جلسة 10 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.
-------------
(237)
الطعن رقم 352 لسنة 44 ق
(1) إيجار "إيجار الأماكن". تنفيذ. حكم "الطعن في الحكم". نقض.
القضاء بإخلاء المستأجر مع النفاذ المعجل والتأجيل لنظر طلب التعويض. قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب الإخلاء. جواز الطعن فيه بالنقض استقلالاً. علة ذلك. قابلية الحكم الاستئنافي للتنفيذ الجبري بإعادة الحال إلى ما كان عليه.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". فسخ. حكم "الطعن في الحكم". مهجرون.
دعوى المؤجر بفسخ العقد لتنازل المستأجر عن الإيجار تمسك المتنازل له بصحة التنازل باعتبار أنه من مهجري مدن القناة. أثره. جواز استئنافه الحكم الصادر بالإخلاء ولو لم يستأنفه المستأجر الأصلي.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن". مهجرون.
(3) تنازل المستأجر عن العين المؤجرة لأحد المهجرين من مدن القناة. شرط صحته. أن يكون عقد إيجار المستأجر الأصلي صحيح وقائم عند التنازل.
(4) صفة التهجير. ثبوتها ببطاقة التهجير دون سواها. أثرها قاصر على الجهة التي هجر الشخص إليها مباشرة دون الجهات التي ينتقل إليها بعد ذلك بمحض إرادته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم...... سنة 1971 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما طالبين الحكم بفسخ عقد إيجار الشقة الموضحة بالصحيفة الصادر من مورثهم للمطعون عليه الأول وإخلائهما منها وإلزامهما متضامنين دفع مبلغ خمسمائة جنيهاً على سبيل التعويض وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقد مؤرخ 19/ 10/ 1963 استأجر المطعون عليه الأول من مورثهم شقة بالعقار..... بقسم مصر الجديدة بالقاهرة وإذ تنازل المستأجر عن العين رغم شرط الحظر المثبت بالعقد، وقدم الأخير ضدهم شكاوى كيدية ألحقت بهم ضرراً، وحرمهم من الانتفاع بالعين فقد أقاموا الدعوى. أجاب المطعون عليه الثاني بصحة التنازل الصادر له باعتباره من مهجري مدينة الإسماعيلية - وبتاريخ 15/ 1/ 1972 حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار وإخلاء المطعون عليهما من شقة النزاع وشملت الحكم بالنفاذ المعجل، وحددت جلسة لنظر موضوع التعويض، استأنف المطعون عليه الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 668 سنة 89 ق القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 31/ 1/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول لأنه لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وأبدت الرأي في الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه وأن كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الطلب الأصلي وحده الخاص بفسخ عقد الإيجار، ولم ينه الخصومة بين الطرفين تبعاً لأنها ما زالت مطروحة على محكمة الدرجة الأولى للفصل في طلب التعويض، ولئن كان مفاد المادة 212 من قانون المرافعات أن الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة لا تكون قابلة للطعن إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، فإنها قد استثنت في ذات الوقت الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري مما مؤداه جواز الطعن فيها على استقلال ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الطلب الأصلي قاضياً بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، ولئن كان الأصل في الأحكام الصادرة برفض الدعوى. أنها لا تقبل التنفيذ الجبري، إلا أنه لما كان الثابت أن الحكم الابتدائي صدر بفسخ عقد الإيجار والإخلاء مع النفاذ المعجل وبلا كفالة، فإن الحكم الاستئنافي الصادر بإلغاء هذا الحكم ورفض الدعوى يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قابلاً للتنفيذ الجبري لإزالة آثار تنفيذ الحكم الابتدائي، وبالتالي يكون قابلاً للطعن المباشر دون انتظار للحكم المنهي للخصومة كلها، ويكون الطعن بطريق النقض بالتالي جائزاً.
وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول، فإنه لما كان المقرر أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون، وكان الثابت أن المطعون عليه الأول لم يكن مختصماً في الاستئناف المطروح على المحكمة فإن اختصامه في الطعن بالنقض يكون غير مقبول ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لمن عدا المطعون عليه الأول.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أجاز الاستئناف الذي انفرد بإقامته المتنازل إليه عن عقد الإيجار- المطعون عليه الثاني - دون أن يشاركه فيه المستأجر الأصلي - المطعون عليه الأول - مع أن المتنازل إليه إنما يستمد حقه منه، فإذا زال عقد المستأجر الأصلي زال بالتبعية سند الأول في البقاء بالعين وإذ قضى حكم محكمة أول درجة بفسخ عقد الإيجار المبرم مع المطعون عليه الأول الذي قبل الحكم وأصبح فسخ الإيجار بالنسبة له نهائياً، فإن استئناف المتنازل إليه لهذا الحكم يضحى غير مقبول. لا يغير من ذلك تذرع المطعون عليه الثاني بالقانون الخاص بالمهجرين لأنه يستلزم بداهة قيام العلاقة التعاقدية بين المستأجر الأصلي المتنازل وبين المؤجرة وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الواقع في الدعوى أن النزاع المطروح كان يدور أمام محكمة أول درجة حول صحة التنازل الصادر من المستأجر الأصلي - المطعون عليه الأول - إلى المطعون عليه الثاني باعتباره من مهجري مدن القناة وينبسط عليه حكم القانون 76 لسنة 1969، وكان توافر هذه الصفة فيه يجعل له حقاً شخصياً مباشراً في مواجهة الطاعنين طالما صدق هذا الوصف عليه، فإن قضاء الحكم الابتدائي بفسخ عقد الإيجار وبرفض إجارة المتنازل إليه الصادر له من المستأجر الأصلي يجعل له حقاً في استئنافه حتى لو أمسك المستأجر الأصلي - المطعون عليه الأول - عن الطعن فيه. لما كان ذلك فإنه وإن كان يشترط لإعمال حكم القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 في شأن المهجرين من منطقة القناة وسيناء أن يكون تحت ثمة مستأجر أصلي بموجب عقد إيجار صحيح وقائم، فإذا صدر ضد المستأجر الأصلي حكم بالطرد لم يجز له من بعد النزول أو التأجير من الباطن إلى أحد المهجرين تبعاً لزوال حقه، إلا أنه لما كان من المسلم به أن واقعة التنازل قد صادفت محلها أثناء سريان عقد الإيجار المبرم مع المستأجر الأصلي وفي تاريخ سابق على صدور حكم محكمة أول درجة بالفسخ فإن للمتنازل إليه الحق في استئناف هذا الحكم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة وقضى بقبول الاستئناف المقام من المطعون عليه الثاني فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه غير سديد.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم اعتبر المطعون عليه الثاني من مهجري مدينة الإسماعيلية ورتب على ذلك انطباق القانون رقم 76 لسنة 1969 على واقعة الدعوى فيما شرعه من صحة التنازل عن عقود إيجار الأماكن أو تأجيرها من الباطن الصادر لأحد المهجرين من إحدى مدن القناة حتى لو انطوت الإجارة على حظرهما، في حين أن المطعون عليه لم تكن له إقامة ثابتة بإحدى مدن القناة قبل عدوان سنة 1967 مما يستتبع عدم إفادته بالرخصة التي استحدثها القانون سالف البيان. هذا إلى أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم بأن الأوراق المقدمة من المطعون عليه تدليلاً على أنه هجر من مدينة الإسماعيلية لا تسعفه في إثبات أنه من المهجرين ولا تعتبر أوراقاً رسمية - وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لإفادة المتنازل إليه أو المستأجر من الباطن من حكم المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 أن يكون من المهجرين من إحدى محافظات بور سعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء، وكانت صفة المهجر تثبت ببطاقة التهجير الصادرة من السلطات المختصة ولا تثبت بسواها، وكانت فعالية هذه البطاقة تقتصر على الجهة التي هجر إليها مباشرة من إحدى المحافظات المذكورة، وتزول عنه بمجرد تركه هذه الجهة إلى غيرها بصفة مستقرة وبمحض إرادته بحيث يعتبر مستوطناً فيها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بثبوت صفة المهجر للمطعون عليه الثاني على سند من المستندات التي أشار إليها إلا أنها رغم تعددها ليس من بينها بطاقة التهجير المشار إليها - لما كان ذلك وكان الطاعنون قد أسسوا دفاعهم أمام محكمة الموضوع على قصور هذه المستندات في إثبات صفة المهجر، وأغفل الحكم الرد على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق