جلسة 22 من نوفمبر سنة 1949
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-------------------
(36)
القضية رقم 1305 سنة 19 القضائية
أ - اختلاس.
شريكان في مطحن. استيلاء أحدهما على كامل أجرة الطحن وعدم إدراجها كلها في دفتر الحساب. توفر جريمة الاختلاس.
ب - اختلاس.
دفاع المتهم بحصول المحاسبة بينه وبين شريكه على الأجرة. دفع موضوعي لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
ج - إجراءات.
أوجه البطلان التي تلحق الأحكام الابتدائية. يجب رفعها إلى المحكمة الاستئنافية. لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
د - حكم.
ذكر التاريخ الهجري فيه. لا يلزم مع ذكر التاريخ الميلادي.
2 - إن دفاع المتهم بحصول المحاسبة بينه وبين شريكه المجني عليه عن مدة إدارته وتسلم هذا الأخير نصيبه في الغلة هو دفاع موضوعي. فإذا هو سكت عن إبدائه أمام محكمة الموضوع فلا يكون له أن يبديه لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - إن أوجه البطلان التي تلحق الأحكام الابتدائية يجب رفعها إلى المحكمة الاستئنافية، ولا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لا نص في القانون يوجب ذكر التاريخ الهجري في الحكم، فما دام قد ذكر به التاريخ الميلادي الذي صدر فيه فلا وجه للطعن عليه من هذه الناحية.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه اختلس المبالغ المقدرة بالمحضر لمحمد إسماعيل إضراراً به وهي عبارة عن قيمة ما حصله من إيراد ماكينة وكانت هذه المبالغ قد سلمت إليه بصفة كونه وكيلا بقصد توريده لذمة المجني عليه.
وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
ومحكمة قليوب الجزئية بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت فيها غيابياً عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات.
فعارض في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة بنها الابتدائية "بدائرة استئنافية" بعد أن أتمت سماعه قضت فيه بتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الوجه الأول من أوجه الطعن أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن لا تكون جريمة خيانة الأمانة فكل ما يقوله المجني عليه في بلاغه عن الحادث أن الطاعن يتلاعب في إيصالات الوزن وأنه يريد إثبات ذلك توصلا لفسخ الشركة، وبفرض حصول هذا التلاعب فإن جريمة التبديد لا تقوم بين الشركاء إلا بعد المحاسبة والتكليف بالوفاء والامتناع عن الرد، وقد تمت المحاسبة بين الشريكين فعلا عن مدة إدارة الطاعن واستلم المجني عليه نصيبه فيها كما هو ثابت بدفتر الحساب.
وحيث إن الواقعة الثابتة في الحكم الغيابي الابتدائي الصادر بإدانة الطاعن والذي أخذ الحكم الصادر في المعارضة والحكم الاستئنافي المطعون فيه بأسبابه تتحصل في أن الطاعن وهو شريك المجني عليه كان يستولى على كامل أجرة طحن الحبوب من بعض عملاء مطحنهما ويصطنع أوراقاً بالوزن والأجرة ذات أرقام مكررة ولا يثبت المكرر منها بدفتر الحساب وأنه توصل بهذه الوسيلة إلى اختلاس نصيب شريكه في هذه الأجرة وإذن فتكون جريمة الاختلاس قد توافرت أركانها. وأما ما يدعيه من حصول المحاسبة بينه وبين شريكه المجني عليه عن مدة إدارته واستلام هذا الأخير لنصيبه فهو دفاع موضوعي سكت المتهم عن إبدائه في المعارضة وفي الاستئناف أمام محكمة الموضوع فلا يكون له إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث أن محصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر البيان فلم يرد على أوجه دفاع الطاعن كما تضمن أيضاً إخلالا بحقه في الدفاع ويقول الطاعن في بيان ذلك: (أولا) إن المجني عيه توصل بطريق الاتفاق مع المحقق وشيخ البلد وهو من أقاربه إلى تغيير عنوانه في محضر التحقيق وبذلك صدر الحكم الابتدائي عليه غيابياً فعارض فيه بمجرد علمه به. (ثانياً) إنه أي الطاعن قرر بمحضر جلسة المعارضة أن المحاسبة تمت بينه وبين شريكه عن مدة إدارته وإن البوليس لفق له التهمة لأن شريكه قريب لشيخ البلد وإن المحكمة لم تحقق دفاعه هذا وقضت بتأييد الحكم. (ثالثاً) إنه امتنع عن التوقيع على محضر البوليس مما يقطع بعدم صحة ما ورد به، فحجزه المحقق إلى صباح اليوم التالي وكان شيخ البلد قريب المجني عليه موجوداً كما طلبه المحقق بالتنازل عن حقه في الشركة وعن مبالغ له طرف المجني عليه فلم يقبل، فكانت النتيجة تلفيق الاتهام. (رابعاً) إن النيابة ارتابت في التحقيق فأمرت باستيفائه بواسطة أحد الضباط وحددت له وجوه الاستيفاء، ولكن الضابط لم يقم بتنفيذ ما كلف به وقرر له المجني عليه أقوالا جديدة تحصلت في الواقعة التي أدين الطاعن بها، أما الطاعن فلم يسأل حيث جهل عنوانه الصحيح بالمحضر.
وحيث إن الطاعن إنما يتقدم أمام محكمة النقض لأول مرة بهذا الدفاع إذ لم يبد منه أمام محكمة الموضوع عند نظر المعارضة غير قول مجمل بتلفيق المحضر عليه من البوليس بسبب قرابة الشاكي بشيخ الخفراء ثم سكت عنه أمام المحكمة الاستئنافية، وإذ كان هذا كله دفاعاً موضوعياً فإنه لا يكون مقبولا أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أدان الطاعن عن واقعة مخالفة للواقعة الواردة بوصف التهمة ذلك أن الثابت من هذا الوصف أن الطاعن ارتكب الجريمة في يوم 26/11/1947 على حين أن الثابت بالحكم أن الطاعن أصدر الأوراق المكررة توصلا للاختلاس في أيام 2 و9 و15 و17 من نوفمبر سنة 1947 وفضلا عن هذا التناقض، فإن هذه الأوراق المقول بتكرارها قد حفظت لدى عامل المطحن وهو شقيق المجني عليه فإن كان ثمة تكرار أو تزوير فهو من صنعه بتحريض أخيه بقصد إقصاء الطاعن عن الإدارة وحمله على التنازل عن حقوقه.
وحيث إن الشطر الأول من هذا الوجه مردود بأن ما أثبته الحكم هو تواريخ صرف الطاعن للأوراق المكررة واشتغال ذمته بقيمتها أما التاريخ المبين بوصف التهمة التي قضى الحكم بالإدانة فيها فهو تاريخ امتناع الطاعن عن رد نصيب المجني عليه في قيمة هذه الأوراق وهو الذي تمت فيه الجريمة فعلا. أما الشطر الثاني فمردود لتعلقه بموضوع الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض فيه.
وحيث إن محصل الوجه الرابع أن الحكم الصادر في المعارضة قد وقع باطلا لخلوه من التاريخ الذي صدر فيه ومن اسم القاضي الذي أصدره واسم عضو النيابة الذي حضر بالجلسة، وأن الحكم الغيابي وحكم المعارضة والحكم الاستئنافي قد صدرت جميعها خلواً من التاريخ الهجري مما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن أوجه البطلان التي تلحق الأحكام الابتدائية يجب رفعها إلى المحكمة الاستئنافية، ولم يدفع الطاعن بما ذكره في هذا الوجه أمام تلك المحكمة. أما ما ينعاه الطاعن من خلو الحكم الاستئنافي المطعون فيه من التاريخ الهجري فإنه لا نص في القانون يوجب ذكر التاريخ الهجري في الحكم ما دام قد ذكر به التاريخ الميلادي الذي صدر فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.