جلسة 25 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود. وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار.
--------------
(222)
الطعن رقم 29 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"
(1 - 4) أحوال شخصية. "الطلاق". إقرار.
(1) اسناد الزوج وقوع الطلاق إلى زمن ماض. اعتباره إنشاءا للطلاق وليس اخبارا عنه. علة ذلك.
(2) الطلاق المضاف إلى الماضى. وقوعه من وقت اقرار الزوج به - لا أثر لمصادفة الزوجة أو تكذيبها أو ادعائها الجهل به علة ذلك. مصادقة الزوجة أثرها قاصر على اسقاط حقها فى النفقة.
(3) إقرار الزوج بالطلاق المضاف إلى الماضى. وجوب احتساب عدة المطلقة من وقت الاقرار لا من تاريخ الاسناد. الاستثناء. انتفاء تهمة المواضعه أو ثبوت تاريخ الطلاق بالبينة.
(4) الطلاق المقترن بالعدد لفظا أو اشارة والطلاق المتتابع فى مجلس واحد. لا يقع به إلا طلقة رجعية واحدة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 123 سنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة الاسكندرية الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بإثبات طلاقه لها الحاصل فى 4/ 11/ 1971، وقالت بيانا لدعواها أنه تزوجها بصحيح العقد الشرعى فى 17/ 10/ 1967 وبعد أن دخل بها نشب خلف بينهما اجتمع على أئره يوم 4/ 11/ 1971 بعض أفراد أسرتيهما لمصالحتهما غير أنه أوقع عليها فى هذا المجلس أمام حاضريه يمين الطلاق بقوله "أنت طالق" وكرر مقالته هذه عدة مرات، وإذ أقام عليها بعد انقضاء عدتها دعوى يطالبها بالدخول فى طاعته برغم أنها لا تزال فى عصمته فقد أقامت هذه الدعوى - وبتاريخ 29/ 5/ 1972 حكمت المحكمة باحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن زوجها الطاعن طلقها فى 4/ 11/ 1971 بعد الدخول، وبعد أن سمعت شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 29/ 1/ 1973 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 لسنة 1973 "أحوال شخصية نفس" الاسكندرية طالبة إلغاؤه والقضاء بطلباتها، وبتاريخ 8/ 5/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات طلاق الطاعن للمطعون عليها طلقة رجعية اعتبارا من 6/ 4/ 1975 - طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثانى منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بثبوت الطلاق اعتبارا من 6/ 4/ 1975 على سند من القول بأن الزوج إذا أخبر زوجته بطلاق من زمان مضى وصدقته الزوجية فى الإسناد فإن ذلك يعنى أن تكون ابتداء عدتها من وقت الأخبار لا من الوقت الذى أسند إليه الطلاق، فى حين أنه لما كان الثابت أن المطعون عليها ذهبت فى دعواها إلى أن الطاعن طلقها طلاقا بائنا فى 4/ 11/ 1971 أمام شهود، وصادقها هو على ذلك أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 4/ 1975، فإنه يتعين إثبات الطلاق مستندا إلى تاريخ إقرارها بوقوعه، وهو المتفق عليه بإجماع حال المصادقة أخذا بقبول الزوجين معا، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن المقرر فى فقه الحنفية أن إسناد الطلاق فى زمن ماض يقع من الزوج إذا كان أهلا لإيقاعه وقت إنشائه متى كانت المرآة محلا له فى ذلك الوقت وفى الوقت الذى أضيف إليه، ويعتبر إنشاءا للطلاق وليس إخبارا عنه، لأن الزوج إذ لا يمكنه إنشاء الطلاق فى الماضى فقد أمكن اعتباره تنجيزا فى الحال. الفتوى أن الأصل فى الطلاق المضاف إلى الماضى أن يكون من وقت الإقرار به من الزوج مطلقا وسواء أصدقته الزوجة فيه أو كذبته إذا أدعت جهلها به نفيا لتهمة المواضعة مخافة أن يكونا اتفقا على الطلاق وانقضاء العدة توصلا إلى تصحيح إقرار الزوج المريض لها بالدين أو ليحل له الزواج بأختها، أو أربع سواها، ولا تعدو مصادقة الزوجة زوجها المقر فى إسناد طلاقها إلى تاريخ سابق إلا إسقاط لحقه هى فى النفقة وما إليها من حقوق مالية، دون أن يعمل بهذه المصادقة فيما من حقوق الله تعالى. فتبدأ عدتها من وقت الإخبار أو الإقرار لا من وقت الإسناد. ولما كان تعليل جعل المدة من وقت الاقرار هى خشية تهمة المواضعة، فإنه ينبغى أن يتحرى محلها ويرجع إلى الناس الذين هم مظانها، فإن كان واقع الحال يتجافى عن مظنة هذه التهمة أو قامت على صحة تاريخ الطلاق بينة شرعية تكون هى وليس الإقرار سناده، فإنه ينبغى الاعتداد بتاريخ الإسناد واتخاذه بدءا للطلاق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على أن بينة شرعية لم تقم على إيقاع الزوج الطلاق فى الزمان الماضى الذى أسنده إليه وهو يوم 4/ 11/ 1971 مما مفاده قيام مظنة تهمة المواضعه؛ وكان واقع الحال فى الدعوى لا ينفيها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن الطلاق الذى أوقعه الزوج – رجعى طبقا لنص المادة الخامسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، فى حين أنه والمطعون عليها يقرران أنه بائن بينونة كبرى، مما يعيبه.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن عبارة الطلاق المقترنة بالعدد لفظا أو إشاره بالتطبيق للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 يشتمل الطلاق المتتابع فى مجلس واحد لأنه مقترن بالعدد فى المعنى وإن لم يوصف لفظ الطلاق بالعدد، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن إقرار الطاعن الطلاق المطعون عليها كان مجردا عن العدد لفظا أو إشارة ولم يكن طلاقا على مال وليس مكملا للثلاث وحصل بعد الدخول، فإنه لا يقع به إلا واحدة ويكون طلاقا رجعيا ولا عبرة بوصف الطلاق الذى يرد على لسان أحد الزوجين، ويكون النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق