جلسة 11 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ
المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس
المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة
المستشارين/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد, وعادل محمود زكي فرغلي, وإسماعيل صديق
محمد راشد, وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي, ومنصور حسن على غربي, ود. فاروق عبد البر
السيد, والسيد محمد السيد الطحان, وغبريال جاد عبد الملاك, وحمدي محمد أمين
الوكيل, وأحمد أمين حسان. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ
المستشار / رضا محمد عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب
مرسيس سكرتير المحكمة
---------------
(1)
الطعن رقم 844 لسنة 43
قضائية. عليا:
اختصاص - ما يدخل في
اختصاص المحكمة الإدارية العليا - طلبات التعويض عن قرارات مجالس التأديب التي لا
تخضع للتصديق من سلطة عليا.
من حيث إن قضاء المحكمة
الإدارية العليا جرى في ضوء ما قررته دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها بالمادة
(54) مكرراً من قانون مجلس الدولة, وذلك في الطعن رقم 28 لسنة 29 ق .عليا, بجلسة
15/ 12/ 1985 باختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس
التأديب التي لا تخضع للتصديق من جهات إدارية, ومن حيث إن القاعدة المقررة أن قاضي
الأصل هو قاضي الفرع, وحتى لا تؤدي تجزئة المنازعة إلى تضارب الأحكام الصادرة
بشأنها, ولما كان طلب التعويض عن قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع للتصديق من
سلطة أعلى هو طعن على تلك القرارات بطريق غير مباشر, فمن ثم يعتبر فرعًا مرتبطًا
بالطعن الأصلي تختص به ذات المحكمة الإدارية العليا التي تختص بطلب إلغاء تلك
القرارات - تطبيق.
الإجراءات
بتاريخ 30/ 11/ 1996
وبموجب صحيفة طعن مودعة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا أقيم الطعن الماثل طعناً
على قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الصادر في الاستئناف رقم 6 لسنة
1995 بجلسة 4/ 7/ 1996, والقاضي بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع برفضه وتأييد
القرار المستأنف.
وطلب الطاعن - في ختام
تقرير الطعن وللأسباب المبينة به - قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء القرار
المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وتعويض الطالب (الطاعن) عن الأضرار
المادية والأدبية التي أصابته من جراء صدور القرار المطعون عليه والتي يترك
تقديرها لعدالة المحكمة.
وبتاريخ 8/ 12/ 1996 تم
إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها.
وقد أعدت هيئة مفوضي
الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن, ارتأت فيه الحكم أصلياً: بعدم قبول
الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد, واحتياطياً: وفي الموضوع برفضه, وتم نظر الطعن
أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا
"موضوع" لنظره بجلسة 28/ 11/ 1999.
وتم تداول الطعن أمام
الدائرة الخامسة "موضوع" بالمحكمة التي قررت بجلسة 11/ 3/ 2001 إحالة
الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ للنظر في مدى اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر
طلب التعويض عن قرارات مجالس التأديب إذا قدم إليها لأول مرة, أم أنه اختصاص مبتدأ
لمحكمة القضاء الإداري في ضوء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعنين
رقمي 2424 و 2616 لسنة 32 (وصحتها) لسنة 33ق. عليا بجلسة 5/ 11/ 1991 الذي أقر
ضمنًا اختصاص محكمة القضاء الإداري, في حين أن حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم
3804 لسنة 37 ق, بجلسة 23/ 3/ 1996 قضى صراحة بأن الاختصاص للمحكمة الإدارية
العليا.
وقد أعدت هيئة مفوضي
الدولة تقريراً بالرأي القانوني في مسألة النزاع ارتأت فيه الحكم باختصاص المحكمة
الإدارية العليا بالفصل في طلبات التعويض عن قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع
للتصديق من جهات إدارية عليا, وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعًا, وتم تداول
الطعن أمام المحكمة (دائرة توحيد المبادئ)على النحو الصادر بمحاضر الجلسات, حيث
تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند
النطق به
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق,
وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونًا
ومن حيث إن وقائع النزاع
تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 4/ 1994 أصدر وزير الداخلية القرار رقم 34 لسنة 1994
بإحالة الرائد/.......... (الطاعن) الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات إلى
مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبيًا, عما نُسب إليه من مخالفات
تأديبية ورادة بذلك القرار.
وتم نظر الدعوى التأديبية
التي قيدت برقم 34 لسنة 1994, أمام مجلس التأديب الابتدائي الذي أصدر بجلسة 1/ 1/
1995 القرار بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف مرتبه.
ولم يرتض الطاعن ذلك
القرار فأقام بشأنه الاستئناف رقم 6 لسنة 1995 أمام مجلس التأديب الاستئنافي لضباط
الشرطة الذي قرر بجلسة 4/ 7/ 1996 قبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد
القرار المستأنف.
وبتاريخ 30/ 11/ 1996
أقام الطاعن الطعن الماثل بطلب إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وتعويضه عن
الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المسألة مثار
النزاع تنحصر في تحديد المحكمة المختصة بنظر طلب التعويض عن قرار مجلس التأديب
المطعون فيه, وهل هي المحكمة الإدارية العليا باعتبارها المختصة أصلاً بنظر الطعن
بالإلغاء في ذلك القرار, أم أن الاختصاص ينعقد إلى محكمة القضاء الإداري باعتباره
طلباً مبتدأ وذلك إزاء صدور الحكمين المتعارضين المشار إليهما والموضحين بقرار
إحالة الطعن إلى هذه المحكمة (دائرة توحيد المبادئ)
من حيث إن قضاء المحكمة
الإدارية العليا جرى في ضوء ما قررته دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها بالمادة
(54) مكرراً من قانون مجلس الدولة, وذلك في الطعن رقم 28 لسنة 29 ق .عليا, بجلسة
15/ 12/ 1985 باختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس
التأديب التي لا تخضع للتصديق من جهات إدارية, وذلك على أساس أن الشارع رأى
لاعتبارات معينة بالنسبة لبعض فئات محددة من العاملين, أن يوكل أمر تأديبهم إلى
مجالس تأديب مشكلة تشكيلاً خاصًا وفقا لأوضاع وإجراءات معينة رسمها القانون وتقوم
أساسًا على إعلان العامل مقدماً بالتهمة المنسوبة إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه
على غرار ما هو متبع أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في القانون رقم 117
لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وفي قانون مجلس
الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972, وتفصل هذه المجالس التأديبية في ذات
أنواع المنازعات التي تفصل فيها المحاكم التأديبية المشار إليها وتسير في
إجراءاتها بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في القوانين المنظمة لها, وفي كنف قواعد
أساسية كلية هي تحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان وكفالة حق الدفاع للعامل المثارة
مساءلته التأديبية, وتؤدي هذه المجالس ذات وظيفة تلك المحاكم بالفصل في المسألة
التأديبية فكلتاهما سلطة تأديبية تفصل في محاكمة مسلكية تأديبية وتوقع جزاءات
تأديبية من النوع نفسه... والقرارات التي تصدرها مجالس التأديب التي لم يخضعها
القانون لتصديق جهات إدارية عليا قرارات نهائية لا تسري عليها الأحكام الخاصة
بالقرارات الإدارية, فلا يجوز التظلم منها أو سحبها أو تعقيب جهة الإدارة عليها,
بل تستنفذ تلك المجالس ولايتها بإصدار قراراتها ويمتنع عليها سحبها أو الرجوع فيها
أو تعديلها كما ينغلق ذلك على الجهات الإدارية.
وبذلك فإن هذه المجالس
أقرب في طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية, فلا يجوز أن
توصف بأنها قرارات نهائية لسلطات تأديبية بالمعنى المقصود في البند تاسعًا من
المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وهي القرارات التي تختص
بنظرها المحاكم التأديبية, كما أنها ليست من القرارات الإدارية التي تدخل في
اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية.
وتأسيسًا على كل ما سلف
فإنه يجري على قرارات هذه المجالس بالنسبة للطعن فيها ما يجرى على الأحكام الصادرة
من المحاكم التأديبية, أي يطعن فيها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا عملاً
بنصي المادتين (22) و(23) من قانون مجلس الدولة سالف الذكر.
(يراجع الحكم بمجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا بالسنة الحادية والعشرين, العدد
الأول, البند 4، ص 25 وما بعدها).
ومن حيث إن القاعدة
المقررة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وحتى لا تؤدي تجزئة المنازعة إلى تضارب
الأحكام الصادرة بشأنها, ولما كان طلب التعويض عن قرارات مجالس التأديب التي لا
تخضع لتصديق سلطة أعلى هو طعن على تلك القرارات بطريق غير مباشر فمن ثم يعتبر
فرعاً مرتبطاً بالطعن الأصلي تختص به ذات المحكمة الإدارية العليا التي تختص بطلب
إلغاء تلك القرارات, ولا يغير من ذلك القول بأن اختصاص المحكمة الإدارية العليا
بالطعن في قرارات مجلس التأديب هو اختصاص استثنائي لا يمتد ليشمل طلبات التعويض عن
هذه القرارات, ذلك أن اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس
التأديب هو اختصاص يستند إلى نص المادة (23) من القانون رقم 47 لسنة 1972 التي نصت
على اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعون في أحكام محكمة القضاء الإداري والمحاكم
التأديبية وإلى ما قضت به هذه المحكمة في تفسيرها لنص المادة (23) المشار إليها من
أن عبارة المحاكم التأديبية من العموم والإطلاق بحيث تشمل ما نصت عليه القوانين
على بقائه من هيئات ومجالس تأديبية باعتبارها تؤدي وظيفة المحاكم التأديبية, كما
لا يحول دون اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الطعون في قرارات مجالس التأديب التي
تختص بإلغائها, القول بأن اختصاص المحكمة الإدارية العليا يقتصر على الطعون في تلك
القرارات وليست بطلبات جديدة تقدم أمامها لأول مرة, ذلك أنه وقد استقر الأمر على
اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس التأديب, وأن هذا
الاختصاص للمحكمة المذكورة هو اختصاص أصيل وأساسي, فإنه لذلك لا يمنع من أن ترفع
أمامها الطلبات ابتداءً ما دام ذلك جائزاً قانونًَا, سواء كان ذلك استنادًا إلى نص
في القانون كما هو الحال في الطلبات التي ترفع من أعضاء مجلس الدولة, أو كان تبعًا
ومتفرعاً عن اختصاصها بنظر الطعون كما هو الشأن في الحالة المعروضة.
(يراجع حكم المحكمة
الإدارية العليا في الطعن رقم 3804 لسنة 37 ق. عليا منشورًا بمجموعة السنة الحادية
والأربعين, الجزء الأول, البند 98, ص 859 وما بعدها).
ومن حيث إن الثابت في
الحالة المعروضة أن الطعن مقام في قرار مجلسة التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة ,
وهو من القرارات التي لا تخضع للتصديق من سلطة أعلى, وأن الطاعن يطلب بطعنه إلغاء
ذلك القرار والتعويض عنه, فمن ثم يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا نظر طلب
التعويض مثلما يدخل في اختصاصها نظر طلب إلغاء ذلك القرار سواء بسواء؛ إذ لا وجه
للتفرقة بين الأمرين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
باختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر طلبات التعويض عن قرارات مجلس التأديب التي لا تخضع للتصديق من سلطة عليا, وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق