الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

الطعن 2386 لسنة 6 ق جلسة 13 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 23 ص 209

جلسة 13 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور أحمد مرسي وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(23)

القضية رقم 2386 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - درجة مالية 

- نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى نقل الموظف إلى الكادر الأعلى تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها - عدم تأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى - أساس ذلك.
(ب) ميزانية - وظيفة مخصصة - ترقية

 - التفرقة بين الترقية إلى درجات الوظائف المخصصة وبين الترقية إلى غيرها من الدرجات - ضوابط الترقية إلى الوظائف المخصصة.
(جـ) ميزانية - درجات مالية 

- رفعها إلى درجة أعلى - شغل هذه الدرجات المرفوعة لا يتم بقوة القانون تبعاً لصدور قانون الميزانية - وجوب صدور قرارات إدارية فردية بالترقية على هذه الدرجات وفقاً للقواعد المقررة للترقية.

--------------
1 - إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين في الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمناً أنه قصد الاحتفاظ للموظف الذي ينقل إلى الكادر العالي تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التي نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة (47) المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التي تقضي "وفي حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بنفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها" وحكمة ذلك ظاهرة من العدالة والصالح العام، لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة ولأنه وإن كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتماً وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها إلى الكادر الأعلى سواء من حيث الكفاءة أو المؤهل فقد أجيز لكل وزير في وزارته سلطة الترخيص في نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى، ومن ثم فإن الموظف التي تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر الأعلى في تلك الوظيفة ينبغي ألا تتأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى ما دام قد تم ذلك تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذي هو بمثابة التعيين في الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل.
2 - إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل سيرها على الوجه الأمثل، غير أنه من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما تقتضي - بحسب تخصيص الميزانية لها - تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، بحيث لا يقوم أفراد المرشحين - بحسب دورهم في الأقدمية - بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن، ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته هذا التميز الخاص بما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار وحتى بالنسبة إلى ما يجب أن يتم منها بالأقدمية، ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية أو المفاضلة في الاختيار على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية أو الاختيار على إطلاقه، وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص، بل تجد الأقدمية أو الاختيار حدها الطبيعي في إعمال أثرها فيما بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المهنية التي يتطلبها تخصيص الميزانية فمثلاً لا يرقى مهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً ولو انتظمهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية.
3 - إذا صح أن قانون الميزانية قد اعتنق حقاً مشروع الميزانية المقدم من الطاعن، وقصد من ثم إلى رفع ثلاث من الدرجات الرابعة بالكادر الإداري إلى الدرجة الثالثة المالية تقديراً منه لأهمية وظائف المفتشين من الدرجة الثالثة فليس مقتضى ذلك أن الدرجات الرابعة المرفوعة قد تعينت من بين سائر الدرجات، وليس مؤداه بالتالي أن يستتبع الرفع المذكور ترقية شاغلي هذه الدرجات حتماً وبقوة القانون ذلك لأن قانون الميزانية لا يسند إلى الموظفين درجات أو وظائف وإنما يقرر فحسب الاعتماد اللازم لمواجهة الإنفاق على تعزيز الدرجات الثالثة المقررة في الميزانية للمفتشين من طريق رفع بعض الدرجات الرابعة الإدارية أما إجراء الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة فلا يكون إلا بقرارات فردية من جانب الإدارة تتوخى فيها عند اتخاذها أن تتم الترقية طبقاً للقواعد العامة - ما دامت الدرجات المذكورة داخلة في النسبة المقررة بالأقدمية وعلى ذلك لا يستحق الترقية إلى هذه الدرجات إلا أقدم المتزاحمين من أصحاب الدور في الترقية بحسب الأقدمية سواء أكانوا من بين شاغلي الدرجات المرفوعة أم من غيرهم.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1960 أودع الأستاذ المحامي نيابة عن محمد عبد الرحمن أبو طه عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9 من يونيو سنة 1960 في القضية 362 لسنة 13 ق المرفوعة من المدعي (الطاعن) ضد وزارة الأوقاف والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه ، فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الثالثة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أبلغ الخصوم بالطعن في 16 من أغسطس سنة 1960 وتحدد لنظره جلسة 3 من مارس سنة 1963 أمام دائرة فحص الطعون فأحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث تحدد لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1964 وفي هذه الجلسة سمعت الملاحظات على الوجه المبين بالمحاضر وإرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أن المدعي (الطاعن) أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت سكرتاريتها في 18 من ديسمبر سنة 1958 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الأوقاف بتاريخ 29 من يوليو سنة 1958 والذي أصدر وكيل الوزارة قراراً بتنفيذه برقم 615 لسنة 1958 بتاريخ 13 أغسطس سنة 1958 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الثالثة بالكادر الإداري اعتباراً من 19 يوليو سنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1939 والتحق بخدمة وزارة الأوقاف في 8 من مايو سنة 1940 ورقي إلى الدرجة الرابعة بالكادر الإداري اعتباراً من 31 من مارس سنة 1958 وكان ترتيبه الرابع في كشف أقدمية موظفي الدرجة الرابعة المدعي (الطاعن) أن الوزارة عندما أعدت مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 59 ومصطفى عطية مصطفى والآنسة سعدية عبد الحميد وهؤلاء جميعاً قد رقوا إلى الدرجة الرابعة في 31 من مارس سنة 1953 وكان ترتيبهم فيها يقوم على أساس الأسبقية في الترقية إلى الدرجات السابقة وأضاف (الطاعن) أن الوزارة عندما أعدت مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 59 ضمنته اقتراحاً برفع الدرجات الرابعة التي يشغلها موظفو الكادر الإداري وعددها أربعة وهي الدرجات التي يشغلها المدعي وزملاؤه الثلاثة الذين سلفت الإشارة إليهم إلى درجات ثالثة وبررت ذلك بما يلي: نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئوليتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعها لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجة الرابعة ممن ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 إلى الدرجة الثالثة وعددهم أربعة منهم ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية وأنه قد تمت الموافقة على مشروع الميزانية بما فيه الاقتراح المذكور فارتقب المدعي أن يرقى إلى الدرجة الثالثة التي رفعت إليها درجته في الميزانية فور العمل بالميزانية الجديدة ولكنه دهش عندما فوجئ بصدور قرار من وكيل الوزارة برقم 615 في 13 من أغسطس سنة 1958 يتضمن ترقية زملائه الثلاثة السابقين عليه في كشف الأقدمية وترقية آخرين من حملة المؤهلات المتوسطة الذين قررت الوزارة قبل صدور هذه الحركة بشهر وكسور نقلهم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري ومن بينهم حسين مراد رئيس إداري المناقصات وعباس السيد الشرقاوي رئيس إداري لقسم الزراعة - واستطرد المدعي قائلاً إنه قد تبين له أن الموظفين الكتابيين المذكورين نقلاً عن غيرهما من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بقرار من وكيل الوزارة تاريخه 9 من يوليو سنة 1958 برقم 503 وقد اعتبرت الوزارة أقدميتهما في الكادر الإداري راجعة إلى نفس التواريخ التي كانت عليها أقدمياتهما في الكادر الكتابي فأصبحا لذلك سابقين على المدعي وقد رقتهما الوزارة إلى الدرجات الثالثة التي رفعت إليها في الميزانية وبعد أن أوضح أنه قد تظلم من هذا التخطي إلى الوزير مضى قائلاً إن الدرجات الثالثة التي شغلتها الوزارة بقرارها رقم 615 لسنة 1958 الصادر بتاريخ 13/ 8/ 1958 اعتباراً من 29 من يوليو سنة 1958 والتي كان من بين من رقوا إليها من حاملي المؤهلات المتوسطة حسين مراد وعباس السيد الشرقاوي إنما هي درجات مرفوعة في الميزانية من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الثالثة الإدارية وهي درجات المفتشين وقد رفعتها الوزارة خصيصاً للمفتشين الذين يشغلون الدرجة الرابعة وكان هذا التخصيص يقتضي أن تقتصر الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة على شاغلي الدرجات الرابعة التي رفعت إعمالاً لأحكام قانون الميزانية ولنص المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 وتحقيقاً للغرض الذي استهدفته الوزارة في مشروع ميزانيتها من رفع الدرجات الرابعة إلى درجات ثالثة وهي الملائمة بين الدرجة المالية وبين أهمية الوظيفة وهي وظيفة بذاتها حددتها الوزارة في صلب مشروع ميزانيتها وهو أيضاً بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك فإن الوزارة إذا تصرفت في درجة من هذه الدرجات إلى موظف ليس شاغلاً لإحدى وظائف المفتشين وهما حسين مراد وعباس الشرقاوي وأي منهما لا يصلح للترقي لوظيفة مفتش أوقاف لعدم حيازته على مقومات الصلاحية لها ولا تجانس بين طبيعتها وبين الوظيفة التي يقوم على شئونها لذلك تكون الوزارة قد خالفت قانون الميزانية وقانون نظام موظفي الدولة ويتعين إلغاء قرارها المذكور فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى إحدى الدرجات الثالثة ثم أشار المدعي أنه لما كانت الوزارة من ناحية أخرى عندما نقلت السادة الموظفين الكتابيين إلى الكادر الإداري قد أرجعت أقدمياتهم في الكادر الذي نقلوا إليه إلى تواريخ سابقة على تاريخ هذا النقل واعتبرت كلاً منهم في الدرجة الرابعة الإدارية من تاريخ ترقيته إلى هذه الدرجة في الكادر الكتابي لذلك تكون الوزارة قد أخطأت في تطبيق المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن النقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري يعتبر بمثابة التعيين الجديد في الكادر الأخير وهذا التعيين الجديد لا ينتج أثره إلا من تاريخ صدوره - وإذا كانت الوزارة قد أرجعت أقدمية الموظفين الكتابيين الذين نقلتهم إلى الكادر الإداري بالقرار رقم 503 سنة 1958 إلى تواريخ سابقة على تاريخ هذا النقل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويتعين تصحيح الوضع باعتبار أقدمية هؤلاء الموظفين في الكادر الإداري من تاريخ نقلهم إليه لا من تاريخ ترقيتهم إلى الدرجة الرابعة في الكادر الإداري وبذلك يكون حسين مراد وعباس السيد الشرقاوي أحدث في الدرجة الرابعة الإدارية من المدعي ولا يكون لهما حق في تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة إذا صح أن الترقية إلى الدرجات الثالثة التي رفعت في الميزانية تتم بالأقدمية المطلقة وأخيراً أوضح المدعي أن الوزارة لكي تسند العيب الذي شاب قرارها وهو مخالفة المادة (22) من قانون الموظفين ذكرت في قرار الترقية أمام اسم كل من المطعون في ترقيتهما عبارة (مع نقله مفتشاً) وهي عبارة فيها تمويه على أصحاب المصلحة في الطعن في القرار وعلى القضاء المختص بمراقبة مشروعيته لأن هذا النقل لم ينفذ ولم ينقل أي من المذكورين إلى وظيفة مفتش ولا يزالون إلى الآن شاغلين للوظيفة الكتابية التي كان يشغلها كل منهما قبل ترقيته وهي وظيفة تخالف في طبيعة عملها وظيفة المفتش ولا ترشح شاغليها لتولي وظيفة مفتش والمدعي لا يعلم إن كانت الوظيفة نفسها قد نقلت إلى الكادر الإداري أم لا تزال على حالتها ضمن وظائف الكادر الكتابي وسواء أكان هذا أو ذاك فإن المطعون في ترقيتهما لم تسند إلى أي منهما وظيفة مفتش كما جاء بالقرار المطعون فيه وبذلك يكون القرار قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة - فردت الوزارة على عريضة الدعوى بمذكرة مودعة بتاريخ 26 من إبريل سنة 1959 جاء بها أن المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1939 وعين في خدمة الوزارة في 8 من مايو سنة 1940 بوظيفة كاتب ثم تدرجت حالته بها إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة بالكادر الإداري في 31 من مارس سنة 1953، وأنه قد تضمنت ميزانية الوزارة للسنة المالية 58/ 1959 نقل بعض درجات الوظائف من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي ومن بين هذه الوظائف وظيفتا رئيس قلم من الدرجة الرابعة الكتابية أولاهما كان يشغلها حسين مراد وترجع أقدميته فيها إلى 30 من نوفمبر سنة 1947 وكان قائماً بالعمل بمراقبة الحسابات، والثانية كان يشغلها عباس الشرقاوي بقسم الزراعة وترجع أقدميته فيها إلى 31 من مارس سنة 1953 وقد نقلت هاتان الدرجتان إلى الكادر الإداري بوظيفتي رئيس إداري للمناقصات وتقارير ديوان المحاسبة بقسم الحسابات، ورئيس إداري بقسم الزراعة، وبتاريخ 10 من يوليو سنة 1958 أصدرت الوزارة القرار رقم 512 متضمناً نقل المذكورين إلى الكادر الإداري مع حساب أقدميتهما في درجاتهما المنقولين إليها من تاريخ حصولهما عليها في الكادر الكتابي وذلك طبقاًً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (47) من قانون نظام موظفي الدولة المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953، وفي 20، 21 من يوليو سنة 1958 اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالوزارة ونظرت في المسائل المعروضة عليها ومنها الترقية إلى الوظائف الخالية من الدرجة الثالثة بالكادر الإداري وعددها خمس درجات واحدة منها خالية والأربع الباقية مرفوعة في الميزانية. وقد رأت اللجنة الترقية إلى هذه الدرجات جميعها بالأقدمية المطلقة وقررت ترقية السادة الآتي أسماؤهم: الاسم: حسن مراد، الوظيفة: رئيس إداري المناقصات، أقدميته في الدرجة الرابعة ترجع إلى 30/ 11/ 1947 والتقريران الأخيران: 92 درجة، 100 درجة - مأمون عبد العزيز، مفتش مالي، أقدميته في الدرجة: ترجع إلى 31/ 3/ 53 والتقريران الأخيران: 98 درجة، 100 درجة - مصطفى عطية مصطفى: الوظيفة: مفتش أملاك وأقدميته في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 والتقريران الأخيران 100 درجة، 99 درجة - عباس السيد الشرقاوي وظيفة رئيس إداري بقسم الزراعة، أقدميته في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 والتقريران الأخيران: 100 درجة، 100 درجة - سعدية عبد الحميد الوظيفة محققة اجتماعية بقسم الإدارة أقدميتها في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 التقريران الأخيران: 100 درجة، 100 درجة - وقد اعتمد الوزير قرار اللجنة في 29 من يوليو سنة 1958 وصدر به القرار الإداري رقم 625 بتاريخ 13 من أغسطس سنة 1958 متضمناً ترقية هؤلاء إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 29 من يوليو سنة 1958 وأضافت الوزارة أن المدعي (الطاعن) تظلم من القرار السابق وأسس تظلمه على نقل حسن مراد وعباس من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بأقدميتهما التي كانا عليها في الكادر الكتابي جاء مخالفاً للقانون كما وأن إجراء النقل قبل إجراء حركة الترقيات مما ترتب عليه ترقيتهما إلى درجتين من الدرجات المخصصة للمفتشين قد صدر مجافياً للقانون، وقد انتهت الوزارة في بحثها للتظلم إلى رفضه وأبلغت المدعي بذلك في أول يناير سنة 1959. ثم أوضحت الوزارة بالنسبة لما ذكره المدعي من أن الدرجتين اللتين رقيا إليهما المطعون ضدهما مخصصتان في الميزانية للمفتشين - أوضحت أن درجات الكادر الإداري بالوزارة ليست مخصصة لوظائف متميزة بطبيعتها حسب وضع الميزانية ذلك التخصيص المقصود بنص المادة (22) من قانون موظفي الدولة، وأضافت الوزارة أنه لما سلف فقد رأت لجنة شئون الموظفين بالوزارة الترقية إلى الدرجات الثالثة بالأقدمية المطلقة ورقي المطعون عليهما على درجتين منهما حيث أدركتهما الأقدمية بحسب دورهما في كشف الأقدمية - وأضافت الوزارة أنه لا يقبل من المدعي قوله إن المطعون في ترقيتهما لا يصلحان لتولي وظيفة مفتش إذ أن تقرير صلاحيتهما من عدمه متروك لتقدير الوزارة نفسها لأنه من صميم عملها الذي لا معقب عليها فيه، وأن الوزارة حين قررت نقل وظيفتهما إلى الكادر الإداري إنما كان لصالح العمل وبعد أن قدرت أن عملهما ذو طبيعة إدارية، كما أنها قررت نقلهما إلى الكادر الإداري بعد أن ثبت صلاحيتهما وأهليتهما لتولي وظائف هذا الكادر - وأضافت أنه بالنسبة لاعتراض المدعي (الطاعن) على استصحاب المطعون عليهما لأقدميتهما في الكادر الكتابي بأن المحكمة العليا قد استقرت في قضائها على أن نقل الموظف من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى نتيجة لنقل درجته في الميزانية يستصحب معه أقدميته في الكادر الأدنى، وطلبت الوزارة في ختام ردها رفض الدعوى - فأصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأسست قضاءها على أن الثابت من مطالعة ميزانية سنة 1958/ 1959 أن الوزارة طلبت نقل بعض الدرجات الكتابية والفنية والمتوسطة إلى الكادر الإداري وجاء في المذكرة أنه نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئولياتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجة الرابعة ممن ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 إلى الدرجة الثالثة وعددهم أربعة منهم ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية كما يبين من الميزانية كذلك عن سنة 58/ 1959 المذكورة أنه كانت توجد في ميزانية 57/ 1958 درجات رابعة كتابية عددها خمس وعشرون درجة بميزانية الديوان العام والتفاتيش مخصصة لوظائف رؤساء أقلام ورئيس كتبة ومراجعين. وقد خفضت في ميزانية 58/ 59 إلى عشرين درجة ونقلت الخمس درجات الباقية إلى الكادر الإداري ومن بينها وظيفة رئيس إداري للمناقصات، وهي التي نقل إليها حسن مراد ووظيفة رئيس إداري بقسم الزراعة التي نقل إليها عباس السيد الشرقاوي وهذا هو الثابت من القرار الإداري الصادر في 9 من يوليو سنة 1958 وكان الأول يشغل قبل ذلك وظيفة رئيس قلم ومنتدب للحسابات، والثاني وظيفة رئيس قلم بقسم الزراعة - ثم قالت المحكمة في حكمها أن الثابت من الأوراق أن المطعون في ترقيتهما قد نقلا من الدرجة الرابعة الكتابية إلى الدرجة الرابعة الإدارية طبقاً لنقل درجتيهما في الميزانية بالقرار رقم 23 الصادر في 9 من يوليو سنة 1958 وذلك لما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام ومن ثم تعتبر أقدميتهما راجعة إلى تاريخ حصولهما عليها في الكادر الكتابي نظراً لأن طبيعة عملهما في الوظيفة المنقولين منها وفي الوظيفة المنقولين إليها واحدة، وأردفت محكمة القضاء الإداري تقول إنه فيما يتعلق بترقيتهما إلى الدرجة الثالثة الإدارية فإن هذه الترقية بالأقدمية المطلقة كما هو ثابت من محضر لجنة شئون الموظفين الخاص بالقرار المطعون فيه، وأضافت هذه المحكمة أنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن المطعون في ترقيتهما لم يشغلا وظيفة مفتش المخصصة للدرجة الثالثة بالميزانية إذ أن الوظائف المخصصة للدرجات الثالثة الإدارية بالميزانية ليست من الوظائف المتميزة التي تحتاج إلى تأهيل خاص بل هي وظائف مخصصة تخصيصاً عاماً ومن بينها وظيفة مفتش، كما وأنه ليس هناك دليل في الأوراق على أنه لم تسند إلى المطعون في ترقيتهما وظيفة مفتش بل ظلا يقومان بالأعمال الكتابية كما ذهب إلى ذلك المدعي.
ومن حيث إن المدعي (الطاعن) طعن على حكم محكمة القضاء الإداري سالف الذكر بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1960. طالباً إلغاءه والحكم له بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية وأسس طعنه أولاً، على أن لا صواب فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن طبيعة الوظيفة التي كان كل من المطعون في ترقيتهما شاغلاً لها قبل نقله إلى الكادر الإداري مماثلة لطبيعة الوظيفة التي نقل إليها - إذ المفهوم أن الوظائف الكتابية ذات طبيعة تختلف عن الوظائف الإدارية وقد بين منشور المالية رقم 1 لسنة 1954 المعيار الذي يهتدي به لتمييز الوظائف الإدارية عن الوظائف الكتابية وبتطبيق هذا المعيار على الوظيفتين اللتين كانا المطعون في ترقيتهما شاغلين لها قبل نقلهما إلى الكادر الإداري يبين أنها وظائف كتابية ومن ثم يكون نقلهما إلى الوظائف الإدارية قد اقترن باختلاف طبيعة الوظيفة المنقول منها عن الوظيفة المنقول إليها الأمر الذي يمنع من ضم مدة الخدمة في الكادر الأدنى إلى مدة الخدمة في الكادر الأعلى - ثانياً: لم يوفق الحكم المطعون فيه في التعرف على طبيعة وظيفة المفتش بتفاتيش الأوقاف وهي الوظيفة التي رفعت درجات شاغلي بعضها من الرابعة إلى الثالثة الإدارية، والصحيح في الأمر أن مفتش التفتيش في وزارة الأوقاف يمثل الوزارة في دائرة عمله ويصرف جميع الشئون الفنية والهندسية والإدارية التي تتصل بعمله وهذا أمر يتنافى مع ما جاء بالحكم من أن الوظيفة يمكن شغلها بأي موظف كفء وله خبرة سابقة، وأنه في الوقت الذي تقول فيه محكمة القضاء الإداري أنه تضمين الوزارة مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 1959 - وهو الذي اعتمد وأصبح ميزانية - كلاما عن وظائف المفتشين وأهميتهما ومما يستوجبه صالح العمل من بث روح النشاط في شاغلها برفع درجاتهم من الرابعة إلى الثالثة الأمر الذي يسجل حقيقتين أن الوظيفة من الوظائف المخصصة إما بالتطبيق لحكم المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1952 وإما بالتطبيق لحكم قانون الميزانية نفسه، والأخرى أن الدرجات الجديدة مخصصة لشاغلي هذه الوظائف دون غيرهم، ولا يتصور أن يعتمد المشرع المالي درجات لشاغلي وظائف مفتشي التفاتيش، ومع ذلك تتصرف الوزارة في هذه الدرجات إلى موظفين لا يشغلون شيئاً من هذه الوظائف، يأتي الحكم المطعون فيه بعد ذلك مقرراً أن الوظائف ليست مخصصة وأن الدرجات ليست وقفاً عليها - ولقد كانت هذه النقطة مقطع النزاع وعليها يتوقف الفصل في مشروعية قرار الترقية المطعون فيه أو عدم مشروعيته - ثالثاً: أخطأ الحكم إذ اتجه إلى القول بأنه ليس في الأوراق دليل على أنه لم تسند إلى المطعون في ترقيتهما وظيفة مفتش ذلك أن في الأوراق التي قدمها الطاعن ما يفيد أنهما لم يشغلا هذه الوظيفة - ثم قال المدعي إنه رقي أثناء سير الدعوى وأصبحت مصلحته قاصرة على تعديل أقدميته فيها.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة حررت مذكرة بالرد على الطعن خلصت فيها إلى أن الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ورأت قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام الطاعن بالمصروفات - كما وأن الجهة الإدارية قدمت مذكرة طلبت فيها تأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعن بطعنه نعى على الحكم المطعون عليه بأن لا صحة للقول بأن طبيعة الوظيفة التي كان المطعون في ترقيتهما يشغلانها متفقة في طبيعتها مع الوظيفة التي نقلا إليها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر القرار الإداري رقم 503 لسنة 1958 في 9 من يوليو سنة 1958 متضمناً نقل بعض الموظفين (ومنهم المطعون في ترقيتهما) من شاغلي الدرجة الرابعة الكتابية إلى الدرجة الرابعة الإدارية وتحسب أقدميتهم في درجاتهم المنقولين إليها من تاريخ حصولهم عليها في الكادر المتوسط، وذلك كما ثبت في ديباجة القرار - أن النقل تم تبعاً لنقل درجاتهم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وترتب على هذا النقل أن أضحى ترتيب الطاعن السابع في أقدمية الدرجة الرابعة الإدارية - ثم اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالوزارة في 20 من يوليو سنة 1958 ورأت اللجنة ترقية خمسة من موظفي الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالأقدمية المطلقة ومن بينهم المطعون في ترقيتهما مع نقلهما مفتشين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون في ترقيتهما إنما نقلا من الكادر المتوسط إلى الكادر الإداري بموجب القرار رقم 503 لسنة 1958 سالف الذكر بالتطبيق للفقرة الأخيرة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة أي تبعاً لنقل درجتيهما في الميزانية من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى وهذا واضح من استعراض ميزانية عام 1958/ 1959، كما بان للمحكمة من مطالعة ملفي خدمة المطعون عليهما أن عملهما في الكادر الأدنى يتفق مع عملهما في الكادر الأعلى الذي نقلا إليه، فقد كان عمل عباس الشرقاوي في الكادر الأدنى رئيس قلم بقسم الزراعة وفي الكادر الأعلى رئيس إداري بقسم الزراعة، وأما السيد حسن مراد فقد كان يعمل في الكادر الأدنى رئيس قلم وكان يتولى الرد على تقارير ديوان المحاسبة وندب بقسم الحسابات في 18 من ديسمبر سنة 1956 وأصبح يقوم في الكادر العالي بعمل رئيس إداري للمناقصات وتقارير ديوان المحاسبة أي أن طبيعة عمل المطعون عليهما في الكادرين واحدة - فالأول كان رئيس قلم بقسم الزراعة فأضحى رئيساً بذات القسم. كما وأن الثابت من ملف خدمته أن مدير عام التفتيش الزراعي أشر بتاريخ 25 من ينار سنة 1950 بنقل المذكور إلى درجة إدارية تتناسب مع درجته وكفايته وأنه قد يكون ممتازاً في وظائف المفتشين الماليين أو في وظائف المفتشين بأقسام القاهرة - والثاني كان يعمل بالحسابات والرد على تقارير ديوان المحاسبة ولم يتغير عمله بعد نقله كما وأن الثابت من ملف خدمته أيضاً أن مدير قسم القضايا قد أثبت في مذكرة مؤرخة في 19 من مايو سنة 1956 أنه يقوم بأعمال فنية لا تتفق مع شغله الدرجة الرابعة الكتابية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين في الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمناً أنه قصد الاحتفاظ للموظف الذي ينقل إلى الكادر العالي تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التي نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة (47) المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التي تقضي "وفي حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بنفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها" وحكمة ذلك ظاهرة من العدالة والصالح العام، لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، ولأنه وإن كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتماً وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها إلى الكادر الأعلى سواء من حيث الكفاءة أو المؤهل فقد أجيز لكل وزير في وزارته سلطة الترخيص في نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى، ومن ثم فإن الموظف التي تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر الأعلى في تلك الوظيفة ينبغي ألا تتأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى ما دام قد تم ذلك تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذي هو بمثابة التعيين في الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه ينبغي ألا تتأثر أقدمية المطعون عليهما في الدرجة المنقولة إلى الكادر الإداري ما دام أن ذلك قد تم تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة وما دام قد ثبتت جدارتهما للنقل إلى هذه الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل ومن ثم يكون من حقهما أن يستصحبا أقدميتهما في الكادر المتوسط عند نقلهما إلى الكادر الإداري - ولا حجة فيما يثيره المدعي في أن طبيعة عمل المطعون عليهما في الكادر الكتابي تختلف عن طبيعة عملهما الجديد بعد أن تبين من ملف خدمتيهما أن طبيعة عملهما واحدة في الكادرين، وتكون الدعوى في خصوصية هذا السبب فاقدة لأساسها القانوني.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى يتعين بيان حكم القانون فيما إذا كان الإجراء الذي اتخذته الجهة الإدارية بالترقية إلى الدرجات موضوع النزاع وفقاً للقواعد العامة قد وقع سليماً أم أنه كان يجب الترقية إلى هذه الدرجات طبقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو بحسبان أنها مخصصة لوظائف متميزة بطبيعتها حسب تخصيص الميزانية - حسبما ذهب الطاعن في دعواه.
ومن حيث إن نص المادة (22) من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957. الذي كان يجري بأن كل من يعين أو يرقى إلى درجة مخصصة لوظيفة يجب أن يقوم بعملها فعلاً، ولا يجوز بغير قرار جمهوري قيد الموظف على درجة وظيفة من الوظائف التي يكون التعيين فيها بقرار جمهوري، ليس بصالح للتحدي به في موضوع هذه المنازعة إذ لا تعلق له إلا بالدرجات المخصصة بطبيعتها أو بحسب تخصيص الميزانية لها، في حين أن الدرجتين مثار الخصومة الحاضرة لا يمكن اعتبارهما من الدرجات المخصصة على النحو المتقدم وهذا ما يتضح بجلاء مما يأتي بعد حسبما انتهت إليه هذه المحكمة.
ومن حيث إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل سيرها على الوجه الأمثل، غير أنه من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما تقتضي - بحسب تخصيص الميزانية لها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، بحيث لا يقوم أفراد المرشحين بحسب دورهم في الأقدمية - بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن، ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته هذا التمييز الخاص بما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختبار وحتى بالنسبة إلى ما يجب أن يتم منها بالأقدمية، ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية أو المفاضلة في الاختيار على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية أو الاختيار على إطلاقه، وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص، بل تجد الأقدمية أو الاختيار حدها الطبيعي في إعمال أثرها فيما بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المهنية التي يتطلبها تخصيص الميزانية فمثلاً لا يرقى مهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً ولو انتظمهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية.
ومن حيث إنه وفقاً لأحكام المواد 38، 39، 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تكون الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالأقدمية والاختيار في حدود نسبة معينة ويرقى أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف.
ومن حيث إنه بمطالعة ميزانية وزارة الأوقاف قسم 1 - بند - الخاص بالمرتبات والأجور والرواتب والمكافآت بالكادر الإداري (ص 135) يبين أن عدد الدرجات قد وضع لوظائف مدير عام قسم الأوقاف، ومديري أقسام الإدارة والخدمة الاجتماعية والأملاك والأحكار والنظار والسجلات والشئون العامة، ووكيل قسم الأوقاف ووكيل قسم الإدارة، ومدير إدارة الإحصاء والتخطيط والتعبئة، ووكيل ومدير إداري للشئون العامة، ووكيل قسم النظار والسجلات ووكيل قسم الأملاك والأحكار، ووكيل إدارة البيوع، ورئيس لجنة فتح العطاءات ومفتش ومحققة اجتماعية إلخ ما ورد في الكادر الإداري... كما وأن وظيفة مفتش كما هي واردة في الكادر المذكور في الدرجات الثالثة، ورادة أيضاً بين الدرجات الرابعة، والخامسة، والسادسة ومنبثة أيضاً خلال وظائف إدارية أخرى كما وأن وظيفة مفتش ليست مقصورة على مفتش التفاتيش بل تتعدى إلى مفتش الحسابات والأملاك ومفتش الإدارة (يراجع كشف أقدمية موظفي الدرجة الرابعة بالكادر الإداري قبل وبعد 6 من يوليو سنة 1957 المرافق لملف خدمة الطاعن).
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول المتقدمة في خصوصية المنازعة الحالية يبين أن استناد الطاعن (المدعي) إلى المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 في غير محله، ذلك أن وظيفة مفتش بالكادر الإداري حسبما سلف بيانه من واقع الميزانية قد وردت غير متميزة من غيرها من وظائف التفتيش الأخرى مما تتماثل معها تسمية ولا تختلف عنها كياناً واختصاصاً. بل لقد ورد كل منهما في ضمن وظائف أخرى مشابهة من وظائف الديوان العام بالوزارة وله ذات الدرجة الحالية فضلاً عن اندراجه تحت ذات الوحدة الإدارية طبقاً لترتيب ميزانية وزارة الأوقاف يقطع بذلك كشف الأقدمية المشار إليه فيما سلف، ومن ثم فلا يتصور والحالة هذه أن يصدق عليها حكم التخصيص المنصوص عليه في المادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة ولا محل للقول بأن الترقية موضوع النزاع قد تمت إلى وظيفة من الوظائف المتميزة تمييزاً خاصاً بطبيعتها بحسب تخصيص الميزانية لها، لأن هذا التمييز الخاص غير متحقق في المنازعة الحالية إذ لا تعدو وظيفتا التفتيش المرقى إليهما أن تكونا من الوظائف التي لا تتطلب تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة بذاتها على النحو الذي سلف إيضاحه هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يتميز على المطعون عليهما بتأهيل خاص أو صلاحية معينة تشفع له في التفرد باستحقاق تلك الوظيفة، أما ما يستند إليه المدعي (الطاعن) من أن الاقتراح الذي تقدمت به الوزارة في مشروع ميزانيتها أريد به رفع درجات أو وظائف بعينها من الدرجة الرابعة إلى الثالثة وأن ذلك قاطع في مفهوم التخصيص المدعي بالنسبة على بعض وظائف المفتشين - هذا الذي ساقه المدعي لا يزكيه المعنى الذي قصده واضع المشروع المذكور ذلك أن نص هذا الاقتراح حسبما هو ثابت من الأوراق إنما جرى بما يأتي (نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئوليتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجات الرابعة الذين ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 وعددهم أربعة، ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية) والمعنى المستفاد من هذه العبارة هو أن الوزارة قد قدرت أهمية وظائف المفتشين بالكادر الإداري في مجموعها دون نظر إلى بعض الوظائف في ذاتها واستهدفت من رفع هذه الدرجات بث روح النشاط في القائمين بالعمل في تلكم الوظائف ولم يكن مقصودها تخصيص بعض الدرجات لوظائف بعينها لا سيما أنه حسبما انتهت إليه هذه المحكمة أن ورود درجات إدارية لمفتشين في الكادر الإداري لا يقصد من ورائه تخصيص بالمعنى المتعارف وإنما هو توزيع لعدد من الوظائف والدرجات طبقاً لاحتياجات المرفق ووفقاً لمقتضيات الصالح العام أما قول الطاعن تدليلاً منه على ما يدعيه من الانحراف بالسلطة أن المطعون على ترقيتهما نقلا إلى وظائف مفتشين ولكنهما لم يشغلا هاتين الوظيفتين فهو قول مردود بأن هذه الدعوى لم يقم على صحتها دليل من الأوراق وبأن نقل المطعون عليهما من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى إنما تم وفقاً لأحكام الميزانية وعلى أساس أن طبيعة عملهما واحد في الكادرين مما استتبع استصحاب أقدميتهما فمن ثم لا مندوحة للوزارة في حركة تمت بالأقدمية المطلقة من أن تعتمد بأقدمية المطعون عليهما وإلا كانت النتيجة الحتمية هي مخالفتها للقانون.
ومن حيث إنه إذا صح أن قانون الميزانية قد اعتنق حقاً مشروع الميزانية المقدم من الطاعن، وقصد من ثم إلى رفع ثلاث من الدرجات الرابعة بالكادر الإداري إلى الدرجة الثالثة المالية تقديراً منه لأهمية وظائف المفتشين من الدرجة الثالثة فليس مقتضى ذلك أن الدرجات الرابعة المرفوعة قد تعينت من بين سائر الدرجات، وليس مؤداه بالتالي أن يستتبع الرفع المذكور ترقية شاغلي هذه الدرجات حتماً وبقوة القانون ذلك أن قانون الميزانية لا يسند إلى الموظفين درجات أو وظائف وإنما يقرر فحسب الاعتماد اللازم لمواجهة الإنفاق على تعزيز الدرجات الثالثة المقررة في الميزانية للمفتشين من طريق رفع بعض الدرجات الرابعة الإدارية أما إجراء الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة فلا يكون إلا بقرارات فردية من جانب الإدارة تتوخى فيها عند اتخاذها أن تتم الترقية طبقاً للقواعد العامة، ما دامت الدرجات المذكورة داخلة في النسبة المقررة للترقية بالأقدمية وعلى ذلك لا يستحق الترقية إلى هذه الدرجات إلا أقدم المتزاحمين من أصحاب الدور في الترقية بحسب الأقدمية سواء أكانوا من بين شاغلي الدرجات المرفوعة أم من غيرهم وإذ قام الطعن على غير هذا النظر فإنه يكون على غير أساس القانون.
ومن حيث إنه لا يبقى بعد ما تقدم إلا استظهار هذه الأقدمية بالنسبة إلى الطاعن والمطعون عليهما، وهو ما أوضحت بحق محكمة القضاء الإداري ولا مشاحة في أن الترقية إلى الدرجتين موضوع النزاع ينبغي أن تتم وفقاً للقواعد العامة في الترقية المنصوص عليها في المواد 38، 39، 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وإذ كان الثابت من الأوراق أن أقدمية حسن مراد في الدرجة الرابعة ترجع إلى 30 من نوفمبر سنة 1947 وأقدمية عباس الشرقاوي في الدرجة ذاتها ترجع إلى 31 من مارس سنة 1953 والخامسة إلى أول مايو سنة 1946 والسادسة إلى أول ديسمبر سنة 1933، في حين أن أقدمية الطاعن في الدرجة الرابعة ترجع إلى 31 من مارس سنة 1953 وفي الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 وفي السادسة إلى 12 من يونيو سنة 1938، فإن المطعون في ترقيتهما يكونان أسبق منه في أقدمية الدرجة الرابعة، وبالتالي أحق منه بالترقية على أساس الأقدمية إلى الدرجتين مثار المنازعة وذلك بالتطبيق لحكم المادة (25) من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي تمت الترقية بالقرار المطعون فيه في ظله.
ومن حيث إنه إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف وجه الحق والقانون في قضائه ويكون الطعن من ثم على غير أساس سليم متعيناً رفضه مع إلزام المدعي (الطاعن) بجميع المصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق