جلسة 19من يناير سنة 2021
حكـم
صادر باسم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر
برئاسـة السيد القاضي عبد الله بن أحمد السعدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة قضاة المحكمة/د. مبارك بن ناصـر الهاجري وأحمد بن علي حجر البنعلي نائبي رئيس المحكمة وإيهاب إسماعيل عوض ومحمد لطفي الصيد.
-------------------
(1)
الطعن رقم 479 لسنة 2020
(1- 6 ) إثبات "عبء إثبات: عبء إثبات علم المتعامل مع الشركة بمحدودية مسئوليتها". التزام " تعدّد أطراف الالتزام: الالتزام بالتضامن ". بطلان "بطلان الأحكام". تضامن. شركات " الشركة ذات المسئولية المحدودة: مسئولية مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة ". حكم " عيوب التدليل: القصور في التسبيب ".
(1) الشركة ذات المسئولية المحدودة. الأصل عدم مسئولية الشريك فيها عن ديونها إلا في حدود حصته في رأس المال. الاستثناء. ما استلزمه المشرّع حماية للغير عند التعامل مع الشركة من وجوب تبصير مديرها للمتعامل مع الشركة بشكلها القانوني بإضافة عبارة (ذات مسئولية محدودة) قرين اسم الشركة عند التعاقد مع الغير. عدم مراعاة ذلك. أثره. مسئولية الشريك المدير في أمواله الخاصة بالتضامن مع الشركة عن التزاماتها قبل الغير. المادتان (228) و (229) من قانون الشركات التجارية رقم (11) لسنة 2015.
(2) مسئولية مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة شخصية. أثره. بقاء تبعات إهماله لصيقة بشخصه وعدم انتقالها لمن يخلفه في إدارة الشركة.
(3) مجرد خلو العقد المبرم مع الغير من بيان أن (الشركة ذات مسئولية محدودة). اعتباره قرينة قانونية بسيطة قابلة لإثبات العكس على جهل الغير بحقيقة الشركة. وقوع عبء إثباته على مدير الشركة. كيفية ذلك.
(4) تعدّد المدراء في الشركة ذات المسئولية المحدودة وتسبب أحدهم في ضرر للغير عمداً أو خطأً. أثره. التزامهم بالتضامن فيما بينهم. جواز التنفيذ في ذمتهم المالية الخاصة بما يترتب على الشركة من ديون جراء ذلك، ثم الرجوع فيما بينهم بالتعويض على من أهمل منهم.
(5) إغفال الحكم بحث دفع جوهري أبداه الخصم ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها. قصور مبطل.
(6) التفات الحكم المطعون فيه عن بحث دفاع الطاعنَيْنِ بأن الالتزام على الشركة قد نشأ قبل توليهما إدارتها، وأن الدائن يعلم بمحدودية مسئولية الشركة. وأن من شأن ثبوت صحته تغيير وجه الرأي في الدعوى. قصور مبطل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أن النصّ في المادة (228) من قانون الشركات التجارية الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2015 على أن: " الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي الشركة التي تتألف من شخص واحد أو أكثر... ولا يسأل أي شريك إلا بقدر حصته في رأس المال، ولا تكون حصص الشركاء فيها أوراقاً مالية قابلة للتداول."، والمادة (229) من القانون ذاته على أن :" يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة اسم يؤخذ من غرضها أو من اسم واحد أو أكثر من الشركاء ... ويجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة (شركة ذات مسؤولية محدودة)، فإذا أهمل المديرون مراعاة الحكم المذكور كانوا مسؤولين في أموالهم الخاصة وبالتضامن عن التزامات الشركة، فضلاً عن التعويضات."؛ يدلّ على أن الأصل أن مساهمة أشخاص طبيعيين ببعض من ممتلكاتهم الشخصية في رأس مال (شركة ذات مسئولية محدودة) لها شخصيتها القانونية المستقلّة وذمتها المنفصلة عن ذمم الشركاء، لا يجعلهم مسئولين عن التزامات الشركة في أموالهم الخاصة. فالشريك في (الشركات ذات المسئولية المحدودة) لا يكون مسئولاً عن ديون الشركة إلا بمقدار حصته في رأس المال، ومن هنا جاءت هذه التسمية، فلا يمكن للدائنين التنفيذ على أموال الشركة إلا في حدود ذمتها المالية فقط بحسبانها شخصاً معنوياً خاصاً، فلا يمتد التنفيذ إلى أموال الشركاء الخاصة، إلا في حالات حدّدها المشرّع على سبيل الحصر، من بينها وجوب تبصير المتعامل مع الشركة بشكلها القانوني، لكي لا يكون في مرية من محدودية مسئوليتها عند التعاقد معها، وهذا التبصير مسئولية مدير الشركة بوجوب ذكر عبارة (ذات مسئولية محدودة) قرين اسم الشركة عند التعاقد مع الغير.
2- مسئولية مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة هي مسئولية شخصية يتحمّل تبعتها مدير الشركة نفسه، فإذا تم استبداله لأيّ سبب من الأسباب، فإن المسئولية لا تنتقل إلى المدير الجديد، بل تظل لصيقة بمن ارتكب هذا الإهمال، ويترتّب على ذلك أن يكون التضامن لصيقاً بشخص المدير الذي أهمل ذكر العبارة دون من حلّ محلّه.
3- أن مجرد خلو العقد المبرم مع الغير من بيان أن (الشركة ذات مسئولية محدودة)، يعتبر قرينة قانونية بسيطة على جهل الغير بحقيقة الشكل القانوني للشركة، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس، ويقع عبء هذا الإثبات على مدير الشركة بأن يُقدّم الدليل على علم المتعاقد معه بحقيقة الشكل القانوني للشركة علماً يقينياً، كأن تكون الشيكات الصادرة من الشركة خالية منه، في حين أنه ثبت بأصل العقد المبرم معه مسئولية الشركة المحدودة، أو أن المتعاقد ذاته سبق له التعاقد مع الشركة في معاملات سابقة ثبت بها شكلها القانوني أو غير ذلك، مما يؤكد حقيقة علمه بمحدودية مسئوليتها.
4- ولئن كانت مسئولية المدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة عن الإهمال هي مسئولية شخصية، بيد أنه إذا تعدّد المديرون للشركة، وأهمل أحدهم هذا الالتزام سواء أكان ذلك بالخطأ أو العمد، كانوا جميعاً مسئولين بالتضامن فيما بينهم في مواجهة الغير المتعاقد مع الشركة عن مغبّة هذا الإغفال، وجاز للدائن التنفيذ في ذمتهم المالية الخاصة على ما ترتّب على الشركة من ديون من جرّاء هذا التعاقد، ويكون للمديرين الرجوع بالتعويض فيما بينهم على من أهمل منهم إن كان لذلك مُقتضٍ.
5- المقرّر – في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتّب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها؛ إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، بما مؤداه أنه إذا طُرِحَ على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذ ما رأته مُتّسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها؛ فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
6- إذ اكان الطاعنان قد دفعا مسؤوليتهما التضامنية بأن الالتزام قد نشأ قبل شرائهما للشركة، وبالتالي قبل توليهما إدارتها، وقدّما تدليلاً على ذلك عقد البيع والسجل التجاري، وتمسّكا بدفاع مؤداه علم الدائن بمحدودية مسئولية الشركة، وطلبا من المحكمة تمكينهما من إثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن تحقيق هذا الدفاع وتمحيصه، رغم أنه دفاع جوهري من شأنه – إن صحّ- أن يتغيّر به وجه الرأي في الدعوى، فشابه القصور المبطل؛ مما يوجب تمييزه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم ... لسنة 2019 [مدني كلي]، بطلب إلزامهم بأن يؤدوا له بالتضامن .... ريال، وتعويضاً مقداره ..... ريال، على سند من القول: إنه بموجب علاقة تجارية بين الطرفين أصدرت الشركة المطعون ضدها الثانية شيكات بقيمة المطالبة، وتبيّن أنه ليس لها رصيد قائم وقابل للسحب. حكمت محكمة أول درجة بإجابة الطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 2019. وبتاريخ ../ ../ 2020 قضي بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في -غرفة المشورة-؛ حُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان: إنهما تمسّكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن الدين موضوع الدعوى قد نشأ في ذمة الشركة قبل شرائهما لها، وقدّما عقد شراء الشركة والسجل التجاري لها، فضلاً على علم المطعون ضده الأول بحقيقة الشكل القانوني للشركة، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع، وقضى بإلزامهما بالتضامن في ذمتهما المالية المستقلّة عن ذمة الشركة؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (228) من قانون الشركات التجارية الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2015 على أن: " الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي الشركة التي تتألف من شخص واحد أو أكثر... ولا يسأل أي شريك إلا بقدر حصته في رأس المال، ولا تكون حصص الشركاء فيها أوراقاً مالية قابلة للتداول."، والمادة (229) من القانون ذاته على أن :" يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة اسم يؤخذ من غرضها أو من اسم واحد أو أكثر من الشركاء ... ويجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة (شركة ذات مسؤولية محدودة)، فإذا أهمل المديرون مراعاة الحكم المذكور كانوا مسؤولين في أموالهم الخاصة وبالتضامن عن التزامات الشركة، فضلاً عن التعويضات."، يدلّ على أن الأصل أن مساهمة أشخاص طبيعيين ببعض من ممتلكاتهم الشخصية في رأس مال (شركة ذات مسئولية محدودة) لها شخصيتها القانونية المستقلّة وذمتها المنفصلة عن ذمم الشركاء، لا يجعلهم مسئولين عن التزامات الشركة في أموالهم الخاصة. فالشريك في (الشركات ذات المسئولية المحدودة) لا يكون مسئولاً عن ديون الشركة إلا بمقدار حصته في رأس المال، ومن هنا جاءت هذه التسمية، فلا يمكن للدائنين التنفيذ على أموال الشركة إلا في حدود ذمتها المالية فقط بحسبانها شخصاً معنوياً خاصاً، فلا يمتد التنفيذ إلى أموال الشركاء الخاصة، إلا في حالات حدّدها المشرّع على سبيل الحصر، من بينها وجوب تبصير المتعامل مع الشركة بشكلها القانوني، لكي لا يكون في مرية من محدودية مسئوليتها عند التعاقد معها، وهذا التبصير مسئولية مدير الشركة بوجوب ذكر عبارة (ذات مسئولية محدودة) قرين اسم الشركة عند التعاقد مع الغير، وهذه المسئولية هي مسئولية شخصية يتحمّل تبعتها مدير الشركة نفسه، فإذا تم استبداله لأيّ سبب من الأسباب، فإن المسئولية لا تنتقل إلى المدير الجديد، بل تظلّ لصيقةً بمن ارتكب هذا الإهمال، ويترتّب على ذلك أن يكون التضامن لصيقاً بشخص المدير الذي أهمل ذكر العبارة دون من حلّ محلّه. ومجرد خلو العقد المبرم مع الغير من بيان أن (الشركة ذات مسئولية محدودة)، يعتبر قرينة قانونية بسيطة على جهل الغير بحقيقة الشكل القانوني للشركة، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس، ويقع عبء هذا الإثبات على مدير الشركة بأن يُقدّم الدليل على علم المتعاقد معه بحقيقة الشكل القانوني للشركة علماً يقينياً، كأن تكون الشيكات الصادرة من الشركة خالية منه، في حين أنه ثبت بأصل العقد المبرم معه مسئولية الشركة المحدودة، أو أن المتعاقد ذاته سبق له التعاقد مع الشركة في معاملات سابقة ثبت بها شكلها القانوني أو غير ذلك، مما يؤكد حقيقة علمه بمحدودية مسئوليتها. ولئن كانت مسئولية المدير عن هذا الإهمال هي مسئولية شخصية، بيد أنه إذا تعدّد المديرون للشركة، وأهمل أحدهم هذا الالتزام سواء أكان ذلك بالخطأ أو العمد، كانوا جميعاً مسئولين بالتضامن فيما بينهم في مواجهة الغير المتعاقد مع الشركة عن مغبّة هذا الإغفال، وجاز للدائن التنفيذ في ذمتهم المالية الخاصة على ما ترتّب على الشركة من ديون من جرّاء هذا التعاقد، ويكون للمديرين الرجوع بالتعويض فيما بينهم على من أهمل منهم إن كان لذلك مُقتضٍ. وكان من المقرّر – في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتّب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها؛ إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، بما مؤداه أنه إذا طُرِحَ على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذ ما رأته مُتّسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها؛ فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً. لمّا كان ذلك، وكان الطاعنان قد دفعا مسؤليتهما التضامنية بأن الالتزام قد نشأ قبل شرائهما للشركة، وبالتالي قبل توليهما إدارتها، وقدّما تدليلاً على ذلك عقد البيع والسجل التجاري، وتمسّكا بدفاع مؤداه علم الدائن بمحدودية مسئولية الشركة، وطلبا من المحكمة تمكينهما من إثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن تحقيق هذا الدفاع وتمحيصه، رغم أنه دفاع جوهري من شأنه – إن صحّ- أن يتغيّر به وجه الرأي في الدعوى، فشابه القصور المبطل؛ مما يوجب تمييزه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق