جلسة 20 إبريل سنة 1944
برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.
-------------
(123)
القضية رقم 98 سنة 13 القضائية
أ - إثبات.
طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع اليد على العقار. استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها أنه لم يقصد به إلا تعطيل الفصل في الدعوى. موضوعي.
ب - حكم. تسبيبه.
تدعيمه في سبيل استنباط القرائن بحكم في قضية أخرى لم يكن المحكوم ضده خصماً فيها. لا مانع.
الوقائع
تتحصل وقائع الدعوى في أن إسماعيل إبراهيم عقل اتهم في قتل مهدي السيد قنصوه وتقدم فعلاً لمحكمة جنايات شبين الكوم، وهذه حكمت عليه مع العقوبة البدنية بمبلغ ألف جنيه مصري بصفة تعويض لوراثتي القتيل وهما السيدة فاطمة أحمد الختام والسيدة دولت مهدي السيد قنصوه وقد عين محمد إبراهيم عقل قيماً على إسماعيل إبراهيم عقل المحكوم عليه. ولما كان محمد إبراهيم عقل مديناً شخصياً لأحمد زكي الختام من جهة وللسيدتين فاطمة ودولت من جهة أخرى، فقد شرع أحمد زكي الختام في نزع ملكية مدينه من 9 س و5 ط و5 ف كما شرعت السيدتان فاطمة ودولت في نزع ملكيته من 11 س و16 ط و3 ف وصدر الحكم بنزع ملكيته من هذه الأطيان كلها وتحدد لبيعها يوم 4 أكتوبر سنة 1936. وفي يوم 30 من سبتمبر سنة 1936 رفع كل من مصطفى إبراهيم عقل ومحمد إبراهيم عقل وباقي الطاعنين الدعوى رقم 26 سنة 1937 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية على المطعون ضدهم، وقالوا إن الأرض المطلوب بيعها ملك لهم بمقتضى عقود تمليك صادرة لهم وطلبوا الحكم بتثبيت ملكيتهم لهذه الأطيان غير أنهم في أثناء سير الدعوى - وقد كانوا لا يتمسكون بغير عقود البيع المقدمة منهم - عدلوا عن ذلك وطلبوا إلى المحكمة أن تقضي لهم بثبوت ملكيتهم على أساس وضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية وإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يدهم، فلم تجبهم المحكمة إلى طلبهم وقضت في 18 من إبريل سنة 1940 برفض دعواهم وإلزامهم بالمصاريف.
استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر. وبتاريخ 14 إبريل سنة 1943 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف إلخ. إلخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 21 من يونيه سنة 1943 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 20 من يوليو سنة 1943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الوجه الأول من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أجاز الاستمرار في نزع ملكية المطعون ضده الأخير من 8 ف و21 ط و31 س محددة مع أنه لا يملك سوى خمسة أفدنة شائعة في 13 ف و8 ط وأنه لم تحصل قسمة إلى الآن، والقانون يقضي بأنه لا يجوز للمالك على الشيوع أن يتصرف في نصيبه مفرزاً.
وحيث إن القول بأن الخمسة الأفدنة وكسور المطلوب نزع ملكيتها وبيعها شائعة وغير محددة يناقضه الثابت في صحيفة الطلب التي تقدم بها الطاعنون لمحكمة شبين الكوم الابتدائية وهي المعلنة بتاريخ 30 سبتمبر سنة 1936، فقد تبين من الاطلاع عليها أنه مطلوب الحكم بتثبيت ملكية الطاعنين إلى 5 أفدنة و5 قراريط و9 أسهم، وهذا القدر على أربع قطع محددة كل منها بحدود أربعة، أي أنه غير شائع في أطيان أخرى كما يقول الطاعنون في طعنهم، وإذن يكون ما يدعيه الطاعنون في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الدفاع، فقد طلب الطاعنون أمام محكمة الاستئناف تحقيق ملكيتهم على أساس العقود والمستندات المقدمة منهم وعلى أساس وضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية، ولكن الحكم المطعون فيه أيد الحكم المستأنف لأسبابه وأضاف إليها سبباً واحداً لم يعرض فيه للرد على طلبات الطاعنين بخصوص إثبات ملكيتهم على مقتضى المستندات المقدمة منهم ولم يحقق وضع اليد، كما أن الطاعن الأخير الشيخ عبد الوهاب إبراهيم قنصوه اعترض على رفض المحكمة الابتدائية دعواه واستنادها إلى ما حكم به في القضية رقم 130 كلي شبين الكوم لسنة 1935 التي لم يكن خصماً فيها.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه يتضح أنه بحث العقود التي استند إليها الطاعنون ومحصها واستخلص في منطق سليم أنها عقود غير جدية، وأشار إلى الطاعنين أنفسهم عندما لمسوا هذه الحقيقة عدلوا عن التمسك بها وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يدهم على الأطيان المطالب بها المدة الطويلة المكسبة للملكية. فالقول بأن الحكم لم يعرض للرد على طلبات الطاعنين في غير محله. وقد استبان الحكم الابتدائي من تضارب الطاعنين في دفاعهم أن طلبهم إحالة الدعوى إلى التحقيق غير جدي يقصد به مجرد تعطيل الفصل في الدعوى. ولما كانت محكمة الاستئناف قد أيدت الحكم لأسبابه فمعنى هذا أنها أخذت بوجهة النظر هذه وأقرتها، وتقدير المحكمة في ذلك موضوعي لا سبيل لإثارة الجدل في شأنه أمام محكمة النقض.
وحيث إن استناد الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه إلى ما حكم به في القضية رقم 130 سنة 1935 كلي شبين الكوم التي لم يكن الشيخ عبد الوهاب إبراهيم خصماً فيها قد جاء على سبيل دعم الأدلة التي سردها الحكم فاعتبره قرينة تؤيد تلك الأدلة، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من استنباط القرينة من قضية أخرى ولو لم يكن الطاعن طرفاً فيها.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن أسباب الحكم المطعون فيه تناقضت مع منطوقه، فقد أثبت في سببه الذي أضافه إلى أسباب الحكم الابتدائي أن الطاعنين ونازعي الملكية اعترفوا بأن المدين يمتلك 5 ف و5 ط و9 س وأن نازعي الملكية يقصرون طلباتهم على هذا القدر، ومع هذا فقد أيد الحكم الابتدائي بالنسبة إلى الـ 8 ف و21 ط و21 س كلها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الصدد ما يأتي: "وبما أنه فضلاً عما تقدم فقد اعترف المستأنفون بأنهم لا ينازعون في ملكية المستأنف ضده الثالث لما رهنه للمستأنف ضده الرابع كما اعترف هذا ومن معه من المستأنف ضدهما الأولى والثانية بأن الأطيان التي ينزعون ملكيتها لا تتعدى هذا القدر المرهون وأنه هو بذاته الذي أخذ عليه المستأنف ضدهما الأولى والثانية الاختصاص، وأن ما يتحصل من ثمن هذا القدر سيوزع عليهم". وقد أرادت المحكمة بهذا القول بأن تضيف دليلاً آخر إلى الأدلة التي أوردتها المحكمة الابتدائية لإثبات عدم جدية دعوى الطاعنين الذين كانوا يدعون أن هذا القدر ملك لهم وأنهم يملكونه بمقتضى عقود قدموها. أما أن نازعي الملكية قد ارتضوا قصر البيع على هذا القدر فقط دون باقي الأطيان المنزوعة ملكيتها فهذا لا علاقة له بموضوع الدعوى الحالية التي طلب الطاعنون فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم للأطيان كلها والتي تبين للمحكمة الابتدائية ولمحكمة الاستئناف بعدها أن دعواهم بالنسبة إليه على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق