جلسة 13 من ديسمبر سنة 1956
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.
----------------
(141)
القضية رقم 299 سنة 23 القضائية
(أ) طرح البحر.
صدور قرار المالية بتوزيع طرح البحر على أربابه شيوعا بينهم طبقا للقانون رقم 48 سنة 1932. اعتبار هذا القرار سندا لملكيتهم وللشيوع فيما بينهم. التحدى بأن الأطيان التى أكلها البحر كانت مفرزة لمن وزعت عليهم أرض الطرح شيوعا. لا محل له.
(ب) قسمة. إثبات. شيوع.
وضع يد الشريك على جزء مفرز يعادل حصته فى الملك الشائع أو مجرد وجود مسقى فاصلة بين وضع يده ووضع يد شركائه. لا يقطع فى حصول القسمة.
2 - وضع يد الشريك على جزء مفرز يعادل حصته فى الملك الشائع للانتفاع بها أو مجرد وجود مسقى فاصلة بين وضع يده ووضع يد شركائه - لا يقطع فى حصول القسمة بين الشركاء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 721 سنة 1948 كلى سوهاج على المطعون عليهما بطلب الحكم بأحقيته لأخذ الفدان و16 قيراطا المبينة بصحيفة الدعوى والمبيعة من المطعون عليه الثانى إلى المطعون عليه الأول بالعقد المسجل فى مايو سنة 1948 وذلك بطريق الشفعة مقابل ثمن قدره 33 جنيها و380 مليما وملحقاته القانونية والتسليم فقضى له بطلباته فى 28 من أبريل سنة 1951 استنادا إلى أن سند تمليك طرفى الخصومة لأرض طرح البحر موضوع طلب الشفعة هو قرار وزير المالية وكان الثابت أن هذا القرار عند صدوره قد أعطى لكل من طرفى الخصومة حصة شائعة فيما تضمنه هذا القرار أى أنه كان منشئا لحالة الشيوع بينهم إلا أن المحكمة وقد تبينت من أوراق الدعوى وسير الإجراءات فيها أن حالة الشيوع ما كادت تبدأ حتى انتهت بالفرز والتجنيب بين ورثة محمد بك حمادى وبين المطعون عليه الأول كما هو ثابت من معاينة النيابة فى الشكوى رقم 1705 سنة 1948 المنضمة ومن تقرير الخبير فى الدعوى رقم 823 سنة 1948 المقدمة صورته بملف الدعوى - استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه بجدولها برقم 182 سنة 28 ق طلب فى ختام صحيفته وللأسباب الواردة بها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى واحتياطيا رفضها مع إلزام الطاعن بالمصروفات عن الدرجتين - وفى 26 من مايو سنة 1953 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى أحقية الطاعن لأن يأخذ 18 ط و20 س بالشفعة لقاء مبلغ 156 جنيها و860 مليما وما يناسبه من رسوم التسجيل... تأسيسا على أن قرار وزير المالية بتوزيع أطيان طرح البحر على طرفى الخصومة هو المعتبر أساسا للتمليك طبقا للقانون رقم 48 سنة 1932 وقد تبين للمحكمة أن هذا القرار قد جعل نصيب كل من اطراف الخصومة شائعا فى القدر الذى صار توزيعه عليهم وأما القول بحصول قسمة بعد أن تسلم كل نصيبه على الشيوع فلم يقم عليه دليل من الأوراق وأما الاستدلال بوضع اليد على حصول القسمة فلا قيمة له لأن القسمة عقد يخضع فى إثباته لقواعد القانون ولا بد فيه من الكتابة إذا زادت قيمته على عشرة جنيهات ولأن انتفاع أحد الشركاء بما يعادل نصيبه فى الأرض التى وزعت عليهم من الحكومة لا يفيد القسمة ولا يتأثر حقه فى طلبها ما لم يثبت أن يده ظلت قائمة على العين وبنية الملك خمس عشرة سنة ومتى وضحت حالة الشيوع على خلاف ما ذهب إليه الحكم المستأنف فيكون قد قام بالمطعون عليه الأول سبب الأخذ بالشفعة مساويا لسبب الأخذ بها لدى الطاعن... فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقد عرض على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1956 إحالة الطعن على الدائرة المدنية وفيها صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وأيدت النيابة الرأى برفض الطعن.
ومن حيث إن هذا الطعن قد أقيم على سببين يتحصل أولهما فى أن محكمة الاستئناف إذ أقرت حق الطاعن فى الأخذ بالشفعة على أساس الشيوع مع المطعون عليه الأول الذى تضمنه سند ملكيتهما وهو قرار وزير المالية الخاص بتوزيع أطيان طرح البحر ونفت حصول القسمة بينهما منذ حصول التسليم فى سنة 1947 ولم تعتد فى الاستدلال على حصولها بمجرد قول الطاعن بوضع يد المطعون عليه الأول على ما يعادل حصته فى القدر الذى خصص له فى قرار التوزيع ما دام لم يثبت لها أنه قد اقترن بنية الملك واستمر خمس عشرة سنة أو لمجرد وجود مسقى فاصلة بين ما وضع يده عليه وبين باقى الأطيان التى شملها قرار التوزيع لأن عقد القسمة فى نظرها ككل العقود يخضع فى إثباته للقواعد العامة التى تستلزم الكتابة إذا زادت قيمته على عشرة جنيهات وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه يخالف ما أثبته الحكم المستأنف من حصول القسمة فعلا استنادا إلى ما ثبت لمحكمة الدرجة الأولى بمعاينة النيابة فى الشكوى رقم 1705 سنة 1948 من وجود قناة بطول 56 قصبة تفصل أرض المطعون عليه الأول عن أرض ورثة المرحوم محمد بك حمادى وذلك منذ حصول التسليم فى سنة 1947 وإلى ما قرره المطعون عليه الأول نفسه فى تقرير الخبير فى القضية رقم 623 سنة 1948 كلى سوهاج من أنه اشترى 1 ف و16 ط موضوع النزاع مفرزا باسم بائعه. ولما افهم أن ذلك ينافى الثابت لعقد شرائه إذ أن البيع إليه كان من تكليف مورث البائع عاد فقرر أنه اشترى ما يعادل حصة البائع له وإلى ما جاء بمذكرة المطعون عليه الأول/ 14 فى الدعوى الحالية أن ورثة حمادى قد خصوا البائع له بهذا القدر وبالحدود الواردة فى المعاينة وهى غير شائعة وأخيرا ما ورد بالحكم التمهيدى الصادر فى الدعوى رقم 623 سنة 1948 كلى سوهاج بتاريخ 28/ 12/ 1949 أن القدر الذى اشتراه المطعون عليه الأول موضوع الشفعة مفرز وليس شائعا وأن الطاعن لا يجاوره من أى حد - وهذا كله معناه الاعتراف بالقسمة والتسليم بحصولها فإذا أغفل الحكم المطعون عليه دلالة هذا الاعتراف بمقوله إنه لا دليل على القسمة فى الأوراق مع تمسك الطاعن بها فى جميع مراحل الخصومة وإيراد الحكم المستأنف لهذا الدفاع والأخذ به فى سياق أسبابه فإنه يكون قد اطرح أدلة قاطعة وفى القليل محل تقدير فى إثبات إنهاء حالة الشيوع ويكون القول بعدم وجود دليل كتابى على القسمة مع ثبوت الاعتراف بحصولها من المطعون عليه الأول على ما سلف بيانه خطأ من الحكم فى تطبيق القانون فضلا عما غشيه من بطلان جوهرى يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أورد "أنه ما دام قرار وزير المالية بالتوزيع هو طبقا للمادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1932 هو سند تمليك الأشخاص الذين يوزع عليهم طرح البحر وقد ثبت أن القرار المذكور قد جعل نصيب كل من أطراف الخصومة شائعا فى القطعة المقدم ذكرها فإنه يمتنع الجدل فى أن ملك الطاعن قد نشأ على الشيوع مع ملك المطعون عليه الثانى وأن القول بحصول قسمة منهية لحالة الشيوع فى الأرض المذكورة لم يقم عليه دليل من الأوراق". ويبين من هذا الذى قرره الحكم فى خصوص قيام حالة الشيوع بين المطعون عليه الأول وباقى شركائه من ورثة حمادى أن ذلك ثابت من قرار وزير المالية بتوزيع أطيان طرح البحر ومن الكشوف الرسمية الدالة على قيام حالة الشيوع خلافا لما يدعيه الطاعن. ثم عرض الحكم بعد ذلك لما استدل به الطاعن على حصول هذه القسمة فقرر: "أما الاستدلال بحصول قسمة لمجرد وضع يد المطعون عليه الأول على مساحة تعادل ما خصص له فى قرار التوزيع أو من وجود مسقى بين ما وضع يده عليه وبين باقى الاثنى عشر فدانا وكسور التى خصص للطاعن نصيب شائع فيها فهو استدلال لا قيمة له لأن عقد القسمة يخضع فى إثباته لقواعد القانون التى توجب الكتابة إذا زادت قيمته على عشرة جنيهات ولأن وضع يد المطعون عليه الأول على جزء يعادل حصته فى الأطيان الشائعة لا يعد ذلك منه رضاء بتحديد نصيبه ما لم يقترن ذلك بنية الملك لمدة خمس عشرة سنة..." وظاهر من هذا الذى أورده الحكم أنه لم يعتد بما أراد الطاعن أن يستدل به على حصول القسمة لأن وضع يد المطعون عليه الأول على جزء مفرز يعادل حصته فى الملك الشائع للانتفاع بها أو لمجرد وجود مسقى فاصلة بين وضع يده ووضع يد شركائه لا يقطع فى حصول القسمة هو فضلا عن ذلك فإنه استخلاص موضوعى سائغ يستقيم به قضاء الحكم ولا يشوبه خطأ قانونى. وأما النعى باطراح المحكمة لاعتراف المطعون عليه الأول بحصول القسمة بينه وبين شركائه والثابت بمذكرته رقم 14 وبمحاضر أعمال الخبير فى القضية رقم 623 سنة 1948 كلى سوهاج فإنه غير منتج إذ يبين من مراجعة هذه الأوراق أن ليس ثمة إقرار من المطعون عليه الأول فى هذا الشأن وكل ما تضمنته أقواله فى تلك الأوراق تمسكه بحصول قسمة فى الأطيان التى خصت ورثة المرحوم محمود بك حمادى ومنهم المطعون عليه الثانى البائع له ابتغاء تفويت حق الشفعة على الطاعن وهو ما لم يقره عليه الحكم المطعون فيه وانتهى إلى إثبات قيام الشيوع الذى جوز للطاعن حق الشفعة فى هذا النزاع الحالى ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك انه إذ نفى حصول القسمة بين المطعون عليه الأول وبين باقى شركائه على الشيوع فى أطيان طرح البحر مستندا فى ذلك إلى أن مصدر ملكية الشركاء هو قرار وزير المالية الصادر فى سنة 1947 بتوزيع هذا الطرح مع بقائه شائعا بين من وزع عليهم على أن عقد شراء المطعون عليه الأول الصادر إليه من المطعون عليه الثانى فى 4/ 2/ 1948 الخاص ببيع 1 ف و16 ط "موضوع النزاع الحالى" لم يرد فيه ذكر لقرار وزير المالية كمصدر لتمليك البائع بل اعتبر مصدر التمليك تكليف هذه الأطيان على المرحوم محمود بك حمادى باعتبارها أكل بحر ولا حدود لها فى الطبيعة وأنها قد استعوضت فأصبحت طرح بحر ومؤدى ذلك أن المطعون عليه الأول إنما اشترى أكل البحر المكلف باسم محمود بك حمادى فيكون مصدر هذه الملكية هو أكل البحر والمطعون عليه الأول ليس شريكا للطاعن فيما هو مكلف باسم مورثه محمود بك حمادى ومن ثم فلا يجوز له أن يتحدى بقرار وزير المالية لإثبات الشيوع لأن عقده لا يفيد أكثر من شرائه أكل البحر من تكليف المورث ومجرد إشارة العقد إلى تعويضه بطرح البحر لا يجعله منصبا على هذا الطرح مباشرة وأوجه الخطأ التى وقع فيها الحكم المطعون فيه فى اعتبار المطعون عليه الأول شريكا على الشيوع هى: 1 - أن المطعون عليه الأول ليس شريكا فيما هو مختلف ومكلف باسم محمود بك حمادى: 2 - أن المبيع طبقا لعقود المطعون عليه الأول هو أكل بحر لا حدود له فى الطبيعة مما هو مكلف باسم المورث: 3 - أن سند ملكية البائع ليس هو قرار التوزيع إذ لم يشر إليه فى العقد: 4 - أن هذا القرار لا يمكن أن يخلق الشيوع فى التكليف الأصلى حتى تستند إليه المحكمة فى قيام الشيوع والمحكمة إذ خالفت مقتضى ذلك تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون مما يستوجب معه نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأنه لا عبرة بوصف الأطيان المبيعة بأنها أكل بحر ذلك أن الثابت من عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثانى إلى المطعون عليه الأول فى 4/ 2/ 1948 عن 1 فدان و16 قيراطا موضوع النزاع وهو لاحق لتاريخ قرار وزير المالية بالتوزيع أن هذا العقد قد تضمن التصريح إلى "أن المبيع وإن كان مكتوبا أكل بحر فى مكلفات المديرية للآن غير أنها طرحت واستعوضت فأصبحت طرح بحر بزمام المنشاة والبائع مستعد لتسليمها طرح بحر" وظاهر أن البيع وارد فى حقيقته على طرح بحر مما تناوله قرار المالية بالتوزيع وأن ملكية مورث البائع التى أكلها البحر - وإن بقى التأشير بها فى المكلفات إلا أنها ملكية زالت عن المورث وورثته بمجرد أكل البحر لها ولم تعد لها صلة بما سوف يوزع على الورثة من الطرح الجديد لأن هذا الطرح يصبح منذ ظهوره ملكا للدولة طبقا للمادة الثانية من القانون رقم 48 سنة 1932 إلى أن يوزع على أربابه طبقا لشروط القانون وقد صار هذا التوزيع فعلا بقرار وزير المالية فى سنة 1947 وهو ما اعتبره الحكم المطعون فيه بحق سندا لملكية الشركاء ومصدرا للشيوع فيما بينهم ولو لم يشر إليه فى عقد البيع محل النزاع، ومن ثم يكون النعى فى هذا الخصوص لا أساس له ويتعين رفضه.
ملاحظة: صدر حكم مماثل فى الجلسة ذاتها فى القضية رقم 297 سنة 23 القضائية.