الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 مارس 2023

الطعن 822 لسنة 22 ق جلسة 24/ 2/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 200 ص 543

جلسة 24 من فبراير سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن ومحمود إسماعيل.

-----------------

(200)
القضية رقم 822 سنة 22 القضائية

حكم. 

بيان الواقعة المراد به.

---------------
إن القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة تصوغ فيه المحكمة هذا البيان. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة, كان محققا لحكم القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين: بأنهم - أولا - قتلوا عنايات أحمد ماضي أبو العزايم ونجيه إسماعيل عمدا مع سبق الإصرار وذلك بأن اتفقوا على قتلهما وأعدوا عدتهم لذلك وتوجه المتهمان الأول والثاني إلى منزل المجني عليهما حاملين أسلحة نارية وأعانتهما المتهمة الثالثة المقيمة في ذلك المنزل وحدها بفتح بابه وقادتهما إلى مخدعهما فأطلق المتهمان الأول والثاني على كل من المجني عليهما عيارا ناريا بقصد قتلهما فاحدثا بهما الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما - وثانيا - وضعوا النار عمدا في محل مسكون هو منزل المجني عليهما بأن نثروا مادة ملتهبة في غرفة نومهما وأشعلوا النار بها - وثالثا - سرقوا المصوغات الذهبية المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لعنايات أحمد ماضي أبو العزايم حالة كون المتهمين الأول والثاني يحملان أسلحة ظاهرة (بنادق). وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230و231و252/ 1و316 من قانون العقوبات, فقرر بذلك وادعى بحق مدني - 1 - حسن محمد سيد عن نفسه وبصفته ولي أمر بنته عواطف و2 - أحمد ماضي أبو العزايم و3 - زينب أحمد سوسي, وطلبوا الحكم لهم قبل المتهمين متضامنين الأول بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت, والثاني والثالثة بمبلغ عشرة آلاف جنيه, وذلك مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا أولا - بمعاقبة كل من عبد الحكيم فرغلي أحمد ومحمود علي محمد بالأشغال الشاقة المؤبدة وأنسي محمد سيد بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحقوق المدنية حسن محمد سيد قرشا صاغا واحدا مع المصاريف المدنية ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة, وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعيين بالحق المدني الشيخ أحمد ماضي أبو العزايم والست زينب أحمد سوسي ألفي جنيه مع المصاريف المدنية والف قرش مقابل أتعاب المحاماة لهما, وذلك عملا بالمواد 230و231و252و17 من قانون العقوبات لأنهم ارتكبوا التهمتين الأولى والثانية المسندتين إليهما. وثانيا: ببراءة المتهمين الثلاثة من التهمة الثالثة عملا بالمادتين 304/ 1و381 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن الأول يبني طعنه على بطلان الحكم المطعون فيه لخلوه من بيان الواقعة التي دين بها. ولا يغني عن ذلك ما اقتصر عليه من سرد الإجراءات التي تمت في الدعوى وإيراد الأدلة على وقائع غير موضحة بالحكم. هذا إلى أنه جاء مشوبا بفساد الاستدلال إذ اعتمد في إدانة الطاعن على قول للمتهمة الثالثة سماه اعترافا, في حين أنها لم تلبث أن عدلت عن هذه الأقوال, وحاصلها أنها خرجت من غرفتها على صوت عيارين فرأت المتهمين الأول والثاني خارجين من المنزل وأولهما يحمل بندقية, ورأت النار مشتعلة في الغرفة, وإذ لاح للمحكمة وهن هذا الدليل, ساقت لتعزيزه قرائن أربعا ليست لها صفة القرينة في حكم المنطق والواقع لعدم ارتباطها بالواقعة ارتباطا ليتوفر معه اتساق الدلالة, فضلا عن أن اثنين منها لم يقم عليهما دليل, بل جاء الحكم في صددهما بما يناقض الثابت بالأوراق, إذ قال في القرينة الثالثة أن دخول الجاني كان عن طريق الباب العمومي للمنزل, وأن هذا لا يتأتي إلا من شخص يكون موجودا بالمنزل, ثم عين الحكم هذا الشخص بأنه المتهمة الثالثة وبالرغم من أن هذه القرينة لو صحت, فإنها لا تفيد سوى اشتراك هذه المتهمة في الجريمة, فإن الثابت من المعاينة أنه يمكن الوصول إلى دخول المنزل من طريقين آخرين غير هذا الباب. ثم تحدث الحكم في القرينة الرابعة عن واقعة استمدها من مجرد الحيال, إذ قال أنه ظاهر من قرائن الأحوال أن باب غرفة المجني عليهما فتح بواسطة المجني عليها الأولى في أثر طرق الباب, وأنها اطمأنت إلى أن الطارق ممن يقيمون معها بالمنزل, وأنها المتهمة الثالثة بالذات, وأنها إذ فتحت الباب عاجلها المتهمان الأول والثاني بإطلاق النار - قالت المحكمة ذلك دون أن تذكر ما هى قرائن الأحوال التي أشارت إليها والتي رتبت عليها تلك النتائج بغير ما سند أو دليل. وأخيرا يقول الطاعن إن الحكم جاء متناقضا في الوقائع التي نسبها إلى المتهمة الثالث تلك الوقائع التي هى عماد الإدانة في الدعوى فبينما يقول في موضع إنها كانت نائمة واستيقظت على صوت إطلاق الأعيرة, ورأت المتهمين الأول والثاني وهما خارجان من المنزل إثر ارتكاب الحادث, إذ به يعود في موضع آخر فيقرر أنها هى التي فتحت لهما الباب الخارجي وقادتهما إلى غرفة المجني عليهما وأنها هى التي طرقت باب الغرفة, وما أن فتحته إحداهما حتى عاجلهما المتهمان الأول والثاني بإطلاق النار.
وحيث إن الطاعن الثاني يبني طعنه على أن الحكم جاء مشوبا بفساد الاستدلال على توفر نية القتل, إذ قال إن هذه النية متوفرة لدى المتهمين الأول والثاني من استعمالهما سلاحا ناريا, ومن إطلاقه على المجني عليهما في مقتل من جسمهما مستدلا على صحة هذه الوقائع بأقوال المتهمة الثالثة في حين أن المتهمة المذكورة لم تقل إن الطاعن كان يحمل سلاحا. كما أن المستفاد من تقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعي أن إطلاق العيارين كان من شخص واحد, وفي ذلك كله ما يؤيد دفاع الطاعن عن أنه لم يساهم في ارتكاب الجريمة. وكذلك جاء الحكم قاصرا عن إقامة الدليل على توفر سبق الإصرار, إذ دلل على ذلك باعتقاد المتهمين أن المجني عليها الأولى كانت السبب في رفض زواج المتهم الأول من الثالثة, وحصول تهديد للمجني عليها الأولى بسبب ذلك قبل صدوره من المتهمين الأول والثاني قبل الحادث بشهرين في حين أن هذه الوقائع على فرض ثبوتها لا تدل حتما على توفر سبق الإصرار. هذا إلى قصور الحكم أيضا في إقامة الدليل على ثبوت تهمة الإحراق في حق الطاعن وقد كان لاعتقاد المحكمة بارتكاب المتهمين لجريمتي القتل والإحراق معا أثر في تقدير العقوبة. وأخيرا يقول الطاعن إن الحكم مشوب بالبطلان لاستناده إلى دليل باطل هو المستمد من اعتراف منسوب إلى المتهمة الثالثة, وهو وليد ظروف تجعله صادرا عن إكراه, إذ جاء في أعقاب الكشف على عورتها بأمر المحقق, وكان من أثر ذلك أن أصبحت متلبسة بفضيحة هى زوال بكارتها, فلم تجد مخرجا إلا ذلك الإقرار الزائف الذي صدر في أثر مواجهتها بنتيجة الكشف الطبي.
وحيث إن الطاعنة الثالثة تقول إن المحكمة أخطأت حين قالت إن المتهم الثاني كان أول من وصل إلى مكان الحادث, واتخذت من ذلك دليلا على مساهمة المتهمين جميعا في الجريمة, في حين أن الثابت من شهادة شيخ الخفراء أنه هو أول من حضر, ثم حضر المتهم الثاني على صوت الاستغاثة, كذلك استندت في إدانة الطاعنة إلى ما قالته من أن المنزل لا يمكن فتحه إلا من الداخل, ورتبت على ذلك أنها هى التي فتحته, ومكنت المتهمين الأول والثاني من الدخول في حين أن الثابت من المعاينة أن هناك أكثر من طريق لدخول المنزل, وأنه يمكن فتح الباب من الخارج ولم يثبت أنه كان مغلقا من الداخل بمزلاج. ثم أن المحكمة أخذتها بتلك الأقوال التي صدرت عنها, واعتبرتها اعترافا على المتهمين الأول والثاني, ودليلا على مساهمتها هى في الجريمة, مع أن هذه الأقوال لا نصيب لها من الصحة, إذ أوعز إليها من أخيها زوج المجني عليها الأولى بأن تدلى بها انتقاما للشرف المثلوم الذي تكشف في أثر توقيع الكشف الطبي عليها. وجاء الحكم قاصرا إذ انتهى إلى القول بأنها هى التي فتحت باب المنزل للمتهمين الأول والثاني دون أن يورد الدليل على ثبوت هذه الواقعة, ولم يرد على ما دفعت به من انتفاء الباعث لها على المساهمة في الجريمة, وقد كانت على علاقة طيبة بالمجني عليها - وأخيرا تقول إنها طلبت إلى المحكمة ندب طبيب أو خبير فني لاستطلاع رأيه فيما قرره الطبيب الشرعي بصدد نفيه إمكان حدوث إصابات المجني عليها من انفجار الخراطيش التي كانت بالغرفة, إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب, وفي هذا إخلال بحق الدفاع.
وحيث إن القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة تصوغ فيه المحكمة هذا البيان, فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة, كان ذلك محققا لحكم القانون, ولما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين الواقعة فيما قاله من أن شيخ الخفراء اكتشف اندلاع النار في منزل المجني عليها, ثم تبينت وفاتها هى وخادمتها, ثم انتقال الضابط وسؤال الطاعن الثاني الذي كان موجودا بمكان الحادث, وتعليل الحريق مبدئيا بأنه تسبب من سقوط مصباح كان معلقا إلى الحائط, ثم ما ظهر بعد ذلك من تقرير الصفة التشريحية على جثة المجني عليهما من أن وفاتهما جنائية نشأت من عيار ناري أصاب كلا منهما, فاتخذ التحقيق وجهة جديدة وجه فيه الاتهام إلى الطاعن الأول بسبب اعتقاده أن المجني عليها الأولى وقفت من زواجه من المتهمة الثالثة موقف المعارضة بعد أن مهد لهذا الزواج بوسائل كثيرة بين وعد ووعيد, ثم وصل التحقيق إلى مرحلة تقدم فيها بلاغ من مجهول بأن علاقة آثمة بين الطاعن الأول والثالثة هى التي دفعتهما إلى ارتكاب الجريمة سترا للفضيحة, وإذ وقع الكشف الطبي عليها, أقرت بتلك العلاقة, وبأنها سمعت طلقات الأعيرة, وشاهدت الطاعنين الأول والثاني يخرجان من المنزل, وأولهما يحمل بندقية ورأت النار مشتعلة في الغرفة وقد استخلصت المحكمة من هذا الاعتراف ومن القوائن التي ساقتها والتي لها ما يبررها من الثابت بالأوراق أن الطاعنين الثلاثة قد ساهموا معا في ارتكاب جريمتي القتل والحرق, ولما كان ما أثبته الحكم من ذلك فيه البيان الكافي للواقعة التي دين بها الطاعنون وكان من حق المحكمة أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أدلة الدعوى متى كان استخلاصها له سائغا, فإن ما يزعمه الطاعنون من وجود تناقض أو انتزاع وقائع من الخيال لا أساس له, ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أقوال للطاعنة الثالثة في مراحل التحقيق المختلفة, ما دام أنه قد اعتمد على اعترافها الأول, وأثبت أن هذا الاعتراف قد تأيد بالقرائن التي ساقها والمستقاة من أوراق الدعوى في استخلاص مقبول في حدود ما للمحكمة من سلطة التقدير. ولا محل لما يقوله الطاعن الأول من أن الحكم أورد شهادة الشهود الذين يشير إليهم على اعتبار أنها مؤيدة للأدلة الأخرى التي ذكرها وذلك لأن الحكم لم يذكر هؤلاء الشهود في معرض التدليل, وإنما كان بصدد بيان الواقعة وما تم فيها من إجراءات.
وحيث إن ما أثاره الطاعن الثاني بصدد نية القتل وسبق الإصرار وعدم مساهمته في الجريمة بنفسه مساهمة فعلية لأن الحادث ارتكب ببندقية واحدة, كل ذلك مردود بأنه يكفي في القانون أن يساهم الجاني في عمل من الأعمال التنفيذية للجريمة كي يعد فاعلا, وأنه بفرض عدم إثبات مساهمته في الأعمال التنفيذية للجريمة, فهو شريك فيها, مما لا مصلحة له معه فيما يثيره في هذا الشأن ما دامت العقوبة المقضي بها عليه مقررة في القانون للشريك كما أن الحكم وإن أورد أدلة سائغة على توفر نية القتل وسبق الإصرار لديه, فقد قضى عليه بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد أو الاشتراك فيه بغير سبق إصرار. كما لا محل لما يثيره هذا الطاعن أيضا بصدد الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة الثالثة بمقولة إن هذا الإجراء مخالف للقانون - لا محل لما يقوله من ذلك, إذ ليس له أن يثير بطلان إجراء وقع على غيره, وما يثيره في هذا الشأن إنما يتحمض في واقع الأمر عن الطعن في ذات الإقرار وتقدير الأثر ليترتب عليه, وإن حصل العدول عنه, لما كان ذلك, وكان للمحكمة أن تأخذ باعتراف متهم على آخر, وإن عدل عنه, ولها ايضا أن تستخلص من هذا الاعتراف مساهمة من صدر منه الاعتراف على هذه الصورة في الجريمة, إذ مرد ذلك كله إلى مبلغ اطمئنانها للأدلة التي اقتنعت بصحتها - لما كان ذلك وكان باقي أوجه الطعن هو من قبيل الدفاع الموضوعى الذي يرجع الأمر فيه لتقدير محكمة الموضوع, ولا يتطلب ردا صريحا مادام الرد عليه مستفادا ضمنا من أخذ المحكمة بأدلة الثبوت التي بنت عليها لإدانة, وكانت مصلحة الطاعنين منتفية فيما أثير بشأن عدم إقامة الدليل على توفر واقعة الحريق في حقهم, ذلك لأن المحكمة دانتهم بجريمتي القتل والحريق, وطبقت في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهم بعقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة القتل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق