باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأربعاء ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ محمد هلالي " نائب رئيس المحكمة
" وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد مسعد خالد حسن محمد خالد الشرقبالي ومحمد
يوسف " نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ تميم حمودة.
وأمين السر السيد / موندي عبد السلام .
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 21 من شوال سنة 1442 ه الموافق الثاني من يونيه سنة
2021 م. أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13817 لسنة 90 القضائية .
المرفوع من:
1 - ........2- ....... " المحكوم
عليهما - الطاعنين "
ضد:
النيابة العامة " المطعون ضدها "
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 5696 لسنة 2020
مركز الباجور (المقيدة بالجدول الكلي برقم 519 لسنة 2020 شبين الكوم ) بأنهما في
يوم 10 من فبراير سنة 2020 بدائرة مركز الباجور - محافظة المنوفية :-
1- أجريا أعمال الحفر خلسة بقصد الحصول على الأثار دون ترخيص من الجهة
المختصة بأن باشرا أعمال الحفر والتنقيب بداخل مسكن المتهم الأول باستخدام الأدوات
محل التهمة الثانية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا أدوات " مقطف ، فاس ، حبال " والمبينة وصفًا بالأوراق
دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية والحرفية والمستخدمة في الجريمة محل
الاتهام الأول ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بجلسة 6 من يوليو سنة 2020 عملاً
بالمواد 1 ، 3 ، 5/1 ، 32/1 ، 40 ، 42/3،2 بند "2" من القانون رقم 117
لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010، 91 لسنة 2018 ، والمواد 1/1 ،
25مكررًا/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة
1978 ، 165 لسنة 1981 ، 5 لسنة
2019 ، والبند رقم 9 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، والمستبدل بقرار
وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والمضاف بقرار وزير الداخلية رقم 213 لسنة 2008
، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من ..... ، و ..... بالحبس لمدة سنة واحدة ، وبتغريم كل
منهما مبلغ خمسمائة ألف جنيه والتحفظ على موقع الحفر لصالح المجلس الأعلى للأثار
لاستكمال أعمال الحفائر على نفقة المتهمين وبمصادرة الأدوات المضبوطة والزمت
المحكوم عليهما بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض الثاني في 18 من أغسطس
سنة 2020 ، والأول في 31 من أغسطس سنة 2020 .
وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى عن المحكوم عليه الثاني في 18 من
أغسطس سنة 2020 موقع عليها من الأستاذة / ..... المحامي ، والثانية عن المحكوم
عليه الأول في الأول من سبتمبر سنة 2020 موقع عليها من الأستاذ / ..... المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان – بمذكرتي أسبابهما – على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص
وحيازة أدوات مما تستخدم في تلك الأعمال دون مسوغ ، قد شابه القصور في التسبيب ،
والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من الأسباب التي تكفي
لحمل قضاءه بالإدانة ، ولم يورد على نحو كافٍ مؤدى أدلة الثبوت التي أخذ بها ،
وحرر عل نموذج مطبوع ، هذا ولم يفطن الحكم إلى دفاعهما القائم على أن موقع الحفر
ليس من المواقع الأثرية ولا يخضع لقانون حماية الآثار - ومن ثم تنتفي الجريمة
المسندة إليهما - ولم يورد في تحصيله لمضمون تقرير اللجنة المشكلة من النيابة
العامة ، ولأقوال أعضائها ما يظاهر هذا الدفاع ، ودون أن يعني بتحقيقه باستخراج
شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار في هذا الصدد ، ورغم تمسك دفاعهما بهذا
الطلب فقد خلا محضر الجلسة من إثباته ، كذلك فقد أغفل الحكم الرد على دفوعهما
ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعدم جدية التحريات وتناقضها لقرائن
عددت ، وعدم معقولية تصوير الواقعة ، وانتفاء صلة الطاعن الثاني بها، هذا فضلًا عن
خلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة اثرية ، كل ذلك مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما ، وأورد مؤدى الأدلة
السائغة التي استخلص منها إدانتهما في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة
التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجداها ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم
يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي
وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة –
كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققًا
لحكم القانون ، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه – خلافًا لما يدعي الطاعن الثاني – لم يحرر على نموذج مطبوع ،
هذا فضلًا عن أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد استوفى
بياناته الجوهرية ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان
ذلك ، وكانت القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس
فيها ، فإنه بحسب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة المشرع ولا يجوز الإنحراف عنها
عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء
صراحة النص الواجب تطبيقه ، وكانت المادة 42/2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن
حماية الأثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 - المنطبقة على
واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار
دون ترخيص ، والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظرًا
مطلقًا على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي
يجري فيه الحفر ، سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيمًا يسمح بذلك شرطه الحصول
على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس
الأعلى للاثار- دون غيره - بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في
الأراضي ايًا كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من
ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك ، وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ،
ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ، وتقرير اللجنة
المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا
القانون يأتي إعمالًا لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية
الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها ، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف
عليه ، إذ أن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله
الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي
من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي اعقب ثورة
يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع
مصر ، ومن ثم تحتم القول - طبقًا للمادة 42 من قانون حماية الأثار سالفة الذكر -
بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثريًا أو غير ذلك ،
مملوكًا ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون
ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ، ودون أن
يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك
المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، وهو قول لا يسعفه النص
بل يصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء
التعديل والتي تغيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة
مرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن
الحكم المطعون فيه وقد وافق هذا النظر يكون سديدًا فيما انتهى إليه من إدانة
الطاعنين ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير لجنة الفحص ومن أقوال أعضائها
ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد أطمأنت على ما أوردته منها ، واعتمدت
عليه في تكوين عقيدتها ، إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، ولا معقب
عليها فيه ، ومن ثم فإن اغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطرحًا لها ، فإن
النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر
جلسة المحاكمة أن أيًا من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استخراج شهادة من الإدارة
العامة لحماية الآثار تحقيقًا لدفاعهما بشأن طبيعة الأرض محل الحفر موضوع الاتهام
، فلا يصح لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ،
ولم ترى هي حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان أيًا من الطاعنين لا يدعي بأن
المحكمة قد منعته من إبداء دفاعه ، فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات
دفاعه كاملًا ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه ، أن يطلب صراحة إثباته في المحضر
، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان
مفاد ما أثبته الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى وإيرادًا لمؤدى ما شهد به
شاهد الإثبات الأول أنه على أثر إبلاغه من الأهالي بقيام الطاعنين بإجراء أعمال
الحفر خلسة داخل مسكن الطاعن الأول بقصد التنقيب عن الآثار وخروج كميات كبيرة من
ناتج الحفر ، انتقل ومرافقه إلى مسكن الطاعن الأول الذي سمح لهما بالدخول فتلاحظ
لهما وجود حفرة كبيرة بقطر متر ونصف وعمق تسعة أمتار ، والطاعن الثاني وبحوزته
أدوات الحفر ، فإن هذا الذي ساقه تتوافر به حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض
والتفتيش ويفيد أن دخول الشاهد الأول مسكن الطاعن الأول كان برضاء من الأخير ، ذلك
بأن الرضاء بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع
الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، وهو ما لا يجادل الطاعن الأول في
حصوله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد ، ولا على الحكم
إن أغفل الرد عليه لأنه - في صورة الدعوى - ظاهر البطلان لا يستأهل ردًا . لما كان
ذلك ، وكانت المحكمة في حدود سلطها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات وصحتها
، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة ، وانتفاء صلة الطاعن بها من الدفوع
الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد مستفادًا من
القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم ، فإن ما يثيره
الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بخلو
الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية لا جدوى منه إذ صار لا ينال
من النتيجة التي خلص إليها الحكم ، فضلًا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييبًا
للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا لتعييب الحكم . لما كان
ذلك ، وكانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب أن يحكم بالحبس
مع الشغل كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون
فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة ، يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون، بما كان يتعين تصحيحه ، إلا أن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه
الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملًا بمقتضى المادة 43
من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق