الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 سبتمبر 2022

الطعن 1178 لسنة 21 ق جلسة 15 / 4 / 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 316 ص 841

جلسة 15 من أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

----------------

(316)
القضية رقم 1178 سنة 21 القضائية

تفتيش.

بيوت العاهرات المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 76 لسنة 1949. المقصود منها.
-------------

إن الذي يبين من نص المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 76 لسنة 1949 انه أحل المحافظين والمديرين ومفتشي المكتب الرئيسي لحماية الآداب ومأموري المراكز والأقسام والبنادر محل سلطة التحقيق في إجراء تفتيش بيوت العاهرات بأنفسهم أو بمن يندبونه لذلك من رجال الضبطية القضائية. وإذن فيجب في الانتداب الذي يصدر ممن ذكرتهم هذه المادة الأخذ برجال الضبطية القضائية بتفتيش بيت من بيوت العاهرات أن يستوفي شروط الانتداب الذي يصدر من سلطة التحقيق ما داموا قد حلوا محل هذه السلطة في تطبيق هذا الأمر، والتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق يجب أن يتقدمه بلاغ أو محضر يحرر بمعرفة أحد رجال الضبط أو أي أخبار، ومجرد التبليغ عن جريمة لا يكفي للقبض على المتهم أو تفتيش منزله بل يجب أن يقوم البوليس بعمل تحريات عما اشتمل عليه البلاغ، فإذا أسفرت التحريات عن توافر دلائل قوية على صحة ما ورد فيه فعندئذ يسوغ للموظفين المشار إليهم إجراء التفتيش بأنفسهم أو بواسطة من يندبونه خصيصاً لذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية المطعون ضدها بأنها في يوم 3 من يونيه سنة 1950 بدائرة قسم روض الفرج: فتحت وأدارت بيتاً للعاهرات وطلبت عقابها بالمادتين 1 و2 من الأمر العسكري رقم 76 لسنة 1949 والقانون رقم 50 لسنة 1950. ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت حضورياً في 28 من ديسمبر سنة 1950 عملاً بالمادتين المذكورتين بحبس المتهمة سنة مع الشعل والنفاذ. فاستأنفت، ولدى نظر الدعوى أمام محكمة مصر الابتدائية دفعت المتهمة ببطلان التفتيش لعدم وجود تحريات سابقة عليه، ولعدم وجود إذن به. والمحكمة قضت في 4 من مارس سنة 1951 بقبول الدفع ببطلان التفتيش وإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهمة مما نسب إليها عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. فطعنت النيابة بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن محصل هذا الطعن المقدم من النيابة أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى ببطلان تفتيش منزل المطعون ضدها، وباطراح الدليل المستمد منه، وذلك لصدور الإذن به قبل تاريخ حصول الواقعة؛ وببراءتها، قد أخطأ في تطبيق القانون: ذلك أن المادة الرابعة من قانون تحقيق الجنايات لم تعتبر المديرين والمحافظين ومفتشي مكاتب الآداب من رجال الضبطية القضائية، ثم إن المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 76 لسنة 1949 إذ نصت على أنه: "استثناء من أحكام قانون تحقيق الجنايات يخول المحافظون والمديرون ومفتش المكتب الرئيسي لحماية مكتب الآداب ومأمورو المراكز والأقسام أو من يندبونهم من رجال الضبطية القضائية دخول وتفتيش كل بيت تكون قد دلت التحريات على أنه يدار للعاهرات. وللمحافظ والمدير أن يصدر بعد اطلاعه على محضر ضبط الواقعة أمرا إداريا بإغلاق البيت". فقد تحدثت عن وظيفة البوليس الإدارية التي يباشرها رجاله ويشرف عليها المحافظ أو المدير، ولهذا رتبت على نتيجة التفتيش أن يأمر المحافظ أو المدير بإغلاق البيت إدارياً أي بغير رجوع إلى السلطات القضائية سواء أكانت النيابة العمومية أم المحاكم، ولهذا فإنه لا سبيل إلى تطبيق القواعد المقررة في قانون تحقيق الجنايات لتحديد معنى الندب ونطاقه، لأن هذه القواعد خاصة بالأوامر التي تصدر من النيابة أو من قاضي التحقيق باعتبارهما مباشرين لاختصاص قضائي في ظل قانون تحقيق الجنايات. على حين أن المادة الثالثة من الأمر العسكري المشار إليه قد صرحت بعدم تطبيق هذا القانون، وبأن التفتيش الذي نصت عليه يباشره البوليس الإداري للأغراض الإدارية الخاصة به فضلاً، عن إمكان الاستفادة من نتائجه في المحاكمة القضائية، ومن ثم فلا يوجد مع إطلاق نص هذه المادة ما يمنع من أن يكون هذا الندب بصفة عامة، وخصوصاً أن المدير أو المحافظ في مركز لا يسمح له عادة بأن يباشر بنفسه هذا الاختصاص، الأمر الذي يدل على أن واضع الأمر العسكري يفترض أن المدير أو المحافظ سيباشر اختصاصه هذا بطريق الندب لموظف آخر أو لموظفين يقومون عنه تحت إشرافه بهذا العمل، أي بالتفتيش، بغير رجوع إليه في كل حالة اكتفاء في ذلك بإشرافه العام عليهم. ويقطع بصحة هذا التفسير، أن مدير إدارة المكتب الرئيسي للآداب العامة أصدر في 5/ 3/ 1949، أي غداة صدور الأمر العسكري، ندباً عاماً إلى ضباط المكتب حماية الآداب بدائرة مدينة القاهرة بالقيام بتنفيذ هذا الأمر - وتقول النيابة أنه مما يؤكد لديها أن الندب العام جائز في تطبيق هذا الأمر، ما نصت عليه المادة الرابعة من الأمر العسكري رقم 35 بشأن الأسلحة والذخائر من أنه: "يتولى إثبات الجرائم التي تقع مخالفة لأحكام هذا الأمر رجال الضبطية القضائية والموظفين الذين تنتدبهم السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية لهذا الغرض، ويكون لهم في سبيل تنفيذ أحكام هذا الأمر معاينة وتفتيش الأشخاص والمنازل وغيرها من الأماكن التي يشتبه في وجود أسلحة وذخائر فيها، دون التقيد بالإجراءات المنصوص عنها في قانون تحقيق الجنايات أو أي قانون آخر". مما لا شبهة معه في أن الندب يحصل بصفة عامة، لا في خصوص سلاح معين، أو شخص معين، أو قضية معينة، وأنه تأسيساً على ما تقدم يكون الأمر الذي استند إليه الضابط في تفتيش المنزل موضوع الدعوى المطروحة قد صدر صحيحاً، وممن يملكه، وأنه يخول من صدر له الحق في التفتيش مشروطاً ذلك بما جاء في المادة الثالثة من الأمر العسكري من أن تكون هناك تحريات دلت على أن المنزل يدار للدعارة - وبالتالي فإن التفتيش الذي أجراه الضابط مكتب الآداب بذلك المنزل بناء على هذا الندب يكون صحيحاً، ويمكن الاعتماد عليه وعلى ما أسفر عنه على شهادة من أجراه كدليل قبل المطعون ضدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التفتيش، وبراءة المطعون ضدها، فقد ردّ على ما تثيره النيابة بقوله: "إن الذي يبين من نص المادة الثالثة من الأمر العسكري أنه أحل المحافظين والمديرين ومفتشي المكتب الرئيس لحماية الآداب ومأموري المراكز والأقسام والبنادر محل سلطة التحقيق في إجراء تفتيش بيوت العاهرات بنفسهم أو بمن يندبونه لذلك من رجال الضبطية القضائية، وأنه متى كان الأمر كذلك، فيجب في الانتداب الذي يصدر ممن ذكرتهم هذه المادة الثالثة لأحد رجال الضبطية القضائية بتفتيش بيت من بيوت العاهرات أن يستوفي شروط الانتداب الذي يصدر من سلطة التحقيق ما داموا قد حلوا محل هذه السلطة بالنسبة لتطبيق هذا الأمر. وأن التفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق يجب أن يتقدمه بلاغ أو محضر محرر بمعرفة أحد رجال الضبط أو أي أخبار (293 تحقيق جنايات)، ومجرد التبليغ عن جريمة لا يكفي للقبض على المتهم أو تفتيش منزله - بل يجب أن يقوم البوليس بعمل تحريات عما اشتمل عليه البلاغ، فإذا أسفرت التحريات عن توافر دلائل قوية على صحة ما ورد فيه، فعندئذ يسوغ للموظفين المشار إليهم إجراء التفتيش بنفسهم أو بواسطة من يندبونه خصيصاً لذلك". ولما كان ذلك هذا الذي قاله الحكم هو التفسير الصحيح لنص المادة الثالثة من الأمر العسكري المشار إليه، وكان مما لا يجدي في القول بغير ذلك أن يكون مدير إدارة المكتب الرئيسي للآداب العامة قد أصدر غداة صدور الأمر العسكري ندباً عاماً لضباط مكتبه بمدينة القاهرة، إذ لو قصد الحاكم العسكري إجازة مثل هذا الندب، لكان قد نص عليها في الأمر ذاته. كما لا يجدي في هذا الشأن القياس على المادة الرابعة من الأمر العسكري رقم 35 بشأن الأسلحة والذخائر، وذلك للاختلاف الواضح بين النصين، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التفتيش، واطراح الدليل المستمد منه يكون سليماً لم يخطئ القانون في شيء.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق