جلسة 16 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ
المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/
فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحنا ناشد مينا حنا
ومحمد أمين العباسي المهدي وحسن حسنين على حسنين ومحمود عبد المنعم موافي ومحمد
يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. إبراهيم على
حسن نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(1)
الطعن رقم 3089 لسنة 35
القضائية
اختصاص "ما يخرج عن
اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري" القرارات الصادرة من مجلس الدولة نقابة
المحامين بإعداد قوائم المرشحين. المادة (134) من قانون المحاماة الصادر بالقانون
رقم 17 لسنة 1983.
لا يختص مجلس الدولة
بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين بإعداد
قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء أكان وجه الطعن
على تلك القرارات أنها تضمنت إدراج اسم أو أسماء مرشحين ما كان يجوز قانوناً إدراج
أسمائهم أم لأنها أغفلت إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً -
نظم المشرع طريق الطعن في القرارات السلبية التي ينسب صدورها إلى مجلس النقابة وهو
بصدد إعداد قوائم المرشحين - تعتبر هذه القرارات في حكم القرارات الإدارية
بالمفهوم المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - أناط المشرع الرقابة القضائية على هذه القرارات
لمحكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين - لا وجه للقول
بأن المشرع قد عمد إلى المغايرة بين القرارات الإيجابية والقرارات السلبية الصادرة
من مجلس نقابة المحامين وهو بصدد ممارسة اختصاصه بإعداد قوائم المرشحين وأن
القرارات الإيجابية تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة بينما تختص محكمة استئناف
القاهرة بالقرارات السلبية - أساس ذلك: أن اختصاص مجلس نقابة المحامين في كلتا الحالتين
هو اختصاص واحد يجد سنده فيما أسبغ عليه من سلطة عامة بإعداد قوائم المرشحين - حرص
المشرع على إيراد تنظيم لحالة الطعن في القرار السلبى مرده إلى أن هذه الخصوصية قد
تكون محل خلاف في التفسير في حالة السكوت عنها وعدم معالجتها بنص صريح - القرار
الذي يصدر من مجلس النقابة سواء أكان بالإدراج أو بعدم الإدراج في كشوف المرشحين
هو من طبيعة قانونية واحدة بحسبانه في كلتا الحالتين إفصاحا عن إرادته في صلاحية
المتقدم للترشيح بعد فحص مدى استيفاء طالب الترشيح لشروط الترشيح على النحو المقرر
بقانون المحاماة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 17 من يونيه سنة
1989 أودع الأستاذ الدكتور/ عبد الله رشوان المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير طعن، قيد بجدولها تحت رقم 3089 لسنة 35 القضائية عليا، في الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 23 من
مايو سنة 1989 في الدعوى رقم 3545 لسنة 43 القضائية القاضي بعدم اختصاص المحكمة
ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة. وطلب الطاعن للأسباب
المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه
مع الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار
وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن قانوناً،
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلا، وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام
الدائرتين الأولى ثم الثانية بالمحكمة الإدارية العليا على الوجه المبين تفصيلاً
بالمحاضر، وبجلسة 24 من يونيه سنة 1990 قررت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية
العليا إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة المشكلة بالهيئة المنصوص
عليها بالمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام
هذه المحكمة جلسة 29 من يوليه سنة 1990 وتدوول نظره أمامها بالجلسات على النحو
المبين تفصيلاً بالمحاضر حيث استمعت إلى المرافعات وما رأت لزومه من إيضاحات ذوى
الشأن، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً ارتأت فيه الحكم باختصاص
القضاء الإداري بنظر الطعن في القرار الصادر بإدراج اسم المرشح لمجلس نقابة
المحامين في قائمة المرشحين وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية
العليا للفصل فيه في ضوء ذلك. وبجلسة 7 من أكتوبر سنة 1990 قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1990. وبتاريخ 14 من أكتوبر سنة 1990، بعد حجز الطعن
للحكم دون أن يكون مصرحاً بتقديم مذكرات. أودعت النقابة قلم كتاب المحكمة مذكرة
تلتفت عنها هذه المحكمة وقررت المحكمة بجلسة 18/ 11/ 1990 مد أجل النطق بالحكم
لجلسة 16/ 12/ 1990 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند
النطق به.
المحكمة
المحكمة بعد الاطلاع على
الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن وقائع المنازعة
تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، وفى أن الطعن أقام بتاريخ 12 من مارس سنة 1989
الدعوى رقم 3545 لسنة 43 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات
الأفراد والهيئات) ضد الأستاذين/ نقيب المحامين وأحمد الخواجة طالباً الحكم بصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين بجلستها المنعقدة من 25
من فبراير إلى أول مارس سنة 1989 بقبول ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب نقيب
المحامين وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام
المدعى عليهما بالمصروفات. وأقام المدعى دعواه على أن القرار المطعون فيه بقبول
ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب نقيب المحامين مخالف للقانون وللدستور لأسباب
تتحصل فيما يلى: أولاً - مخالفة حكم الفقرة الثانية من المادة (134) من قانون
المحاماة المعدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 التي تنص على عدم جواز تجديد انتخاب
النقيب لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون، إذ كان الأستاذ أحمد الخواجة
يشغل منصب النقيب عند صدور قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، ثم
أعيد انتخابه نقيبا لدورة ثانية متصلة من 3 من مايو سنة 1985. ثانياً - أن إضافة
عبارة "في ظل هذا القانون" إلى نص المادة (134) من قانون المحاماة
بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تكشف عن عبث تشريعي إذ أضيفت العبارة المشار إليها
خدمة لشخص الأستاذ أحمد الخواجة مما يشكل مخالفة لأمرى النظام الديمقراطي المنصوص
عليه بالمادة الأولى من الدستور، ولحقوق ومبادئ أساسية نص عليها تتحصل في وجوب
التزام المساواة واحترام تكافؤ الفرص. ثالثاً - الجمعية العمومية غير العادية
للمحامين التي انعقدت بمقر النقابة بتاريخ 19 من يناير سنة 1989 قررت سحب الثقة من
نقيب المحامين ومن أعضاء النقابة مما يترتب عليه زوال صفة النقيب ومجلس النقابة من
إدارة شئون النقابة، وأصبح ذلك من سلطة من اختارتهم تلك الجمعية العمومية حتى
إجراء الانتخابات واجتماع مجلس النقابة التي تسفر عنه. رابعاً - لإخلال الأستاذ
أحمد الخواجة بالواجبات المفروضة عليه كنقيب للمحامين. وأضاف المدعى بأنه رغم
يقينه بوضوح بطلان القرار المطعون فيه بأنه دفع استناداً لحكم المادة (26) من
قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1976 بعدم دستورية
التعديل الواردة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 على نص المادة 134 من قانون المحاماة
الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وبجلسة 22 من مايو سنة 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري
(دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت
بإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة. وأقامت قضاءها على أنه في ضوء عبارة المادة
134 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فإن القرارات التي تصدر
عن مجلس النقابة، وهو يمارس اختصاصه بإعداد قائمة المرشحين لانتخابات المجلس، سواء
برفض إدراج اسم طالب الترشيح بالقائمة أو بإدراج أسبابها، تختص بنظر الطعن فيها
سواء صدرت برفض الإدراج أو بالإدراج لاسم أحد من المرشحين محكمة استئناف القاهرة
في الوجه المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (134) من قانون المحاماة،
تأسيساً على أن هذه القرارات تتعلق بمرحلة الترشيح وهى مرحلة منفصلة من مراحل
العملية الانتخابية وقد أجاز المشرع الطعن في القرارات المتعلقة بها على استقلال
قبل تمام الانتخاب - واستطرد الحكم المطعون فيه بأنه يخرج من المقام التفرقة بين
القرار السلبى الذي يصدر باستبعاد إدراج اسم طالب الترشيح من قائمة المرشحين،
والقرار الإيجابي بقيد اسمه، وقصر الاختصاص المقصود لمحكمة استئناف القاهرة على
نظر الطعن في القرار الأول دون الثاني تذرعاً بنص المادة (172) من الدستور التي تقرر
لمجلس الدولة الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية. ذلك أن القرار الصادر من
مجلس النقابة في الحالتين لا تتغير طبيعته وإن اختلف أثره. ويكون إدراج اسم المرشح
بقائمة المرشحين أو رفض إدراجه وجهين للقرار الذي يصدر من مجلس النقابة بوصفه
إفصاحاً عن إرادته في شأن مدى توافر استيفاء طالب الترشيح للشروط اللازمة للترشيح
- ومن ثم يبقى من الطبيعى أن ينعقد الاختصاص بنظر الطعن في القرار عن أى من
الوجهين لجهة قضائية واحدة. كما أورد الحكم المطعون فيه أنه لا حاجة في هذا الشأن
بحكم المادة 172 من الدستور، ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى بأن حكم
المادة 172 المشار إليها لا يغل يد المشرع عن إسناد الفصل في بعض المنازعات
الإدارية والدعاوى التأديبية إلى جهة قضائية أخرى على سبيل الاستثناء من الأصل
المقرر بتلك المادة وبالقدر وفى الحدود التي يقتضيها الصالح العام إعمالاً للتفويض
المخول للمشرع بمقتضى حكم المادة (162) من الدستور. ومن الدفع بعدم دستورية
العبارة المضافة إلى نص المادة (134) بالقانون رقم 227 لسنة 1983 أورد الحكم أن
هذا الدفع ينبش عن الدعوى الأصلية بالطعن في القرار الصادر من مجلس النقابة سواء
بإدراج اسم المرشح أو برفض هذا الإدراج مما لا يجوز معه إبداؤه إلا أمام المحكمة
المختصة بالنزاع موضوعاً.
ومن حيث إن الطاعن يقيم
طعنه على أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون لأسباب تتحصل فيما يلى: أولاً
- أن استناد الحكم المطعون فيه في قضائه إلى حكم المادة (134) من قانون المحاماة
هو استناد غير الصحيح، ذلك لأن المشرع قد اقتصر في بيان اختصاص محكمة استئناف
القاهرة على حالة واحدة هي حالة "من أغفل إدراج اسمه في قائمة المرشحين
استثناء من الاختصاص العام المقرر لمحاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية
بالتطبيق لحكم المادة (172) من الدستور والمادة (10) من قانون مجلس الدولة. فلا يجوز
سحب الاستثناء المقرر بالمادة (134) من قانون المحاماة إلى حالة الطعن من الغير في
القرار الصادر بإدراج اسم بقائمة المرشحين. ثانياً: أنه بتطبيق القول بأن إغفال
إدراج الاسم وإدراج اسم بقائمة المرشحين وجهان لعملة واحدة على ما أورده الحكم
المطعون فيه نهجاً على ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكم وحيد لها على
ما يقول الطاعن صدر في الطعن رقم 1862 لسنة 31 القضائية عليا فالقول بذلك ينطوي
على عنت في التفسير وإرهاق للمنطق نظراً لأن المشرع لم يتناول إلا حالة واحدة
بذاتها، دون غيرها في المادة (134) من قانون المحاماة وهى حالة إغفال إدراج الاسم
مما يتعين معه القول بأن غير تلك الحالة يكون خاضعاً للقواعد العامة المقررة في شأن
الاختصاص الولائي.
ثالثاً - أن المشرع لو
كان قد قصد شمول اختصاص محكمة استئناف القاهرة لما أعوزه النص على ذلك فإذ لم يفعل
فلا يمكن نسبة هذا القصد إليه.
رابعاً - أن الرجوع إلى
تاريخ المادة 134 من قانون المحاماة والوقوف عند مفهوم عبارتها يكشفان عن أن
المشرع قد عنى بإيراد حكم خص يتيح لمن أغفل بإدراج اسمه بقائمة مرشحي النقابة
الفرصة التي تتناسب مع حالته حتى لا تفوته فرصة الانتخاب. والاعتبارات التي يصدر
عنها حكم المادة (134) لا تقوم في حالة الطعن من الغير على إدراج اسم بقائمة
المرشحين. ومؤدى ذلك أن يكون إخضاع الحالتين لحكم واحد، يتمثل في اختصاص محكمة
استئناف القاهرة بنظرهما، غير مقبول عقلاً لاختلاف المحكمة والغاية في الحالتين.
خامساً: أن نص المادة (134)
يفتح أمام من أغفل إدراج اسمه طريقين: التظلم إلى مجلس النقابة أو الالتجاء إلى
محكمة الاستئناف مما يقطع باختلاف حالة إغفال إدراج الاسم عن حالة الإدراج إذ لا
يقبل المنطق أن يتظلم الغير إلى مجلس النقابة عند إدراج اسم مرشح.
سادساً: أن قضاء المحكمة
الإدارية العليا لم يتواتر على اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن في القرار
الصادر بإدراج اسم بقائمة المرشحين لمجلس نقابة المحامين فلم يصدر عن تلك المحكمة
إلى حكم واحد هو الحكم الصادر في الطعن رقم 1863 لسنة 31 القضائية القاضي بالإحالة
إلى محكمة استئناف القاهرة ولم تصدر بعد تلك المحكمة الأخيرة الحكم في المنازعة
التي أحيلت إليها.
سابعاً: أن الحكم المطعون
فيه أقام قضاءه مفترضاً أن مجلس نقابة المحامين قائم ويباشر اختصاصاته ومنها إعداد
قائمة المرشحين، في حين أن ذات المحكمة قد سبق لها أن أصدرت بجلسة 29 من إبريل سنة
1989 الحكم في الدعوى رقم 2924 لسنة 43 القضائية بإيقاف تنفيذ القرار فتح باب
الترشيح الصادر من ذات مجلس النقابة تأسيساً على زوال ولايته وبالتالي صفته في إصدار
القرار بعد أن سحبت منه الثقة بقرار من الجمعية العمومية للمحامين بتاريخ 29 من
يناير سنة 1989. وعلى ذلك فلا يكون ثمة محل، بصدد المنازعة الماثلة للقول بوجود
قرار صادر من جهة مختصة بإصداره يمكن أن يثور الخلاف حول الجهة القضائية المختصة
بنظر الطعن فيه، كما أوضح الطاعن في مرافعته أمام هذه المحكمة بجلسة 7 من أكتوبر
سنة 1990 وبمذكرته المقدمة بتلك الجلسة أن المنازعة التي صدر بشأنها حكم المحكمة
الإدارية العليا (فى الطعن رقم 1863 لسنة 31 قضائية عليا) وهو الحكم الذي استند
إليه الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل تختلف عن المنازعة الماثلة في أمرين:
أولهما: أن حكم المحكمة
الإدارية العليا المشار إليه أقام قضاءه في خصوصية طعن على قرار صادر من مجلس
نقابة صحيح، في حين أن الماثلة تتعلق بقرار غير صحيح سبق أن حكمت محكمة القضاء الإداري
ببطلانه في الدعوى رقم 2924 لسنة 43 القضائية وتأيد الحكم بقضاء المحكمة الإدارية
العليا في الطعن رقم 2146 لسنة 35 القضائية. ومتى كان البطلان قد شمل كافة
الترشيحات فيكون منها قرار ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب النقيب.
وثانيهما: أن استناد حكم
المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1863 لسنة 31 القضائية إلى نص المادة 134 من
قانون المحاماة هو استناد غير صحيح لأن المادة المشار إليها خاصة بعضوية مجلس
النقابة أما إجراءات انتخاب فيحكمها نص المادة (132) من قانون المحاماة وبما ورد
من تنظيم باللائحة الداخلية للنقابة، وأنه ولئن كان النقيب بعد انتخابه للمنصب
يرأس مجلس النقابة فإن ذلك لا يعنى خضوع النقيب في انتخابه لحكم المادة (134) من
قانون المحاماة التي تنظم إجراءات انتخاب أعضاء مجلس النقابة. يؤكد ذلك ما ورد
بالفقرة قبل الأخيرة من المادة 131 من قانون المحاماة التي تنص على أنه "لا
يجوز الجمع بين الترشيح لمركز النقيب وعضوية مجلس النقابة".
ومن حيث إن دفاع المطعون
ضدهما يتحصل فيما يلى:
أولاً: أن إحالة الطعن
الماثل إلى هذه المحكمة لم تقترن بأسباب تكشف عن المبدأ القانوني المطلوب العدول
عنه، وعلى ذلك فلا يكون مطروحاً عليها وحسب أمر العدول عن المبدأ الذي قررته
المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1863 لسنة 31 القضائية عليا بشأن عدم اختصاص
محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن في القرار الصادر بإدراج اسم المرشح لمنصب النقيب
أو لعضوية مجلس النقابة في قائمة المرشحين واختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظره
وإنما يكون أيضاً مطروحاً على هذه المحكمة الفصل في مبادئ قانونية أخرى سبق
تقريرها وتتعلق على سبيل المثال بالتكييف القانوني للقرار الصادر بإعداد قوائم
المرشحين، وبرفض الدفع بعدم دستورية المادة (134) من قانون المحاماة بحسبان الدفع
مشتق من الدعوى الأصلية وبتحديد الآثار القانونية على إعلان نتائج الانتخابات وعلى
الطعن في هذه النتائج أمام محكمة النقض. ثانياً: إن إتباع النهج الصحيح في تفسير
عبارة المادة 134 من قانون المحاماة يؤدى إلى القول بأن المعاني المقصودة أصالة من
سياق النص أهمها تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعن في قوائم المرشحين وتحديد ميعاد
الطعن وكيفية الفصل فيه. ولا يكون النص على تقرير حق الطعن لمن أغفل إدراج اسمه
مقصود أصالة لأنه يدخل في عموم مفهوم حق التقاضي المقرر للكافة بنص الدستور، وما
كان ذكر المشرع له في النص إلا على سبيل التبع للتوصل إلى تلك المعاني المقصودة من
السياق وعلى ذلك فلا يجوز أخذاً بتفسير حرفي للألفاظ التي صيغ بها السياق التقييد
من عمومية دلالة عبارة النص وهى دلالة تفيد الإطلاق كما أن تفسير النص يجب أن يشمل
معانيه المستفادة من الدلالة والفحوى. فيكون تقرير حق التظلم أو الطعن لمن أغفل
إدراج اسمه في قوائم المرشحين هو دلالة منطوق، أما تقرير حق التظلم أو الطعن في إدراج
اسم أحد المرشحين فهو دلالة مفهوم الموافقة وهى دلالة اللفظ على حكم المنطوق
السكوت عنه لاشتراكها في علة الحكم، وهذا المعنى من التفسير يتفق مع الطبيعة
العينية للقرار عند تحديد الاختصاص بنظر الطعن عليه. كما وأن هذا التفسير يكشف عن
وجه المصلحة التي رعاها المشرع بتقريره اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعون
في قوائم المرشحين وتتمثل في توحيد جهة القضاء التي تنظر الطعون الانتخابية الخاصة
بنقابة المحامين، إذ الحكم الذي يصدر من محكمة الاستئناف خاضعاً لرقابة محكمة
النقص التي تجمع بين هذا الاختصاص واختصاصها المبتدأ بنظر الطعون على نتائج
الانتخابات إعمالاً لحكم المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة. ومن ناحية أخرى فإن
القول بغير هذا التفسير يؤدي إلى وجود مفارقات يتنزه عنها المشرع القول باستغلاق
الطعن أمام من أغفل إدراج اسمه بفوات عشرة أيام في حين يظل ميعاد الطعن على
الأسماء التي أدرجت بقوائم المرشحين قائماً لمدة ستين يوماً أي إلى ما بعد انقضاء
الموعد المقرر لإجراء الانتخابات وهو أربعون يوماً بعد فتح باب الترشيح. ولو كان
المشرع قد أراد تجزئة الاختصاص بين محكمتي الاستئناف والقضاء الإداري لما أعوزه
النص على سريان مواعيد وإجراءات الطعن المقررة بالمادة 134 من قانون المحاماة على
الطعون التي تقام أمام محكمة القضاء الإداري. وقد قام حكم المحكمة الإدارية العليا
في الطعن رقم 1863 لسنة 31 القضائية على تفسير صحيح لأحكام قانون المحاماة ومنها
حكم المادة (134) فأورد أن مفادها إسباغ الاختصاص العام الشامل لمحكمتي النقض
والاستئناف بنظر الطعون التي حددها القانون فيما يصدر عن أجهزة النقابة ولجانها
ومجالسها من قرارات يجوز الطعن فيها، ولا يستوى في ظل هذا التفسير الصحيح لأحكام
القانون القول بأن الاختصاص المقرر لمحكمة الاستئناف بالمادة 134 من قانون
المحاماة هو استثناء من أصل، كما وأنه ليس في إسباغ هذه الولاية للقضاء المدني ما
يتنافى مع الأصل الدستوري المقرر للولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة بنظر
المنازعات الإدارية على نحو ما تضمنه نص المادة 172 من الدستور. ذلك أن قضاء
المحكمة الدستورية العليا مفاده تأكيد سلطة المشرع في إسناد ولاية الفصل في بعض
المنازعات الإدارية إلى جهات أو هيئات قضائية غير محاكم مجلس الدولة متى اقتضى ذلك
الصالح العام استناداً إلى التفويض المقرر للمشرع بالمادة 167 من الدستور في شأن
تحديد الهيئات القضائية واختصاصها، وأنه إن كان ثمة شبهة تحيط بدستورية نصوص قانون
المحاماة المقررة لولاية القضاء المدني في هذا الشأن فيكون ولا تثريب على هذه
المحكمة إن هي ارتأت وقف الدعوى وأحالت الطعن بعدم الدستورية إلى المحكمة
الدستورية العليا، وأورد الدفاع أن طبيعة الاختصاص المقرر للقضاء المدني في هذا
الصدد باعتباره اختصاصاً خاصاً يقيد الاختصاص العام المقرر لمحاكم مجلس الدولة،
كما وأن إسباغ الاختصاص لجهة القضاء المدني يجد أساسه في الجذور التاريخية لتنظيم
مهنة المحاماة بدءاً من أول لائحة للمحاماة صدرت عن محكمة استئناف القاهرة سنة
1883 مما أنتج روابط القضائين العادي الجالس والواقف (المحاماة) جعلت من الأول
رقيباً على القرارات الصادرة في شئون المحاماة طبقاً للقوانين المتعاقبة بتنظيم
مهنة المحاماة، وبالإضافة إلى ما سبق فإن الأخذ بغير هذا النظر يؤدى أيضاً إلى عدم
اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة ذلك أنه إذا كان المشرع قد اقتصر بتنظيم حق
الطعن لمن لم يدرج اسمه بالقوائم فإنه يكون بذلك قد حصَّن تلك القوائم من أية طعون
أخرى تأسيساً على أنه ليس لمجلس النقابة أي دور في إدراج أسماء طالبي الترشيح ولا
يعدو إعداده لتلك القوائم أن يكون عملاً مادياً، ويكون الأمر مرده في النهاية إلى
إرادة الناخبين من أعضاء الجمعية العمومية وخاضعاً للطعن على قرارات الجمعية
العمومية وعلى الانتخاب أمام محكمة النقض استناداً لحكم المادة 135 مكرراً من
قانون المحاماة، كما أنه ليس صحيحاً القول بأن حكم المادة 134 من قانون المحاماة
يقتصر على تنظيم الترشيح لعضوية مجلس النقابة فلا يتعدى إلى تنظيم أمر الترشيح
لمنصب النقيب فهذا القول يقوم على تفسير يقف عند حرفية اللفظ دون أن يتغلغل إلى
فحوى النص ومعناه ويغفل أحكام سائر نصوص قانون المحاماة ومنها المواد 131 و136
و137 و139 و141 ومفادها القطع بعضوية النقيب مع مجلس النقابة، ومن ناحية أخرى يؤكد
الدفاع أن استمرار الطاعن في المنازعة الماثلة بعد تمام الانتخاب لمنصب النقيب
يكشف عن نيته الحقيقية من ورائها بأنها بطلب إلغاء أو بطلان انتخاب الأستاذ أحمد
الخواجة نقيباً للمحامين إذ لن يجدى الطاعن صدور حكم بوقف تنفيذ أو إلغاء القرار
الصادر من مجلس النقابة بقبول ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب نقيب المحامين
طالما لم يلغ قرار الجمعية العمومية بانتخابه فلا يكون الطعن بهذه المثابة مما
ينعقد الاختصاص بنظره لمحاكم مجلس الدولة ويتعين إحالته إلى محكمة النقض لتجري
عليه شئونها إعمالاً لأصل من الأصول المقررة في المرافعات ويقضى باختصاص قاضى
الموضوع بالدفوع حتى لا تنقطع أوصال المنازعة الواحدة. وفى واقع الحال فإن بطلان
انتخاب النقيب ومجلس النقابة مطروح على محكمة النقض بالطعون أرقام 368 و405 و406
لسنة 59 القضائية. وفضلاً عما تقدم جميعه فإن القضاء الإداري لا يكون باعتباره
قضاء مستعجلا مختصا بنظر طلب وقف تنفيذ قرار تم تنفيذه فعلاً. وطلب المطعون ضدهما
الحكم أصلياً بتأييد المبدأ الذي قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم
1863 لسنة 31 القضائية ورفض الطعن، واحتياطياً بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى
به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً محمولاً على أحد الأسباب الآتية:
1 - أن التكييف الصحيح
لطلب الطاعن هو اعتباره طعناً ببطلان انتخاب النقيب تختص به محكمة النقض. 2 - أن
محكمة النقض تختص كذلك بنظر هذا الطلب باعتباره قاضى الموضوع، وقاضى الموضوع هو
قاضى الدفوع باعتباره أن الطعن ببطلان انتخاب النقيب يشمل الدفع بعدم استيفائه
شروط الترشيح. 3 - أن مجلس الدولة لا يختص بالطعن على إدراج اسم مرشح في القائمة
باعتباره عملاً مادياً وليس قراراً إدارياً، وفى جميع الأحوال بإحالة الطعن إلى
محكمة النقض لتجري شئونها فيه وللارتباط بينه وبين الطعون أرقام 368 و405 و406
لسنة 59 القضائية، ومن باب الاحتياط الكلى بعدم الاختصاص بالطلب الماثل باعتباره
في تكييف الطاعن طلباً بوقف تنفيذ قرار تم تنفيذه فعلاً ولأن تكييف الطلب في مثل
هذه الحالة يكون بإلغاء لما تم تنفيذه فعلاً أى إلغاء للقرار ذاته ولا يكون ذلك
إلا بحكم قطعي في موضوع النزاع يتعين أن يتم تحضيره بمعرفة هيئة مفوض الدولة.
ومن حيث إنه إذا كانت
المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة تنص على أنه "إذا تبين لإحدى دوائر
المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر
المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام
سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها
الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس
المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه.." فإنه متى أحيل الطعن إلى هذه المحكمة
بالتطبيق لحكم المادة 54 مكرراً المشار إليها فإن منازعة الطعن برمتها تكون معروضة
عليها ولا يكون ثمة حائل بين هذه المحكمة الفصل في الطعن بكامل أشطاره متى ارتأت
ذلك شريطة أن يكون صالحاً للفصل فيه ومهيأ للحكم، حيث تحسم النزاع وتقول في موضوع
الطعن كلمة الحق والقانون، كما يكون لهذه المحكمة أن تقتصر في حكمها على البت في المسألة
القانونية التي تكشف أوراق الدعوى والطعن أنها كانت محلاً لتناقض الأحكام الصادرة
من المحكمة الإدارية العليا أو فصلت فيها أحكام سابقة على نحو معين، ثم تحيل الطعن
بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل في موضوع الطعن على هدى
ما أصدرته من قضاء المسألة القانونية التي تقول فيه كلمتها، (الحكم الصادر من
المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ القانونية بالهيئة المنصوص عليها
بالمادة 45 مكرراً من قانون مجلس الدولة بجلسة 3 من يونيه سنة 1990 في الطعن رقم
3564 لسنة 32 القضائية عليا).
ومن حيث إنه بالاطلاع على
الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23 من مايو سنة 1989
وسائر الأوراق المقدمة بالدعوى التي فصل فيها وعلى تقرير الطعن وسائر المذكرات
المقدمة والإيضاحات المبداة أمام الدائرتين الأولى والثانية بالمحكمة الإدارية
العليا أثناء نظرهما الطعن فإن المحكمة تستظهر أن الغاية من قرار الدائرة الثانية
بالمحكمة الإدارية العليا بإحالة الطعن الماثل إليها هو تحديد جهة الاختصاص بنظر
الطعن في إدراج اسم بقائمة المرشحين لمنصب نقيب المحامين ويكون لا تثريب على هذه
المحكمة إن هى اقتصرت في قضائها على التصدي لهذا الأمر بالقول الفصل فيه إعمالاً
لصحيح حكم القانون دون التطرق بالفصل في موضوع المنازعة برمتها طالما لم تر
استعمالاً للترخص الذي تجرى تقديره مقتضى لذلك.
ومن حيث إنه باستعراض
قضاء مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في شأن الأمر المعروض على هذه المحكمة يبين أن
محكمة القضاء الإداري كان قد سبق لها قضاء (الحكم الصادر بجلسة 16 إبريل سنة 1985
في الدعوى رقم 2525 لسنة 39 القضائية المقامة من الأستاذ أحمد خال ضد الأستاذ أحمد
الخواجة) مفاده أن ما تقضى به المادة (134) من قانون المحاماة من اختصاص محكمة
استئناف القاهرة بنظر طعون من أغفل إدراج أسمائهم في كشوف المرشحين يقتصر على
الحالة المنصوص عليها صراحة بالمادة 134 من قانون المحاماة أي حالة الطعن في القرارات
السلبية بإغفال إدراج الاسم بقوائم المرشحين ويكون القول بعدم اختصاص القضاء الإداري
بنظر الطعون في القرارات بإدراج اسم بقائمة المرشحين مردوداً على بأن حكم المادة
134 المشار إليها جاء على خلاف الأصل العام إذ يعهد بولاية الطعن في قرار صادر من
شخص من أشخاص القانون العام إلى القضاء العادي ومن ثم يتعين أن يقتصر تطبيقه على
النطاق الذي ورد بشأنه فلا يمتد الحكم ليشمل الطعن في القرارات الإيجابية بإدراج
أسماء مرشحين معينين في كشوف الانتخابات فمثل هذه القرارات القابلة للانفصال عن
العملية الانتخابية تظل خاضعة للولاية العامة لمجلس الدولة بحسبان أن نقابة
المحامين من أشخاص القانون العام وتتعلق هذه القرارات بإدارتها وتمس تكوينها
وذاتيتها كشخص عام، بينما ذهب قضاء المحكمة الإدارية العليا بدءاً بالحكم الصادر
بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1985 (فى الطعن رقم 1787 لسنة 31 القضائية وهو الحكم
الصادر في الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه) ثم بالحكم الصادر
بجلسة 8 من فبراير سنة 1986 (فى الطعن رقم 1863 لسنة 31 القضائية) إلى أنه
باستعراض حكم المادتين 134 و135 مكرر من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 وسائر نصوص القانون المشار إليه
وأحكامه يبين أن المشرع أولى محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة اختصاصاً عاماً
وشاملاً بنظر الطعون التي حددها فيما يصدر من أجهزة نقابة المحامين ولجانها
ومجالسها من قرارات يجوز الطعن فيها مثل القرارات الصادرة من لجنة قيد المحامين
بالجدول العام والجداول المختلفة، وقرارات إسقاط عضوية مجلس النقابة وقرارات نقل
أسماء المحامين إلى جدول غير المشتغلين وقرارات محو أسماء المحامين من الجدول
والقرارات التأديبية الصادرة ضد المحامين، وإغفال إدراج اسم أحد المرشحين لعضوية
مجلس النقابة في قائمة المرشحين والقرارات الصادرة من الجمعية العمومية للنقابة
والطعن في تشكيل مجلس النقابة واستطرد الحكمان المشار إليهما بأنه بناءً على ما
تقدم فإنه يتعين القول بأن القرارات التي تصدر من مجلس النقابة وهو يمارس اختصاصه
بإعداد قائمة المرشحين لانتخابات المجلس وفقاً لحكم المادة 134 من قانون المحاماة
سواء برفض إدراج اسم طالب الترشيح بالقائمة أو بإدراجه تختص بنظر الطعون فيها
محكمة استئناف القاهرة على الوجه المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة المشار
إليها باعتبار أن هذه القرارات تتعلق بمرحلة الترشيح وهى مرحلة منفصلة من مراحل
العملية الانتخابية وقد أجاز المشرع الطعن في القرارات المتعلقة بها على استقلال
قبل تمام الانتخاب ومن ثم فلا تسوغ التفرقة بين القرار السلبى الذي يصدر باستبعاد
إدراج اسم طالب الترشيح من قائمة المرشحين والقرار الإيجابي بقيد اسمه وقصر
الاختصاص المعقود لمحكمة استئناف القاهرة على نظر الطعن في القرار الأول دون الثاني
تذرعاً بنص المادة (172) من الدستور التي قررت لمجلس الدولة الولاية العامة على
المنازعات الإدارية ذلك أن القرار الصادر من مجلس النقابة وهو يباشر مهمته في كلتا
الحالتين لا تتغير طبيعته وأن تغير محله فقبول إدراج اسم في القائمة أو رفضه هما
وجهان للقرار الذي يصدر من مجلس النقابة بوصفه إفصاحاً عن إرادته في شأن مدى
استيفاء طالب شروط الترشيح لمجلس النقابة ومن ثم كان من الطبيعى أن ينعقد الاختصاص
بنظر الطعن في القرار على أى من الوجهين لجهة قضائية واحدة.
ومن حيث إن المادة (56)
من الدستور تنص على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق
يكلفه القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية وينظم القانون مساهمة النقابات
والاتحادات في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية وفى رفع مستوى الكفاية ودعم السلوك
الاشتراكى بين أعضائها وحماية أموالها وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة
نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً
لأعضائها" وقد ذهب قضاء المحكمة الدستورية العليا إلى أن مؤدى هذا النص الذي أورده
الدستور في باب (الحريات والحقوق والواجبات العامة) أن المشرع الدستورى لم يقف عن
حد ما كان مقرراً في الدساتير السابقة من كفالة حق تكوين النقابات وتمتعها
بالشخصية الاعتبارية (المادة 55 من دستور سنة 1956 والمادة 41 من دستور سنة 1964)
بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ الديموقراطية النقابية فأوجب أن يقوم تكوين النقابات
والاتحادات على أساس ديموقراطى ويكون المشرع الدستورى بذلك قد عنى بتأكيد مبدأ
الحرية النقابية بمفهومها الديموقراطى الذي يقضى، ومن بين ما يقضى به أن يكون
لأعضاء النقابة الحق في أن يختاروا بأنفسهم وفى حرية قيادتهم النقابية التي تعبر
عن إرادتهم وتنوب عنهم الأمر الذي يستتبع عدم جواز إهدار هذا الحق بحظره أو تعطيله
(الحكم الصادر بجلسة 11 من يونيه سنة 1983 في القضية رقم 47 لسنة 3 القضائية). كما
سبق لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى أن تعرض للتكييف القانونى لنقابات المهن فقضى
بأنها تعتبر من أشخاص القانون العام ذلك لأنها تجمع بين مقومات هذه الأشخاص
فإنشاؤها يتم بقانون أو بمرسوم أو بأداة تشريعية أخرى وأغراضها وأهدافها ذات نفع
عام فهى تستهدف أساساً كفالة حسن سير وأداء الخدمات التي يقوم بها أعضاؤها
للمواطنين ورعاية حقوق هؤلاء الأعضاء في أداء مهمتهم وتنظيمها فاشتراك الأعضاء في نقابتهم
أمر حتمى ولها على أعضائها سلطة تأديبية ولهؤلاء الأعضاء دون سواهم حق احتكار
مهنتهم ولا يجوز لغيرهم مزاولتها ويترتب على ذلك أن قراراتها تعتبر قرارات إدارية
مما يجوز الطعن فيها بدعاوى الإلغاء أمام القضاء الإدارى. كما ذهب هذا القضاء إلى
أن "قانون نقابة المحامين (والمقصود هو القانون رقم 98 لسنة 1944) قد أضفى
على النقابة وهيئاتها ومنها القيد نوعاً من السلطة العامة وخولها حقوقاً من نوع ما
تختص به الهيئات الإدارية العامة مما يترتب عليه اعتبار قراراتها إدارية قابلة
للطعن فيها أمام محكمة القضاء الإدارى" (الحكم الصادر بجلسة 26 من ديسمبر سنة
1950 في الدعوى رقم 392 لسنة 2 القضائية) وقد استقر هذا الاتجاه القضائى بالحكم
الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 12 من إبريل سنة 1958 (فى الطعن رقم 608
لسنة 3 القضائية عليا) الذي أورد أن "تنظيم المهن الحرة كالطب والمحاماة
والهندسة وهى مرافق عامة مما يدخل في صميم اختصاص الدولة بوصفها قوامة على الصالح
والمرافق العامة، فإذا رأت الدولة أن تتخلى عن هذا الأمر لأعضاء المهنة أنفسهم
لأنهم أقدر عليه مع تخويلهم نصيباً من السلطة العامة يستعينون به على تأدية
رسالتهم مع الاحتفاظ بحقها في الإشراف والرقابة تحقيقاً للصالح العام، فإن ذلك لا
يغير من التكييف القانونى لهذه المهن بوصفها مرافق عامة". وأنه ولئن كان قضاء
مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى المشار إليه قد صدر في ظل أحكام الدساتير السابقة
فإن التكييف القانونى للنقابات المهنية ومنها نقابة المحامين على ما انتهت إليه
تلك الأحكام يظل صحيحاً قانوناً في ظل العمل بأحكام الدستور الحالى. ذلك أن الحكم
الدستورى الذي ورد بالمادة 56 من الدستور المشار إليها على قيام تلك النقابات على
أساس ديمقراطى أى على أساس من الإرادة الشعبية الحرة والتعبير الطليق عن تلك
الإرادة من أعضائها دون سيطرة من السلطة الإدارية السيادية فإنه يستتبع ذلك بحكم
اللزوم الدستورى انحسار الرقابة والإشراف الذي يجوز قانوناً أن تمارسه سلطات
الدولة على هذه النقابات إلى الحد وبالقدر الذي لا يتعارض مع الأساس الديمقراطى
الذي يجب أن يقوم عليه الكيان النقابى كأصل دستورى، ولكن ذلك بذاته ليس من شأنه
على الإطلاق المساس بحقيقة التكييف القانونى للنقابة باعتبارها من أشخاص القانون
العام التي تقوم بإدارة وتسيير مرفق من المرافق العامة بتمثل موضوعياً في خدمات
المهنة التي يقدمها أعضاء النقابة بانتظام واضطراد للمواطنين في إطار التنظيم
القانونى لممارسة المهنة وتحت إشراف هذه النقابة سواء لرعاية صالح المهنة وحسن
أداء أعضائها لرسالتهم أو رعاية الصالح العام للمواطنين، وبالترتيب على ما سبق فإن
ما يصدر من أجهزة النقابة في إطار ممارستها حقوق وواجبات السلطة العامة القائمة
على إدارة المرفق وتسييره ومنها تلك التي تتعلق بشئون الأعضاء في ممارستهم لحقوقهم
وواجباتهم المحددة بالقانون في المساهمة في إدارة شئون النقابة على أساس ديمقراطى
يكون بلا خلاف من قبيل القرارات الإدارية.
ومن حيث إن قضاء المحكمة
الإدارية العليا قد جرى بأنه إذا كانت المادة (172) من الدستور تنص على أن
"مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفى
الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى" فإنه إعمالاً لحكم هذا
النص الدستورى فقد نصت المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47
لسنة 1972 على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل
الآتية: (أولاً)...... (خامساً) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء
القرارات الإدارية النهائية...... (رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية"
فمقتضى ذلك أن مجلس الدولة أضحى بما عقد له من اختصاصات بموجب الدستور والقانون
المنفذ له صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى بحث
لا يسوغ أن تنأى منازعة إدارية عن اختصاصه إلا بنص خاص في الدستور أو في القانون
الذي يصدر وفقاً للدستور وبحسبان أن القرارات الإدارية التي ورد النص عليها صراحة
في المادة (10) سالفة الذكر إنما وردت على سبيل المثال واعتبرت قرارات إدارية بنص
القانون دون أن يعنى ذلك خروج غيرها من القرارات الإدارية عن اختصاص مجلس الدولة
وإلا انطوى ذلك على مخالفة دستورية فضلاً عن مخالفة القانون. (الحكم الصادر بجلسة
6 من نوفمبر سنة 1982 في الطعن رقم 1258 لسنة 26 القضائية عليا).
ومن حيث إن المحكمة
الدستورية العليا قضت بأن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل في بعض المنازعات
الإدارية التي تدخل أصلاً في اختصاص مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (172) من
الدستور إلى جهات أو هيئات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح القومى العام وذلك
إعمالاً للاختصاص التشريعى المخول للمشرع العادى بالمادة (167) من الدستور في شأن
تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها بمقتضى القانون. (الحكم الصادر بجلسة 16 من
مايو سنة 1982 في القضية رقم 10 لسنة 1 القضائية دستورية) كما قضت بأن المادة 172
من الدستور حين نصت على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تختص بالفصل في المنازعات
الإدارية والدعاوى التأديبية فقد أفادت تقرير الولاية العامة لمجلس الدولة على
المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بحيث يكون هو قاض القانون العام بالنسبة لهذه
الدعاوى والمنازعات وأن اختصاصه لم يعد مقيدا بمسائل محددة على سبيل الحصر، غير أن
هذا النص لا يعنى غل يد المشرع العادى عن إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية
والدعاوى التأديبية إلى جهات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح العام وإعمالا
للتفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية
واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها. (الحكم الصادر بجلسة 16 من يونيه سنة 1984 في القضية
رقم 55 لسنة 5 القضائية دستورية).
ومن حيث إن بناء على ذلك
فإنه حيث لا يرد النص على اختصاص جهة قضائية أخرى غير محاكم مجلس الدولة بنظر
منازعة متعلقة بقرار صادر من تشكيلات النقابات المهنية في مجال إدارة وتسيير
أمورها المتعلقة بالمرافق العام الذي تقوم علية انطوى الاختصاص بنظرها دون جدال
تحت الولاية العامة المقرة بالدستور والقانون لمحاكم مجلس الدولة بحسبانها القاضى
الطبيعى لنظرها.
ومن حيث إنه باستعراض
أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227
لسنة 1984 يبين أن المشرع أناط بجهات القضاء المدنى سواء محكمة النقض أو محكمة
استئناف القاهرة الفصل في منازعات نص عليها ومن ذلك ما ورد بالمادة 134 من القانون
المذكور.
ومن حيث إنه باستعراض
أحكام قوانين المحاماة المتعاقبة يبين أن تلك القوانين وهى القانون رقم 26 لسنة
1912 الخاص بلائحة المحاماة أمام المحاكم الأهلية الذي تضمن إنشاء نقابة المحامين
والقوانين أرقام 135 لسنة 1939 بشأن المحاماة أمام المحاكم الأهلية و98 لسنة 1944
الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 96 لسنة
1957 بالمحاماة أمام المحاكم والقانون رقم 60 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة قد خلت من
تحديد لاختصاص جهة قضائية بعينها بمارسة الرقابة القضائية على مباشرة مجلس نقابة
المحامين لاختصاصه في إعداد قائمة المرشحين إلى أن صدر القانون رقم 17 لسنة 1983
بإصدار قانون المحاماة حيث نص في المادة 134 على أن "يكون الترشيح لعضوية
المجلس بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة في الميعاد الذي يحدده لقبول طلبات
الترشيح على أن يكون قبل الموعد المحدد لإجراء الانتخابات بأربعين يوماً على الأقل
ويعد مجلس النقابة قائمة المرشحين خلال عشرة أيام على الأكثر من قفل باب الترشيح
وتعلن على المحامين في النقابات الفرعية ولمن أغفل إدراج اسمه بها أن يتظلم إلى
مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من
تاريخ نشر كشوف المرشحين ويفصل في الطعن على وجه السرعة".
ومن حيث إن المسألة
القانونية المعروضة على هذه المحكمة ذات شقين أولهما - يتعلق بتفسير حكم المادة
134 من قانون المحاماة المشار إليها وعما إذا كان الاختصاص المقرر بها لمحكمة
استئناف القاهرة يشمل الطعون في القرار الصادر من مجلس النقابة بإدراج اسم معين
بقائمة المرشحين - ثانيهما - في حالة شمول الاختصاص المقرر لمحكمة الاستئناف
للحالة المشار إليها عما إذا كان حكم تلك المادة يسرى على الطعون بشأن إدراج اسم
مرشح لمنصب نقيب المحامين.
ومن حيث إنه عن الأمر
الأول فإنه من المستقر عليه في قضاء الدولة بهيئة قضاء إدارى أنه لكى يعتبر التصرف
قراراً إدارياً فإنه يجب أن يصدر من سلطة عامة أو من جهة تمارس هذه السلطة بمقتضى
حكم القانون بحسبان أن القرار الإدارى بأحكامه المعروفة إنما هو من وسائل السلطة
العامة. وفى واقعة المنازعة المعروضة فإن مجلس النقابة في ممارسته لاختصاصه بإعداد
قوائم المرشحين بإدراج أسماء المتقدمين للترشيح بهذه القوائم بما يتطلبه هذا
الاختصاص من أعمال أحكام قانون المحاماة بشأن التحقيق من مدى توافر الشروط
المتطلبة في المرشحين إنما يمارس سلطة عامة، ويكون القرار الذي يصدره في هذا الشأن
قراراً إدارياً باعتباره إفصاحاً عن إرادة مجلس النقابة الملزمة بما له من سلطة
بمقتضى القانون وذلك بقصد إحداث مركز قانونى معين هو مركز المرشح. والقرار الذي يتخذه
مجلس النقابة بإدراج اسم مرشح بقائمة المرشحين يعتبر قراراً إدارياً إيجابياً. كما
يكون القرار بإغفال إدراج اسم مرشح بتلك القائمة في حكم القرارات الإدارية أى
قراراً إدارياً سلبياً على نحو ما جرى به تعبير المشرع في عجز المادة (10) من
قانون مجلس الدولة التي تجرى عبارتها بما يأتى "ويعتبر في حكم القرارات
الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها
اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح" وعلى ذلك فإن عدم إدراج مجلس النقابة وهو
بصدد ممارسة اختصاصه بإعداد قوائم المرشحين لاسم مرشح بتلك القوائم أياً كان أساس
عدم الإدراج يعتبر هو الآخر قراراً إدارياً يجب ألا ينأى باعتباره كذلك شأنه شأن
القرار الإيجابى بإعداد قوائم المرشحين عن رقابة المشروعية التي يسلطها القضاء
إعمالاً لحكم الدستور والقانون.
ومن حيث إن عبارة المادة
134 من قانون المحاماة تجرى بأن "ويعد مجلس النقابة قائمة المرشحين..... ولمن
أغفل إدراج اسمه بها أن يتظلم إلى مجلس النقابة أو يطعن في قراره أمام محكمة
استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين ويفصل في الطعن على
وجه السرعة" ومن حيث إنه يبين من ذلك أن المشرع قد نظم لاعتبارات قدرها
وارتأى أنها تحقق الصالح العام طريق الطعن في القرارات السلبية التي ينسب صدورها
إلى مجلس النقابة وهو بصدد إعداد قوائم المرشحين والتى تعتبر في حكم القرار
الإدارى حسب مفاد حكم الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة بأن
أناط مباشرة هذه الرقابة القضائية لمحكمة استئناف القاهرة، ومن ثم فإنه يكون المشرع
بذلك قد أقام طريق طعن خاص بشأن منازعة معينة هى في حقيقة تكييفها القانونى منازعة
متعلقة بقرار إدارى ونظم هذا الطريق بأن حدد المحكمة المختصة بنظره وهى محكمة
استئناف القاهرة ومواعيد الطعن بأنها عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين وحرص
على التوجيه بأن يتم الفصل في الطعن على وجه الاستعجال ويتأبى على منطق التفسير
السوى، والأمر بعد يتصل بتنظيم الاختصاص الولائى لكل من جهتى القضاء الإدارى
والقضاء المدنى الذي يقوم على مراعاة المصلحة العامة في أوضح صورها وأجلى معانيها
أن يكون المشرع قد ذهب عمداً أو سهواً إلى المغايرة في شأن تنظيمه لجهة القضاء
المختصة بنظر القرارات الصادرة من مجلس النقابة وهو بصدد ممارسة اختصاصه بإعداد
قوائم المرشحين بين قرار إيجابى يكون النعى عليه أمام محاكم مجلس الدولة طبقاً
للقواعد العامة المحددة لولاية تلك المحاكم على نحو ما سبق بيانه وبين قرار سلبى
بالامتناع عن إدراج اسم طالب الترشيح هو في حقيقة الأمر في حكم القرار الإدارى على
ما جرى به تعريف المشرع له بعجز المادة (10) من قانون مجلس الدولة والذى يكون
الاختصاص بنظره لمحكمة استئناف القاهرة، فالاختصاص الذي يمارسه مجلس النقابة في كلتا
الحالتين هو اختصاص واحد أساسه ما أسبغ عليه من سلطة عامة بإعداد قوائم المرشحين،
ويكون حرص المشرع على إيراد تنظيم لحالة الطعن في القرار السلبى بالامتناع مرده
إلى أن هذه الخصوصية قد تكون محل خلاف في التفسير في حالة السكوت عنها وعدم
معالجتها بنص صريح قاطع، كما يكون بتنظيم المشرع لهذه الحالة كاشفاً عن نيته في إناطة
الاختصاص بإجراء الرقابة القضائية على ما يصدر من مجلس النقابة من قرارات أو ما في
حكمها بشأن إعداد كشف المرشحين لمجلس النقابة لمحكمة استئناف القاهرة، فالقرار
الذي يصدر من مجلس النقابة في هذا الشأن سواء كان بالإدراج أو بعدم الإدراج أى
سواء كان إيجابياً أو سلبياً بشأن الإدراج لاسم طالب الترشيح في الكشف هو من طبيعة
قانونية واحدة بحسبانه في كلتا الحالتين إفصاحاً عن إرادته في صلاحية المتقدم
للترشيح بعد فحص مدى استيفاء طالب الترشيح لشروط الترشيح على النحو المقرر بقانون
المحاماة ويتأكد هذا النظر بما تكشف عنه عبارة المادة 134 من قانون المحاماة
المشار إليها من حرص المشرع وقد اعتبر مرحلة الترشيح مرحلة مستقلة من مراحل
العملية الانتخابية على تحديد ميعاد تلقى طلبات الترشيح قبل الموعد المحدد لإجراء
الانتخاب بأربعين يوماً على الأقل وميعاد إعداد قائمة المرشحين وإعلانها خلال عشرة
أيام على الأكثر من قفل باب الترشيح وإجازة الطعن في القرار بإعداد القائمة أمام
محكمة الاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين مع النص على أن تفصل
فيه هذه المحكمة على وجه السرعة بحيث يتيسر حسم أية منازعات قد تتعلق بإعداد قوائم
المرشحين قبل إجراء عملية الانتخاب ذاتها الأمر الذي يحقق الضمان والاطمئنان
للمرشحين ولأعضاء النقابة عموماً، فلا يكون إدارة شئونها وهى بعد تقوم على مرفق
عام على ما سبق بيانه محل شك أو ريبه من شأنها الإخلال بحسن سير المرفق وانتظامه
وكل ذلك مما لا يحققه القول بجواز الطعن على القرار الصادر من مجلس النقابة بإدراج
اسم مرشح بقائمة المرشحين أمام محاكم مجلس الدولة وفق الإجراءات وفى المواعيد
المحددة بقانون مجلس الدولة لنظر دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى
ما سبق فإنه لا شك أن الطعن بعدم شرعية إدراج اسم أحد المرشحين بمجلس النقابة إنما
هو طعن في الأساس الذي يتعدد بمقتضاه إطار المنافسة الانتخابية لمنصب عضوية هذا
المجلس وإذا ما تم الانتخاب سواء كان مطابقاً للقانون أو ينطوى على مخالفة لأحكامه
- وحيث إنه قد قصر قانون المحاماة على ما سلف البيان الاختصاص بنظر الطعون في نتيجة
الانتخاب لمجلس النقابة والنقيب على محكمة النقض طبقاً لأحكام المادة 137 مكرراً
من هذا القانون - فإن هذا الطعن في إدراج أو عدم إدراج اسم مرشح أعلن فوزه في مجلس
النقابة يتضمن بالحتم والضرورة الطعن في ذات الوقت في صحة العضوية بهذا المجلس حيث
يترتب على صحة أو بطلان الإدراج في كشف المرشحين انهيار أو تثبيت صحة العملية
الانتخابية بأسرها وانهيار أو ثبوت الأساس الذي أعلنت بناءً عليه نتيجة هذه
الانتخابات وهو ما لا يوجد سند من القانون يقضى بأن يوزع أمر الفصل فيه وحسمه بين
جهتى القضاء الإدارى والعادى على النحو الذي ذهب إليه الطاعن فضلاً عن أنه يتعين
الالتزام بما يحتمه النظام العام القضائى مستمداً من أحكام الدستور والقوانين
المنظمة لمجلس الدولة والسلطة القضائية من ضرورة عدم التفسير لأية نصوص متعلقة
بتوزيع الاختصاص بين جهتى القضاء أو بين المحاكم في جهة منها بما يخل بحسن سير
العدالة ويسر وسرعة حسم المنازعات الغاية العليا من التنظيم القضائى ولا شك أن
تقسيم المنازعات ذات الطبيعة الواحدة والارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين اشارها
أو بجانب منها عن باقيها المتعلق بالمركز القانونى المتمثل فيه الغاية من القرار
أو التصرف القانونى مما يتعارض ويتناقض مع حسن سير العدالة ويسر وسرعة حسم وفصل
القضاء العادى أو الإدارى في حدود ولايته للمنازعات التي يختص بها.
ومن حيث إنه عن الأمر
الثانى المعروض بالطعن الماثل ويتعلق بمدى سريان حكم المادة 134 من قانون المحاماة
بشأن تنظيم اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس
النقابة بإعداد قائمة المرشحين على القرارات الصادرة منه بإعداد الكشوف الخاصة
بالمرشحين لمنصب النقيب فباستعراض أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983 يبين أن المادة 131 المعدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تنص على أن يشكل
مجلس النقابة من النقيب وأربعة وعشرين عضواً ممن لهم حق حضور الجمعية
العمومية...... ولا يجوز الجمع بين الترشيح لمركز النقيب وعضوية مجلس النقابة.....
وتنص المادة 132 على أن "يشترط فيمن يرشح نفسه نقيباً أن يكون من المحامين
أصحاب المكاتب الخاصة...... بالإضافة إلى الشروط العامة للترشيح لعضوية مجلس
النقابة". كما تنص المادة 133 المعدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 على أن
"يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النقابة....." وتجرى عبارة المادة
134 بأن "يكون الترشيح لعضوية المجلس بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس
النقابة...." بينما تنص المادة 135 المعدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 على
أن "يجرى الانتخاب لاختيار النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة بدار النقابة
العامة وفى مكان النقابات الفرعية...." وتنص المادة 136 المعدلة بالقانون رقم
227 لسنة 1984 على أن "تكون مدة مجلس النقابة أربع سنوات من تاريخ إعلان
نتيجة الانتخاب...... ولا يجوز تجديد انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متصلتين في ظل
هذا القانون". وتنص المادة 138 على أن "..... ويرأس النقيب اجتماعات
مجلس النقابة...." بينما تجرى عبارة المادة 149 على أن "تسقط العضوية عن
النقيب وعن أى عضو في المجلس إذا فقد أى شرط من شروط صلاحية الترشيح...."
ومفاد ما تقدم من نصوص أن القانون أورد حكماً بأن يكون تشكيل مجلس النقابة من
النقيب وأربعة وعشرين عضواً (المادة 131 المعدلة) وبهذه المثابة تتقرر له صفة
العضوية بالمجلس وعلى ذلك فما يفرد القانون حكماً خاصاً بتنظيم معين يختص به
النقيب سواء من حيث الشروط التي يجب توافرها في المرشح لهذا المنصب أو الحقوق
المخولة له والواجبات المفروضة عليه بهذه الصفة فإنه يخضع للأحكام العامة الواردة
في القانون والتى تنظم شؤون أعضاء مجلس النقابة وذلك تأسيساً على البداهة
القانونية التي تقضى بأن رئيس أى مجلس أو لجنة هو في الأصل عضو فيها فضلاً عن صفته
كرئيس لها وهذه البداهة القانونية تنطق بها وتدل عليها الأحكام السالف ذكرها في قانون
نقابة المحامين وفى قوانين النقابات المهنية الأخرى وفى غيرها من القوانين
والتشريعات المنظمة للمجالس المماثلة الأخرى في النظام القانونى المصرى. فإذا كان
ذلك وكان القانون قد جاء خلواً من تنظيم خاص لعملية الترشيح لمنصب النقيب وإعداد
القائمة الخاصة بالمرشحين لهذا المنصب فإنه يسرى على ذلك جميعه حكم المادة 134 من
قانون المحاماة بحسبانها تتضمن التنظيم الإجرائى ومن بعده طريق الطعن القضائى
لعملية الترشيح وإعداد قوائم المرشحين لعضوية مجلس النقابة أى بتشكيل المجلس الذي منه
النقيب حسب صريح عبارة المادة 131 المعدلة.
ومن حيث إن الحكم الذي يصدر
عن هذه الهيئة لا يحسم المنازعة في الطعن ومن ثم فإنه يتعين ابقاء الفصل في المصروفات
إعمالاً للمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم اختصاص
مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة
المحامين بإعداد قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء
أكان وجه الطعن على تلك القرارات أنها تضمنت إدراج اسم أو أسماء مرشحين ما كان
يجوز قانوناً إدراج أسمائهم أم لأنها أغفلت ادراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين
إدراج أسمائهم قانونا، وقررت اعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه
وأبقت الفصل في المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق