الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 يناير 2017

الطعن 15507 لسنة 72 ق جلسة 21 / 10 / 2009 مكتب فني 60 ق 50 ص 367

جلسة 21 من أكتوبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ إبراهيم الهنيدي، عبد الفتاح حبيب، حسن الغزيري ومصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة.
--------------
(50)
الطعن 15507 لسنة 72 ق
(1) إثبات "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص المحكمة من تصرفات الطاعن وأفعاله وأقواله السابقة والتالية على الحادث قرينة على حفظه لشعوره واختياره وقت الحادث. استدلال سليم. 
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بانتفاء المسئولية للمرض العقلي.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بندب خبير فني في الدعوى لتحديد مدى تأثير مرض الطاعن على مسئوليته الجنائية. حد ذلك؟ 
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. ما دام سائغاً. 
عدم التزام المحكمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة في ذلك إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق الدفاع الشرعي. لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لدفع العدوان. 
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
إثارة الدفع بتناقض التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً. 
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(6) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في المحاكمات الجنائية. قيامها على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود. ما دام ذلك ممكناً. امتناع المحكمة عن سماع شهادة الشاهد. جائز. متى وضحت الواقعة لديها. أساس ذلك؟ قرار المحكمة بطلب سماع الضابط أو طبيب المستشفى. تحضيري. لا تتولد عنه حقوق للخصوم. النعي على الحكم في هذا الشأن. غير مقبول.
(7) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي. لها كامل الحرية في تقدير القيمة التدليلية لها. 
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع استدعاء الطبيب الأخصائي. ما دامت قد اطمأنت لتقرير الطب الشرعي واطرحت تقريره.
-----------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمداً من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات ومما جاء بتقرير الطب الشرعي، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن من انتفاء مسئوليته لمرضه بمرض عقلي ورد عليه بما مجمله: "... أن المتهم ومنذ ارتكاب الواقعة يقر تفصيلاً بارتكابها ويورد أسباب ذلك أمام جهة الشرطة وبتحقيقات النيابة، وأن أحداً من الشهود لم يقر بانعدام مسئولية المتهم وأن الأوراق قد خلت مما يشير إلى أن المتهم مصاب عقلياً وأن المحكمة لم تلاحظ على المتهم ذلك بكافة جلسات المرافعة وانتهت إلى أنها تطمئن إلى أن المتهم يتمتع بحالة عقلية سليمة ورفضت الدفع". لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أثبتت في حدود سلطتها التقديرية تمتع الطاعن بملكة الوعي والتمييز والقدرة على حسن الإدراك وسلامة التدبير العقلي وقت ارتكاب الجريمة، وذلك من واقع ما استدلت به من مسلك الطاعن وأفعاله وأقواله سواء ما كان منها سابقاً على وقوع الجريمة أو أثناء ارتكابه لها أو من بعد مقارفته إياها، واستدلت من كل ذلك على سلامة قواه العقلية وقت وقوع الحادث وهو استدلال سليم لا غبار عليه إذ اتخذت من تصرفاته وأقواله السابقة والتالية على الحادث قرائن على ما انتهت إليه من أنه كان حافظاً لشعوره واختياره وقت الحادث، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد.
2 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديداً لمدى تأثير مرض الطاعن على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى على ما تقدم لأن الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهي لا تلتزم بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
3 - لما كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه بقوله: "... أن المتهم قرر بمحضر الضبط وبتحقيقات النيابة العامة أنه استولى على السكين المضبوطة من المجني عليه وطعنه بها ثلاث طعنات وأن المجني عليه كان أعزل لا يحمل أية أدوات يمكن أن يستخدمها في الاعتداء على المتهم بعد أن جرده الأخير من الأداة التي كانت معه "السكين" كما وأن المتهم لم يقرر بأن المجني عليه كان يحاول الاعتداء عليه أثناء طعنه، ومن ثم يكون حق الدفاع الشرعي منتفياً وانتهت المحكمة إلى رفضه"، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي بأن هذا الحق لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لدفع العدوان، وأنه بفرض أن السكين للمجني عليه وقد انتزعها الطاعن منه فقد صار أعزل لا يستطيع الاعتداء بها أو متابعة اعتدائه ولا يصح في القانون اعتبار الطاعن في حالة دفاع شرعي إذا ما انهال على المجني عليه طعناً بالسكين المذكور طالما أنه قد جرده منها، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويكفي في تبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن من تناقض تحريات الشرطة، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها بالإضافة إلى أنه لم يبين وجه هذا التناقض، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - من المقرر أن للمحكمة سلطة تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت تدليلاً سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق واعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث واستخلص أن الطاعن استعمل في ارتكاب الجريمة السكين المضبوطة أخذاً بما أورده تقرير الصفة التشريحية والذي لا ينازع الطاعن فيما نقله الحكم عنه، فإنه لا على الحكم إن هو اجتزئ من اعتراف الطاعن ما اطمأن إليه من مقارفته جريمة الضرب المفضي إلى الموت واطرح ما لا يطمئن إليه بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب سماع شهادة طبيب الاستقبال بمستشفى العامرية والنقيب/..... بصفة احتياطية واطرحه في قوله "أن المحكمة لا تعول على طلب الدفاع مناقشة المذكورين وحسب المحكمة في ذلك أنها تطمئن وتأخذ بشهادة الطبيب الشرعي بجلسة المرافعة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ولا تعوَّل على ما تضمنه التقرير الطبي الأولى عن الحالة الصحية للمجني عليه وكذا ما أثبته النقيب/..... بمحضره المؤرخ... ذلك أن المحكمة ترى كفاية اعتراف المتهم بالتحقيقات من أن السكين المضبوطة هي ذات المستخدم في الحادث، ومن ثم تنتهي المحكمة إلى رفض الطلب". لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو نفيها ما دام سماعهم ممكناً إلا أنه يجوز للمحكمة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية أن تمتنع عن سماع شهادة الشاهد متى رأت أن الواقعة التي طلب سماع شهادته عنها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ارتكاب المتهم للواقعة على النحو السالف بيانه واطرحت ما أثبته محرر محضر الضبط بشأن السكين المستخدم وكذلك ما ورد بالتقرير الطبي الأولى، فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تجب الطاعن إلى طلبه سماع المذكورين، هذا فضلاً عن أن قرار المحكمة بطلب سماع الضابط أو طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الطبيب الأخصائي بمستشفى..... وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب الدفاع باستدعائه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- قتل..... بأن طعنه ثلاث طعنات بالصدر والبطن من سكين بحوزته قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2- أحرز بغير مسوغ من الضرورة المهنية والشخصية أداة مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص "سكين". وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والدي المجني عليه مدنياً قبل المتهم بأن يؤدي لهما مبلغ جنيه واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات، أولاً: بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة السكين المضبوط. ثانياً: بإلزام المحكوم ضده بأن يؤدي للمدعيين بالحق المدني جنيه واحد تعويضاً مؤقتاً
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وإحراز أداة "سكين" مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الشخصية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه اطرح دفعه بانتفاء مسئوليته لمرضه بمرض عقلي وعدم عرضه على الطب الشرعي، وأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس إلا أن الحكم رد على ذلك برد غير سائغ، والتفت الحكم عن دفاع الحاضر عن المتهم ببطلان التحريات وعدم جديتها كما استند الحكم في قضائه بالإدانة إلى اعتراف المتهم رغم أنه قرر أنه كان في حالة دفاع شرعي ولم يرد نصاً على ارتكاب الجريمة، كما رد بما لا يصلح رداً على طلبه بسماع شهادة طبيب المستشفى محرر التقرير الطبي الأولى على المجني عليه والنقيب/..... معاون مباحث..... بعد أن أجلت المحكمة الدعوى لسماعهما وعادت وفصلت في الدعوى دون سماعهما، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمد من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات ومما جاء بتقرير الطب الشرعي، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن من انتفاء مسئوليته لمرضه بمرض عقلي ورد عليه بما مجمله: "... أن المتهم ومنذ ارتكاب الواقعة يقر تفصيلاً بارتكابها ويورد أسباب ذلك أمام جهة الشرطة وبتحقيقات النيابة، وأن أحداً من الشهود لم يقر بانعدام مسئولية المتهم وأن الأوراق قد خلت مما يشير إلى أن المتهم مصاب عقلياً وأن المحكمة لم تلاحظ على المتهم ذلك بكافة جلسات المرافعة وانتهت إلى أنها تطمئن إلى أن المتهم يتمتع بحالة عقلية سليمة ورفضت الدفع". لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أثبتت في حدود سلطتها التقديرية تمتع الطاعن بملكة الوعي والتمييز والقدرة على حسن الإدراك وسلامة التدبير العقلي وقت ارتكاب الجريمة، وذلك من واقع ما استدلت به من مسلك الطاعن وأفعاله وأقواله سواء ما كان منها سابقاً على وقوع الجريمة أو أثناء ارتكابه لها أو من بعد مقارفته إياها، واستدلت من كل ذلك على سلامة قواه العقلية وقت وقوع الحادث وهو استدلال سليم لا غبار عليه إذ اتخذت من تصرفاته وأقواله السابقة والتالية على الحادث قرائن على ما انتهت إليه من أنه كان حافظاً لشعوره واختياره وقت الحادث، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني في الدعوى تحديداً لمدى تأثير مرض الطاعن على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى على ما تقدم لأن الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهي لا تلتزم بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.  لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه بقوله "... أن المتهم قرر بمحضر الضبط وبتحقيقات النيابة العامة أنه استولى على السكين المضبوطة من المجني عليه وطعنه بها ثلاث طعنات وأن المجني عليه كان أعزلا لا يحمل أية أدوات يمكن أن يستخدمها في الاعتداء على المتهم بعد أن جرده الأخير من الأداة التي كانت معه "السكين" كما وأن المتهم لم يقرر بأن المجني عليه كان يحاول الاعتداء عليه أثناء طعنه، ومن ثم يكون حق الدفاع الشرعي منتفياً وانتهت المحكمة إلى رفضه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي بأن هذا الحق لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لدفع العدوان، وأنه بفرض أن السكين للمجني عليه وقد انتزعها الطاعن منه فقد صار أعزل لا يستطيع الاعتداء بها أو متابعة اعتدائه ولا يصح في القانون اعتبار الطاعن في حالة دفاع شرعي إذا ما انهال على المجني عليه طعناً بالسكين المذكور طالما أنه قد جرده منها، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويكفي في تبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعوَّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن من تناقض تحريات الشرطة، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها بالإضافة إلى أنه لم يبين وجه هذا التناقض، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة سلطة تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت تدليلاً سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق واعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث واستخلص أن الطاعن استعمل في ارتكاب الجريمة السكين المضبوطة أخذاً بما أورده تقرير الصفة التشريحية والذي لا ينازع الطاعن فيما نقله الحكم عنه، فإنه لا على الحكم إن هو اجتزأ من اعتراف الطاعن ما اطمأن إليه من مقارفته جريمة الضرب المفضي إلى الموت واطرح ما لا يطمئن إليه بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب سماع شهادة طبيب الاستقبال بمستشفى..... والنقيب/..... بصفة احتياطية واطرحه في قوله: "إن المحكمة لا تعوَّل على طلب الدفاع مناقشة المذكورين وحسب المحكمة في ذلك أنها تطمئن وتأخذ بشهادة الطبيب الشرعي بجلسة المرافعة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ولا تعوَّل على ما تضمنه التقرير الطبي الأولى عن الحالة الصحية للمجني عليه وكذا ما أثبته النقيب/..... بمحضره المؤرخ..... ذلك أن المحكمة ترى كفاية اعتراف المتهم بالتحقيقات من أن السكين المضبوطة هي ذات المستخدم في الحادث، ومن ثم تنتهي المحكمة إلى رفض الطلب"، لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو نفيها ما دام سماعهم ممكناً إلا أنه يجوز للمحكمة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية أن تمتنع عن سماع شهادة الشاهد متى رأت أن الواقعة التي طلب سماع شهادته عنها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ارتكاب المتهم للواقعة على النحو السالف بيانه واطرحت ما أثبته محرر محضر الضبط بشأن السكين المستخدم وكذلك ما ورد بالتقرير الطبي الأولى، فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تجب الطاعن إلى طلبه سماع المذكورين، هذا فضلاً عن أن قرار المحكمة بطلب سماع الضابط أو طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الطبيب الأخصائي بمستشفى .... وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب الدفاع باستدعائه ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 14527 لسنة 72 ق جلسة 21 / 10 / 2009 مكتب فني 60 ق 49 ص 354

جلسة 21 من أكتوبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الرؤوف عبد الظاهر، حسين مسعود، سمير سامي نواب رئيس المحكمة وخالد القضابي.
--------------
(49)
الطعن 14527 لسنة 72 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة. أساس ذلك؟ 
مثال.
(2) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟ 
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي. حد ذلك؟ 
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
- 3  إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها. ينتفي به حتماً موجب الدفاع الشرعي. علة ذلك؟ 
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع أو المستندات. مفاده: اطراحها. 
مثال.
(4) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انصراف غرض المُصِرِّ على العدوان إلى شخص معين بالذات لتوافر سبق الإصرار. غير لازم. كفاية انصرافه إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة. 
مثال.
(5)  إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير حجية الاعتراف وقيمته في المواد الجنائية. موضوعي. 
عدم التزام المحكمة بنص الاعتراف وظاهره. لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها. 
المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(7) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. 
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره. شرط ذلك؟ 
أخذ الحكم بدليل احتمالي. غير قادح فيه. حد ذلك؟ 
مثال.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إيراده من اعتراف الطاعن الأول بالمخالفة للثابت بالتحقيقات. غير سديد. 
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم. استفادة الرد من قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم. 
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة من المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 21 من يناير سنة 2002، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1992 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 22 من مارس سنة 2002، بيد أنه لما كان ذلك اليوم - يوم الجمعة - وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي 23 من مارس سنة 2002، ومن ثم فإن مذكرة أسباب طعن الطاعن الثاني/..... تكون قد قدمت في الميعاد، ومقبولة، ويكون الطعن بها قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستساغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً، وكان البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم توافر سبق الإصرار في قوله: "يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه، فلما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المتهمين لسابق الخلافات بينهما وبين نجل المجني عليه انتويا الاعتداء عليه وإيذاءه وفكرا سوياً في كيفية ذلك, وأعد الأول سكيناً وأعد الثاني سلاحاً نارياً واتجها سوياً للبحث عنه في محل إقامته ومنزله, فتقابلا مع شقيقه الأصغر فاقتاداه تحت تهديد ما يحملانه من أسلحة إلى الطريق المؤدي لخطوط السكك الحديدية للاعتداء عليه فلحق بهم والده المجني عليه لرد الاعتداء عنه, فتركاه واتجها إليه حيث ضربه الأول بالسكين الذي يحمله من الخلف في ظهره ضربتين وعاجله الثاني بطلقة نارية من السلاح الناري الذي يحمله فأحدثا إصاباته التي أودت بحياته, وهو الأمر الذي اطمأنت إليه المحكمة أخذاً لما سبق ويكون الدفع على هذا النحو في غير محله متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان لهذا الذي قاله الحكم مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ومستمد من اعتراف الطاعنين وأقوال شهود الإثبات التي لا يجادل الطاعنان في صحة ما حصله الحكم منها، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت هذا الظرف - والرد على الدفع بانتفائه - من وقائع وأمارات كشفت عنه هو بما يسوغ به هذا الرد والاستخلاص، فإن ما يثره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بتوافر حالة الدفاع الشرعي في حقهما واطرحه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لدى المتهمين, فلما كانت المحكمة قد اطمأنت وانتهت إلى توافر سبق الإصرار لدى المتهمين لإحداث الإيذاء بالمجني عليه وضربه على النحو السابق بيانه، فلا محل للبحث في توافر حالة الدفاع الشرعي". وكان من المقرر أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها انقضى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، هذا ولأن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وهو ما أثبته الحكم بغير معقب، ولا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابة الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما تفيد اطراحها له ولم تعول عليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى فساد استدلال الحكم في خصوص ثبوت ظرف سبق الإصرار وانتفاء حقهما في الدفاع الشرعي في غير محله ويتعين رفضه.
4 - لما كان الطاعن الثاني يثير بأسباب طعنه انتفاء سبق الإصرار لأنه - وبفرض توافره - فإن نية الاعتداء لم تكن موجهة سوى لنجل المجني عليه، فإنه لا وجه لما يثيره فيما تقدم فقد عرض الحكم المطعون فيه لظرف سبق الإصرار واستظهره واستدل على توافره في حق الطاعنين استدلالاً سائغاً يتحقق به قيام هذا الظرف كما هو معروف به في القانون إذ ما دام قد أثبت عليهم أنهم صمما فيما بينهما قبل ارتكاب الجريمة على الفتك بنجل المجني عليه الأول انتقاماً لنفسيهما، فذلك يكفي ولا يشترط لتوافر هذا الظرف أن يكون غرض المصر هو العدوان على شخص معين بالذات بل يكفي أن يكون غرضه المصمم عليه منصرفًا إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة، فلا وجه لما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن.
5 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، وأنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى سالفة الذكر الحقيقة كما كشفت عنها بطريق الاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق - وهو ما لم تخطئ المحكمة في تقديره - ومن ثم فلا يقبل مجادلة المحكمة في تقديرها أو مصادرتها في عقيدتها، وتكون منازعة الطاعنين في هذا الخصوص في غير محلها.
6 - لما كان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يثيره الطاعن الثاني بأسباب طعنه ببطلان اعترافه لكونه وليد إكراه، فإنه ليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على المواءمة والتوفيق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما حصله من أقوال شهود الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من التقرير الطبي الشرعي - بل يتلاءم معه - فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها، كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون الطبيب الشرعي قد تعذر عليه تحديد نوع أو عيار المقذوف وأنه أجاز حدوث إصابة المجني عليه من مثل المسدس المضبوط دون أن يقطع بذلك، لما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك وأكدت لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره، هذا فضلاً عن أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
8 - لما كان البين من المفردات المضمونة أن ما أورده الحكم من اعتراف الطاعن الأول من أنه كان يحمل سكيناً والطاعن الثاني مسدساً وتوجها سوياً للاعتداء على نجل المجني عليه فاعتديا على المجني عليه الأول وأحدثا بما معهما من أسلحة إصاباته والتي أودت بحياته له أصله الثابت باعترافه بالتحقيقات، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل.
9 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم به قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم حدوث الواقعة في شارع..... وإنما بشارع.....، وما قدمه من خرائط بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولاً: المتهمان: قتلا عمداً مع سبق الإصرار المجني عليه/..... بأن بيتا النية واتفقا على قتله وأعدا لذلك سلاحاً نارياً "فرد خرطوش" وسلاحاً أبيض "سكين" وتوجها لمسكنه وما أن ظفرا به حتى طعنه المتهم الأول بسكين طعنتين في جانبه الأيسر فسقط أرضاً فأطلق عليه المتهم الثاني عياراً نارياً في جنبه الأيمن قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهم الثاني: 1- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش". 2- أحرز ذخائر طلقتين مما تستعمل على سلاح ناري دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. 3- أحدث عمداً إصابة المجني عليه/..... والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك باستعمال أداة "فرد خرطوش". 4- أطلق أعيرة نارية داخل المدن. ثالثاً: المتهم الأول: أحرز سلاحاً أبيض "سكين" بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 2، 242/ 1، 3، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالأخير والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات، بعد أن عدلت قيد ووصف الاتهام الأول المسند للمتهمين إلى الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار، بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة لما نسب إليهما ومصادرة السلاح المضبوط
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
--------------
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ.....، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1992 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في.....، بيد أنه لما كان ذلك اليوم - يوم الجمعة - وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي.....، ومن ثم فإن مذكرة أسباب طعن الطاعن الثاني/..... تكون قد قدمت في الميعاد، ومقبولة، ويكون الطعن بها قد استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بالجرائم المسندة إليهما قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون وفي الإسناد، ذلك بأن الحكم جاء قاصراً في استظهار سبق الإصرار ولم يورد من الأدلة ما يؤدي إلى توافره, واتخذ الحكم من توافر هذا الظرف ركيزة لانتفاء حقهما في الدفاع الشرعي دون أن يعي بتحقق إصابة الطاعن الأول وأثرها في قيام هذه الحالة, وقد تمسك الطاعن الثاني ببطلان اعترافه لكونه وليد إكراه دفع به إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع بتسبيب قاصر غير سائغ وعولت على هذا الاعتراف مع أنه لم يكن نصاً في ارتكاب الجريمة، وعوَّل الحكم على الدليلين القولي والفني على ما بينهما من تعارض في شأن مسافة الإطلاق ولم يعن الحكم برفعه، كما عوَّل على تقرير فحص السلاح مع أنه لم يجزم بتحديد نوع المقذوف وأسند الحكم إلى الطاعن الأول قوله: إنه توجه والمتهم الثاني الذي كان يحمل سلاحاً إلى مسكن نجل المجني عليه وهو ما لا أصل له في الأوراق، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإعادة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستساغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً، وكان البحث من توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم توافر سبق الإصرار في قوله "يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرصة ما يسمح له بالتروي والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المتهمين لسابق الخلافات بينهما وبين نجل المجني عليه انتويا الاعتداء عليه وإيذاءه وفكرا سوياً في كيفية ذلك وأعد الأول سكيناً وأعد الثاني سلاحاً نارياً واتجها سوياً للبحث عنه في محل إقامته ومنزله فتقابلا مع شقيقه الأصغر فاقتاداه تحت تهديد ما يحملانه من أسلحة إلى الطريق المؤدي لخطوط السكك الحديدية للاعتداء عليه فلحق بهم والده المجني عليه لرد الاعتداء عنه فتركاه واتجها إليه حيث ضربه الأول بالسكين الذي يحمله من الخلف في ظهره ضربتين وعاجله الثاني بطلقة نارية من السلاح الناري الذي يحمله فأحدثا إصاباته التي أودت بحياته وهو الأمر الذي اطمأنت إليه المحكمة أخذاً لما سبق ويكون الدفع على هذا النحو في غير محله متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان لهذا الذي قاله الحكم مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ومستمداً من اعتراف الطاعنين وأقوال شهود الإثبات التي لا يجادل الطاعنان في صحة ما حصله الحكم منها، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت هذا الظرف - والرد على الدفع بانتفائه - من وقائع وأمارات كشفت عنه هو بما يسوغ به هذا الرد والاستخلاص، فإن ما يثره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بتوافر حالة الدفاع الشرعي في حقهما واطرحه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لدى المتهمين فلما كانت المحكمة قد اطمأنت وانتهت على توافر سبق الإصرار لدى المتهمين لإحداث الإيذاء بالمجني عليه وضربه على النحو السابق بيانه، فلا محل للبحث في توافر حالة الدفاع الشرعي". وكان من المقرر أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها انقضى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، هذا ولأن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وهو ما أثبته الحكم بغير معقب، ولا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابة الطاعن، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما تفيد اطراحها له ولم تعول عليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى فساد استدلال الحكم في خصوص ثبوت ظرف سبق الإصرار وانتفاء حقهما في الدفاع الشرعي في غير محله ويتعين رفضه. لما كان ذلك، وكان الطاعن الثاني يثير بأسباب طعنه انتفاء سبق الإصرار لأنه - وبفرض توافره - فإن نية الاعتداء لم تكن موجهة سوى لنجل المجني عليه، فإنه لا وجه لما يثيره فيما تقدم فقد عرض الحكم المطعون فيه لظرف سبق الإصرار واستظهره واستدل على توافره في حق الطاعنين استدلالاً سائغاً يتحقق به قيام هذا الظرف كما هو معروف به في القانون إذ ما دام قد أثبت عليهم أنهم صمما فيما بينهما قبل ارتكاب الجريمة على الفتك بنجل المجني عليه الأول انتقاماً لنفسيهما، فذلك يكفي ولا يشترط لتوافر هذا الظرف أن يكون غرض المصر هو العدوان على شخص معين بالذات بل يكفي أن يكون غرضه المصمم عليه منصرفًا إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة، فلا وجه لما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، وأنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى سالفة الذكر الحقيقة كما كشفت عنها بطريق الاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع العقل والمنطق - وهو ما لم تخطئ المحكمة في تقديره - ومن ثم فلا يقبل مجادلة المحكمة في تقديرها أو مصادرتها في عقيدتها، وتكون منازعة الطاعنان في هذا الخصوص في غير محلها. لما كان ذلك، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يثيره الطاعن الثاني بأسباب طعنه ببطلان اعترافه لكونه وليد إكراه، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على المواءمة والتوفيق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما حصله من أقوال شهود الإثبات لا يتناقض مع ما نقله من التقرير الطبي الشرعي - بل يتلاءم معه - فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون لا محل لها، كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون الطبيب الشرعي قد تعذر عليه تحديد نوع أو عيار المقذوف وأنه أجاز حدوث إصابة المجني عليه من مثل المسدس المضبوط دون أن يقطع بذلك، لما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك وأكدت لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره، هذا فضلاً عن أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمونة أن ما أورده الحكم من اعتراف الطاعن الأول من أنه كان يحمل سكيناً والطاعن الثاني مسدساً وتوجها سوياً للاعتداء على نجل المجني عليه فاعتديا على المجني عليه الأول وأحدث بما معهما من أسلحة إصاباته والتي أودت بحياته له أصله الثابت باعترافه بالتحقيقات، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم به قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم حدوث الواقعة في شارع..... وإنما بشارع.....، وما قدمه من خرائط بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه مع استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المقضي بها عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية.

الطعن 28114 لسنة 72 ق جلسة 20 / 10 / 2009 مكتب فني 60 ق 48 ص 348

جلسة 20 من أكتوبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم، هادي عبد الرحمن وعلاء البغدادي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(48)
الطعن 28114 لسنة 72 ق
تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "التفتيش بغير إذن". تلبس. إجراءات "إجراءات التحقيق". قبض. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الأعمال الإجرائية. تجرى على حكم الظاهر. ولا تبطل نزولاً على ما قد ينكشف من أمر الواقع. إعمال الشارع هذا الأصل باعتباره تلبساً بالجريمة وفقاً للمادة 30 إجراءات. وصفاً يلحق بالمظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم لها باعتبار الإجراء المبني على اختصاص ظاهري صحيحاً ولو ثبت خلاف ذلك. 
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالبراءة استناداً لبطلان القبض والتفتيش والدليل المستمد منهما لإجرائهما تنفيذاً لحكم غيابي صادر في جنحة.
---------------
لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه حال مرور النقيب ..... معاون مباحث قسم شرطة ..... بدائرة القسم شاهد المطعون ضده - المحكوم عليه - في الجنحة رقم ..... فقام بضبطه وبتفتيشه عثر بكمر بنطاله من الداخل على طبنجة صوت كما عثر بجيب قميصه العلوي على كارنيه مغلف بالبلاستيك عليه صورته صادر من إدارة البحث الجنائي يشتبه أن يكون مزوراً وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقر بملكيته للكارنيه المزور وبعد أن أورد الحكم مضمون تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي - عرض لبعض المقررات القانونية، ثم خلص إلى قضائه بالبراءة بقوله: (وإذ كان الثابت أن الأوراق قد حملت روايتين بشأن القبض على المتهم أولاهما أبطالها شهود الإثبات وكان القبض والتفتيش وضبط الكارنيه المزور بحسبان أن المتهم قد صدر ضده حكم في القضية رقم ... جنح ... وإذ كان الثابت أنها جنحة شيك قال المتهم أن الحكم الصادر فيها غيابي - ولم يثبت بالأوراق خلاف ذلك - فإن الحكم المشار إليه لم يصبح نهائياً بعد ومن ثم وجب النفاذ الأمر الذي لا يجوز معه القبض على المحكوم عليه فيه وتفتيشه ويضحي من ثم ذلك القبض والتفتيش باطلاً ويبطل بالتالي ما أسفر عنه من ضبط المحرر المزور، والرواية الثانية بطلها الشرطي السري ..... والذي قال أنه هو الذي قبض على المتهم لمعرفته به والعلم بصدور حكم ضده في الجنحة المشار إليها وأنه سلمه للشاهد الأول والرواية كسابقتها يلحقها البطلان، فضلاً عن عدم نهائية الحكم الصادر ضد المتهم، ومن ثم عدم وجوب القبض عليه لتنفيذه ووقوع ذلك القبض وما نتج عنه باطلاً فإن الشرطي السري المذكور ليس من مأموري الضبط القضائي وفقاً لما نصت عليه المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يقع ما قام به باطلاً الأمر الذي يضحي معه الدفع المشار إليه قد صادف سنده الصحيح واقعاً وقانوناً وينعدم من ثم ما نتج عن ضبط المتهم وتفتيشه من آثار وإذ خلت الأوراق من دليل آخر قبل المتهم عن إجراء قانوني صحيح فإن المحكمة تقضي ببراءته مما نسب إليه عملاً بنص المادة 1/304 أ. ج). لما كان ذلك، وكان هذا الرأي الذي أعتنقه الحكم المطعون فيه لا يتفق وصحيح القانون ذلك بأن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما قد ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفاً يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم لجريمة بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام الجريمة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بنى الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل ضبط المتهم تنفيذاً للحكم الصادر ضده في الدعوى رقم ... جنح ... وبطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد من ذلك التفتيش لكون أن هذا الحكم غيابياً ولم يصبح نهائياً - دون أن يلتفت إلى إعلان المحكوم عليه أو عدم إعلانه بذلك الحكم وسداده الكفالة أو عدم سدادها لا يكون تحت بصر الضابط مجري تنفيذ الحكم، فضلاً عن أنه حكم يتعين تنفيذه من قبل السلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام - وهي الشرطة - طالما لم يثبت لديها قيام المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق الطعن المناسب - وهي أمور لم تتكشف إلا بعد القبض عليه والعثور معه على الكارنيه المزور المضبوط، ومن ثم فإن القبض يكون صحيحاً ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولاً:- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو الكارنيه المضبوط والمنسوب صدوره للإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار بطريق الاصطناع بأن اتفق على ذلك وساعده بأن أمده بالبيانات اللازم إدراجها فيه فقام المجهول بتحرير بياناته على غرار الصحيح منه ووقع عليه بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بإدارة البحث الجنائي وبصم عليها ببصمة خاتم مقلد على تلك الجهة فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: قلد بواسطة غيره أختاماً لجهات حكومية هو خاتم شعار الجمهورية الخاص بشرطة السياحة والآثار .... واستعمله بأن بصم به على المحرر موضوع التهمة الأولى. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 23، 1/304 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة ..... مما نسب إليه ومصادرة المحرر المزور المضبوط
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
-------------
المحكمة
ومن حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ استند في قضائه ببراءة المطعون ضده من جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتقليد خاتم لإحدى الجهات الحكومية إلى أن ضبطه وتفتيشه كان ناجماً عن تنفيذ الحكم الصادر ضده في المحضر رقم ..... لسنة .... جنح .... حال أن الحكم غيابي ولم يصبح نهائياً ومن ثم لا يجوز تنفيذه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يسدد الكفالة وأن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر ولا تبطل من بعد نزولاً عما قد ينكشف من أمر الواقع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه حال مرور النقيب ...... معاون مباحث قسم شرطة .... بدائرة القسم شاهد المطعون ضده - المحكوم عليه - في الجنحة رقم .... فقام بضبطه وبتفتيشه عثر بكمر بنطاله من الداخل على طبنجة صوت كما عثر بجيب قميصه العلوي على كارنيه مغلف بالبلاستيك عليه صورته صادر من إدارة البحث الجنائي يشتبه أن يكون مزوراً وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقر بملكيته للكارنيه المزور وبعد أن أورد الحكم مضمون تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي - عرض لبعض المقررات القانونية، ثم خلص إلى قضائه بالبراءة بقوله: (وإذ كان الثابت أن الأوراق قد حملت روايتان بشأن القبض على المتهم أولاهما أبطالها شهود الإثبات وكان القبض والتفتيش وضبط الكارنيه المزور بحسبان أن المتهم قد صدر ضده حكم في القضية رقم ... جنح ... وإذ كان الثابت أنها جنحة شيك قال المتهم أن الحكم الصادر فيها غيابي - ولم يثبت بالأوراق خلاف ذلك - فإن الحكم المشار إليه لم يصبح نهائياً بعد ومن ثم وجب النفاذ، الأمر الذي لا يجوز معه القبض على المحكوم عليه فيه وتفتيشه ويضحى من ثم ذلك القبض والتفتيش باطلاً ويبطل بالتالي ما أسفر عنه من ضبط المحرر المزور، والرواية الثانية بطلها الشرطي السري ..... والذي قال أنه هو الذي قبض على المتهم لمعرفته به والعلم بصدور حكم ضده في الجنحة المشار إليها وأنه سلمه للشاهد الأول والرواية كسابقتها يلحقها البطلان، فضلاً عن عدم نهائية الحكم الصادر ضد المتهم ومن ثم عدم وجوب القبض عليه لتنفيذه ووقوع ذلك القبض وما نتج عنه باطلاً فإن الشرطي السري المذكور ليس من مأموري الضبط القضائي وفقاً لما نصت عليه المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يقع ما قام به باطلاً الأمر الذي يضحى معه الدفع المشار إليه قد صادف سنده الصحيح واقعاً وقانوناً وينعدم من ثم ما نتج عن ضبط المتهم وتفتيشه من آثار وإذ خلت الأوراق من دليل آخر قبل المتهم عن إجراء قانوني صحيح فإن المحكمة تقضي ببراءته مما نسب إليه عملاً بنص المادة 304/1 أ.ج). لما كان ذلك، وكان هذا الرأي الذي أعتنقه الحكم المطعون فيه لا يتفق وصحيح القانون ذلك بأن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما قد ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل ورتب أحكامه، ومن شواهده أنه اعتبر التلبس بالجريمة وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وصفاً يلحق المظاهر الخارجية التي تنبئ عن ارتكاب المتهم لجريمة بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق من قيام الجريمة أو عدم قيامها، وكذلك الحال إذا ما بنى الإجراء على اختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذه - مقومات صحته، فلا يدركه البطلان من بعد إذا استبان انتفاء هذا الاختصاص وإن تراخى كشفه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل ضبط المتهم تنفيذاً للحكم الصادر ضده في الدعوى رقم ... جنح ... - وبطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد من ذلك التفتيش - لكون أن هذا الحكم غيابياً ولم يصبح نهائياً - دون أن يلتفت إلى إعلان المحكوم عليه أو عدم إعلانه بذلك الحكم وسداده الكفالة أو عدم سدادها لا يكون تحت بصر الضابط مجرى تنفيذ الحكم، فضلاً عن أنه حكم يتعين تنفيذه من قبل السلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام - وهي الشرطة - طالما لم يثبت لديها قيام المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق الطعن المناسب - وهي أمور لم تتكشف إلا بعد القبض عليه والعثور معه على الكارنيه المزور المضبوط، ومن ثم فإن القبض يكون صحيحاً ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.