بسم الله الرحمن الرحيم
حـــــــكم
باسم الشعب
محكمة جنح سفاجا الجزئية
بالجلسة المنعقدة علنا بسراي المحكمة الغردقة بتاريخ 27/7/200
برئاسة السيد أستاذ / احمد رفعت النجار رئيس المحكمةو بحضور السيد الأستاذ / محمد ياسين رئيس النيابة
و السيد أستاذ / احمد ياسين رئيس النيابة
و الأستاذ / السايح أبو الفضل أمين سر
في قضية النيابة العمومية المقيدة برقم 1525 لسنه 2006 جنح سفاجا
ضـــــــــــــــد
1- ممدوح إسماعيل محمد علي
2- عمرو ممدوح إسماعيل محمد
3- محمد عماد الدين احمد أبو طالب
4- ممدوح محمد عبد القادر عرابي
5- نبيل السيد إبراهيم شلبي
6- صلاح الدين السيد جمعه
المدعون فيها بالحقوق المدنية :
كل من ورثة المرحوم / طارق صالح علي صالح ، محمد بيومي هاشم عبد الرحمن ، ورثة المرحوم / مصطفي احمد حسن المعلاوي ، ورثة المرحوم / إيمان احمد المعلاوي ، ورثة أيه ، حسام علي حسين الغيطي ، ورثة المرحومة / عواطف رشدي سعيد ورثة المرحوم / صابر احمد السيد مصطفي ، ورثة المرحوم / جعفر احمد السيد ورثة المرحوم / احمد عزت عزت عبد العزيز ، ورثة المرحومة / ليلي سعد سيد احمد ورثة المرحوم / نسرين /هيلين / محمد حسن ، ورثة المرحوم / ممدوح فؤاد أبو الوفا ، ورثة المرحوم عبد الله عبد الله منصور ، ورثة المرحوم / رضا محمد علي عبد الله ورثة المرحومة / زينب محمد عبد العزيز حامد ، ورثة المرحوم / عزت عزت عبد العزيز ورثة المرحوم / احمد محمد عبد اللطيف احمد ، ورثة المرحومة / مروه محمد عبد اللطيف ، ورثة المرحوم / عبد الله محمد عبد اللطيف ، ورثة المرحوم / سعيد سعد زغلول ، وورثة المرحومان / مازن و سعيد سعد زغلول ، ورثة المرحومة / مريم سعيد سعد زغلول ، نبيل احمد محمد رمضان ، محمد علي أبو الفتوح ريان ، وليد حلمي زكي إبراهيم ، عادل عبد المجيد رمضان ، مصطفي محمد السيد متولي ، إبراهيم إبراهيم إسماعيل ، محمود كامل محمد دياب ، احمد محمد احمد عليوه ، السيد عبد المنعم السيد حنفي ، احمد محمود إسماعيل خليل ، عزت عبد المنعم فرج عبد الله ، احمد محمد احمد عطية ، مجدي محمد إبراهيم ، سيد فوزي إسماعيل ، شعبان رجب شعبان إسماعيل ، جرجس رفعت فياظ ، عصام فؤاد محمود هاشم ، حماده ايراهيم مصطفي إسماعيل ، احمد السيد فتح الله محمد ، علي إبراهيم علي الدهنه ، حسام مرزوق حسين ، هاني عبد الله محمد حسن ، علي يوسف محمود سليم ، فاروق بخيت محمد إبراهيم احمد ، ورثة عيسي و إسلام وماريهام ودينا طارق محمد عيسي ، ورثة المرحوم / علي محمد إبراهيم .
و المسئول فيها عن الحقوق المدنية / أمينه السيد محمود رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري .
---------------------
المحكمة
بعد سماع طلبات النيابة العامة و المرافعة ومطالعة الأوراقوحيث إن النيابة العامة أسندت إلي المتهمين :
1- ممدوح إسماعيل محمد علي
2- عمرو ممدوح إسماعيل محمد
3- محمد عماد الدين احمد أبو طالب
4- ممدوح محمد عبد القادر عرابي
5- نبيل السيد إبراهيم شلبي
6- صلاح الدين السيد جمعه
أنهم في يوم 3 فبراير عام 2006 بدائرة قسم سفاجا محافظة البحر احمر
المتهمون جميعا :
أولا: تسببوا خطا في موت أكثر من ثلاثة أشخاص من المجني عليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات ، وكان ذلك ناشئا عن الإهمال و عدم مراعاة القوانين و الانظمه بان تراخي المتهم الأول (رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري المشغلة للسفينة و المدير المسئول عن الإدارة الامنه ومجموعة الطواري بالشركة) ، وقع المتهمون من الثاني إلي الرابع (نائبي رئيس مجلس الإدارة ومدير الأسطول بذات الشركة ) بما لهم من سلطات وصلاحيات فعليه عن القيام بالإجراءات الواجبة لإنقاذ من حاول النجاة من ركاب السفينة بعد غرقها ،وذلك بعد قيام كل منهم فور علمه بالحادث بإخطار الجهات المختصة بالبحث و الإنقاذ و غيرهما من الجهات الخارجية لطلب المساعدة ،وكذا الدفع بالسفينتين السريعتين ( الينورا – فارس السلام ) التابعيين لشركتهم حالة كونهما جاهزتين للإبحار وقتذاك للمساهمة في الإنقاذ مما أدي إلي تأخر البدء في هذه العمليات عده ساعات .... ولم يقم المتهم الخامس (مدير فرع الشركة بسفاجا ) بالإخطار الواجب للمختصين بالشركة رغم علمه بفقد الاتصال بالسفينة قبل الموعد المفترض لوصولها مما ساهم في التأخر في اتخاذ إجراءات البحث و الإنقاذ
..... و امتنع المتهم السادس (ربان السفينة سانت كاترين ) - التابعة للشركة – حالة كونه ربان سفينة مبحرة عن بذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته و لراكبيها لإنقاذ البعض من ركاب السفينة الغارقة الموجودين في البحر و المعرضين لخطر الهلاك وفقا لقواعد الاتفاقيات الدولية وذلك بعدم تقديم وسائل نجاه لهم رغم قربه من مكان تواجدهم واستطاعته ذلك مما ساهم في بقاء المجني عليهم في المياه الباردة لفترة طويلة وضعف مقاومتهم وموتهم غرقا علي النحو المبين بالتحقيقات ....
ثانيا: تسببوا خطا في إصابة إبراهيم عطية متولي إبراهيم و آخرين عددهم ثلاثمائة وستة وثمانون شخصيا مبينه أسماءهم بالتحقيقات وكان ذلك ناشئا عن الإهمال و الرعونة وعدم مراعاة القوانين و الأنظمة ونتيجة إخلال ربان السفينة و كبير الضباط ومهندس أول كبير مهندسي السفينة ( وجميعهم متوفون وصدر أمر بانقضاء الدعوي الجنائية قبلهم ) إخلالا جسيما بما تفرضه عليهم أول مهنتهم مما أدي إلي غرق السفينة وسقوطهم منها بقاءهم في مياه البحر الباردة يصارعون الأمواج للنجاة حتي تم إنقاذهم فحدثت إصابة كلا منهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة علي النحو المبين بالتحقيقات ..
المتهم السادس أيضا:
وهو ربان سفينة لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته و الاشخاص الراكبين فيها و لإنقاذ من تبقي من ركاب السفينة الغارقة السلام 98 الذين عثر عليهم في البحر يشرقون علي الغرق وذلك علي النحو المبين بالتحقيقات ..
وطلبت معاقبتهم بمقتض نصوص المواد 238 ، 244 من قانون العقوبات ، و المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167لسنه 1960 في شان الأمن و النظام و التأديب في السفن و المادة 304/1 من القانون رقم 8 لسنه 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية ....
وركنت في إسناد الاتهام للمتهمين إلي ما أوردته بقائمة أدلة الثبوت من :
– أقوال شهود الإثبات وعددهم ثلاثمائة وثلاثة وثمانون شاهدا .
– ما ورد بتقرير اللجنة الفنية المشكلة من قبلها لفحص الحادث.
– اقرا المتهمين الأول و الثالث و الخامس و السادس .
– ما ورد بنصوص منظومة السلام الخاصة بشركة السلام للنقل البحري و المعدة طبقا لمنظومة السلام و الإدارة الامنه الدولية (I.S.M.CODE )
– تقارير الطب الشرعي و التقارير الطبية الخاصة بالمجني عليهم ألغرقي و المصابين.
إذ قرر / ياسر القطري محمود عبد العاطي انه كان من بين ركاب السفينة السلام 98 في رحلتها يوم الحادث و عند غرقها تعلق بأحدي قوارب النجاة رفقه مجموعه من الناجين عددهم حوالي خمسه وعشرون و استمر القارب في التحرك بهم من الساعة الثانية صباحا حتي الساعة الحادية عشر صباحا ونظرا لارتفاع الأمواج انقلب القارب فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي وغرق منهم ثمانية أشخاص .
وقررت /ألاء محمد عبد اللطيف جاد انه بعد غرق السفينة تعلقت وزوجها بأحدي قوارب النجاة وبعد فتره انقلب القارب وحدثت إصابتها وتوفي زوجها نتيجة بقائه فتره طويلة بالمياه .
كما قرر/ فايز عبد الراضي عثمان انه بعد غرق السفينة صعد لأحد قوارب النجاة مع عدد كبير من الأشخاص وبعد فتره توفي عدد منهم وطفله صغيره نتيجة بقائهم فتره طويلة بالقارب و استمر بالقارب حوالي ثلاثة عشر ساعة حدثت خلالها إصابته .
– وقرر / السعيد إبراهيم محمد عبد المطلب انه عقب غرق السفينة قفز و أخر سوداني الجنسية إلي المياه وظلا يصارعان الأمواج حتي مات الأخير غرقا بعد صراع مع الأمواج ومكثوا في المياه حتي تم إنقاذه في حوالي الساعة العاشرة مساءا وحدثت الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي .
وقرر/ محمد حامد محمد عطا انه تمكن من الصعود إلي احد قوارب النجاة وظل به لمده عشرون ساعة كان يصارع فيها الأمواج فحدث نتيجة لذلك إصابته.
كما قرر / السيد عبد المنعم السيد حنفي (ضابط ثان السفينة السلام 98 ) انه وقت غرق السفينة حصل منها علي جهاز لاسلكي v.h وقفز إلي المياه وتمكن من الصعود إلي احد قوارب النجاة مع عدد من الركاب وحوالي السادسة و النصف اخطر المتهم السادس عن طريق الجهاز الاسلكي بالحادث و أخطره بموقع الغرق وطلب منه إنقاذه ومن معه إلا انه امتنع متعلل بخشية علي سفينته وركابها وسوء حالة الطقس ثم أعقب ذلك إبصاره لسفينة المتهم علي مرمي بصره وحيث إن مدير الجهاز الاسلكي لا يتعدي ثمانية أميال وحدثت إصابته بالتقرير الطبي و انه حال تواجده بقارب النجاة حدثت إصابته و توفي راكب سعودي وفقد رجلان نتيجة تدافع الركاب علي الصعود إلي الرماثات . وحيث قرر الشهود من السابع حتي الثلاثمائة وستة و سبعون بأنهم سقطوا في المياه عقي غرق السفينة وظلوا يصارعون الأمواج فتره طويلة في محاولة للنجاة مما نتج عنه حدوث إصاباتهم وقرر كل من / عمر عبد العزيز إسماعيل ، علاء الدين محمد جمعه (رئيس مجلس و الإدارة والمدير المسئول وعضو فريق الطواري و المتهمين الثاني و الثالث نائبي رئيس مجلس الاداره و إن المتهم الرابع مدير الأسطول وعضو فريق الطواري .
وممثل الاداره وان المتهم الخامس مدير فرع الشركة بسفاجا قد علموا بواقعة الغرق في زمن متلاحق كما قرر إن ربان السفينة السلام 98 أرسل اشاره استغاثة ماي داي استقبالتها السفينة سانت كاترين قيادة المتهم السادس و أرسالتها إلي محطة راديو جده و التي أعادت بثها حوالي الساعة الثانية صباح يوم الحادث بالتوقيت المحلي علي أجهزة النافتكس الخاصة بالسفن و إن السفينة الينورا وفارس السلام الراسيتين بميناء الغردقة قد استقبلنا تلك الاشاره كما ثبت له من شركة فرانس تليكوم وجود عده اتصالات بين المتهم السادس و بين المتهمين الخامس و الثاني و الرابع علي التوالي الساعة 2.03 و الساعة 3.21 و الساعة 6.56 صباحا بتاريخ يوم الحادث و إن الفترة الزمنية لكل اتصال تكفي للأخطار بالحادث و تقاعس المتهمين عن إخطار جهات البحث و الإنقاذ المختصة كما قرر انه بافتراض صحة ما قرره المتهمين من علمهم الساعة 6.50 ص فان أيا منهم لم يقر باتخاذ أيه إجراءات لإخطار الجهات المختصة و إن أول إجراء كان الساعة 10.49 صباح يوم الحادث و هو بطلب طلعه جوية للبحث عن السفينة بموقع خاطي لفقد الاتصال رغم علمهم بالموقع الصحيح وعدم الدفع بالسفينتين الينورا و فارس السلام للقيام بعمليات الإنقاذ علي الرغم من إن الوقود المتوافر يهما يكفي للوصول لموقع الغرق و إن حاله الطقس كانت في الصباح أفضل منها في المساء وقد ترتب علي التأخير في الدفع بالعبارتين التأخير في بدء عمليات الإنقاذ وأضافا إن المتهم السادس نكل علي مساعده من وقعت الجريمة رغم قربة من موقع الغرق وكان في مكنته الوقوف و المساعدة كما قرر إن المتهم الخامس كان يتعين عليه إخطار المتهم الرابع بفقد الاتصال بالسفينة من الساعة الثانية و النصف صباحا .
وقرر / محمد أبو الفتوح شعاوي ربان السفينة الينورا من انه علم الواقعة غرق السفينة الساعة 7.55 صباح يوم الحادث عن طريق المتهم الخامس و الذي طلب منه الاستعداد للتحرك للمشاركة في عمليات الإنقاذ و عق بوصوله للميناء أمر بوقف صعود الركاب علي سفينته وطلب تموين سفينة بالوقود و أبحر بالسفينة الساعة 2.40 مساء يوم الحادث ووصل موقع الحادث بعد حوالي ساعتين من الإبحار و أنقذ حوالي مائه وسبعه و أربعون ناجيا وعلل تأخير تحرك سفينته للإنقاذ بتقصير إدارة الشركة في إصدار قرار الخروج حيث نتج عن ذلك صعود الركاب وشحن البضائع و الامتعه و استغرقت عمليه الإنزال وقتا طويلا مما ترتب عليه ازدياد حالات الوفاة و الاصابه .
وقرر / عبد الجواد صابر عبد الجواد ربان السفينة فارس السلام من انه كان مستعدا للإبحار من الساعة الحادية عشره و لم تصدر إليه أيه أوامر بالخروج.
وقرر / محفوظ طه مرزوق من تعمد مسئولو شركة السلام بإخفاء غرق السفينة السلام 98 بعد علمهم وذلك بإرسالهم فاكس رسمي لمركز البحث و الإنقاذ الساعة 10.49 صباح يوم الحادث بطلب البحث عن السفينة بموقع خاطي لفقد الاتصال بها رغم تلقيه اتصال من المتهم الثاني يخبره بفقد الاتصال الساعة 7.00 صباحا تلاه أخر رسالة راديو جده التي إذاعتها الساعة 2.00 صباحا بالتوقيت المحلي يفيد علم مسئولي الشركة بواقعة الغرق و إن سرعة الدفع بالعبارة الينورا كان سيودى إلي إنقاذ عدد كبير من الضحايا .
وقرر / شرين حسن محمود انه تحصل علي رسالة نافتكس مرسله من محطة راديو جده و التي تفيد الأخطار من السفينة سانت كاترين بتلاقيها اشاره استغاثة غرق السفينة السلام 98 بموقعها الصحيح وذلك من جهاز النافتكس الخاص بالسفينة فارس السلام عقب الحادث .
كما استندت النيابة العامة إلي :
1- ما ورد بتفريغ تسجيلات الصندوق الأسود من قيام ربان السفينة السلام 98 بإرسال اشاره استغاثة الساعة 1.30 صباح يوم الحادث تعرف باسم (ماي داي )وتعني إن السفينة في حالة غرق ومحدد بها موقعها .
2- ما ورد بتقرير اللجنة من إن محطة راديو جده أرسلت للسفن علي أجهزة النافتكس تفيد أنها تلقت من ربان السفينة سانت كاترين اشاره الساعة 3.00 صباح يوم الحادث (2.00 محلي ) مفادها غرق السفينة السلام 98 بموقع غرقها الفعلي .
3- ما أفادت به محطة فرانس تليكوم من إن المتهم السادس ربان السفينة سانت كاترين التابعة لشركة السلام للنقل البحري قام بإرسال عده رسائل الكترونية (أيميل ) إلي المتهم الخامس الساعة 2.30 صباح يوم الحادث ، و أخري إلي المتهم الثاني الساعة3.21 كما اتصل هاتفيا الساعة 6.56 صباح ذات اليوم بالمتهم الرابع و استقبلت هذه الاتصالات من المرسل إليهم .
4- إقرار المتهم الأول بالتحقيقات بعلمه بواقعه غرق السفينة السلام 98 الساعة 7.00 صباح يوم الحادث .5- الفاكس المرسل من المتهم الأول إلي مركز البحث و الإنقاذ الساعة 10.49 صباح يوم الحادث المتضمن طلب طلعه جوية للبحث عن السفينة السلام 98 بموقع خاطي لفقد الاتصال رغم علمه بغرق السفينة وموقعها الصحيح .
6- إقرار المتهم الخامس بالتحقيقات بعلمه بفقد الاتصال بالسفينة السلام 98 الساعة 2.30 صباح يوم الحادث و لم يبلغ المتهم الرابع إلا في الساعة 4.30 من ذات اليوم
7- إقرار المتهم الثالث بالتحقيقات بأنه اخطر تليفونيا من المتهم الثاني الساعة 5.30 صباح يوم الحادث بعدم وصول السفينة السلام بوكاشيو 98 في الموعد المحدد لها بفقد الاتصال بها ، و توجهه إلي مقر الشركة الساعة 6.00 صباحا و تلقيه اتصالا هاتفيا الساعة 6.50 من المتهم السادس يفيد غرق السفينة .
8- إقرار المتهم السادس بان الحالة الفنية للسفينة (سانت كاترين) كانت جيدة ويتواجد عليها معدات إنقاذ تكفي الف ومائتي راكب و إن ركاب سفينته إلف و ثمانمائة .
9- ما تنص عليه منظومة السلامة الخاصة بالنقل البحري بشركة السلام للنقل البحري ، و المعدة طبقا لمنظومة السلامة و الإدارة الامنه الدولية (i.s.m.code)من إن المتهم الأول هو المدير المسئول بفريق الطؤاري و المختص باتخاذ إجراءات خاصة بالبحث و الأخطار و الإنقاذ و الجهات الخارجية وطلب المساعدة منهم
10- تقرير مصلحة الطب الشرعي و الذي ورد به إن الجثث التي تم توقيع الكشف الطبي عليها بها إصابات رضيه يمكن حدوثها أثناء محاولات النجاة و بعض هذه الجثث يوجد بها فقد حيوي ناتج عن نهش الأسماك ، و إن التغييرات الرمية المشاهدة بالجثث تشير إلي تفاوت توقيت الوفاة ما بين وقت غرق السفينة و قبل انتشال الجثث ببضعه ساعات و إن سبب الوفيات هو اسفكسيا الغرق .
11- التقارير الطبية أشارت إلي إن الإصابات نتيجة حادث غرق السفينة السلام 98 .
وحيث إن بسوال المتهمين – عدا الثاني و الرابع – بالتحقيقات أنكروا الاتهامات المسندة إلي كل منهم ، و بجلسات المحاكمة مثل المتهمون كل بوكيل عنهم كما مثل المتهم الرابع بشخصه و اعتصم بالإنكار .
و النيابة العامة شرحت ظروف الدعوي وقدمت مرافعتها مكتوبة ، ومذكره خلال حجز القضية للحكم أرفقت بها صوره ضوئية من أقوال كل من / ياسر القطري محمود ، السعيد إبراهيم محمد عبد المطلب . وطلبت معاقبه المتهمين باقصي عقوبة منصوص عليها بمواد الاتهام .....
ومثل المدعون بالحقوق المدنية وطلبوا أصليا عدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوي بحسبان الواقعة جنائية ، و احتياطيا القضاء لهم بالتعويضات الوارده بطلباتهم الختامية بصحف الادعاء المدني .
و الحاضرون عن المتهمين شرحوا ظروف الدعوي ، ودفعوا بعدم اختصاص القضاء المصري بنظر الدعوي لوقوع الجريمة خارج الإقليم المصري ، وبعدم قبول الدعاوي المدنية ، وبعدم انعقاد الخصومة في الدعوتين الجنائية و المدنية ، وببطلان التكليف بالحضور ، وبانقضاء الدعوي الجنائية بالتصالح ، وطلبوا احتياطيا براءة المتهمين من الاتهامات المسندة إلي كل منهم ....
كما مثل المسئول عن الحقوق المدنية بوكيل عنه ودفع بعدم قبول الدعوي لعدم اتصال المحكمة بها لعدم الإعلان بالتكليف بالحضور ، وبانعدام مسئوليه المتهمين لانتفاء الخطا و انقطاع رابطة السببية ..
---
وحيث إن المتهمين قد مثلوا بوكلاء عنهم – محامون – فان الحكم يصدر في حقهم حضوريا عملا بالمادة 1/237 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث إن عن الدفع المبدي بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوي فانه مردود عليه ، ذلك إن تناول المحكمة لمسالة اختصاصها يعد من النظام العام ، وتتصدي له من تلقاء نفسها دون حاجة لدفع .
وإذ كان الثابت من الأوراق المطروحة علي المحكمة ، وما باشرته من تحقيقات إن الواقعات المسندة إلي المتهمين – المتقدمين عنها للمحاكمة – لا تخرج في تكليفها القانوني عن عداد الجنح ، فان المحكمة تكون هي المختصة نوعيا بنظرها ، ويكون ذلك الدفع غير سديد و تقضي المحكمة برفضه .
وحيث انه عن الدفع المبدي بعدم اختصاص القضاء المصري بنظر الدعوي لوقوع الجريمة خارج الإقليم ، فانه مردود بان المادة الأولي من قانون العقوبات المصري تنص علي انه ( تسري أحكام هذا القانون علي كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه ) ، كما يجري نص المادة الثالثة من ذات القانون بان (كل مصري ارتكب و هو خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضي أحكامه إذا عاد إلي القطر ، وكان الفعل معاقبا عليه بمقتض قانون البلد الذي ارتكبه فيه ).
و إذ كان الثابت للمحكمة من أوراق القضية إن النيابة العامة قد أسندت إلي المتهمين ارتكابهم لجريمتي القتل و الاصابه الخطا المؤثمتين بالمادتين 238،244 من قانون العقوبات بناء علي أفعال مادية وقعت من المتهمين من الأول حتي الخامس داخل الإقليم المصري ، بينما ثبت إن المتهم السادس مصري الجنسية ارتكب الأفعال المادية للجرم المسند إليه خارج القطر المصري ثم عاد إليه ، مما تختص معه المحاكم المصرية – وفقا لنص المادتين الأولي و الثالثة من القانون المشار إليه – بالمحاكمة عن هاتين التهمتين .
وحيث انه عن التهمه الثالثة المسندة إلي المتهم السادس ( جريمة امتناعه عن مساعدة من عثر عليه في البحر ) ، و المعاقب عليها بنص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنه 1960 في شان الأمن و النظام و التأديب في السفن ، فلما كان نص المادة 27 من ذات القانون يجري بأنه ( فيما عدا السفن الحربية فتسري أحكام هذا القانون علي كل سفينة مسجله تحت علم الجمهورية و معده للعمل في رحلات خارج المواني ، وكذلك تسري هذه الإحكام علي ربان السفينة و إفرادها طاقمها المسافرين عليها ...) ، وكان ما أورده دفاع المتهم من إن السفينة سانت كاترين كانت في تاريخ الحادث ترفع علما لدولة أجنبية لا يعدو قولا مرسلا منه لم يعززه بدليل رسمي تطمئن إليه المحكمة ، ومن ثم فان المحكمة من جماع ما تقدم تري إن الدفع المبدي غير سديد وتقضي برفضه و باختصاصها .
و حيث انه عن الدفع المبدي ببطلان التكليف بالحضور ، و بعدم انعقاد الخصومة ، فلما كانت المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية تنص علي انه ( إذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه فليس له إن يتمسك ببطلان ورقه التكليف بالحضور ، و إنما له إن يطلب تصحيح التكليف ، أو استيفاء أي نقص و إعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوي ، و علي المحكمة إجابته إلي طلبه ) ، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر علي انه ( لما كان عدم إعلان الخصومة بالأمر الصادر بالإحالة إلي محكمة الجنايات خلال الأجل المحدد في القانون لا ينبني عليه بطلانه ، وكانت أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام ، فإذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه فليس له إن يتمسك بهذا البطلان – بفرض حصوله – و إنما له طبقا لما تنص عليه المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية إن يطلب تصحيح التكليف و استيفاء أي نقص فيه و إعطائه ميعاد لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوي ، وكان الدفاع عن الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع تأجيل الدعوي لإعطاء الطاعن أجلا لإعداد دفاعه فانه يعتبر قد تنازل عن حقه إبدائه ........)
...( الطعن رقم 9532 لسنه 60ق جلسة 5/12/1991 ) و كان ثابت للمحكمة إن المتهمين جميعا قد مثلوا بجلسات المحاكمة بوكلاء عنهم – محامون – و ابدوا دفوعهم ودفاعهم و ترافعوا في موضوع الدعوي و لم يتمسكوا بتصحيح التكليف بالحضور ، فان الغاية من ذلك الإجراءات تكون قد تحققت ، و يكون الدفع في غير محله .
و حيث انه عن الدفع المبدي بعدم قبول الدعاوي المدنية فلما كانت المادة 1/251 من قانون الإجراءات تنص علي إن ( لمن لحقه ضرر من الجريمة إن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنيه أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوي الجنائية ، في أيه حالة كانت عليها الدعوي حتي صدور القرار بإقفال باب المرافعة طبقا للمادة 275 ، ولا يقبل منه ذلك أمام محكمة الاستئناف ) ، وكان قد ثبت لدي المحكمة إن الدعاوي المدنية قد أقمها المضارون من الحادث في الميعاد وفقا للإجراءات القانونية ، فان الدفع المبدي يكون في غير محله .
وحيث انه عن الدفع بانقضاء الدعوي الجنائية بالتصالح فانه مردود بان الجرائم المسندة إلي المتهمين جميعا ليست من عداد الجرائم التي تنطبق عليها المادة 18 مكررا (1) من قانون الإجراءات الجنائية و التي تنص علي انه ( للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح و المخالفات المنصوص عليها في المواد 238 ( الفقرتان الأولي و الثانية ) ...،244 ( الفقرتان الأولي و الثانية ) ...، من قانون العقوبات ...) مما يكون معه الدفع غير سديد .
و حيث انه عن جريمتي القتل و الاصابه الخطا ....
فان المادة 238 من قانون العقوبات يجري نصها بان ( من تسبب خطا في موت شخص أخر بان كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تجاوز مائتي جنية بأحدي هاتين العقوبتين و تكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي خمس سنين و غرامة لا تقل عن مائتي جنية و لا تجاوز خمسمائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متغطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطا الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعده من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك . وتكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي سبع سنين إذا نشا عن الفعل وفاه أكثر من ثلاثة أشخاص ، فإذا توافر ظرف أخر من الظروف و الوارده في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي عشر سنين ).
وتنص المادة 244 من ذات القانون علي إن ( من تسبب خطا في جرح شخص أو إيذائه بان كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تزيد علي سنه و بغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مده لا تزيد علي سنتين و غرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا نشا عن الاصابه عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطا الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقعت الحادث عن مساعده من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك وتكون العقوبة بالحبس إذا نشا عن الجريمة أصابه أكثر من ثلاثة أشخاص فإذا توافرت ظروف أخري من الظروف الوارده في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه و لا تزيد علي خمس سنين ).
-
و المستقر عليه في الفقه و القضاء المصريين إن جريمتي القتل و الإصابة غير العمدتين يشتركان سويا في الأركان اللتين تقومان عليها إلا و هي الخطا و الضرر ورابطة السببية بينهما .
فالخطأ غير ألعمدي / هو إخلال المتهم عند تصرفه بواجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها عليه القانون و عدم حيلولته تبعا لذلك دون إن يفضي تصرفه إلي حدوث النتيجة الإجرامية ( أي وفاه أو أصابه المجني عليه ) في حين كان ذلك في استطاعته بل من واجبه
وجوهر الخطا ألعمدي هو إخلال بالتزام عام يفرضه الشارع و هو التزامه بمراعاة الحيطة و الحذر و الحرص علي الحقوق و المصالح التي يحميها القانون ، هذا الالتزام موضوعه التبصر بآثار هذه التصرفات ، فان كان منها ما يمس الحقوق و لمصالح التي يحميها القانون تعين بذل الجهد للحيلولة دون هذا المساس ، و يفترض هذا الالتزام في شقيه استطاعته الوفاة به فلا التزام إلا بمستطاع .
وحيث إن الخطا في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم فانه يجب لسلامة الحكم بالا دانه في الجريمة غير العمدية إن يبين فضلا عن مودي الأدلة التي اعتمد عليها في ثبوت الواقعة عنصر الخطا المرتكب و إن يورد الدليل عليه مردودا إلي أصل صحيح وثابت بالأوراق .
الأول / هو الإخلال بموجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها القانون.
الثاني / هو توافر علاقة نفسية تصل بين إرادة المتهم و النتيجة الإجرامية.
فأما العنصر الأول : فان مصدره العام هو الخبرة الإنسانية العامة ، إذ تقرر هذه الخبرة مجموعه من القواعد تحدد النحو الصحيح الذي يتعين بمباشرتها وفقا له نوع معين من السلوك و الضابط الذي يتحدد وفقا له ما إذا كان فمه إخلال بواجبات الحيطة و الحذر هو ضابط موضوعي قوامه الشخص المعتاد ، فإذا التزم المدعي في تصرفه القدر من الحيطة و الحذر الذي يلتزمة هذا الشخص فلا محل لإخلال ينسب إليه ، أما إذا نزل دونه نسب إليه الإخلال .
أما العنصر الثاني : فهو العلاقة النفسية بين المتهم و الضرر الواقع من المجني عليه إذ لا يعاقب القانون علي سلوك في ذاته و إنما يعاقب علي السلوك إذا أفضي إلي نتيجة إجرامية معينه ، و من سمي كان متعينا إن تتوافر صله بين إرادة و النتيجة علي نحو تكون فيه الإرادة – بالنسبة إلي هذه النتيجة الإجرامية – محل لوم القانون و بغير هذه الصلة لا يكون محل لان يسال صاحب الإرادة عن حدوث نتيجة .
و حيث إن للخطأ أربعة صور هي : الإهمال ، و الرعونة ، و عدم الاحتراز ، و عدم مراعاة القوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة ويكفي لقيام الجريمة غير العمدية توافر صوره واحده من تلك الصور .
وحيث انه عن الصورة الرابعة ( عدم مراعاة القوانين و اللوائح و القرارات و الأنظمة ) ، فهي تتحقق إذا لم يطابق سلوك المتهم قواعد السلوك الامره الصادرة عن الدولة .
وقد استعمل الشارع الألفاظ " القوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة " كي يحيط بجميع النصوص التي تقرر القواعد العامة للسلوك و التي بمخالفاتها يتحقق الخطا و يطلق علي هذه الصورة من الخطا " الخطا الخاص " .
ولكن لا يكفي تحقق الخطا الخاص لمسالة المتهم علي جريمتي القتل الإصابة الخطا إنما يتعين كما استقرت عليه أحكام محكمة النقض " إن تتوافر سائر أركان الجريمة ومن أهمها : علاقة السببية بين فعل المتهم ووفاه المجني عليه و إصابته ) " نقض 11 يونيه 1963 مجموعة أحكام النقض ص 530 رقم 102 " ذلك إن مخالفة النصوص السابقة لا تعدو إن تكون صوره للخطأ أي مجرد مثال له .
وقد حدد المشرع حال ما نصه علي جريمتي القتل و الإصابة الغير عمدتين علي ظروف مشدده اقرنها بكل جريمة منهما بشكلها البسيط بحيث إذا توافر احدها أو جميعها تشدد العقوبة علي المتهم و قد أوردها المشرع علي سبيل الحصر منها ما يتعلق بجسامة الضرر، و الذي يجعلها الشارع في حالة تعدد ضحايا القتل أو الاصابه الغير عمديه .
بحيث يزيد عن ثلاثة أشخاص فهو يتوقف على حجم النتيجة ولا يتوقف على حجم خطأ المتهم وغاية المشرع من ذلك هي العقاب على جسامة الضرر الحاصل للمجني عليهم .
( يراجع في ذلك الموجز في شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – الأستاذ الدكتور محمود نجيب من ص 322 وما بعده )
والضرر : وهو العنصر الثاني ، يكون متحققا في جريمتي القتل والإصابة إذا ما كانت نتيجة الخطأ المرتكب من المتهم وفاة أو إصابة شخص أو عدة أشخاص .
ورابطة السببية : وهو العنصر الثالث ، إذا يشترط أن يكون الضرر مرتبطا ارتباطا وثيقا بالخطأ بحيث أنه إذا لم يتحقق الخطأ لا يقع الضرر .
ورابطة السببية هي حركة الاتصال بين الفعل والنتيجة الإجرامية أو بمعنى آخر إثبات أن الفعل كان سبب حدوث النتيجة ، وهو ما عبرت عنه محكمة النقض بأن " العلاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب " ، وأنه إذا كانت علاقة السببية صلة بين عنصرين من عناصر الركن المادي للجريمة ، ودورها بيان ما كان لأحدهما من نصيب في إحداث الآخر ، فإن المنطق يحتم انتمائها إلى هذا الركن كذلك لا يتصور انتماؤها إلى ركن آخر لا دور لها فيه .
مؤدى ذلك أن علاقة السببية تخضع للقواعد العامة التي يخضع لها الركن المادي ، وقد استقرت محكمة النقض في أحكام عديدة لها على أن الفصل في السببية فصلا في مسألة قانونية وأن تقرير قاضى الموضوع توافر علاقة السببية هو قول لايتوافر أحد شروط المسؤولية الجنائية الناشئة وفقا لنص معين وهو ما يفترض تفسير هذا النص ..كما تواترت أحكامها أيضا على أن تلتزم محكمة الموضوع بأن تثبت في حكمها بالإدانة توافر علاقة السببية فإن لم تفعل كان حكمها قاصر التسبيب ، إذ أن المسئولية عن النتيجة الإجرامية غير متصورة في القانون ما لم تقم هذه العلاقة بينها وبين فعل الجاني ، وعلى المحكمة أن تقيم الدليل على وقائع الدعوى على توافر هذه العلاقة وإذا نفت المحكمة علاقة السببية التزمت بتبرئة المتهم من المسئولية عن النتيجة التي لم تتوافر بينها وبين فعله هذه العلاقة.
ويبين مما تقدم لن علاقة السببية في القضاء المصري تقوم على ضابط عام هو القياس على معيار السير العادي للأمور للقول ببقاء السببية بين نشاط الجاني وبين النتيجة النهائية مهما تداخل بينهما عوامل مألوفة ، وبانقطاعها إذا ما تداخلت بينهما عوامل شاذة غير مـألوفة ، وهو ما يطبق عليه معيار ( السبب الملائم أو المناسب أو الصالح ) إحداث مثل النتيجة التي حدثت .
إذ أنه لا يلزم في نشاط الجاني أن يكون هو السبب المباشر أو الوحيد في إحداث النتيجة المتعاقب عليها ، بل يكفى أن يكون هذا النشاط كافيا بذاته أو ملائما لإحداث النتيجة المتعاقب عليها بحكم التسلسل الطبيعي لتعاقب الأحداث في المألوف من الأمور ، فتظل السببية قائمة حتى إذا حرك هذا النشاط إلى جانبه عاملا أو أكثر من العوامل التي قد تتوسط بينه وبين النتيجة النهائية ، فهذه العوامل الأخرى لا تقطع رابطة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة النهائية متى كانت مألوفة متوقعة بحسب السير العادي للأمور ، وتقطعها متى كانت شاذة غير مألوفة .....
وتنطبق هذه النظرية على خطأ الغير أيضا إذا ما توسط بين نشاط الجاني وبين النتيجة النهائية ، فإنه لا يقطع علاقة السببية بينهما متى كان مألوفا متوقعا ، وتكون مسئولية هذا الغير عن خطئه قائمة عندئذ إلى جانب مسئولية الفاعل الأول عن فعله العمدى أو عن خطئه بحسب الأحوال .
إما إذا كان خطأ الغير شاذا غير مألوف – وكافيا بذاته لإحداث مثل النتيجة التي حدثت – فإنه بقطع علاقة السببية بين نشاط الجاني السابق وبين النتيجة النهائية ، وتكون مسئولية هذا الغير عن خطئه نافية لمسئولية الجاني السابق ، سواء أكان فعله عموديا أم غير عمدي .
أما الفعل الإجرامي إذا ما تداخل عمدا من غير الجاني الأول لإحداث نتيجة معينة فإنه ينبغي – في منطق هذه الضوابط – أن يعتبر عاملا أجنبيا كافيا بذاته لتحمل المسئولية عنها دون فعل الفاعل الأول عموديا كان أم غير عمدي ، وذلك لخروجه عما يمكن توقعه في السير العادي للأمور ، إما إذا ثبت بطريقة جازمة أن النتيجة النهائية نجمت عن مجموع أفعال الجناة المتعددين فقد توافرت رابطة السببية حتى ولو لم يتوافر عنصر الاتفاق السابق بينهما .
وكذلك الشأن في امتناع الغير بسوء نية عن التدخل لإنقاذ المجني عليه عندما يكون ملزما به بمقتضى القانون أو الاتفاق ، متى كان لامتناعه صلة محققة بالنتيجة النهائية ، فإنه ينبغي أن يتحمل المسئولية عنها دون نشاط الفاعل الأول متى كان مثل هذا الامتناع يخرج عن دائرة ما يمكن توقعه في السير العادي للأمور .
والملابسات المألوفة والظروف الطبيعية التي قد تصاحب فعل الجاني لا تقطع رابطة السببية بين نشاطه وبين النتيجة النهائية حتى ولو ساهمت بدور ملحوظ في إحداثها ويستوي في ذلك أن تكون هذه الملابسات والظروف مطابقة في تفاصيلها لما أراده الجاني منها ، أم موافقة سير الحوادث إجمالا فحسب .
وحيث إن المستقر عليه أن الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كأي إنسان ينتظر منه القيام به في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل، وأن يكون في استطاعة الممتنع، وخاض لإرادته.
وعناصر الامتناع ثلاث :
1 – الإحجام عن إتيان فعل إيجابي معين 2 – وجود واجب قانوني يلزم لهذا الفعل .
3 – إرادة الامتناع.
والمفهوم القانوني للامتناع كفيل بحل مشكلة السببية فإذا كان الامتناع له مفهوم قانوني وليس طبيعي ، فمن المنطق أن تكون فاعليته السببية بدورها قانونية وليست طبيعية ، فالامتناع يعتبر سببا للنتيجة من وجهة النظر القانونية وليس الطبيعية و بعبارة أخرى فهو سبب قانوني للنتيجة .
فالتقييم القانوني لابد وأن يستند إلى ماديات واقعية تشكل موضوعه ومعنى ذلك أنه " لا يكفى مجرد الامتناع لكي تنسب النتيجة إلى هذا السلوك ، وإنما يلزم أن يملك هذا السلوك المقومات والفاعلية اللازمة لإحداث النتيجة ".
ولذلك فإن القاعدة القانونية تلزم الأفراد بالامتناع عن اى سلوك من شأنه أن يحقق ضررا بالمصالح موضوع الحماية بينما نجد بعض القواعد الأخرى تفرض على الأفراد واجبا معينا بإتيان سلوك من شأنه أن يمنع تحقق النتيجة الضارة بالمصالح المحمية ، وفى إطار تلك القواعد الأخيرة يوجد الامتناع غير المشروع .
ولإثبات سببية الامتناع لا يكفى تحقق الامتناع ثم تحقق النتيجة غير المشروعة التي من أجل تفاديها فرض المشرع سلوكا إيجابيا ، وإنما يلزم أن يكون الامتناع هو السبب في النتيجة ويتم إثبات ذلك بإثبات أنه إذا كان الجاني قد باشر سلوكه الإيجابي المفروض ما كانت النتيجة ، إما إذا كانت النتيجة ستتحقق حتى لو باشر الجاني السلوك الواجب فإن رابطة السببية تنتفي باعتبار أن الامتناع لم يكن ظرفا ملائما للنتيجة .
وفى ذلك قضت محكمة النقض بأنه ( وحيث أنه لما كانت جريمة القتل الخطأ و الإصابة الخطأ لا تقوم قانونا إلا إذا كان وقوع القتل أو الجرح متصلا بحصول الخطأ من المتهم اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور حدوث القتل أو الجرح لو لم يقع الخطأ ، فإذا انعدمت رابطة السببية انعدمت الجريمة لعدم توافر أحد العناصر القانونية المكونة لها ، وكانت أوجه الخطأ التي أسندها الحكم إلى الطاعن الثاني مقصورة على أنه ............ ولما كان هذا التقصير من جانب الطاعن الثاني ليس هو العامل الذي أدى مباشرة إلى وقوع الحادث أو أسهم في وقوعه ، ........ لما كان ذلك فإن هذا التقصير من الطاعن الثاني لا تتحقق به رابطة السببية اللازمة لقيام المسئولية الجنائية ، ومن ثم فإن الجريمة المنسوبة إلى الطاعن المذكور تكون منتفية لعدم توافر ركن من أركانها القانونية مما يتعين معه نقض الحكم بالنسبة إليه وبراءته منها ) .
( نقض 26/4/1955 س 6 رقم 263 ص 871 )
كما قضت بأنه ( من المقرر أن رابطة السببية ركن في جريمة الإصابة الخطأ والقتل الخطأ ، وهى تقضى أن يكون الخطأ متصلا بالجرح أو القتل اتصال السبب بالمسبب ، بما لا يتصور معه وقوع الجرح أو القتل بغير قيام هذا الخطأ ، مما يتعين إثبات توافره بالاستناد إلى دليل فتى لكونه من الأمور الفنية البحتة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية بيان إصابات المجني عليهما نقلا عن التقرير الطبي وكيف لحقت يهما من جراء الحادث وأدت إلى وفاتهما من واقع هذا التقرير ، فإنه يكون قاصر البيان في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى ) .
( الطعن رقم 4108 لسنة 54 ق جلسة 18/11/1984 )
وأخيرا جرى قضاؤها بأن ( جريمة القتل الخطأ تقتضى – حسبما هي معرفة في المادة 238 من قانون العقوبات – لإدانة المتهم بها أن تبين المحكمة الخطأ الذي فارفه ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ ، وكانت الحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبت الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، كما أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تجزم به الخبير في تقديره إلا أن ذلك مشروط بان تكون وقائع الدعوى قد أبدت ذلك عندها وأكدته لديها )
( الطعن رقم 716 لسنة 52 ق جلسة 18/ 5 / 1983 )
( يراجع في ذلك السببية الجنائية بين الفقه والقضاء الأستاذ الدكتور رؤف عبيد الطبعة الرابعة 1984 –أحكام رابطة السببية في الجرائم العمدية وغير العمدية ، المستشار الدكتور عبد الحكيم فوده طبعة 2006 – المسئولية الجنائية في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية المستشار عز الدين الديناصورى والدكتور عبد الحميد الشواربى جزء 1 ص 142 وما بعدها )
وحيث أن المحكمة وهى بصدد تقدير الأدلة والقرائن التي سلقتها النيابة العامة دعما للاتهام المسند إلى المتهمين في شأن جريمتي القتل والإصابة الخطأ ترى أنها قاصرة عن حد الكفاية لإدانة المتهمين وبلوغ الهدف الذي رمت إليه ويساورها الشك في صحتها وآية ذلك :
أولا : أن تحقيقات النيابة العامة المقدمة أصولها إلى المحكمة قد خلت من أقوال بعضا ممن وردت أقوالهم بقائمة أدلة الثبوت وهم / ياسر القطرى محمود عبد العاطى ، والسعيد إبراهيم محمد عبد المطلب ، والسيد عبد المنعم السيد حنفى .
ثانيا : أن حاصل أقوال كلا من / آلاء محمد عبد اللطيف جاد ، وفايز عبد الراضى عثمان ، وإن كانت تشير إلى حدوث وفيات وإصابات خلال الفترة منذ غرق السفينة حتى إنقاذها بيد أنها لا تقطع بحدوثها عقب علم المتهمين علما يقينيا بواقعة الغرق .
ثالثا : الثابت للمحكمة من مطالعة نتائج تقارير الطب الشرعى الخاصة بجثث الغرقى ، أنها لم تجزم بميقات حدوث الوفاة تحديدا في الفترة ما بين غرق السفينة وانتشال تلك الجثث ، كما قرر الدكتور / كمال محمد احمد السعدنى مساعد كبير الأطباء الشرعيين بتحقيقات النيابة العامة أنه من فحص جثث الضحايا لم يتم تحديد الوقت الفعلي للوفاة وإنما تم تحديد تاريخ الحادث بأنه يوافق يوم 3/6/2006 .
رابعا : لم تقطع التقارير الطبية المرفقة بالأوراق الخاصة بالناجين من الحادث أن إصاباتهم إنما تعزى إلى التأخير في إنقاذهم أو انتشالهم من المياه ، إذا لم تخرج الإصابات عن كونها إجهاد عام أو كدمات متفرقة ، أو التهاب بالحلق ، كما جاءت بعض التقارير الطبية خالية من التشخيص الإصابة لأصحابها .
خامسا : أن الثابت للمحكمة من التقرير النهائي المعد بمعرفة لجنة تقصى الحقائق المشكلة بقرار من مجلس الشعب ( الفصل التشريعي التاسع ) ، والمقدم من الشاهد / محمد حمدي الطحان رئيس اللجنة بجلسة 3/2/2008 ، أن أجهزة الشركة الوطنية للملاحة قد استقبلت يوم 3/2/2006 خمس إشارات من مركز التحكم بالجزائر خاصة بجهاز الايبيرب المركب بسفينة السلام يوكاشيو 98 تفيد غرقها ، البرقية الأولى وردت لمركز البحث والإنقاذ الساعة 1,09 بالتوقيت العالمي ( 3,09 محلى ) ، ثم توالى إرسال البرقيات الأربع التالية وتسجيل وصولها جميعا آليا لمركز البحث والإنقاذ الساعة 4,03 عالمي ( 06,03 محلى ) وكان ذلك صباح يوم الحادث .
كما شهد السيد / عمر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة المشكلة من قيل النيابة العامة – أمام المحكمة – بأن جهاز الإيبرب المتواجد على السفن يعتبر وسيلة دولية معتمدة للإبلاغ عن غرق السفن وتحديد موقعها .
ومن ثم فإن القدر المتيقن للمحكمة أن مركز البحث والإنقاذ قد علم بغرق السفينة في وقت سابق على علم المتهمين ، مما تكون معه الغاية من تكليفهم بإخطاره بالواقعة قد تحققت ، ولا يترتب تأخر المركز في الاستجابة لما تسلمه من إشارات استغاثة ثمة مسئولية قانونية على عاتقهم .
سادسا : ورد بتقرير اللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة بأن المدعو / أندريا اودينى ( إيطالى الجنسية ) يشغل وظيفة مدير التشغيل بشركة السلام للنقل البحرى ، وأنه عضو بلجنة الطوارئ ويختص أثناء إدارة الأزمات بأن يقوم بإبلاغ مراكز البحث والإنقاذ وخفر السواحل .
وحيث أن النيابة العامة ( وهى الأمينة على الدعوى العمومية ) قد استبعدته من الاتهام وأسندت إلى المتهمين من الأول إلى الرابع تراخيهم في الإخطار بالحادث استنادا لذات التقرير ، فإن المحكمة من واقع التقرير ذاته ترى أن عبء إخطار مركز البحث والإنفاذ لم يكن مسئولية اى من المتهمين .
سابعا : لم يثبت للمحكمة ملكية المتهمين الأول والثانى للسفينتين ألينورا وفارس السلام اللتين تحملان العلم السعودي ، فضلا عما شهد به رئيس اللجنة الفنية – أمام المحكمة – بان شركة السلام للنقل البحرى لا تستطيع إجبار سفينة تحمل علم دولة أجنبية على المشاركة بعمليات الإنقاذ ، كما لم تقم النيابة العامة ثمة دليل على التزامهما قانونا بالدفع بهاتين السفينتين للمساعدة في عملية الإنقاذ .
ثامنا : ورد بأقوال السيد / محفوظ طه مرزوق رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر الواردة بتحقيقات النيابة العامة ، أن المتهم الثاني اتصل به الساعة 7,00 صباحا يخطره بفقد الاتصال بالسفينة السلام بوكاشيو 98 ، وأنه قام على الفور بإخطار القوات البحرية وطلب منهم الاستعداد لوجود سفينة مفقودة ، ثم قام بإرسال إشارة تليفونية لمركز البحث والإنقاذ بالماظة الساعة 7,35 صباح يوم الحادث مفادها فقد السفينة وعدم تحقيق اتصال معها ، وفى الساعة 7,40 عاود المتهم الثاني الاتصال به ليخبره بغرق لسفينة فقام بالاتصال بمكتب هيئة موانئ البحر الحمر وأملى عليهم إشارة أن العبارة السلام 98 مفقود الاتصال بها وطلب في نفس الإشارة الساعة 8,15 من مركز البحث والإنقاذ دفع قاطرة للإنقاذ ووحدات بحرية على نفقة المالك مع ضمان الهيئة بالسداد ، وطلب إرسال طلعة جوية على نفقة الشركة مع ضمان الهيئة بسداد تكلفتها ، ثم عاود وطلب من مدير ميناء سفاجا إخطار قائد القاعدة البحرية وإبلاغ مسئولي شركة السلام بإرسال طلب إلى مركز البحث والإنقاذ يتعهدون فيه بدفع التكلفة .
ومن ثم فإن الثابت للمحكمة أن المتهم الثاني بصفته نائبا لرئيس مجلس الإدارة عند علمه بغرق السفينة لم يتقاعس عن طلب المساعدة من الجهات الخارجية .
تاسعا : بشأن ما ورد برسالة النافتكس المرسلة من راديو جدة الساعة الثامنة ونصف صباح يوم الحادث .... فإن الثابت من شهادة السيد رئيس اللجنة الفنية أمام المحكمة أنه غير متيقن من قيام السفينة السلام بوكاشيو 98 بإرسال إشارة الاستغاثة ( ماى داى ) ، كما أنه لم يثبت للمحكمة استقبال المتهم السادس لتلك الإشارة أثناء توقفه بميناء سفاجا _ في حال إرسالها – كما لم يثبت استقبالها من أية مراكز أو وحدات بحرية أخرى ، كما لم يثبت تلقى أية جهة أخرى للإنذار الملاحي بالإغاثة المزعوم إرساله من المتهم السادس لراديو جدة الساعة الثانية صباح يوم الحادث ، فضلا عما شهد به اللواء / شيرين حسن رئيس قطاع النقل البحرى بوزارة النقل أمام المحكمة – وهو الذي تحصل على رسالة النافتكس وقدمها للنيابة العامة .
من أن الرسالة المذكورة بها تناقض يحتاج لتفسير من السلطات السعودية ، وأنه حاول مخاطبتهم لتفسير ذلك التناقض بيد أنه فشل ، وما شهد به السيد / علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة – أمام المحكمة – بأن الشخص المشغل لجهاز إرسال النافتكس براديو جدة لغته الانجليزية ركيكة وهو شخص غير كفء ، فضلا عما قرره المدعو / عبد الجواد صابر عبد الجواد ( ربان السفينة فارس السلام ) بأن رسالته النافتكس وردت من راديو جدة الساعة 8,30 صباح يوم الحادث .
فإن المحكمة من جماع ما تقدم تشكك في صحة مضمون تلك الرسالة من قيام المتهم السادس بإخبار السلطات السعودية بغرق السفينة السلام 98 الساعة الثانية من صباح يوم الحادث ، ومن ثم تطرح ذلك الدليل جانبا ولا تطمئن إليه .
عاشرا : وبشأن ما أسند للمتهم الخامس – مدير فرع الشركة بسفاجا – من تقصير فقد ثبت للمحكمة أن الموعد المحدد لدخول السفينة السلام بوكاشيو 98 لميناء سفاجا كان الساعة 2,30 من صباح يوم الحادث ، وثبت لها أيضا أن المتهم المذكور قد قام بالاتصال بالمتهم الرابع لإبلاغه بفقد الاتصال في الساعة 4,35 صباح يوم الحادث ، وثبت من التقرير الفني المقدم للنيابة العامة أن المتهم قام بإجراء عدة محاولات للاتصال بالسفينة خلال تلك الفترة ، وإذا لم يثبت لدى المحكمة أنه يوجد ثمة التزام قانوني يلزم مدير فرع الشركة المشغلة للسفينة باتخاذ إجراءات محددة بعد مرور وقت معين من فقد الاتصال بها ، وكانت المحكمة تطمئن إلى ما قرره السيد / المدثر محمد يوسف – مدير الحركة ونائب مدير ميناء سفاجا - من أن تأخر السفن من ساعة إلى أربع أو خمس ساعات هو أمر طبيعي بالموانئ طبقا للأحوال الجوية ، إضافة لما ورد بتقرير اللجنة الفنية المشكلة من قبل النيابة العامة بان طائرات مركز البحث والإنقاذ غير معده للإنقاذ الليلي وأنه على فرض وجود خطأ في جانبه – وأن كانت المحكمة قد انتهت لعدم وجود ذلك الخطأ – فإن من عدم الإبلاغ خلال الفترة من 2,30 حتى 4,30 صباح يوم الحادث لا يتحقق به اى درء لضرر قد يتواجد خلال تلك الفترة .
فإن المحكمة تخلص إلى عدم ثبوت ثمة تقصير أو إهمال في حق ذلك المتهم ترتبت عنه ثمة جريمة .
حادي عشر : لم تقف المحكمة من خلال أقوال الناجين من الحادث الواردة بالتحقيقات أنه قد حدثت ثمة وفيات أو إصابات خلال الفترة المسند فيها للمتهمين فعل التراخي ، ولا ينال من ذلك الصورة الضوئية التي قدمتها النيابة العامة عقي حجز الدعوى للنطق بالحكم من المحضر الذي يتضمن أقوال كلا من / ياسر القطرى محمود عبد العاطى ، السعيد إبراهيم محمد عبد المطلب إذ لم يقرر اى منهما أو يقطع بحدوث وفيات أو إصابات خلال ذات الفترة .
وحيث أنه لم كان ما تقدم ، وكانت المحكمة وهى بصدد تقدير قيام أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ – كما سبق وأن أوردتها – ترى مما تقدم أن الخطأ المسبب للحادث منتفيا في حق المتهمين ، وأن أية أخطاء قد تنسب إليهم في ذلك الصدد – على فرض وجودها – لا تعدو أن تكون أخطاء عارضة لا تؤدى وحدها لحدوث النتيجة الإجرامية .
كما وأنه وبالبناء علي ما تقدم فإن علاقة السببية تكون منتفية بين الأفعال المسندة إلى المتهمين المذكورين – والمعتبرة من جانب النيابة العامة أخطاء تستوجب الإدانة – وبين النتيجة وهى الوفاة والإصابة حيث لم يثبت للمحكمة أن تلك الأفعال على فرض حدوثها – قد نتجت عنها ثمة وفيات أو لإصابات بالمجني عليهم .
وإذ كان الاتهام المسند للمتهمين في شأن تهمتي القتل والإصابة الخطأ قد أحاط به الشك من كل جانب على النحو الذي سلف بيانه ، وخلت الوراق من ثمة دليل على توافر أركان هاتين الجريمتين يمكن مؤاخذة المتهمين استنادا إليه ، الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم في ذلك الصدد عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم / صلاح الدين السيد جمعة أنه بتاريخ 3/2/2006 بدائرة قسم سفاجا محافظة البحر الأحمر وهو ربان سفينة لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته وللأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ من تبقى من ركاب السفينة الغارقة السلام 98 الذين عثر عليهم في البحر يشرفون على الغرق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ..
وطلبت معاقبته بمقتضى نص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن ، والمادة 304/1 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية ..
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقر في يقين المحكمة ، واطمأن إليه وجدانها من مطالعة أوراقها ، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في انه وفى حوالي الساعة 6,30 من صباح يوم 3/2/2006 ، وحال قيادة المتهم / صلاح الدين السيد جمعة للسفينة سانت كاترين كربان لها متجها من ميناء سفاجا المصري إلى ميناء ضباء بالمملكة العربية السعودية ، قام بالنداء على السفينة السلام 98 فحقق اتصالا لاسلكيا مع ضابط ثان السفينة المنكوبة المدعو / السيد عبد المنعم السيد اخبره خلاله الأخير بأن السفينة السلام 98 قد تعرضت للغرق ، وأنه متواجدا في أحد الرماثات رفقة آخرين على مسافة قريبة جدا من السفينة قيادته ، واستنجد به لتقديم المساعدة له ولآخرين ، إلا أن المتهم قد نزعت من قلبه الرحمة والرأفة وأتى بعمل لا يأتي به إنسان ، وجرم لا يصدر إلا عن شيطان ، فأهمل في أداء واجبه ، ولم يكترث بصيحات الاستغاثة ، متعللا بحجج واهية وغير حقيقية ، وتركهم يصارعون الأمواج ويواجهون الموت ناكلا عن تقديم العون لهم أو بذل ما يستطيعه من جهد رغم تمكنه من ذلك ، وعدم تعرض سفينته أو الأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي .
وحيث أن الواقعة على النحو سالف البيان قد قام الدليل على صحتها ونسبتها للمتهم ، مما ثبت بالتقرير الفني المودع من قبل اللجنة الفنية المشكلة بقرار منها ، وما شهد به الشاهدان / عمر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة ، علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة ن وما أقر به المتهم .
فقد أورى التقرير الفني من قبل اللجنة الفنية المشكلة بقرار من النيابة العامة ، كما شهد الشاهدان / مر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة ، علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة بالتحقيقات بأن المتهم السادس نكل عن مساعدة الناجين من الغرق ممن كانوا على مقربة من السفينة قيادته رغم قربه من موقع الحادث ، وكان في مكنته الوقوف ومد يد المساعدة لهم .
وأقر المتهم أنه في حوالي الساعة 6,30 صباح يوم الحادث حقق اتصال مع ضابط ثان السفينة السلام 98 عن طريق جهاز اللاسلكي وذلك أثناء إبحاره إلى ميناء ضباء وعلم منه بغرق السفينة متعللا بسوء حالة الركاب وخشية عليهم وقرر بأن الحالة الفنية لسفينته ( سانت كاترين ) كانت جيدة ويتواجد عليها معدات إنقاذ تكفلا ألفى ومائتي راكب ، وأن ركاب سفينته وقت الحادث لا يتجاوز عددهم ألف وثمانمائة .
وإذ سئل المتهم / صلاح الدين السيد جمعة بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما اسند إليه وظل على إنكاره بجلسات المحاكمة ، والدفاع الحاضر معه طلب البراءة تأسيسا على انتفاء الخطأ في حق المتهم لتعذر تقديم المساعدة .
وحيث أن المادة 304 فقرة ( 1 ) من قانون التجارة البحرية تنص على أن ( على كل ربان أن يبادر إلى إنقاذ كبل شخص يوجد في البحر معرضا لخطر الهلاك ولو كان من الأعداء وذلك بالقدر الذي لا بعرض سفينته أو الأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي ، ويكون الربان مسئولا أن أهمل في تنفيذ هذا الالتزام )
بينما تنص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لستة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن على أن ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائة جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ربان لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته أو للأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ سفينة تشرف على الغرق أو شخص يعثر عليه في البحر )
وكان المستقر عليه أن نطاق المسئولية في جريمة ( عدم مبادرة الربان إلى إنقاذ كل شخص يوجد في البحر معرضا لخطر الهلاك بالقدر الذي لا يعرض سفينته والأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي )
قد حددته المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون التجارة البحرية ( القانون رقم 8 لسنة 1990 ) تحت البند رقم 214 حين نصت على أن
( الأصل أن الإنقاذ اختياري لا يفرض القانون على السفن لأنه قد يعرضها للخطر فإذا طلبت السفينة المنكوبة النجدة فلا جناح على السفينة التي تسمع النداء أن هي أعرضت عنه .
ولا شك في إن امتناعها عن النجدة يعتبر عملا منافيا للأخلاق وآداب المهنة ولكن الأمر يهون ويمكن استساغته إذا تعلق بإنقاذ أموال
أما إذا طلبت النجدة لإنقاذ أشخاص يصارعون الموت في البحر فإن الامتناع عنها يكون ما إذا طلبت النجدة لإنقاذ أشخاص يصارعون الموت في البحر فإن الامتناع عنها يكون إسفاف لا يصدر إلا عن شيطان
ولهذا جعلت المادة (304 ) الإنقاذ في هذه الحالة إجباريا دون اى تفرقة على الجنسية أو الجنس أو اللون أو الدين بل ذهبت إلى ابعد من ذلك ففرضت الالتزام بالإنقاذ ولو كان الشخص المعرض للخطر ينتمي إلى دولة عدوة لمصر
غير إن إنقاذ الأرواح البشرية لا يكون واجبا إلا إذا كان لا يعرض السفينة المنقذة للأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي ن إذ لا جدوى من إنقاذ شخص إذا كان مقابل هذا الإنقاذ هلاك شخص أو أشخاص آخرين
أما تعريض الأموال للخطر فلا يكون مبررا للامتناع عن تقديم الإنقاذ لان الروح البشرية أغلى من كل مال ولا يقع الالتزام بالإنقاذ على مجهز السفينة وإنما على الربان فهو المسئول مدنيا ( فضلا عن المسئولية الجنائية ) عند مخالفته ، ويسأل المجهز أيضا إذا اثبت إن الامتناع عن تقديم الإنقاذ كان بناء على تعليمات صريحة منه
ويفهم من نص هذه المادة أن التجريم يكون لربان السفينة وليس لأحد غيره علي اعتبار أن الربان هو الأمر الناهي علي ظهر السفينة ، وهو الشخص الوحيد المخول له اتخاذ قرار الإنقاذ لشخص معرض لخطر جدي ، ولا تكون النجدة والإنقاذ ملزمين له إلا في حالة وجود شخص أو أشخاص يشرفون علي الغرق أو الهلاك وان يعلم بذلك ويمتنع عن الإنقاذ ، وتتحقق الجريمة بمجرد الامتناع فلا يستلزم حدوث نتيجة للامتناع .
واشترطت تلك المادة إلا يكون الإنقاذ من شأنه إن يعرض السفينة والأشخاص المتواجدين عليها لخطر جدي ، وتقدير ذلك إنما يكون لمحكمة الموضوع بناء علي ما يعرض عليها من وقائع وتقديرا للعوامل المحيطة بالسفينة أثناء طلب الإنقاذ وفق أقوال الخبراء المتخصصين في ذلك الشأن
وحيث أنه عما تعلل به المتهم من خشيته علي الركاب فإن ذلك مردود عليه بأن الخبراء المتخصصين باللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة أن اقرب موقع المتهم من المجني عليهم وحالة السفينة وحالة الجو كانت تسمح بتقديم العون لهم .
وحيث أنه عما ذهب إليه دفاع المتهم بجلسات المحاكمة بان ركاب السفينة سانت كاترين وعددهم إلف وثمانمائة راكب إذا خرجوا جميعا ليشاهدوا المتواجدين في البحر كان ذلك ليؤدي لانقلاب السفينة ، فإن ذلك مردود علية بان القضبان علي سفينته هو الأمر الناهي وكان يستطيع التنبيه علي ركابه بخطورة ذلك الفعل إلا انه لم يحاول حتي مجرد تقديم العون لمن عثر عليه بالبحر .
وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت لإدالة الثبوت سالفة الذكر فإنها لا تعول علي إنكار المتهم لكونه قولا مرسلا تغيا به الإفلات من العقاب
وحيث انه من جماع ما تقدم يكون قد استقر في عقيدة المحكمة وعلي وجه الجزم واليقين إن المتهم صلاح الدين السيد جمعه في يوم 3/2/2006 بدائرة قسم سفاجا – محافظة البحر الأحمر
وهو ربان السفينة سانت كاترين لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته وللأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ من تبقي من ركاب السفينة الغارقة السلام 98 الذين عثر عليهم في البحر يشرفون علي الغرق
الأمر الذي يتعين معه إدانته عملا بنص المادة 304 /2 إجراءات جنائية وعقابه وفق نص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن
وحيث أنه عن المصروفات الجنائية فإنها لزاما علي المتهم عملا بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية
وحيث أنه عن الدعاوي المدنية فإن المحكمة تحيلها جميعا بحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات عملا بنص المادة 309 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية .
فلهذه الأسباب
وبعد الاطلاع علي مواد الاتهام
حكمت المحكمة حضوريا :-
أولا : برفض الدفع المبدي بعدم اختصاصها إقليميا ونوعيا بنظر القضية ، باختصاصاتها .
ثانيا : ببراءة المتهمين / ممدوح إسماعيل محمد علي ، عمرو ممدوح إسماعيل محمد ، محمد عماد الدين احمد أبو طالب ، ممدوح محمد عبد القادر عرابي ، نبيل السيد إبراهيم شلبي مما اسند إليهم .
ثالثا:- ببراءة المتهم / صلاح الدين السيد جمعه من المتهمين الأولي والثانية، وبمعاقبته عن التهمة الثالثة بالحبس لمدة ستة أشهر وكفالة عشرة ألاف جنيه لإيقاف التنفيذ وألزمته بالمصروفات الجنائية.
رابعا : بإحالة الدعاوي المدنية إلي الدائرة المدنية المختصة بمحكمة قنا الابتدائية بلا مصروفات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق