الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 نوفمبر 2023

الطعن 1273 لسنة 7 ق جلسة 5 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 13 ص 102

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(13)

القضية رقم 1273 لسنة 7 القضائية

مسئولية 

الخطأ المرفقي - تعريفه - تعدد الأخطاء المرفقية والشخصية التي ساهمت في إحداث الضرر، وتفاوت درجاتها - أثره: تقسيم الضرر (المسئولية) بين المرفق العام لتأديته الخدمة على وجه سيء، والموظف الذي ثبت تقصيره، وقامت علاقة السببية بين هذا التقصير والضرر، ولم تنتف بسبب أجنبي أو بفعل الغير.

---------------
يبين من مساق الوقائع ومن تقرير اللجنة الفنية أن هناك أخطاء عديدة في إدارة هذا المرفق وأنه ينسب إليها الضرر الذي وقع ولم يوجد من بينها الخطأ الذي يجب الآخر بل كلها ساهمت في إنتاج الضرر وإن تفاوتت درجاتها، وهذه الأخطاء بعضها مرفقي وبعضها شخصي، ومنها ما عرف الشخص الذي اقترف الخطأ ومنها من لم يعرف مقترفه.
ومن حيث إنه لا يمكن نسبة الخطأ الذي ولد الضرر إلى المرفق وحده واعتباره خطأ مرفقياً، إذ الخطأ المرفقي هو ما لا يمكن اعتباره خطأ شخصياً، ومن ثم تسأل عنه إدارة المرفق وحدها.
ومن حيث إنه من جهة أخرى قام الدليل على أن الطاعن لم يؤد واجبه دون تقصير ومظهر تقصيره أنه وقع على استلام العلبة الفاقدة دون أن يتأكد من محتوياتها، ولم يكن دقيقاً في استلامه وتسلمه لها وفي التوقيع على الأوراق الخاصة بها رغم ما فيها من عديد الأخطاء ولم يجر عليه مطابقة رقم الإيصال الذي استلم به المصوغات الفاقدة على الرقم المدون بالاستمارة، وإجراؤها أمر لازم وجوهري، ولا يقبل منه القول أن كثرة الأخطاء الواردة بهذه الأرقام تمنع من إجراء المطابقة إذ أن كثرتها لا تحول دون إجراء عملية المضاهاة، وكان عليه أن يصوب هذه الأرقام أو يطلب تصويبها أو يمتنع عن التوقيع، كما لا يقدح في دفع المسئولية عنه الظروف التي ذكرها وهي ضغط العمل وتزاحم أصحاب الشأن، إذ لو قيل بأن هذه الظروف من شأنها أن تعدم المسئولية لأضحى الأمر فوضى ولا ضابط له ولضاعت ثقة الناس في أمانة هذا المرفق بحجة هذه التعللات التي يلجأ إليها كل من يباشر عملاً في مثل هذه الظروف.
ومن حيث إن المحكمة تستنتج من مساق هذه الوقائع أن الطاعن لم يكن حريصاً كل الحرص على أداء واجبه، بل وقع منه تقصير ساهم في إنتاج الضرر، كما يوجد تقصير آخر بعضه مرفقي والآخر شخصي، ومن ثم كان الحكم المطعون فيه على صواب في تقسيمه الضرر وتحميله المرفق العبء الكبير من الضرر لتأديته هذه الخدمة على وجه سيء، بعضه مادي والبعض الآخر شخصي، لما كشف عنه التحقيق وتقرير اللجنة الفنية كما كان هذا الحكم موفقاً في إلقاء جانب يسير من المسئولية على عاتق الطاعن وقد ثبت تقصيره وقامت علاقة السببية بين هذا التقصير والضرر الذي حدث ولم تنتف هذه العلاقة بسبب أجنبي أو بفعل الغير، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين القضاء برفضه.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق أول يونيه سنة 1961 أودع الأستاذ رمسيس فرعون نيابة عن الأستاذ حلمي شاهين المحامي المقبول أمام هذه المحكمة والوكيل عن شحاتة محمد أحمد يوسف سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الاقتصاد والخزانة في الدعوى رقم 108 لسنة 7 ق بجلسة 3/ 4/ 1961 وطلب الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء الأمر الإداري رقم 73 المؤرخ 22/ 3/ 1959 الصادر من مصلحة الدمغ والموازين فيما تضمنه من مجازاته بإنذاره وإلزامه بدفع قيمة علبة المصوغات المفقودة مع رد ما سبق استقطاعه من راتبه بسبب ذلك دون وجه حق.
وقد أعلن الطعن في 8/ 6/ 1961 وتعين له أولاً جلسة أمام دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فنظرته على النحو الوارد في محاضر الجلسات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد مطالعة الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تتلخص في أن الطاعن أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 73 الصادر في 22/ 3/ 1959 فيما تضمنه من مجازاته بالإنذار وبإلزامه بدفع قيمة علبة المصوغات المفقودة مع رد ما سبق خصمه من راتبه دون وجه حق، وبسط دعواه بأنه يعمل رئيس خزانة مصلحة دمغ المصوغات الذهبية، وفي 29 من شهر يوليه سنة 1954 فقدت علبة مصوغات ذهبية خاصة بشركة الوادي للمعادن قيمتها 289 جنيهاً و990 مليماً وأبلغ الأمر للنيابة فحققته وانتهت من تحقيقها إلى قيده ضد مجهول، وفي 4/ 8/ 1954 كونت لجنة فنية لتحديد أسباب الفقد فأثبتت في تقريرها أن الإجراءات المتبعة في نظام استلام المصوغات وتداولها بين الأقسام الفنية في مراقبة الدمغ والموازين مشوبة بعيوب وأخطاء من شأنها عدم إمكان تحديد المسئولية عن فقدانه كمية من المصوغات. ثم أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً خلصت منه إلى نفس النتيجة، وقالت بعدم إمكان تحديد المسئولية الجنائية أو الإدارية قبل شخص معين لشيوع المسئولية، ومن ثم تقدمت وزارة الاقتصاد إلى وزارة الخزانة بطلب إضافة قيمة المصوغات المفقودة على جانب الحكومة، فرفضت الأخيرة ذاكرة أن شيوع المسئولية لا يبرر هذا الطلب ثم ارتأت إعادة التحقيق، ثم عرض الأمر على إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة فرأت عدم جواز مطالبة موظفي مراقبة الدمغ والموازين بأداء ثمن المصوغات الفاقدة، إلا أن وزارة الخزانة لم تقبل هذا الرأي وطلبت إعادة عرض الموضوع مرة أخرى على إدارة الفتوى والتشريع لأخذ رأيها فيما إذا كانت هذه الحالة يحكمها نص المادة 349 من لائحة المخازن والمشتريات.
فقالت إدارة الفتوى بأن نص هذه المادة لا يطبق لعدم توافر شروط تطبيقه ولكنها ذهبت إلى أنه ما دام أن شخصاً معيناً بالذات كتب على نفسه إيصالاً باستلام العلبة الفاقدة فيمكن مساءلته، وعندئذ أعادت النيابة الإدارية التحقيق فارتأت مساءلة الطاعن مسئولية محققة لظروف العمل السابق إيضاحها.
وفي 8/ 9/ 1958 حددت النيابة الإدارية مسئوليته على أساس أنه وقع على إيصال استلام العلبة الفاقدة ومن أنه اعترف في التحقيق باستلام العلب بحسب عددها لا بحسب أرقامها وأنه اختار لنفسه هذه الطريقة الخاطئة، وأضاف إلى ما تقدم أنه التظلم من القرار الصادر موضوع هذه الدعوى وأن السيد مفوض الدولة رأى إلغاءه فلم تستجب وزارة الاقتصاد لرأيه، فأقام المدعي هذه الدعوى قضي فيها برفض طلب إلغاء القرار في شقه الأول وبأحقيته في استرداد ما خصم منه زائداً عن مبلغ خمسين جنيه قيمة التعويض الذي يتعين إلزامه به وبتقسيم مصروفات الدعوى مناصفة. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه اتضح لها من تحقيق النيابة العامة ومن تقرير اللجنة الفنية ما يأتي:
(1) كثرة الأخطاء في كتابة الأرقام السرية.
(2) نقل علب المصوغات إلى الخزينة داخل صناديق مفتوحة يعهد بها إلى عامل المصعد دون رقابة عليه.
(3) استلام الخزينة للعلب بحسب عددها وتسليمها للوزانين حسب أوزانها لا حسب أرقامها السرية نظراً لكثرة الأخطاء في كتابتها.
(4) عدم ذكر الأرقام بالكامل في الدفاتر وفي الكشوف المتبادلة بين الأقسام الفنية وبين الخزينة مما يؤدي إلى اللعب في الرقم الذي يختصر.
(5) إسناد الأعمال الفنية إلى السعاة والفراشين وعمال القناة.
(6) دخول عمال اليومية إلى الأقسام الفنية حيث توجد المصوغات موضوعة على المناضد لتقديم المشروبات إلى المستخدمين والعمال.
(7) التصريح لبعض المستخدمين والعمال بالانصراف في أثناء ساعات العمل دون تفتيش قبل الانصراف.
(8) عدم تبليغ البوليس بالحادث فور ظهوره يوم 29/ 7/ 1954.
(9) عدم تعاون رئيس قسم الإحصاء مع مدير إدارة الدمغ وانصراف غيره من الموجودين بالرغم من استدعائه من منزله للاستعانة به.
ثم نعت هذه الظروف بأنها أسهمت في إحداث الضرر وبأنها كلها تعتبر أسباباً للحادث، ومن ثم يكون الطاعن قد أهمل في عمله وكان من الواجب أن يتبع طريقاً سليماً في أدائه لعمله بأن يتحقق من مطابقة الأرقام الواردة على الاستمارات المرافقة لعلب المصوغات على الأرقام الواردة بالإيصالات التي يطلب منه التوقيع عليها باستلام تلك العلب ثم يوقع بالاستلام على ما تطابقت أرقامه ويرفض التوقيع على غيره ولكنه لم يفعل ذلك وسار على النهج الجاري في العمل وهي استلام العلب طبقاً لأرقامها السرية دون مطابقة الأرقام على الإيصالات التي وقع عليها ثم تسليمها للوزانين دون إيصال، الأمر الذي استحال معه عدم معرفة الشخص الذي أخذ العلبة الفاقدة ولا يقدح في مسئوليته دفعها بأن النظام الذي سارت عليه المصلحة كان خاطئاً إذ الخطأ لا يبرر الخطأ، ويكون القرار المطعون عليه في محله في شقه الخاص بالإنذار. أما شقة الثاني فإن الأسباب قد تعددت فلا يسأل إلا عن بعض الضرر ومن ثم قدرته تقديراً جزافياً بمبلغ خمسين جنيهاً فقط من قيمة العلبة البالغ 289 جنيهاً و990 مليماً التي دفعتها مصلحة الدمغ والموازين إلى الشركة مالكة العلبة الفاقدة بعد أن استصدرت حكماً بإلزامه به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه وقع في تناقض وانتهى إلى نتيجة تخالف منطقه وذلك بأن قرر:
أن الإيصالات المشتملة على الأرقام السرية لا يمكن التعويل عليها لكثرة الأخطاء بها ثم عاد فقرر أيضاً أنه كان يتعين على الطالب أن يتحقق من مطابقة الأرقام الواردة في الاستمارات المرفقة بعلب المصوغات على الأرقام الواردة بالإيصالات المطلوب منه التوقيع عليها باستلام تلك العلب، أي أن المحكمة ارتأت مسئوليته بناء على توقيعه على الإيصال مع تسليمها بأن هذا الإيصال لا يمكن التعويل عليه.
وأن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه على أساس الأرقام السرية التي تعطى للمصوغات مع أن النظام الجاري لم يعول على هذه الأرقام إطلاقاً وأن العمل جرى على الأخذ بنظام العد لا بنظام الأرقام السرية وأنه ظهر من جرد عهدته بعد الحادث أنها كانت سليمة، ومن ثم يكون الحكم وقد أدانه بالإهمال قد جانب الصواب.
كما أن إعطاء النيابة الإدارية حق إعادة بحث الموضوع بعد الانتهاء منه منذ أربع سنوات فيه إهدار لحقوقه وفيه ضياع لمعالم الجريمة، ومن ثم يكون تحقيقها الجديد الذي أقامت عليه المحكمة حكمها باطلاً وما تأسس عليه من جزاء كذلك.
وأخيراً فإن الطاعن لم يسلك طريقة خاطئة في العمل وإنما العمل كان سارياً على الأخذ بنظام عد الطلب، ومن ثم لا يكون هو مسئولاً عن فقد هذه العلبة إذ لم يثبت في حقه إهمال ما.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة ذهبت فيه إلى القول بأن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً ثم عالجت ناحيته الموضوعية بأن أشارت إلى ما أثبتته اللجنة الفنية من أن العمل سار في مصلحة الدمغ والموازين على نحو غير دقيق مما يسمح بفقد المصوغات دون إمكان تحديد المسئولية سواء أكانت الجنائية أو الإدارية ودون إمكان نسبتها إلى شخص معين بالذات، وأن الفقد يرجع إلى هذا النظام المعيب ولم يكن بإهمال الطاعن الذي لم يقم إلا بتنفيذ ذلك النظام والسير على نهجه ولم يبد منه مسلك يعتبر خطأ، ولا يمكن إلقاء مسئولية عليه بمقولة إنه كان يتعين أن يتحقق من مطابقة الأرقام الواردة في الاستمارات المرفقة بتلك المصوغات على الأرقام الواردة بالإيصالات التي يطلب منه التوقيع عليها كرئيس خزنة لأن هذه الأرقام كانت فيها أخطاء كثيرة مما يجعل مطالبته بالتحقق من تلك الأرقام أمراً غير ممكن تحقيقه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر يكون حكماً خاطئاً وبالتالي يتعين إلغاؤه وإلغاء القرار الصادر في 22/ 3/ 1959 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالإنذار وبإلزامه بدفع قيمة المصوغات المفقودة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة بدفاع وزارة الاقتصاد والخزانة في الدعوى أشارت فيها إلى أن تقرير اللجنة الفنية السالف ذكره قد بحث نظام العمل ولم يتناول الخطأ الذي تردى فيه الطاعن، وقد كشف تقرير هذه اللجنة بحق أن أخطاء عديدة وجدت في الإيصالات التي يطلب من الطاعن التوقيع عليها ولكن كثرة الأخطاء لا تمنع من إجراء المطابقة بل إن مطالبة الطاعن بالتحقق من مطابقة الأرقام لازمة لكشف هذه الأخطاء، وليس من المقبول أن يقال أن تحقق التطابق أمر غير ممكن وكان له أن يرفض التوقيع إن استحالت عليه عملية المطابقة وأنه كان في إمكانه أن ينهج نهجاً سليماً في العمل ولم يكن النظام الذي اتبعه مفروضاً عليه بدليل ما قرره في التحقيق التكميلي من أنه اتبع هذا النظام الخاطئ لضغط العمل، ولم يقل أنه كان مضطراً إلى تنفيذ تعليمات معينة ونظام مفروض لا يملك مخالفته والخروج عليه.
ومن حيث إن الطاعن قدم مذكرة ختامية تمسك فيها بما سبق أن أبداه من دفاع وكذلك بشهادة مراقب عام المصلحة وقت الحادث الذي سمعت أقواله محكمة أول درجة والتي قرر فيها أن نظام العمل بالمصلحة كان مشوباً بعيوب جسام من ناحية هندسة المبنى وقلة الضوء فيه ومن ناحية النظام الإداري وقلة عدد الموظفين والخطأ في كتابة الأرقام السرية، وكذلك تمسك بأقوال من سئل في محاضر التحقيق ونعتها بأنها تدفع عنه المسئولية وترفع عنه كل خطأ وفي نهاية المذكرة صمم على طلباته السابقة.
ومن حيث إنه يبين من مساق الوقائع ومن تقرير اللجنة الفنية المشار إليها آنفاً أن هناك أخطاء عديدة في إدارة هذا المرفق وأنه ينسب إليها الضرر الذي وقع ولم يوجد من بينها الخطأ الذي يجب الآخر بل كلها ساهمت في إنتاج الضرر وإن تفاوتت درجاتها، وهذه الأخطاء بعضها مرفقي وبعضها شخصي، ومنها ما عرف الشخص الذي اقترف الخطأ ومنها من لم يعرف مقترفه.
ومن حيث إنه لا يمكن نسبة الخطأ الذي ولد الضرر إلى المرفق وحده واعتباره خطأ مرفقياً؛ إذ الخطأ المرفقي هو ما لا يمكن اعتباره خطأ شخصياً ومن ثم تسأل عنه إدارة المرفق وحدها.
ومن حيث إنه من جهة أخرى قام الدليل على أن الطاعن لم يؤد واجبه دون تقصير، ومظهر تقصيره أنه وقع على استلام العلبة الفاقدة دون أن يتأكد من محتوياتها، ولم يكن دقيقاً في استلامه وتسلمه لها وفي التوقيع على الأوراق الخاصة بها رغم ما فيها من عديد الأخطاء ولم يجر عليه مطابقة رقم الإيصال الذي استلم به المصوغات الفاقدة على الرقم المدون بالاستمارة، وإجراؤها أمر لازم وجوهري، ولا يقبل منه القول أن كثرة الأخطاء الواردة بهذه الأرقام تمنع من إجراء المطابقة إذ أن كثرتها لا تحول دون إجراء عملية المضاهاة، وكان عليه أن يصوب هذه الأرقام أو يطلب تصويبها أو يمتنع عن التوقيع كما لا يقدح في دفع المسئولية عنه الظروف التي ذكرها وهي ضغط العمل وتزاحم أصحاب الشأن، إذ لو قيل بأن هذه الظروف من شأنها أن تعدم المسئولية لأضحى الأمر فوضى ولا ضابط له ولضاعت ثقة الناس في هذا المرفق بحجة هذه التعللات التي يلجأ إليها كل من يباشر عملاً في مثل هذه الظروف.
ومن حيث إن المحكمة تستنتج من مساق هذه الوقائع أن الطاعن لم يكن حريصاً كل الحرص على أداء واجبه، بل وقع منه تقصير ساهم في إنتاج الضرر، كما يوجد تقصير آخر بعضه مرفقي والآخر شخصي، ومن ثم كان الحكم المطعون فيه على صواب في تقسيمه الضرر وتحميله المرفق العبء الكبير من الضرر لتأديته هذه الخدمة على وجه سيء بعضه مادي والبعض الآخر شخصي لما كشف عنه التحقيق وتقرير اللجنة الفنية، كما كان هذا الحكم موفقاً في إلقاء جانب يسير من المسئولية على عاتق الطاعن وقد ثبت تقصيره وقامت علاقة السببية بين هذا التقصير والضرر الذي حدث، ولم تنتف هذه العلاقة بسبب أجنبي أو بفعل الغير، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين القضاء برفضه.
ومن حيث إنه لذلك يتحمل الطاعن عبء مصروفات الطعن إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق