الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 مايو 2023

الطعن 213 لسنة 31 ق جلسة 15 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 39 ص 295

جلسة 15 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(39)
الطعن رقم 213 لسنة 31 القضائية

تسجيل. "المفاضلة عند تزاحم المشترين". شهر عقاري. بيع.
إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله. أسبقية تقديم الطلب لجهة الشهر لا أثر لها. ادعاء حصول التسجيل السابق نتيجة غش أو تواطؤ بين من تتم لصالحه وبين موظف الشهر العقاري المختص. عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المادة 33 من القانون 114 لسنة 1946. مخالفة هذه المادة لا يترتب عليها بطلان الشهر. ليس لمن قدم طلبه أولاً - في هذه الحالة سوى طلب التعويض قبل موظف الشهر العقاري ومن تواطأ معه إن كان لذلك محل.

--------------------
تنص المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير. وإذ جاء هذا النص - أسوة بنص المادة الأولى من قانون التسجيل لسنة 1923 المقابل له - خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ فإن مفاد ذلك - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله. ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب التسجيل اللاحق قد حصل على أسبقية في تقديم طلبه لجهة الشهر إذ أن مجرد الأسبقية في تقديم الطلب لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق. ولا يغير من هذا النظر القول بأن التسجيل السابق كان نتيجة غش أو تواطؤ بين من تم التسجيل لصالحه وبين الموظف الذي أجراه بمصلحة الشهر العقاري بعدم مراعاته للمواعيد والإجراءات التي تقضي بها المادة 33 من قانون الشهر العقاري ذلك أن ما انتظمه هذا النص لا يعدو أن يكون تبياناً للقواعد الإدارية المحددة للإجراءات والمواعيد الواجب على مأموريات الشهر العقاري اتباعها عند بحث الطلبات أو مشروعات المحررات المقدمة للشهر بشأن عقار واحد وإذ لم يرتب المشرع بطلان الشهر على مخالفته فإن الأفضلية تكون عند سبق تسجيل التصرف الصادر له ولو كان هو صاحب الطلب اللاحق وليس لصاحب الطلب السابق إن صح ما يدعيه من أن هذه المخالفة كانت نتيجة غش أو تواطؤ سوى طلب التعويض يوجهه إلى موظف الشهر العقاري ومن تواطأ معه إذا كان لطلبه محل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 125 سنة 1956 مدني كلي دمنهور على المطعون ضده الثاني تطلب الحكم بإثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 12/ 1955 الصادر منه والمتضمن بيعه إياها 20 ط تحت العجز والزيادة ظهر من عملية المساحة أنها 21 ط و5 س الموضحة الحدود بالعقد والصحيفة وتسليم هذا القدر إليها. وقالت شرحاً لدعواها إن المطعون ضده الثاني باعها القدر المذكور تحت العجز والزيادة لقاء ثمن قدره 433 ج دفعت منه 133 ج واتفق على أداء الباقي وقدره 300 ج عند التصديق على العقد النهائي وعلى أن ميعاد تسليم المبيع يكون في مايو سنة 1956 ولكنه إذ تأخر عن إعداد المستندات اللازمة لشهر العقد النهائي أقامت عليه هذه الدعوى ونبهت عليه بصحيفتها أن يقوم بذلك وألا يحكم عليها بطلباتها المذكورة - وبتاريخ 6/ 9/ 1956 أعلنت المطعون ضدها الطاعن بصحيفة مدخلة إياه في الدعوى بعد أن اتضح لها أنه مرتهن حيازي للقدر المبيع عارضة عليه 250 ج قيمة دينه خصماً من باقي الثمن الذي تحت يدها وذلك مقابل قيامه بشطب الرهن ونقل التكليف من اسمه لها - طلب الطاعن رفض الدعوى مستنداً في ذلك أنه اشترى ذات القدر المبيع بعقد مشهر في 5/ 4/ 1956 وإلى أن المطعون ضدها الأولى لا تفيد من إشهار صحيفة دعواها في 4/ 4/ 1956 لصورية عقدها وسوء نيتها الثابت من علمها بسبق شرائه لذات العقار - وبتاريخ 23/ 3/ 1958 قضت محكمة أول درجة بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 12/ 1955 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضدها الأولى عشرين قيراطاً ظهر من عملية المساحة أنها 21 ط و15 س بواقع ثمن الفدان الواحد 520 ج وتسليم هذا القدر إليها - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 286 سنة 14 ق الإسكندرية ومحكمة الاستئناف قضت في 25/ 3/ 1961 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه للمطعون ضدها بصحة عقدها على أن صحيفة دعواها قد سجلت في 4/ 4/ 1956 قبل أن يسجل الطاعن عقده في 5/ 4/ 1956، وعلى أن العبرة في المفاضلة بين التصرفين بتاريخ التسجيل دون ما عداه من إجراءات سابقة عليه، وعلى أن مخالفة تلك الإجراءات لما نصت عليه المادة 33 من القانون رقم 114 لسنة 1946 لا يترتب عليه بطلان الشهر أو فساده - هذا بينما الثابت أن الطاعن قد تمسك بصحيفة الاستئناف بأن عدم مراعاة القواعد المنصوص عليها بالمادة 23 من قانون تنظيم الشهر العقاري يرجع إلى وقوع الغش والتدليس بين المطعون ضدها الأولى وموظف الشهر العقاري لإهدار أسبقية طلبه والحيلولة دون تسجيل عقده قبل صحيفة دعواها، إلا أن الحكم أهدر تسجيل عقده ولم يقم اعتباراً لدفاعه ببطلان تسجيل صحيفة دعوى المطعون ضدها رغم ما هو مقرر من أن الغش يبطل جميع التصرفات المترتبة عليه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه إذا طرح دفاع الطاعن الذي تمسك فيه بأسبقية الإجراءات التي اتخذها في سبيل إشهار عقده على الإجراءات التي تمت في شأن إشهار المطعون ضدها لصحيفة دعواها، فقد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده من أن "العبرة في المفاضلة هي بالشهر ذاته أما ما يسبق ذلك من إجراءات فليس عنصراً في المفاضلة وليس له من أثر قانوني - وإذا كانت تلك الإجراءات لم تتقيد بأحكام المادة 33 من القانون رقم 114 سنة 1946 فلا يترتب على ذلك بطلان الشهر أو فساده، وإنما قد يكون سبباً لإجراءات تأديبية أو تعويض مدني إذا كان هناك محل للمساءلة" - وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أن قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 سنة 1946 الذي تم في ظله التسجيلات المفاضل بينهما قد نص بالمادة التاسعة منه على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، وإذ جاء هذا النص - أسوة بنص المادة الأولى من قانون التسجيل لسنة 1923 المقابل له - خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ، فإن مفاد ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين في شأن عقار واحد على أساس الأسبقية في الشهر ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع، طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله - ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب التسجيل اللاحق قد حصل على أسبقية في تقديم طلبه لجهة الشهر، إذ أن مجرد الأسبقية في تقديم الطلب لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق. كما لا يغير من هذا النظر القول بأن التسجيل السابق كان نتيجة غش أو تواطؤ بين من تم التسجيل لصالحه وبين الموظف الذي أجراه بمصلحة الشهر العقاري بعدم مراعاته للمواعيد والإجراءات التي تقضي بها المادة 33 من قانون الشهر العقاري، ذلك أن هذه المادة إذ تنص على أنه "إذا قدم للمأمورية أكثر من طلب في شأن عقار واحد يجب أن تبحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية تدوينها في الدفتر المعد لذلك وأن تنقضي بين إعادة الطلب السابق مؤشراً عليه بالقبول وإعادة الطلب اللاحق مؤشراً عليه بذلك فترة معادلة للفترة التي تقع بين ميعاد تدوين كل منهما، على ألا تجاوز هذه الفترة سبعة أيام، وإذا قدم للمأمورية أكثر من مشروع محرر في شأن عقاراً واحد وجب أن تنقضي بين إعادة مشروع المحرر السابق مؤشراً عليه بصلاحيته للشهر وإعادة مشروع المحرر اللاحق مؤشراً عليه بذلك فترة معادلة للفترة التي تقع بين ميعاد تدوين كل منهما، على ألا تجاوز هذه الفترة خمسة أيام، وتحتسب الفترات المتقدم ذكرها عند إرسال نسخة الطلب أو مشروع المحرر مؤشراً عليه لصاحب الشأن بالبريد من تاريخ الإرسال" فإن ما انتظمه هذا النص لا يعدو أن يكون تبياناً للقواعد الإدارية المحددة للإجراءات والمواعيد الواجب على مأموريات الشهر العقاري اتباعها عند بحث الطلبات أو مشروعات المحررات المقدمة للشهر بشأن عقار واحد فالخطاب بموجب هذا النص موجه إلى المختصين بمأموريات الشهر العقاري، وإذ لم يرتب المشرع بطلان الشهر على مخالفته فإن الأفضلية تكون لمن سبق في تسجيل التصرف الصادر له ولو كان هو صاحب الطلب اللاحق وكانت الإجراءات التي تم بموجبها الشهر لصالحه مخالفة لما نصت عليه المادة 33 المذكورة، وليس لصاحب الطلب السابق إن صح ما يدعيه من أن هذه المخالفة كانت نتيجة غش أو تواطؤ - سوى طلب التعويض يوجهه إلى موظف الشهر العقاري ومن تواطأ معه إذا كان لطلبه محل - لما كان ذلك، وكان تثبيت مناط الأفضلية على أساس الأسبقية في الشهر هو مما يؤدي إلى الاستقرار في المعاملات ويتفق وما يستهدفه المشرع من السير نحو تطبيق نظام السجل العيني، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وأطرح دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون قد توخى صحيح حكم القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قضى للمطعون ضدها بالتسليم، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بصحيفة الاستئناف بأنه دائن مرتهن رهناً حيازياً للعقار المبيع وحقه في حبسه ثابت ولا يمكن أن ترفع يده عنه إلا إذا استوفى دينه المضمون بالرهن الذي لم يؤد إليه بعد، ولكن الحكم المطعون فيه قضى بالتسليم استناداً إلى أن المشترية (المطعون ضدها) أودعت باقي الثمن خزانة المحكمة على ذمة الدائن المرتهن وهو يزيد على قيمة الرهن، في حين أن حق الطاعن في الحبس لا يزول إلا بالسداد الفعلي أي بصرف المبلغ المودع أو التصريح في الحكم بصرفه وهو ما كان ينبغي على الحكم المطعون فيه أن يقضي به لأن الإيداع حصل على ذمة البائع كما هو ظاهر من مدونات الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه في تأييد الحكم الابتدائي بالتسليم على ما يأتي: "أنه لا غبار على محكمة أول درجة إذ قضت بالتسليم لأن وضع يد المرتهن (الطاعن) يد عارضة تزول بزوال سببها وهو الوفاء بقيمة الرهن - والثابت الذي لا جدال فيه أن المشترية أودعت باقي الثمن بخزانة المحكمة على ذمة المرتهن (الطاعن) وهو يربو على قيمة الرهن، ولا شك من ناحية أخرى أن التسليم هو أثر من آثار التبايع وأنه من حق المشتري أن يطالب به وله أن يحاج به المرتهن الذي زالت عن العين المرهونة يده باقتضاء الثمن أو إيداعه بحيث يكون في متناول يده" - ولما كان الثابت من مطالعة تقريرات الحكم الابتدائي أن المطعون ضدها إذ أخلت الطاعن في الدعوى بصحيفة معلنة له في 6/ 9/ 1956 فقد عرضت عليه بذات الصحيفة ما له من دين خصماً من باقي الثمن الذي تحت يدها مقابل شطبه الرهن وكان الثابت أيضاً من هذه التقريرات أنها سلمت كاتب الجلسة أثناء نظر الدعوى باقي الثمن فقام بإيداعه خزانة محكمة دمنهور الابتدائية بموجب محضر إيداع، وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من هذا المحضر لإثبات ادعائه بأن هذا الإيداع كان على ذمة البائع لا على ذمته هو كما جاء بالحكم المطعون فيه فإن نعيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها كمشترية بتسليم العين المبيعة استناداً إلى إيداعها خزانة المحكمة باقي الثمن لذمة المرتهن وأنه أصبح في متناول يده يستوفى منه دين رهنه - لم يخالف القانون، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق