باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء (ب)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد سامى إبراهيم نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / هشام والي محمود إبراهيم يونس سليم أحمد مقلد نواب رئيس
المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ إسلام قرمان.
وأمين السر السيد/ مصطفى محمد.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة.
في يوم الثلاثاء 29 من جماد الأخر سنة 1443ه الموافق الأول من فبراير
سنة 2022م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 520 لسنة 90 القضائية
المرفوع من:
..... محكوم عليه طاعن
ضد
النيابة العامة مطعون ضدها
-----------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 7193/144/2019 قسم
المقطم (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 977 لسنة ٢٠١٩ كلي جنوب القاهرة).
بأنه في يوم 28 من مايو سنة ٢٠١٩ بدائرة قسم المقطم محافظة القاهرة:
أحرز
بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة 11 من نوفمبر سنة ٢٠١٩ وعملًا
بالمواد ۱، ۲، 36، 37/1، 42/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون ١٢٢
لسنة 1989 والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول
والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال مقتضى المادة 17 من قانون
العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة
سنتين وتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية
وذلك باعتبار أن القصد من إحراز المخدر التعاطي.
فطعن المحامي/ ..... بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض بتاريخ الأول من يناير سنة 2020.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض بتاريخ 4 من يناير سنة 2020 موقعًا
عليها من المحامي/ ......
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دنه بجريمة
إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في
الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأن أسباب الحكم جاءت في عبارات عامة
معماة فلم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بيانًا تتحقق به
أركان الجريمة التي دانه بها ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة، وعول على أقوال شاهد
الإثبات دون إيراد مضمونها تفصيلًا، كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض
والتفتيش لانتفاء مبررات استيقافه وعدم توافر حالة التلبس غير أن الحكم اطرح هذا
الدفع بما لا يسوغ، وعول على أقوال الضابط شاهد الإثبات رغم بطلان الإجراءات التي
قام بها، كما لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة
وتناقض أقواله وانفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له وافتقار أقواله
إلى الدليل الذي يدعمها ويؤيد صحتها ودلالة ذلك على تلفيق الاتهام، كما التفت عن
إنكاره الاتهام المسند إليه وانتفاء صلته بالواقعة وبالمضبوطات وما آثاره بشأن
اختلاف وزن المادة المخدرة عند التحليل عنها لدى التحريز وتناقض أقوال المجني عليه
في واقعة الشروع في السرقة في محضر جمع الاستدلالات عنها بتحقيقات النيابة العامة،
كما ناقض الحكم حجية الحكم الصادر ببراءة الطاعن من تهمة الشروع في السرقة سند
القبض عليه ودانه بأدلة لا تصلح سندًا للإدانة لما شابها من تناقض وتضارب ورغم خلو
الأوراق من أي دليل يقيني قبله، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله أنها تتحصل في
أنه بتاريخ 28/5/2019 فجراً وأثناء مرور النقيب .... معاون مباحث قسم شرطة المقطم
بمنطقة الهضبة دائرة القسم لتفقد حالة الأمن تلاحظ له صياح بعض الأهالي حال
ملاحقتهم لدراجة بخارية مرددين حرامي قاصدين قائدها فقام بمطاردة تلك الدراجة
وتمكن من استيقاف المتهم .... الطاعن قائد تلك الدراجة الذي حاول الهرب بعد
استيقافه إلا أن ضابط الواقعة وباقي أفراد القوة المرافقة له تمكنوا من ضبطه
وبسؤاله عن التراخيص قرر بعدم حمله لها وتوصل من الأهالي الملتفة حوله لمالك
الدراجة الذي تبين أنه يدعى .... والذي قدم رخصة
التسيير لتلك
الدراجة المضبوطة باسمه فقام بتفتيش المتهم .... وقائياً تمهيداً لاصطحابه لديوان
القسم عثر بطيات ملابسه على خمسة لفافات ورقية بفضها في مواجهته عثر بها على مادة
داكنة اللون يشتبه في كونها لجوهر الهيروين المخدر وبمواجهة المتهم أقر له بإحرازه
للمخدر المضبوط وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن
أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي بشأن فحص
المضبوطات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مضمون الأدلة خلافًا لقول الطاعن وكان القانون لم يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده
الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما
استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور
في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر
المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالًا مباشرًا أو بالواسطة وبسط سلطانه
عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه
على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في
جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو
يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالًا عن هذا الركن
إذا كان ما أوردته في حكمها كافيًا في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه
مخدرًا، وإذ كان يبين من محضري جلسة المحاكمة أن أيًا من الطاعن أو المدافع عنه لم
يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافيًا في
الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم
في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى
أقوال شاهد الإثبات التي كانت من بين
الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان
واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها،
فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير
محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض عليه
وتفتيشه لانتفاء مبررات استيقافه ولانتفاء حالة التلبس ورد عليه بقوله وحيث إنه عن
الدفع ببطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته وببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة
التلبس فمردود بأن استيقاف الضابط للمتهم بمقتضى سلطته الإدارية في التحقق من
تراخيص الدراجة التي كان يستقلها المتهم بسبب مطاردة الأهالي له وهو إجراء لا
يستلزم مبررات معينة كأن يضع المتهم نفسه في موضع الريب والشكوك أو خلافه ومن ثم
فإن هذا الإجراء قد وقع صحيحاً وبات النعي عليه بالبطلان على غير سند من القانون
فضلاً عن أن الضابط اصطحب المتهم لديوان القسم لتحرير محضراً له وما أجراه من
تفتيش للمتهم ليس إلا تفتيشاً وقائياً لتجريده مما عسى أن يكون بحوزته من أسلحة أو
أدوات يعتدي بها على نفسه أو على أفراد القوة المرافقة حال اصطحابه لديوان القسم
لا سيما ولم يثبت بالأوراق تجاوز الضابط نطاق التفتيش الوقائي ومن ثم فإن ضبط
المخدر بإحراز المتهم بناءاً ونتيجة لذلك التفتيش قد تولد عن إجراء صحيح قانوناً
ولا شبهة للبطلان فيه وبالتالي فإن منعى الدفاع في هذا الصدد غير سديد . وكان ما
انتهى إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأن الاستيقاف هو إجراء
يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه
اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه
طواعية منه واختيارًا في موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم
تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملًا بالمادة 24 من قانون الإجراءات
الجنائية، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بها
قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، كما أن المادة 34 من قانون
الإجراءات الجنائية قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو
الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي
توجد دلائل كافية على اتهامه، وكان تقدير قيام حالة التلبس أو عدم توافرها من
الأمور الموضوعية البحتة التي يوكل تقديرها بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون
تقديرًا خاضعًا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها
تتفق منطقيًا مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة
تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها، وإذ كان ما رتبه الحكم على الاعتبارات السائغة التي أورها في مدوناته من إجازة القبض على الطاعن وتفتيشه صحيحًا في
القانون وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجريمة السرقة حين تلاحظ للضابط أثناء
مروره بدائرة القسم ملاحقة الأهالي للطاعن بالصياح لقيامه بسرقة دراجة بخارية فقام
بمطاردته وتمكن من استيقافه وبسؤاله عن تراخيصها تبين عدم حمله لها وقدم له مالك
الدراجة المسروقة التراخيص فقام بضبط الطاعن وبتفتيشه تمهيدًا لاصطحابه إلى القسم
عثر معه على المخدر المضبوط، فقد توافرت بذلك حالة التلبس بجريمة السرقة التي تبيح
لمأمور الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه، ويكون ما أورده الحكم تدليلًا على توافر
حالة التلبس وردًا على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش
كافيًا وسائغًا ويتفق وصحيح القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير
سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه
ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط شاهد الإثبات من إجراءات القبض والتفتيش والتي انتهى الحكم
المطعون فيه سديدًا إلى صحتها، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله
ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر
العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى
إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا
إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد أو
تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره بفرض
حصوله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته
ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وكانت المحكمة
قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وحصلت أقواله بما لا
تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة لا يعدو أن يكون جدلًا
موضوعيًا حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا
يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعن على الحكم أنه عول
على أقوال شاهد الإثبات مع افتقارها إلى دليل يدعمها ينحل إلى جدل في تقدير الدليل
مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع
بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من
الحكم ما دام الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت
التي أوردها الحكم واطمأن إليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في اطراح
الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه وانتفاء صلته بالواقعة وبالمضبوطات مردودًا بأن
نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها
مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان جدل الطاعن
والتشكيك في انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري
عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت
في تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد
الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو
مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان ما
يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال المجني عليه في واقعة الشروع في السرقة أمر لم يتصل
بقضاء الحكم، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن تقدير المحكمة لدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى ما دامت لم
تطمئن إلى الدليل المقدم فيها ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى عل الأدلة التي
تطرح على المحكمة على بساط البحث بالجلسة ويقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو
ببراءته مستقلًا في تكوين عقيدته بنفسه، كما أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية
إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملًا للمنطوق
ومرتبطًا به ارتباطًا وثيقًا غير متجزئ ولا يكون للمنطوق قوام إلا به، أما إذا
استنتجت المحكمة استنتاجًا ما عن واقعة مطروحة عليها فإن هذا الاستنتاج لا يحوز
حجية ولا يمنع محكمة أخرى من أن تستنبط من واقعة مماثلة ما تراه متفقًا وملابسات
الدعوى المطروحة عليها لانتفاء الحجية بين حكمين في دعويين مختلفين موضوعًا
وسببًا، كما أنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهمًا يجب أن يكون مطلق الحرية في
هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ولا
مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين
حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ومن ثم
فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن
لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أدلة الإدانة والتضارب فيها بل ساق قوله
مرسلًا مجهلًا، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة،
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا. لما كان ذلك، وكان ما أورده
الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع
الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته
المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا
في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا
رفضه موضوعًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق