برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس
الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.محمد عبد الحميد مسعود
ويحيى أحمد راغب دكروري وعبد الله عامر إبراهيم سليمان ومحمد عبد العظيم محمود
سليمان وفايز شکري حنين ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وربيع عبد المعطي
أحمد الشبراوي ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحي العطار وحسن كمال محمد أبو زيد
شلال. نواب رئيس مجلس الدولة
--------------
1 - مجلس الدولة.
التنظيم القضائي- خصائص الإجراءات المتبعة أمام محاكم مجلس الدولة-
تمتاز هذه الإجراءات بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء
العادي، أهمها أن الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي، وهي بهذه
السمة تفترق عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب
الأكبر منها- النظام القضائي الإجرائي بمجلس الدولة يعتد في المقام الأول بتحضير
الدعوى وتهيئتها للفصل فيها على وفق الإجراءات التي ألزم القانون هيئة مفوضي
الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء- يقوم هذا النظام أساسًا على مبدأ
المرافعات التحريرية في مواعيد محددة منضبطة، يستطيع ذوو الشأن فيها أن يقدموا
مذكراتهم مع مستنداتهم- ليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب
المرافعة الشفهية، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى المفوض ما يراه
لازمًا من إيضاحات.
2 - مجلس الدولة.
التنظيم القضائي- شطب الدعوى- لا يجوز شطب الدعوى أو الطعن أمام محاكم
مجلس الدولة- النظام القضائي لمجلس الدولة يتأبى على الأخذ بالنظام الإجرائي الذي
تجري عليه المحاكم المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر
دعاواهم، ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه المشرع على عدم حضور الخصوم أمام
المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية؛ لعدم ملاءمته طبيعة المنازعة الإدارية.
------------
الوقائع
في يوم الأحد الموافق 4/5/2003 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 8032 لسنة 49 ق. عليا في الحكم
الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (دائرة القليوبية) بجلسة 25/3/2003 في
الدعوى رقم 697 لسنة 3 ق، القاضي بقبولها شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون
فيه، وإلزام المدعية مصروفاته.
وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار رقم 585 لسنة
2000 وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن بجلسة 7/4/2009 أمام الدائرة السادسة (فحص) بالمحكمة
الإدارية العليا، وفيها لم تحضر الطاعنة أو أحد عنها، وكذلك بجلسة 1/10/2009 وجلسة
3/11/2009، حيث قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة العاشرة فحص بالمحكمة
للاختصاص، حيث نظر أمامها بجلسة 21/11/2011 ولم تحضر الطاعنة، فقررت الدائرة المذكورة
إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 لتقرير
مبدأ جواز شطب الدعاوى والطعون الإدارية الجائز تطبيق المادة 82 مرافعات عليها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه
الحكم بالعدول عن مبدأ عدم جواز شطب الدعوى الإدارية (المنصوص عليه بالمادة 82 من
قانون المرافعات)، والأخذ هذا النص وإعماله أمام محاكم مجلس الدولة؛ لملاءمته
لطبيعة المنازعة الإدارية، سواء بالنسبة لجميع الدعاوى، أو استثناء دعاوى طلب وقف
تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية فقط من نطاق إعماله، وإعادة الطعن إلى الدائرة
العاشرة العليا (فحص) للفصل فيه في ضوء ذلك.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادىء على مدى خمس جلسات دون أن
تحضر الطاعنة، فقررت الدائرة بجلسة 3/11/2012 إصدار الحكم في الطعن بجلسة
5/1/2013، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه
بتاريخ 20/2/2002 أقامت الطاعنة/ ... الدعوى رقم 697 لسنة 3 ق أمام محكمة القضاء
الإداري بطنطا (دائرة القليوبية) طعنا على قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة
بنها رقم 585 لسنة 2000 بإزالة التعدي الحاصل منها على الطريق العام بناحية عزبة
زكي، ببناء حجرة بالطوب الطفلي أمام مدرسة سعد بن أبي وقاص، وطلبت الحكم بوقف
تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار استنادا إلى عدم مشروعيته ومخالفته للواقع والقانون.
وبعد أن نظرت محكمة القضاء الإداري الطلب العاجل من تلك الدعوى قضت
بجلسة 25/3/2003 بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه،
وشيدت قضاءها على أن البادي من ظاهر الأوراق ثبوت واقعة تعدي الطاعنة على الطريق
العام بالمخالفة للقانون، وأن القرار المطعون فيه صدر عن السلطة المختصة بإصداره؛
لذا يكون صحيحا، ومن ثم يتخلف ركن الجدية اللازم توفره للقضاء بوقف تنفيذ القرار
الإداري.
وإذ لم ترتض الطاعنة ذلك الحكم أقامت طعنها المشار إليه أمام المحكمة
الإدارية العليا طلبا لإلغائه والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المذكور استنادا
إلى أن المحل الذي أقامته يقع في ملكها الخاص، ومن ثم يضحى القضاء العادي هو
المختص بالفصل في النزاع القائم بشأنه، لاسيما أن ذلك المحل يقع في عقار غير
مخالف، وسبق أن وافقت الوحدة المحلية على توصيل التيار الكهربائي إليه.
ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدى جواز العدول
عن المبدأ الذي سبق أن قررته المحكمة الإدارية العليا واستقرت محاكم القسم القضائي
بمجلس الدولة على الأخذ به، وهو أن المنازعة الإدارية في كل مراحل ودرجات نظرها
تتأبى بطبيعتها على الشطب، بما مؤداه عدم تطبيق نص المادة 82 من قانون المرافعات
في المواد المدنية والتجارية عليها.
وقد اختص المشرع دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بالبت
في هذه المسألة، حيث تنص المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 على أنه: "إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة
الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام
سابقة يخالف بعضها البعض، أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة
من المحكمة الإدارية العليا، تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية
العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمة أو
الأقدم فالأقدم من نوابه ...".
ومن حيث إنه لما كانت المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة
المشار إليه تنص على أن: "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون،
وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون
بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي".
وقد خلا قانون مجلس الدولة من نص يجيز لمحاكم القسم القضائي بالمجلس
شطب الدعوى (أو الطعن) حال غياب المدعي (أو الطاعن) وحضور المدعى عليه (أو المطعون
ضده) أو غيابهما معا ولم تكن الدعوى (أو الطعن) صالحة للفصل فيها، بينما تناول
المشرع في نص المادة 82 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية تنظيم هذه
الحالات، حيث نصت (بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992) على أنه: "إذا لم
يحضر المدعي ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها
وإلا قررت شطبها، فإذا انقضى ستون يوما ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر
الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن، وتحكم المحكمة في الدعوى إذا غاب
المدعي أو المدعون أو بعضهم في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه".
ومن حيث إن الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري تتميز بخصائص ذاتية
تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء العادي، أهمها أن الإجراءات الإدارية
إجراءات إيجابية يوجهها القاضي، وهي بهذه السمة تفترق عن الإجراءات المدنية
والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها، ومن ثم فإن النظام
القضائي لمجلس الدولة يتأبى على الأخذ بالنظام الإجرائي الذي تجري عليه المحاكم
المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاواهم، ومن ثم لا
يجوز إعمال الأثر الذي رتبه المشرع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في
مجال الدعوى الإدارية؛ لأن هذا الأثر مقرر كجزاء على الخصم الذي يهمل في متابعة
دعواه وحضور الجلسة المحددة لنظرها، بيد أن النظام القضائي الإجرائي بمجلس الدولة
يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها على وفق الإجراءات التي
ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء، إذ يقوم
هذا النظام أساسا على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة منضبطة يستطيع ذوو
الشأن فيها أن يقدموا مذكراتهم مع مستنداتهم، كما يقوم على تحضير الدعوى أعضاء من
هيئة مفوضي الدولة، وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة
الشفوية، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو إلى المفوض ما يراه لازما من
إيضاحات.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإن المحكمة تقضي بعدم جواز شطب الدعوى
الإدارية، بما مؤداه استبعاد نص المادة 82 مرافعات من التطبيق على المنازعات
الإدارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز شطب الدعوى أو الطعن أمام محاكم مجلس الدولة؛
لعدم ملاءمته طبيعة المنازعة الإدارية، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة العاشرة
عليا (فحص) للفصل فيه في ضوء ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق