الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يناير 2022

الطعن 3 لسنة 45 ق جلسة 29 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 أحوال شخصية ق 336 ص 1834

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري وصلاح نصار.

------------------

(336)
الطعن رقم 3 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. إثبات "طرق الإثبات".
العشرة أو المساكنة. لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على النكاح. اختلاف الآراء في المذهب الحنفي بشأن الشهادة على النكاح.
(2) أحوال شخصية "النسب". إثبات "البينة".
النسب. ثبوته بالفراش أو الإقرار أو البينة. المقصود بالبينة الكاملة. عدم اشتراط معاينة واقعة الولادة أو حضور مجلس العقد.
 (3)محكمة الموضوع "تقدير الدليل". إثبات "البينة".
إقامة الحكم قضاءه في دعوى النسب على البينة الشرعية والقرائن. لا يعيبه ما تزيد فيه من إثبات النسب بالفراش على مجرد المساكنة.

----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على النكاح وتردد القول بين الحنفية، فعند الصاحبين يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنه ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية، فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد، أما الإمام فلم يجز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا أشتهر شهرة حقيقية وهو ما يكون بالتواتر.
2 - النسب كما يثبت بالفراش والإقرار يثبت بالبينة، فإذا ادعت امرأة على رجل أنها ولدت منه ولم تكن فراشاً له فلها إثبات مدعاها بالبينة الكاملة أي بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول والبينة في هذا المجال أقوى من مجرد الدعوة أو الإقرار، والشهادة المنصبة على النسب لا يشترط فيها معاينة واقعة الولادة أو حضور مجلس العقد إن كان.
3 - لئن كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد مساكنة المطعون عليها للطاعن دليلاً على الفراش وثبوت النكاح بينهما واعتد بها كشهادة عيانية بالارتباط الزوجي، وكان في ذلك مخالفاً للقواعد الشرعية إلا أنه لما كان يبين من مدوناته أنه استند فيما استند إليه في قضائه بثبوت نسب الصغير إلى البينة الشرعية وكان الحكم المطعون فيه وفي نطاق سلطته الموضوعية في الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها قد انتهى بأسباب سائغة إلى ترجيح بينة المطعون عليها على بينة الطاعن ثم ساندها بقرينة استمدها من وجود الولد مع الطاعن والمطعون عليها، وكانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم فإنه لا يعيبه ما تزيد فيه من إثبات النسب بالفراش.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعن ابتداء الدعوى رقم 2180 سنة 1971 أحوال شخصية أمام محكمة شبرا الجزئية، طالبة الحكم لها عليه بفرض نفقة لولدهما "شريف" وأجور حضانته وإرضاعه ومسكن حضانته اعتباراً من 5/ 1/ 1971، وقالت في بيانها إنها زوج للطاعن ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ورزقت منه في 5/ 10/ 1971 بالولد "شريف"، طبقاً لشهادة الميلاد المستخرجة من مكتب صحة مصر الجديدة، أنكر الطاعن الزوجية والمعاشرة والنسب، وحكمت المحكمة في 19/ 2/ 1972 بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية، للأحوال الشخصية وقيدت برقم 843 سنة 1973 "أحوال شخصية نفس" وطلبت المطعون عليها إثبات نسب الولد للطاعن. ادعى الطاعن تزوير شهادة الميلاد المقدمة من المطعون عليها، وبتاريخ 3/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير، ثم حكمت في 20/ 3/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الولد المذكور ابن للطاعن بصحيح النسب الشرعي، وأنها رزقت به منه على فراش الزوجية، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 29/ 2/ 1974 برفض الدعوى، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 91 ق أحوال شخصية القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها، وبتاريخ 20/ 1/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، وثبوت نسب الولد "شريف" من أبيه الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينص الطاعن بالشق الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اتخذ من شهادة شاهدي المطعون عليها طريقاً لإثبات نسب الولد بالفراش، فاعتبر أن أقوالهما شهادة بمعاينة المساكنة والمخالطة الدالة على قيام العشرة الزوجية ومساكنتها مساكنة الأزواج وأن إنجاب الطفل كان نتيجة لها، في حين أن ذلك استناد من الحكم لقول مرجوح في الفقه الحنفي، والصحيح وجوب أن يكون الفراش ثابتاً لا نزاع فيه ولا يغتفر فيه التناقض، هذا إلى أن ما ذهب إليه الحكم من ثبوت نسب الولد للطاعن على البينة يخالف الراجع من مذهب الحنفية الذي يشترط لصحة الزواج الشهادة عليه والحلية، بأن تكون المرأة حلالاً للرجل وأن تكون بصيغة التأبيد. ولئن جازت الشهادة فيه بالتسامح عليه، إلا أنه يشترط لقبولها أن يكون السماع ممن حضروا مجلس العقد لا من غيرهم. ويبين من أقوال شاهدي المطعون عليها أنها لا تثبت نسباً، فلم يقرر أي منهما أنه حضر مجلس العقد أو سمع به ممن حضره أو أخبره به جمع متوافر يستحيل تواطؤهم على الكذب، إنما استقيا علمهما بذلك من المطعون عليها نفسها، مما يجعل شهادة كل منهما غير مقبولة شرعاً. وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على النكاح وتردد القول بين الحنفية، فعند الصاحبين يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنه ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية، فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد، أما الإمام فلم يجز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا أشتهر شهرة حقيقية، وهو ما يكون بالتواتر، ولئن اعتبر الحكم المطعون فيه مجرد مساكنة المطعون عليها للطاعن دليلاً على الفراش وثبوت النكاح بينهما واعتد بها كشهادة عيانية بالارتباط الزوجي، وكان في ذلك مخالفاً للقواعد الشرعية، إلا أنه لما كان يبين من مدوناته أنه استند فيما استند عليه في قضائه بثبوت نسب الصغير على قوله"..... أما عن ثبوت النسب بالبينة فهو ثابت بشهادة شاهديها أمام محكمة أول درجة، ذلك إذا كان أولهما بعد أن قرر أنهما زوجان وأن المولود "شريف" طفلهما وأنه كان يخرج معهما، سئل: هل تعرف الولد الصغير المطلوب إثبات نسبه، أجاب أنه كان ينزل مع البنت الخدامة ويقعد في القهوة وتلاعبه، ثم يقول ومن صغر الولد كانوا يركبوا معه في السيارة وكان سنه حوالي سنتين، ولما سئل عن رأيه في إنكار المدعى عليه - للطاعن - لبنوة الصغير، أنا أقول الذي يخلصني من الله، وإذا كان ثانيهما بعد أن شهد بزواجهما قرر أنه يتردد على مسكن المدعية لإصلاح ما عندها من أعمال كهربائية وأنها زوجة للمدعى عليه، وأنه هو الذي كان يفتح له الباب وكان يراه في الشقة بالبيجامة وقال: "في حوالي أكتوبر 1971 شفت أنها ولدت طفلها شريف، ثم يبين كيفية علمه بواقعة الميلاد، ولما سئل هل رأيت الطفل شريف بعد ميلاده قال: أيوه أنا أروح أشوفه في البيت كما قرر أنه لا يسكن مع المدعية في الشقة إلا والدها المسن". فإن مفاد هذا الذي قرره الحكم أنه بنى قضاءه بنسب الولد للطاعن على سند من البينة الشرعية، لما كان النسب كما ثبت بالفراش والإقرار يثبت بالبينة، فإذا ادعت امرأة على رجل أنها ولدت منه ولم تكن فراشاً له فلها إثبات مدعاها بالبينة الكاملة أي بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول، وكانت البينة في هذا المجال أقوى من مجرد الدعوة أو الإقرار، وكانت الشهادة المنصبة على النسب لا يشترط فيها معاينة واقعة الولادة أو حضور مجلس العقد إن كان. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه في نطاق سلطته الموضوعية في الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها قد انتهى بأسباب سائغة إلى ترجيح بينة المطعون عليها، على بينة الطاعن ثم ساندها بقرينة استمدها من وجود الولد مع الطاعن والمطعون عليها، وكانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم فإنه لا يعيبه ما تزيد فيه من إثبات النسب بالفراش ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول والشق الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن مفاد المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن تطرح على محكمة الاستئناف كافة الأدلة والدفاع والدفوع التي كانت قائمة أمام محكمة أول درجة وأن تحكم فيها، ومع ذلك فلم يعرض الحكم للادعاء بالتزوير في شهادة الميلاد وورقة التبليغ، وقضي ضمناً بصحتهما رغم تمسكه بذلك أمامها، هذا إلى أن الحكم قضى بصحة المحررين المطعون عليهما وفي موضوع الدعوى معاً رغم مخالفة نص المادة 44 من قانون الإثبات، وقد أدى خطأ الحكم في هذا المقام إلى الاعتداد بشهادة الميلاد واعتبارها حجة في إثبات النسب في ظل القانون رقم 260 لسنة 1960 كما اعتبر ورقة التبليغ بمثابة إقرار من الطاعن بثبوت النسب، وأقام عليه قضاءه، مع أن شهادة الميلاد لا تعدو إن صحت أن تكون قرينة على ثبوته، بالإضافة إلى أن الإقرار الذي يؤخذ به المقر هو الذي يصدر منه في مجلس القضاء، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي بفرض صحته غير منتج، ذلك أنه لما كانت المحكمة قد بينت في الرد على السبب السابق أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من ثبوت النسب بالبينة دعامة تكفي لحمل قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن في إسناد الحكم على الإقرار كوسيلة لثبوت النسب يكون ولا جدوى منه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق