الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 مارس 2022

الطعن 7224 لسنة 89 ق جلسة 13 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 33 ص 245

جلسة 13 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ د. حسن البدراوي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، صلاح الدين كامل سعد الله ومحمد عاطف ثابت "نواب رئيس المحكمة".

---------------

(33)

الطعن 7224 لسنة 89 ق

(1 ، 2) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: صحيفة افتتاح الدعوى".
(1) التحقق من إعلان الخصوم بصحيفة الدعوى. شرط جوهري لانعقاد الخصومة. استقلال محكمة الموضوع به باعتباره من الأمور الواقعية. شرطه. استنادها على أسباب سائغة.

(2) ثبوت إعلان المطعون ضده الأول للطاعن بأصل صحيفة الدعوى وبصحيفة تصحيح شكل الدعوى إعلانا قانونيا صحيحا. لا محل للتحدي بعدم إعادة إعلانه. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.

(3) ملكية فكرية "حق المؤلف: الحقوق الأدبية".
التعدي على المصنفات بطريق التقليد. انتهاك لحقوق مؤلفيها. أبرز تلك الحقوق. الحق الأدبي. أهم مكناته. حق الأبوة الذهنية. تعريفه. صور التعدي على المصنفات. الحبكة الدرامية. جوهرها.

(4 ، 5) ملكية فكرية "حق المؤلف: الحبكة الدرامية".
(4) تحويل الفكرة المجردة التي يعالجها المصنف المكتوب إلى فكرة مجسدة منطوية على حبكة درامية مبتكرة يجعلها مصنف جدير بالحماية. تقليد معد العمل المتعدى بطريق المحاكاة الفكرة المجسدة في المصنف محل التعدي دون نسبته إلى صاحبه اقتباسا أو تحويرا فنيا. صورتي المصنف المشتق. تعدي على حق مؤلف المصنف في نسبته إليه. مؤداه. عدم المطالبة بإقامة الدليل على الاطلاع على المصنف.

(5) الحبكة الدرامية المبتكرة. عدم إمكانية توارد الخواطر بشأنها.

(6 ، 7) ملكية فكرية "حق المؤلف: حماية حق المؤلف".
(6) عدم إيداع مؤلف المصنف محل التعدي نسخ من مصنفه لا يترتب عليه المساس بحقوق المؤلف. م 184/ 2،1 ق 82 لسنة 2002. الإيداع قرينة بسيطة أن المصنف المودع ابتكار المودع. القرائن البديلة والقرائن المعززة. حالات تقديمها. مواكبة المشرع المصري للاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق المؤلف. اتفاقية برن 1886. وثيقة باريس 1971.

(7) الحماية في مجال الملكية الأدبية والفنية تلقائية. عدم خضوعها لأية إجراءات رسمية واجبة الإتباع مما تقتضيه طبيعة الحماية في مجال الملكية الصناعية.

(8 ، 9) ملكية فكرية "حق المؤلف: حق الأبوة الذهنية".
(8) ركن الخطأ. تمثله في التعدي على المصنف بانتهاك حق الأبوة الذهنية لمبتكره عليه. استخلاص محكمة الموضوع له. شرطه. أن يكون سائغا من أوراق الدعوى ومستنداتها والدليل فيها. قضاؤها بالتعويض عن الضرر الأدبي. أساسه. ضرر مفترض. تحققه بمجرد وقوع هذا التعدي. علة ذلك. رابطة الأبوة.

(9) قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض عن الضرر الأدبي لتوافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية في جانب الطاعن تأسيسا على أبوة المطعون ضده الأول للمصنف محل التعدي وأسبقية تصنيفه على العمل المتعدي. صحيح وسائغ.

---------------

1 - المقرر– في قضاء محكمة النقض– أن التحقق من حصول إعلان الخصوم بصحيفة الدعوى– كشرط جوهري أوجبه القانون لانعقاد الخصومة فيها وإعادة الإعلان في الحالات التي نص عليها أو نفى ذلك– من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا معقب متى كانت تستند في ذلك إلى أسباب سائغة.

2 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول أعلن الطاعن بأصل صحيفة الدعوى في 7/ 11/ 2017 إعلانا قانونيا صحيحا، كما أعلنه بصحيفة تصحيح شكل الدعوى إعلانا قانونيا صحيحا بذات التاريخ، ومن ثم فلا محل للتحدي بعدم إعادة إعلانه بالدعوى، إذ إن الغاية من الإعلان بأصل الصحيفة وإعادة الإعلان قد تحققت، سيما بعد إعلانه بصحيفة التصحيح، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالسبب الأول من أسباب الطعن (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه) يكون على غير أساس.

3 - التعدي على المصنفات بطريق التقليد "المحاكاة" هو انتهاك لحقوق مؤلفيها لاسيما الحق الأدبي متمثلا في أهم مكناته وهي حق المؤلف في نسبة مصنفه إليه أو ما يسمى "حق الأبوة الذهنية"، وكما يمكن أن يقع هذا التعدي (التعدي على المصنفات) بطريق التقليد الكامل للمصنف الذي قد يصل إلى حد نزع غلاف مصنف مكتوب ووضع اسم المتعدي كمؤلف على غلاف جديد، يمكن أيضا أن يقع بصور أخرى من بينها تحويل المصنف من لون أدبي إلى لون أدبي آخر بغير إذن من مؤلفه، كتحويل قصة تحتويها دفتي كتاب "مصنف مكتوب" إلى مصنف سمعي أو سمعي بصري مع المغايرة في بعض الأحداث مما تقتضيه الاعتبارات الفنية للون المحول إليه المصنف، والإبقاء على حبكته الدرامية من حيث الأحداث وتسلسلها والأماكن التي تقع فيها وتكوين الشخصيات الرئيسية والعلاقات بينها وأدوارها والهدف العام– بحسبانها قوام المصنف المقلد– على حالها، أو إدخال بعض التعديلات عليها بما لا يخل بجوهرها الذي شيدها عليه مبتكرها" مؤلف المصنف محل التعدي".

4 - لا يعزب عن ناظر أن الفكرة التي يعالجها المصنف المكتوب- محل التعدي- بتحويلها من فكرة مجردة يمكن أن تتوارد الخواطر بشأنها- إلى فكرة مجسدة معبر عنها في صورة مصنف جدير بالحماية لانطوائه على حبكة درامية مبتكرة– هي بذاتها الفكرة التي يصدر عنها معد العمل المتعدي والذي لم يبذل جهدا فكريا معتبرا في التعامل مع فكرة مجردة، بل قلد بطريق المحاكاة الفكرة المجسدة في المصنف محل التعدي دون أن ينسبه إلى صاحبه ولو بادعاء الاقتباس منه (adaptation) أو تحويره فنيا (dramatization) "كصورة أو أخرى من صور المصنف المشتق"، متعديا بذلك على حقه في نسبة مصنفه إليه بوجوب ذكر اسمه عليه وعلى أية مواد دعاية أو إعلان عنه أيا كانت طريقة التعبير المستخدمة في ذلك، ومن ثم فلا يسوغ التحدي– والحال هذه– بأن العمل المتعدي لا يتشارك مع المصنف محل التعدي إلا في الفكرة العامة المجردة التي لا تتمتع بالحماية، كما لا تسوغ المطالبة بإقامة الدليل على واقعة الاطلاع على ذلك المصنف بعد أن صدر صاحب العمل المتعدى في عمله عن الفكرة المجسدة المعبر عنها- بما تنطوي عليه من حبكة درامية مبتكرة على نحو ما شيدها عليه مؤلف المصنف محل التعدي– ففي ذلك خير شاهد وأبلغ دليل.

5 - الحبكة الدرامية المبتكرة كتجسيد للفكرة وتعبير عنها لا يمكن أن تتوارد الخواطر بشأنها.

6 - لا وجه للتحدي– بعدم استيفاء مؤلف المصنف– محل التعدي– لشروط إيداع نسخ من مصنفه الجهة التي يحددها القرار الوزاري الذي أحالت الفقرة الأولى من المادة (184) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية عليه في تحديدها، إذ لا يترتب على عدم الإيداع– وفقا لحكم الفقرة الثانية من ذات المادة– المساس بحقوق المؤلف المنصوص عليها في ذلك القانون، ومؤدى ذلك أن الإيداع ليس شرطا للحماية يترتب على تخلفه عدم استظلال المصنف بوارف ظلها، بل غاية ما يفيده هذا النص أن الإيداع محض قرينة بسيطة على أن المصنف المودعة نسخ منه- استيفاء لأحكام الفقرة الأولى من المادة (184) سالفة البيان– من ابتكار المودع باسمه المصنف، وهي قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، فإذا لم ينفذ الالتزام بالإيداع أو شابت هذا الإيداع شائبة، فلا يعني ذلك– في حد ذاته– أن المصنف محل التعدي ليس من ابتكاره، إذ للمؤلف أن يقدم من القرائن البديلة "في حالة عدم الالتزام بالإيداع" أو القرائن المعززة "في حالة ما إذا شابت الإيداع شائبة" ما يؤكد أسبقيته في تصنيف مصنفه قبل المصنف المتعدي، والمشرع المصري– بهذا النص المحكم– يكون مواكبا تماما للاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق المؤلف– وعلى رأسها الاتفاقية الأم "اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية لسنة 1886" وثيقة باريس1971"]Convention de Berne pour la protection des œuvres littéraires et artistiques 1886 ، Acte de paris 1971 [.– وللغالب الأعم من التشريعات المقارنة، وكذا للمستقر عليه في فقه الشراح الثقات.

7 - الحماية في مجال الملكية الأدبية والفنية– حق المؤلف في حدود الطعن المعروض– هي– وبحسب طبيعتها– حماية تلقائية لا تخضع– بحسب الأصل– لأية إجراءات رسمية واجبة الإتباع مما تقتضيه طبيعة الحماية في مجال الملكية الصناعية (براءات– علامات– نماذج صناعية) وغيرها (la propriété industrielle).

8 - بحسب محكمة الموضوع أن تستخلص ركن الخطأ المتمثل في التعدي على المصنف بانتهاك حق الأبوة الذهنية لمبتكره عليه، وذلك من أوراق الدعوى ومستنداتها والدليل فيها استخلاصا سائغا حتى تقضي بالتعويض عن الضرر الأدبي بحسبانه ضررا مفترضا يتحقق بمجرد وقوع هذا التعدي، وهي نتيجة طبيعية تجد سندها في رابطة الأبوة التي تربط المضرور بمصنفه.

9 - إذ كانت محكمة الموضوع– على قاعدة من النظر المتقدم، وبما لها من سلطة تامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن ومن بينها تقرير الخبرة المقدم فيها، وسلطتها في تقدير قيام ركن الخطأ الموجب للمسئولية بحسبان أن ذلك كله من مسائل الواقع في الدعوى التي تستقل بتقديرها تقديرا قائما على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق– قد خلصت إلى أن "ما انتهى إليه الخبير من أنه تبين له– بعد قراءته لقصة "..." والرواية كاملة بعد تعديل اسمها إلى "..."، ومشاهدته مسلسل "...." الذي تم عرضه لأول مرة على الشاشات عام 2016– أنهما مستوحيان من فكرة واحدة وهي قضية صراع الحضارات والتعايش المشترك بين البشر في ظل اختلاف الثقافات والحضارات والبيئة التي ينشأ فيها الفرد، فضلا عن تشابههما في الحبكة الدرامية متمثلة في تسلسل الأحداث والأماكن وتكوين العائلات في العملين والعلاقات الإنسانية بينهما من خلال أدوار كل الشخصيات الرئيسية والجنسيات والديانات وما صاحب ذلك من أحداث، واجتماع الأبناء على هدف واحد وهو مال الأب، بما يقطع أن كاتب سيناريو "..." المدعى عليه "الطاعن" قد اطلع على فكرة مصنف "..." أو "..." سابقا الخاص بالمدعي "المطعون ضده الأول"، واستوحى منه فكرة المسلسل وبعض الأحداث، وأن السيناريو الخاص بالأول "المدعى عليه– الطاعن" ليس خالصا في إبداع فكرته في بعض المواضع التي اقتبس فكرتها وعدل صياغتها بعد اطلاعه على فكرة الأخير ومصنفه، وإن اختلفت المعالجة في كل منهما بما يكشف عن أن المدعي "المطعون ضده الأول" هو صاحب قصة وفكرة مسلسل "...."، إذ لا يمكن توارد الخواطر بين المؤلفين إلى حد الفكرة وبعض الأحداث ما لم يكن المدعى عليه الأول "الطاعن" قد اطلع على العمل الأدبي الخاص بالمدعي "المطعون ضده الأول"، وهو ما يثبت أبوته لفكرة المسلسل"، ودلل الحكم المطعون فيه على أسبقية تصنيف مصنف المدعي "المطعون ضده الأول"- سواء في صورته الأولية "..." أو ما تلاها من تسمية "..."- على العمل المسمى "..." ببعض مما طوته الدعوى من أوراق ومستندات متمثلة في الشهادة الصادرة من مكتب التوثيق النموذجي بالجيزة في 1/ 7/ 2009، وعقد نشر القصة المحرر بين المطعون ضده الأول وإحدى دور النشر في سنة 2010، وإيصال استلام المطعون ضده الأول لمصنفه من دار النشر بعد طباعته في سنة 2011، وخلص من ذلك كله إلى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية في جانب الطاعن، ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض عن الضرر الأدبي، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه– استخلاصا وتدليلا وإلزاما- سائغا وله معينه من الأوراق وكافيا لحمل قضائه، فلا على المحكمة مصدرته– من بعد– إن لم تتبع المدعى عليه الأول "الطاعن" في مختلف أقواله وحججه والرد استقلالا على كل قول أو حجة أثارها، إذ في الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، الأمر الذي يضحى معه هذا النعي محض جدل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الدليل بها، ومن ثم يكون النعي بسببي الطعن (الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب) على غير أساس.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم ….. لسنة 9ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم أولا: بإثبات حالة التعدي على حقوق الملكية الفكرية خاصته، ثانيا: بإلزام الطاعن بالتعويض عن الأضرار الأدبية والمادية جراء الاستيلاء على مؤلفه، ثالثا: بإلزام الطاعن بأن يدفع له المبلغ الذي تحصل عليه من شركة الإنتاج لنسبته المصنف محل التداعي لنفسه على خلاف الحقيقة، رابعا: تطبيق أقصى عقوبة على الطاعن لاعتدائه على الحق الأدبي له عملا بنص المادة 181 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية. وقال بيانا لدعواه أنه من بين أعماله الروائية قصة وسيناريو وحوار بعنوان "…………" المثبت تاريخها والمسجلة بالشهر العقاري عام 2009، وأنه تعاقد مع دار نشر تدعى …….، بقصد طباعتها ونشرها ووزعت الطبعة الأولى باسم "....." في سنة 2011، وأنه- في محاولة منه لتسويقها– قام بتسليمها لعدة شركات إنتاج، ومن بينها الشركة المطعون ضدها الثانية، إلا أنه فوجئ في شهر رمضان عام 2016 بعرض مصنفه كمسلسل بعنوان "……." منسوبا للطاعن دون تصريح أو اتفاق مسبق، وبالمخالفة لأحكام قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، فكانت دعواه، ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره قضت المحكمة بتاريخ 5 من فبراير سنة 2019 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده الأول 300000 جنيه تعويضا أدبيا. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية ارتأت تحديد جلسة لنظره، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، ورأى دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ إنه- على نحو ما أورى- لم يعلن بأصل صحيفة الدعوى بتاريخ 28/ 8/ 2017، فتقدم المطعون ضده الأول بجلسة 9/ 11/ 2017 بإعادة إعلان له بأصل الصحيفة وبتصحيح شكل الدعوى، وإذ لم يحضر أو من يمثله بأي جلسة من الجلسات أمام محكمة الموضوع، فقد مضت المحكمة في نظر الدعوى مصدرة حكمها بجلسة 9/ 1/ 2018 بندب خبير فيها، ثم أصدرت حكمها المطعون فيه، بما يكون معه الحكم الأخير قد صدر منعدما، إذ لا يعتبر إعادة إعلانه بأصل الصحيفة بمثابة إعلان له بها لخلو ورقة إعادة الإعلان من البيانات الواجب ذكرها بصحيفة افتتاح الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، إذ إنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن التحقق من حصول إعلان الخصوم بصحيفة الدعوى– كشرط جوهري أوجبه القانون لانعقاد الخصومة فيها وإعادة الإعلان في الحالات التي نص عليها أو نفى ذلك– من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا معقب متى كانت تستند في ذلك إلى أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول أعلن الطاعن بأصل صحيفة الدعوى في 7/ 11/ 2017 إعلانا قانونيا صحيحا، كما أعلنه بصحيفة تصحيح شكل الدعوى إعلانا قانونيا صحيحا بذات التاريخ، ومن ثم فلا محل للتحدي بعدم إعادة إعلانه بالدعوى، إذ إن الغاية من الإعلان بأصل الصحيفة وإعادة الإعلان قد تحققت لاسيما بعد إعلانه بصحيفة التصحيح، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالسبب الأول من أسباب الطعن يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، إذ قضى الحكم بإلزامه بالتعويض لاعتدائه على الحق الأدبي للمطعون ضده الأول باعتباره صاحب مصنف "…….."- "......"- استنادا إلى ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من تشابه الفكرة العامة لهذا المصنف مع مصنفه "……" حال أن الأفكار المجردة مثل فكرة "……." لا تحمى بل تحمي الأفكار المعبر عنها، لاسيما وأن المعالجة الفنية والحبكة الدرامية والسمات الشخصية مختلفة في المصنفين، كما أن الحكم لم يدلل على ما أورده الخبير في تقريره من اطلاع الطاعن على مؤلف المطعون ضده الأول وسبق تصنيف الأخير "المطعون ضده الأول" لمصنفه قبل عرض مصنف الطاعن "………"، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التعدي على المصنفات بطريق التقليد "المحاكاة" هو انتهاك لحقوق مؤلفيها لاسيما الحق الأدبي متمثلا في أهم مكناته وهي حق المؤلف في نسبة مصنفه إليه أو ما يسمى "حق الأبوة الذهنية"، وكما يمكن أن يقع هذا التعدي بطريق التقليد الكامل للمصنف الذي قد يصل إلى حد نزع غلاف مصنف مكتوب ووضع اسم المتعدي كمؤلف على غلاف جديد، يمكن أيضا أن يقع بصور أخرى من بينها تحويل المصنف من لون أدبي إلى لون أدبي آخر بغير إذن من مؤلفه، كتحويل قصة تحتويها دفتي كتاب "مصنف مكتوب" إلى مصنف سمعي أو سمعي بصري مع المغايرة في بعض الأحداث مما تقتضيه الاعتبارات الفنية للون المحول إليه المصنف، والإبقاء على حبكته الدرامية من حيث الأحداث وتسلسلها والأماكن التي تقع فيها وتكوين الشخصيات الرئيسية والعلاقات بينها وأدوارها والهدف العام– بحسبانها قوام المصنف المقلد– على حالها، أو إدخال بعض التعديلات عليها بما لا يخل بجوهرها الذي شيدها عليه مبتكرها "مؤلف المصنف محل التعدي" ولا يعزب عن ناظر أن الفكرة التي يعالجها المصنف المكتوب- محل التعدي- بتحويلها من فكرة مجردة يمكن أن تتوارد الخواطر بشأنها إلى فكرة مجسدة معبر عنها في صورة مصنف جدير بالحماية لانطوائه على حبكة درامية مبتكرة هي بذاتها الفكرة التي يصدر عنها معد العمل المتعدي والذي لم يبذل جهدا فكريا معتبرا في التعامل مع فكرة مجردة، بل قلد بطريق المحاكاة الفكرة المجسدة في المصنف محل التعدي دون أن ينسبه إلى صاحبه ولو بادعاء الاقتباس منه (adaptation) أو تحويره فنيا (dramatization) "كصورة أو أخرى من صور المصنف المشتق"، متعديا بذلك على حقه في نسبة مصنفه إليه بوجوب ذكر اسمه عليه وعلى أية مواد دعاية أو إعلان عنه أيا كانت طريقة التعبير المستخدمة في ذلك، ومن ثم فلا يسوغ التحدي- والحال هذه- بأن العمل المتعدي لا يتشارك مع المصنف محل التعدي إلا في الفكرة العامة المجردة التي لا تتمتع بالحماية، كما لا تسوغ المطالبة بإقامة الدليل على واقعة الاطلاع على ذلك المصنف بعد أن صدر صاحب العمل المتعدي في عمله عن الفكرة المجسدة المعبر عنها- بما تنطوي عليه من حبكة درامية مبتكرة على نحو ما شيدها عليه مؤلف المصنف محل التعدي- ففي ذلك خير شاهد وأبلغ دليل، إذ إن الحبكة الدرامية المبتكرة كتجسيد للفكرة وتعبير عنها لا يمكن أن تتوارد الخواطر بشأنها، ولا وجه للتحدي- أيضا- بعدم استيفاء مؤلف المصنف– محل التعدي– لشروط إيداع نسخ من مصنفه الجهة التي يحددها القرار الوزاري الذي أحالت الفقرة الأولى من المادة (184) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية عليه في تحديدها، إذ لا يترتب على عدم الإيداع– وفقا لحكم الفقرة الثانية من ذات المادة– المساس بحقوق المؤلف المنصوص عليها في ذلك القانون، ومؤدى ذلك أن الإيداع ليس شرطا للحماية يترتب على تخلفه عدم استظلال المصنف بوارف ظلها، بل غاية ما يفيده هذا النص أن الإيداع محض قرينة بسيطة على أن المصنف المودعة نسخ منه- استيفاء لأحكام الفقرة الأولى من المادة (184) سالفة البيان– من ابتكار المودع باسمه المصنف، وهي قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، فإذا لم ينفذ الالتزام بالإيداع أو شابت هذا الإيداع شائبة، فلا يعني ذلك– في حد ذاته– أن المصنف محل التعدي ليس من ابتكاره، إذ للمؤلف أن يقدم من القرائن البديلة "في حالة عدم الالتزام بالإيداع" أو القرائن المعززة "في حالة ما إذا شابت الإيداع شائبة" ما يؤكد أسبقيته في تصنيف مصنفه قبل المصنف المتعدى، والمشرع المصري– بهذا النص المحكم– يكون مواكبا تماما للاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق المؤلف– وعلى رأسها الاتفاقية الأم "اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية لسنة 1886" وثيقة باريس 1971"]Convention de Berne pour la protection des œuvres littéraires et artistiques 1886 , Acte de paris 1971 – وللغالب الأعم من التشريعات المقارنة، وكذا للمستقر عليه في فقه الشراح الثقات- من أن الحماية في مجال الملكية الأدبية والفنية– حق المؤلف في حدود الطعن المعروض هي– وبحسب طبيعتها– حماية تلقائية لا تخضع– بحسب الأصل– لأية إجراءات رسمية واجبة الإتباع مما تقتضيه طبيعة الحماية في مجال الملكية الصناعية (براءات –علامات– نماذج صناعية) وغيرها (la propriété industrielle)، كما أنه بحسب محكمة الموضوع أن تستخلص ركن الخطأ المتمثل في التعدي على المصنف بانتهاك حق الأبوة الذهنية لمبتكره عليه، وذلك من أوراق الدعوى ومستنداتها والدليل فيها استخلاصا سائغا حتى تقضي بالتعويض عن الضرر الأدبي بحسبانه ضررا مفترضا يتحقق بمجرد وقوع هذا التعدي، وهي نتيجة طبيعية تجد سندها في رابطة الأبوة التي تربط المضرور بمصنفه، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع– على قاعدة من النظر المتقدم، وبما لها من سلطة تامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن ومن بينها تقرير الخبرة المقدم فيها، وسلطتها في تقدير قيام ركن الخطأ الموجب للمسئولية بحسبان أن ذلك كله من مسائل الواقع في الدعوى التي تستقل بتقديرها تقديرا قائما على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق– قد خلصت إلى أن "ما انتهى إليه الخبير من أنه تبين له بعد قراءته لقصة "….." والرواية كاملة بعد تعديل اسمها إلى "....."، ومشاهدته مسلسل "……." الذي تم عرضه لأول مرة على الشاشات عام 2016– أنهما مستوحيان من فكرة واحدة وهي قضية صراع الحضارات والتعايش المشترك بين البشر في ظل اختلاف الثقافات والحضارات والبيئة التي ينشأ فيها الفرد، فضلا عن تشابههما في الحبكة الدرامية متمثلة في تسلسل الأحداث والأماكن وتكوين العائلات في العملين والعلاقات الإنسانية بينهما من خلال أدوار كل الشخصيات الرئيسية والجنسيات والديانات وما صاحب ذلك من أحداث، واجتماع الأبناء على هدف واحد وهو مال الأب، بما يقطع أن كاتب سيناريو "……." المدعى عليه "الطاعن" قد اطلع على فكرة مصنف "…….." أو "….." سابقا الخاص بالمدعي "المطعون ضده الأول"، واستوحى منه فكرة المسلسل وبعض الأحداث، وأن السيناريو الخاص بالأول "المدعى عليه – الطاعن" ليس خالصا في إبداع فكرته في بعض المواضع التي اقتبس فكرتها وعدل صياغتها بعد اطلاعه على فكرة الأخير ومصنفه، وإن اختلفت المعالجة في كل منهما بما يكشف عن أن المدعي "المطعون ضده الأول" هو صاحب قصة وفكرة مسلسل "......."، إذ لا يمكن توارد الخواطر بين المؤلفين إلى حد الفكرة وبعض الأحداث ما لم يكن المدعى عليه الأول "الطاعن" قد اطلع على العمل الأدبي الخاص بالمدعي "المطعون ضده الأول"، وهو ما يثبت أبوته لفكرة المسلسل، ودلل الحكم المطعون فيه على أسبقية تصنيف مصنف المدعي "المطعون ضده الأول"- سواء في صورته الأولية "……" أو ما تلاها من تسمية "………." - على العمل المسمى "………" ببعض مما طوته الدعوى من أوراق ومستندات متمثلة في الشهادة الصادرة من مكتب التوثيق النموذجي بالجيزة في 1/ 7/ 2009، وعقد نشر القصة المحرر بين المطعون ضده الأول وإحدى دور النشر في سنة 2010، وإيصال استلام المطعون ضده الأول لمصنفه من دار النشر بعد طباعته في سنة 2011، وخلص من ذلك كله إلى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية في جانب الطاعن، ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض عن الضرر الأدبي، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه– استخلاصا وتدليلا وإلزاما- سائغا وله معينه من الأوراق وكافيا لحمل قضائه، فلا على المحكمة مصدرته- من بعد- إن لم تتبع المدعى عليه الأول "الطاعن" في مختلف أقواله وحججه والرد استقلالا على كل قول أو حجة أثارها، إذ في الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، الأمر الذي يضحى معه هذا النعي محض جدل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الدليل بها، ومن ثم يكون النعي بسببي الطعن على غير أساس.

ولما تقدم جميعه، يتعين رفض الطعن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق