الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 سبتمبر 2022

الطعن 2291 لسنة 32 ق جلسة 10 / 11 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 1 ق 4 ص 53

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ محمد أمين العباسى المهدى ومحمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

-------------------

(4)
الطعن رقم 2291 لسنة 32 القضائية

تموين - الاستيلاء على العقارات لضمان تموين البلاد.
القانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين - سلطة وزير التموين في إصدار قرارات الاستيلاء - أساسها: استهداف الأغراض التي شرع من أجلها اتخاذ التدابير - يشترط أن تكون هذه التدابير لازمة مباشرة لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها - لا يجوز التوسع في التفسير أو قياس حالات أو غايات أخرى لم ترد بالنص عليها صراحة - أساس ذلك: المساس بحق الملكية وتقييدها بالمخالفة للدستور أو القانون - إذا جاوزت الإدارة الأهداف المحددة في القانون وتم الاستيلاء على الممتلكات لتحقيق هدف آخر وقع تصرفها مخالفاً للدستور والقانون - أساس ذلك: الاستيلاء على العقارات أو المنقولات المملوكة للأفراد هو وسيلة استثنائية تتضمن قيداً على الملكية الخاصة وعبئاً عليها لا يبرره إلا الصالح العام - لا يجوز لوزير التموين اللجوء إلى هذه الوسيلة إلا إذا استنفذ جميع الوسائل العادية المتاحة لتسيير مرفق التموين - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26 من مايو سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن وزير التموين بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2291 لسنة 32 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 6591 لسنة 38 ق المقامة من المطعون ضدها ضد الطاعن بصفته والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة 21/ 4/ 1990 وتداولت المحكمة نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوى الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 3/ 11/ 1990 ثم قررت المحكمة بهذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم 10/ 11/ 1990 وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أنه بتاريخ 30/ 7/ 1984 أقامت السيدة/ بسيمة سالم بيومي الدعوى رقم 6591 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد الطاعن بصفته، وطلبت في ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 263 لسنة 1984 وقالت في شرحها أنه بتاريخ 9/ 12/ 1982 أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 335 لسنة 1982 بالاستيلاء على الدور الأرضي من العقار الكائن بالقطعة رقم 3 تجزئة القطعة رقم 15 درب الشمس المملوك لها، وتسليمه إلى شركة مصر للمجمعات الاستهلاكية (تحت التأسيس) واعترضت في حينه على هذا القرار واستجابت الوزارة لاعتراضها بعد إلغاء الشركة المذكورة. ثم عاد وزير التموين فأصدر القرار رقم 263 لسنة 1984 بالاستيلاء على ذات الدور من العقار لصالح شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية وأعلنت به في 19/ 7/ 1984 أثر حضور لجنة من مباحث التموين ومديرية تموين القاهرة والشئون القانونية بالشركة المذكورة لاستلام العقار، ونعت على هذا القرار أنه جاء معيباً ومشوباً بإساءة استعمال السلطة وبجلسة 27/ 3/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها محل هذا الطعن بوقف القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأقامته على أسباب محصلها أن المستفاد من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه لم يستهدف توفير تموين البلاد من المواد التموينية وتحقيق العدالة في توزيعها، كما تقضى به نصوص مواد القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وإنما قصد في الواقع الاحتفاظ بالعقار المستولى عليه تحديد يد شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية بعد أن ألغيت الشركة التي استولى على العقار منذ البداية لصالحها بموجب القرار رقم 335 لسنة 1982 فيقع مخالفاً القانون ويتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، كما يتوافر فيه ركن الاستعجال الذي يشكله الاستيلاء على ملك الغير بغير مسوغ قانوني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله استنادا إلى أن القرار المطعون فيه نص في مادته الوحيدة على أن يتم تسليم العقار لشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية بدلاً من شركة مصر للمجمعات الاستهلاكية وأن هذا أمر تنظيمي يخص الوزارة ولم يتضمن المساس بالمركز القانوني للمدعية مما تنتفى معه مصلحتها في الدعوى، وأن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين قد منح وزير التموين الحق في اتخاذ ما يراه من قرارات ضماناً لتموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، ومنها الاستيلاء على العقارات، وقد صدر بذلك القرار رقم 335 لسنة 1982 وأضحى حصينا من الإلغاء، وما القرار رقم 263 لسنة 1984 المطعون فيه إلا إحلال لشركة محل أخرى ولا يمس المدعية من قريب أو بعيد.
ومن حيث إنه عن الدفع بانعدام مصلحة المدعية في الطعن على القرار المطعون فيه فإن قضاء المحكمة جرى على أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً في مصلحة شخصية له وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، ولا ريب في أن المدعية تتوفر لها مقومات هذه المصلحة بحسبانها مالكة العين الذي صدر القرار المطعون فيه بتسليمها إلى شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية بدلاً من شركة مصر للمجمعات الاستهلاكية التي تم الاستيلاء على العقار لصالحها ابتداءً ومن ثم يغدو للمدعية مصلحة أكيدة في الطعن على القرار المذكور.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يترجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد عنيت منذ دستور سنة 1923 على النص على أن الملكية الخاصة مصونة لا تمس إلا وفقاً للقانون وفى الحدود التي يحددها - وقد نصت المادة 23 من الدستور الحالي على "أن الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفى إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال - ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب" كما نصت المادة (34) بأن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون وقد حظر المشرع الدستوري التأميم إلا بقانون ولاعتبارات الصالح العام، ومقابل تعويض يحدده المشرع كما حظر المصادرة العامة للأموال بصفة مطلقة ولم يجز المشرع الدستوري المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي (المواد 35، 36 من الدستور) وحيث إن مقتضى ذلك أنه لا يجوز على أي وجه المساس بالملكية الخاصة أو التدخل الإداري في شأن نزع أو تقييد الملكية الخاصة إلا طبقاً للقانون وفى الحدود التي نص عليها ووفقاً للإجراءات التي رسمها بهدف تحقيق الخير العام للشعب.
وحيث إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين تنص على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخدمات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل أو بعض التدابير الآتية: 1 - ....... 2 - ....... 3 - ...... 4 - ....... 5 - الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل أو أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعي أو عقار أو أى منقول أو أي شيء من المواد الغذائية أو المستحضرات الصيدلية والكيماوية وأدوات الجراحة والمعامل وكذلك تكليف أى فرد بتأدية أي عمل من الأعمال، ومفاد هذا النص في ضوء ما حتمته أحكام الدستور وحسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن القانون قد أناط بوزير التموين اتخاذ التدابير التي يراها لازمة وكفيلة بضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في توزيعها، وأنه إذا كان اتخاذ هذه التدابير مما يدخل في السلطة التقديرية لوزير التموين بعد موافقة لجنة التموين العليا تحقيقاً لحسن سير وانتظام مرفق التموين، إلا أن سلطته في هذا الشأن تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي شرع من أجلها اتخاذ هذه التدابير والتي عنى المشرع بتأكيدها بالنص على أن تكون هذه التدابير لازمة مباشرة لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها وتحقيق العدالة في توزيعها ولا يجوز في هذا المجال الذي تتقيد فيه الملكية الخاصة ابتغاء تحقيق الصالح العام ممثلاً في ضمان تموين البلاد التوسع في التفسير أو قياس حالات أو غايات أخرى على ذلك لم يرد النص عليها صراحة في القانون لما في ذلك من مساس بالملكية الخاصة وتقييد لها لا سند له من الدستور أو القانون، ومن ثم فإن جاوزت الإدارة الأهداف المحددة في المرسوم بقانون الخاص بالتموين والتي أباح المشرع على أساسها إعلاء للصالح القومي على الصالح الخاص الاستيلاء على الممتلكات الخاصة وقامت الإدارة باستيلاء على هذه الممتلكات ابتغاء تحقيق هدف آخر وقع تصرفها مخالفاً للدستور والقانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإنه يلزم لمشروعية قرار الاستيلاء تحقق الهدف الذي تغياه المشرع صراحة في المرسوم بقانون الخاص بالتموين وثبوت قيام حالة الضرورة التي تبرر الاستيلاء على عقارات الأفراد أو منقولاتهم، ذلك أن الاستيلاء على العقارات أو المنقولات المملوكة للأفراد هو وسيلة استثنائية تتضمن قيداً على الملكية الخاصة وعبئاً عليها لا يبرره إلا الصالح العام الذي يحدده المشرع صراحة في القانون، ومن ثم لا يجوز لوزير التموين اللجوء إليها إلا إذا استنفذت جميع الوسائل العادية المتاحة لتسيير مرفق التموين ولم يجد بعدها بداً من الالتجاء إلى تلك الوسيلة الاستثنائية لتحقيق الهدف الذي تغياه المشرع، من ضمان تزويد البلاد بالمواد التموينية وتحقيق العدالة في توزيعها، إذ يكون الوزير في هذه الحالة أمام ضرورة ملحة اقتضاها الصالح العام، وحينئذ فقط يرجح الصالح العام على مصلحة الأفراد، شريطة أن تقدر الضرورة بقدرها وألا تتجاوز حدودها وفقاً لما تحتمه المبادئ العامة.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، وإذ كان البادي من ظاهر الأوراق أنه قد صدر قرار وزير التموين رقم 335 لسنة 1982 بالاستيلاء على العقار المملوك للمدعية لمصلحة شركة مصر للمجمعات الاستهلاكية (تحت التأسيس) وعندما عدل عن إتمام تأسيسها أصدر الوزير قراره المطعون فيه بتعديل القرار الأول بأن يسلم العقار المستولى عليه إلى شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، لا ريب في أن هذا القرار إنما تجاوز الهدف المحدد بنص القانون، إذ تكشف ظروف الحال إنه ليس ثمة ضرورة ملحة في الاستمرار في الاستيلاء على عقار المدعية بعد أن تغيرت الأركان الأساسية للحالة التي دعت إلى صدور قرار الاستيلاء في مبدأ الأمر واتضح عدم تأسيس الشركة التي تم الاستيلاء على العقار لتباشر نشاطها فيه وإنما استهدف القرار المطعون فيه مجرد الاحتفاظ به تحت تكئة تسليمه لشركة أخرى من شركات الوزارة مما يغدو معه القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - متجاوزاً الغاية التي حددها المشرع مناطا لممارسة وزير التموين لسلطة الاستيلاء على عقارات الأفراد، الأمر الذي يبين منه توافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأنه كلما تضمن القرار المطعون فيه ما يمثل عدوانا على الملكية الخاصة للأفراد، فإنه يتوفر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون مما يتعين معه القضاء برفض الطعن وإلزام الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق