جلسة 9 من فبراير سنة 1953
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن وأنيس غالي.
-------------
(182)
القضية رقم 765 سنة 22 القضائية
(أ) إعلان.
بطلان ورقة التكليف بالحضور. حضور المتهم ليس له أن يتمسك بهذا البطلان له أن يطلب تصحيح التكليف أو استبعاد أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه.
(ب) إجراءات.
غرفة الاتهام. خطأ في إجراءات الحضور أمامها نشأ عنه حرمان المتهم من تقديم مذكرة بدفاعه. دفعه بذلك أمام محكمة الجنايات. منحه أجلا لاستيفاء دفاعه. لا تأثير لذلك الخطأ على سلامة الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض..... الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أمسك به من وسطه ووضع يده على فمه معطلا بذلك مقاومته وخلع سرواله ولمس بقضيبه دبره حتى أمنى حالة كونه من المتولين تربيته وطلب إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 267/ 2و268/ 1 - 2 من قانون العقوبات فأحاله غيابيا إليها بتاريخ 4 أبريل سنة 1951 وحدد لنظر الدعوى أمامها جلسة 25 أكتوبر سنة 1951 وفيها حضر المتهم وقررت المحكمة عرضه على قاضي الإحالة. وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1951 أحيل غيابيا (لعدم حضوره) من غرفة الاتهام بالمادتين المذكورتين - ثم حددت لنظر الدعوى أخيرا جلسة 12 ديسمبر سنة 1951 وفيها دفع المتهم بلسان محاميه الحاضر معه دفعين أولهما ببطلان التكليف بالحضور أمام المحكمة. وثانيهما ببطلان إجراءات أمر الإحالة الصادر من غرفة الاتهام للأسباب التي أبداها ودونت بمحضر تلك الجلسة. ومحكمة جنايات الجيزة قضت فيها حضوريا عملا بالمادتين 268/ 3و17 من قانون العقوبات بمعاقبة رمضان جمعه علي بالسجن مدة ثلاث سنوات وقد ردت على الدفعين المشار إليهما قائلة إنه لا مصلحة له فيها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه أنه مشوب ببطلان الإجراءات والإخلال بحقه في الدفاع. ذلك لأن غرفة الاتهام أصدرت أمرها في أول ديسمبر سنة 1951 بإحالته إلى محكمة الجنايات فأعلنته النيابة بهذا الأمر في 6 ديسمبر سنة 1951 وكلفته بالحضور أمام محكمة الجنايات يوم 12 ديسمبر سنة 1951 على خلاف ما نقضي به المادتان 190و374 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب إعلانه بأمر الإحالة في ميعاد ثلاثة أيام وتكليفه بالحضور أمام محكمة الجنايات قبل الجلسة بثمانية أيام وقد رتب المشرع ضمنا البطلان جزاء على الإخلال بهذين الميعادين وفضلا عن ذلك فقد دفع ببطلان آخر في الإجراءات. ذلك أنه أعلن بالحضور أمام غرفة الاتهام بجلسة 15 ديسمبر سنة 1951 ولكنها نظرت الدعوى في جلسة أول ديسمبر سنة 1951 وأصدرت أمرها بالإحالة في غيبة الطاعن مع أن المادة 172 تنص على وجوب إعلانه في ظرف ثلاثة أيام لتقديم مذكرته والحضور وقد ترتب على عدم إعلانه حرمانه من تقديم مذكرة بدفاعه ولا يقدح في هذا ما ذكرته محكمة الجنايات في حكمها من أنه أعلن لجلسة أول ديسمبر سنة 1951 أمام غرفة الاتهام إذ أنه بعد هذا الإعلان أعلن مرة أخرى بالحضور أمام غرفة الاتهام لجلسة 15 ديسمبر سنة 1951 فجب هذا الإعلان الأخير الإعلان السابق.
ومن حيث إن مبني الوجه الأول بطلان في إجراءات التكليف بالحضور, ويبين من الاطلاع على أوراق الدعوى وعلى الحكم المطعون فيه أن الطاعن أعلن في 6 ديسمبر سنة 1951 بأمر غرفة الاتهام الصادر في أول ديسمبر سنة 1951 وكلف بمقتضى هذا الإعلان بالحضور أمام محكمة الجنايات يوم 12 ديسمبر سنة 1951 فلما حضر أمامها دفع ببطلان ورقة التكليف بالحضور أمامها وبطلان ورقة التكليف بالحضور أمام غرفة الاتهام فقررت ضم الدفعين للموضوع وأجلت نظر الدعوى ليوم 23 ديسمبر سنة 1951 للاستعداد وفي هذا اليوم سمعت المحكمة الدعوى وقضت برفض الدفعين وحكمت في موضوع التهمة وقالت في ردها على هذا الدفع "ومن ذلك يبين أنه لا ضرر على المتهم إذا انفسح أجل إعلانه لأكثر مما حدده القانون خصوصا وأن الشارع لم يرتب جزاء على مخالفة هذا الميعاد. أما نص المادة 374 فإن علته أن يمنح المتهم مهلة كافية للاستعداد في الدعوى وليتمكن من تحضير دفاعه قبل الجلسة وقد أجلت المحكمة الدعوى لجلسة 23 ديسمبر سنة 1951 فأتاحت بهذا التأجيل للمتهم فرصة كافية للاستعداد ومن ثم لا يكون له مصلحة في هذا الدفع". هذا ولما كانت المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأنه إذا حضر المتهم بنفسه في الجلسة أو بواسطة وكيل عنه فليس له أن يتمسك ببطلان ورقة التكليف بالحضور وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استبعاد أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى وعلى المحكمة إجابته لطلبه, ولما كانت محكمة الجنايات قد قامت بما أوجبته هذه المادة وأجلت الدعوى من 12 ديسمبر سنة 1951 إلى 23 ديسمبر سنة 1951 لتمكن الطاعن من الاستعداد وتحضير دفاعه فإنها إذ فعلت ذلك ثم قضت بعدم قبوله الدفع تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا ويكون هذا الوجه مردودا.
ومن حيث إن محصل الوجه الثاني بطلان في إجراءات الحضور أمام غرفة الاتهام نشأ عنه حرمان الطاعن من تقديم مذكرة بدفاعه ويبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الطاعن كان قد أحيل غيابيا لمحكمة جنايات الجيزة في 4 أبريل سنة 1951 وتحدد لنظر الدعوى أمامها يوم 25 أكتوبر سنة 1951 وفيها حضر الطاعن فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لدور مقبل لعرض المتهم على قاضي الإحالة وتحدد لنظر الدعوى أمامه يوم 7 من نوفمبر سنة 1951 ولكن الطاعن طلب التأجيل للاطلاع فأجلت ليوم 21 من نوفمبر سنة 1951 ونظرا لأن قانون الإجراءات الجنائية نفذ ابتداء من 15 من نوفمبر سنة 1951 فقد أشر رئيس النيابة على غلاف الملف الخارجي في 17 من نوفمبر سن 1951 بتقديم الدعوى لغرفة الاتهام بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1951 ثم أشر على نفس الغلاف الخارجي يوم 21 من نوفمبر سنة 1951 بتعجيل نظري الدعوى لجلسة أول ديسمبر سنة 1951 وقد أعلن الطاعن بالحضور أمام غرفة الاتهام بجلسة أول ديسمبر سنة 1951 بورقة محررة في نفس اليوم الذي أشر فيه رئيس النيابة بتعجيل نظر الدعوى وهو يوم 21 نوفمبر سنة 1951 وذكر في هذه الورقة أمام اسم الطاعن وبعد بيان محل إقامته وهو شارع الجيزاوي رقم 16 العبارة الآتية: "يعلن بسراي النيابة" وقد قام بالإعلان أحد محضري محكمة الجيزة ولكنه مع ذلك تبين أن ورقة الإعلان الأولى لم تسحب من قلم المحضرين المختص فقام هذا القلم بتنفيذها بإعلان الطاعن في مسكنه بشارع الجيزاوي رقم 16 بالحضور أمام غرفة الاتهام في يوم 15 من ديسمبر سنة 1951 وتم هذا بإعلان الطاعن مخاطبا مع شخصه في يوم 28 من نوفمبر سنة 1951 وقد تعرضت محكمة الجنايات لهذا الدفع ببطلان الإجراءات وردت عليه بما يلي "ولو أن المادة 172 من قانون الإجراءات قد أوجبت على النيابة إعلان الخصوم أمام غرفة الاتهام في ظرف ثلاثة أيام إلا أن الغرض من ذلك هو تمكين غرفة الاتهام من سماع الإيضاحات التي ترى لزوم طلبها من الخصوم, ومفهوم ذلك أن غرفة الاتهام إذا لم تر داعيا لذلك جاز لها أن تحيل المتهم غيابيا إلى محكمة الجنايات ويشهد بذلك ما نصت عليه المادة 191 من أنه إذا حضر المتهم بجناية أو قبض عليه بعد إحالته غيابيا إلى محكمة الجنايات فتنظر الدعوى بحضوره أمام المحكمة ولم ير المشرع حاجة لإعادته إلى غرفة الاتهام التي نظرت الدعوى في غيبته. ويؤيد ذلك أيضا أن القانون لم يخول المتهم حق الطعن بأي وسيلة في أوامر غرفة الاتهام الصادرة بإحالته على محكمة الجنايات ومن ثم يكون هذا الدفع غير مقبول أيضا ومع هذا فقد تبين من الرجوع إلى الأوراق أن المتهم أعلن أيضا لجلسة أول ديسمبر سنة 1951 مخاطبا مع شخصه.
ومن حيث إنه لما كان الطاعن يبنى طعنه على اللبس الذي نشأ عن إعلانه أولا بالجلسة التي عجل إليها نظر الدعوى وإعلانه بعد ذلك بالجلسة التي كانت محددة لنظرها قبل التعجيل فأن أساس هذا الطعن في واقع الأمر هو الإخلال بحقه في استيفاء دفاعه أمام غرفة الاتهام.
وحيث إنه وإن كانت المادة 172 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت إعلان الخصوم لتقديم مذكراتهم والحضور أمام غرفة الاتهام في ظرف ثلاثة أيام إلا أن المادة (173) قد نصت على أن غرفة الاتهام تصدر أوامرها بعد سماع تقرير من أحد أعضائها والاطلاع على الأوراق ومذكرات الخصوم وسماع الإيضاحات التي ترى لزوم طلبها منهم, مما مفاده أن كل ما خوله القانون للمتهم الذي يعلن للحضور أمام غرفة الاتهام هو أن يقدم مذكرة بدفاعه لهذه الغرفة. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم أية مذكرة لغرفة الاتهام عند إعلانه في المرة الأولى ولا الثانية وكانت محكمة الجنايات إذ تقدم لها بهذا الدفع ومنحته أجلا لاستيفاء دفاعه. ولما كان القانون لم يخول للمتهم الطعن في أوامر غرفة الاتهام الصادرة بإحالته على محكمة الجنايات وكان لم يستوجب حضور المتهم أمام غرفة الاتهام كشرط لنظر الدعوى بحضوره أمام محكمة الجنايات بما نص عليه في المادة 191 من قانون الإجراءات من أنه إذا صدر أمر بإحالة متهم بجناية إلى محكمة الجنايات في غيبته ثم حضر أو قبض عليه تنظر الدعوى بحضوره أمام المحكمة. لما كان هذا فإن الخطأ الحاصل بإعلان الطاعن مرتين في يومين مختلفين على الوجه سالف الذكر ليس من شأنه أن يؤثر في سلامة الحكم المطعون فيه ويتعين رفض هذا الوجه أيضا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق