الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أبريل 2024

الطعن 1245 لسنة 35 ق جلسة 19/ 10/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 137 ص 724

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حنفي.

---------------

(137)
الطعن رقم 1245 لسنة 35 القضائية

(ا) نقض. "الطعن بالنقض". "المصلحة في الطعن". دعوى مدنية. وصف التهمة.
تشكيك المحكمة في أصل الواقعة. قضاؤها في موضوع الاتهام بالبراءة لعدم الثبوت تحت أي وصف. ما يثيره المدعى بالحقوق المدنية بشأن وصف الواقعة. لا جدوى منه.
(ب) تعويض. دعوى مدنية. اختصاص.
دعوى مدنية. شروط اختصاص المحكمة بنظرها. تعلقها بالفعل الجنائي المسند إلى المتهم. الحكم بالبراءة لعدم ثبوت التهمة يستلزم رفض طلب التعويض.
(ج) دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص. إحالة. تعويض.
الإحالة في مفهوم حكم المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية. شروطها: اختصاص المحكمة الجنائية ينظر الدعوى المدنية، وأن يستلزم الفصل في التعويضات إجراء تحقيق ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية.
(د) إجراءات المحاكمة. حكم "بياناته".
الأصل في إجراءات المحاكمة أنها روعيت. إثبات الحكم تلاوة تقرير التلخيص وسماع مرافعة الخصوم. جحد ذلك لا يكون إلا بالطعن بالتزوير.
(هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" محكمة الموضوع.
إجابة طلب التأجيل للاستعداد أو عدم إجابته. مسألة موضوعية. عدم التزام المحكمة بالرد عليه صراحة.
(و) إجراءات المحاكمة . حكم.
الحكم يكمل محضر الجلسة في إثبات حقيقة إجراءات المحاكمة.
(ز) محكم ثاني درجة. إجراءات المحاكمة.
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. عدم التزامها بإجراء تحقيق أو سماع شهود إلا ما ترى لزوما له.
(ح) حكم . "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع.
تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم. كفاية ذلك للقضاء بالبراءة ما دام أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.

----------------
1 - إذا قطعت المحكمة فى أصل الواقعة بالتشكيك وقضت فى موضوع التهمة بالبراءة لعدم الثبوت تحت أى وصف وطبقا لأي كيف ينسبغ عليها - فلا يكون ثمة جدوى للطاعن (المدعى بالحقوق المدنية) فيما يثيره بشأن وصف الواقعة.
2 - المحكمة الجنائية لا تختص بالحكم فى التعويضات المدنية إلا إذا كانت متعلقة بالفعل الجنائى المسند إلى المتهم، فاذا كانت المحكمة قد برأت المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها فإن ذلك يستلزم حتما رفض طلب التعويض لأنه ليس لدعوى التعويض محل عن فعل لم يثبت فى حق من نسب إليه.
3 - محل التمسك بطلب إحالة دعوى التعويض إلى المحكمة المدنية حسبما نصت عليه المادة 309 من قانون الإجراءات أن يستلزم الفصل فى التعويضات اجراءا تحقيق خاص ينبنى عليه ارجاء الفصل فى الدعوى الجنائية وهذا مناطه أن يكون الاختصاص الاستثنائي بالفصل فى دعوى التعويض منعقدا للمحاكم الجنائية.
4 - الأصل فى إجراءات المحاكمة أنها روعيت. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تلاوة تقرير التلخيص وسماع مرافعة الخصوم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذه الإجراءات إلا بالطعن والتزوير.
5 - إجابة طلب التأجيل للاستعداد أو عدم اجابته من اطلاقات محكمة الموضوع ولا تلتزم بالرد عليه صراحة فى حكمها.
6 - ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة فى شأن إثبات إجراءات المحاكمة.
7 - الأصل إن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى فى الدعوى من واقع الأوراق. وهى بعد ليست ملزمة باجراء تحقيق أو سماع شهود إلا إذا رأت هى لزوما لذلك.
8 - يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضى له بالبراءة. إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 24 سبتمبر سنة 1961 بدائرة قسم المعادي: (أولا) أتلف عمدا المستند المبين بالمحضر لعبد الحميد صدقي صلاح بأن مزقه على النحو المفصل بالأوراق وتسبب عن ذلك إضرار بالمجنى عليه (ثانيا) اختلس المستند المبين بالمحضر لعبد الحميد صدقى صلاح. وطلبت معاقبته بالمواد 300 و365 و375 من قانون العقوبات، وادعى المجنى عليه مدنيا بمبلغ 3000 ج على سبيل التعويض قبل المتهم. ومحكمة حلوان الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1962 ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وإلزام رافعها مصروفاتها. فأستأنف المدعى بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 27 إبريل سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات المدنية. فطعن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1963 بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى والزام المطعون ضده المصروفات المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 15 إبريل سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم للمرة الثانية بطريق النقض .. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن الإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، والخطأ في القانون، وذلك لأن المحكمة أغفلت في درجتي التقاضي سؤال الكاتب أحمد السيد الذى يعمل لدى المتهم - المطعون ضده - والذى كتب بإملائه السند موضوع التهمة، ولم تأخذ بأدلة الثبوت في الدعوى، ورجحت عليها إنكار المتهم على الرغم من كذبه، وقضت برفض الدعوى المدنية على الرغم مما أثبته حكم محكمة أول درجة المأخوذ بأسبابه من أن العلاقة بين المتهم وبين الطاعن لا تعدو أن تكون علاقة مالية مجالها المحكمة المدنية، ومقتضى ذلك أن تحال الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية عملا بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لا أن يقضى برفضها، وأن الحكم محكمة أول درجة اشتمل على وصف التهمة بعد تعويله بجلسة 29/ 10/ 1962، بينما اشتمل حكم محكمة ثاني درجة على وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى، ولم تستجب محكمة ثاني درجة إلى ما طلبه الحاضر عن وكيل الطاعن من التأجيل لمرض طرأ عليه بل أغفلت النظر فيه، واستمعت لدفاع الحاضر مع الطاعن وفصلت في الدعوى في نفس اليوم وذكرت في حكمها غير الثابت بمحضر الجلسة من تلاوة التقرير وسماع طلبات الخصوم، مما يخالف ما جاء بالفقرة الثانية من المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية وبنى الحكم المطعون فيه على ما يخالف الثابت بمحضر جلسة 19/ 11/ 1962 بشأن مفردات المبالغ المسلمة إلى المطعون ضده، وقد قدم الطاعن إلى محكمة أول درجة مذكره بدفاعه لم يشر أى الحكمين إليها من قريب أو بعيد، واطرح الحكم المطعون فيه الدليل المستمد من السند المقدمة قصاصاته بمقولة أنه عن معاملة مالية سابقة وقضى ببراءة المطعون ضده، مما كان يتعين معه تحقيق واقعة الدعوى، ومدى اتصالها بالسند المذكور عملا بما خوله القانون، وتناقض مع الثابت بمحاضر جلسات 29/ 1/ 1964، 26/ 2/ 1969، 8/ 4/ 1964، 15/ 4/ 1964 تناقضا واضحا يجعل الحكم المطعون فيه مشوبا بالبطلان الموجب لنقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه حصل واقعة الدعوى في أنه قامت علاقة مالية بين الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - وبين المتهم - المطعون ضده - أساسها الدخول فى مزايدات بيع ثمار البساتين التابعة لهيئة الإصلاح الزراعي، وفى 19/ 7/ 1961 بمناسبة إحدى هذه المزايدات نقد الطاعن المطعون ضده خمسمائة جنيه حرر بها إيصالا، ثم سلمه ألفا أخرى أثبتها المتهم على الإيصال المذكور. وبعد ذلك حرر المطعون ضده إيصالاً آخر بالمبلغ كله ومقداره ألف وخمسمائة جنيه ومزق الإيصال الأول، فجمع الطاعن قصاصاته في غفلة منه، ونقل الحكم عن الطاعن أن المطعون ضده استدعاه تليفونيا في يوم 24/ 9/ 1961 وطلب منه الإيصال المأخوذ عليه ليسلمه المبلغ المثبت به، فحضر وسلمه إليه، ولكن المتهم لم يرد له من مبلغه سوى خمسمائة جنيه رفض الطاعن قبولها فمزق المتهم الإيصال الذى كان الطاعن قد أخذ صورته الشمسية وخشى جمع قصاصاته بعد تمزيقه خوفا من المتهم لأنه كان يحمل بندقية ولم يبلغ بالأمر إلا في 10/ 10/ 1961 بدعوى جريان المفاوضات بينه وبين المتهم في شأن صلح لم يتم، واتهمه بإتلاف السند موضوع التهمة واختلاسه، وبعد أن عرض الحكم للواقعة على هذا النحو وأورد الأدلة المقدمة عليها من قول الطاعن، وصورة الإيصال وقصاصات الإيصال الأول، كر عليها بما يفندها من عدم اطمئنان المحكمة إلى قول الطاعن، لأنه لا يعقل أن يمزق السند أمامه دون أن يحاول استنقاذه، ولأنه تراخى فى التبليغ من 24/ 9/ 1961 إلى 10/ 10/ 1961 بفرض أنه اكره فى حينه على السكوت وأنه لا دليل على المفاوضات المزعومة، وأما ما قدمه الطاعن من صورة السند موضوع الدعوى وقصاصات السند الأول، فلا يعدو أن يكون دليلا على وجود علاقة مالية سابقة بينه وبين المتهم ولا تفيد بذاتها وقوع الجريمة، ومجالها المطالبة المدنية إذا تكاملت شرائطها. وانتهى من ذلك إلى تبرئة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة أول درجة قد محصت جوانب الدعوى وأحاطت بظروفها وبالأدلة التي قام الاتهام عليها ووازنت بينها وبين أدلة النفي فى الدعوى وإنكار المتهم - المطعون ضده - فداخلها الريبة في عناصر الإثبات وخرجت باقتناع أكيد بعدم إدانة المطعون ضده. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماعها المدعى بالحقوق المدنية (الطاعن) بجلسة 11/ 4/ 1961 ثم بجلسة 19/ 11/ 1961، ولا يبين من محاضر جلسات المحاكمة في كلتا درجتي التقاضي أن الطاعن أو المدافع عنه طلب من المحكمة سماع شهادة الكاتب "أحمد السيد" وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى فى الدعوى من واقع الأوراق، وهى بعد ليست ملزمة بإجراء تحقيق أو سماع شهود إلا إذا رأت هي لزوماً لذلك فإن منعى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له من وجه ولا يعتد به. ولما كانت المحكمة الجنائية لا تختص بالحكم في التعويضات المدنية إلا إذا كانت متعلقة بالفعل الجنائى المسند إلى المتهم، فإذا كانت المحكمة قد برأت المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها فان ذلك يستلزم حتما رفض طلب التعويض ولا محل حينئذ للتمسك بطلب إحالة دعوى التعويض إلى المحكمة المدنية لأن ذلك محله حسبما نصت عليه المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية أن يستلزم الفصل في التعويضات إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية وهذا مناطه أن يكون الاختصاص الاستثنائي بالفصل في دعوى التعويض منعقدا للمحاكم الجنائية ولا يكون لدعوى التعويض محل عن فعل لم يثبت فى حق من نسب إليه ولا جدوى للطاعن فيما يثيره بشأن وصف الواقعة، طالما أن المحكمة قطعت في أصلها بالشك وقضت في موضوع التهمة بالبراءة لعدم الثبوت تحت أي وصف تكون وطبقا لأى كيف ينسبغ عليها. ولما كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة فى شأن إثبات إجراءات المحاكمة، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، وكان الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة التقرير وسماع مرافعة الخصوم، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله. ولما كانت محكمة أول درجة تناولت المذكرة التي قدمت إليها من الطاعن، وكانت المحكمة الاستئنافية لم ترخص لأى من الخصوم في تقديم مذكرة بدفاعه. وكان الطاعن لم يوجه أمام المحكمة الاستئنافية مطعنا ما على إجراءات محكمة أول درجة، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض. ولما كان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة الاستئنافية التأجيل لمرض محاميه الأصيل، بل اقتصر على مجرد طلب التأجيل للاستعداد، فرفضت المحكمة طلبه، واستمرت في نظر الدعوى، وكانت إجابة طلب التأجيل أو عدم إجابته في هذه الصورة من إطلاقات محكمة الموضوع، ولا تلتزم بالرد عليه صراحة فى حكمها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السند المقدمة قصاصاته قد استبدل به السند موضوع الدعوى، والذى قدمت صورته الشمسية وطوى أصله وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق ما بشأن تمزيق أول السندين، وكان لما أثبته الحكم محكمة أول درجة الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه أصله الثابت في الأوراق من محضر الشرطة المؤرخ 3/ 10/ 1961 فان دعوى الخطأ في الإسناد تكون منتفية فضلا عن انتفاء المصلحة في الاحتجاج بها، وكان من المقرر أنه يكفى أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر في  ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان سائر الطعن جدلا موضوعيا صرفا لا يثار لدى محكمة النقض، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق