الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 أبريل 2024

الطعن 173 لسنة 22 ق جلسة 12 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 6 ص 59

جلسة 12 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

--------------

(6)
القضية رقم 173 سنة 22 القضائية

(أ) جنسية. إثباتها. 

إثبات الجنسية بالشهادات الرسمية الصادرة من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة. المقصود بالمادة 22 من قانون الجنسية.
(ب) نقض. طعن. سبب جديد. 

خلو تقرير الطعن من نعى وارد بمذكرة الطاعن. عدم جواز التمسك بهذا النعي. المادة 429 مرافعات.

-----------------
1- تثبيت الجنسية بالشهادات الرسمية التي تصدر من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة. ويعتبر ذلك دليلا أوليا لإثبات الجنسية ما لم يظهر ما يناقضها إذ أنها تصدر من واقع سجلات ولا تعطى إلا بعد أن تكون السلطة التي أعطتها قد قامت بعمل التحريات اللازمة للتأكد من صحة ما جاء بها ولا يتعارض هذا مع نص المادة 22 من قانون الجنسية ذلك أن المقصود بهذه المادة هو وضع قرينة تخفف على وزير الداخلية وبالتالي على القضاء مهمة الفصل في مسائل الجنسية ولكنها قرينة تقوم على الافتراض وتسقط متى ثبتت الجنسية على وجه قانوني ظاهر. وإذن فمتى كان الحكم قد استند في إثبات جنسية أحد الرعايا اليونانيين قبل وفاته إلى شهادة صادرة من القنصلية اليونانية وإلى موافقة الحكومة المصرية على ما ورد فيها فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ما دام لم يقدم ما ينقض الدليل المستمد من تلك الشهادات ولم يثبت أن هذا الشخص تخلى عن جنسيته اليونانية قبل وفاته.
2- متى كان تقرير الطعن خاليا مما ورد بمذكرة الطاعن بشأن النعي على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بوقف الدعوى بأنه إجراء باطل يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه فإن ذلك النعي يعتبر سببا جديدا لا يجوز التمسك به عملا بالمادة 429 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين ونيس كاسيماتيس رفع الدعوى 1919 سنة 72 ق أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة وقال بصحيفتها إن المرحوم انجلو كاسيماتس توفى في 2 من مايو سنة 1948 بمدينة الإسكندرية بلا جنسية معينة ولذلك تخضع تركته لحكم الشريعة الإسلامية التي تقضي بأن ترث ابنتاه الثلثين وأخواه مورث الطاعنين والمطعون عليه الأخير الثلث باعتبارهما ولدى جراسيمو كاسيماتيس أخي المتوفى. وفى أثناء نظر الدعوى توفى المدعى مورث الطاعنين فتدخل الورثة في الدعوى وطلبوا الحكم ببطلان إجراء نقل أموال المرحوم انجلو كاسيماتيس من حسابه الخاص إلى حساب إبنتيه قبل وفاته ببضعة أيام وهو في مرض الموت في وقت لم يكن فيه مالكا تماما لقواه العقلية، كما طلبوا الحكم بتثبيت ملكيتهم للسدس شيوعا في تركته المبينة في العريضة وبتاريخ 18 من يونيه سنة 1949 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة برفض الدعوى. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 775 سنة 5 ق. وفى 3 من ابريل سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف بوقف الدعوى لمدة ثلاثة شهور ولحين الفصل فى مسألة عرضية "رد الوزارة بشأن جنسية المورث" ثم عجل الطاعنون الدعوى. وفي 18/ 12/ 1951 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن السبب الأول من أسباب الطعن والوجه الأول من السبب الثاني يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى باعتبار المورث يوناني الجنسية على أساس أنه لم يثبت أنه تخلى عن رعويته اليونانية - مع أنه كان قد طلب سنة 1932 التجنس بالجنسية الإيطالية ومع أن قيده بالقنصلية اليونانية لم يتم وفقا لما يقضى به القانون اليوناني إذ لم يحصل على شهادة الديمونيكون، قضى الحكم بذلك أخذا بظاهر الأوراق ودون تحقيق - مخالفا لنص المادة 22 من القانون رقم 19 لسنة 1929 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 92 لسنة 1931 الخاص بالجنسية: وهو يقضى بأن كل شخص يسكن الأراضي المصرية يعتبر مصريا ويعامل بهذه الصفة إلى أن يثبت جنسيته على الوجه الصحيح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر وقائع الدعوى تفصيلا وأورد دفاع الطرفين تناول بالبحث الأدلة التى يستند إليها كل من الطرفين ثم تحدث عن جنسية المورث فقال "ومن حيث عن القول بأن المرحوم انجلو أنكر رعويته اليونانية وألغى قيد اسمه بسجلات القنصلية اليونانية بتقديم طلب إلى القنصلية الإيطالية للحصول على الجنسية الإيطالية فهو زعم مردود لأن القنصلية الإيطالية رفضت منحه هذه الجنسية لأنه لم يثبت لها أنه أصلا من تريستا ولم يثبت بعد ذلك أنه تخلى عن رعويته اليونانية الممنوحة له بموجب الشهادة الصادرة من القنصلية اليونانية بل يستفاد من خطاب هذه القنصلية المؤرخ فى 5 من ديسمبر سنة 1950 ردا على كتاب حضرة المحامي العام أن المرحوم انجلو كان أثناء حياته من رعايا اليونانيين منذ 23 من مارس سنة 1928 تاريخ تسجيله بسجلات القنصلية وأنه من هذا التاريخ وهو يقوم بانتظام بدفع رسوم القيد المفروضة على مثله من رعاياها لخزانة القنصلية، وأنه فضلا عما تقدم فقد ثبت أن وزارة الداخلية أجابت بكتابها المؤرخ في 2/ 1/ 1951 ردا على كتاب المحامي العام بأن رعوية المرحوم انجلو لا تزال قيد البحث بمعرفة إدارة الرأي بمجلس الدولة، ثم أجابت بكتابها المؤرخ في 2 من مايو سنة 1951، بأن إدارة الرأي أفتت فى 16/ 4/ 1951 باعتبار انجلو كاسيماتيس يوناني الجنسية" ثم خلص من ذلك إلى القول بأن المرحوم انجلو كاسيماتيس كان حال حياته رعوية يونانية ويبين من هذا الذى قرره الحكم أنه استند فى إثبات جنسية المورث إلى الشهادة الصادرة من القنصلية اليونانية وإلى موافقة الحكومة المصرية على ما ورد فيها، وليس ذلك مخالفة للقانون ذلك بأن الجنسية تثبت بالشهادات الرسمية التى تصدر من السلطة المحلية أو السلطات الأجنبية المختصة ويعتبر ذلك دليلا أوليا لإثبات الجنسية ما لم يظهر ما يناقضها إذ أنها تصدر من واقع سجلات رسمية ولا تعطى إلا بعد أن تكون السلطة التي أعطتها قد قامت بعمل التحريات اللازمة للتأكد من صحة ما جاء بها، وقد أثبت الحكم أن ذلك اقترن فى الدعوى الحالية بموافقة الحكومة المصرية على ما جاء بالشهادة من أن المورث يوناني الجنسية. وهو ما يقدم مقام التصديق على شهادة الجنسية ويدل على عدم مطالبة الحكومة المصرية بتبعية المورث لها، كما أثبت الحكم أن الطاعنين لم ينقضوا الدليل المستمد من شهادة القنصلية اليونانية وأنه لم يثبت أن المتوفى تخلى عن جنسيته اليونانية بل الثابت من كتاب القنصلية الإيطالية العامة المؤرخ 16 من يوليه سنة 1948 أن المتوفى لم يكن له حق فى الجنسية الإيطالية حسب ما جاء في إخطار بلدية تريستا. وليس فى هذا الذى أخذت به المحكمة ما يتعارض مع نص المادة 22 من قانون الجنسية ذلك بأن المقصود بتلك المادة هو وضع قرينة تخفف على وزير الداخلية وبالتالي على القضاء مهمة الفصل في مسائل الجنسية ولكنها قرينة تقوم على الافتراض وتسقط متى ثبتت الجنسية الأجنبية على وجه قانوني ظاهر، كما هو الحال في هذه الدعوى، ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس ويتعين رفضه - ويتحصل الوجه الثاني من السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد إذ استند إلى كتاب وزارة الداخلية في إثبات الجنسية اليونانية للمتوفى مع أن هذا الكتاب قد صدر بناء على فتوى من مجلس الدولة وهى على فرض أنها خاصة بهذا النزاع غير ملزمة للمحكمة ولم تكن تحت نظرها، على أن الواقع هو أن الفتوى التي استندت إليها المحكمة خاصة بالسيدة البنييكى كاسيماتيس المطعون ضدها الثانية وليست خاصة بالمورث.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن فتوى مجلس الدولة في خصوص جنسية المتوفى أعدت إجابة على استيضاح وجه من الجهة الإدارية وقد اعتمدت وزارة الداخلية الفتوى لأسباب ترجع إلى تقديرها وأبلغت النيابة العامة باعترافها بجنسية المتوفى، وقد عرضت النيابة هذا الرأي على المحكمة التي كان لها مطلق الحرية في تقدير قيمته، إذ أن ذلك مما يدخل في حدود سلطتها الموضوعية، وقد أخذت المحكمة بذلك ورأته مؤيدا لما في الدعوى من أدلة فأسست قضاءها على شهادة الجنسية الصادرة من القنصلية اليونانية المؤيدة باعتراف وزارة الداخلية أما القول بأن هذه الفتوى لا تخص المتوفى فهو قول عار عن الدليل ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قال "إنه في جميع الأحوال إذا فرض أن المرحوم انجلو كاسيمانيس كان رعية يونانية أو إيطالية أو نمساوية فلا يجوز للمدعين الادعاء بأي حق وراثي إذ أن ابنتي المتوفى تحجبانهم عملا بقوانين التشريعات سالفة الذكر" وما قاله الحكم يخالف نص المادة 25 من القانون المدني الجديد من أنه في حالة عدم تعرف الجنسية أو تعددها يعين القاضي القانون الواجب التطبيق.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه قطع بأن المتوفى يوناني الجنسية ولم يكن الفرض الذى افترضه إلا تزيدا منه يستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم شابه قصور في التسبب إذ لم يبين الأسباب التي دعت إلى الأخذ بشهادة القنصلية اليونانية رغم الطعون الموجهة إليها، كما لم يبين الأسباب التي استندت إليها فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة ما دامت المحكمة قد أسست قضاءها عليها كما لم تجب طلب الطاعنين ضم ملف المورث بوزارتي الداخلية والخارجية.
وحيث إن هذا السبب مردود أولا بأن الأخذ بشهادة القنصلية اليونانية أمر متعلق بتقدير الدليل فى الدعوى وقد أخذت المحكمة بها مؤيدة باعتراف الحكومة المصرية بجنسية المتوفى وهو تقدير سائغ - ومردود ثانيا بأن المحكمة لم تكن بحاجة إلى التحدث عن الأسباب التي استندت إليها فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة إذ لم تكن هذه الفتوى موجهة إليها بل إلى وزارة الداخلية التي أخذت بها لأسباب قدرتها هي ورأت معها الإقرار بالجنسية اليونانية للمتوفى. ومردود ثالثا بأن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على طلبهم ضم ملف المورث بوزارتي الداخلية والخارجية بل اقتصر طلبهم في المذكرة المقدمة صورتها على أن تستفسر المحكمة من وزارة الداخلية عما إذا كان قيد المورث بالقنصلية اليونانية كافيا للاعتراف بجنسيته اليونانية وهذا الطلب غير مجد بعد أن أبدت وزارة الداخلية رأيها وهو الإقرار بالجنسية اليونانية للمتوفى.
وحيث إن ما ورد بمذكرة الطاعنين بالنعي على الحكم الصادر في 3 من أبريل سنة 1951 بوقف الدعوى بأنه إجراء باطل مما يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه ما هو إلا سبب جديد لم يرد بتقرير الطعن فلا يجوز التمسك به عملا بنص المادة 429 مرافعات.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق