الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

الطعن 1374 لسنة 7 ق جلسة 12 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 21 ص 189

جلسة 12 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ الأساتذة حسن أيوب ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(21)

القضية رقم 1374 لسنة 7 القضائية

(أ) طعن - المحكمة الإدارية العليا 

- مدى ولايتها على ما يعرض عليها من الطعون - للمحكمة إنزال حكم القانون على المنازعة برمتها، غير مقيدة في ذلك بأسباب الطعن، أو طلبات الخصوم فيه، أو هيئة مفوضي الدولة - أساس ذلك.
(ب) اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري 

- قرارات تقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان طبقاً للقانون رقم 53 لسنة 1965 المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - النص على عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف - يجعل القضاء الإداري غير مختص بإلغاء هذه القرارات - أساس ذلك في ضوء قاعدة "الخاص يقيد العام".

----------------
1 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمام المحكمة العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فللمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن أو طلبات الخصوم فيه أو هيئة مفوضي الدولة ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
2 - إنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء أنه إذا ورد نص في قانون خاص بحالة معينة، وجب اتباع هذا النص دون الأحكام الأخرى الواردة في قانون عام ولو كان لاحقاً للقانون الخاص، وذلك تطبيقاً للقاعدة التي تقول "الخاص يقيد العام" إلا إذا تناول القانون اللاحق الحكم الخاص بالحذف أو التعديل بما يعتبر عدولاً عن هذا الحكم الخاص، وعلى ذلك إذا ورد في المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - نص بعدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف، فإن هذا الحظر لا يلغيه مجرد صدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 وما طرأ عليه من تعديلات، بحجة أن هذا القانون قد استحدث قضاء إلغاء القرارات الإدارية التي كان القضاء الوطني محظوراً عليه النظر فيها بالتطبيق للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في 14 يونيه سنة 1883 والتي تقضي بأنه "لا يجوز للمحاكم تأويل الأوامر الإدارية أو إيقاف تنفيذها.." وأنه بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغائها قضائياً ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق على استثناء بعض هذه القرارات - لا حجية في هذا القول ذلك أن القانون رقم 53 لسنة 1935 هو قانون خاص بضريبة الأطيان الزراعية، فإذا ما ورد نص في هذا القانون حظر الطعن في قرارات لجان التقدير أمام المحاكم ورسم طريقة للطعن في هذه القرارات أمام لجان الاستئناف ونص على كيفية تشكيل هذه اللجان فإنه يمتنع على المحاكم بكافة أنواعها النظر في الطعون التي تقدم إليها على قرارات لجان تقدير ضريبة الأطيان الزراعية سواء كانت تلك المحاكم موجودة عند إصدار هذا القانون أو بعد ذلك، لأن القانون يتكون من قواعد عامة مجردة لكل زمان ومكان ما لم يرد قيد من حيث الزمان أو المكان، وكون مجلس الدولة في سنة 1946 أي بعد القانون رقم 53 لسنة 1935 استحدث قضاء الإلغاء ونص على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك بالطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، فإن ذلك النص لا ينسخ ولا يلغي ما ورد في قانون خاص بحالة معينة من حالات الضرائب، طالما أن النص الوارد في قانون مجلس الدولة هو نص عام لا يقيد النصوص الخاصة... وغني عن البيانات أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو اختصاص مقيد ومحدود بالقانون.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 6/ 1961 أودع السيد الوكيل عن السيد/ عبد الجواد حسين قرقر سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 5/ 1961 في الدعوى رقم 125 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد الجواد حسين قرقر ضد السادة وزير الخزانة ووزير الأشغال ومحافظ البحيرة ومدير شركة البحيرة المساهمة والقاضي "برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم الثلاثة الأول بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع برفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصروفات" وقد طلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يختص بالطاعن وما يترتب عليه من آثار مع إلزام الحكومة بكامل المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحاضر الجلسات أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة المنازعة تلخص في أن المدعي أقام الدعوى رقم 125 لسنة 14 القضائية يطلب فيها الحكم ضد الثلاثة الأول من المدعى عليهم في مواجهة رابعهم "بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يختص به وبراءة ذمته من مبلغ 357 جنيهاً قيمة الأموال موضوع النزاع والمطالب به على أنه فرق ضريبة عن السنوات من سنة 1952 إلى سنة 1958 مع إلزام الحكومة بالمصاريف وأتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك 51 ف 3 ط بزمام ناحية عزب بسنتواى مركز أبو حمص بحوض السباح فصل 16 رقم 25 وذلك بطريق المشتري من المعلن إليها الرابعة بعقد مسجل في 7/ 8/ 1952 وكانت الضريبة المربوطة على هذه الأطيان لغاية نهاية سنة 1957 بواقع 280 مليماً للفدان تأسيساً على أنها من الأراضي البور وأنها تقع بالبر الأيمن لترعة حمد منيس العمومية ويفصلها عنها خصوصية أنشأتها شركة مساهمة البحيرة وخصصتها لمنفعة الأطيان المباعة منها إلى الطالب وآخرين وهذه الترعة الخصوصية تستمد مياهها من نهر النيل فرع رشيد بواسطة آلات رافعة مملوكة للشركة وتقوم الشركة بتحصيل تكاليف الري والتطهير من المنتفعين ابتداء من تاريخ الشراء إلى الآن تأسيساً على أن عقد البيع منصوص فيه على أن الأطيان المباعة ستشترك في الري الاصطناعي بواسطة الطلمبات المملوكة للشركة، وأن الشركة البائعة لها وحدها، دون سواها الحق المطلق في إدارة جميع الآلات وما يتبعها وفي تقدير القوة اللازم إعطائها للطلمبات وفي تحديد مدة الإدارة على أن يدفع المشتري سنوياً إلى الشركة البائعة عن جميع المساحة المباعة له ما تقدره الشركة عن كل فدان نظير هذه المصاريف سواء كانت الأرض منزرعة أو غير منزرعة. ورغم أن أطيان الطالب لا تنتفع من ترعة حمد منيس الخصوصية المجاورة للترعة التي أنشأتها الشركة من الجهة الغربية - وكذلك باقي أطيان الشركة الواقعة على البر الأيمن لترعة حمد منيس فإنها جميعها تروى بواسطة الآلات الرافعة سالفة الذكر. بعكس أطيان الشركة المباعة والواقعة على ترعة حمد منيس العمومية بالبر الأيسر فإنها تروى من هذه الترعة بفتحات مرخص لها من تفتيش ري قسم ثالث..... وقد أخطأ تفتيش الري ومحافظة البحيرة في تطبيق القانون إذ اعتبرا أن أطيان الطالب قد زادت منفعتها نتيجة إنشاء ترعة حمد منيس ورفعت المديرية (المحافظة) قيمة الأموال المربوطة على أطيان الطالب من 280 مليماً إلى جنيه واحد و400 مليم للفدان وذلك بأثر رجعي من سنة 1952 للآن وكلف الطالب بدفع مبلغ 357 جنيهاً فرق ضريبة لغاية سنة 1958 هذا في الوقت الذي يوجد فاصل بين أطيانه وترعة حمد منيس وعدم وجود فتحات مقررة لأطيان الطالب الذي يدفع عن هذه الأطيان سنوياً للشركة البائعة مبلغاً مقابل ريها بواسطة آلات الشركة المركبة على النيل....
أجابت الحكومة على الدعوى بأنه في 27/ 11/ 1949 صدر مرسوم بإعادة تقدير أراضي زادت قيمتها بسبب أعمال ذات منفعة عامة بمديريات منها محافظة البحيرة وذلك تطبيقاً للمادة (5) من القانون رقم 113 لسنة 1939 في شأن ضريبة الأطيان وتنص على أنه "إذا ترتب على تنفيذ أعمال ذات منفعة إن زادت قيمة الأرض الواقعة في منطقة تلك الأعمال أو نقص إيجارها السنوي بدرجة محسوسة صدر مرسوم بإعادة تقدير إيجار هذه الأراضي طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 ويحدد المرسوم بدء سريان الضريبة المعدلة. "وقد شمل المرسوم المذكور مساحة قدرها 241 ف 12 ط 12 س كانت مكلفة في ذلك الوقت باسم شركة مساهمة البحيرة وقد تم معاينة هذه الأطيان وهي تقع بناحية بسنتواى مركز أبو حمص مديرية البحيرة بحوض البلباخ فصل ثاني وعشرين (البريه) قطعة 20 بمعرفة لجنة التقدير وذلك بتاريخ 17/ 1/ 1951 وقدرت الضريبة والقيمة الإيجارية لها حسب حالتها وتم النشر والإعلان عنها ولم تقم الشركة المذكورة باعتبارها مالكة لها بالطعن على تلك التقديرات باستئنافها في ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليها في القانون رقم 53 لسنة 1935 ومن ثم أصبحت هذه التقديرات نهائية وقد قامت مديرية البحيرة باعتمادها وتنفيذها بالمكلفات وسجلات المديرية طبقاً للتعليمات المالية.... وقد ترتب على ذلك أن ارتفعت الضريبة المربوطة على هذه الأطيان من جنيه و400 مليم إلى 280 مليماً سنوياً للفدان الواحد. وعند تحصيل فرق الربطين من الشركة المذكورة قدمت تظلماً في 8/ 10/ 1953 عن زيادة الربط بذلك وقررت المديرية حفظ التظلم وأخطرت الشركة بهذا القرار.... وفي 15/ 11/ 1958 تقدمت الشركة المذكورة بشكوى جاء فيها أنها باعت الـ 241 ف و12 ط و12 س التي تصعدت ضريبتها إلى أشخاص موضحة أسماؤهم بالكشف المرفق بشكواها ومن بينهم المدعي الذي اشترى 51 ف و3 ط و10 س من هذه الأطيان بعقد مؤرخ في 7/ 8/ 1952 ومسجل وطلبت استنزال هذه الأطيان من تكليفها بما عليها من مستحقات وأضافتها على المشترين - وببحث هذه الشكوى تبين صحتها وبناء على ذلك قامت المديرية بتصحيح الوضع وإضافة فرق الربطين على أوراد المشترين ومن بينهم المدعي وقررت في 8/ 12/ 1958 إضافة مبلغ 316 جنيهاً و350 مليماً أموال أميرية على ورد مال المدعي عن سنة 1958 بخلاف ضريبة الدفاع والطرق. ثم خلصت الحكومة من سرد الوقائع المتقدمة إلى الدفع أولاً بعدم سماع الدعوى تأسيساً على نص المادة (7) من المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانونين 255 لسنة 1951، 202 لسنة 1956 وتنص هذه المادة على أنه "يجوز للممول أن يستأنف هذه التقديرات خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ الإعلان في الجريدة الرسمية.... وتفصل في الاستئناف لجنة تشكل في كل مديرية من مدير عام مصلحة الأموال المقررة أو من ينيبه عنه رئيساً ومفتش الزراعة أو من ينوب عنه وقاض تنتدبه الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية بدائرة المديرية ومفتش المالية ومفتش تعديل الضرائب وثلاثة من أعضاء مجلس المديرية ينتخبهم هذا المجلس ممن لا تكون لهم أطيان بالجهة التي سيباشرون العمل فيها بصفة أعضاء ولا يكون عمل اللجنة صحيحاً إلا بحضور خمسة أعضاء على الأقل من بينهم الرئيس وأحد أعضاء مجلس المديرية.... وتصدر اللجنة قرارها بأغلبية الآراء فإن تساوت الأصوات رجح الذي فيه الرئيس وتكون قرارات اللجنة نهائية....." وتنص المادة (8) من هذا القانون على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف" ولا يجدي القول بأن القانون رقم 53 لسنة 1935 قد صدر قبل صدور مجلس الدولة وأن المقصود من عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقدير ولجان الاستئناف هو عدم جواز الطعن أمام المحاكم المدنية في هذه القرارات - ذلك أن هذا القانون قد تعدل أكثر من مرة بمقتضى قوانين لاحقة وصادرة بعد العمل بقانون مجلس الدولة وظل النص المانع من الطعن قائماً مما يقطع بأن نية المشرع قد انصرفت إلى استبقائه والعمل على مقتضاه حتى بعد صدور قانون مجلس الدولة، ولو كان الأمر على خلاف ذلك لألغاه المشرع في القوانين المعدلة.... ثم دفعت الحكومة الدعوى بدفع آخر هو عدم قبولها شكلاً استناداً إلى أنه في 27/ 11/ 1949 صدر المرسوم بإعادة تقدير الإيجار وتعديل الضرائب وفي 17/ 1/ 1951 قدرت لجنة التقدير زيادة ضرائب استمارة (5) تعديل ضرائب على الأطيان المنتفعة بهذا المرسوم بناحية بسنتواى مركز أبو حمص مديرية البحيرة وقدرها 241 ف وكسور التي تقع على مشروع ترعة حمد منيس بر أيمن حوض السباخ رقم 22 (بريه) ومنها القدر الذي اشتراه المدعي وتصعدت الضريبة على أطيان المدعي من 280 مليماً إلى جنيه واحد و400 مليم وصدر قرار مديرية البحيرة رقم 606 لسنة 1952 بتنفيذ ما تقدم.... وفي 8/ 10/ 1953 قدمت الشركة تظلماً من زيادة الربط وفي 15/ 11/ 1951 تظلمت الشركة مرة أخرى على أساس أنها قد باعت الأطيان التي تصعدت ضريبتها إلى أشخاص آخرين منهم المدعي الذي اشترى في 7/ 8/ 1952 وفي 8/ 12/ 1958 قررت مديرية البحيرة إضافة مبلغ 316 جنيهاً و350 مليماً على ورد المدعي وهو عبارة عن فرق الضريبة من سنة 1952 إلى 1958 وفي 3/ 8/ 1959 تظلم المدعي من هذا القرار - ويبين من استعراض الوقائع المتقدمة أن مطالبة الإدارة للمدعي بهذا الفرق إنما كان تنفيذاً للقرار الذي صدر في 17/ 1/ 1951 متضمناً فرض زيادة الضريبة على الشركة السابقة استناداً إلى أحكام المرسوم الصادر في 17/ 11/ 1949 ولم تطعن عليه الشركة ولا يولد عقد البيع الصادر من الشركة للمدعي مواعيد جديدة يمكن الطعن بمقتضاه وإنما يظل هذا القرار حصيناً بعد فوات مواعيد الطعن.... وعلى فرض أن مطالبة الجهة الإدارية للمدعي بدفع فرق الربطين هو قرار إداري مما يطعن فيه بالإلغاء فإن هذه المطالبة قد تمت في 8/ 12/ 1958 ولم يتظلم المدعي من ذلك إلا في 3/ 8/ 1959 أي بعد أن انقضى أكثر من ستين يوماً ومن ثم يكون هذا التظلم غير منتج في قطع مدة الطعن....".
ثم قالت الحكومة عن الموضوع إنه ثابت من الأوراق والخرائط المقدمة منها أن أطيان المدعي التي اشتراها من الشركة في سنة 1952 تقع ضمن الأطيان التي ارتفع إيجارها بسبب أعمال ذات منفعة عامة والتي شملها المرسوم الصادر في 27/ 11/ 1949 وقد تمت معاينتها حسب خريطة تفتيش ري دمنهور وثبت تحسن حالتها فربطت الضريبة عليها حسب قيمتها الإيجارية الحقيقية ويجادل المدعي في ذلك بمقولة إن أطيانه لم تنتفع بالري من مشروع ترعة حمد منيس التي بني تصعيد الضريبة على إنشائها على اعتبار أنها مشروع عام ترتب عليه زيادة القيمة الإيجارية إلا أنه في واقع الأمر يروي المدعي هذه الأطيان من مسقة الفرنساوية التي تستمد مياهها من وابورات الشركة البائعة له المركبة على النيل كما أن إنشاء قناطر أدفينا ومصرف العطف وهي أعمال ذات نفع عام لم تنشأ إلا في سنة 1951 أي بعد المرسوم الصادر في سنة 1959 - والرد على ذلك الإدعاء من جانب المدعي هو أن أرض المدعي مقرر ريها منذ عام 1941 بتصريح من وزارة الأشغال على ترعة حمد منيس إلا أن الشركة طلبت ري هذه الأراضي من مسقة الفرنساوية التي تستمد مياهها من وابورات الشركة المركبة على النيل ومثل هذا الطلب جائز قبوله بتحويل الري من ترعة حمد منيس إلى مسقة الفرنساوية ما دامت الأطيان قد اكتسبت تقرير الري نيلياً من وزارة الأشغال ذلك أن معنى تقرير الري هو أن الأرض أضيفت إلى الرقعة الزراعية ومن حقها الحصول على المياه من أي مصدر مائي مجاور، ولو فرض أن تصريح الري لم يصدر بعد وزارة الأشغال بري الأرض موضوع الدعوى نيلياً من ترعة حمد منيس لتحرر محضر مخالفة لوابورات الشركة المركبة على النيل ولأصبح الري من مسقة الفرنساوية محرماً.... ومع كل فإن ضريبة الأرض موضوع الدعوى هي على أساس انتفاع هذه الأرض بالري النيلي من مسقة الفرنساوية وهو الطريق الذي قرره تفتيش الري عقب ترخيص وزارة الأشغال بمبدأ تقرير ري الأطيان نيلياً من ترعة حمد منيس العمومية كما وأن أطيان المدعي وهي واقعة على الجهة الشرقية لهذه الترعة وهي طريق مائي بجسريه قد أصابها التحسن إذ يسهل نقل المحصولات بواسطتها فضلاً عن ارتفاع ثمنها في حالة الرغبة في التصرف فيها لآخرين. وكذلك ما يقول به المدعي من أن المرسوم الصادر في سنة 1949 بتصعيد ضريبة 241 ف و12 ط و12 س من أطيان الشركة وثانيهما بتاريخ 20/ 3/ 1951 بتصعيد 411 ف و11 ط و15 س من أطيان الشركة أيضاً لا ينطبقان على أطيانه التي اشتراها من الشركة إنما هما خاصان بالأطيان الواقعة بحوض السباخ 16 فصل 38 "نجيب" بالضفة الغربية لترعة حمد منيس العمومية بينما أطيان المدعي تقع بحوض السباخ 16 فصل 22 "البريه" بالضفة الشرقية للترعة المذكورة - وهذا الإدعاء أيضاً من جانب المدعي مردود بأن رفع ضريبة أطيان المدعي كان تنفيذاً للمرسوم الصادر 5 سنة 1949 وهي تقع بحوض السباخ 16 فصل 22 (البرية) وهي المحاطة دائرتها باللون الأصفر على الخريطة المقدمة تحت رقم (8 دوسيه) وهي التي قررت مصلحة الأموال الأميرية تصعيد ضريبتها بعد المعاينة على الطبيعة وكما هو ثابت أيضاً من الاستمارة رقم "5" تعديل ضرائب المرفقة ضمن المستندات بالحافظة المشار إليها...... وغني عن البيان أن مصلحة المساحة تقوم بإجراء تعديلات بأسماء وأرقام الأحواض من وقت لآخر كلما اقتضت الضرورة ذلك فمثلاً حوض السباخ 16 فصل ثالث بناحية بسنتواى تعدل وقت شراء المدعي للأطيان بحوض السباخ 16 فصل 22 البرية وقد اعتمد تفتيش المساحة بدمنهور الخريطة بعد تعديلها وهو ما نص عليه صراحة قرار التصعيد.... وطلبت الحكومة رفض
الدعوى موضوعاً....
وبتاريخ 2/ 5/ 1961 حكمت المحكمة "بفرض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع الأول بعدم سماع الدعوى على أن المادة (8) من المرسوم بقانون 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان - تنص على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقدير ولجان الاستئناف" وأن المقصود بهذا النص هو عدم جواز الطعن تطبيقاً للقاعدة الواردة في المادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في سنة 1883 ولكن بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغاء تلك القرارات أمام محكمة القضاء الإداري ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق له على استثناء بعض هذه القرارات.... كما أقامت قضاءها بالنسبة للدفع الثاني بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن المرسوم بتصعيد الضريبة موضوع القرار المطعون فيه صدر ونشر في الجريدة الرسمية في 27/ 11/ 1949 وأن لجنة تقدير الضرائب قررت زيادة الضرائب تنفيذاً له في 17 يناير سنة 1951 وأن شركة مساهمة البحيرة البائعة للمدعي علمت بهذا التقدير وتظلمت منه في 8/ 10/ 1953 ورفض تظلمها وأخطرت بهذا القرار وفي 15/ 11/ 1958 تقدمت بطلب جديد تطلب فيه أن ترفع عنها الضريبة المقررة على 241 ف موضوع القرار المطعون فيه لأنها تصرفت في هذه الأطيان بالبيع لآخرين ذكرت أسماءهم ومقدار حصة كل منهم خص المدعي منها 51 ف و3 ط و10 س ولم يطالب المدعي بالربط الجديد ولم يعلم به إلا في أغسطس سنة 1959 فتظلم في 13 أغسطس سنة 1959 وأقام دعواه في 26/ 10/ 1959، والمدعي لا يطعن في مرسوم لتصعيد الضريبة الصادر في نوفمبر سنة 1949 وإنما يطعن على تطبيق أحكامه عليه تطبيقاً فردياً ومن ثم لا يسوغ أن يحاسب إلا من وقت علمه بهذا التطبيق الفردي عليه.... وقال الحكم عن الموضوع أنه لا صحة فيما يثيره المدعي من أن ملكه خارج عن نطاق مرسوم سنة 1949 لأن الثابت من تحقيق مأمور مالية مديرية البحيرة وتفتيش الري وتفتيش مساحة دمنهور أن هذا القدر يدخل في زمام حوض السباخ رقم 16 فصل 22 (بريه) المشار إليه في المرسوم سالف الذكر يؤكد ذلك أن المنطقة موضوع هذا المرسوم تقع على ترعة حمد منيس بر أيمن (الشرقي) حيث أرض المدعي وهو ما لا ينازع فيه أما البر الأيسر من الترعة المذكورة فإنه موضوع مرسوم آخر صدر في سنة 1952 وهو خارج موضوع هذا النزاع.. كما أنه لا اعتداد بما يثيره المدعي من أنه لا ينتفع بترعة حمد منيس لأنه يروي من ترعة الفرنساوية الخاصة بالشركة البائعة له - لا اعتداد بذلك لأن تصعيد ضريبة الأطيان يتحقق بمجرد وجود أعمال ذات منفعة عامة يترتب عليها زيادة قيمة الأراضي الواقعة بمنطقة الأعمال، وقد ترتب على مشروع ترعة المنيس أن صرحت وزارة الأشغال سنة 1941 بري الأراضي الواقعة عليها رياً نيلياً بعد أن كانت غير مقررة الري ومن ثم فلا يؤثر في ذلك قول المدعي أنه لا يروي أرضه مباشرة من ترعة حمد منيس ذلك أنه لولا تقرير الري لهذه المنطقة لما تمكنت الشركة من ريها من آلاتها والثابت من كتاب تفتيش ري البحيرة أن هذه المنطقة قد أضيفت إلى رخصة الآلات الخاصة بالشركة سنة 1942 نتيجة للتصريح بريها فالمنفعة إذن واقعة مؤكدة أفادت منها الشركة وأرضها وأفاد المدعي منها بعد ذلك عندما اشترى أطيانه وهي مقررة الري....".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الاستدلال وفي تطبيق القانون ذلك أنه يجب استبعاد كل المشروعات التي تمت في المنطقة الواقعة فيها الأطيان بعد مرسوم سنة 1949 لأن ذلك يعتبر خارجاً عن نطاق الدعوى الحالية التي بني فيها قرار التصعيد على مشروع إنشاء ترعة حمد منيس والمرسوم المشار إليه ومن المسلم به أن أطيان الطاعن تقع على البر الأيمن لترعة حمد منيس، وليس لها فتحة على هذه الترعة وقد حاول المدعي أن يحصل على تصريح بالري من ترعة حمد منيس توفيراً للرسوم والمصاريف التي تتقاضاه منه الشركة في مقابل ري أطيانه رياً صناعياً من الترعة الخصوصية المملوكة للشركة المعروفة بترعة الفرنساوية، دون جدوى وعلى ذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه حين قال بأن الطلمبات المركبة على ترعة الفرنساوية تستمد المياه بطريق مباشر أو غير مباشر من ترعة حمد منيس هذا في الوقت الذي ثبت فيه أن ترعة الفرنساوية موجودة من قبل إنشاء ترعة حمد منيس وتستمد مياهها من فرع النيل مباشرة بواسطة طلمبات الشركة وليس لها أية صلة إطلاقاً بترعة حمد منيس التي تستمد مياهها من ترعة المحمودية.
كذلك أخطأ الحكم بقوله إن تفتيش الري قد وافق على ري أرض المدعي من ترعة الفرنساوية بمناسبة التصريح لهذه المساحة موضوع الدعوى بالري النيلي وذلك في سنة 1941 - وهذا القول مردود عليه بأن الري النيلي هو ري موسمي لفترة معينة هي فترة الفيضان وهي فترة لا تزيد على بضعة شهور بعكس الري المستديم ومهما كانت البواعث التي حدت إلى الترخيص للشركة بزيادة الرقعة التي كانت تروى من الترعة الفرنساوية، فإن هذه البواعث لا تأثير لها على الحقيقة الثابتة في الأوراق من أن أطيان المدعي المشتراة من الشركة لم تنتفع إطلاقاً من مشروع إنشاء ترعة حمد منيس وذلك كله بغض النظر عن الاختلاف الحاصل في رقم الأحواض إذ أن قرار التصعيد كان قد ورد فيه أنه خاص بالأطيان الواقعة بحوض السباخ "16" فصل 38 (نجيب) بينما أن أطيان الطاعن تقع بحوض السباخ رقم 9 فصل 22 (البرية) وليس من المعقول أنه عند تقسيم الأحواض يتغير اسم الشهرة - وكان يجب على محكمة القضاء الإداري أن تقصر بحثها في الدعوى على الواقعة الجوهرية وهي ما إذا كانت أطيان المدعي موضوع الدعوى الحالية تروى بالفصل رياً طبيعياً من ترعة حمد منيس فينطبق عليها قرار التصعيد أو لا تروى منها فلا ينطبق بغض النظر عما إذا كان التصريح الصادر للشركة من مصلحة الري قد شمل مساحة أوسع أو أقل وبغض النظر أيضاً عن البواعث الواردة في كتاب تفتيش الري وهذا هو الخطأ في تطبيق القانون... وغني عن البيان أن الشركة تمتلك مئات الأفدنة على البر الأيمن لترعة حمد منيس وجميع هذه الأطيان تروى من الترعة الفرنساوية بطلمبات الشركة البائعة ولم يشملها قرار التصعيد الصادر في سنة 1951 والعدالة تأبى هذه التفرقة - ولا يغير من هذا النظر أن الشركة قد أهملت في متابعة التظلم المقدم منها في 8/ 10/ 1953 والذي انتهى بالحفظ فلجأت إلى تقديم شكوى أخرى في 15/ 11/ 1958 تلتمس فيها توزيع المبلغ موضوع التظلم على المشترين منها ومن بينهم الطاعن، وكان الأجدر بها أن تطعن أمام مجلس الدولة في الميعاد - وقد أصابت محكمة القضاء الإداري حين قررت بأن حق المدعي في التظلم لا يبدأ إلا من تاريخ تطبيق أحكام القرار (موضوع التظلم) عليه وهو لم يعلم بالربط الجديد إلا في أغسطس سنة 1959 عند مطالبته بالفرق بين الربطين..
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى رفض الطعن موضوعاً على نفس الأسس التي قام عليها الحكم المطعون فيه ولم يتعرض التقرير إلى الدفعين اللذين دفعت بهما الحكومة أمام محكمة القضاء الإداري ورددتهما أمام المحكمة الإدارية العليا وهما الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع أنه كان يجب أن يتناول التقرير بحث هذين الدفعين لتعلقهما الأول بمدى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة بالتطبيق لنص المادة (8) من القانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان والمعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956، والثاني بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن المدعي وهو خلف خاص للشركة البائعة له الأطيان التي تصعدت ضريبتها بالمرسوم الصادر في سنة 1949 فإنه يتقيد بالمراكز القانونية التي استقرت وأصبحت بمنأى عن الطعن - ولا يغير من وجهة النظر هذه أن الشطر من الحكم المطعون فيه والخاص بالدفعين المذكورين لم يكن محل طعن، ذلك أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمام المحكمة العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فللمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن أو طلبات الخصوم فيه أو هيئة مفوضي الدولة ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن أن وزير المالية تقدم بمذكرة إلى مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1949 يطلب فيها استصدار مرسوم بإعادة تقدير القيمة الإيجارية للأراضي المبينة بالخرائط المرافقة لهذه المذكرة بسبب زيادة قيمتها لنفاذ أعمال ذات منفعة عامة، وذلك بالتطبيق للقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان، وأن يجري إعادة التقدير طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 على أن يكون بدء سريان الضريبة المعدلة من أول يناير سنة 1949 - وقد صدر المرسوم في 27/ 11/ 1949 ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد 151 في 5/ 12/ 1949 ناصاً على أن يعاد تقدير الإيجار السنوي للأراضي الواقعة بالنواحي الموضحة بالكشف المرافق والملونة على الخرائط المرافقة لهذا المرسوم وذلك طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 على أن تسري الضريبة المعدلة ابتداء من أول يناير سنة 1949 - وبالاطلاع على الكشف المشار إليه في المرسوم الصادر في 27/ 11/ 1949 اتضح أنه معنون بالآتي "وبيان أسماء النواحي الواقع بها الأراضي التي سيعاد تقدير إيجارها ووارد فيها أسماء الجهات ومن بينها بسنتواى مركز أبو حمص الواقعة في دائرتها الأطيان المملوكة للمدعي.... وقد أتمت لجان التقدير مهمتها وخلصت من ذلك في سنة 1951 ورفعت الضريبة المقررة على أطيان المدعي من 230 مليماً للفدان الواحد إلى جنيه واحد و400 مليم وتم النشر والإعلان عن ذلك طبقاً للقانون، وقد ظلت الشركة المالكة وقتذاك ساكتة، فلم تتقدم باستئناف هذا القرار أمام لجنة الاستئناف خلال الميعاد المحدد قانوناً، ثم تظلمت بعد ذلك وفي سنة 1953 إلى المديرية ولما طولب المدعي في سنة 1959 بدفع فرق الضريبة المستحقة عليه عن الأطيان التي اشتراها من الشركة في سنة 1952 أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 ينص في المادة (7) على أنه "يجوز للممول أن يستأنف هذه التقديرات خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ الإعلان في الجريدة الرسمية وذلك بطلب يسلم للمديرية أو المحافظة بإيصال أو بكتاب موصى عليه يرسل إلى المدير أو المحافظ مصحوباً بقسيمة دالة على رسم قدره 500 مليم عن كل فدان أو كسور الفدان. على ألا يزيد الرسم على عشرين جنيهاً.. كما يجوز للحكومة استئناف هذه التقديرات... وتفصل في الاستئناف لجنة تشكل في كل مديرية من مدير عام مصلحة الأموال المقررة أو من ينيبه عنه رئيساً ومفتش الزراعة أو من ينوب عنه وقاض تنتدبه الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية بدائرة المديرية ومفتش المالية ومفتش تعديل الضرائب وثلاثة من أعضاء مجلس المديرية ينتخبهم هذا المجلس ممن لا يكون لهم أطيان بالجهة التي سيباشرون العمل فيها... وتكون قرارات اللجنة نهائية" وتنص المادة (8) من هذا القانون على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف".
ومن حيث إنه لا الشركة أو المدعي قد طعن في قرارات لجان التقدير أمام اللجنة المشار إليها في المادة (7) من القانون المذكور في الميعاد المنصوص عليه فيها ومن ثم فقد أصبحت هذه القرارات نهائية. وقد حظرت المادة (8) من هذا القانون عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء أنه إذا ورد نص في قانون خاص بحالة معينة وجب اتباع هذا النص دون الأحكام الأخرى الواردة في قانون عام ولو كان لاحقاً للقانون الخاص، وذلك تطبيقاً للقاعدة التي تقول "الخاص يقيد العام" إلا إذا تناول القانون اللاحق الحكم الخاص بالحذف أو التعديل بما يعتبر عدولاً عن هذا الحكم الخاص..، وعلى ذلك إذا ورد في المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - نص بعدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف، فإن هذا الحظر لا يلغيه مجرد صدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 وما طرأ عليه من تعديلات، بحجة أن هذا القانون قد استحدث قضاء إلغاء القرارات الإدارية التي كان القضاء الوطني محظوراً عليه النظر فيها بالتطبيق للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في 14 يونيه سنة 1883 والتي تقضي بأنه "لا يجوز للمحاكم تأويل الأوامر الإدارية أو إيقاف تنفيذها..." وأنه بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغائها قضائياً ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق على استثناء بعض هذه القرارات - لا حجية في هذا القول ذلك أن القانون رقم 53 لسنة 1935 هو قانون خاص بضريبة الأطيان الزراعية، فإذا ما ورد نص في هذا القانون حظر الطعن في قرارات لجان التقدير أمام المحاكم ورسم طريقة للطعن في هذه القرارات أمام لجان الاستئناف ونص على كيفية تشكيل هذه اللجان فإنه يمتنع على المحاكم بكافة أنواعها النظر في الطعون التي تقدم إليها على قرارات لجان تقدير ضريبة الأطيان الزراعية سواء كانت تلك المحاكم موجودة عند إصدار هذا القانون أو بعد ذلك لأن القانون يتكون من قواعد عامة مجردة لكل زمان ومكان ما لم يرد قيد من حيث الزمان أو المكان، وصدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 أي بعد القانون رقم 53 لسنة 1935 مستحدثاً قضاء الإلغاء ونص على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك بالطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، فإن ذلك النص لا ينسخ ولا يلغي ما ورد في قانون خاص بحالة معينة من حالات الضرائب، طالما أن النص الوارد في قانون مجلس الدولة هو نص عام لا يقيد النصوص الخاصة... وغني عن البيانات أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو اختصاص مقيد ومحدود بالقانون...
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم فإن لجان التقدير قد عاينت وقدرت الضريبة المستحقة على ملك المدعي لتنفيذ أعمال ذات منفعة عامة أدت إلى زيادة قيمتها ووقت هذا التقدير والإعلان طبقاً للقانون كانت الأطيان مملوكة للشركة التي باعتها للمدعي في سنة 1952 على النحو المفصل آنفاً، فلم تطعن الشركة المالكة أصلاً في التقدير أمام لجنة الاستئناف المنصوص عليها قانوناً ومضت مواعيد الطعن فأصبح بذلك قرار لجان التقدير نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام لجنة الاستئناف، كذلك لم يتقدم المدعي بطعن أمام هذه اللجنة ثم لجأ في سنة 1959 إلى محكمة القضاء الإداري - وهي جهة غير مختصة - متظلماً من تصاعد الضريبة على ملكه بحجة أن.. أرضه لم تنتفع من ترعة حمد منيس الأساس الذي قام عليه التصعيد.
ومن حيث إنه لذلك يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري غير مختص بنظر الدعوى وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فقد خالف القانون وتعين إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام الطاعن بالمصروفات ولم يعد بعد ذلك ثمت حاجة للتعرض لأوجه الطعن المتعلقة بموضوع المنازعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق