جلسة 11 من سبتمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، وائل أنور ، أسامة النجار وأشرف خيري نواب رئيس المحكمة .
-------------
(61)
الطعن رقم 11456 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان بها الطاعنة وإيراده على ثبوتها في حقها أدلة سائغة وكافية لنسبة الاتهام إليها . لا قصور .
مثال .
(2) إزعاج . جريمة " أركانها " .
النعي بانتفاء أركان جريمة الإزعاج لكون العبارات التي وجهت للمجني عليها نشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي ولا تشكل إساءة لها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(3) إزعاج . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الإزعاج . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يكفي لاستظهاره .
مثال .
(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(5) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إثارة الدفع ببطلان استعلام النيابة العامة عن بيانات هاتف الطاعنة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها . غير مقبول .
(6) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
لمحكمة الموضوع الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع والمستندات . مفاده : اطراحها.
(8) محكمة استئنافية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه . عدم تمسك الطاعنة أو المدافع عنها بسماع أقوال الشهود . تنازل منها عن سماعهم . طلبها احتياطياً إحالة الدعوى للتحقيق . لا يغير هذا النظر . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم الاستئنافي المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت التهمة ، استمدها من أقوال المجني عليها شاهدة الإثبات من نشر الطاعنة تعليقاً أورد نصه تضمن توجيه ألفاظ ضاق بها صدر المجني عليها مما يُعد إزعاجاً لها عبر موقع التواصل الاجتماعي ، وما ثبت من تقرير الفحص الفني بقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات أن الحساب الذي قام بالنشر باسم الطاعنة ، وأنه مرتبط برقم هاتف محمول ثبت من استعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات المزودة للخدمة أنه مسجل باسم الطاعنة ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة حول الواقعة ، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وفقاً لما يوجبه عليها نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم على هذا النحو كاف في بيان الواقعة بأركانها وأدلة ثبوتها في حق الطاعنة ، وجاء تدليله على ثبوت التهمة على نحو كاف لنسبة الاتهام إليها ، فإن ما تنعاه على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل .
2- من المقرر أن الإزعاج وتعمد مضايقة المجني عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهته الطاعنة من عبارات للمجني عليها عن طريق تدوينها في تعليق موجه للمجني عليها على موقع التواصل الاجتماعي ، ويمكن لها مطالعته والاطلاع على ما دون به من عبارات أوردها الحكم ، وانتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أنها تفيد تعمد إزعاج المجني عليها بما ضاق به صدرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقي ، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها ، فإن النعي بانتفاء الركن المادي للجريمة لكون العبارات التي تشكلها نُشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي ولا تشكل إساءة للمجني عليها وانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعنة يكون بعيداً عن محجة الصواب .
3- من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات ، ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعنة في ذلك على النحو السالف ، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعنة قد تعمدت ارتكاب ما نُسب إليها بخصوص هذه الجريمة ، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديها والتفاته عن الدفع بانتفائه يكون غير سديد .
4- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكانت الطاعنة لم تفصح بأسباب طعنها عن وجه مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق فيما نقله عن التحريات ، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
5- لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت دفاعاً بشأن بطلان أمر النيابة العامة بالاستعلام من مزود الخدمة عن بيانات هاتف الطاعنة لكونه موقعاً عليه من مصدره بتوقيع غير مقروء على النحو الذي تثيره بأسباب طعنها ، فإنه لا يقبل منها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ إذ إنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع، وكانت مدونات الحكم لا ترشح لقيام ذلك البطلان ، فليس للطاعنة من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
6- من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على ذلك الدفع ، ويكون معه ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمتها الطاعنة تأييداً لدفاعها ؛ لما هو مقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الشأن .
8- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة أو المدافع عنها لم تتمسك بسماع أقوال الشهود ، ولم تطلب من المحكمة الاستئنافية سماعهم مما يعد تنازلاً منها عن سماعهم ، وإن طلبت احتياطياً أمام المحكمة الاستئنافية إحالة الدعوى للتحقيق دون أن تطلب إجراء تحقيق معين ، الأمر الذي يفقد طلبها في هذا الخصوص خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته ، فإن هي التفتت عن هذا الطلب لا تكون قد أخلت بحق الطاعنة في الدفاع ، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ، وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لسماع الشهود نظراً لما ارتأته من وضوح الواقعة المطروحة عليها ، فإن ما تنعاه الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص لا يكون له محل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بوصف أنها :
تعمدت إزعاج المجني عليها/ .... وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات .
وطلبت عقابها بالمواد 1 ، 5/ 4 ، 6 ، 13/ 7 ، 70 ، 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات .
وأحالتها إلى محكمة جنح .... الاقتصادية ، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملا بنص المادة 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بتغريمها مبلغ عشرة آلاف جنيه .
استأنفت المحكوم عليها هذا الحكم ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهمة مبلغ خمسمائة جنيه .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت بالأوراق ؛ ذلك بأنه استخلص الإدانة من أدلة الدعوى بما لا يوفرها فى حق الطاعنة ، ولا يفيد قيام الركن المادي للجريمة لكون العبارات التي تشكلها نُشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي ، ولا تشكل إساءة للمجني عليها ، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنة ، ملتفتاً عن دفعها بانتفاء قصد الإضرار بالمجني عليها لعلاقة الصداقة والقرابة بينهما ، ونقل عن تحريات الشرطة مالم يرد بها ، كما التفت عن الدفع ببطلان الأمر الصادر من النيابة بالاستعلام عن بيانات خط الهاتف المستخدم في الجريمة لتوقيعه بإمضاء غير مقروءة ، والدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه، واطرحت المحكمة المستندات المقدمة منها تأييداً لدفاعها ، وأعرضت عن طلب سماع شهود . بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم الاستئنافي المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت التهمة ، استمدها من أقوال المجني عليها شاهدة الإثبات من نشر الطاعنة تعليقاً أورد نصه تضمن توجيه ألفاظ ضاق بها صدر المجني عليها مما يُعد إزعاجاً لها عبر موقع التواصل الاجتماعي ، وما ثبت من تقرير الفحص الفني بقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات أن الحساب الذي قام بالنشر باسم الطاعنة ، وأنه مرتبط برقم هاتف محمول ثبت من استعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات المزودة للخدمة أنه مسجل باسم الطاعنة ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة حول الواقعة ، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وفقاً لما يوجبه عليها نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم على هذا النحو كاف في بيان الواقعة بأركانها وأدلة ثبوتها في حق الطاعنة ، وجاء تدليله على ثبوت التهمة على نحو كاف لنسبة الاتهام إليها ، فإن ما تنعاه على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وتعمد مضايقة المجني عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهته الطاعنة من عبارات للمجني عليها عن طريق تدوينها في تعليق موجه للمجني عليها على موقع التواصل الاجتماعي ، ويمكن لها مطالعته والاطلاع على ما دون به من عبارات أوردها الحكم ، وانتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أنها تفيد تعمد إزعاج المجني عليها بما ضاق به صدرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقي ، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها ، فإن النعي بانتفاء الركن المادي للجريمة لكون العبارات التي تشكلها نُشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي ولا تشكل إساءة للمجني عليها وانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعنة يكون بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات ، ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعنة في ذلك على النحو السالف ، مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعنة قد تعمدت ارتكاب ما نُسب إليها بخصوص هذه الجريمة ، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديها والتفاته عن الدفع بانتفائه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكانت الطاعنة لم تفصح بأسباب طعنها عن وجه مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق فيما نقله عن التحريات ، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت دفاعاً بشأن بطلان أمر النيابة العامة بالاستعلام من مزود الخدمة عن بيانات هاتف الطاعنة لكونه موقعاً عليه من مصدره بتوقيع غير مقروء على النحو الذي تثيره بأسباب طعنها ، فإنه لا يقبل منها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ إذ إنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، وكانت مدونات الحكم لا ترشح لقيام ذلك البطلان ، فليس للطاعنة من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على ذلك الدفع ، ويكون معه ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمتها الطاعنة تأييداً لدفاعها ؛ لما هو مقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة أو المدافع عنها لم تتمسك بسماع أقوال الشهود ، ولم تطلب من المحكمة الاستئنافية سماعهم مما يعد تنازلاً منها عن سماعهم ، وإن طلبت احتياطياً أمام المحكمة الاستئنافية إحالة الدعوى للتحقيق دون أن تطلب إجراء تحقيق معين ، الأمر الذي يفقد طلبها في هذا الخصوص خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته ، فإن هي التفتت عن هذا الطلب لا تكون قد أخلت بحق الطاعنة في الدفاع ، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ، وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لسماع الشهود نظراً لما ارتأته من وضوح الواقعة المطروحة عليها ، فإن ما تنعاه الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق