الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 سبتمبر 2021

الطعن 2713 لسنة 58 ق جلسة 10/ 11/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 156 ص 1036

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر، وحسن عميره نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجي ومحمد حسام الدين الغرياني.

---------------

(156)
الطعن رقم 2713 لسنة 58 القضائية

(1) التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال عامة. جريمة "أركانها". خطأ. ضرر. رابطة السببية. موظفون عموميون.
جريمة المادة 116 مكرراً عقوبات. أركانها: خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بينها.
الخطأ الجسيم. صورة: الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة.
الخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية. توافره: بتصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية.
الضرر في جريمة المادة 116 مكرراً ب عقوبات. ماهيته. شروطه؟
(2) التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال عامة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". جريمة "أركانها". نقض "نطاق الطعن".
تمسك الطاعن بأن فتح الاعتماد للعميل تم بموافقة اللجنة المختصة وأن حسابات العميل وقت منحه الاعتماد كانت تسمح بذلك وأن ضرر البنك مرده هرب العميل إلى خارج البلاد. دفاع جوهري. التفات الحكم عنه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
اتصال وجه الطعن الذي بني عليه النقض بالطاعن الثاني، يوجب النقض والإحالة بالنسبة إليه أيضاً عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

---------------
1 - إن المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن "كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمال في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة استعمال السلطة، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات وغرامة لا تجاوز ألف جنيه إذا ترتب على الجريمة إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها". والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف تحققها على توافر أركان ثلاثة هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركني الخطأ والضرر الجسيم، وقد حدد المشرع للخطأ صوراً ثلاث هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة والخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول. والسلوك المعقول العادي للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية والبيئة والعرف ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهنتهم وظروفها. أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيماً وقد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضي الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعاً لاعتبارات مادية عديدة. كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققاً وأن يكون مادياً بحيث يلحق أموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو أموال أو مصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة وأما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلاً كان أو امتناعاً.
2 - لما كان المدافع عن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى بأن فتح الاعتماد للعميل كان بناء على موافقة اللجنة المختصة بذلك بإدارة البنك وفي حدود تلك الموافقة، وبأن حسابات العميل وقت منحه الاعتماد كانت تسمح بذلك وفقاً لما جرى عليه العمل بالبنك بدليل أن تلك الإجراءات خضعت للمراجعة - دون تعقيب - من قبل جهات الرقابة بإدارة البنك وبأن الضرر الذي لحق بأموال البنك لا يرجع إلى خطأ من الطاعن وإنما إلى أن العميل هرب إلى خارج البلاد قبل أن يسوء مركزه المالي لدى البنك وعاود التمسك بذلك الدفاع في مذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية. ولما كان هذا الدفاع يعد جوهرياً في خصوصية هذه الدعوى المتعلقة بركنين من أركان الجريمة التي دين الطاعن بها هما ركنا الخطأ وعلاقة السببية مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني لاتصال وجه الطعن الذي بني عليه النقض به إعمالاً لنص المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بصفتهما موظفين عموميين "الأول........ مدير بنك تشيس الأهلي فرع الإسكندرية والثاني....... مسئول الائتمان به وهو إحدى الوحدات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب" تسببا بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملان بها وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما في أداء وظيفتهما بأن قاما بفتح اعتمادات مالية للعميل........ دون أن يسمح مركزه المالي بذلك وخصم قيمة الغطاء النقدي الذي يجب عليه دفعه نقداً على حسابه الجاري والسماح له بالسحب على المكشوف مما ترتب عليه مديونيته للبنك بمبلغ مليونين وستمائة وستين ألف من الدولارات وسبعمائة ألف وستة من الجنيهات. وطلبت عقابهما بالمواد 116 مكرراً، "أ" 119/ "د" 119 مكرراً "هـ" من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح باب شرقي قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل متهم سنة مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لكل لوقف التنفيذ استأنف المحكوم عليهما ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ/......... المحامي عن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني (الطاعن الأول) في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن الأستاذ/ (.......) المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول (الطاعن الثاني) في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه والطاعن الثاني بجريمة التسبب بخطئهما في إلحاق ضرر جسيم بأموال البنك الذي يعملان به قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الطاعن دفع الاتهام بأن العميل الذي حصل على الاعتماد المالي موضوع الدعوى كان يتمتع بمركز مالي - لدى البنك - يسمح بذلك وأنه حصل على الاعتماد بناء على قرار من اللجنة المختصة في إدارة البنك، وأنه هرب ذلك العميل من البلاد قبل أن يتضح سوء مركزه المالي هو السبب في الضرر الذي حاق بأموال البنك فالتفت الحكم عن الإحاطة بهذا الدفاع وتحقيقه والرد عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن المادة 116 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن "كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمال في أداء وظيفته أو عن إخلال بوجباتها أو عن إساءة استعمال السلطة، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات وغرامة لا تجاوز ألف جنيه إذا ترتب على الجريمة إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها". والجريمة المنصوص عليها في هذه المادة من الجرائم غير العمدية ويتوقف تحققها على توافر أركان ثلاثة هي خطأ وضرر جسيم ورابطة سببية بين ركني الخطأ والضرر الجسيم، وقد حدد المشرع للخطأ صوراً ثلاث هي الإهمال في أداء الوظيفة والإخلال بواجباتها وإساءة استعمال السلطة. والخطأ الذي يقع من الأفراد عموماً في الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول. والسلوك المعقول العادي للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية والبيئة والعرف ومألوف الناس في أعمالهم وطبيعة مهنتهم وظروفها. أما الضرر فهو الأثر الخارجي للإهمال المعاقب عليه وشرطه في هذه الجريمة أن يكون جسيماً وقد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضي الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة في كل حالة عن غيرها تبعاً لاعتبارات مادية عديدة. كما أنه يشترط في الضرر أن يكون محققاً وأن يكون مادياً بحيث يلحق أموال أو مصالح الجهة لتي يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته أو أموال أو مصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة وأما رابطة السببية فيجب أن تتوافر بين خطأ الموظف والضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه فعلاً كان أو امتناعاً. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى أدلة الدعوى ووصف الاتهام وبين معنى الخطأ والضرر الجسيم أردف بقوله. "وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان المتهمان قد ألحقا بالبنك الذي يعملان به ضرر جسيماً تمثل في مديونية البنك للساحب بمبلغ مليوني وستمائة وستة وستون ألف دولار وسبعمائة ألف وستة جنيهات وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما في أداء وظيفتهما بأن قاما بفتح اعتمادات مالية للعميل....... دون أن يسمح مركزه المالي بذلك وخصم قيمة الغطاء النقدي الذي يجب عليه دفعه نقداً على حسابه الجاري والسماح له بالسحب على المكشوف وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمين ثبوتاً كافياً من أقوال كل من 1 -........ مفتش الإدارة العامة للرقابة على البنوك والذي قرر أن اللجنة المشكلة برئاسته قامت بفحص ما كلف به وتبين أن المتهمين مسئولين عن مديونية البنك لشركة........ للاستيراد والتصدير بمبلغ 2 مليون و666 ألف دولار ومبلغ 706 ألف جنيه إذ لم يتابعا سداد العميل لنسبة 75% بعد فتح الاعتماد في المواعيد المقررة، كما وأن مدير الفرع تجاوز سلطته في الموافقة للعميل بالسحب على المكشوف فيما زاد على خمسين ألف من الجنيهات ووافق على فتح اعتماد له خلال عام 1984 رغم انتهاء التسهيلات الممنوحة له في 31/ 8/ 1984. 2 - ومن أقوال........ الذين قررا بمضمون ما تقدم. 3 - ومن أقوال........ والذي قرر بمضمون ما تقدم. 4 - ومن عدم دفع المتهمين التهمة بثمة دفع أو دفاع مقبول ينفي عنهما التهمة أو يشكك في نسبتها إليهما ومن ثم يتعين معاقبتهما طبقاً لمواد الاتهام......." ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى بأن فتح الاعتماد للعميل كان بناء على موافقة اللجنة المختصة بذلك بإدارة البنك وفي حدود تلك الموافقة، وبأن حسابات العميل وقت منحه الاعتماد كانت تسمح بذلك وفقاً لما جرى عليه العمل بالبنك بدليل أن تلك الإجراءات خضعت للمراجعة - دون تعقيب - من قبل جهات الرقابة بإدارة البنك وبأن الضرر الذي لحق بأموال البنك لا يرجع إلى خطأ من الطاعن وإنما إلى أن العميل هرب إلى خارج البلاد قبل أن يسوء مركزه المالي لدى البنك وعاود التمسك بذلك الدفاع في مذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية. ولما كان هذا الدفاع يعد جوهرياً في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بركنين من أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - هما ركنا الخطأ وعلاقة السببية - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت كلية عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع مما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني لاتصال وجه الطعن الذي بني عليه النقض به إعمالاً لنص المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك دون حاجة لمناقشة سائر وجوه الطعن الأخرى المقدمة من الطاعنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق