الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 مارس 2022

الطعن 6965 لسنة 49 ق جلسة 25 / 12 / 2004 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 53 ص 378

جلسة 25 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
و بحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

----------------------

(53)
الطعن رقم 6965 لسنة 49 قضائية. عليا:

معاهدات دولية - اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية عند إرجاء تنفيذها يقتضي الأمر مراعاة القواعد الأساسية المنظمة لسلطة التشريع في كل دولة من حيث إقرار وتنظيم الحقوق الواردة بها.
الأصل أن السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب تتولى بصريح نص المادة (86) من الدستور - سن القوانين, إلا أن الدستور ذاته أجاز لرئيس الجمهورية اتخاذ قرارات لها قوة القانون في حالات وردت على سبيل الحصر نظمتها المواد (74) و(108) و(147) و(148) من الدستور وهي الخاصة بحالتي التعويض، والضرورة, وفيما عدا هذه الحالات لا تتولى السلطة التنفيذية أي اختصاص بسن القوانين سوى تلك المتعلقة بإعمال هذه القوانين وأحكام تنفيذها وهو ما لا يتأتى إلا بناءً على قانون يخولها ذلك - مقتضى ذلك: أن إعمال ما توجبه اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية في الفقرتين (8) و(9) من المادة (70) منها عند إرجاء تنفيذها, من حيث تقرير وسائل طلبات الحصول على البراءة ومنح حقوق استئثارية لصاحب الطلب الذي تقدم بطلب الحصول على براءات اختراع يقتضي أن يكون إعمال ذلك بمراعاة القواعد الأساسية المنظمة لسلطة التشريع في كل دولة, بحيث يصدر التنظيم المطلوب بمراعاة هذه القواعد – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 7/ 4/ 2003 أودع الأستاذ/ حافظ حسن حافظ عن الأستاذ الدكتور/ شوقي السيد (المحامي) بالنقض - بصفته وكيلاً عن الطاعن - قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن, قيد بجدولها بالرقم عاليه, في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 282 لسنة 56 ق بجلسة 11/ 3/ 2003، والقاضي في منطوقه "بقبول الدعوى شكلاً, وبقبول تدخل شركة إيلاي ليللى إيجيبت خصمًا منضمًا إلى جانب الجهة الإدارية المدعى عليها, وبرفض الدعوى موضوعًا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً, وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بإلغاء القرارات المطعون فيها, وأيضًا القرار رقم (1) لسنة 2001 الصادر في 8/ 8/ 2001، وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام الجهة الإدارية بتعويض الشركة الطالبة مبلغ مليون جنيه, وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن, ارتأت في ختامه قبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا, وإلزام الطاعن المصروفات.
وعينت جلسة 8/ 7/ 2003 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون, وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها, إلى أن قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 23/ 10/ 2004؛ حيث نظرته وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم, مع التصريح بمذكرات في شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الممثل القانوني لشركة إيبكس فارم, كان قد أقام الدعوى رقم 282 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة, بتاريخ 7/10/ 2001 بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 1 لسنة 2001 الصادر من رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمنح حق التسويق الاستئثاري لشركة إيلاي ليللى إيجيبت عن مادة "أولانزابين زبيركا", وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار, وتعويض الشركة المدعية بمبلغ مليون جنيه نتيجة حرمانها من الإنتاج التسويقي, مع إلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر المدعي - شرحًا لدعواه - أن الشركة التي يمثلها تعمل في مجال إنتاج وتسويق واستيراد وتصدير الدواء في مصر مع شركات أخرى, وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 547 لسنة 2000 وقد عهد القرار إلى أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا "مكتب براءات الاختراع" إصدار شهادات حق تسويق استئثاري بشروط معينة. كما أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1930 لسنة 2000 بتشكيل لجنة للموافقة على تسجيل المنتج في مصر, وعهد برئاسة هذه اللجنة إلى رئيس التخطيط والسياسات الدوائية بوزارة الصحة عند النظر في تسويق الأدوية والمستحضرات الطبية وذلك بالقرار رقم 2054 لسنة 2000, وبتاريخ 8/ 8/ 2001 قرر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا منح شهادة رقم (1) بحق تسويق استئثاري إلى شركة إيلاي ليللى إيجيبت عن مادة "أولانزبين زبيركا" لمدة خمس سنوات, أو حتى تاريخ البت في طلب البراءة, ونعى المدعي على هذا القرار الأخير غصب السلطة، حيث صدر استنادًا إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 547 لسنة 2000, وهذا الأخير صدر استنادًا إلى المادة (70/ 9) من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية, وهذه المادة لا تسري في حق مصر إلا في 1/ 1/ 2005, كما أن القرار المطعون فيه صدر دون عرضه على اللجنة المشكلة لهذا الغرض، كما شابه الانحراف في استعمال السلطة، إذ يؤدي التسويق الاستئثاري للدواء المذكور إلى التحكم في سعر الدواء وحرمان الغير من شركات الأدوية في مصر (ومنها الشركة المدعية) من التسويق أو الإنتاج أو التصنيع، وأثناء نظر الدعوى طلبت شركة ليلاى ليللى إيجيبت تدخلها انضماميًا إلى جانب جهة الإدارة.
وبجلسة 11/ 3/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسست حكمها في موضوع الدعوى على أن "القرار المطعون فيه صدر بمنح شركة ليلاى ليللى إيجيبت شهادة حق التسويق الاستئثاري في مصر للمنتج الدوائي المذكور لمدة خمس سنوات، وجاء ذلك بعد موافقة اللجنة المشكلة لهذا الغرض بعد التحقق من استيفاء الشركة للشروط المتطلبة قانونًا لمنحها ذلك الحق، كما جاء القرار استنادًا إلى قرارات رئيس مجلس الوزراء المشار إليها التي صدرت تنفيذًا لوفاء مصر بتعهداتها الدولية الناشئة عن الاتفاقية المذكورة، كما خلا القرار من شبهة الانحراف في استعمال السلطة، الأمر الذي يضحى معه طلب إلغاء القرار المطعون فيه لا عاصم له من الرفض". كما أسست المحكمة رفضها طلب التعويض على أن "ركن الخطأ غير ثابت في شأن القرار المطعون فيه، حيث جاء هذا القرار متفقًا وصحيح حكم القانون على نحو ما تقدم، ومتى انتفى ركن الخطأ فإن هذا يؤدي إلى عدم تكامل أركان المسئولية في جانب جهة الإدارة".
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم واقع الدعوى، والأساس الذي قامت عليه، كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الاتفاقية المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية ذاتية التنفيذ، وأصبحت جزءًا من التشريع، بيد أنه (الحكم) أغفل أن بعض الحقوق الواردة بالاتفاقية وردت بصياغة عامة، ويتطلب إقرارها وتنظيمها تدخل الدولة بإصدار تشريع يضع هذه الحقوق محل التطبيق أو يفصل كيفية منحها .. من ذلك تحديدًا المادة (70) بفقرتيها مثل الحقوق الاستئثارية وحق براءة الاختراع، وهو ما أفصح عنه وأكده القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية وحدد سريان الاتفاقية من أول يناير سنة 2005، ومن ثم فإن ما صدر من قرارات لسد الفراغ التشريعي الحاصل قبل صدور هذا القانون سواء قرارات رئيس مجلس الوزراء رقم 547 و1930 و2054 و2211 لسنة 2000، والقرار رقم 1 لسنة 2001 يكون غصبًا لاختصاصات السلطة التشريعية ومعدومة, وحتى في نطاق القرارات المطعون فيها من حيث انعقاد اللجنة التي تنظر وتصدر القرار فإنها لم تنعقد واغتصبت السلطة بغياب رئيسها على الوجه الذي أكدته القرارات ذاتها, وبذلك صدر القرار رقم 1 لسنة 2001 مخالفًا لقرارات رئيس مجلس الوزراء بشأن تشكيل واختصاصات اللجنة التي شكلها لهذا الغرض.
ومن حيث إن مفاد المادة (151) من الدستور أنها فرقت بين نوعين من المعاهدات: الأول: وهو ما يمكن تسميته بالمعاهدات العادية أو البسيطة فتلك يبرمها رئيس الجمهورية, ويبلغها إلى المجلس مشفوعةً بما يناسب من البيان، وذلك لتحقيق علم مجلس الشعب بها، فرئيس الجمهورية هو الذي يبرم هذا النوع من المعاهدات، ويصدق عليها، وتصبح بالتالي لها قوة القانون.
أما النوع الثاني: فيتعلق بمعاهدات الصلح أو التجارة أو الملاحة أو التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة أو تحمل خزانة الدولة شيئًا من النفقات غير الواردة في الموازنة، فهذه المعاهدات يجب اشتراك مجلس الشعب في إبرامها وذلك بضرورة موافقته عليها.
ومن حيث إن إفتاء وقضاء مجلس الدولة قد استقر على أنه متى استوفت الاتفاقية مراحلها الدستورية المنصوص عليها في المادة (151) من الدستور، تصبح جزءًا من القانون المصري واجب التطبيق، وتطبق باعتبارها قانونًا مصريًا، كما أن القاضي عندما يطبقها لا يطبقها على أساس أن الدولة قد التزمت دوليًا بتطبيقها، وإنما باعتبارها جزءًا من قوانين الدولة الداخلية متى استوفت الشروط اللازمة لنفاذها بالدولة.
لما كان ذلك وكان مجلس الشعب قد وافق بجلسته المنعقدة بتاريخ 16/ 4/ 1995 على قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 20/ 3/ 1995 بالموافقة على انضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التي تضمنتها، ثم صدق عليها رئيس الجمهورية بتاريخ 19/ 4/ 1995، ونشر ذلك بعدد الجريدة الرسمية رقم 24 تابع في 15/ 6/ 1995، ومن ثم تغدو لهذه الاتفاقية قوة القانون، وتطبق باعتبارها قانونًا مصريًا.
ومن حيث إنه عن تاريخ نفاذ الاتفاقية فقد نصت الفقرة (1) من المادة الرابعة عشرة من اتفاقية مراكش لإنشاء منظمة التجارة العالمية على أن ".... تدخل هذه الاتفاقية واتفاقات التجارة متعددة الأطراف الملحقة بها حيز النفاذ في التاريخ الذي يحدده الوزراء وفقًا للفقرة (3) من الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أورجواي من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف".
وتنص الفقرة (3) من الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف على أن "اتفق الممثلون على أن يحبذ قبول اتفاقية منظمة التجارة العالمية من جانب جميع المشتركين في جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف..... بحيث تدخل حيز التنفيذ بحلول أول يناير 1995 أو في أقرب وقت ممكن بعد هذا التاريخ، يجتمع الوزراء في موعد لا يجاوز أواخر عام 1994 وفقًا للفقرة الختامية من إعلان بونتاديل إبستي الوزاري لاتخاذ قرار بشأن التنفيذ الدولي للنتائج بما في ذلك دخولها حيز التنفيذ".
وطبقًا لقرار وزير الخارجية رقم 42 لسنة 1995 بانضمام جمهورية مصر العربية لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي........ على أن يعمل بذلك اعتبارًا من 1/ 1/ 1995، ومن ثم يكون تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة إلى جمهورية مصر العربية ومن بينها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية هو 1/ 1/ 1995.
ومن حيث إن مفاد المادة (65) من هذه الاتفاقية الأخيرة أنها أعطت البلاد الأعضاء فترة انتقالية مدتها سنة من تاريخ نفاذ اتفاق منظمة التجارة العالمية أي من 1/ 1/ 1996، لا تلتزم خلالها بتطبيق أحكام هذه الاتفاقية، كما أعطت الفقرة (2) من ذات المادة للدول النامية الأعضاء فترة زمنية أخرى مدتها أربع سنوات (أي حتى 1/ 1/ 2000 لتطبيق هذه الاتفاقية، ومنحت الفقرة (4) من ذات المادة البلدان النامية ومنها مصر الحق في إرجاء الأحكام المتعلقة بحماية المنتجات المغطاة ببراءات الاختراع الواردة في القسم الخامس من الباب الثاني مهلة إضافية مقدارها خمس سنوات ليكون إجمالي الفترة الانتقالية عشر سنوات بدءًا من تاريخ نفاذ الاتفاقية في 1/ 1/ 1995 وحتى 1/ 1/ 2005، ثم عالجت المادة (70) من ذات الاتفاقية في فقرتيها (8 و9) الأحكام المتعلقة بحماية المواد القائمة حاليًا في حالة إرجاء تنفيذ الاتفاقية على النحو المتقدم، إذ أوجبت على الدول النامية اعتبارًا من 1/ 1/ 1995 إتاحة وسيلة معينة يمكن بمقتضاها تقديم طلبات الحصول على براءات الاختراع، وبحيث يتم تخصيص صندوق توضع فيه طلبات الحصول على براءات الاختراع عن الأدوية (سواء كانت هذه الطلبات متعلقة بمنتج دوائي أو بطريقة تصنيفه)، ويتم الحصول على البراءة وفقًا للمعايير السائدة وقت التقدم بالطلب، حتى وإن كانت الحماية الفعلية لن يتم إسباغها إلا بعد انقضاء الفترة الانتقالية، على أن تُعطى حقوق استئثارية في هذا البلد لطالب براءة الاختراع لمدة خمس سنوات أو حتى تاريخ منحه أو رفض منحه البراءة الخاصة بهذا المنتج في ذلك البلد أي الفترتين أقصر.
ومن حيث إنه من نافلة القول أن إعمال ما توجبه الاتفاقية في الفقرتين (8 و9) من المادة (70) عند إرجاء تنفيذها من حيث تقرير وسائل طلبات الحصول على البراءة ومنح حقوق استئثارية لصاحب الطلب الذي تقدم بطلب الحصول على براءات اختراع يقتضي أن يكون إعمال ذلك بمراعاة القواعد الأساسية المنظمة لسلطة التشريع في كل دولة، بحيث يصدر التنظيم المطلوب بمراعاة هذه القواعد.
ومن حيث إنه وإن كان الأصل أن السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب تتولى - بصريح نص المادة (86) من الدستور - سن القوانين، فإن الدستور ذاته أجاز لرئيس الجمهورية اتخاذ قرارات لها قوة القانون في حالات وردت على سبيل الحصر نظمتها المواد (74) و(108) و(147) و(148) من الدستور وهي الخاصة بحالتي التعويض والضرورة، وفيما عدا هذه الحالات لا تتولى السلطة التنفيذية أي اختصاص بسن القوانين سوى تلك المتعلقة بإعمال هذه القوانين وأحكام تنفيذها وهو ما لا يتأتى إلا بناءً على قانون يخولها ذلك.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس الوزراء بمناسبة الاتفاقية سالفة الذكر أصدر عدة قرارات منها القرار رقم 547 لسنة 2000 والذي ناط فيه بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا إصدار شهادة حق التسويق الاستئثاري للمنتجات الخاضعة لأحكام الفقرة (9) من المادة (70) من اتفاقية التربس وشروط الحصول على تلك الشهادة، ثم أعقب ذلك صدور قراريه رقمي 1930 و2054 لسنة 2000 بتشكيل اللجنة المختصة بإصدار الموافقة على تسويق المنتج في مصر، كما أصدر القرار رقم 2221 لسنة 2000 في شأن سرية المعلومات الخاصة بالمنتجات الكيميائية الزراعية والصيدلية، وكانت المسائل التي تناولتها هذه القرارات من المسائل المحجوزة أصلاً للسلطة التشريعية بحسبانها تدخلت في حقوق الأفراد وحرياتهم، ولم تكن هذه القرارات فيما تضمنته تستند إلى قانون يخولها ذلك، فمن ثم تكون هذه القرارات قد انطوت على مخالفة صارخة للدستور والقانون.
ولما كان القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 2001 الصادر من رئيس أكاديمية البحث العلمي بمنح الشركة المطعون ضدها حق التسويق الاستئثاري من المنتج الدوائي "أولانزيين زبيركا" في مصر قد استند إلى هذه القرارات، فمن ثم يكون قد خالف القانون، ويغدو من ثم متعين الإلغاء، ودون أن ينتقص من ذلك القول بأن هذه القرارات قد صدرت استنادًا إلى المادة (156) من الدستور، ذلك أن هذه المادة ناطت الاختصاصات التي نصت عليها - ومنها الاختصاص بإصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقًا للقوانين والقرارات ومراقبة تنفيذها - لمجلس الوزراء وليس لرئيس مجلس الوزراء الأمر غير الماثل في خصوصية هذا الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم بهذه الوجهة من النظر، فمن ثم يكون قد خالف القانون وتعين القضاء بإلغائه وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لقيام مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات الإدارية الصادرة عنها ثبوت خطأ في جانبها، بأن يكون قرارها غير مشروع، وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه ولئن كان ركن الخطأ قد توافر في الحالة المعروضة إزاء ما انتهت إليه المحكمة من عدم مشروعية القرار المطعون فيه، إلا أنه وقد خلت الأوراق من بيان عناصر الضرر التي حاقت بالطاعن جراءه وكانت أوراق الطعن غير كافية لتكوين عقيدة المحكمة في هذا الخصوص، حيث توجد مسائل فنية يتعين استجلاء وجه الحق بشأنها، الأمر الذي تستخدم معه المحكمة الرخصة المخولة لها بمقتضى المادة (135) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 وتقضي بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة القاهرة ليندب أحد خبرائه المتخصصين للبحث عن الأضرار التي حاقت بالشركة الطاعنة من جراء القرار غير المشروع وماهيتها وعناصرها وقيمتها, وعما إذا كان هذا القرار هو السبب المباشر لوقوع هذه الأضرار من عدمه، وذلك في ضوء ما يقدم له من أوراق في هذا الخصوص، وصرحت للخبير بسماع أقوال الطرفين والاطلاع على ما قد يقدمانه له من مستندات أخرى، وسماع من يرى سماع شهادته بغير حلف يمين، والانتقال إلى أية جهة حكومية يرى الاطلاع على ما لديها من أوراق ومستندات رسمية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

أولاً: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الدعوى وبإلغاء القرار الطعين، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب.
ثانيًا: بالنسبة لطلب التعويض وتمهيديًا وقبل الفصل فيه بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المهمة المبينة في أسباب هذا الحكم، وعلى الطالب إيداع مبلغ 1000 جنيه لحساب مصاريف أتعاب مكتب الخبراء تصرف للخبير فورًا ودون إجراءات فور إيداع التقرير، وعلى المكتب المذكور إيداع التقرير ومحاضر الأعمال قلم كتاب هذه المحكمة خلال شهر من تاريخ إخطاره من قلم الكتاب بهذه المأمورية، بعد إيداع الأمانة، وحدد لنظر الطعن جلسة 5/ 2/ 2005 في حالة عدم إيداع الأمانة، وجلسة 26/ 3/ 2005 في حالة إيداعها، وعلى قلم الكتاب إخطار طرفي الخصومة بهذا الحكم، وأبقت الفصل في مصروفات هذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق