بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد
ماهر أبو العينين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الفتاح أمين الجزار نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عمرو محمد جمعة عبد القادر جمعة
خليفة نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / هاشم فوزى أحمد شعبان نائب رئيس مجلس
الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / هانى محمد عثمان محمد دهب نائب رئيس
مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / أيمن صلاح سمك مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد أمين راضى أمين السر
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن رقم 17390 لسنة 58 قضائية عليا
طعناً فِي الحُكم الصادر من المحكمة التَّأديبيَّة لرئاسة الجمهوريَّة
ومُلحقاتها
بجَلْسَةِ 24/3/2012مِ.، فِي الطَّعن رَقْمِ 259 لِسَنَةِ 45 قضائيَّة
--------------
الوقائع
في يوم الأحد الموافق 6/5/2012م.، أقام الطَّاعن بصفته الطَّعن الجاري
بموجب تقرير طعن موقَّع من محامٍ مقبول، أُودع قلم كُتَّاب هذه المحكمة، وقُيِّد
في جدولها العام بالرقم عاليه، وأُعلن للمَطعون ضده إعلاناً قانونياً، بطلب الحكم
- للأسباب المثبتة في مَتنه – بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحُكم
الصادر من المحكمة التَّأديبيَّة لرئاسة الجمهوريَّة ومُلحقاتها بجَلْسَةِ
24/3/2012مِ.، فِي الطَّعن رَقْمِ 259 لِسَنَةِ 45 قضائيَّة، والقضاء مجدَّداً
بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطَّعن، وإحالته للمحكمة الإداريَّة العُليا
للتضامن.
إذ قضَى منطوق قرار مجلس التأديب المَطعون فيه : " بقبول الطَّعن
شكلاً ، وفي المَوضوع بإلغاء القرار المَطعون فيه رقم 99 لسنة 2011 الصَّادر من
رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المِصري فيما تضمَّنه من فصله من الخِدمة ، مع ما
يترتَّب على ذلك مِنْ آثار".
وَقَدْ جَرَى تحْضِيرُ الطَّعْنِ أَمَامَ هَيْئَةِ مُفَوَّضِي
الدَّوْلَةِ بالمحكمة الإدارية العليا، وَأَوْدَعَت الهَيْئَةُ تَقْرِيراً
بِالرَّأْيِّ الْقَانُونيِّ ارْتَأَتْ فِيهِ – لمَا حَوَاهُ مِنْ أَسْبَابٍ -
الحُكْمَ بقبول الطعن شكلاً، ورفضه مَوضوعاً.
ونُظِر الطَّعْنُ أمام دائرة فحْص الطُّعون بالمحكمة الإدارية العليا
التي قَرَّرت إحالة الطَّعْنِ إلى الدَّائرة الرَّابعة (موضوع) بالمحكمة، حيث
تُدُووِلَ الطَّعْنُ أَمَامَهَا وفْقَ الثَّابِتِ بمَحَاضِرَ جَلَسَاتِ
المُرَافَعَةِ، وقَرَّرت المحْكَمَةُ بجَلْسَةِ 11/11/2017م. حَجْزُ الطَّعْنَ
لِلْحُكْمِ بجلسة 16/12/2017م.، وبها تقرَّر مَدّ أجل النُّطق بالحُكم لجَلسة
اليوم لاستمرار المُداوَلَة. إذ صدر الحُكم بها وَأُودعَتْ مُسَوَّدَتُهُ
المُشْتَملَةُ عَلَى أَسْبَابِهِ لَدَى النُّطْقِ بِهِ عَلانِيَةً.
-------------
المحكمة
بَعْدَ الاطِّلاعِ عَلَى الأَوْرَاقِ وسمَاعِ الإِيضَاحَاتِ ،
وَبَعْدَ المُدَاوَلَةِ قَانُوناً .
حَيْثُ إِنَّه عن حقيقة طلب الطاعن بصفته الحُكْمَ بِإلغاء الحُكم
المَطعون فيه وإحالَة الدَّعوى إلى المحْكمة المُختَصَّة .
وحيث إنَّهُ عن شكل الطَّعْنِ ، فإِنَّ تقرير الطَّعْنِ أودع خلال
المِيعاد المُقرَّر قانوناً وفقاً لحكم المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وَإِذْ اسْتَوْفَى الطَّعْنُ سَائِرَ
أَوْضَاعه الشكلية الأخرى ، فَيَضْحَى مَقْبُولاً شَكْلاً .
وَحَيْثُ إِنَّهُ عَنَاصِرَ المُنَازَعَةِ تخْلُصُ – حَسْبمَا يَبِينُ
مِنَ الأَوْرَاقِ – في أَنَّ المَطعون ضده أقام بتاريخ 10/7/2011م. الطَّعن رَقْمِ
259 لِسَنَةِ 45 قَضَائِيَّة أمام المحْكمة التَّأديبيَّة لرئاسة الجمهوريَّة
ومُلحقاتها ضد الطاعن بصفته ، بطلب الحكم بإلغاء قراره رقم 99 لسنة 2011 فيما
تضمَّنه من مجازاته بالفصل مِنَ الخِدمة ، وما يترتَّب على ذلك من آثار، أهمها
عودة الطَّاعن للعمل، واعتباره كأن لم يكن.
وذكر الطَّاعن شرحاً لطعنه أمام محكمة أوَّل درجة (المَطعون ضده في
الطَّعن الجاري)، أنه يشغل وظيفة مَصرفي ممتاز بالبنك الأهلي المِصري (فرع السيدة
زينب)، وأثناء عمله اليومي قام بتسليم أحد كروت الفيزا عن طريق الخطأ لتشابه
الأسماء ، وتم سحب مبلغ بهذا الكارت وتم تسوية المَوضوع مع العميل صاحب الكارت
الأصلي ولم يتقدَّم بأي شكوى، وبتاريخ 1/11/2010م. تم إيقافه عن العمل، وتم تحويله
إلى النِّيابة العامة وتم حفظ المحضر لعدم وجود شُبهة جنائيَّة، إلا أنَّ إدارة
البنك قامت بإيقاف الطَّاعن عن العمل لمدَّة شهريْن لحين انتهاء التَّحقيقات، وتم
إيقافه شهريْن بحجَّة قيام الثورة، وتم إعادته إلى العمل لمدَّة خمسة عشر يوماً
فقط وتم إيقافه لمدَّة شهريْن آخريْن، وتم إعادته للعمل لمدَّة خمسة عشر يوماً،
وبتاريخ 7/6/2011م. تم إبلاغه بوجود قرار فصل مِنَ الخِدمة رقم 99 لسنة 2011
بتاريخ 6/6/2011م.. وانتهت صحيفة الطَّعن إلى الطَّلبات سالفة البيان.
وتُدُوول نظر الدعوى أمام المحكمة التَّأديبيَّة لرئاسة الجمهوريَّة
ومُلحقاتها ، على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة ، وبجلسة 24/3/2012م. أصدرت
المحكمة حكمها الطَّعين سالف البيان.
وشيَّدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض مَباديء المحكمة إداريَّة
العُليا - تأسيساً على أن القرار المَطعون فيه صدر مِنْ إدارة البنك على خلاف ما
استقرَّت عليه المحكمة الإداريَّة العُليا، واعتداء على السُّلطة القضائيَّة
(المحكمة التَّأديبيَّة), وإهداراً لمَبدأ الشَّرعيَّة والفصل بين السُّلطتيْن
التَّنفيذيَّة والقضائيَّة, فيكون القرار المَطعون فيه قد صدر مَشوباً بعيب عدم
الاختصاص الجَسيم أو ما يُسمَّى بغصب السُّلطة الذي يوصم القرار بالانعدام. وانتهت
المحكمة إلى حكمها سالف البيان على النَّحو الثابت تفصيلاً بأسبابه.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من جانب الجهة الإداريَّة الطاعنة، فقد
أُقيم الطَّعْنَ الجاري، نعياً على الحُكم المَطعون فيه مخالفته للقانون، والخطأ
في تطبيقه وتأويله، والفساد في الاستدلال ، والقصور في التَّسبيب، والإخلال بحقِّ
الدِّفاع. تأسيساً على أنَّ القرار الطعين صدر مُتَّفقاً وأحكام القانون رقم 12
لسنة 2003 ولائحة الجزاءات للعاملين بالبنك، والحُكم صدر على فهم خاطيء بزعم صدوره
من غير مختص. وذلك كله على النَّحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطَّعن، والذي انتهى
إلى الطَّلبات سالفة البيان.
وحيث إنه عن موضوع الطَّعن، فإنَّ الدُّستور المِصري الصَّادر سنة
1971 (الذي ارتُكِبَت الواقعة محل التَّداعي في ظِلِّه) نَصَّ في المَادَّة (172)
على أنَّ : " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات
الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ". وهو ما
نسخه نص المّادَّة (190) مِن الدُّستور المِصري الحالي .
وحيث إنَّ قانون مجلس الدَّولة الصَّادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة
1972 ينص في المَادَّة (10) على أنَّ : " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها
بالفصل في المسائل الآتية : ...... .
رابعا) الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات
الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي
. ...... .
تاسعا) الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات
النهائية للسلطات التأديبية . ....... .
ثاني عشر) الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون . ....
ثالث عشر) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في
الحدود المقررة قانوناً...".
وفي المَادَّة (15) على أنْ : " تختص المحاكم التأديبية بنظر
الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من : . أولا) العاملين
المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارت الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلى
والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التي
تضمن لها الحكومة حدا أدنى مِن الأرباح . ....... .
كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعا و
ثالث عشر من المادة العاشرة ".
وفي المَادَّة (19) على أنْ : " تُوقع المحاكِم التَّأديبية
الجزاءات المنصوص عليها في القوانين المنظمة لشئون من تجرى محاكمتهم . على أنه
بالنسبة إلى العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس
الجمهورية والعاملين بالشركات التي تضمن لها الحكومة حدا أدنى من الأرباح فتكون
الجزاءات : (1) الإنذار . (2) الخصم مِن المُرتَّب . (3) خَفْض المُرتَّب . (4)
تَنزيل الوَظيفة . (5) العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو مع
الحرمان من المعاش أو المكافأة و ذلك في حدود الربع
".
وحيث تَواتَر قضاء المحْكمة الدستورية العُليا على أنَّ الدستور إذ
عهد في المَادَّة (172) إلى مجلس الدولة كهيئة قضائية مُستقلة بالفصل في المنازعات
الإدارية والدَّعاوَى التأديبية ، فقد دلَّ على أن ولايته في شأنها هي ولاية عامة
وأنه أضحى قاضي القانون العام بالنسبة إليها ، ووفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فقد أصبحت المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية
العامة بالفصل في مسائل تأديب العاملين بالقطاع العام ، ومن ثم فإن ولايتها هذه
كما تشمل الدَّعاوَى المُبتدأة التي تختص فيها المحكمة بتوقيع الجزاء التأديبي فهي
تشمل أيضاً الطَّعن في أي جزاء تأديبي على النحو الذي فصلته نصوص قانون مجلس
الدولة . { حُكما المحكمة الدُّستوريَّة العُليا : جَلسة 11/12/2005م.، القضيَّة
رقم 4 لسنة 27 قضائية "تنازع"، | وجَلسة 7/5/2006م.، القضيَّة رقم 19
لسنة 27 قضائية "تنازع"} .
وحيث استقرَّ قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا على أنَّ الاختِصاص
الوَلائي مِن النّظام العام، ومِن ثمَّ فإنَّ الأحكام الصَّادِرَة بمخالفته،
تَغَوُّلاً عليه أو تَنَصُّلاً مِنه أو تَفْرِيطاً فيه، لا تَتَمتَّع بأيَّة
حُجِّيَّة ولا يَتَرتَّب عليها سَلْب ولايَة الجِهَة صَاحِبَة الاختِصاص الأصيل
عند طَرح النِّزاع عليها مرَّة أُخرَى، ذلك أنَّ مخالَفَة قواعد الاختِصاص
الوَلائي التي هي مِن النِّظام العام يَتَرتَّب عليها اغتِصاب ولاية الجِهَة
صاحِبَة الاختِصاص قانوناً، واعتِداءً على اختِصاصها، ومن ثمَّ فليس مِن سَبيلٍ
لمجابَهَة هذا الاعتِداء سِوَى عدم الاعتِداد بحُجِّيَّة الحُكم الصَّادر بالمُخالفة
للاختِصَاص الوَلائي، سواء تمثَّلت هذه المُخالفة في التَّغَوُّل على الاختِصاص
الوَلائي أو التَّفريط فيه أو التَّنَصُّل مِنه، ممَّا لا يجوز معه للخُصوم إعادة
النِّزاع مرَّة أخرَى بدعوَى جديدة أمام جِهة القضاء المُختصَّة وَلائياً
لتَعَلُّق الاختِصاص الوَلائي بالنِّظام العام ، ولا يسوغ التَّمَسُّك في هذه
الحالة بعدم جواز نَظَر الدَّعوَى أو الطَّعن لسابقة الفصل فيه ، بل يَتَعيَّن على
المحكمة المُختصَّة في هذه الحالة نَظَر الدَّعوَى أو الطَّعن دون أي اعتِداد
بالدَّفع لتَعَارُضَه مع وِلايتها ، فالأحكام الصَّادِرة بعدم الاختِصاص الوَلائي
بالمُخالَفَة للقانون والدُّستور لا تحوز ثمَّة حجِّيَّة، إذ ليس مِن مُقتَضَيات
قاعِدة الحُجِّيَّة المُطلَقَة التي تَتَمَتَّع بها الأحكام أن تهدِم قاعدة
الاختِصاص الوَلائي التي هي مِنَّ النِّظام العام وتمَثِّل في مَضمونها افْتِئاتاً
عليها أو انتِقاصاً مِنها . { حُكم المحْكمة الإداريَّة العُليا : جَلسة
10/1/2015م.، الطَّعنان رقما 26095 و 26096 لسنة 55 قَ.عُ.}
.
وحيث إنَّ المُستقرَّ عليه في قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا ، أنَّ
القرارات المُنعدِمَة لا يتقيد الطعن عليها بالمواعيد المُقررة لدعوى الإلغاء وفي
حالة صدور القرار من غير مختص، فإنه يتعين التَّفرقة بين عيب عدم الاختصاص البسيط
وعيب عدم الاختصاص الجسيم، ففي الحالة الأولى يكون القرار باطلاً بينما في الحالة
الثانية يكون القرار مُنعدماً، ولا يتقيد الطعن عليه في هذه الحالة بالمواعيد
المُقرَّرة لدعوى الإلغاء .
وحيث استقرَّ قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا على أنَّ القرار
الإداري لا يكون مَعدوماً إلا في حالة غَصْب السُّلطة أو في حالة انعدم إرادة
مُصدِر القرار ، ويكون غَصْب السُّلطة في حالة اعتداء سُلطة إدارية على اختصاص
محجوز للسُّلطة التشريعية أو السُّلطة القضائية وإذا كانت الإدارة تتصرف داخل
النِّطاق المُقرَّر لها وكان المحل قابلاً لتَعرُّض الإدارة له فإنه لا يصح القول
بأن الإدارة تجاوزت النطاق الإداري بسبب انحرافها عن السبب إذ في هذه الأحوال يكون
السبب موجوداً وأن لم يكن صحيحا مما يؤدي إلى بطلان القرار وليس انعدامه مؤدى ذلك
أن عيب غصب السلطة يؤدي إلى الانعدام في حين أن عيب عدم الاختصاص يؤدي إلى البطلان
إذا كان داخل إدارة أو مصلحة أو هيئة أو محافظة واحدة . { في هذا المَعنى حُكم
المحكمة الإداريَّة العُليا : جلسة 1/7/2000م.، الطَّعن رقم 4881 لسنة 43 قَ.عُ.} .
وحيث إنَّ قانون نِظام العاملين بالقِطاع الخاص الصَّادر بالقانون رقم
48 لسنة 1978 ينصُّ في المَادَّة (82) على أنَّ : "الجزاءات التَّأديبيَّة
التي يجوز توقيعها على العاملين هي:- (1) الإنذار . (2) تأجيل موعد استحقاق
العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر . (3) الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في
السنة، ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذا لهذا الجزاء ربع الأجر شهريا بعد الجزء
الجائز الحجر عليه أو التنازل عنه قانوناً . (4) الحِرمان من نصف العلاوة الدورية.
(5) الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر. (6) تأجيل التَّرقية
عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين. (7) خفض الأجرة في حدود علاوة. (8) الخفض
إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة. (9) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة
مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية. (10) الإحالة إلى المَعاش.
(11) الفصل مِنَ الخِدمة.
أما بالنسبة إلى العاملين من شاغلي الوظائف العليا الواردة بجدول
توصيف وتقييم الوظائف المُعتَمَد مِن مجلس إدارة الشَّركة فلا توقع عليهم إلا
الجزاءات التالية: (1) التَّنبيه. (2) اللوم. (3) الإحالة إلى المَعاش. (4) الفصل
مِنَ الخِدمة".
وفي المَادَّة (83) منه على أن : " يَضَع مجلس الإدارة لائحة
تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها وإجراءات التحقيق والجهة
المختصة بالتحقيق مع العاملين مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958
بشأن تنظيم النيابة الإدارية ...........".
وفي المَادَّة (84) على أن : " يَكون الاختصاص في توقيع الجزاءات
التأديبية كما يلي : (1) لشاغلي الوظائف العليا كل في دائرة اختصاصه توقيع جزاء
الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوما في السنة، بحيث لا تزيد مدته
في المرة الواحدة عن خمسة عشر يوماً . ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى
رئيس مجلس الإدارة وذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع
عليه . (2) لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة فما دونها
توقيع أي من الجزاءات التأديبية الواردة في البنود من 1-8 من الفقرة الأولى من
المادة (82) . ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى رئيس مجلس إدارة الشركة
خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه . وتُعرَض
التَّظلمات من الجزاءات الموقعة من رئيس مجلس الإدارة على لجنة ثلاثية يشكلها مجلس
الإدارة للنظر في هذه التظلمات، ويكون من بين أعضائها عضو تختاره اللجنة النقابية
. (3) للمحكمة التأديبية بالنسبة للجزاءات الواردة في البنود من 9-11 من المادة
(82) ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا . (4) لمجلس
الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة
المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع أي من الجزاءات
الواردة في المادة (82) من هذا القانون . ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام
المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع
عليه . (5) لرئيس الجمعية العمومية للشركة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة
توقيع أحد جزاءي التنبيه أو اللوم، وله توقيع أي من الجزاءات الواردة في البنود من
1-8 على أعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية، فيما عدا جزاء الوقف فيكون بناء على
حكم من السلطة القضائية المختصة . ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام
المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع
عليه . وفي جميع الحالات السابقة الواردة في البنود من 1-4 من هذه المادة تكون القرارات
الصادرة بالبت في التظلم، وكذلك أحكام المحاكم التأديبية نهائية . (6) للمحكمة
التأديبية المختصة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة وأعضاء مجالس إدارات
التشكيلات النقابية توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة. ويكون
التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا خلال ثلاثين يوما من
تاريخ إعلان العامل بالحكم ".
وفي المَادَّة (85) على أنه : "إذا رأى مجلس الإدارة أو رئيس
المجلس أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو
الفصل من الخدمة تعين قبل إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية، عرض الأمر على لجنة
تشكل على الوجه الآتي ............ وكل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام
هذه المادة يكون باطلا بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر".
وحيث إنه يتضح ممَّا تقدَّم، أن المُشرِّع حدَّد سُلطات التأديب واختصاص
كل منها سواء في توقيع الجزاء أو التعقيب عليه، كما أناط بالمحكمة التأديبية سلطة
توقيع الجزاءات الواردة في البنود من 9-11 من المادة (82) المشار إليها، وهي
جزاءات الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يجاوز الأجر
الذي كان عليه قبل الترقية، والإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة . فإذا كان حكم
المادة (84) قد يوحي في ظاهره باختصاص مجلس إدارة الشركة بتوقيع جميع الجزاءات
المنصوص عليها في المادة (82)، بما فيها جزاء الفصل من الخدمة على شاغلي الدرجة
الثانية فما فوقها ، إلا أن البين من استعراض نص المادة (85)، وعلى ما تكشف عنه
الأعمال التحضيرية ، أن المشرع قيد في هذه المادة اختصاص مجلس إدارة الشركة بتوقيع
الجزاءات المشار إليها، بقصْر اختصاصه على توقيع ما دون جزاءي الإحالة إلى المعاش
والفصل من الخدمة التي ناط توقيعهما بالمحكمة التأديبية دون سواها. وأساس ذلك أن
المادة (85) المشار إليها نصت على أنه إذا رأى مجلس الإدارة أو رئيس مجلس الإدارة
أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من
الخدمة تعين قبل إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية عرض الأمر على اللجنة
الثلاثية المُشكَّلة لهذا الغرض ، وأردفت هذه المادة في معرض بيان الجزاء المترتب
على الحكم السابق أن كل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام هذه المادة يكون
باطلا بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر . ............... ومؤدى ذلك أن
توقيع جزاءي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة أصبح خارجا عن اختصاص مجلس
الإدارة ومنوطا بالمحكمة التأديبية دون سواها عملا بحكم المادة (85) المشار إليها
، والجزاء المقرر على التغول على اختصاص المحكمة التأديبية المقرر في هذا الشأن هو
البطلان، الذي ينحدر إلى حد الانعدام، لصدور القرار عن سلطة غير ذات اختصاص أصلا،
وهو ما عبرت عنه الفقرة الأخيرة من المادة (85) المذكورة سالفا بأن كل قرار يصدر
بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام هذه المادة يكون باطلا بحكم القانون دون حاجة
لاتخاذ أي إجراء آخر. { حُكم المحْكمة الإداريَّة العُليا / دائِرَة تَوْحِيد المَبادِيء
: جَلسة 18/1/2001م.، الطَّعنان رقما 1368 و 1430 لسنة 43 قَ.عُ.} .
وحيث استقرَّ قضاء المحكمة الإدارية العُليا على أنَّ المشرع حدَّد
سلطات واختصاص كل منهما في توقيع الجزاءات، حيث ناط بالمحكمة سُلطة توقيع جزائي
الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة. ومقتضى ذلك أنه لا يجوز إحالة العامل إلى
المعاش أو فصله من العمل إلا بحكم تأديبي وهذا مبعثه التوجيه الدستوري لحق العامل
القائم على أن العمل حق واجب وشرف تكلفة الدولة كما تكفل حماية العامل وقيامه
بأداء واجبه الوظيفي في رعاية مصالح الشعب وعدم جواز فصله بغير الطريق التأديبي
إلا في الأحوال التي يحددها القانون، آثر ذلك أن ما يصنعه القانون من تنظيم لحقوق
العامل وضماناته ومنها عدم جواز إحالته إلى المعاش أو فصله من الخدمة إلا بحكم
تأديبي لا يجوز تعديله إلا بقانون وليس بأداة أدنى، فلا يجوز للوائح التنفيذية
التي تصدرها السلطة التنفيذية والتي تتضمن الأحكام التفصيلية والتكميلية اللازمة
لتنفيذ القانون أن تعطل أحكامه أو تتناولها بالتعديل أو بالاستثناء. ومؤدَّى ذلك
أنَّ ينبغي على الجهة التي تصدر اللوائح التنفيذية أن تقيد بالمبادئ والأسس
والضمانات سواء ما ورد منها في الدستور أو في قانون نظام العاملين المدنيين
بالدولة، ومن هذه الضمانات والمباديء اختصاص المحكمة التأديبية وحدها بتوقيع جزائي
الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة . وبناء عليه فإن تخويل القانون لجهة معينة
إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون بالنسبة لباقي العاملين
بالدولة لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره تفويضا تشريعيا ، إذ من المسلم به أن لكل
من القانون واللوائح التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله وفقا لأحكام الدستور. { في
هذا المَعنى حُكم المحكمة الإداريَّة العُليا : جَلسة 11/3/2011م.، الطَّعن رقم 4170
لسنة 44 قَ.عُ.} .
وحيث إنَّ الأعمال التحضيرية لقانون نِظام العاملين المَدنيين
بالقِطاع العام الصَّادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 قد أفصحت بجلاء عن اتجاه
المشرع في هذا الشأن ، إذ ورد على لسان وزير الدولة للتنمية الإدارية أمام مجلس
الشعب أنه " عند مناقشة المَادَّة (84) في لجنة القوى العاملة استبعَدَت
اللجنة توقيع عقوبتي الفصل من الخدمة والإحالة إلى المعاش من سُلطة رئيس مجلس
الإدارة أو مجلس الإدارة ، وقَصَرَت هذا الحق على المحكمة التأديبية "، ثم
عاد وقَرَّر أن توقيع عقوبتي الفصل والإحالة إلى المعاش أصبحتا من اختصاص المحكمة
التأديبية فقط. { يُراجَع مَضبَطة الجلسة الثانية والسبعين المنعقدة في 10/6/1978م.} .
وحيث إنَّ ما انتهجه قانون نظام العاملين بالقطاع العام بصدد توقيع
جزاءي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة مبعثه التوجيه الدستوري لحق العمل بأن
العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ، ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة
والمجتمع ، وأن الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب ،
وتكفل الدولة حمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب ، ولا يجوز
فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي يحددها القانون . واعتبار العمل
حقاً وشرفاً مؤداه أن يكون مكفولاً من الدَّولة ، وهو ما يعني بالضرورة أن يكون
القانون وحده هو الذي ينظم الشروط الموضوعية لحق العمل والأوضاع التي ينبغي أن
يمارس فيها والحقوق التي يرتبها وأشكال حمايتها ؛ ليكون العمل كافلاً لضمانة الحق
في الحياة ، وواحداً من أهم روافدها تحقيقا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
ويترتب على ذلك أن ما يضعه القانون من تنظيم لحقوق العامل وضماناته ، ومنها عدم
جواز إحالته إلى المعاش أو فصله من العمل إلا بحكم تأديبي ، لا يجوز تعديله إلا
بقانون وليس بأداة أدنى ، كما لا يجوز للوائح التنفيذية التي تصدرها السلطة
التنفيذية والتي تتضمن الأحكام التفصيلية والتكميلية اللازمة لتنفيذ القانون أن
تعطل أحكامه أو تتناولها بالتعديل أو بالاستثناء ، وينبغي على الجهة التي تصدر
اللوائح التنفيذية أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات ، سواء ما ورد منها في
الدستور أو في قانون نظام العاملين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام ، ومن
هذه المبادئ والضمانات ما نص عليه قانون نظام العاملين بالقطاع العام من اختصاص
المحكمة التأديبية دون سواها بتوقيع جزاءي الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة .
كما أن تخْويل القانون لجهة معينة إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو
مقرر بقانون بالنسبة لباقي العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من
الأحوال اعتباره تفويضا تشريعيا ؛ إذ من المسلم به أن لكل من القانون واللوائح
التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله على وفق أحكام الدستور ، حيث يتولى مجلس الشعب
سلطة التشريع ، ولرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي الأحوال الاستثنائية ، وبناء على
تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه ، أن يُصدر قرارات لها قوة القانون ،
ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة ، وأن تبين فيه موضوعات هذه القرارات ، والأسس
التي تقوم عليها ، ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب في أول جلسة بعد انتهاء
مدة التفويض ، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة
القانون ، أي أن التفويض التشريعي لا يكون إلا لرئيس الجمهورية دون غيره ، وعند
الضرورة وفي أحوال استثنائية وبشروط معينة حددتها المادة (108) المشار إليها ، أما
ما يصدر من قوانين تخول رئيس الجمهورية أو غيره إصدار لوائح العاملين دون التقيد
بالقوانين والقواعد المعمول بها فلا يمكن أن ينطوي على تفويض في إصدار قرارات لها
قوة القانون على وفق ما تنص عليه المادة (108) من الدستور ، ولا يخرج عن كونه دعوة
لممارسة اختصاص رئيس الجمهورية أو غيره بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القانون
طبقا لاختِصاصه في إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو
تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، أو تفويض غيره في إصدارها ، أو يُعيِّن القانون
من يُصدر القرارات اللازمة لتنفيذه . { في هذا المَعنى حُكما المحْكمة الإداريَّة
العُليا / دائِرَة تَوْحِيد المَبادِيء : جَلسة 18/1/2001م.، الطَّعنان رقما 1368
و 1430 لسنة 43 قَ.عُ. | وجَلسة 4/3/2004م.، الطَّعن رقم 2081 لسنة 43 قَ.عُ.} .
وحيث جَرَى قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا على أنَّ نصوص القانون
رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام جاءت أكثر تشدداً عند بيان سلطات
توقيع أي من الجزاءات المقررة على طوائف العاملين بالشركة بحسب تدرجهم في المستويات
الوظيفية ، وذلك حتى توفر نصوص القانون الضمانات الأساسية التي يجب كفالتها لجميع
العاملين تحقيقا للعدالة وتوفيرا للاستقرار النفسي لهم في أداء أعمالهم على النحو
المنشود ؛ ولذلك خص القانون شاغلي الوظائف العليا بجزاءات تناسب مكانتهم من الهيكل
التنظيمي للشركة، وبما يوحد بين معاملتهم في هذا الشأن ، والمعاملة التي يُعامَل
بها نظراؤهم في القطاع الحكومي، فأوضحت المادة (84) من القانون حدود الاختصاص
بتوقيع الجزاءات التأديبية تدرجا من شاغلي الوظائف العليا حتى رئيس الجمعية
العمومية للشركة، وكذلك حدود المحكمة التأديبية في هذا الشأن ، وقد جاء هذا
التحديد جامعا مانعا، بحيث لا يجوز أن تتضمن لائحة الجزاءات الخاصة بالشركة نصا
يحدد الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية على نحو مغاير للتنظيم الوارد بالمادة
(84) من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه، وكل نص يرد على خلاف هذا التنظيم
يعد مخالفا للقانون ومستبعدا من دائرة التطبيق، ويعد القرار الصادر بتوقيع جزاء
تأديبي عن سلطة غير مختصة طبقا لأحكام المادة 84 من قانون نظام العاملين بالقطاع
العام قرارا مشوبا بعيب عدم الاختصاص خليقا بالإلغاء . { حُكم المحكمة الإداريَّة
العُليا : جَلسة 20/5/1986م.، الطَّعن رقم 759 لسنة 29 قَ.عُ.}
.
وحيث استقرَّ قضاء المحْكمة الإدارية العُليا على أنَّ اختصاص مجالس
إدارة شركات القطاع العام في توقيع الجزاءات التأديبية منوط وفقاً لحُكم الفقرة
الرابعة من المادة (84) من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1978 بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها بتوقيع أيٍّ من الجزاءات
الواردة في المادة (82) من هذا القانون والتي تتراوح بين الإنذار أو التنبيه وبين
الفصل من الخدمة حسب درجة وظيفة العامل . وهذا النص ولئن كان يدل في ظاهره على
اختصاص مجلس إدارة الشركة في توقيع كافة الجزاءات المنصوص عليها في المادة (82)
إلا أن الواضح من المادة (85) من القانون المَذكور وأعماله التحضيرية أنَّ المشرع
قيَّد في هذه المَادَّة إطلاق اختصاص مجلس إدارة الشركة في توقيع كافة الجَزاءات
المُشار إليها وقَصَر اختصاصه على توقيع ما دون جزائيِّ الإحالة إلى المعاش والفصل
من الخدمة التي ناط توقيعها بالمحكمة دون سواها . { في هذا المعنى حُكما المحكمة
الإدارية العُليا : جلسة 30/1/1982م.، الطُّعون أرقام 40 و 73 و 160 لسنة 27
قَ.عُ. | وجلسة 8/1/2001م.، الطَّعن رقم 5808 لسنة 48قَ.عُ.}
.
وحيث إنَّ المَادَّة الثانية مِن مواد إصدار القانون رقم 88 لسنة 2003
بإصدار قانون البنك المَركزي والجِهاز المَصرفي والنَّقْد ، تنصُّ على أن : "
تَسرِي على البُنُوك الخاضعة لأحكام القانون المرافق فيما لم يرد بشأنه نص فيه
أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية
المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 . وتَسرِي أحكام قانون التجارة على
معاملات البنوك مع عملائها تجاراً كانوا أو غير تجار أيا كانت طبيعة هذه المعاملات ".
وينص قانون البنك المَركزي والجِهاز المَصرفي والنَّقْد الصَّادر
بالقانون رقم 88 لسنة 2003 في المَادَّة (30) على أنَّه : " مع عدم الإخلال
بالاتفاقيات والقوانين الخاصة بإنشاء بعض البنوك ، تخضع جميع البنوك التي تمارس
عملياتها داخل جمهورية مصر العربية وفروعها في الخارج لأحكام هذا القانون ".
وفي المَادَّة (89) ، المُعدَّلة بالقانون رقم 93 لسنة 2005 ، على
أنَّه : " مع عدم الإخلال بأحكام المادة (43) من هذا القانون ، تخضع بنوك
القطاع العام لذات الأحكام التي تخضع لها البنوك الأخرى ، فيما عدا ما يرد به نص
خاص في هذا الباب ، وفي جميع الأحوال لا تخضع تلك البنوك والعاملون فيها لأحكام
القوانين واللوائح المعمول بها في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام ".
وحيث جَرَى قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا على أنَّ نُصُوص القانون
رقم 88 لسنة 2003 المُعدَّل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 ، خَلَت تماماً مِن ثمَّة
نص يُقرِّر إخراج المُنازعات التَّأديبيَّة الخاصَّة بالعامِلين ببُنُوك القِطاع
العام من الاختِصاص الوَلائِي للمَحَاكِم التَّأديبيَّة بمجلس الدَّولة وإسناد
الاختِصاص بنَظَرِها لمحاكم القضاء العادِي ، ومِن ثمَّ فلا وَجه للقول بانحسار
وِلايَة المَحَاكِم التَّأديبيَّة بمجلس الدَّولة عن نَظَر الدَّعاوَى
التَّأديبيَّة والطُّعون التَّأديبيَّة الخَاصَّة بالعامِلين الذين تَسرِي عليهم
أحكام القانون رقم 93 لسنة 2005 آنف الذِّكر ، بدعوَى أنَّ لوائح العمَل المَنصوص
عليها بالمَادَّة (91) مِن القانون رقم 88 لسنة 2003 المُعدَّل بالقانون رقم 93
لسنة 2005 سالف الذِّكر مُلتَزِمَة بأحكام قانون العَمَل ، وإلا كان ذلك تَعدِيلاً
لنُصُوصٍ قانونيَّةٍ بأداةٍ تشريعيَّةٍ أدنَى ، وهو ما لا يجوز قانوناً . { أحكام
المحْكمة الإداريَّة العُليا : جَلسة 17/5/2008م.، الطَّعنان رقما 26877 و 38926
لسنة 52 قَ.عُ. | جَلسة 27/12/2008م.، الطَّعن رقم 10789 لسنة 53 قَ.عُ. | جَلسة
10/1/2015م.، الطَّعنان رقما 26095 و 26096 لسنة 55 قَ.عُ.}
.
وحيث ذهبَت المحكمة الإدارية العُليا إلى أنَّه باستقراء التطور
التشريعي لشركات القطاع العام - في ضوء النصوص الدستورية سالفة الذكر- يبين أنه في
ظل نظام الاقتصاد المُوجَّه كان هناك العديد من شركات القطاع العام في مختلف
مجالات الأنشطة الاقتصادية ، شكَّلت العديد من النُّظم تبعاً لتنوع أنشطتها مثل
قطاع شركات البترول وقطاع شركات المقاولات وقطاع شركات البنوك ، وكانت هذه الشركات
تتحمل المسئولية الرئيسية في تنفيذ خطة التنمية ، وكان القطاع العام هو الكيان
القانوني القائم على الملكية العامة ويشكل أحد الأشكال القانونية لمفهوم الملكية ،
وكان هو المسئول عن صيانة وإدارة هذه الملكية وهي ملكية الشعب ، وأصدر المشرع
بشأنها القانون رقم 61 لسنة 1971 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام والذي حل محله
القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ، وظل هذا
القانون والتشريعات المُعدِّلة والمُكمِّلة والمُنفِّذة لأحكامه يمثل الشريعة
العامة للعاملين بشركات القطاع العام ، إلا أنه بعد التحول إلى نظام الاقتصاد الحر
انعكست آثاره على شركات القطاع العام نزولاً على مقتضى خصخصة النشاط الاقتصادي
وتوسيع قاعدة ملكية القطاع الخاص في شركات القطاع العام بعد أن أسند إلى القطاع
الخاص مسئولية الاقتصاد في المجتمع، وقد أنتهى التطور التشريعي في تنظيم بنوك
القطاع العام بأنْ أفرد المُشرِّع الباب الثالث من القانون رقم 88 لسنة 2003 سالف
الذكر والمُعدَّل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 لبيان الأحكام المُتعلِّقة بإدارة
بنوك القطاع العام في المواد من (89) حتى (96) سالفة البيان .
وحيث تواتر قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا إلى أنَّ مؤدَّي النصوص
المُتقدِّمة أن المُشرِّع احتفظ بوصف القطاع العام لتلك البنوك التي أعاد تنظيمه
بالقانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 سالف الذكر بإخضاعها
لذات الأحكام التي تخضع لها البنوك الخاصة العاملة في مصر باعتبارها من أشخاص
القانون الخاص ودون أن يمس الطبيعة العامة لأموال تلك البنوك ، حيث نصَّ على
اعتبار أموالها أموالاً مملوكة للدولة ملكية خاصة نزولاً على مقتضى حُكم الدستور
الذي أسبغ صفة الملكية العامة على تلك الأموال - وذلك فيما عدا ما ورد به نص خاص
في الباب الثالث من القانون سالف الذكر ، حيث غاير المشرع في تشكيل مجالس إدارة
بنوك القطاع العام وجمعيَّاتها العمومية عمَّا قرره بالنسبة للبنوك الخاصة الأخرى
طبقاً لما نصت عله المادتان (90) و(93) آنفتي الذكر ، كما أجاز المشرع للقطاع
الخاص أن يمتلك أسهماً من رؤوس أموال بنوك القطاع العام ورتب على ذلك سريان أحكام
القانون رقم 159 لسنة 1981 المشار إليه وذلك على نحو ما نصت عليه المادة (94)
المذكورة سلفاً - كما نص المشرع على الفائض الذي ينول إلى الخزانة العامة من
ميزانية تلك البنوك طبقاً لأحكام القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة
للدولة طبقاً لحكم المادة (95) سالفة الذكر .
وحيث جَرَى قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا أنَّه يخلص مما تقدم أنه
وأن كان المشرع حرر تلك البنوك والعاملين بها من الخضوع لأحكام القانون رقم 48
لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام والقانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار
قانون شركات قطاع الأعمال العام، وأناط بمجالس إدارة تلك البنك إصدار لوائح العمل
الداخلية وكذلك إقرار جدل الأجور والحوافز والبدلات وفقاً لما ورد في قانون العمل
رقم 12 لسنة 2003 ومن ثم يسري على هؤلاء العاملين أحكام قانون العمل فما لم يرد
بشأنه نص خاص في لوائح البنوك المذكورة، كما أنه ولئن كان قد استبدل تنظيم بنوك
القطاع العام بتنظيم أخر بموجب إصداره القانون رقم لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم
93 لسنة 2005 سالف الذكر، إلا أن تلك البنوك ظلت محتفظة بذات الطبيعة القانونية
لشركات القطاع العام، وهذا الوصف طالما بقيت الملكية العامة لأموالها قائمة لم
يسمها أسلوب الإدارة الجديدة لتلك البنوك – كما أن استبعاد إخضاعها لأحكام
القوانين واللوائح المعمول بها في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام أنما
قصد به القوانين التي تقتصر تطبيقها على شركات القطاع العام أو شركات قطاع الأعمال
وحدها ولا تمتد إلى سواها، ومن ثم فلا يمتد ذلك إلى ما عداها من قوانين تتعلق
بحماية المال العام ، وغير ذلك من الأمور الأخرى التي تخاطب الكافة تستوي في ذلك
شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال وغيرها من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية
فهذه القوانين مازالت قائمة ولها نطاق أعمالها، ومن ثم فإنه يستمر تطبيقها على تلك
البنوك والعاملين بها – على أن تلتزم بنوك القطاع العام عند وضع لوائحها وفقا لما
ورد في أحكام قانون العمل بعدم مخالفة أحكام القوانين الخاصة والتي تعتبر نصوصها
أمره ، ومن ثم فإنه لا يجوز للوائح تلك البنوك أن تتضمن ما يخالف أحكام تلك
القوانين لأنه لا يجوز تعديل نص قانوني أو استبعاد تطبيق أحكامه بلائحة وهي أداة
أدنى وإنما يم ذلك بذات الأداة أي بقانون ينص صراحة أو ضمنا على تعديل أو إلغاء
النص السابق عليه أو استبعاد تطبيقة، ومن ثم ذلك بذات الأداة أي بقانون ينص صراحة
أو ضمناً على تعديل أو إلغاء النص السابق عليه أو استبعاد تطبيقه ، ومن ثم يستمر
سريان تلك القوانين الخاصة على بنوك القطاع العام مثل القانون رقم 117 لسنة 1958
بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والقانون رقم 54 لسنة 1964
بشأن هيئة الرقابة الإدارية ، والقانون رقم 144 لسنة 1988 بإصدار قانون الجهاز
المركزي للمحاسبات، والقانون رقم 42 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة باعتبار هذه
القوانين جميعها قوانين ذات طبيعية خاصة تتناول ضمن أغراضها تنظيم حماية المال
العام، وغير ذلك من الأمور التي تحفظ أمن المجتمع وسلامته وحماية بنيانه الاقتصادي
والاجتماعي وهذه القوانين يمتد تطبيقها إلى الكافة وليس قصراً على شركات القطاع
العام وقطاع الأعمال العام .
وحيث استقرَّ قضاء المحكمة الإداريَّة العُليا أنه لا يجوز دستوراً
وقانوناً أن تتضمن لوائح تلك البنوك أحكاماً من شأنها الاستثناء من جميع القوانين
السارية على الشركات القطاع العام – فلا يُقبل أن تمارس بنوك القطاع العام نشاطها
بعيداً عن القوانين الخاصة وبدون ممارسة الرقابة التي تسلطها عليها فتعمل في فراغ
تشريعي بعيداً عن القوانين المَذكورة التي أحد مظاهر سيادة الدولة – وقبل كل ذلك
وبعده فإنه من المقرر أن الاختصاص القضائي لا يجوز دستورياً أن يترك توزيعه لأداة
أدنى من القانون لأن القانون فقط هو الذي يملك إنشاء جهات قضائية كما يملك توزيع
الاختصاصات القضائية فيما بينها كأصل دستوري مقرر بمقتضى المادتين (165) و (167)
من الدستور . وأنَّه باستقراء نصوص القانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم
93 لسنة 2005 قد خلت تماما من ثمة نص يقر إخراج المنازعات التأديبية الخاصة
بالعاملين ببنوك القطاع العام من الاختصاص الولائي للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة
وإسناد الاختصاص بنظرها للقضاء العادي، ومن فإنه لا وجه للقول بانحسار ولاية
المحاكم التأديبية بمجلس الدولة عن نظر الدعوى التأديبية والطعون التأديبية الخاصة
بالعاملين الذي تسري عليهم أحكام القانون رقم 93 لسنة 2005 أنف الذكر بدعوى أن
لوائح العمل المنصوص عليها بالمادة (91) من القانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل
بالقانون رقم 93 لسنة 2005 سالف الذكر ملتزمة بأحكام قانون العمل وإلا كان تلك
تعديلا لنصوص قانونية بأداء تشريعية أدنى وهو ما لا يجوز قانوناً . { في هذا
المَعنى حُكما المحكمة الإداريَّة العُليا : جَلسة 17/5/2008م.، الطَّعن رقم 26877
لسنة 52 قَ.عُ. | وجَلسة 27/12/2008م.، الطَّعن رقم 10789 لسنة 53 قَ.عُ.} .
وحيث إنه لمَّا بات ما سبق وهَدياً به ، وغدا الثابت من الأوراق أنَّ
المَطعون ضده مِن العاملين بالبنك الطَّاعن ، ويشغل وظيفة اخصائي رئيسي بقسم خدمة
العملاء بفرع السيدة زينب سابقاً وحالياً على قوَّة منطقة فروع جنوب القاهرة ، وقد
نَسَبَت إليه التَّحقيقات التي أُجريت معه بمعرفة إدارة الشّئون القانونية بالبنك
الطَّاعن ، أنَّه بتاريخ 23/5/2010م. أثناء عمله بفرع السيدة زينب قام بالاستيلاء
مِن قِسم الاستِقبال بالفرع على بطاقة الصَّارف الآلي الخاصة بعميلة الفرع السيدة/ .................. (A.T.M Card) ، والتي تحتفظ بحساب جاري
دائن بالفرع يُغذَّي شهرياً عن طريق المَعاش الخاص بها ، مُستغِلاً عدم وُجود حركة
على هذا الحِساب مُنذ فترة ، حيث قام بتَقلِيد تَوْقيع العَمِيلَة والتَّوْقيع
باسمها بدلاً مِنها بسِجِلِّ اسْتِلام البطاقات بالفرع ، ثم قام باستخدام البطاقة
في سحب مبلغ 99250 جُنيه من حساب العميلة بواسطة بنك HSBC . وكذا
قِيامه بتاريخ 18/2/2010م. باستِرداد شهادة استثمار مجموعة (ب) باسم العميل
المُتوفّى/ ...................، بقِيمَة اسميَّة عشرة آلاف جُنيه وقِيمَة اسْتِردادِيَّة
تِسعة آلاف وسَبعمائة أربعة وأربعين جُنيهاً وثلاثة عشر قِرشاً ، وإضافَة تلك
القيمة آلياً في حِساب تَوفير باسم شقيقته القاصر ، كهِبَةٍ مِن الأُم ، وذلك كله
على النحو المُوضَّح تفصيلاً بالأوراق . وقد تم إيقاف المَطعون ضده عن العمل
بتاريخ 1/11/2010م. وأُجرِى معه التَّحقيق بمعرفة الإدارة العامة للشئون
القانونيَّة بالبنك الطَّاعن ، والتي انتهت في مُذكّرتها المُؤرَّخة 24/5/2011م.
إلى قَيْد الواقِعة مُخالفة إداريَّة ضد المَطعون ضده ، لكونها تُشكِّل في حقِّه
المُخالفة رَقَم (58) مِن بَيَان المُخالَفات والجَزَاءات المُقرَّرة في لائحة
جزاءات العامِلين بالبنك ، والتي تنصُّ على أنَّ : " الاختِلاس أو خِيانة
الأمانة أو السَّرِقة أو التَّزوير أو النَّصب أو الشُّروع في إحداها سَواء
وَقَعَت المُخالَفة ضد أيٍّ مِن العامِلين أو العُمَلاء أو أموال البَنك أو خِلافه
"، والتي جزاء ارتِكابها لأوَّل مَرَّة هو الفصل مِن الخِدمَة بعد العَرْض
على اللَّجنَة الخُماسِيَّة . وأوصت الإدارة العامَّة للشِئون القانونيَّة بفصل
المَطعون ضِدَّه مِن الخِدمة . وبِناء عليه أصدر الطَّاعِن بصفته بتاريخ
6/6/2011م. القرار الطَّعين رقم 99 لسنة 2011 بفصل المَطعون ضده مِن الخِدمة
اعتِباراً مِن تاريخ القرار مع رفع اسمه من عداد العامِلين وعدم إخلاء طرفه إلا
بعد سداد كافَّة الالتِزامات المَاليَّة المُستَحقَّة عليه .
وحيث إنَّ القرار الطَّعين رقم 99 لسنة 2011 الصَّادر بفصل المَطعون
ضده من الخِدمَة لما نُسِب إليه مِن المُخالفات ، قد صدر من الطَّاعِن بصفته
رئيساً لمجلس إدارة البنك الأهلي المِصري ، في حين أنَّ المُشرِّع حدَّد سُلطات
التَّأديب في هذا الشَّأن واختصاص كل منها في توقيع الجَزاءات ، وناط بالمحكمة
التَّأديبيَّة وحدها سُلطة توقيع جزاء الفصل من الخِدمة ، أي أنه لا يجوز فصل
العامل من الخدمة إلا بحكمٍ قَضائيٍّ ، وهو ما استقرَّت عليه كذلك أحكام المحكمة
الإداريَّة العُليا ، على النَّحو سالف التفصيل . ومِن ثم يضحى القرار الطَّعين
مُفتَقداً لمُقوِّمات القرار الإداري ، مَشوباً بعيب عدم الاختِصاص الجَسيم ،
لصُدوره ممَّن لا يختص قانوناً بإصداره وتَغوُّله في اختصاص السُّلطة القضائيَّة
مُتمثِّلة في المحكمة التَّأديبيَّة المُختصَّة وغَصْبه لاختِصاصها واعتِداءً عليه
، ممَّا يَهوي به إلى درك الانعِدام ، ولا يترتَّب عليه أي أثر قانوني ، ويحجب عنه
اكتِساب أيَّة حَصَانة تمنعه مِن السَّحب أو الإلغاء ، ولا يتقيَّد الطَّعن فيه
بالمَواعيد . الأمر الذي يتعيَّن معه القضاء بإلغاء القرار الطَّعين ، مع ما
يترتَّب على ذلك مِن آثار .
وحيث إنَّه لا يحاج في ذلك ، القول بأنَّ البنك الطَّاعن يعد شركة
مُساهمة مِصريَّة ولا يخضَع العاملون به لأحكام القوانين واللوائح المَعمول بها في
شركات القِطاع العام وقِطاع الأعمال العام ، وإنما يخضعون لما يضعه مجلس إدارة
البنك من لوائح إداريَّة . إذ أنَّ قضاء هذه المحكمة قد جَرَى باختِصاص المحاكم
التَّأديبيَّة بمجلس الدَّولة بنظر الطُّعون التَّأديبيَّة الخاصَّة بالعامِلين
ببُنوك القطاع العام ذلك أنَّ أحكام قانون البنك المَركزي والجِهاز المَصرفي
والنَّقد الصَّادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 المُعدَّل بالقانون رقم 93 لسنة 2005
قد جاءت خلواً مِن ثمَّة نصٍّ يُقرِّر إخراج المُنازعات التَّأديبيَّة الخاصَّة
بالعامِلين ببُنوك القِطاع العام مِن الاختِصاص الوَلائي للمَحاكِم التَّأديبيَّة
بمجلس الدَّولة وإسناد الاختِصاص بنَظَرِها للقضاء العادي، فالقول بغير ذلك يعد
تَعدِيلاً لنُصوص قانونيَّة بأداة تشريعيَّة أدنى ، وهو ما لا يجوز . { حُكم
المحكمة الإداريَّة العُليا : جَلسة 4/7/2010م.، الطَّعن رقم 35683 لسنة 54 قَ.عُ.} .
وحيث إنَّه لا يُوهِن مِن سلامة القضاء المُتقدِّم ، الادِّعاء
باختِصاص الدَّوائر العُمَّاليَّة بجهة القضاء العادي بالمَسألة محل التَّداعي .
ذلك أنَّ المُختصّ تشريعياً بالفصل في الطُّعون التَّأديبيَّة الخاصَّة بالعامِلين
ببُنوك القِطاع العام هو المحاكم التَّأديبيَّة بمجلس الدَّولة ، والتي لا تحوز
حجيَّة أمامها أيَّة أحكام صادرة من جهة القضاء العادي في مسألة مِن مسائل
الاختِصاص الدُّستوري والقانوني لمجلس الدَّولة كجِهة قضاء إداري ، لكونها
مخالِفَة لقواعد الاختِصاص الوَلائي التي هي مِن النِّظام العام ، ولا يترتَّب
عليها أي سلب لولاية واختِصاص المحاكم التَّأديبيَّة بمجلس الدَّولة ، صاحِبَة
الاختِصاص الأصيل في هذا الشَّأن ، إذ ليس مِن مُقتَضَيَات قاعِدة الحجِّيَّة
المُطلَقَة للأحكام القضائيَّة أن تهدِم قاعِدة الاختِصاص الوَلائي أو الانتِقاص
منها أو الافتِئات عليها .
وحيث إنَّه لا يُغيِّر مِن هذا ، أنَّ لائِحة جزاءات العاملين بالبنك
الطَّاعن قد خوَّلَت الفصل بعد العرض على اللجنة الخماسِيَّة . إذ أنَّ ذلك يخالِف
حُكم المادة (84) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصَّادِر بالقانون رقم 48
لسنة 1978 ، فلا يجب لهذه اللائحة التي أصدرها مجلس إدارة البنك مخالَفة المَباديء
التي أوردها القانون ، دون إضافة لها أو تعديل في أحكامها أو إعفاء من تنفيذها .
كما ما أورده البنك الطَّاعن مِن مَطَاعِن ودُفوع لا تَعدُو جُلّها أن تكون
أقوالاً مُرسَلَة ، وحجَجاً واهِنَة لا سَنَد لها مِن الواقع والقانون.
وحيث إنَّ هذا القضاء لا يخِل مُطلَقاً بحق البنك الطَّاعِن في إعادَة
مُساءلَة المَطعون ضِدِّه عمَّا هو مَنسوب إليه، واتخاذ الإجراءات القانونيَّة
اللازِمَة ضِدّه طبقاً لأحكام القانون عند ثُبوت مَسئوليَّته.
وحيث انتهج الحكم المطعون فيه ذات النَّهج السَّالف، فمن ثم يكون قد
صدر متفقاً وصحيح حكم القانون، ويمسى الطعن عليه في غير محله، فاقِداً أساسه،
مُستوجِباً بالرفض، وهو ما يتعين القضاء به.
لِهَذِهِ الأَسْبَابِ
حَكَمَتُ الْمَحْكَمَةُ:- بِقَبُولِ الطَّعْن شَكْلاً، ورفضه مَوضوعاً.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بالجلسة المنعقدة في يوم السبت 3 من جماد
أول سنة 1439 هجرية الموافق 20/1/2018 ميلادية وذلك بالهيئة المبينة بصدره.