جلسة 2 من مارس سنة 2021
حكـم
صادر باسم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر
برئاسـة السيد القاضي عبد الله بن أحمد السعدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة قضاة المحكمة/د. مبارك بن ناصـر الهاجري وأحمد بن علي حجر البنعلي نائبي رئيس المحكمة وأحمد رشدي سلام وإيهاب إسماعيل عوض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4)
الطعنان رقما 9 و41 لسنة 2021
(1- 4) إداري "موظفون: حقوق الموظف، البعثات والإجازات الدراسية للموظف ". عقد " عقد العمل ". عمل " حقوق العامل ". قانون "القوانين المتعلقة بالنظام العام". نظام عام " القوانين المتعلقة بالنظام العام". حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، مخالفة الثابت بالأوراق، الخطأ في تطبيق القانون".
(1) التزام الطالب المبتعث للدراسة على نفقة وزارة التعليم العالي بالخدمة في الجهة التي أوفدته مدة مساوية لمدة ابتعاثه والموظف بالعمل في وظيفته ضعف تلك المدة. علة ذلك. المادتين (8 ،9) ق رقم (9) لسنة 1976 بشأن تنظيم البعثات الدراسية.
(2) القوانين المنظمة لعلاقات العمل كأصلٍ عام. تضمنها قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام بشأن الحد الأدنى من الحصانة لحقوق العامل ومميزاته. مفاده. جواز تضمن عقد العامل أو الموظف حقوقاً تزيد على الحد الأدنى الوارد بالقانون وبطلان شروط العقد التي تقل عنه.
(3) مخالفة الثابت بالأوراق المبطلة للحكم. ماهيتها.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بأداء إجمالي قيمة تكاليف البعثة الدراسية والتفاته عن إعمال البند الثاني من عقد ابتعاثها رغم تضمنه ميزة أفضل لها. قصور في التسبيب ومخالفة للثابت بالأوراق جرا للخطأ في تطبيق القانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-المقرّر في قضاء محكمة التمييز أن مفاد نصّ المادتين (8)،(9) من القانون رقم (9) لسنة 1976 بتنظيم البعثات الدراسية المعدّل بالقانون رقم (10) لسنة 1985؛ يدلّ على أنه بغية الارتقاء بالمستوى الفني والمهني للطلبة والموظفين القطريين وإتاحة سُبل التعليم الراقي لهم، فقد عُنِيَ المشرّع بتنظيم البعثات الدراسية للطلبة والموظفين داخل وخارج دولة قطر، ووضع لها شروطاً وضوابط في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، لا سيما وأن العبء المالي لهذه التكلفة تقع على عاتق الدولة، ووحّد المبادئ والأسس التي يتمّ تطبيقها على الطلبة وكافة موظفي الدولة -أيّاً كانت جهات عملهم- تحقيقاً للمساواة، وحدّد المشرّع الشروط الواجب توافرها في المستحقين لتلك البعثات وما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات، فألزم الطالب المبتعث للدراسة على نفقة (وزارة التربية والتعليم) في الخارج بأن يخدم في الجهة التي أوفدته مدة تعادل المدة التي قضاها في الدراسة على نفقة الوزارة، كما ألزم الموظف بأن يعمل في وظيفته ضعف هذه المدة.
2-المقرّر- وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز – أن القوانين المنظّمة لعلاقات العمل كأصل عام سواءً كانت حاكمة للعلاقات التعاقدية أو للعلاقات اللائحية التنظيمية تتضمن بعض أحكامها قواعد آمرة تتعلّق بالنظام العام تضمن للعامل أو الموظف الحد الأدنى من الحصانة لحقوقه ومميزاته، بحسبانه هو الطرف الأضعف في تلك العلاقة، بما يقتضي تدخّل المشرّع بنصوص ملزمة حماية لها من تغوّل صاحب العمل أو جهة الإدارة. وهو ما يترتّب عليه أنه إذا تضمن عقد العامل أو الموظف حقوقاً أو مزايا تزيد عن ذلك الحد الأدنى الوارد بالقانون، فإن نصوص العقد تكون هي الواجبة التطبيق دون النصّ القانوني باعتبار أن العقد تضمّن الميزة الأفضل للموظف عن تلك الحدود الدنيا لحقوقه، أما أي شروط أخرى بالعقد تقلّ عن ذلك الحدّ الأدنى؛ فإنها تضحى باطلة، ويضحى النصّ القانوني هو الواجب إعماله في شأن تلك المسألة.
3-مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات، أو ابتناء الحكم على فهم حصّلته المحكمة مخالفاً للثابت بأوراق الدعوى.
4-إذا كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده بصفته مبلغ (....) ريال مقابل النفقات والرواتب التي صُرفت لها خلال مدة ابتعاثها وفق ما انتهى إليه الخبير المنتدب في تقريره، رغم أن ما أورده الخبير أن هذا المبلغ المقضي به هو إجمالي قيمة تكاليف البعثة من رواتب ونفقات أخرى وحدّد المبلغ المستحق في ذمّة الطاعنة في احتمالين، أولهما: أن تكون المدة المتوجّب عليها عملها لدى المطعون ضده بصفته بعد انتهاء البعثة مدة تعادل مدة الدراسة فيكون المستحق في ذّمتها مبلغ (.....) ريال، وثانيهما: حالة ما إذا كان يتوجّب عليها العمل مدة تعادل ضعف مدة الدراسة، فيكون المستحقّ في ذمّتها مبلغ (.....) ريال، تاركاً أمر الفصل بشأن تلك المدة لمحكمة الموضوع لكونها مسألة قانونية تخرج عن نطاق الخبرة الحسابية، وهو ما لم تفطن إليه المحكمة، كما التفتت عن إعمال البند الثاني من عقد ابتعاث الطاعنة المؤرخ ../../2011، رغم تضمّنه الميزة الأفضل لها، فيكون هو الواجب التطبيق على واقعة الدعوى دون النص القانوني المشار إليه، بما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق الذي جرّه إلى الخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعن بصفته في الطعن رقم (9) لسنة 2021 [إداري] أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم (...) لسنة 2018 [إداري]، بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ (....) ريال، وذلك قولاً منه: إنها كانت تعمل لديه بوظيفة (مهندس نووي ثالث) وبموجب عقد موظف مبتعث مؤرخ ../../2011 تم إيفادها في بعثة دراسية إلى (....) اعتباراً من ../../2007على نفقة الوزارة، والذي نصّ في مادته الثانية على التزامها خلال شهر من تخرجها بالعمل لديه مدة تعادل مدة الدراسة، كما ألزمها القانون رقم (9) لسنة 1976 بتنظيم البعثات الدراسية بالعمل ضعف المدة التي قضتها في الدراسة، إلا أنها بعد عودتها من البعثة بادرت بتقديم استقالتها بتاريخ ../../2013 مع تعهدها بسداد المبالغ المستحقة عليها إلا أنها امتنعت عن ذلك، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وجّهت المطعون ضدها دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي لها مبلغ (....) ريال مقابل مكافأة نهاية الخدمة، وتسليمها شهادة إخلاء طرف، وشهادة خبرة عن مدة عملها لدى الطاعن بصفته، وبإلزامه بأن يؤدي لها تعويضاً مقداره مليون ريال، ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره. حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ (....) ريال مقابل النفقات والرواتب التي صُرفت لها خلال مدة البعثة، وفي الدعوى الفرعية بإلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن تسليم المطعون ضدها شهادة خبرة، وبعدم قبول طلب تسليمها شهادة إخلاء طرف، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم (....) لسنة 2019، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم (....) لسنة 2019، ودفعت بسقوط الحق في المطالبة بالرواتب التي صُرفت لها بعد تقديم استقالتها بالتقادم الثلاثي. ضمّت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ ../../2020 قضت برفض الاستئنافين، وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم (9) لسنة 2021، كما طعنت فيه المطعون ضدها بالتمييز رقم (41) لسنة 2021، وإذ عُرض الطعنان على المحكمة في غرفة المشورة؛ فأمرت بضمهما، وحُدّدت جلسة لنظرهما معاً.
أولاً: في الطعن رقم 41 لسنة 2021 [إداري]:
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق؛ إذ قضى بإلزامها بالمبلغ المقضي به مقابل النفقات والرواتب التي صُرفت لها خلال مدة البعثة، اعتباراً بأنه كان يتوجّب عليها العمل لدى المطعون ضده بصفته ضعف المدة التي قضتها في الدراسة، رغم أن البند الثاني من عقد البعثة المؤرخ ../../2011 قد نصّ على التزامها بالعمل بوزارة البيئة مدة تعادل مدة الدراسة؛ بما يعيب الحكم، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه لمّا كان المقرّر في قضاء محكمة التمييز أن مفاد نصّ المادتين (8)،(9) من القانون رقم (9) لسنة 1976 بتنظيم البعثات الدراسية المعدّل بالقانون رقم (10) لسنة 1985؛ يدلّ على أنه بغية الارتقاء بالمستوى الفني والمهني للطلبة والموظفين القطريين وإتاحة سُبل التعليم الراقي لهم، فقد عُنِيَ المشرّع بتنظيم البعثات الدراسية للطلبة والموظفين داخل وخارج دولة قطر، ووضع لها شروطاً وضوابط في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، لا سيما وأن العبء المالي لهذه التكلفة تقع على عاتق الدولة، ووحّد المبادئ والأسس التي يتمّ تطبيقها على الطلبة وكافة موظفي الدولة -أيّاً كانت جهات عملهم- تحقيقاً للمساواة، وحدّد المشرّع الشروط الواجب توافرها في المستحقين لتلك البعثات وما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات، فألزم الطالب المبتعث للدراسة على نفقة (وزارة التربية والتعليم) في الخارج بأن يخدم في الجهة التي أوفدته مدة تعادل المدة التي قضاها في الدراسة على نفقة الوزارة، كما ألزم الموظف بأن يعمل في وظيفته ضعف هذه المدة، وكان المقرّر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القوانين المنظّمة لعلاقات العمل كأصل عام سواءً كانت حاكمة للعلاقات التعاقدية أو للعلاقات اللائحية التنظيمية تتضمن بعض أحكامها قواعد آمرة تتعلّق بالنظام العام تضمن للعامل أو الموظف الحد الأدنى من الحصانة لحقوقه ومميزاته، بحسبانه هو الطرف الأضعف في تلك العلاقة، بما يقتضي تدخّل المشرّع بنصوص ملزمة حماية لها من تغوّل صاحب العمل أو جهة الإدارة. وهو ما يترتّب عليه أنه إذا تضمن عقد العامل أو الموظف حقوقاً أو مزايا تزيد عن ذلك الحد الأدنى الوارد بالقانون، فإن نصوص العقد تكون هي الواجبة التطبيق دون النصّ القانوني باعتبار أن العقد تضمّن الميزة الأفضل للموظف عن تلك الحدود الدنيا لحقوقه، أما أي شروط أخرى بالعقد تقلّ عن ذلك الحدّ الأدنى؛ فإنها تضحى باطلة، ويضحى النصّ القانوني هو الواجب إعماله في شأن تلك المسألة، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصّلته المحكمة مخالفاً للثابت بأوراق الدعوى. لمّا كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده بصفته مبلغ (....) ريال مقابل النفقات والرواتب التي صُرفت لها خلال مدة ابتعاثها وفق ما انتهى إليه الخبير المنتدب في تقريره، رغم أن ما أورده الخبير أن هذا المبلغ المقضي به هو إجمالي قيمة تكاليف البعثة من رواتب ونفقات أخرى وحدّد المبلغ المستحق في ذمّة الطاعنة في احتمالين، أولهما: أن تكون المدة المتوجّب عليها عملها لدى المطعون ضده بصفته بعد انتهاء البعثة مدة تعادل مدة الدراسة فيكون المستحق في ذّمتها مبلغ (.....) ريال، وثانيهما: حالة ما إذا كان يتوجّب عليها العمل مدة تعادل ضعف مدة الدراسة، فيكون المستحقّ في ذمّتها مبلغ (.....) ريال، تاركاً أمر الفصل بشأن تلك المدة لمحكمة الموضوع لكونها مسألة قانونية تخرج عن نطاق الخبرة الحسابية، وهو ما لم تفطن إليه المحكمة، كما التفتت عن إعمال البند الثاني من عقد ابتعاث الطاعنة المؤرخ ../../2011، رغم تضمّنه الميزة الأفضل لها، فيكون هو الواجب التطبيق على واقعة الدعوى دون النص القانوني المشار إليه، بما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق الذي جرّه إلى الخطأ في تطبيق القانون؛ مما يوجب تمييزه لهذا السبب، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .
ثانياً: في الطعن رقم 9 لسنة 2021 [إداري]:
وحيث إنه لمّا كانت المحكمة قد انتهت سلفاً في الطعن رقم (41) لسنة 2021 المقام من المطعون ضدها إلى القضاء بتمييز الحكم المطعون فيه، بما يترتّب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن؛ فإن الطعن الماثل يكون قد زال محلّه، ولم تعد هناك خصومة بين طرفيه؛ مما يتعيّن معه الحكم باعتبارها منتهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق