الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 أبريل 2024

الطعن 204 لسنة 22 ق جلسة 5 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 3 ص 47

جلسة 5 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.

----------------

(3)
القضية رقم 204 سنة 22 القضائية

(أ) إنكار بصمة الختم. إثبات. شهادة. سلطة محكمة الموضوع. 

حق محكمة الموضوع في استخلاص صحة توقيع مورث على عقد طعن عليه بالتجهيل لأسباب سائغة من الوقائع وأقوال الشهود. النعي بإغفال المحكمة سؤال الشهود عن الختم وأنه هو الذى وقع به المورث. جدل موضوعي حول مسائل واقعة.
(ب) تزوير. 

عقد طعن عليه بالتجهيل. عجز الطاعن عن إثبات طعنه واقتناع المحكمة بصحة العقد. لا يتصور أن تقضي المحكمة بعد ذلك برد وبطلان العقد لتزويره.

--------------
1- متى كانت محكمة الموضوع قد استخلصت لأسباب سائغة من وقائع الدعوى ومن أقوال الشهود أن المورث وقع بختمه أمام الشهود على عقد مقاولة طعن عليه الورثة بالتجهيل وأنهم كانوا حاضرين التحقيق الذى أباح لهم نفي ما يثبته خصمهم بكافة طرق الثبوت - فإن النعي بأن محكمة الموضوع أغفلت سؤال الشهود عن الختم الموقع به على العقد المذكور أو أنه هو الذي وقع به المورث، هذا النعي يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض.
2- لا يتصور أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها - إعمالا لنص المادة 290 مرافعات - برد وبطلان عقد لتزويره بعد أن ثبت لها عجز من طعن عليه بالتجهيل عن إثبات طعنه وبعد أن اقتنعت المحكمة بصحة ذلك العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فيتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إن وقائع هذه الدعوى - حسبما يبين من الحكم فيه ومن سائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته حارسا قضائيا على تركة المرحوم عبد العزيز العلاف أقام الدعوى 146 لسنة 1950 مدنى الجمالية على الطاعنين طالبا الحكم بإلزامهم من تركة مورثهم المرحوم حافظ محمد يوسف بمبلغ 150 جنيها مع المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ على أساس أن المبلغ المطالب به عبارة عن قيمة الباقي من عقد مقاولة بناء مدفن لمورث الطاعنين قدرت تكاليفه في العقد بمبلغ 250 جنيها دفع منه المورث مائة جنيه ولم يدفع هو ولا ورثته ما بقى منه واستند إلى عقد المقاولة الموقع عليه ببصمة ختم ذلك المورث وبجلسة 15/ 5/ 1950 قضت المحكمة للمدعى بطلباته. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيد الاستئناف برقم 146 لسنة 1950 مدنى مستأنف وطلبوا الحكم بقبول الاستئناف شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المستأنف وفى الموضوع بإلغائه وبرفض دعوى المستأنف عليه مع المصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وبجلسة 12/ 2/ 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبإلغاء وصف النفاذ وبإعادة القضية للمرافعة في باقي الطلبات ولإنكار الطاعنين بصمة ختم مورثهم الموقع به على عقد المقاولة قضت المحكمة بجلسة 27/ 11/ 1951 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المستأنف عليه بصفته أن مورث المستأنفين وقع بختمه على العقد بالختم المنسوب إليه (والذى يحمل تاريخا لسنة 1363 هـ ولينفي المستأنفون ذلك، ثم استمع القاضي المنتدب للتحقيق أقوال شهود الطرفين فقرر شاهدا الإثبات انهما شاهدا مورث الطاعنين يوقع بختمه على عقد المقاولة ثم قال ثانيهما (على على محمد) إنه قامت بين مورث الطاعنين والمرحوم عبد العزيز العلاف الموضوعة تركته تحت حراسة المطعون عليه معاملات مالية، الأولى وكانت خاصة بإقامة المدفن وتحرر بخصوصها العقد موضوع الدعوى الحالية، والثانية كانت خاصة بمبلغ 130 جنيها افترضه مورث الطاعنين ليفتتح به مقهى لحسابه وتحرر بمبلغ القرض ثلاثة عشر سندا كل منها بمبلغ عشرة جنيهات وهى موضوع دعوى أخرى أقيمت أمام محكمة الجمالية برقم 145 لسنة 1950 وحكم فيها ابتدائيا واستأنف الطاعنون حكمها ولم يفصل بعد في هذا الاستئناف أما شاهدا النفي فقد أجمعا على أنهما لا يعلمان شيئا عن العقد المطعون فيه بالإنكار وأن كل ما يعرفانه عن النزاع هو انهما كانا حاضرين دفن مورث الطاعنين في المدفن موضوع عقد المقاولة - وكان المرحوم عبد العزيز العلاف حاضرا معهم فسأله الطاعن الأول عما اذا كان باقيا له شيء من مقاولة المدفن فأجاب بالسلب وبجلسة 30/ 4/ 1952 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف مع المصروفات والأتعاب ثم الغرامة القانونية للخزانة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل أولها إن الطاعنين بنوا طعنهم في عقد المقاولة بجهلهم توقيع مورثهم عليه بالختم المؤرخ في سنة 1363 هـ على أن كل العقود المعاصرة للعقد المطعون فيه تحمل ختما لمورثهم مؤرخا في سنة 1365 هـ - وأن الختم الذى جبر عقب وفاة المورث كان يحمل التاريخ الأخير (1365 هـ) ومع ذلك فان المحكمة لم تسأل أحدا من الشهود عن ختم سنة 1363 هـ في حين إن ذلك وحده كان موضوع التحقيق الذى امرت به المحكمة في حكمها التمهيدي فلم تستكمل المحكمة تنفيذ ذلك الحكم ولم يستوفوا هم بدورهم حقهم في دفاعهم في الدعوى.
ويتحصل السبب الثاني في إن المحكمة خالفت المادة 274 مرافعات التي تقضى بعدم سماع الشهود إلا فيما يتعلق بأثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المقتضى تحقيقها ممن نسبت إليه، ووجه المخالفة هو أن المحكمة اقتصرت على سماع أقوال شهود الإثبات بأن المورث وقع بختمه على عقد المقاولة في حضورهم - ولم تحقق واقعة الختم المؤرخ في سنة 1363 هـ وأنه هو الذى وقع به مورثهم وبذلك لم تنفذ الحكم التمهيدي مما يعيب الحكم.
أما السبب الثالث فيتحصل في أن المحكمة لم تستعمل حقها في القضاء بالرد أو البطلان إعمالا لنص المادة 290 مرافعات التي تجيز للمحكمة ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم برد وبطلان أية ورقة اذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة مع أن الظروف التي ظهرت بجلاء أمام المحكمة فيها ما يبرر استعمال هذا الحق ويؤدي الى عكس ما قضت به في حكمها المطعون فيه - وهذه الظروف هي: -
(أ) أن عقد المقاولة يحمل ختما تاريخه سنة 1363 هـ في حين أن السندات موضوع الدعوى 145 لسنة 1946 مدنى الجمالية تحمل ختما تاريخه سنة 1366 هـ وهذا تناقض يظهر التزوير بجلاء.
(ب) وأن المبلغ الباقي من عقد المقاولة 150 جنيها حرر به كمبيالات على ما قال به الحكم المطعون فيه وقد طلب الطاعنون في دفاعهم أمام المحكمة الاستئنافية تقديم هذه الكمبيالات على اعتبار أنها مكملة لعقد المقاولة ولكنها لم تقدم وكان واجبا على المحكمة أن تستكمل هذا النقض لأن سند الدعوى غير بات فى المديونية.
(ج) إن الطعن بالجهالة إنما قصد به إلى استكمال ما نقص في الدعوى من مستندات ولكن هذا النقص لم يستكمل لا من المحكمة ولا من المطعون عليه.
ومن حيث إن هذه الأسباب كلها مردودة - أولا: بأنها عارية عن الدليل فلم يقدم الطاعنون صورة من محضر التحقيق الذى أجرته المحكمة تنفيذا للحكم التمهيدي ليعلم ما دار فيه من مناقشات بين قاضى التحقيق وطرفي الخصومة من ناحية والشهود من الناحية الثانية - كما لم يقدموا ما يفيد أن لمورثهم أكثر من ختم ولا ما يقطع في أنه لم يكن له إلا ختم واحد يحمل تاريخا واحدا كذلك وقد قطع الحكم المطعون فيه في أن سند الدعوى إنما هو عقد المقاولة وحده ولم يشر من قريب ولا من بعيد إلى الكمبيالات التي يزعم الطاعنون أن الحكم أشار إليهما أو أنهم طالبوا بتقديمها في دفاعهم ولم تجبهم المحكمة إلى طلبهم هذا - وأخيرا فانهم لم يقدموا ما يفيد أن السندات موضوع الدعوى 145 لسنة 1946 مدنى الجمالية تحمل ختما يختلف في تاريخه عن تاريخ الختم الموقع به على عقد المقاولة - ومردود ثانيا بأن الحكم المطعون فيه بعد أن لخص وقائع الدعوى والحكم التمهيدي أخذ يناقش أقوال شهود الإثبات والنفي ثم خلص من ذلك إلى القول "إنه ظاهر من شهادة شاهدي المستأنف عليه (المطعون عليه) أنهما شهدا بصدور العقد من المرحوم حافظ محمد يوسف وتوقيعه بختمه عليه، وأنه عن شهادة شاهدي المستأنفين فإنهما فضلا عن أنها لم تنصب على ما طلب إثباته إلا أنها تفيد في الدلالة على حصول التعاقد بين المرحومين حافظ محمد يوسف وعبد العزيز العلاف وذلك بسؤال ابن المتوفى عما إذا كانت هناك ديون باقية أم لا. فشهادتهما عن التخالص الذى لم تحل المحكمة الدعوى على التحقيق لإثباته بل أحالتها لإثبات صدور العقد من حافظ محمد يوسف - وأنه يخلص من كل هذا أن المستأنف عليه قد أثبت صدور العقد أساس الدعوى من المورث وتوقيعه بختمه عليه ولم ينف المستأنفون هذا، وبذلك يكونون قد فشلوا في طعنهم مما يتعين معه رفض الاستئناف الخ" - ومفاد هذا القول أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع ومن أقوال الشهود في منطق سليم أن المورث وقع بختمه أمام الشهود على العقد المطعون عليه بالتجهيل، وأن الطاعنين كانوا حاضرين التحقيق الذى أباح لهم نفى ما يثبته خصمهم بكافة طرق الثبوت. فلا يكون لجدلهم الحالي من غرض إلا أن يكون جدلا موضوعيا حول مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض، متى كان ذلك مبنيا على أسباب سائغة كما هو الحال في الدعوى ولا يتصور أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها برد وبطلان العقد لتزويره بعد أن ثبت لها عجز الطاعنين عن إثبات طعنهم وبعد أن اقتنعت بصحة العقد المطعون فيه.
ومن حيث إنه لذلك كله يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق