جلسة 7 من نوفمبر سنة 1964
برياسة السيد/ الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.
---------------
(1)
القضية رقم 2127 لسنة 6 القضائية
(أ) موظف - تقرير سري
- موظفو المصانع الحربية - سلطة التعقيب على تقديرات الرؤساء - هي للشخص الذي له صفة المدير بالنسبة للوحدة التي يعمل بها الموظف - أساس ذلك مستمد من المادة 10 من قرار وزير الحربية رقم 159 لسنة 1953 التي نصت على عرض تقرير الرئيس عن الموظف، على مديره المختص لإبداء ملاحظاته.
(ب) موظف - تقرير سري
- تقدير نشاط الموظف وكفايته للعمل - هو عمل الجهة الإدارية، ولا رقابة للسلطة القضائية على هذا التقدير، إلا إذا قام الدليل على الانحراف وإساءة استعمال السلطة - إثبات الانحراف وإساءة استعمال السلطة - تحديد نطاقه بالفترة التي وضع عنها التقرير.
إجراءات الطعن
في 28/ 7/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته المشار إليها سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بجلسة 30/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 26 لسنة 5 القضائية المرفوعة من السيد/ نمر حسب الله نخله ضد وزارة الحربية والقاضي "بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص منحه العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1957 مع صرف متجمدها إليه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبعد إعلان هذا الطعن لذوي الشأن نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت.. إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي سمعت ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم".
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الحربية في 7/ 11/ 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 26 لسنة 5 القضائية ضد وزارة الحربية طلب فيها إلغاء التقرير السري المحرر عنه عن سنة 1956 فيما تضمنه من تقدير درجة ضعيف له وإلغاء القرار الصادر من المصانع الحربية برقم 97 لسنة 1957 والمبلغ به المدعي في 17/ 7/ 1957 فيما تضمنه من حرمان الطالب من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1957 وباستحقاقه لتلك العلاوة..... وقال في بيان دعواه إنه دخل في الخدمة في عام 1941 موظفاً بوزارة الصحة ثم نقل للعمل في المصانع الحربية ومما يقطع ببطلان التقرير المطعون فيه أنه في نفس السنة التي وضع فيها كتب المصنع التابع هو له أنه قائم بعمله على أتم وجه وترتب على هذه الشهادة ترقيته للدرجة السادسة الكتابية في 28/ 8/ 1956 بالقرار الوزاري رقم 1099 سنة 1956 كما وأنه قد حصل في التقرير السري عن سنة 1955 على 89% وعلى 84% في تقرير سنة 1954 وقبل ذلك كانت تقاريره لا تقل عن درجة جيد، هذا إلى أن العبرة بتقرير الرئيس المباشر خصوصاً وأن النظام المعمول به في المصانع الحربية يحول دون اتصال الموظف بالمدير مباشرة بل الاتصال يكون بين الموظف ورئيسه المباشر ثم بين الرئيس المباشر والمدير، ويخلص مما تقدم أن التقرير المطعون فيه قد جانب الحق وقواعد العدالة ومشوباً بإساءة استعمال السلطة.... ثم أضاف المدعي في مذكرة له أن الذي وقع التقرير هو نائب المدير وليس المدير مما يترتب عليه قانوناً بطلان هذا التقرير وذلك بالاستناد إلى المادة "10" من القرار الوزاري رقم 159 لسنة 1953 وتنص على أن "تقدم هذه التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه المباشر ثم تعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم تعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً" هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالمدعي كان منتدباً للعمل في قسم العقود بالمصانع ثم تقرر نقله للعمل بالمصنع الحربي رقم 27 اعتباراً من 28/ 6/ 1956 وكان ذلك النقل بتزكية من رئيسه المباشر ومن مدير المصنع ومما تجب ملاحظته كدليل على إساءة استعمال السلطة تخفيض درجات المواظبة إلى خمسة ثم إلى ثلاثة في حين أن المدعي لم يتغيب عن عمله دون إذن طوال عام 1956 كما وأن المدعي يقوم حالياً بأعمال رئيسية فلا ينبغي معه القول بأنه ضعيف في عمله وأن ما نسب إليه بخصوص فاتورة معينة إن هو إلا مجرد إدعاء ينفيه الواقع الملموس وأن حرصه الشديد على المصلحة العامة كان الدافع له على التنبيه إلى الخطأ الذي تسير عليه إدارة العقود في صرف الفواتير الأمر الذي دعا مدير إدارة العقود إلى التطاول عليه بألفاظ نابية وإلى تقديم شكوى من المدعى ضده في 9/ 9/ 1956.
أجابت المصانع الحربية على الدعوى بأنه لا يجوز إلغاء القرار الإداري رقم 97 لسنة 1957 الصادر في 1/ 7/ 1957 المتضمن حرمان المدعي من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1957 لحصوله في التقرير السري المقدم عنه عن عام 1956 على درجة ضعيف وهذا التقرير قد وضع بمعرفة السيد رئيسه المباشر الذي قدر له 61 درجة وبعرض التقرير على السيد مدير عام المصنع قدر له 38 درجة ولما عرض التقرير المذكور على لجنة شئون الموظفين في 25/ 6/ 1957 قررت اعتماد التقرير بدرجة 38 أي بدرجة ضعيف وقرار اللجنة المذكورة في هذا الشأن هو قرار نهائي لا يجوز الطعن فيه وذلك وفقاً لأحكام المادة "31" من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 الصادر في 30/ 3/ 1957 وقد استحدث هذا التعديل حكماً جديداً يستوجب إعلان الموظف الذي تقدره لجنة شئون الموظفين بدرجة ضعيف بصورة من التقرير ليكون على بينة من أمر نفسه نظراً لما يترتب على هذا التقدير من آثار كحرمانه من أول علاوة دورية ثم تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير وقد تم بالفعل إعلان المدعي بصورة من هذا التقرير - وأن ما جاء بعريضة الدعوى من أن ترقيته إلى الدرجة السادسة الكتابية في 28/ 8/ 1956 كانت على أساس التقرير المقدم عنه في عام 1956 فمردود بأن ترقيته كانت على أساس تقرير عام 1955 إذ أن التقارير السنوية تقدم عادة في فبراير من كل عام، كذلك ما جاء بعريضة الدعوى من أن المدعي كان قائماً بعمله على أتم وجه وأن التقرير المطعون فيه قصد به إضرار المتظلم والتشفي منه لتمسكه بتنفيذ التعليمات فهو مجرد قول لا يقوم على أي أساس.... ويبدي المصنع أن إدارة العقود والمشتريات التي كان يتبعها المدعي تتدرج مباشرة تحت رئاسة السيد نائب المدير العام وبالتالي فإن سيادته له الإشراف التام على أعمال تلك الإدارة ومن ثم فهو أدرى بأعمال كل موظف فيها وأعمال المدعي كانت تعرض مباشرة عليه..." وفيما يتعلق بالقرار الإداري الذي بموجبه صدر النموذج السري الخاص بموظفي المصانع الحربية فإن هذا النموذج قد اعتمد اعتباراً من سنة 1956 ووزعت الدرجات على النموذج حسب العناصر الموجودة فيه وهي عنصر العمل والإنتاج والمواظبة والصفات الشخصية والقدرات وقدرة المبادأة والابتكار والنشاط الرياضي والثقافي والقدرة على القيادة..... أما عن الشكوى المقدمة من المدعي في 8/ 9/ 1956 فكانت بعد أن لفت نظره رئيسه السيد/ عبد الهادي عبد الفتاح رئيس المشتريات بخصوص الخطأ الذي وقع منه كما أن هناك شكوى ضد المدعي من السيد مدير إدارة العقود والمشتريات ثم انتهى الأمر باعتذار المدعي وتنازل السيد المدير عن شكواه وكون نائب المدير العام للمصنع هو الذي وقع على التقرير المطعون فيه فإن ذلك كان بتفويض من السيد المدير العام للمصنع... وبتاريخ 30/ 5/ 1960 قضت المحكمة الإدارية المذكورة بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1957 مع صرف متجمدها إليه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "بانية قضاءها هذا على أنه رغم قيام مدير المصنع بالعمل وقتذاك فإنه لم يوقع على التقرير وإنما وقع عليه نائب المدير العام للمصنع الأمر المخالف للقانون مما يعيب التقرير المطعون فيه ويؤدي إلى بطلانه لفقدانه إجراء جوهرياً هو وجوب توقيع المدير المحلي بشخصه، ولا يجدي جهة الإدارة احتجاجها بأن المدير فوض نائبه في التوقيع على التقرير ذلك أنه لا يملك التنازل إلى غيره عن كل أو بعض اختصاصاته إلا إذا خوله القانون هذا الحق الأمر الغير متوافر في الحالة المعروضة...
وأن ما يطلبه المدعي من إلغاء القرار الصادر بحرمانه من العلاوة المستحقة له في 1/ 5/ 1957 إن هو إلا أثر من آثار التقرير المطعون فيه تنفيذاً للمادة "31" من القانون 210 لسنة 1951 وتنص على "أنه يترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية" وطالما أن هذا التقرير قد رأت المحكمة إلغاءه فإن القرار المبني عليه يكون هذا الآخر باطلاً.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المتقدم ذكره يقوم على أن طبيعة العمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية تختلف عنها في الوزارات والمصالح الأخرى، لذلك أعد نموذج تقرير سري خاص بموظفيها وقد قصرت مراحل وضع هذا التقرير على الرئيس المباشر ثم المدير دون رئيس المصلحة ولم يقصد بالمدير في هذه الحالة أن يكون مدير المصنع بشخصه لأن سلطات مديري المصانع الحربية واختصاصاتهم هي السلطات والاختصاصات المخولة لرؤساء المصالح وذلك بالتطبيق لقرار إدارة المصانع الحربية رقم 160 لسنة 1953 بجلسة 23/ 12/ 1953 لهذا فإن المدير المحلي المقصود بالمادة (31) من القانون 210 لسنة 1951 ليس لقب المدير اللفظي بل قد يكون مدير الإدارة التابع لها الموظف أو المراقب أو نائب مدير المصنع حسب طبيعة أعمالهم من كونهم أقرب الأشخاص صلة بأعمال الوظيفة وبالتالي فهم أقدر على تقدير درجة الكفاية بما يتفق وما قصده المشرع روحاً في نص المادة (31) سالف الذكر ومن ثم فلا بطلان يلحق التقرير المطعون فيه من الناحية الشكلية... وأما من الناحية الموضوعية فإنه توجد عناصر للتقدير لا تثبت في الأوراق ومع ذلك تدخل في حساب التقدير ومتى كان الأمر كذلك فإن الذي يعيب التقرير هو الانحراف الذي لم يقم المدعى عليه أي دليل... وتقدير الكفاية مسألة تقديرية تنفرد بها جهة الإدارة فلا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل لمناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة - ومع ذلك وعلى فرض أن تقريره السنوي لم يكن بدرجة ضعيف فإن هذا لم يكن ليؤدي حتماً إلى منحه العلاوة لعدم الارتباط بين الأمرين ولأن منح العلاوة متروك لتقدير لجنة شئون الموظفين دون رقابة عليها في ذلك...
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي نقل من وزارة الصحة إلى المصانع الحربية اعتباراً من 28/ 6/ 1955 ورقي للدرجة السادسة الكتابية بالأقدمية المطلقة اعتباراً من 28/ 8/ 1956 وتقرر حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في مايو سنة 1957 لحصوله على تقرير بدرجة ضعيف عن عام 1956 ثم رقي للدرجة الخامسة الكتابية اعتباراً من 29/ 10/ 1960 - وبالرجوع إلى التقرير السري المطعون فيه يبين أن الرئيس المباشر قدر كفايته بواحد وستين درجة والمدير بثمانية وثلاثين درجة. ومذكور في التقرير أنه قد تم عرضه على لجنة شئون الموظفين بجلسة 26/ 4/ 1957 واعتمدت التقرير بدرجة ثمانية وثلاثون.
ومن حيث إن القانون رقم 98 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة للمصانع الحربية ينص في المادة "4" على أن "يختص مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات بما يلي:..... (15) إصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم ومكافآتهم دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة، وكذا إصدار اللوائح الخاصة بتنظيم أعمال المخازن والمشتريات واللوائح المالية..." وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزير الحربية رقم 159 لسنة 1953 في 11 من يناير سنة 1954 ناصاً في المادة (9) منه على أنه "فيما عدا الموظفين الجدد المعينين تحت الاختبار يخضع لنظام التقارير السرية جميع موظفي المصانع والإدارة العامة عدا مديري المصانع ومديري الإدارات الذين يتولى وكيل الوزارة المساعد المختص وضع تقرير عنهم. وتعد هذه التقارير كل سنة وتحرر على أنموذج خاص.. "ونصت المادة (10) من هذا القرار على أن "تقدم التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه ثم يعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم تعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات على الدرجة العامة لتقدير الكفاءة، وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً".
ومن حيث إن المدعي يعيب على التقرير السري الموضوع عنه عن سنة 1956 بتقدير ضعيف، بمخالفة القانون لأن الذي عقب على تقدير الرئيس المباشر ليس المدير وإنما نائب المدير كما وأن هذا التقرير شابه عيب الانحراف وإساءة استعمال للأسباب التي أوردها المدعي في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه بملف الطعن والسابق الإشارة إليها وكلا العيبين أو أحدهما يجعل التقرير غير ذي أثر في العلاوة المستحقة له في مايو سنة 1957 لأن ما بني على باطل فهو باطل...
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه بطلان التقرير فالثابت مما تقدم أن موظفي المصانع الحربية لهم وضع خاص بحسب طبيعة العمل الذي يمارسونه وتعدد الشعب في المصنع الواحد وما يتطلبه العمل في المصانع من قدرات قد تختلف عن القدرات اللازمة للوظائف الأخرى وهذا يستلزم رقابة فعلية ونواح متعددة من الكفاءة ولا يمكن الحكم على كفاءة الموظفين حكماً صحيحاً إلا من الرؤساء الذين لهم بحكم عملهم اتصال وثيق بهؤلاء الموظفين - وبالرجوع إلى النموذج الذي على أساسه توضع تقديرات الكفاءة المختلفة يبين أنه يختلف اختلافاً كلياً عن النموذج الخاص بالموظفين الذين يخضعون للقانون رقم 210 لسنة 1951 وأن القصد من تعقيب المدير على تقدير الرئيس المباشر هو مراقبة الشطط في التقدير سواء كان لصالح الموظف أو ضده، وعلى ضوء الوضع الخاص بالموظفين الذين يعملون في المصانع الحربية فإن تعقيب نائب المدير - السلطة الأعلى من الرئيس المباشر في التدرج الإداري والمشرف على الإدارة التي يعمل بها المدعي - يكون قد تحقق به الهدف من التعقيب، ونائب المدير يعتبر في هذه الحالة "مديره" وهي العبارة التي وردت في المادة (10) من القرار سالف الذكر ونصها "تقدم التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه ثم تعرض على مديره المختص.." وليست العبرة بالألفاظ وإنما العبرة بالمقاصد والمعاني - وما دام القصد هو أن يكون التعقيب للشخص الذي له صفة المدير بالنسبة للوحدة التي يعمل بها الموظف فإن توقيع نائب المدير على التقرير وتعقيبه على تقديرات الرئيس المباشر إنما هو إجراء صحيح ينطوي على قصد الشارع من التعقيب هذا إلى أنه لم يذكر سواء في القرار أو في النموذج أن يكون التعقيب لمدير عام المصنع فإذا ما اقتضى نظام العمل والإشراف عليه بالدقة اللازمة توزيع العمل بين المدير ونائب المدير وكان من اختصاص الأخير الإشراف على إدارة العقود التي يعمل فيها المدعي فإنه يكون من سلطة هذا الأخير التعقيب على التقدير وليس في ذلك أي خروج على القانون نصاً وروحاً ومن ثم فإن النعي بالبطلان على التقرير السري بمقولة إن الذي عقب على تقديرات الرئيس المباشر هو نائب المدير لا المدير يكون هذا الوجه غير قائم على سند صحيح...
2 - ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإن تقدير جهة الإدارة لنشاط الموظف وكفايته للعمل هو من صميم عملها ولا رقابة للسلطة القضائية على هذا التقدير إلا إذا قام الدليل على الانحراف وإساءة استعمال السلطة ولا يكفي في هذا المقام الاستشهاد بماضيه إذ أن أوجه النشاط قد تتغير من وقت لآخر، وإذن فإثبات الانحراف أو إساءة استعمال السلطة إنما يكون نطاقه الفترة التي نزلت فيها الإدارة بتقديره إلى درجة ضعيف، وإذا كان كل ما أورده المدعي وأراد أن يبني عليه إساءة استعمال السلطة لا يمكن أن يؤدي إلى أن الإدارة قد قصدت الإضرار به أو أنها تعمدت الانحراف بسلطتها تحت تأثير أمور خاصة لا علاقة لها بالعمل وعلى ذلك يكون المدعي قد عجز عن إثبات دعواه من هذه الناحية.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ نحا غير هذا النحو فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق