جلسة 26 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، واميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا عمر.
-------------------
(3)
الطعن رقم 369 لسنة 29 القضائية (1)
(أ) حكم "الطعن في الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع".
مناط عدم جواز الطعن في الحكم وفقاً للمادة 378 مرافعات أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع. الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يجوز الطعن فيه استقلالاً في المواعيد المحددة قانوناً وإلا ترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن.
(ب) حكم "الطعن في الأحكام". الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع "نقض" "ميعاد المطعن".
قضاء الحكم بأحقية الشفيع لثمار المبيع وبندب خبير لتقدير مقابل الريع. في شطره الأول حكم قطعي حسم النزاع في شق من الموضوع. جواز الطعن فيه بالنقض استقلالاً في الميعاد المنصوص عليه في المادتين 5 و6 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وهو ثلاثون يوماً من تاريخ العمل به في 21 فبراير سنة 1959.
(ج) استئناف "نطاق الاستئناف" نقض. "نطاق النقض".
نص المادة 404 مرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة. لا ينصرف هذا النص إلى الأحكام التي تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. حكم المادة 404 مرافعات خاص بالاستئناف. لا نظير له في الأحكام الخاصة بالنقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 517 سنة 1953 مدني كلي المنيا ضد الطاعن ومحمد مصطفى غيته بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1841 ج و666 م، وقال شرحاً لدعواه إن الطاعن كان قد اشترى من آخرين 30 ف و16 ط و21 س شيوعاً في أطيان أخرى، وأنه شريك على الشيوع فيها وأعلن رغبته في أخذها بالشفعة بتاريخ 6 و8 من نوفمبر سنة 1949 وأودع الثمن خزانة المحكمة بتاريخ 15/ 11/ 1949 ورفع دعوى الشفعة. وبعد أن حكم لصالحه وتأيد الحكم استئنافياً بتاريخ 26/ 11/ 1951 واستلم الأطيان موضوع الدعوى أقام دعواه الحالية طالباً الحكم له بهذا المبلغ باعتباره مقابل ريع هذه الأطيان عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين بواقع ثلاثين جنيهاً سنوياً للفدان، مستنداً في ذلك إلى أن حكم الشفعة في القانون المدني مقرر للحق لا منشئ له ويترتب عليه استحقاق الشفيع للثمار من تاريخ إبداء الرغبة في الأخذ بالشفعة. وبتاريخ 19/ 11/ 1955 حكمت المحكمة برفض دعواه واستأنف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 385 سنة 73 قضائية. وبتاريخ 15 يونيه سنة 1958 حكمت المحكمة "حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الثاني محمد مصطفى غيته (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الأول وبأحقية المستأنف في ريع الأطيان المحكوم بأحقيته في أخذها بالشفعة والبالغ مساحتها 30 ف و16 ط و21 س عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين (ثالثاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء الحكومي بالمنيا للانتقال إلى الأطيان سابقة الذكر ومعاينتها وتقديم صافي الريع عنها". وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره عادت وبتاريخ 26/ 4/ 1959 وحكمت: "حضورياً بإلزام المستأنف عليه الأول بأن يدفع للمستأنف مبلغ 1227 ج و222 م - والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما". وبتاريخ 25 مايو سنة 1959 طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 واستندت في ذلك إلى المادة 378 من قانون المرافعات وطلبت رفض الطعن. وبجلسة 26 مارس سنة 1964 قررت الدائرة المدنية إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية حيث رأت العدول عن المبدأ الذي قررته إحدى دوائر المحكمة في الطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية في مجال تطبيق المادة 378 من قانون المرافعات، وطلب الطاعن رفض الدفع ونقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أحالت فيها على مذكرتها الأولى والتزمت رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة تستند في الدفع بعدم قبول الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 والذي قضى في الشطر الثاني منه بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون عليه) في الريع عن سنتي 1950 و1951 الزراعيتين إلى أن القضاء بالأحقية في الريع حكم في صميم موضوع النزاع بين الطرفين أنهى بصفة قطعية جزء أساسياً من الخصومة لا تملك المحكمة إعادة النظر فيه ويجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بمفهوم المادة 378 من قانون المرافعات، وإذ فات الطاعن أن يطعن في هذا الحكم في الميعاد المحدد بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فإن طعنه في هذا الشطر من الحكم يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المادة 378 من قانون المرافعات وقد نصت على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات. إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع" - فإنها بذلك تكون قد دلت على أن مناط عدم جواز الطعن هو أن يكون الحكم صادراً قبل الفصل في الموضوع، وبالتالي فإن الحكم الذي يفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها يخرج عن نطاق التحريم المقرر بها ويجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للقواعد العامة للطعن في الأحكام. وبالرجوع إلى الطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية وإلى المبدأ الذي قرره يبين أنه اتجه بقضائه في مجال تطبيق المادة 378 من قانون المرافعات إلى أن الأصل في الطعن أن يكون جملة واحدة عند صدور الحكم في الموضوع وأن للمحكوم عليه - على سبيل الرخصة - أن يطعن على استقلال في الأحكام التي تقبل الطعن فور صدورها دون انتظار الفصل في أصل الدعوى، واستند في ذلك إلى المادة 378 من قانون المرافعات والحكمة التي توخاها الشارع منها وهي - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية - منع تقطيع أوصال القضية وتوزيعها على مختلف المحاكم. كما استند في تأييد هذا النظر إلى أن نص المادة 404 من قانون المرافعات على أن: "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" من مقتضاه أن الطعن في الحكم الصادر في الموضوع يشمل جميع الأحكام السابق صدورها في القضية مطلقة من أي قيد سوى سبق قبولها صراحة، وأن هذا النص وإن ورد في باب الاستئناف إلا أنه يفسر حكم المادة 378 من قانون المرافعات.
وحيث إن البين من نص المادة 378 من قانون المرافعات أن الشارع فرق بين نوعين من الأحكام: أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وأحكام صادرة في الموضوع. ولم يجز الطعن في الأولى على استقلال ولكن مع الحكم الصادر في الموضوع دون أن يعرض للثانية وتركها للقواعد العامة ومقتضاها هو الطعن في الأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها في المواعيد القانونية، ويترتب على عدم مراعاة تلك المواعيد سقوط الحق في الطعن. وإذ كان ذلك، فإن ما اتجه إليه قضاء الطعن رقم 38 سنة 30 ق أحوال شخصية على الوجه المتقدم يكون في غير محله. ولا يغير من ذلك ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون من أن الحكمة من تحريم الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها هي عدم تقطيع أوصال القضية الواحدة إذ لا علاقة لذلك بالأحكام التي تفصل في موضوع الدعوى أو في شق منها. كما لا يجوز الاستناد إلى المادة 404 من قانون المرافعات إذ أن عبارتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. فضلاً عن أن هذه المادة لم ترد في الفصل الأول من الباب الثاني عشر المخصص للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام، وإنما وردت في الفصل الثالث عشر الخاص بالاستئناف ولا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض ومن ثم ترى الهيئة العامة العدول عن المبدأ المقرر بالطعن رقم 38 سنة 30 قضائية أحوال شخصية.
وحيث إن الثابت في الدعوى أنها مؤسسة على الأحقية في الثمار من تاريخ إيداع الثمن في دعوى الشفعة، وإذ كان الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 قد قضى - في الشطر الثاني منه - بأحقية الشفيع للريع من هذا التاريخ فإنه يكون قد بت في أساس الخصومة بين الطرفين وبهذه المثابة يعتبر حكماً قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بينهما وأنهى الخصومة في شأنه وبالتالي فإن الطعن فيه بطريق النقض إنما يكون على استقلال في الميعاد المنصوص عليه في المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 57 لسنة 1959 وهو ثلاثون يوماً من تاريخ العمل به في 21 فبراير سنة 1959، إلا أن الطاعن وقد تراخى في الطعن في هذا الحكم حتى 25/ 5/ 1959 فقد سقط حقه في الطعن طبقاً للمادة 381 من قانون المرافعات.
وحيث إن الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 بعد أن قضى في شقه الثاني بالأحقية في الثمار حصر الخصومة بعد ذلك في تحديد مقابل الريع وقضى في شطره الثالث بندب خبير لتقديره. أما الحكم الصادر بتاريخ 26/ 4/ 1959 فقد قضى بقيمة مقابل الريع أخذاً بما انتهى إليه الخبير في تقريره.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بالثمار دون أن يحدد مناط استحقاقها على أساس قانوني سليم، وخالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ جعل الثمار للشفيع على أساس أنها تعويض عن عدم الانتفاع بمبلغ الثمن المودع خزانة المحكمة، وإذ ذهب إلى أن قضاء محكمة النقض بتاريخ 31/ 10/ 1946 في شأن تاريخ تملك الشفيع للثمار على خلاف ما خلص إليه الحكم كان متأثراً بأحكام قانون الشفعة القديم.
وحيث إنه يبين من ذلك أن أسباب الطعن بجميع ما تضمنته موجهة إلى الشطر الثاني من الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 فحسب. والنعي بها وعلى ما سبق بيانه غير مقبول. وإذ خلا الطعن من بيان الأسباب التي بني عليها في خصوص الشق الباقي من الحكم الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1958 والحكم الصادر بتاريخ 26/ 4/ 1959 فإنه يكون باطلاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن.
(1) راجع نقض 8/ 1/ 1953 بمجموعة المكتب الفني س 4 ص 313 و26/ 2/ 1958 س 9 ص 120 و29/ 4/ 1965 س 16 في الطعن رقم 203 لسنة 30 ق.
(*) عدلت الهيئة العامة في هذا الطعن عن المبدأ المقرر في القضية رقم 38 لسنة 30 ق "أحوال شخصية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق