باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2023م،
الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 44
قضائية تنازع
المقامة من
شركة كليوباترا جروب للتنمية المتكاملة والاستثمار السياحي
ضد
شركة موفنبيك لإدارة الفنادق والمنتجعات (مصر)
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثاني من أكتوبر سنة 2022، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ
الحكم الصادر من محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس،
بتاريخ 15/ 4/ 2013، في الدعوى التحكيمية رقم 17185/ FM/
JHN/ GFG المودع بمحكمة استئناف القاهرة، بجدول التحكيم التجاري، بموجب محضر
إيداع رقم 16 لسنة 139 قضائية، والمذيل بالصيغة التنفيذية بموجب الأمر الوقتي رقم
37 لسنة 139 قضائية، لحين الفصل في موضوع هذه الدعوى، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد
بالحكم المار بيانه، والاعتداد بالحكمين الصادر أولهما من محكمة استئناف قنا بجلسة
26/ 8/ 2012، في الاستئناف رقم 38 لسنة 31 قضائية، والصادر ثانيهما من محكمة
استئناف القاهرة بجلسة 27/ 11/ 2012، في التظلم رقم 23 لسنة 129 قضائية، بإنهاء
إجراءات التحكيم.
وأثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين، قدمت الشركة المدعية مذكرة،
أضافت فيها طلبًا عارضًا بعدم الاعتداد بحكم التحكيم السالف البيان؛ لتعارضه مع
حكم محكمة النقض، الصادر بجلسة 24/ 12/ 2015، في الطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83
قضائية.
وقدمت الشركة المدعى عليها مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة
المدعية مذكرتين، صممت فيهما على طلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق-
في أن الشركة المدعية تعاقدت مع الشركة المدعى عليها، بموجب العقد المؤرخ 28/ 6/
2011، على إدارة الفندق المملوك للأولى بمنطقة هضبة أم السيد بشرم الشيخ - جنوب
سيناء، واتفقا في البند رقم (20) من العقد على أن تُحَلَّ المنازعات بينهما، حال
إخفاقهما في الحل الودي أو عن طريق وسيط، بطريق التحكيم، وفقًا لقواعد التوفيق
والتحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس، على أن يحتكم إلى قواعد القانون المصري في
موضوع النزاع، وأن يكون التحكيم بالقاهرة، وأن تكون لغة التحكيم هي اللغة
الإنجليزية. وإذ شجر خلاف بين الشركتين، فقد أقامت الشركة المدعى عليها أمام محكمة
التحكيم بغرفة التجارة الدولية (ICC) بباريس،
الدعوى التحكيمية رقم 17185/ FM/ JHN/ GFG، وبجلسة 15/ 4/ 2013، قضت
هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعية بأن تدفع للشركة للمدعى عليها المبالغ المبينة
بحكم التحكيم، وفوائدها، اعتبارًا من أول أبريل سنة 2012 حتى تمام السداد، بمعدل
5%، وإنهاء اتفاقية الإدارة، ورفض باقي طلباتها. ومن جانب آخر، أقامت الشركة
المدعية أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية الدعوى رقم 207 لسنة 2011 مدني كلي ضد
الشركة المدعى عليها، بطلب الحكم بإلزامها بتقديم خطاب منسوب صدوره لخبير في
الدعوى التحكيمية، إلا أن الشركة المدعى عليها لم تقدمه، فقضت المحكمة بجلسة 22/
1/ 2012، برد وبطلان المستند السالف البيان، طعنت الشركة المدعى عليها على ذلك
الحكم بالاستئناف رقم 38 لسنة 31 قضائية، أمام محكمة استئناف قنا، التي قضت بجلسة
26/ 8/ 2012، بتعديل الحكم المستأنف، والقضاء بإنهاء الدعوى المستأنف حكمها. وقبل
صدور حكم التحكيم، تقدمت الشركة المدعية بأمر على عريضة لرئيس محكمة استئناف
القاهرة قُيَّد برقم 15 لسنة 129 قضائية، ليصدر أمرًا بإنهاء إجراءات التحكيم في
الدعوى التحكيمية الفائت بيانها، وقابلت الشركة المدعى عليها ذلك الإجراء، بأن
تقدمت للجهة ذاتها بطلب استصدار أمر على عريضة، قُيَّد برقم 20 لسنة 129 قضائية،
للاستمرار في إجراءات التحكيم، وبعد ضم الأمرين للارتباط، أصدر رئيس محكمة
الاستئناف بتاريخ 25/ 6/ 2012، قراره باستمرار إجراءات التحكيم لموعد غايته 31/
10/ 2012، على أن يكون هذا التاريخ آخر أجل للفصل في النزاع التحكيمي. تظلمت
الشركة المدعى عليها من الأمر أمام محكمة استئناف القاهرة، وقُيَّد تظلمها برقم 23
لسنة 129 قضائية، وبجلسة 27/ 11/ 2012، قضت المحكمة برفض التظلم، وبإنهاء إجراءات
التحكيم في الدعوى التحكيمية المار بيانها. طعنت الشركة المدعى عليها على حكم
التحكيم أمام محكمة النقض بالطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83 قضائية، التي قضت
بجلسة 24/ 12/ 2015، في الطعن الأول: بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الطلبين
رقمي (15 و20) لسنة 129 قضائية استئناف القاهرة، بإلغاء الأمر الصادر بإنهاء
إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية السالف بيانها، وفي موضوع التظلم: بالاستمرار
في إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية، حتى صدور حكم هيئة التحكيم المتظلم منه،
وقضت في الطعن الثاني: برفضه. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم التحكيم قد خالف
حجية الحكم الصادر من محكمة استئناف قنا بجلسة 26/ 8/ 2012، في الاستئناف رقم 38
لسنة 31 قضائية، القاضي بانتهاء الدعوى المستأنفة، على سند من اعتبار الخطاب
المقدم من الخبير المالي المؤرخ 13/ 5/ 2007، غير موجود وغير منتج لأي أثر قانوني،
لعدم تقديم أصله، وهو الحكم الذي صار باتًّا لعدم الطعن عليه بالنقض، وإذ استند
حكم هيئة التحكيم المشار إليه في قضائه بالإلزام إلى ذلك الخطاب، فإنه يكون قد
ناقض حجية هذا الحكم الاستئنافي، بما يستلزم القضاء بعدم الاعتداد به. كما أن حكم
التحكيم المار ذكره ناقض حجية حكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر بجلسة 27/ 11/
2012، في التظلم رقم 23 لسنة 129 قضائية، فيما قضى به من إنهاء إجراءات الدعوى التحكيمية
المار بيانها، فضلًا عن تناقضه مع حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 24/ 12/ 2015، في
الطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83 قضائية، فيما قضى به فى أولهما من الاستمرار في
نظر الدعوى التحكيمية، على سند من أن مقتضى ذلك القضاء وروده على غير محل بعد صدور
حكم التحكيم في تاريخ سابق عليه، ومن ثم أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المادة (192) من
الدستور، والبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد أسندا لهذه المحكمة - دون غيرها - الاختصاص بالفصل
في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة
من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها. ويتعين على
كل ذي شأن - عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون هذه المحكمة - أن يبين
في طلب فض التناقض بين الحكمين النهائيين، النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه
التناقض بينهما. وضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا -بما لا تجهيل فيه-
بأبعاد النزاع، تعريفًا به، ووقوفًا على ماهيته على ضوء الحكمين المدعى تناقضهما،
فقد حتم المشرع في المادة (34) من قانونها أن يرفق بطلب فض التنازع صورة رسمية من
كل من هذين الحكمين، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا،
باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا، تغيّا مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في
المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا وفقًا لأحكامه.
وحيث إن المشرع أقام في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، توازنا دقيقا بين حق الخصوم في إنفاذ حكم
التحكيم، إعمالًا لإرادتهم، وبين ضرورة التحقق من استيفاء هذا الحكم للضمانات
القانونية المقررة، لإصدار الأحكام في النظام القانوني المصري؛ انطلاقًا من حقيقة
مؤداها: أن حكم التحكيم لا يستمد قوة نفاذه من اتفاق التحكيم وحده، وإنما من إرادة
المشرع التي تعترف به. وتحقيقًا لهذا التوازن أقر اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في
النزاع المعروض عليها استنادًا إلى اتفاق التحكيم بحكم حاسم للخصومة، حائز لحجية
الأمر المقضي، ومُلزم للأطراف المحتكمة، إلا أنه لا يكون له قوة نفاذ الأحكام
الوطنية إلى أن يستوفي الضمانات التي أقرها لإنفاذ أثره، فأقام المشرع تنظيمًا
خاصًّا للاعتراف بقوة نفاذ الحكم الصادر من هيئات التحكيم، أوردها في نصوص المواد
(56 و57 و58) من القانون المار ذكره، وأوجب بمقتضاها أن يُصْدِرَ القاضي صاحب
الاختصاص، بموجب نص المادة (9) منه أمرًا بتنفيذ حكم التحكيم، بناء على طلب يقدم
إليه من صاحب المصلحة، مرفقًا به: أصل الحكم، أو صورة موقعة منه، وصورة من اتفاق
التحكيم، وترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية، متى كان صادرًا بغير
اللغة العربية، وصورة من المحضر الدال على إيداع الحكم. ولا يقبل هذا الطلب إذا لم
يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى، أو لم يفصل في دعوى البطلان إذا كانت
محكمة البطلان قد أمرت بوقف تنفيذ الحكم، فضلًا عما أوجبه على القاضي الآمر قبل
إصدار هذا الأمر التحقق من أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في
موضوع النزاع، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية، وأنه قد
تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانًا صحيحًا، فإن مؤدى ذلك أن الأمر الصادر من القاضي
المختص بتنفيذ حكم التحكيم يكون بمثابة اعتداد من النظام القضائي الوطني بحكم
التحكيم، وإقرارًا بصلاحيته لأن يكون صنوًا للأحكام الوطنية القابلة للتنفيذ، ودون
صدور هذا الأمر لا يعتد بحكم التحكيم كسند تنفيذي.
وحيث إنه وترتيبًا على ما تقدم، فإن حكم التحكيم لا يصلح لأن يكون
حدًّا للتناقض في دعوى فض تناقض الأحكام، إلا بعد تقديم المحكوم له صورة رسمية من
حكم التحكيم -أو ترجمته المعتمدة قانونًا إلى اللغة العربية- مستخرجة من الصورة
التنفيذية للحكم، بما يكشف عن تطبيق القاضي الآمر للشروط والضوابط المنصوص عليها
في المواد (56 و57 و58) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، أما إذا
أقام المحكوم ضده في خصومة التحكيم دعوى فض التناقض، فيتعين أن يقدم ورقة رسمية
تدل على صدور الصيغة التنفيذية المشار إليها، فإذا لم يستوف المدعي في دعوى فض تناقض
الأحكام هذا الشرط الشكلي المتعلق بالنظام العام عند إيداع صحيفتها؛ افتقدت الدعوى
مناط قبولها.
لما كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أودعت عند إقامة الدعوى
المعروضة صورة رسمية من ترجمة حكم التحكيم، وذكرت أنه مذيل بالصيغة التنفيذية
بموجب الأمر الوقتي رقم 37 لسنة 139 قضائية، وهو ما خلت منه الأوراق التي قدمتها
تلك الشركة، فإن هذه الدعوى لا تكون قد استوفت شرطًا شكليًّا جوهريًّا لقبولها؛
ومن ثم يتعين -والحال كذلك- القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين، أو كليهما يُعدُّ فرعًا من أصل النزاع
حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة - فيما تقدم - إلى عدم قبول الدعوى
المعروضة، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب،
وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق