تعويض الموظف عن الفصل المفاجئ - أساس ذلك.

-----------------
تنص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على أنه "يستقطع سبعة ونصف في المائة من ماهيات جميع الموظفين والمستخدمين الملكيين المقيدين بصفة دائمة. ولا يجوز رد قيمة هذا الاستقطاع في أية حال من الأحوال. الموظفون والمستخدمون الذين يجرى على ماهيتهم حكم هذا الاستقطاع لهم دون سواهم الحق في معاش أو مكافأة بمقتضى أحكام هذا القانون". ويجرى نص المادة التاسعة على النحو الآتي: - "الخدمات التي لا يجرى على ماهياتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال". وتنص المادة الأولى من القانون رقم 600 لسنة 1953 على أنه "يجوز لمجلس الوزراء بناء على اقتراح لجنة وزارية يشكلها أن يحيل إلى المعاش من تتبين عدم صلاحيته لوظيفته من الموظفين من الدرجة الثامنة فما فوقها قبل بلوغ السن المقررة لترك الخدمة على أساس ضم مدة خدمة لا تجاوز السنة مع أداء الفرق بين المرتب والمعاش مشاهرة وذلك خلال مدة تبدأ من 3 من يناير سنة 1954 وتنتهي في 14 من يناير سنة 1954".
ويبين من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أن الاستقطاع شرط لازم لاحتساب المدة في المعاش وأن المادة التاسعة تقرر بصراحة أن الخدمات التي لا يجرى بها الاستقطاع لا تحسب في المعاش ولا سبيل للخروج على أحكام هذه النصوص الصريحة.
ولما كان القانون رقم 600 لسنة 1953 لم يخرج على هذه الأحكام بل أنه نص على ضم مدة إلى مدة المعاش الفعلية التي يستحقها الموظف المفصول دون أن يتعرض لحكم الاستقطاع وهو قائم أمامه ولو كان في مراده عدم إخضاعها لحكمه لجاء بنص صريح يقرره، أما أنه لم يفعل فلا يجوز الخروج على هذه الأحكام الصريحة بطريقة القياس على الحالة الواردة بالمادة 35 من المرسوم بقانون آنف الذكر كما ذهب الحكم المطعون فيه، وهي التي تقول "الموظفون والمستخدمون الجاري عليهم حكم الاستقطاع إذا أصبحوا غير قادرين على الخدمة في الظروف المنصوص عليها في المادة 32 يرتب لهم معاش على أساس مدة الخدمة الفعلية مضافاً إليها نصف الفرق بين هذه المدة والمدة التي تخول للموظف الحق في ثلاثة أرباع المعاش". إذ أن في هذا القياس مصادرة على المطلوب.
هذا ولا تعارض البتة بين تعويض الموظف عن الفصل المفاجئ وإجراء خصم ما يقابل احتياطي المعاش إذ يقوم التعويض بإضافة هذه المدة إلى مدة خدمة الموظف المفصول بعد إجراء الاستقطاع وهو أمر واجب لحساب المدة في المعاش وفائدة الموظف محققة إذ به تزيد مدة خدمته وتتحقق فكرة التعويض أو الميزة المالية له عن هذا الفصل. أما القول بعدم الاستقطاع على مجرد فكرة التعويض فقط مع صراحة النصوص التي تستلزمه ففيه إهدار لها وتمييز لمدة الخدمة الاعتبارية عن مدة الخدمة الفعلية دون نص صريح يقرره أو قيام مبرر يستوجبه.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة العدل قلم كتاب هذه المحكمة عريضة الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" بجلسة 27 من أبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 1211 لسنة 12 القضائية المقامة من الأستاذ إبراهيم العمروسي ضد وزارة العدل القاضي بإلزام هذه الوزارة بأن تدفع له مبلغ خمسة وثمانين جنيهاً وخمسمائة مليم قيمة احتياطي المعاش الذي استقطع من مرتبه عن السنة التي ضمت إلى مدة خدمته وبمصروفات هذه الدعوى. وطلبت الطاعنة للأسباب التي أوردتها في عريضة الطعن قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من التزام وزارة العدل بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 500 مليم و85 جنيهاً والمصروفات والحكم برفض الدعوى وبإلزامه بالمصروفات عن جميع درجات التقاضي وأتعاب المحاماة عنها.
وأعلن الطعن للمطعون ضده وعين لنظره جلسة 23 من أكتوبر سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة لجلسة 20 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت الملاحظات التي ارتأت ضرورة سماعها من الطرفين ثم حجزت القضية لجلسة اليوم مع التصريح لذوي الشأن بتقديم مذكرة بدفاعهم فلم يقدم أحدهما مذكرة حتى هذا التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1211 لسنة 12 القضائية ضد وزارة العدل طالباً في عريضتها التي أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" في 16 من يونيه سنة 1958 إلزام هذه الوزارة بأن ترد له مبلغ 85 جنيهاً و500 مليم قيمة احتياطي المعاش الذي استقطع من مرتبه عن السنة التي ضمت إلى مدة خدمته ابتداء من 17 من يناير سنة 1954. وذكر تبياناً لدعواه أنه كان يشغل وظيفة نائب أول بإدارة قضايا الحكومة، ثم أحيل إلى المعاش بموجب قرار صدر من مجلس الوزراء اعتباراً من 17 من يناير سنة 1954 مع ضم سنة إلى مدة خدمته طبقاً لأحكام القانون رقم 600 لسنة 1953 وقد خصم من راتبه احتياطي قدره 7 جنيهات و125 مليماً شهرياً أي مبلغ 85 جنيهاً و500 مليم في السنة التي ضمت وذلك دون وجه حق؛ إذ المرتب الذي حصل عليه خلال هذه السنة يعتبر بمثابة تعويض له عن الفصل من وظيفته قبل بلوغه السن القانونية للتقاعد؛ ومن ثم لا يكون للخصم الذي حدث مقابل احتياطي المعاش مسوغ قانوني، وانتهى إلى طلبه رد هذا المبلغ إليه. فدفع الحاضر عن الوزارة الدعوى بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 2762 لسنة 5 القضائية وبعدم أحقية المدعي في استرداد هذا المبلغ.
وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1959 قضت تلك المحكمة بإلزام وزارة العدل بأن تدفع للمدعي مبلغ 85 جنيهاً و500 مليم قيمة احتياطي المعاش الذي استقطع من مرتبه عن السنة التي ضمت إلى مدة خدمته مع إلزامها بالمصروفات. وأسست قضاءها على أن المدعي فصل من الخدمة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7/ 1/ 1954 الذي صدر بالموافقة على قرار اللجنة الوزارية المشكلة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 600 لسنة 1953 مع ضم مدة خدمة لا تجاوز سنة وأداء الفرق بين المرتب والمعاش إليه عن هذه المدة وقد أجري خصم مبلغ 7 جنيهات و125 مليماً شهرياً مقابل احتياطي المعاش عنها، وأن دفع الحاضر عن وزارة العدل بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 2762 لسنة 9 القضائية على غير أساس من القانون، إذ أن تلك الدعوى كانت تدور حول جواز حساب مدة السنة إلى المدة المحسوبة له في المعاش أو عدم جواز ذلك؛ ومن ثم يكون موضوع الدعويين مختلفاً وبالتالي يضحى الدفع غير جدي. ثم استطردت ذاكرة أن ما يصرف للموظف المفصول تطبيقاً لأحكام القانون رقم 600 لسنة 1953 في المدة المضافة إلى المعاش فرضاً لا يعتبر مرتباً ولا معاشاً وإنما يعتبر من قبيل المزايا المالية أو بمثابة تعويض جزافي وإذا لم يكن الموظف مستحقاً لمعاش صرف ما يعادل هذه المزية في أقساط شهرية إذ لا يغير من طبيعة التعويض أن يكون الدفع على أقساط شهرية، وأنه يقصد بالمرتب معناه الأعم وهو أصل المرتب الذي يمنح للموظف دون استقطاعات ويشمل كل ما يضم له من مشتملات تصرف معه بصفة منتظمة، ولا يسوغ اتخاذ صافي المرتب كأساس لتقدير التعويض وإنما يكون تقدير التعويض على أساس المرتب بمشتملاته، وأن احتياطي المعاش يستقطع أثناء مدة الخدمة الفعلية، وأما المدة المضافة فهي مدة خدمة اعتبارية قصد منها تحسين المعاش أو المكافأة المستحقة للموظف المفصول، ثم انتهت إلى القول بأن هذه المزية لها نظير في القانون رقم 37 لسنة 1929 الذي عومل على أساسه المدعي؛ إذ تقرر المادة 35 للموظف الذي يصبح غير قادر على العمل بسبب حوادث وقعت له في أثناء الوظيفة معاشاً على أساس الخدمة الفعلية مضافاً إليها نصف الفرق بين هذه المدة والتي تخول للموظف الحق في ثلاثة أرباع المعاش، ومن المسلم به أنه لا يخصم احتياطي معاش في الحالة التي نصت عليها هذه المادة باعتبار أن التسوية التي قررتها تعويضاً عن الفصل قبل بلوغ سن التقاعد بسبب الحادث الذي وقع أثناء الوظيفة وبسببها وبالتالي يكون الخصم قد وقع مخالفاً لحكم القانون وتعين رد المبلغ المخصوم إلى المدعي.
ومن حيث إن الطاعنة تذهب إلى القول بأن الحكم المطعون أصاب الحق حين قضى بأن الفرق بين المرتب والمعاش الذي يصرف للموظف المفصول طبقاً لأحكام القانون آنف الذكر يعتبر تعويضاً عن الفصل المفاجئ، ولكنه لم يصب حين رفض اتخاذ صافي المرتب كأساس لتقدير التعويض الذي يصرف مقسطاً، ولم يصب كذلك في قوله بعدم استقطاع احتياطي المعاش عن المدة التي تضاف إلى مدة خدمة الموظف المفصول طبقاً لأحكام القانون رقم 600 لسنة 1953 آنف الذكر وذلك لمخالفته للقواعد التي قررها القانون رقم 37 لسنة 1929 التي تستلزم هذا الاستقطاع حتى عن مدة الخدمة الاعتبارية. ولا يمكن الخروج على هذه الأحكام إلا بنص صريح كما فعلت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من هذا القانون وهي الخاصة بالإجازات المرضية بدون مرتب، وأنه أخيراً ليس بلازم لاستقطاع احتياطي المعاش عن المدة المضمومة أن تقوم الحكومة بصرف مرتب عنها لأن المدة الاعتبارية المحسوبة في المعاش، المفروض فيها ألا يقبض الموظف عنها مرتباً أو تكون علاقته الوظيفية بالحكومة قد انقضت ومع ذلك يخصم عنها احتياطي المعاش، وإذ قضى الحكم بغير ذلك يكون مخالفاً لحكم القانون.
وحيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني ذهبت فيه إلى القول بأن الحكم المطعون أصاب الحقيقة عندما رفض الدفع المبدى لعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - ولكنه تنكب الصواب إذ قضى بعدم جواز الخصم عن مدة السنة التي ضمت إلى مدة خدمة المدعي؛ ذلك أن المرتب عن هذه المدة يعتبر بمثابة تعويض كما جرى على ذلك قضاء هذه المحكمة، وأشارت إلى الحكم الصادر منها في الطعن رقم 965 لسنة 2 القضائية بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1956 - سواء دفع المبلغ بمجرد تحقق الواقعة القانونية المنشئة للحق فيه وهي الفصل أم دفع على أقساط والدفع بالطريقة الأخيرة لا يجعله مرتباً قابلاً للزيادة والنقص ولا يغير من طبيعته كتعويض ثابت محدود، وإن انفصام الرابطة الوظيفية بقرار الفصل ينزع من الموظف المفصول صفته كموظف وينزع بالتالي من الفرق الذي يؤدي إليه بين مرتبه ومعاشه صفة المرتب، وأن المدة المضمومة تعتبر مدة خدمة اعتبارية وضمها استثناء من أحكام المادة 15 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية وبالتالي يسري عليها ما يسري على المدة الفعلية من أحكام ومنها حكم المادة التاسعة من نفس القانون التي تقرر أن الخدمات التي لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال ولكي يمكن حسابها في المعاش يجب أن يجرى عليها استقطاع احتياطي المعاش والقول بغير هذا النظر يؤدي إلى تمييز مدة الخدمة الاعتبارية عن مدة الخدمة الفعلية بغير مبرر - وهو في الوقت ذاته أمر لا يقصده قرار الفصل بغير الطريق التأديبي وأن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 600 لسنة 1953 أشارت إلى القول بأن مجموع ما يصرف إلى الموظف المفصول في فترة السنة لا يقل عما كان يصرف له قبل إحالته إلى المعاش، وهذه الإشارة تؤيد الرأي الذي انتهت إليه. أما ما اتجهت إليه المحكمة المطعون في حكمها فإنه غير سديد ولا يتفق وحكم القانون ومن ثم يتعين إلغاء حكمها.
ومن حيث إن المحكمة ترى التنويه بادئ ذي بدء بأن إدارة قضايا الحكومة لم تثر الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أمام هذه المحكمة وهو الذي أبدته أمام محكمة القضاء الإداري، وفحواه أن المطعون ضده أقام الدعوى التي نظرت المحكمة الإدارية العليا الطعن الخاص بها برقم 779 لسنة 3 القضائية وقضت فيه بجلسة 21 من يونيه سنة 1958 كان موضوعها يدور حول جواز حساب مدة السنة التي ضمت لمدة خدمته في المعاش. أما الدعوى الحالية فإن موضوعها هو طلب رد المبلغ الذي استقطع من المدعي مقابل احتياطي المعاش عن مدة السنة المضمومة؛ ومن ثم يبدو بجلاء اختلاف موضوع الدعويين وبالتالي يضحى الدفع على غير أساس.
ومن حيث إنه لا خلاف الآن بين طرفي الخصومة حول حساب هذه المدة في المعاش، ولا خلاف بينهما أيضاً على أن المطعون ضده خاضع لأحكام المرسوم بالقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، كما أن كلاً منهما يسلم بأن الفرق الذي يؤدى بين المعاش والمرتب يعتبر بمثابة تعويض أو ميزة مالية، وإنما مثار الخلاف فيما إذا كانت المدة المضافة يجرى عليها استقطاع مقابل المعاش أم أن طبيعتها تأبى هذا الاستقطاع.
ومن حيث إنه لبيان حكم القانون فيما اختلف في شأنه تورد المحكمة نص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 والمادة التاسعة منه، ثم تورد نص المادة الأولى من القانون رقم 600 سنة 1953 وهي النصوص التي تحكم المسألة. أما نص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 فقد جاء كما يلي: "يستقطع سبعة ونصف في المائة من ماهيات جميع الموظفين والمستخدمين الملكيين المقيدين بصفة دائمة. ولا يجوز رد قيمة هذا الاستقطاع في أية حال من الأحوال. الموظفون والمستخدمون الذين يجرى على ماهيتهم حكم هذا الاستقطاع لهم دون سواهم الحق في معاش أو مكافأة بمقتضى أحكام هذا القانون". ويجرى نص المادة التاسعة على النحو الآتي: "الخدمات التي لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال". وتنص المادة الأولى من القانون رقم 600 لسنة 1953 على أنه "يجوز لمجلس الوزراء بناء على اقتراح لجنة وزارية يشكلها أن يحيل إلى المعاش من تتبين عدم صلاحيته لوظيفته من الموظفين من الدرجة الثامنة فما فوقها قبل بلوغ السن المقررة لترك الخدمة على أساس ضم مدة خدمة لا تجاوز السنة مع أداء الفرق بين المرتب والمعاش مشاهرة وذلك خلال مدة تبدأ من 3 من يناير سنة 1954 وتنتهي في 14 من يناير سنة 1954".
ومن حيث إنه يبين من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أن الاستقطاع شرط لازم لاحتساب المدة في المعاش وأن المادة التاسعة تقرر بصراحة أن الخدمات التي لا يجرى بها الاستقطاع لا تحسب في المعاش ولا سبيل للخروج على أحكام هذه النصوص الصريحة. ولما كان القانون رقم 600 لسنة 1953 لم يخرج على هذه الأحكام بل إنه نص على ضم مدة إلى مدة المعاش الفعلية التي يستحقها الموظف المفصول دون أن يتعرض لحكم الاستقطاع وهو قائم أمامه ولو كان في مراده عدم إخضاعها لحكمه لجاء بنص صريح يقرره، أما إنه لم يفعل فلا يجوز الخروج على هذه الأحكام الصريحة بطريقة القياس على الحالة الواردة بالمادة 35 من المرسوم بقانون آنف الذكر كما ذهب الحكم المطعون فيه، وهي التي تقول "الموظفون والمستخدمون الجاري عليهم حكم الاستقطاع إذا أصبحوا غير قادرين على الخدمة في الظروف المنصوص عليها في المادة 32 يرتب لهم معاش على أساس مدة الخدمة الفعلية مضافاً إليها نصف الفرق بين هذه المدة والمدة التي تخول للموظف الحق في ثلاثة أرباع المعاش". إذ أن في هذا القياس مصادرة على المطلوب.
ومن حيث إنه لا تعارض البتة بين تعويض الموظف عن الفصل المفاجئ وإجراء خصم ما يقابل احتياطي المعاش إذ يقوم التعويض بإضافة هذه المدة إلى مدة خدمة الموظف المفصول بعد إجراء الاستقطاع وهو أمر واجب لحساب المدة في المعاش، وفائدة الموظف محققة به تزيد مدة خدمته وتتحقق فكرة التعويض أو الميزة المالية له عن هذا الفصل. أما القول بعدم الاستقطاع على مجرد فكرة التعويض فقط مع صراحة النصوص التي تستلزمه ففيه إهدار لها وتمييز لمدة الخدمة الاعتبارية عن مدة الخدمة الفعلية دون نص صريح يقرره أو قيام مبرر يستوجبه.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الحكم المطعون إذ قضى بأحقية المدعي في استرداد قيمة احتياطي المعاش عن المدة التي ضمت له قد خالف القانون ويكون خليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 415 لسنة 31 ق جلسة 20 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 82 ص 545

جلسة 20 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

-------------------

(82)
الطعن رقم 415 لسنة 31 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". تأمين. "شركات التأمين على الحياة".
ما تحوزه شركات التأمين على الحياة عن الأوراق المالية. اعتباره من الأموال الثابتة للشركة. الأصل عدم جواز إعادة تقديرها. علته. إعادة تقديرها. أثره. عدم جواز تحميل حساب الأرباح والخسائر الفرق الناتج من إعادة التقدير. أساسه.

-----------------
وفقاً للمادتين 1 و20 من القانون رقم 156 لسنة 1950 بالإشراف والرقابة على هيئات التأمين والمادة الخامسة عشر من اللائحة التنفيذية، فإن ما تحوزه شركات التأمين على الحياة من الأوراق المالية يعد من الأصول الثابتة للشركة، والأصل فيها عدم جواز إعادة تقديرها. إذ الغرض من إلزام الشركة بحيازتها هو الاستثمار والحصول على إيراد دوري لمواجهة التزاماتها التأمينية - لا المضاربة وتحقيق الربح - وإذ رأت الشركة إعادة تقديرها فإن الفرق الناتج من إعادة التقدير زيادة أو نقصاً لا يجوز تحميله لحساب الأرباح والخسائر لأن هذا الحساب لا يدخل فيه إلا الفرق الناتج من البيع الفعلي وفقاً لما تقضي به المادتان 38 و39 من القانون رقم 14 لسنة 1939.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة إسكندرية للتأمين على الحياة قدمت إقرارات عن أرباحها في المدة من سنة 1951 إلى سنة 1953 وقامت مراقبة ضرائب الشركات المساهمة بفحصها وخلصت إلى تعديلها وحددت الأرباح بالمبالغ 20670 ج و732 م و3512 ج و146 م و163 ج و686 م في سنوات النزاع على التوالي. وإذ اعترضت الشركة وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وبتاريخ 29/ 9/ 1958 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل نتيجة أعمال الشركة الطاعنة عن سنوات النزاع إلى خسارة مبلغ 6051 ج و663 م و2301 ج و851 م و4100 ج و717 م على الترتيب فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 981 سنة 1958 تجاري ضرائب الإسكندرية بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه واعتبار أرباح الشركة في سنتي 1951 و1952 مبلغ 13511 ج و800 م و264 ج و51 م وفي سنة 1953 خسارة مبلغ 2997 ج و717 م ومن باب الاحتياط الكلي استبعاد فرق تقييم الأوراق المالية في كل سنة عند حساب تكلفتها في السنة التالية مؤسسة دعواها على أن الأوراق المالية المملوكة للشركة تعتبر أصولاً ثابتة وتقوم بسعر التكلفة لا بسعر السوق كما ذهبت إلى ذلك لجنة الطعن وبتاريخ 31 مارس سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى من اعتبار فرق تقييم الأوراق المالية خسارة في سنوات النزاع واعتبار أرباح المطعون عليها بالمبالغ الآتية: 13511 ج و850 م و264 ج و51 م و2997 ج و717 م وألزمت المطعون عليها المصاريف ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه وتأييد قرار لجنة الطعن وقيد هذا الاستئناف برقم 192 سنة 17 قضائية. وبتاريخ 9 نوفمبر سنة 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وتصحيحه واعتبار القدر المحكوم به سنة 1953 يمثل خسارة وألزمت الشركة المستأنفة المصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجوه (الأول) أنه ساير مصلحة الضرائب واعتبر الأوراق المالية التي تمتلكها الشركة من الأصول الثابتة ورتب على ذلك وجوب تقديمها على أساس سعر التكلفة. في حين أن طبيعة أعمال شركات التأمين تستلزم احتفاظها بموجود نقدي كبير أو بالأقل تكون أصولها متداولة سهلة التحويل إلى نقدية سائلة لمواجهة أعبائها مما حدا بالشارع إلى النص في المادة 15 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 156 لسنة 1950 بالإشراف والرقابة على هيئات التأمين على أن توظف أموالها في أوراق مالية من الدرجة الأولى، وفي حين أنه طبقاً لتعليمات مصلحة الضرائب رقم 9 تعتبر الأوراق التي تحوزها المنشأة بقصد إعادة بيعها من الأصول المتداولة وتقوم في نهاية السنة بسعر السوق أو سعر الشراء أيهما أقل وما تحوزه منها بقصد السيطرة على غيرها من المنشآت عن طريق ما تملكه من أسهمها تظل مقومة بسعر تكلفتها والثابت أن ما تحوزه الشركة غالبية سندات حكومية مصرية أو أجنبية طبقاً للقانون الأمر الذي يباعد بينها وبين فكرة السيطرة وينبني عليه اعتبار أوراقها من الأصول المتداولة، وفي حين أن مصلحة الضرائب ذاتها تناقضت في طريقة تقويم أوراق الشركة من سنة لأخرى إذ قامت الشركة في سنة 1955 باستبدال 500000 ج قيمة اسمية لسندات قرض وطني 3.25% بسندات قرض إنتاج 3.5% وأضافت الفرق الناتج من هذه العملية وقدره 679 ج و240 م كمشتريات أوراق مالية إلا أن المأمورية رفضت هذا الإجراء بحجة أن الأوراق المالية لا تعتبر أصلاً ثابتاً وأضافت الربح الناتج من هذه العملية وقدره 2827 ج و880 م إلى وعاء الضريبة (والثاني) أنه لم يعتد بما نص عليه القرار الوزاري رقم 467 لسنة 1954 الخاص بميزانيات وحساب الأرباح والخسائر للشركات المساهمة والمادة 25 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 156 لسنة 1950 من وجوب تقدير الأوراق المالية بما لا يزيد عن قيمتها السوقية طبقاً لآخر سعر رسمي في تاريخ انتهاء السنة (والثالث) إغفاله الاعتبارات الإدارية والفنية التي تستلزم في شركات التأمين على الحياة مراعاة سعر السوق للأوراق المالية المستثمرة لأن تقدير قيمة الاحتياطي الحسابي الذي يتم بواسطة أخصائي التأمين الذي تعتمده مأمورية الضرائب يقوم على أساس مراعاة سعر الفائدة الفعلي للأوراق المستثمرة وهبوط الأوراق المالية يترتب عليه ارتفاع معدل سعر الفائدة وبالتالي انخفاض قيمة الاحتياطي مقدراً على أساس هذا السعر.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أنه وفقاً للمادتين 1 و20 من القانون رقم 156 لسنة 1950 بالإشراف والرقابة على هيئات التأمين - الذي يحكم واقعة الدعوى - والمادة الخامسة عشر من لائحته التنفيذية فإن ما تحوزه شركات التأمين على الحياة من الأوراق المالية يعد من الأصول الثابتة للشركة، والأصل فيها عدم جواز إعادة تقديرها. إذ الغرض من إلزام الشركة بحيازتها هو الاستثمار والحصول على إيراد دوري لمواجهة التزاماتها التأمينية - لا المضاربة وتحقيق الربح - وإذا رأت الشركة إعادة تقديرها فإن الفرق الناتج من إعادة التقدير زيادة أو نقصاً لا يجوز تحميله لحساب الأرباح والخسائر لأن هذا الحساب لا يدخل فيه إلا الفرق الناتج من البيع الفعلي وفقاً لما تقضي به المادتان 38 و39 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على وجوب تقويم الأوراق المالية المملوكة للشركة بسعر التكلفة ولم يحمل حساب الأرباح فرق إعادة تقويمها بسعر السوق فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ولا يغير من ذلك ما عمدت إليه مصلحة الضرائب في صدد استبدال الشركة بعض أوراقها في سنة 1955 لأن الاستبدال تم على أساس حصول بيع فعلي لأصل من الأصول تحقق من نتيجته ربح يخضع للضريبة، ومردود في الوجهين الثاني والثالث ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في خصوصهما على أن "التزام شركات التأمين على الحياة بمراعاة سعر السوق للأوراق المالية لتقدير قيمة الاحتياطي الحسابي الذي يتم بمعرفة أخصائي التأمين وبتقديم ميزانياتها على نحو معين طبقاً للوائح والقرارات المنظمة لعمليات التأمين لا يقيد المشرع الضريبي الذي يهدف إلى فرض الضريبة على الأرباح الحقيقية الفعلية على ضوء أسس ووسائل خاصة أوجب اتباعها للوصول إلى تحديد حقيقة هذه الأرباح" وهي تقريرات سائغة لا مخالفة فيها للقانون. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 966 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 63 ص 495

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسني جورجي ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

------------------

(63)

القضية رقم 966 لسنة 5 القضائية

موظف - ضم مدة خدمة سابقة - ضمها 

- شرط اتحاد العمل السابق والعمل اللاحق في طبيعته - عدم توافره إذا كان العمل السابق هو عمل رسام والعمل اللاحق هو مدرس رسم - أساس ذلك.

--------------------------
إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن عمل المدرس هو عمل فني معين وأن وظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يقوم بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدره على سبر أغوارهم وهم أنماط من الخلق والاستعداد وتفهم شكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية، وطبيعة عمل المدرس بهذه المثابة تختلف عن طبيعة مهنة النجار أو الرسام فكلتا المهنتين لا تقوم على أساس تربوي مثلما يقوم عليه عمل المدرس. ومن ثم فلا وجه للاتحاد بين طبيعة العملين والاتحاد شرط جوهري للضم بحسب أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فإذا تخلف امتنع الضم.


إجراءات الطعن

في 13 من يونيه سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم بالإقليم المصري بصفته عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 13 من أبريل سنة 1959 من محكمة القضاء الإداري (هيئة التسويات) في الدعوى رقم 14752 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة التربية والتعليم ضد السيد/ مختار صالح صدقي والقاضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وإلزام الحكومة المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلنت صحيفة هذا الطعن إلى المطعون ضده في 12 من يوليه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من أكتوبر سنة 1960. وأبلغ الطرفان في 24 من سبتمبر سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها أحيل نظر الطعن لجلسة 27 من نوفمبر سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1960 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام أمام اللجنة القضائية الأولى لوزارة المعارف العمومية (وقتئذ) التظلم رقم 644 لسنة 2 القضائية بطلب القضاء بضم مدة خدمته السابقة بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وذكر أنه حصل على دبلوم الأقسام الصناعية الثانوية سنة 1940 والتحق بخدمة الشركة المذكورة بوظيفة رسام، وفي يناير سنة 1951 عين بإحدى المدارس الابتدائية المحولة وأجابت الوزارة على التظلم بأنه لا يجوز ضم مدة الخدمة المذكورة لأنها باليومية، وبجلسة 3 من فبراير سنة 1954 قضت اللجنة القضائية بضم نصف مدة خدمته بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى من 27 من يناير سنة 1941 إلى 25 من يناير سنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بضم مدة الخدمة السابقة لم يشترط أن تكون مدة الخدمة السابقة على درجة إلا إذا كانت قد قضيت في الهيئات الحكومية أو شبه الحكومية أما الشركات فهي لا تتبع نظام الدرجات، كما أن طبيعة عمل المطعون ضده السابق والحالي متفقة فهو رسام في كليهما وبعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1954 طعنت وزارة التربية والتعليم في قرار اللجنة. وطلبت الحكم بإلغائه وبنت طعنها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 يشترط لضم مدة الخدمة السابقة أن تتفق طبيعة العمل السابق مع العمل اللاحق وأن يقدم الموظف طلباً للضم في ميعاد محدد على حين أن طبيعة عمل المطعون ضده بشركة مصر للغزل والنسيج تختلف مع طبيعة عمله كمدرس بمدرسة الناصرية الابتدائية وهو أيضاً لم يقدم طلباً للضم. وبجلسة 13 من أبريل سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت من ملف خدمة المطعون ضده أنه قدم طلباً بحساب مدة خدمته السابقة بشركة مصر للغزال والنسيج مع مسوغات تعيينه بتاريخ 21 من يناير سنة 1951، وأنه ليس المقصود من اتحاد طبيعة العملين أن يكون الاختصاص فيهما واحداً أو أن يكونا متطابقين، وإنما يكتفي التماثل في الاستعداد والتأهيل.
ومن حيث إن الطعن يقوم أساساً على أن طبيعة عمل المطعون ضده كرسام في شركة مصر للنسيج لا تتفق مع طبيعة عمله كمدرس.
ومن حيث إنه ثابت من مطالعة ملف خدمة المطعون ضده أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية الثانوية سنة 1940 والتحق بشركة مصر للغزل والنسيج في وظيفة نجار من 27 من يناير سنة 1941 إلى 28 من فبراير سنة 1948 ثم عين في الشركة نفسها في وظيفة رسام من 29 من فبراير سنة 1948 إلى 30 من يناير سنة 1951. وفي 27 من يناير سنة 1951 عين بمجلس مديرية الدقهلية في وظيفة معلم بمدرسة الناصرية الأولية في الدرجة التاسعة بماهية شهرية قدرها 4 جنيهات وقدم مع مسوغات تعيينه بياناً عن مدة خدمته السابقة بشركة الغزل والنسيج، وفي 26 من أبريل سنة 1952 أصدرت منطقة المنصورة التعليمية إذناً بتعديل حالته بمنحه الدرجة الثامنة الفنية بماهية قدرها 8 جنيهات و500 مليم اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1951.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن عمل المدرس هو عمل فني معين وأن وظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يقوم بها قسطاً من السيطرة الناشئة وقدره على سبر أغوارهم وهم أنماط من الخلق واستعداد وتقهم شكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية.
ومن حيث إن طبيعة عمل المدرس بهذه المثابة تختلف عن طبيعة مهنة النجار أو الرسام فكلتا المهنتين لا تقوم على أساس تربوي مثلما يقوم عليه عمل المدرس، ومن ثم فلا وجه للاتحاد بين طبيعة العملين والاتحاد شرط جوهري للضم بحسب أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فإذا تخلف امتنع الضم. ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر قد خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه وإلغاء قرار اللجنة القضائية ورفض التظلم وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.




















الطعن 314 لسنة 34 ق جلسة 7 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 81 ص 538

جلسة 7 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-------------------

(81)
الطعن رقم 314 لسنة 34 القضائية

(أ) تقادم. "تقادم مكسب". أموال. "أموال خاصة مملوكة للدولة".
عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم. حظر التعدي على هذه الأموال. لجهة الإدارة حق إزالته إدارياً. (م 970 مدني معدلة بالقانون 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959).
(ب) قانون. "الأثر الرجعي". تقادم. "تقادم مكسب". "قرار إداري". "صفة الإدارية". اختصاص. "اختصاص ولائي".
ليس للقانونين 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية بالتقادم قبل صدورهما. الأموال التي كان يحوزها الأفراد ولم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عنها بالتقادم قبل صدور القانون الأول. خضوعها لأحكام القانونين المذكورين ولجهة الإدارة إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري المقرر في القانون 39 لسنة 1959. القرار الإداري بالإزالة مستند إلى القانون ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفة الإدارية وينحدر به إلى العدم. عدم اختصاص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار.
(ج) حيازة. "دعاوى الحيازة". "دعوى منع تعرض". قرار إداري. اختصاص. "اختصاص ولائي".
التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنعه. عدم اختصاص المحاكم بتعطيل هذا الأمر أو وقف تنفيذه.

---------------------
1 - نصت المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانونين 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، كما حظرت التعدي على هذه الأموال وخولت الجهات الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة هذا التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة فإذا كان المطعون ضده - المدعي في دعوى منع التعرض - لم يدع أنه اكتسب ملكية الأرض - محل النزع - بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بل إنه أقر في صحيفة دعواه بأن هذه الأرض مملوكة لمصلحة الأملاك فإنه يكون لجهة الإدارة أن تصدر بالاستناد إلى تلك المادة قراراً إدارياً بإزالة ما وقع على هذه الأرض المملوكة لها من تعد وأن تنفذ هذا القرار بالطريق الإداري.
2 - ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 147 لسنة 1957 والقانون رقم 39 لسنة 1959 من أنه ليس لكل من هذين التشريعين أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية بالتقادم قبل صدور هذين القانونين، هذا الذي جاء بالمذكرة الإيضاحية لا ينصرف إلا لما اكتسب ملكيته فعلاً بالتقادم قبل تاريخ صدور القانونين المذكورين. أما الأموال التي كان يحوزها الأفراد قبل هذا التاريخ ولكنهم لم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عليها بالتقادم قبل صدور القانون الأول فإنه يكون لجهة الإدارة أن تزيل التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري عملاً بالحق المقرر لها في القانون رقم 39 لسنة 1959 ويكون الأمر الإداري الصادر بإزالة هذا التعدي صادراً بالاستناد إلى القانون ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفته الإدارية وينحدر به إلى العدم ومن ثم تختص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن هذا القرار.
3 - التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 108 سنة 1961 مدني أمام محكمة ميناء بور سعيد الجزئية على مصلحة خفر السواحل الطاعنة الأولى بصحيفة أعلنت إليها في 25 مارس سنة 1961 وقال شرحاً لدعواه إنه كان يضع يده، ومن قبله سلفه السيد إبراهيم حسن بصلة، على أرض زراعية مساحتها 1 ف و12 ط المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة، مدة زادت على سنة وأن مصلحة خفر السواحل تعرضت له في وضع يده فمنعته من زراعة هذه الأرض ومن إقامة مبان عليها على الرغم من أنها لا تملك شيئاً فيها إذ أن الأرض مملوكة لمصلحة الأملاك وأنه قد أصابه من جراء هذا التعرض ضرر يستحق التعويض عنه ولهذا فقد رفع هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب الحكم على مصلحة خفر السواحل في مواجهة مصلحة الأملاك بمنع تعرضها له في الانتفاع بهذه الأرض وبإلزامها بأن تدفع له تعويضاً قدره 250 جنيهاً وبجلسة 16 ديسمبر سنة 1961 قرر المطعون ضده أن مصلحة خفر السواحل كفت عن التعرض له. وفي 19 مايو سنة 1962 قضت المحكمة أولاً برفض طلب منع التعرض تأسيساً على أنه أصبح غير ذي موضوع بعد أن كفت المصلحة المذكورة عن التعرض. ثانياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده بكافة الطرق القانونية الضرر الذي أصابه بسبب تعرض تلك المصلحة له وصرحت لها وللطاعنة الثانية بالنفي بنفس الطرق. وفي 27 أكتوبر سنة 1962 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما (الطاعنتين الأولى والثانية) بأن تدفعا للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 200 جنيه على سبيل التعويض. فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم لدى محكمة بور سعيد الابتدائية بالاستئناف رقم 150 سنة 1962 مدني مستأنف بور سعيد. ودفعتا أمام تلك المحكمة بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن الحكومة أصدرت بمقتضى الحق المخول لها في المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 قراراً إدارياً بإزالة التعدي الواقع من المطعون ضده على أملاكها الخاصة بالطريق الإداري وأنه لذلك تكون دعوى المطعون ضده بطلب منع التعرض والتعويض تتضمن المطالبة بوقف تنفيذ هذا الأمر والتعويض عنه وهما أمران يخرجان عن ولاية القضاء العادي ويختص بالفصل فيهما القضاء الإداري دون غيره عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 والمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وفي 12 مارس سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبتخفيض مبلغ التعويض المقضي به ابتدائياً إلى خمسة وأربعين جنيهاً. وبتقرير تاريخه 11 مايو سنة 1964 طعن الطاعنون بصفاتهم بطريق النقض في قضاء الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على أن القرار الإداري المطلوب الحكم بالتعويض عنه قد صدر مخالفاً للمادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 لأن هذه المادة وإن نصت على عدم جواز تملك الأموال الخاصة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم ومنعت التعدي عليها وخولت الجهة الإدارية صاحبة الشأن إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري إلا أن هذا النص ليس له أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره وأنه وقد ثبت للمحكمة حيازة المطعون ضده للأرض موضوع النزاع حيازة واقعية وقانونية فإن القرار الإداري الصادر بإزالة التعدي يكون مخالفاً للقانون على نحو يجعله معدوماً ويعتبر معه مجرد عمل مادي وبالتالي يكون للقضاء العادي ولاية الفصل في النزاع عملاً بالمادة 15 من قانون السلطة القضائية. ويرى الطاعنون أن هذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي خطأ في القانون إذ أنه برفض مخالفة القرار للقانون فإن ذلك يجعله قابلاً للإلغاء من مجلس الدولة كما يختص هذا المجلس وحده بالفصل في طلب التعويض عنه طبقاً للمادة 9 من القانون رقم 55 سنة 1959 وإذ كان الحكم المطعون فيه قد سلم بأن القرار الصادر بإزالة التعدي هو قرار إداري وكان كل ما عابه عليه أنه صدر مخالفاً لحكم المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 39 سنة 1959 حيث أعمل القرار حكمها بأثر رجعي بينما نبهت المذكرة الإيضاحية إلى عدم سريانه على الحقوق التي اكتسبت في ظل النص قبل تعديله فإن هذه المخالفة بفرض صحتها لا تجعل القرار معدوماً بحيث يختص القضاء العادي بنظر طلب التعويض عنه وإنما تجيز طلب إلغائه من مجلس الدولة ويظل هذا المجلس مختصاً دون غيره بالفصل في طلبات التعويض عنه عملاً بالمادة 9 من القانون رقم 55 سنة 1959 هذا إلى أن القرار الإداري الذي يشكو منه المطعون ضده قد صدر بالاستناد إلى المادة 970 من القانون المدني بعد تعديلها بالقانونين رقمي 147 سنة 1957 و39 سنة 1959 ولم يخالف القانون في شيء وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى وحكم بالتعويض لرافعها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم.
وحيث إنه لما كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه هو أن المطعون ضده رفع الدعوى بطلب منه تعرض مصلحة خفر السواحل له في الأرض التي يضع يده عليها وبإلزامها بتعويضه عن الضرر الذي أصابه من جراء هذا التعرض وذلك في مواجهة مصلحة الأملاك المالكة لهذه الأرض وذلك تأسيساً على أنه يضع يده عليها من مدة تزيد على سنة سابقة على رفع الدعوى، وقد تمسكت الحكومة أمام محكمة الدرجة الثانية بأن هذه الأرض مملوكة لها وأنها بمقتضى الحق المخول لها بالمادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 39 لسنة 1959 قد أصدرت قراراً إدارياً بإزالة التعدي الحاصل من المطعون ضده على هذه الأرض ونفذت هذا القرار بالطريق المباشر. لما كان ذلك وكانت المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانونين رقمي 147 سنة 1957، 39 سنة 1959 قد نصت على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم - كما حظرت التعدي على هذه الأموال وخولت الجهات الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة هذا التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة وكان المطعون ضده رافع الدعوى لم يدع أنه اكتسب ملكية هذه الأرض بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 سنة 1957 بل إنه أقر في صحيفة دعواه بأن الأرض محل النزاع مملوكة لمصلحة الأملاك ومن ثم فقد كان للحكومة أن تصدر بالاستناد إلى تلك المادة قراراً إدارياً بإزالة ما وقع على هذه الأرض المملوكة لها من تعد وأن تنفذ هذا القرار بالطريق الإداري، ولا محل لاستناد الحكم المطعون فيه في قضائه إلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 147 سنة 1957 والقانون رقم 39 سنة 1959 من أنه ليس لكل من هذين التشريعين أثر رجعي بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره لأن هذا الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لا ينصرف إلا لما اكتسبت ملكيته فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدور هذين القانونين - أما الأموال التي كان يحوزها الأفراد قبل هذا التاريخ ولكنهم لم يكتسبوا ملكيتها أو أي حق عيني عليها بالتقادم قبل صدور القانون الأول فإنه يكون للحكومة أن تزيل التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري عملاً بالحق المقرر لها في القانون رقم 39 سنة 1959 وبالتالي يكون الأمر الإداري الصادر بإزالة التعدي الحاصل من المطعون ضده قد صدر بالاستناد إلى المادة 970 سالفة الذكر ولا يشوبه في ظاهره عيب يجرده من صفته الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم. لما كان ذلك وكان التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتماً على الحكم لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959 وكان مجلس الدولة هو المختص دون غيره بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية المدعى بمخالفتها للقوانين أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها وذلك عملاً بالمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 سنة 1959 لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر القرار الإداري الصادر بإزالة التعدي الواقع على الأرض محل النزاع، وهي من أملاك الدولة الخاصة، معدوماً لأنه يمس الحيازة التي اكتسبها المطعون ضده مع أنه - وهو رافع الدعوى - لم يدع أن هذه الحيازة قد ترتب عليها اكتسابه ملكية الأرض بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 سنة 1957 - وعلى هذا الأساس الخاطئ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص المحاكم العادية بالفصل في طلب التعويض عن القرار الإداري المذكور فإن هذا الحكم يكون قد بني على مخالفة للقانون في مسألة اختصاص بولاية المحاكم ومن ثم يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وذلك عملاً بالمادة الثانية من القانون رقم 57 سنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 106 سنة 1962.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن خطأ الحكم المطعون فيه على النحو السالف بيانه يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى.


(1) راجع نقض 1/ 12/ 1966 مج المكتب الفني س 17 ص 1763.

الطعن 944 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 62 ص 489

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة محمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد عبد العزيز البرادعي المستشارين.

-----------------

(62)

القضية رقم 944 لسنة 5 القضائية

كادر عمال القناة - الصبية الاشراقات 

- تقريره وضع من تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة في وظائف صبية أو تلاميذ بأجر يومي قدره مائة مليم - عدم وضعه القواعد التي تتبع بشأنهم مستقبلاً - وجوب الرجوع إلى قواعد كادر العمال في هذا الشأن - نصه على وجوب أداء الصبي امتحاناً بعد خمس سنوات - نجاحه فيه يعطيه مجرد صلاحيته للتعيين في درجة صانع دقيق - الترقية إلى هذه الدرجة جوازية في حالة وجود درجات خالية بالميزانية - تطبيق هذه القواعد على عمال القناة - مراعاة ما نص عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 من تطبيق قراره الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 - خفضه المدة المنوه عنها فيه من خمس سنوات إلى أربع - نصه على استمرار منح الصبية أجورهم التي يتقاضونها لحين تعيينهم على درجات بالميزانية.

----------------------

يبين من الاطلاع على تقرير لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني المشكلة بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 أن اللجنة بينت كيفية معاملة الصبية والشراقات (التلاميذ) فقالت "لاحظت اللجنة أن كادر العمال قضى بالنسبة للصبية والشراقات (التلاميذ) أن يكون تعيينهم في الستة الأشهر الأولى مجاناً ثم يمنحون خمسين مليماً عن باقي السنة الأولى وتدرج أجورهم بالعلاوات حتى تصل إلى 250 مليماً يومياً فرأت اللجنة أن يبدأ بمنح عمال الجيش الموضوعين في هذه الدرجة مائة مليم يومياً مضافاً إليها إعانة غلاء المعيشة حسب حالتهم الاجتماعية" وقررت اللجنة في معرض بحثها استيفاء مسوغات التعيين "أن من تقل أعمارهم عن 18 سنة يعينون في وظائف صبية أو تلاميذ" ولم تضع اللجنة في تقريرها قاعدة توضح ما يتبع مع الصبية بعد ذلك، مما يتعين الرجوع إلى القواعد التي بينها كادر العمال بالنسبة للصبية والتلامذة الذي اقتبست منه لجنة إعادة توزيع عمال القناة هذه الدرجة للصبية معدلة منها بدايتها. ولما كان كادر العمال لم يوجب وضع الصبي في درجة معينة بعد بلوغه سن الثامنة عشرة وإنما توجب أحكام الكادر أن يؤدي الصبي امتحاناً في نهاية السنة الخامسة أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزاري إن نجح فيه يرقى إلى درجة صانع دقيق إذا وجدت درجة خالية وفي هذه الحالة يمنح أجرة يومية قدرها 300 مليم وإذا رسب يعطى فرصة سنة أخرى بأجرة 250 مليماً يومياً فإن تكرر رسوبه يفصل. فالامتحان الذي يؤديه الصبي في كادر العمال إنما هو شرط صلاحية للترقية إلى درجة صانع دقيق إن وجدت درجة خالية ولم يأت كادر عمال القناة بقاعدة تخالف ذلك بالنسبة لمن يعين من عمال القناة في درجة صبي. وقد نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 على أن الصبية الاشراقات من عمال القناة يطبق عليهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 مع مراعاة تخفيض المدة المنوه عنها في هذا القرار من خمس سنوات إلى أربع سنوات على أن تستمر أجورهم الحالية على ما هي عليه لحين تعيينهم في درجات بالميزانية - ومؤدى ذلك أن لا يتم تسوية حالة الصبية من عمال القناة على الدرجة التي ثبتت لياقتهم لها في الامتحان إلا عند وضعهم على الدرجات المدرجة في الميزانية.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 6 من يونيه سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير المواصلات، بصفته ممثلاً للهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والسيد المدير العام للهيئة، في الحكم الصادر بجلسة 6 من أبريل سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في القضية رقم 211 لسنة 6 القضائية المرفوعة من عياد حنين سعد ضد الهيئة العامة للسكة الحديد والقاضي بأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة صبي (50/ 250) بأجر يومي قدره 100 مليم اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 حتى 4 من يناير سنة 1954 وفي الدرجة (150/ 300) المخصصة لمساعد صانع بأول مربوطها وقدره 150 مليماً اعتباراً من هذا التاريخ الأخير وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
ويطلب الطاعن للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
أعلنت صحيفة الطعن للمدعي في 9 من يوليه سنة 1959 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 وأحيل لجلسة 27 من نوفمبر سنة 1960، وبعد سماع ما رأى لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رأى لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكة الحديد ضد الهيئة العامة للسكة الحديد بصحيفة قال فيها أنه عين بمصلحة السكة الحديد بتاريخ 19 من مارس سنة 1952 بأجر يومي قدره 100 مليم ولما كان يعمل إشراق براد فالمفروض أن يعين قانوناً على الدرجة (150/ 300) حسب درجة الامتحان، إلا أن المصلحة وقت تعيينه احتجت بأنه لم تبلغ سنة الثامنة عشرة ولما بلغها طالب المصلحة بتسوية حالته فلم توافق، وأن من حقه أن تسوى حالته قانوناً على الدرجة (200/ 300) إلا أنه نظراً لأن قرار المعافاة صدر بمعافاته عن تسوية حالته على (150/ 300)، فإنه يطلب الحكم بتسوية حالته في الدرجة (150/ 300) وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى في ردها على طلب المعافاة بأنه يقتضي إبقاء المذكور بحالته إلى أن تسوى على درجة خالية بالميزانية وذلك طبقاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 وهو لم يحل دوره لوضعه على درجة بالميزانية؛ إذ أن درجات الصناع (300/ 500) التي تقررت شغلت بالعمال الشاغلين لها فعلاً.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية أصدرت في 6 من أبريل سنة 1959 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة صبي (50/ 250) بأجر يومي قدره 100 مليم اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 حتى 4 من يناير سنة 1954 وفي الدرجة (150/ 300) المخصصة لمساعد صانع بأول مربوطها وقدره 150 مليماً اعتباراً من هذا التاريخ الأخير وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت المدعى عليها المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن الثابت بالأوراق أن المدعي كان يعمل بالجيش البريطاني بوظيفة مساعد ميكانيكي وأنه من مواليد 4 من يناير سنة 1936 والتحق بخدمة الحكومة بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1951 تاريخ قيده بمكتب العمال بوظيفة مساعد صانع ولصغر سنه عن الثامنة عشرة وضع في درجة صبي وقد بلغ الثامنة عشرة في 4 من يناير سنة 1954 وقد امتنعت الهيئة عن تسوية حالته طبقاً لكادر عمال القناة عند بلوغه هذه السن بحجة أن القانون رقم 569 لسنة 1955 يحول دون ذلك. وقالت المحكمة في حكمها أن كادر عمال القناة قد نص بالنسبة للعمال الصبية الاشراقات والتلاميذ على أن لجنة توزيع عمال الجيش البريطاني رأت وضعهم في الدرجة (50/ 250) بأجر يومي قدره 100 مليم مضافاً إليه إعانة الغلاء حسب حالاتهم الاجتماعية، كما نص في موضع آخر على أن من تقل أعمارهم عن 18 سنة يعينون في وظائف صبية أو تلاميذ، ومفاد ذلك أنه عند بلوغ العامل هذه السن تزول عنه صفة الصبي أو الإشراق أو التلميذ ويوضع في الدرجة التي تقرر اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض صلاحيته لها وأن الثابت من الأوراق أن المدعي امتحن أمام اللجنة الفنية في 7 من مارس سنة 1955 في مهنة مساعد براد ووجد لائقاً لدرجة مساعد صانع (150/ 300) فيتعين تسوية حالته في الدرجة (50/ 250) من أول أبريل سنة 1952 حتى 4 من أبريل سنة 1954 (تاريخ بلوغه سن الثامنة عشرة) ثم في الدرجة (150/ 300) اعتباراً من هذا التاريخ الأخير ولا يؤثر في حق المدعي الذي استمده من قواعد كادر عمال القنال المعمول بها من أول أبريل سنة 1952 صدور القانون رقم 569 لسنة 1955 والقانون رقم 65 لسنة 1956 إذ أن المدعي يستمد حقه في تلك التسوية من أول أبريل سنة 1952 أي قبل صدور هذين القانونين وليس لأيهما أثر رجعي كذلك لا يؤثر على حق المدعي قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955، لأن النزاع لا يتعلق بتعيين المدعي في درجة من درجات الميزانية بالتطبيق لهذا القرار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن لجنة توزيع عمال الجيش البريطاني قررت أنه لا يجوز أن تقل سن أي عامل عن ثماني عشرة سنة ومن تقل أعمارهم عن هذه السن يعاملون معاملة الصبية والشراقات ومفاد هذه القاعدة أنها تحدد افتتاح التوظف بطريقة معاملة من تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة من عمال الجيش البريطاني سواء عند بداية تعيينهم أو بعد نشوء علاقتهم بالحكومة فقررت أنهم يعاملون معاملة الصبية بجميع ما تتضمنه هذه المعاملة من أحكام ولذلك فإنه فيما يتعلق بقواعد ترقيتهم يجب الرجوع إلى كادر عمال الحكومة وليس في كادر عمال الحكومة أية قاعدة تقضي بأنه عند بلوغ الصبي 18 سنة تزول عنه صفة الصبي ويوضع في درجة أعلا وأنه وإن كان المدعي قد أدى امتحاناً في 7 من مارس سنة 1955 في مهنة مساعد براد إلا أن تعيينه في درجة مساعد صانع هو أمر جوازي لجهة الإدارة طبقاً لكتاب وزارة المالية الدوري ف 234 - 9/ 53 الصادر في 19 من فبراير سنة 1945 بإنصاف التلاميذ وصبية العمال والذي قضى بأن الصبي (في نهاية السنة الخامسة) يؤدي امتحاناً إن نجح فيه جاز تعيينه مساعد صانع بأول مربوط الدرجة المخصصة له أي 150 مليماً وإن رسب فصل "وهذه القاعدة واجبة الاتباع بالنسبة لعمال الجيش البريطاني الذين التحقوا بخدمة الحكومة لعدم وجود قاعدة مغايرة في كادر عمال القنال تحكم هذه المسألة وما دام أن تعيين الصبي في درجة مساعد صانع إذا نجح في الامتحان أمر جوازي لجهة الإدارة فإن الحكم يكون قد أخطأ إذ اعتبر أنه كان من الواجب تسوية حالة المدعي في درجة مساعد صانع كنتيجة حتمية لنجاحه في الامتحان الذي أثبت لياقته لهذه الدرجة". وينص قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 على أن الصبية الاشراقات من عمال القناة تستمر أجورهم الحالية على ما هي عليه لحين تعيينهم في درجات ولما كان المدعي لم يحل دوره لوضعه على درجة بالميزانية فليس له حق في المطالبة بوضعه على درجة مساعد صانع المقرر لها الفئة (150/ 300).
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على تقرير لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني المشكلة بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 أن اللجنة بينت كيفية معاملة الصبية والشراقات (التلاميذ) فقالت "لاحظت اللجنة أن كادر العمال قضى بالنسبة للصبية والشراقات (التلاميذ) أن يكون تعيينهم في الستة الأشهر الأولى مجاناً ثم يمنحون خمسين مليماً عن باقي السنة الأولى وتدرج أجورهم بالعلاوات حتى يصل إلى 250 مليماً يومياً فرأت اللجنة أن يبدأ بمنح عمال الجيش الموضوعين في هذه الدرجة مائة مليم يومياً مضافاً إليها إعانة غلاء المعيشة حسب حالتهم الاجتماعية". وقررت اللجنة في معرض بحثها استيفاء مسوغات التعيين "أن من تقل أعمارهم عن 18 سنة يعينون في وظائف صبية أو تلاميذ" ولم تضع اللجنة في تقريرها قاعدة توضح ما يتبع مع الصبية بعد ذلك، مما يتعين الرجوع إلى القواعد التي بينها كادر العمال بالنسبة للصبية والتلامذة الذي اقتبست منه لجنة إعادة توزيع عمال القناة هذه الدرجة للصبية معدلة منها بدايتها. ولما كان كادر العمال لم يوجب وضع الصبي في درجة معينة بعد بلوغه سن الثامنة عشرة وإنما توجب أحكام الكادر أن يؤدي الصبي امتحاناً في نهاية السنة الخامسة أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزاري إن نجح فيه يرقى إلى درجة صانع دقيق إذا وجدت درجة خالية [(1)] وفي هذه الحالة يمنح أجرة يومية قدرها 300 مليم وإذا رسب يعطى فرصة سنة أخرى بأجرة 250 مليماً يومياً فإن تكرر رسوبه يفصل. فالامتحان الذي يؤديه الصبي في كادر العمال إنما هو شرط صلاحية للترقية إلى درجة صانع دقيق إن وجدت درجة خالية. ولم يأت كادر عمال القناة بقاعدة تخالف ذلك بالنسبة لمن يعين من عمال القنال في درجة صبي. وقد نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 على أن الصبية الاشراقات من عمال القناة يطبق عليهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 مع مراعاة تخفيض المدة المنوه عنها في هذا القرار من خمس سنوات إلى أربع سنوات على أن تستمر أجورهم الحالية على ما هي عليه لحين تعيينهم في درجات بالميزانية. ومؤدى ذلك أن لا يتم تسوية حالة الصبية من عمال القناة على الدرجة التي ثبتت لياقتهم لها في الامتحان إلا عند وضعهم على الدرجات المدرجة في الميزانية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة العليا المنشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها هذه المحكمة - السنة الثانية - العدد الثاني - مبدأ 87 ص 845.