الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 نوفمبر 2023

الطعن 6823 لسنة 58 ق جلسة 7 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 36 ص 207

جلسة 14 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود عبد الباري وأمين عبد العليم.

---------------

(36)
الطعن رقم 6823 لسنة 58 القضائية

(1) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". اختصاص.
اختصاص وكيل النيابة الكلية بجميع أعمال التحقيق في دائرة النيابة الكلية التابع لها. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المكاني". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
عدم إيجاب بيان الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش.
(3) إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "التفتيش بإذن". استدلالات. تحقيق. "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف عن عدم جديتها. لأن لا يمس ذاتيتها.
(4) مواد مخدرة. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في اسم المأذون بتفتيشه. لا يبطل التفتيش. ما دام هو المقصود به.
(5) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش "التفتيش بإذن". بطلان. مأمورو الضبط القضائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق مأمور الضبط القضائي في الاستعانة بالغير في إجراء القبض والتفتيش. شرط ذلك؟
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
شرط صحة الإذن بتفتيش شخص متهم أو مسكنه؟
(7) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحريز". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز. عمل تنظيمي للمحافظة على الدليل. مخالفتها لا يرتب البطلان.
(8) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدرات فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام النقض. غير مقبول.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(11) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليه. ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة.

---------------
1 - من المقرر أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة - حالياً المحامي العام - مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة - حالياً المحامي العام - أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض.
2 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش. وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون خاصة وإن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها.
4 - من المقرر أن الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش ما دام الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بإذن التفتيش والمعنى فيه بالاسم الذي اشتهر به.
5 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه ما دام يعمل تحت إشرافه.
6 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة.
7 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.
8 - لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليهما محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها.
9 - لما كان ما ينعاه الطاعن من سؤال الشهود بالتحقيقات في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
10 - من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من تناقض أقوال الشهود في شأن تحديد مكان الضبط لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. وما دامت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذا هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبة طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 17 عقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر الحشيش بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن دفاع الطاعن تمسك ببطلان التفتيش لخلو إذن النيابة الصادر به من تحديد اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن مما يجعله غير مختص بإصداره ولابتناء الإذن على تحريات غير جدية للخطأ في اسم الطاعن وشمولها شخصاً آخر لم يتم ضبطه رغم أن الإذن صادر به أيضاً. كما أن من قام بتنفيذ الإذن بالضبط هو مأمور ضبط قضائي غير المأذون له ولم يثبت ندبه من المأذون له. هذا إلى أن إجراءات الضبط والتفتيش تمت عن جريمة مستقبلة وغير التي حددها الإذن، ومع ذلك فقد رد الحكم عليها بما لا يسوغ ولا يصلح رداً وكذلك قام دفاع الطاعن على مخالفة إجراءات التحريز للقانون، واختلاف عدد ووصف طرب الحشيش في محضر الشرطة عما أرسل إلى النيابة، وأن سماع الشهود قد تم في غيبته، وتناقض أقوالهم في تحديد مكان الضبط، هذا إلى عدم وجود محطة بهذا المكان، وقول الطاعن أنه ضبط في منزله، وقد التفت الحكم عن هذا الدفاع بحجة أنه دفاع موضوعي بيد أنه كان يتعين عليه أن يواجهه بالرد عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان التفتيش لعدم اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن ورد عليه "بأن الثابت من الأوراق أن وكيل النيابة الآذن هو وكيل نيابة أسيوط الكلية وهو مختص بالتحقيق في كافة الحوادث التي تقع في نطاق دائرة هذه النيابة وليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش وانتهى الحكم من ذلك إلى رفضه" لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن وكيل النيابة الآذن كان يعمل بنيابة أسيوط الكلية في الفترة من...... حتى...... وهذه الفترة يدخل فيها التاريخ الذي أصدر فيه الإذن بالتفتيش. وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة - حالياً المحامي العام - مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة - حالياً المحامي العام - أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه هذا إلى أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش. وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولاعتبار الإذن صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في قوله "وحيث إنه عن الدفع بانعدام محضر التحريات للخطأ في اسم المتهم إذ ذكر أن اسمه...... بينما صحة اسمه....... الشهير....... فمردود بأن محضر التحريات أثبت اسم الشهرة للمتهم واسم والده وعمله ومحل إقامته وبأنه يتجر في المواد المخدرة ويحوز كمية منها وهو المقصود بالتفتيش وهو ما يعد صحيحاً وكافياً لاستصدار الإذن وبذلك يكون الدفع في غير محله" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون خاصة وأن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها. كما أن الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش ما دام الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بإذن التفتيش والمعنى فيه بالاسم الذي اشتهر به. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الإذن بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع الذي أبداه دفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لأن من قام به غير المأذون له وأطرحه في قوله "بأنه مردود بأن القبض على المتهم كان تحت سمع وبصر المأذون له وهو ما تطمئن إليه المحكمة وأن القانون لا يشترط الندب في هذه الحالة لأن ما يجريه الضابط يجريه باسم النيابة العامة الآمرة ومن ثم فإن ما وقع تم صحيحاً لوقوعه في حدود الإذن ووفقاً لصحيح القانون" لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي أن يستعين في إجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه ما دام يعمل تحت إشرافه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وإذ كان الحكم المطعون فيه انتهى سائغاً إلى رفض الدفع ببطلان التفتيش لأن من قام به غير مأذون له فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق والتحقيقات بما مؤداه أن التحريات السرية التي قام بها قسم مكافحة المخدرات مع ضباط قسم ومركز...... دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز كمية منها بمسكنه، وقد أذنت النيابة بناء على المحضر الذي تضمن هذه التحريات - بضبط وتفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه، وبناء على هذا الإذن تم ضبط الطاعن في كمين أعد له عند محطة السكة الحديد وكان يحمل لفافة تبين أن بداخلها إحدى عشرة طربة من مخدر الحشيش. وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة إجراءات الضبط والتفتيش، وإلى أن الطاعن هو المقصود بالتحريات التي صدر الإذن بناء عليها. ورفضت دفاع الطاعن في هذا الشأن وقضت بإدانته بحكمها المطعون فيه فإن ما يثيره من أن إجراءات الضبط والتفتيش تمت عن جريمة مستقبلة وغير التي حددها الإذن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليهما محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن من سؤال الشهود بالتحقيقات في غيبته لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شهود الواقعة بما لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من تناقض أقوال الشهود في شأن تحديد مكان الضبط لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. وما دامت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذا هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق