جلسة 29 من اكتوبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدى منتصر
وحسن حمزه نواب رئيس المحكمة ومصطفى كامل.
--------------
(168)
الطعن رقم 9068 لسنة 58
القضائية
(1)إثبات
"بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها".
القضاء بالبراءة. حده:
إلمام المحكمة بالواقعة وأدلتها. وخلو حكمها من عيوب التسبيب والخطأ في القانون.
(2) قانون "تفسيره" "تطبيقه".
وجوب التحرز في تفسير
القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
صياغة النص في عبارة
واضحة لا لبس فيها. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. عدم جواز الانحراف
عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(3)تهريب جمركي "الضريبة على الاستهلاك". قانون "تطبيقه".
ما يعد في حكم التهريب من
أداء الضريبة على الاستهلاك ؟ الفقرة الأولى من المادة الرابعة والفقرتين الأولى
والرابعة من المادة 54 من القانون 133 لسنة 1981.
وجوب أن يحرر الملتزم
بالضريبة وحائز السلعة بغرض التجارة وساحبها من المصانع ومعامل إنتاجها. فاتورة
متضمنة قيمة الضريبة على الاستهلاك عن بيع أى سلعة محلية خاضعة لتلك الضريبة. أساس
ذلك ؟
(4) تهريب جمركي "الضريبة على الاستهلاك".
قانون "تفسيره" "تطبيقه".
إثبات حصول الإخطار ببيان
أماكن تخزين السلع الخاضعة للضريبة على الاستهلاك في المواعيد المقررة. على عاتق
المالك أو المستأجر أو المنتفع. أساس ذلك ؟
(5)تهريب جمركي "الضريبة على الاستهلاك". حكم "تسبيبه.
تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قضاء الحكم بالبراءة ورفض
الدعوى المدنية من تهمتي سحب السلعة من مصانع إنتاجها دون سداد الضريبة عنها وعدم لإخطار
عن عقار مخصص لتخزين السلعة موضوع الجريمة تأسيساً على أن عبء إثبات التهمتين يقع
على عاتق الطاعن بصفته على خلاف دلالة وصراحة نصوص القانون رقم 133 لسنة 1981 دون
سنده في ذلك. خطأ في القانون.
--------------
1 - من المقرر أنه يكفى
أن يتشكك القاضي في ثبوت التهمة ليقضى للمتهم بالبراءة إلا أن حد ذلك أن يكون قد
ألم بواقعة الدعوى وأدلتها وخلا حكمه من عيوب التسبيب ومن الخطأ في القانون.
2 - الأصل أنه يجب التحرز
في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما
تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً
صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً
كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلى المعنى قاطعاً في الدلالة
على المراد منه.
3 - مفاد الفقرة الأولى
من المادة الرابعة والفقرتين الأولى والرابعة من المادة 54 من القانون رقم 133
لسنة 1981 بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك أن مجرد سحب السلعة الخاضعة لتلك
الضريبة من مصانع ومعامل إنتاجها دون سداد الضريبة المستحقة وكذا حيازتها - بغرض
التجارة دون أن تكون مصحوبة بمستندات أو ملصقات أو أختام تفيد سداد الضريبة
المستحقة عليها يعد في حكم التهرب من أداء الضريبة، وكانت المادة 13 من ذات
القانون قد أوجبت على كل ملتزم بالضريبة وبالتالي حائزها بغرض التجارة وساحبها من
مصانع ومعامل إنتاجها - أن يحرر فاتورة عند بيع أي سلعة من السلع المحلية الخاضعة
للضريبة وتركت اللائحة التنفيذية تحديد بيانات هذه الفواتير وهو ما أوضحته المادة
الثامنة من تلك اللائحة الصادرة بالقرار الوزاري رقم 299 مكرراً لسنة 1981 من أنه
يتعين أن تتضمن الفاتورة قيمة الضريبة على الاستهلاك.
4 - لما كانت المادة 18
من القانون رقم 133 لسنة 1981 تنص على أنه وعلى كل مالك أو مستأجر أو منتفع بعقار
مخصص كله أو بعضه لتصنيع سلعة ما أو تخزينها أن يقدم إلى المصلحة........ إخطار
ببيانه أماكن التخزين........ واسم المستغل سواء من المالك أو المستأجر أو
المنتفع........... ويقدم الإخطار بالنسبة للأماكن التي يتم شغلها أو تأجيرها بعد
العمل بهذا القانون خلال شهر من تاريخ الأشغال أو التأجير. كما يقدم الإخطار كذلك
خلال شهر من تاريخ النزول عن الإيجار أو إنهائه ويقع عبء الإخطار على المالك أو
المستأجر أو المنتفع". فإن عبارة هذا النص صريحة في أن عبء الإخطار يقع على
المالك أو المستأجر أو المنتفع ومن ثم يقع عبء إثبات حصول الإخطار في المواعيد
المقررة على عاتق أي من هؤلاء الثلاثة، ولا على المصلحة أن تثبت عدم الإخطار.
5 - لما كان الحكم
المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها ورفض الدعوى المدنية قبلهما من تهمتي سحب
السلعة من مصادر إنتاجها دون سداد الضريبة عنها وعدم الإخطار عن عقار مخصص لتخزين
السلعة موضوع الجريمة بصفتهما المنتفعين به على سند من أن مصلحة الضرائب على
الاستهلاك لم تقدم ما يفيد عدم سداد هذه الضريبة وأنها لم ترجع الى دفاتر ومستندات
المصنع للتأكد من ذلك - بالنسبة للتهمة لأولى - ودون أن يكون في نصوص القانون رقم
133 لسنة 1981 ما يلزمها باتخاذ هذا الإجراء، وعلى أساس أنها لم تقدم ما يفيد عدم الإخطار،
فإنه يكون قد جعل عبء الإثبات على الطاعنين بصفته على خلاف دلالة وصراحة نصوص
القانون رقم 133 لسنة 1981 المشار إليه، على النحو المتقدم، ودون أن يبين سنده في ذلك،
فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضدهما بأنهما: (1) بصفتهما خاضعين للضريبة على الاستهلاك قاما بسحب السلعة
الخاضعة للضريبة (مياه طبيعة) من مصانع إنتاجها دون سداد الضريبة المستحقة عليها.
(2) لم يقوما بإخطار مصلحة الضرائب بالمكان المخصص للتخزين واسم المستغل خلال الميعاد
المحدد قانونا على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 3، 4، 9،
18/ 5، 32/ 5، 54/ 1 من القانون رقم 33 لسنة 1981. وادعى وزير المالية
"بصفته" مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 112419 جنيه. ومحكمة جنح حلوان قضت
حضوريا للأول وغيابيا للثاني ببراءة كل منهما. استأنفت النيابة العامة والمدعى
بالحقوق المدنية ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا
بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت إدارة قضايا
الحكومة عن المدعى بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى
ببراءة المطعون ضدهما من تهمتي التهرب من سداد الضريبة على الاستهلاك وعدم الإخطار
عن أماكن التخزين وما رتبه على ذلك من رفض الدعوى المدنية قبلهما قد شابه القصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه ألقى
عبء إثبات التهمتين على عاتق مصلحة الضرائب على الاستهلاك على خلاف أحكام القانون
رقم 133 لسنة 1981 مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن
حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه تم ضبط كميات من السلعة موضوع الدعوى بمصنع
المطعون ضدهما ولدى بعض التجار ثبت أنها مشتراه منهما وجميعها لم تسدد عنها
الضريبة على الاستهلاك كما ضبطت كمية من هذه السلعة بمخازن لم يقوما بإخطار مصلحة
الضرائب على الاستهلاك عنها وأسس الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءة المطعون ضدهما
ورفض الدعوى المدنية في قوله "وحيث إنه عن التهمة الأولى..... وحيث أن ما تم
ضبطه لدى سوبر ماركت الباشا ومخزن المدعو..... أنه كان يتعين على محرر المحضر أن
يرجع إلى دفاتر ومستندات المصنع لبيان ما اذا كان قد سدد عنها الضريبة من عدمه وهو
إذ لم يفعل ذلك فلا مناص من القول بعدم ثبوت واقعة التهرب في شأن هذه الكميات
وينطبق هذا أيضا على بوتيك....... الذى ضبط به عدد 46 كرتونه، أما عن قول
المدعى....... أنه يتعامل مع المصنع المذكور من مدة ثمانية أشهر وتقديمه فواتير
تاريخها يرجع إلى شهر نوفمبر سنة 1983 فإن مصلحة الضرائب على الاستهلاك لم تقدم في
الأوراق لم تقدم في الأوراق ما يفيد عدم سداد الضريبة ثمن هذه الكمية وأن ما جاء
بالأوراق هو مجرد أقوال لم يساندها دليل من الواقع. وإذ انتهت المحكمة من بيان
الدليل على عدم تحقق الواقعة المنشئة للضريبة فلا مجال إلا القول ببراءة المتهمين
من التهمة الأولى المسندة إليهما.... وحيث إن عن التهمة الثانية.....، وحيث إن
مصلحة الضرائب لم تقدم المستندات الدالة على عدم الإخطار في الموعد المحدد وأنه
ليس على المحكمة أن توجه الخصوم إلى الدليل وحسبها أن تقضى بما هو ثابت من الأوراق
وأن الواقعة على هذا النحو يعتورها الشك. وأن القضاء الجنائي بنى على اليقين
والجزم وليس على الاحتمال - ومتى كان ذلك فإن المحكمة تقضى ببراءة المتهمين من
التهمة الثانية المسندة إليهما....... وعن الدعوى المدنية فإن المحكمة قد انتهت
إلى البراءة فإنها تقضى برفضها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى أن
يتشكك القاضي في ثبوت التهمة ليقضى للمتهم بالبراءة إلا أن حد ذلك أن يكون قد ألم
بواقعة الدعوى وأدلتها وخلا حكمه من عيوب التسبيب ومن الخطأ في القانون. وأن الأصل
أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل
عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب
أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو
التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحا جلى المعنى
قاطعاً في الدلالة على المراد منه، لما كان ذلك وكان مفاد الفقرة الأولى من المادة
الرابعة والفقرتين الأولى والرابعة من المادة 54 من القانون رقم 133 لسنة 1981
بإصدار قانون الضريبة على الاستهلاك أن مجرد سحب السلعة الخاضعة لتلك الضريبة من
مصانع ومعامل إنتاجها دون سداد الضريبة المستحقة وكذا حيازتها بغرض التجارة دون أن
تكون مصحوبة بمستندات أو ملصقات أو أختام تفيد سداد الضريبة المستحقة عليها يعد في
حكم التهرب من أداء الضريبة، و لما كانت المادة 13 من ذات القانون قد أوجبت على كل
ملتزم بالضريبة وبالتالي حائزها بغرض التجارة وساحبها من مصانع ومعامل إنتاجها -
أن يحرر فاتورة عند بيع أي سلعة من السلع المحلية الخاضعة للضريبة وتركت اللائحة
التنفيذية تحديد بيانات هذه الفواتير وهو ما أوضحته المادة الثامنة من تلك اللائحة
الصادرة بالقرار الوزاري رقم 299 مكرراً لسنة 1981 من أنه يتعين أن تتضمن الفاتورة
قيمة الضريبة على الاستهلاك. واذ كان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه
بالحكم المطعون فيه انه ضبطت كميات من السلعة موضوع الدعوى المطروحة لدى بعض
التجار الذين قدموا الفواتير التي تثبت شرائها من المطعون ضدهما ولم تسدد عنها
الضريبة على الاستهلاك، فقد قطع بأن هذه الفواتير خلت من بيان قيمة الضريبة على
الاستهلاك الذى أوجبته المادة 13 من القانون رقم 133 لسنة 1981 والمادة الثامنة من
لائحته التنفيذية على النحو سالف البيان ويضحى الوضع الظاهر هو عدم سداد المطعون
ضدهما الضريبة على الاستهلاك عن تلك السلع المضبوطة لدى هؤلاء التجار, فيقع عليهما
ـ بصفتهما الملتزمين بالضريبة وساحبي السلعة ـ عبء إثبات سداد الضريبة على
الاستهلاك عنها لأنهما يدعيا على خلاف الظاهر. هذا ولما كانت المادة 18 من القانون
رقم 133 لسنة 1981 تنص على أنه "على كل مالك أو مستأجر أو منتفع بعقار مخصص
كله أو بعضه لتصنيع سلعة ما أو تخزينها أن يقدم إلى المصلحة........ إخطار ببيانه
أماكن التخزين....... واسم المستغل سواء من المالك أو المستأجر أو المنتفع......
ويقدم الإخطار بالنسبة للأماكن التي يتم شغلها أو تأجيرها بعد العمل بهذا القانون
خلال شهر من تاريخ الأشغال أو التأجير. كما يقدم الإخطار كذلك خلال شهر من تاريخ
النزول عن الايجار أو إنهائه ويقع عبء الإخطار على المالك أو المستأجر أو
المنتفع". فإن عبارة هذا النص صريحة في أن عبء الإخطار يقع على المالك أو
المستأجر أو المنتفع ومن ثم يقع عبء إثبات حصول الإخطار في المواعيد المقررة على
عاتق أي من هؤلاء الثلاثة، ولا على المصلحة أن تثبت عدم الإخطار. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها ورفض الدعوى المدنية قبلهما من
تهمتي سحب السلعة من مصادر إنتاجها دون سداد الضريبة عنها وعدم الإخطار عن عقار
مخصص لتخزين السلعة موضوع الجريمة بصفتهما المنتفعين به على سند من أن مصلحة
الضرائب على الاستهلاك لم تقدم ما يفيد عدم سداد هذه الضريبة وأنها لم ترجع إلى
دفاتر ومستندات المصنع للتأكد من ذلك - بالنسبة للتهمة لأولى - ودون أن يكون في نصوص
القانون رقم 133 لسنة 1981 ما يلزمها باتخاذ هذا الإجراء، وعلى أساس أنها لم تقدم
ما يفيد عدم الإخطار، فإنه يكون قد جعل عبء الإثبات على الطاعنين بصفته على خلاف
دلالة وصراحة نصوص القانون رقم 133 لسنة 1981 المشار إليه، على النحو المتقدم،
ودون أن يبين سنده في ذلك، فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيبا بالفساد في الاستدلال
والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية ودون حاجة الى
بحث سائر أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق