الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2023

الطعن 15 لسنة 36 ق جلسة 19 / 3 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 77 ص 480

جلسة 19 من مارس سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(77)
الطعن رقم 15 لسنة 36 القضائية

حيازة. تقادم. "التقادم المكسب". أموال عامة. ملكية.
وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وجوب إثبات انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ثم إثبات وضع اليد بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية.

-------------------
وضع اليد على الأموال العامة - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة (1) - مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، بمعنى أنه لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم يجب أن يثبت أولاً انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها، ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد وضع يد المطعون عليه مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير اعتراض أو منازعة من الطاعن - وزارة المواصلات - هو السبب الذي أزال عن هذه الأرض تخصيصها للمنفعة العامة ورتب على ذلك اكتساب المطعون عليه ملكيتها فإنه يكون مخطئاً في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة المواصلات أقامت الدعوى 94 سنة 1959 مدني كلي المنصورة ضد محمد جاد السيد تطلب فيها الحكم بإلزامه (أولاً) بإزالة التعدي والمباني على المسطح 388 و17 متراً من الطريق العام رقم 157 وهو الجسر الأيمن لترعة الذوات بناحية بني عبيد مركز دكرنس خلال 15 يوماً من الحكم والتسليم وإلا قامت الوزارة بالإزالة بمصاريف ترجع بها عليه (ثانياً) بأن يدفع لها مبلغ 15 ج و216 م مقابل الانتفاع بالأرض. ثم أضافت إلى طلباتها هذه طلب تثبيت ملكيتها إلى الأرض موضوع التعدي وأسست دعواها على أن المدعى عليه أقام بناء على هذه الأرض في سنة 1936 رغم أنها من المنافع العامة التي لا يجوز تملكها بوضع اليد، ودفع المدعى عليه الدعوى بأن هذا المسطح الذي يكون جزءاً من منزله الذي يضع اليد عليه ومورثه من قبل لا يدخل المنافع العامة، وأنه حتى لو صح ما تدعيه الوزارة فإن تخصيص هذه الأرض للمنفعة العامة يزول منذ أن وضع يده عليها في سنة 1936، وبتاريخ 4 إبريل سنة 1961 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق ملكية هذه الأرض وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه وتقدير مقابل الانتفاع حتى سنة 1958، وبعد أن باشر الخبير مهمته وقدم تقريره عادت المحكمة وبتاريخ 28 مايو سنة 1963 فحكمت بتثبيت ملكية الوزارة المدعية إلى 17.388 متراً مربعاً موضوع الدعوى وإلزام المدعى عليه بإزالة المباني المقامة عليه بمصاريف من قبله وتسليمها خالية، مع إلزامه بأن يدفع مبلغ 4 ج و698 مقابل الانتفاع، واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 301 سنة 15 قضائية، كما استأنفته الوزارة في شقه الخاص بمقابل الانتفاع طالبة تعديل ما قضى به إلى مبلغ 11 ج و297 م وما يستجد بواقع 869 مليماً سنوياً حتى تاريخ الإزالة والتسليم، وبتاريخ 9 نوفمبر سنة 1965 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعنت وزارة المواصلات في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وبالجلسة المحددة أصرت على هذا الرأي وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليه قد وضع يده على أرض النزاع مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير منازعة من جهة الإدارة بل وقامت بتعهد الطريق بحالته الجديدة وهو ما ينقلها من أملاكها العامة إلى الأملاك الخاصة التي كان يجوز تملكها في ظل القانون المدني القديم بمضي المدة، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ يشترط لاكتساب ملكية مال من الأموال العامة بالتقادم أن يثبت أن هذا المال لم يعد مخصصاً للنفع العام وأنه فقد هذه الصفة فقداً تاماً على وجه مستمر وغير منقطع قبل بدء حيازته، لأن من شأن وضع اليد على المال العام واكتسابه بالتقادم تعطيل الاستفادة به لأداء الخدمة التي رصد عليها ولا يجوز رفع الحصانة التي أسبغها القانون على الأموال العامة إلا بالنسبة لما يصبح منها فاقداً بالفعل لهذه الصفة فقداناً تاماً وبطريقة مستمرة لا انقطاع فيها، فلا يكفي وضع اليد وحده مهما طالت مدته لاكتساب ملكيتها بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله "إن شرط بقاء الطريق في نطاق الأملاك العامة أن تكون الحكومة دائبة على وضع يدها عليه وحفظه وصيانته وبقائه، فترك الحكومة جزءاً من الطريق الزراعي رقم 157 بمسطح 17.388 متراً بعد تعديله بإيصاله بملك محمد جاد السيد المستأنف (المطعون عليه) في الاستئناف رقم 301 سنة 15 ق وإقامة مبان عليه، يعد في ذاته نقلاً لهذا الجزء من الأملاك العامة إلى الأملاك الخاصة التي يجوز تملكها بمضي المدة، لأن الحكومة بسكوتها على هذا الوضع وعدم المطالبة بإعادة الطريق الزراعي إلى حالته الأولى، وقيامها بتعهد الطريق بحالته بعد هذا التغيير، إنما هو رضاء وقبول باعتماد زوال تخصيص هذا الجزء من الملك العام إلى الملك الخاص، ومن ثم يجوز تملكه بالتقادم" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه خطأ في القانون، ذلك أن وضع اليد على الأموال العامة - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، بمعنى أنه لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم يجب أن يثبت أولاً انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها، ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد وضع يد المطعون عليه مدة تزيد على خمسة عشر عاماً بغير اعتراض أو منازعة من الطاعن هو السبب الذي أزال عن هذه الأرض تخصيصها للمنفعة العامة، ورتب على ذلك اكتساب المطعون عليه ملكيتها، فإنه يكون مخطئاً في القانون.


(1) نقض 14/ 1/ 1969 الطعن رقم 509 لسنة 34 ق مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 88.
ونقض 21/ 4/ 1966 الطعن رقم 284 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 908.
ونقض 10/ 6/ 1965 الطعن رقم 447 لسنة 30 ق مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 748.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق