جلسة 17 من مارس سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.
--------------
(232)
القضية رقم 19 سنة 23 القضائية
إثبات. اعتراف.
تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم إثر تفتيش باطل. من سلطة محكمة الموضوع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز مواد مخدرة بقصد الاتجار وبدون مسوغ قانوني. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و35 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة الفيوم الجزئية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا عملا بالمادة 314/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بقبول الدفع ببطلان القبض والتفتيش المبدي من المتهم وببطلانهما وبراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فاستأنفت النيابة. ومحكمة الفيوم الابتدائية قضت فيه حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة هو أنه مع التسليم ببطلان القبض على المطعون ضده وتفتيشه فإن له اعترافا في محضر ضبط الواقعة, استبعدت المحكمة الدليل المستمد منه بمقولة إن الاعتراف السليم الذي يؤخذ به هو ما يصدر من المتهم بعد ضبط المخدر معه بمدة من الزمن أو ما يصدر منه أمام سلطة أخرى غير التي باشرت التفتيش وضبط المخدر, وتقول الطاعنة إنه رغم توافر هذه العناصر في الاعتراف الذي صدر من المتهم فقد استبعدته المحكمة ورتبت على ذلك حكمها بالبراءة فجاء حكمها على هذه الصورة متخاذلا تتعارض أسبابه مع نتيجته, ذلك أن الذي ضبط المتهم وفتشه هو ضابط مباحث مركز الفيوم وكان ذلك في مساء يوم 3 من أبريل سنة 1952 بينما الذي حرر محضر ضبط الواقعة هو معاون بوليس مركز الفيوم, ولم يسال المتهم في هذا المحضر, الذي اعترف فيه بإحراز المخدر إلى في اليوم التالي, وتضيف الطاعنة أن للمتهم اعترافا آخر صدر منه عند استجوابه أمام النيابة أقر فيه بملكيته للصديري الذي ضبطت فيه المادة المخدرة.
وحيث إن محكمة أول درجة بعد أن بينت في حكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى وأوردت الأدلة على بطلان القبض على المتهم وتفتيشه عرضت لاعترافه في محضر ضبط الواقعة قالت فيه "... وحيث إنه لذلك يكون الدفع ببطلان القبض والتفتيش في محله ويتعين القضاء بقبوله وبالتالي استبعاد الأدلة المستمدة من ذلك التفتيش وعدم الاعتداد بها في الإثبات وكذا استبعاد الاعتراف الصادر من المتهم في البوليس لأنه كان نتيجة حتمية للتفتيش ومجابهة المتهم بضبط المخدر معه وقد كان في حالة نفسية لم يستطع معها سوى الإقرار ويجب حتى يعد هذا الاعتراف دليلا قائما بذاته ومستقلا عن التفتيش أن يكون قد صدر من المتهم بعد ضبط المخدر معه بمدة من الزمن أو أمام سلطة غير التي باشرت إجراء التفتيش وضبط المخدر" وأضاف الحكم المطعون فيه "وحيث إن هذا التفتيش الذي اقرت النيابة ببطلانه لا يصححه اعتراف المتهم بحال كما أن هذه المحكمة لا ترتاح إلى الأخذ باعترافات المتهم التي أشارت إليها النيابة بعد أن أنكر المتهم في محضر استجواب النيابة وأمام محكمة أول درجة صلته بالمخدر المضبوطة وحيازته له.
وحيث إن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر تفتيش باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما ينتج عنها ومبلغ تأثره بها كل ذلك من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها لما كان ذلك, وكان ما ذكرته المحكمة من أن المتهم لم يدل باعترافه في البوليس إلا متأثرا بالتفتيش الباطل الذي وقع عليه وبالنتيجة التي أسفر عنها هذا التفتيش, قد استخلصته من وقائع من شأنها أن تؤدي إليه - فإنه لا يكون هناك محل لمجادلتها فيما ذكرته من أنها لا تطمئن إلى الأخذ بهذا الاعتراف, ولا يكون الطعن في الواقع إلا مناقشة موضوعية لا تقبل أثارتها أمام محكمة النقض. أما ما تقوله من أن المتهم اعترف بالجريمة عندما استجوبته النيابة إذ أقر بملكيته للصديري الذي ضبطت فيه المادة المخدرة فمردود بأن هذه الملكية المعترف بها لم تنص إلا على الصديري فقط دون المخدر كما هو مفاد الحكم المطعون فيه ومفاد تقرير الأسباب المقدم من الطاعنة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق