جلسة 16 من مارس سنة 2021
حكـم
صادر باسم حضـرة صاحـب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر
برئاسـة السيد القاضي عبد الله بن أحمد السعدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة قضاة المحكمة/د. مبارك بن ناصـر الهاجري وأحمد بن علي حجر البنعلي نائبي رئيس المحكمة وأحمد رشدي سلام ورياض عبدالستار بوجاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6)
الطعنان رقما 25 ،62 لسنة 2021
(1) تمييز "ما لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز". حكم "تصحيح الأخطاء المادية في الأحكام".
الخطأ المادي في الحكم. مقصوده. لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز. (مثال بشأن خطأ مادي ورد بالمنطوق)
(2 ،3) حكم " حجيته: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية: حجية الحكم الصادر بالبراءة ". حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد كذلك".
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. مناطه. أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. اقتصار الحجية على منطوق الحكم وعلى أسبابه المؤدية إليه دون أن تلحق بالأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بالبراءة أو الإدانة. م (319) [إجراءات جنائية]، (301) [مرافعات].
(3) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب التعويض التزاماً بحجية الحكم الجنائي الفاصل في المسألة المشتركة بين الدعويين وهي التعدي على حقوق الملكية الفكرية دون الالتفات لما ورد فيه من عبارات زائدة. صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-النصّ في الفقرة الأولى من المادة (138) من قانون المرافعات على أن: " لا يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية. وتتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من هذه الأخطاء، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم، من غير مرافعة. ويدوّن كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويُوقّعه هو ورئيس الجلسة."؛ يدلّ على أن المقصود بالخطأ المادي الذي يرد في الحكم، هو ذاك الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير باستخدام عبارات أو أسماء لا تعبّر بتاتاً عما اتّجهت إليه إرادة المحكمة حسبما ورد بأسباب حكمها، فكشفت مدوناته بجلاء عن قضائه بما لا يدع مجالاً للشك فيه، وشاب منطوق الحكم خطأ في التعبير عن هذا القضاء، لا يؤثر في كيان الحكم أو فهم مراده، ولا يفقده ذاتيته، فإنه لا يعدو خطأ مادياً، وهو بهذه المثابة يخرج عن مفهوم التناقض الذي يفسد الحكم وتتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه، ومتى كان ما يوجّه إلى الحكم ليس من قبيل النعي على تقريراته القانونية أو الواقعية التي أسّس عليها قضاءه، وإنما ينصبّ على ما عبّر به عما انتهى إليه من هذه الأسس بحيث يتضح هذا الخطأ في التعبير من مقارنة منطوق الحكم بمدوناته ولا ينطوي تصحيحه على تغيير في حقيقة ما قضى به، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي تختصّ بتصحيحه المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم؛ طبقاً للإجراءات التي رسمتها المادة (138) من قانون المرافعات، ولا يصلح وحده سبباً للطعن بالتمييز. لمّا كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبُنيت أسبابه الجلية على هذا الأساس، بل وأفصح عن ذلك في المنطوق بالنسبة للاستئنافين الأولين، إلا أنه عندما دوّن منطوق الاستئناف الثالث وقع في خطأ في التعبير عن هذا القضاء؛ إذ بعد قبوله لهذا الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، أضاف عبارة: " تأييد الحكم المستأنف"، رغم سبق إلغائه له المنطوق ذاته، وبما أورده بأسبابه مؤدياً لهذا المنطوق، فإن هذه العبارة المضافة لا تعدو أن تكون خطأ مادياً، محلّ تصحيحها هو اللجوء للمحكمة التي أصدرته، ولا تصلح سبباً للطعن بالتمييز، ويضحى الطعن غير مقبول.
2-المقرّر في – قضاء محكمة التمييز – أن مؤدى نصّ المادتين: (319) من قانون الإجراءات الجنائية، و(301) من قانون المرافعات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية ملزمة في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية بحكم باتٍّ في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي فيما سبق له الفصل فيه، وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة، وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان من موضوع المحاكمة، دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة.
3- إذا كان الواقع في الدعوى أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم .... لسنة 2017 [جنح] قضى بالبراءة؛ استناداً إلى تقرير الخبير وما أورده بمدوناته من أنّ هناك اقتباساً خفيفاً في مقدمة المصنف، وبعض المصطلحات المتخصصة في (السدو) ولا يمكن تجنبها والخروج بمصطلحات جيدة تخرج عن المتعارف عليه شعبياً، وانتهى إلى عدم توافر أركان جريمة التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، ومن ثم فإن تزيّد الحكم الجنائي بإيراد عبارة " أن المحكمة داخلتها الريبة وتشكّكت في صحة التهمة" لا يقدح في أن البراءة بُنيت على عدم وقوع تعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم حجية الحكم الجنائي آنف البيان، بحسبان أن مناط التعويض الذي تطالب به الطاعنة قائم على أساس التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وهو ما يكفي لحمل قضائه، بما لا حاجة معه للردّ على ما ورد بتقرير الخبراء، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم (25) لسنة 2021 أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم .... لسنة 2018 [مدني كلي]، بطلب الحكم. أولاً: بصفة مستعجلة بوقف نسخ الكتاب المنسوب للمطعون ضدها الأولى ومصادرة جميع النسخ المطروحة بالسوق وإعدام المتبقي منها. ثانياً: إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا لها مبلغاً مقداره .... ريال كتعويض مادي، و.... ريال كتعويض أدبي، على سندٍ من أنها قامت في عام 1998 بنشر كتاب برسالة الماجستير التي حصلت عليها من (جامعة .... )، بعنوان: ...... ، إلا أنها فوجئت في عام 2016 بتوزيع كتاب منسوب للمطعون ضدها الأولى بناءً على تكليفها من المطعون ضده الثاني، ومشابه لكتابها بنسبة كبيرة، مما يعدّ تعدياً على حقوقها الفكرية، مما حدا بها لإقامة الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بوقف نسخ الكتاب، وبإلزام المطعون ضدهما بالتضامن بأن يؤديا للطاعنة مبلغ ... ريال. طعنت المطعون ضدها الأولى على هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 2020، كما طعن عليه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم ... لسنة 2020، وكذلك الطاعنة بالاستئناف رقم .... لسنة 2020، وبتاريخ ../../2020 قضت المحكمة في كلٍّ من الاستئنافين رقمي: .... لسنة 2020، بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى، وفي الاستئناف رقم .... لسنة 2020 برفض الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالطعن رقم (25) لسنة 202، كما طعن عليه المطعون ضده الثاني بالطعن رقم (62) لسنة 2020. وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة اليوم لنظرهما.
أولاً: الطعن رقم (62) لسنة 2021:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه بعد أن قضى في كلٍّ من الاستئنافين رقمي: (202، 207) لسنة 2020 المقامين من المحكوم ضدهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، عاد وناقض قضاءه السابق بأن قضى في الاستئناف رقم (212) لسنة 2020، بتأييد الحكم المستأنف؛ بما يعيبه بالتناقض، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن النصّ في الفقرة الأولى من المادة (138) من قانون المرافعات على أن: " لا يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية. وتتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من هذه الأخطاء، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم، من غير مرافعة. ويدوّن كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويُوقّعه هو ورئيس الجلسة."؛ يدلّ على أن المقصود بالخطأ المادي الذي يرد في الحكم، هو ذاك الخطأ الحسابي المحض أو ما يشابهه من أخطاء التعبير لا التفكير باستخدام عبارات أو أسماء لا تعبّر بتاتاً عما اتّجهت إليه إرادة المحكمة حسبما ورد بأسباب حكمها، فكشفت مدوناته بجلاء عن قضائه بما لا يدع مجالاً للشك فيه، وشاب منطوق الحكم خطأ في التعبير عن هذا القضاء، لا يؤثر في كيان الحكم أو فهم مراده، ولا يفقده ذاتيته، فإنه لا يعدو خطأ مادياً، وهو بهذه المثابة يخرج عن مفهوم التناقض الذي يفسد الحكم وتتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه، ومتى كان ما يوجّه إلى الحكم ليس من قبيل النعي على تقريراته القانونية أو الواقعية التي أسّس عليها قضاءه، وإنما ينصبّ على ما عبّر به عما انتهى إليه من هذه الأسس بحيث يتضح هذا الخطأ في التعبير من مقارنة منطوق الحكم بمدوناته ولا ينطوي تصحيحه على تغيير في حقيقة ما قضى به، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي تختصّ بتصحيحه المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم؛ طبقاً للإجراءات التي رسمتها المادة (138) من قانون المرافعات، ولا يصلح وحده سبباً للطعن بالتمييز. لمّا كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبُنيت أسبابه الجلية على هذا الأساس، بل وأفصح عن ذلك في المنطوق بالنسبة للاستئنافين الأولين، إلا أنه عندما دوّن منطوق الاستئناف الثالث وقع في خطأ في التعبير عن هذا القضاء؛ إذ بعد قبوله لهذا الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، أضاف عبارة: " تأييد الحكم المستأنف"، رغم سبق إلغائه له المنطوق ذاته، وبما أورده بأسبابه مؤدياً لهذا المنطوق، فإن هذه العبارة المضافة لا تعدو أن تكون خطأ مادياً، محلّ تصحيحها هو اللجوء للمحكمة التي أصدرته، ولا تصلح سبباً للطعن بالتمييز، ويضحى الطعن غير مقبول.
ثانياً: الطعن رقم (25) لسنة 2021:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لتناقض أجزاء منطوق الحكم مع بعضها، بأن أورد في منطوق الاستئنافين المقامين من المطعون ضدهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، بينما قضى بتأييد الحكم المستأنف في الاستئناف المقام منها؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذه المحكمة سبق وأن انتهت في الطعن السابق أن ما ورد بمنطوق الحكم المطعون فيه لا يعتبر تناقضاً، وإنما مجرد خطأ مادي كشف عنه منطوق الحكم ومدوناته؛ فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه قضى برفض الدعوى تأسيساً على حجية الحكم الجنائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 2017 [جنح]، واستئنافها رقم ... لسنة 2018، رغم أن الحكم الجنائي بنى قضاءه بالبراءة؛ تأسيساً على التشكّك في الاتّهام، وأن المسئولية المدنية لا تنتفي بنفي المسئولية الجنائية، وأن تقرير الخبراء قد انتهى إلى وجود اقتباس دون ذكر المصدر إلا الإشارة المقتضبة الواردة بنهاية الكتاب؛ بما يعيب الحكم، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محلّه؛ ذلك أن المقرّر في – قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نصّ المادتين: (319) من قانون الإجراءات الجنائية، و(301) من قانون المرافعات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية ملزمة في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكوّن للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية بحكم باتٍّ في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي فيما سبق له الفصل فيه، وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة، وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان من موضوع المحاكمة، دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة. لمّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم .... لسنة 2017 [جنح] قضى بالبراءة؛ استناداً إلى تقرير الخبير وما أورده بمدوناته من أنّ هناك اقتباساً خفيفاً في مقدمة المصنف، وبعض المصطلحات المتخصصة في (السدو) ولا يمكن تجنبها والخروج بمصطلحات جيدة تخرج عن المتعارف عليه شعبياً، وانتهى إلى عدم توافر أركان جريمة التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، ومن ثم فإن تزيّد الحكم الجنائي بإيراد عبارة " أن المحكمة داخلتها الريبة وتشكّكت في صحة التهمة" لا يقدح في أن البراءة بُنيت على عدم وقوع تعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم حجية الحكم الجنائي آنف البيان، بحسبان أن مناط التعويض الذي تطالب به الطاعنة قائم على أساس التعدّي على حقوق الملكية الفكرية، وهو ما يكفي لحمل قضائه، بما لا حاجة معه للردّ على ما ورد بتقرير الخبراء، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق