الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 مايو 2023

الطعن 289 لسنة 30 ق جلسة 11 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 8 ص 65

جلسة 11 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، واميل جبران، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

--------------------

(8)
الطعن رقم 289 لسنة 30 القضائية

(أ) حوالة "عدم نفاذ الحوالة". "أثره". تحكيم "أثر شروط التحكيم".
عدم الاعتداد بعقد البيع المحال من المشتري لآخر لكونه ليس طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون. آثار هذا العقد فيما تضمنه - بما في ذلك شرط التحكيم - اقتصارها على طرفيه. لا تمتد إلى رجوع المحال له على المحيل بما دفعه له. رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بدعوى الرجوع وعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة. صحيح في القانون.
(ب) حوالة "التزام المحيل بالضمان". فوائد. "بدء سريان الفوائد".
رجوع المحال له بالضمان على المحيل. التزام المحيل برد ما استولى عليه من الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يخالف ذلك. هذا الحكم مغاير لحكم المادة 226 مدني قضاء الحكم المحال له بالفوائد من تاريخ دفعه مبلغ الحوالة للمحيل - لا من تاريخ المطالبة القضائية - لا خطأ.

------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم الاعتداد بعقد البيع المحال من الطاعن (المشتري) للمطعون عليه الأول (المحال له) لأن الأخير لم يكن طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون فإن أثره في جميع ما تضمنه - بما في ذلك شرط التحكيم - لا يتعدى طرفي هذا العقد إلى المنازعة القائمة بين الطاعن والمطعون عليه الأول في خصوص رجوع الأخير بما دفعه للطاعن وذلك تأسيساً على عدم نفاذ عقد الحوالة، وإذا كان الحكم قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم وبعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة فإنه يكون قد انتهى صحيحاً في القانون.
2 - إذ نصت المادة 310 من القانون المدني على أنه "إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل... فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يخالف ذلك" فإن قصد المشرع من هذا النص هو تحديد أقصى ما يرجع به المحال له على المحيل من تعويض عند تحقق الضمان. وهذا الحكم يغاير الحكم الوارد بالمادة 226 من القانون المدني الذي يجري سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان موضوع الالتزام مبلغاً من النقود تأخر المدين في الوفاء به ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعمل حكم المادة 226 من القانون المدني، وقضى للمحال له بالفوائد من تاريخ دفعه مبلغ الحوالة للطاعن وهو المحيل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 151 سنة 1958 تجاري كلي طنطا ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب الحكم (أولاً) بفسخ عقد البيع المؤرخ 21/ 7/ 1958 والاتفاق المحرر بظاهره بتاريخ 15/ 8/ 1958 - وببطلان السند البالغ قيمته 3700 ج والمستحق الأداء في 30/ 10/ 1958 واعتباره كأن لم يكن (ثانياً) إلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بدفع مبلغ 2000 ج كتعويض (ثالثاً) إلزام الطاعن بدفع مبلغ 3700 جنيهاً وفوائده بواقع 5% من أول نوفمبر سنة 1958 حتى تمام الوفاء وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ في 21/ 7/ 1958 باع المطعون عليهما الثاني والثالث للطاعن مائة طن من السمسم بسعر الطن 73 جنيهاً على أن يتم تسليمها في شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1958، وقد حرر الطاعن شيكاً بمبلغ 3000 جنيه على البنك العثماني المصري لصالح البائعين كجزء من الثمن على أن يدفع الباقي بعد وصول بوليصة شحن البضاعة، وباتفاق مؤرخ في 15/ 8/ 1958 حول الطاعن إلى المطعون عليه الأول عقد البيع نظير الثمن المبين به مضافاً إليه مبلغ 700 جنيه وحرر المطعون عليه الأول سنداً لأمر الطاعن بمبلغ 3700 جنيه قيمة العربون والزيادة في الثمن يستحق الدفع في 30/ 10/ 1958. وأضاف المطعون ضده الأول أنه في 20/ 9/ 1958 أخطر المطعون ضدهما الثاني والثالث بهذه الحوالة منبهاً عليهما بإرسال البضاعة إليه بطنطا ثم عاد ونبه عليهما وعلى الطاعن بإنذارين رسميين بإرسال كمية السمسم وإلا كانوا جميعاً مسئولين عما يلحقه من الأضرار، كما حذر الطاعن من استخدام السند المستحق في 30/ 10/ 1958، إلا أن هذا الأخير قدم هذا السند إلى بنك القاهرة لتحصيله مما اضطره للوفاء بقيمته حرصاً على سمعته التجارية. وإذ لم يردوا على إنذاره ولم يسلموه البضاعة فقد انتهى إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان. دفع الطاعن الدعوى بعدة دفوع من بينها عدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى تأسيساً على أن عقد 21/ 7/ 1958 نص فيه على أن التحكيم هو السبيل لفض أي نزاع يثور بشأن العقد، وطلب رفض الدعوى موضوعاً، وفي 27/ 4/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدفوع وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 3700 ج وفوائده بواقع 5% ابتداء من أول نوفمبر سنة 1958 وبرفض ما عدا ذلك - استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 41 سنة 9 ق تجاري استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وصمم على طلباته أمام محكمة أول درجة دفعاً وموضوعاً، كما استأنفه المطعون ضده الأول وقيد استئنافه برقم 42 سنة 9 ق تجاري استئناف طنطا طالباً تعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بمبلغ 2000 ج كتعويض زيادة عما قضى به لصالحه، وضمت المحكمة الاستئنافين، وحكمت فيهما في 28/ 4/ 1960 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 28/ 5/ 1960 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21/ 12/ 1963 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة ينعى الطاعن على الحكم في السبب الأول منها مخالفة القانون والقصور في التسبيب في وجوه ثلاثة (الأول) أنه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم على أن أحد البائعين المختصمين في الدعوى وهو أحمد حسنين عبد الجواد (المطعون ضده الثاني) لم يوقع على عقد البيع بما تضمنه من شرط التحكيم، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعن الثابت بمذكرته من أن إخراج المطعون ضده الثاني من الدعوى لا يمحو الخصومة بين الأطراف الذين ارتبطوا بالعقد والتزموا بأحكامه وهم المطعون ضده الثالث باعتباره بائعاً والطاعن بوصفه مشترياً والمطعون ضده الأول بوصفه محالاً إليه. (والثاني) مسخ الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه عبارة العقد الخاصة بالتحكيم، إذ قرر أن الالتجاء إلى التحكيم لا يكون إلا بالنسبة للنزاع الذي يثور أثناء تنفيذ العقد وبسبب تنفيذه، في حين أن عبارة العقد صريحة في أن التحكيم يشمل كل خلاف بين المشتري والبائعين لأي سبب كان. هذا على أنه بفرض الأخذ بالتحديد الذي أورده الحكم المطعون فيه لما يدخل في نطاق التحكيم وأن طلب التعويض يخرج عنه فإن الطلب الأصلي وهو الفسخ مع إلزام الطاعن بمبلغ 3700 ج يبقى خاضعاً لشرط التحكيم، وليس هناك ما يمنع من إعمال هذا الشرط بالنسبة لبعض الطلبات دون الأخرى. (والثالث) قرر الحكم أن المطعون عليه الثالث لطفي السيد محمد وقع وحده على عقد البيع بصفته الشخصية لا بوصفه شريكاً متضامناً مع المطعون ضده الثاني أحمد حسنين عبد الجواد، وهذا الذي قرره الحكم يخالف ما هو ثابت بالعقد إذ هو مصدر بعبارة "البائعان أحمد حسنين عبد الجواد وشريكه لطفي السيد محمد التاجران بطما" على أن اعتبار لطفي السيد محمد هو البائع لا تأثير له في وجوب إعمال شرط التحكيم لأن لكل شريك الحق في التوقيع عن الشركة منفرداً.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه حصل من الواقع المعروض عليه أن المطعون ضده الثالث لم يقبل الحوالة وأن المطعون ضده الثاني لم يوقع على عقد البيع وخلص من ذلك إلى أن الحوالة غير نافذة في حقهما وحكم بفسخها وأنها بذلك أصبحت غير نافذة أيضاً في حق المطعون ضده الأول لاستحالة تنفيذها وقضي لهذا الأخير بمبلغ 3700 ج الذي كان قد دفعه إلى الطاعن - ولم يتعرض الحكم لعقد البيع المؤرخ 21/ 7/ 1958 والمتضمن شرط التحكيم، ورفض ما طلبه المطعون عليه الأول من فسخ هذا العقد تأسيساً على أنه لا مصلحة له في هذا الطلب لأنه لم يكن طرفاً في العقد. ولما كان مفاد هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه هو عدم الاعتداد بعقد البيع السالف الذكر بالنسبة للمطعون عليه الأول لأنه لم يكن طرفاً فيه ولم تتم حوالته إليه طبقاً للقانون، وبالتالي فإن أثره في جميع ما تضمنه بما في ذلك شرط التحكيم لا يتعدى طرفي هذا العقد إلى المنازعة القائمة بين الطاعن والمطعون عليه الأول في خصوص المبلغ الذي كان هذا الأخير قد دفعه إلى الطاعن ويطلب رده منه تأسيساً على عدم نفاذ عقد الحوالة - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم وبعدم سريان شرط التحكيم فإنه يكون قد انتهى صحيحاً في القانون، ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور يكون غير منتج، ولا يؤثر في سلامته ما عسى أن يكون قد حواه من تقريرات خاطئة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للثابت بالأوراق، وفي ذلك يقول إن الحكم الابتدائي قرر أن المطعون ضدهما الثاني والثالث - البائعين - لم يقبلا حوالة الدين الثابت في ذمتهما لصالح المشتري ورتب على ذلك فسخ الحوالة برمتها ما ورد منها على الحق أو على الدين وقد جاء بمذكرة الطاعن المقدمة إلى محكمة الاستئناف إن الثابت أن المحال إليه قد أبلغ الحوالة إلى البائعين فتكون نافذة في حقهما إلا أن الحكم المطعون فيه قرر - متابعته للحكم الابتدائي - أن المطعون ضده الثالث لم يقبل الحوالة، وذلك على خلاف ما أورده الطاعن في مذكرته وما هو ثابت بأوراق الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عدم أخذ الحكم المطعون فيه بما أورده الطاعن من دفاع في مذكرته لا ينطوي على مخالفة الثابت بالأوراق - وإذ لم يبين الطاعن باقي الأوراق التي ينعى بمخالفة الحكم لما هو ثابت بها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بفائدة 5% عن مبلغ 3700 جنيه من تاريخ دفعها للطاعن وهو تاريخ سابق لرفع الدعوى، مؤسساً قضاءه في ذلك على المادة 310 من القانون المدني رغم أنه لم يرد بها أن الفوائد تستحق عن مدة سابقة على تاريخ رفع الدعوى مما يتعين معه الرجوع إلى القاعدة العامة المقررة بالمادة 226 مدني التي تمنع من الحكم بالفوائد إلا من تاريخ المطالبة القضائية إلا إذ وجد نص على غير ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 310 من القانون المدني وقد وردت في شأن حوالة الحق ونصت على أنه "إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل طبقاً للمادتين السابقتين فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك" فإن قصد المشرع من هذا النص تحديد أقصى ما يرجع به المحال له على المحيل من تعويض عند تحقق الضمان، وهذا الحكم يغاير الحكم الوارد بالمادة 226 مدني الذي يجري سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان موضوع الالتزام مبلغاً من النقود تأخر المدين في الوفاء به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعمل حكم المادة 226 مدني على واقعة النزاع وقضى بالفوائد من تاريخ دفع المبلغ للطاعن وهو المحيل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق