جلسة 15 من مارس سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ جرجس إسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نائبي رئيس المحكمة، أحمد علي
خيري ومحمد عبد المنعم إبراهيم.
-------------------
(99)
الطعن
رقم 3499 لسنة 61 القضائية
(1، 2) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الأحكام غير الجائز
الطعن فيها". بطلان. قضاة "صلاحية القاضي".
(1)أحكام محكمة النقض. عدم
جواز الطعن فيها. علة ذلك. الاستثناء. م 147/ 2 مرافعات. بطلان الحكم إذا قام بأحد
القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية. سبيله تقديم طلب بذلك إلى محكمة
النقض.
(2)إفتاء القاضي أو ترافعه أو
سبق نظره الدعوى كقاضي أو خبير أو محكم أسباب لعدم صلاحيته لنظر الدعوى. م 146/ 5
مرافعات. شرطه. أداء القاضي لعمل يجعل له رأياً فيها أو معلومات شخصية. علة ذلك.
(3) حكم.
نقض "حجية الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه". قوة الأمر المقضي. قضاة
"ما لا يعد سبباً للصلاحية".
الأمر بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه طبقاً للمادة 251 مرافعات. قضاء وقتي. لا يحوز قوة الأمر المقضي ولا
أثر له على الفصل في ذلك الطعن أو في غيره. اشتراك أحد أعضاء الهيئة مصدرة الحكم
في طلب وقف التنفيذ. لا يمنعه من اشتراكه في الهيئة التي تفصل في موضوع الطعن أو
في أي طعن آخر. مؤدى ذلك.
---------------
1 - النص في المادتين 147، 272 مرافعات يدل على أن أحكام محكمة
النقض لا يجوز تعييبها بأي وجه من الوجوه، فهي واجبة الاحترام على الدوام باعتبار
مرحلة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها
وإن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن
عادية أو غير عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة ولم يستثن
المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في نص الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون
المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة
الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا
القانون وذلك زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء. وسبيل الخصم إلى الطعن
ببطلان حكم النقض طبقاً لهذا النص يكون بطلب يقدمه لمحكمة النقض التي اختصها
المشرع بنظره.
2 - النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أنه "يكون
القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال
الآتية....... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى.... أو كان
قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً" وما تقضي به الفقرة الأولى من
المادة 147 من هذا القانون من بطلان عمل القاضي وقضائه في الأحوال المتقدمة يدل -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى
التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم.
استناداً إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له
رأياًَ في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن
موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو
إلى التزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه.
3 - الفقرة الثانية من المادة 251 من قانون المرافعات أجازت لمحكمة
النقض أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً إذا طلب ذلك في صحيفة الطعن وكان يخشى من
التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه فإن مناط وقف التنفيذ هو خشية وقوع ضرر جسيم
يتعذر تداركه إذا ما ألغي بعد ذلك ولهذا كان حكم وقف التنفيذ حكماً وقتياً مرهوناً
بالظروف التي صدر فيها ولا تتناول فيه محكمة النقض موضوع الطعن وإنما يقتصر بحثها
فيه على الضرر الذي يترتب على تنفيذ الحكم وما إذا كان يتعذر تداركه في حالة نقض
الحكم أم لا يتعذر ومن ثم فإن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم لا يحوز قوة
الأمر المقضي بالنسبة لموضوع الطعن وليس لهذا الحكم تأثير على الفصل في موضوعه ولا
على الفصل في طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم وأياً بلغ الارتباط بين الطعنين
وعلى ذلك فإن اشتراك أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم في طلب وقف التنفيذ لا
يمنع من اشتراكه في الهيئة التي تفصل في موضوع الطعن أو في أي طعن آخر يتردد بين
الخصوم أنفسهم عن ذات النزاع ولا محل للقول بأن هذا العضو قد أبدى رأيه في موضوع
الطعن وأنه بذلك قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية يمنعه من الفصل في موضوع الطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليهم أقاموا على الطالبين الدعوى رقم 323
سنة 1977 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بعدم أحقية الطالبين في القيام على
حسابهم بالأعمال الواردة في تقارير خبراء دعوى إثبات الحالة والتمكين رقمي 499،
4697 سنة 1973 مدني مستعجل القاهرة، وعدم التزامهم بتنفيذ تلك العمال وبانفساخ عقد
استغلال دار سينما ريتس المؤرخ 20/ 8/ 1971 واعتباره كأن لم يكن وتسليم مبنى
السينما خالياً من أية مهمات أو أدوات للطالبين. بتاريخ 4/ 4/ 1978 حكمت المحكمة
برفض الدعوى، طعن المدعي عليهم على هذا الحكم بالاستئناف رقم 354 سنة 95 ق
القاهرة، وبتاريخ 29/ 3/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بندب خبير في الدعوى وبعد أن
قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/ 12/ 1980 بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ العقد المشار
إليه والتسليم، طعن الطالبان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 233 سنة 51 ق،
وبتاريخ 29/ 3/ 1982 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة
الاستئناف وبتاريخ 23/ 5/ 1984 حكمت المحكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف
وإخلاء المستأنف ضدهما - الطالبان - من دار السينما والتسليم، طعن الطالبان في هذا
الحكم بطريق النقض للمرة الثانية بالطعن رقم 1886 لسنة 54 ق وبتاريخ 18/ 11/ 1985
نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم ندبت خبيراً في
الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 9/ 5/ 1991 في موضوع الاستئناف رقم 354 سنة
95 ق بإلغاء الحكم المستأنف وفي الموضوع: أولاً: بعدم أحقية المستأنف ضدهما -
الطالبان - في القيام على حساب المستأنفين - المدعي عليهم - بالأعمال الواردة في
تقارير دعوى إثبات الحالة والتمكين رقمي 499، 4697 سنة 1973 مدني مستعجل القاهرة
وعدم التزام المستأنفين بتنفيذ تلك الأعمال عيناً وبإلزامهم بأن يدفعوا للمستأنف
ضدهما تعويضاً مقداره ثلاثون ألف جنيه.. ثانياً: بانفساخ عقد الاستغلال المؤرخ 20/
8/ 1971 وبإلزام المستأنف ضدهما بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها المبينة بالعقد
وبأداء مبلغ 1480.800 جنيه إلى المستأنفين، أقام الطالبان الدعوى الحالية أمام هذه
المحكمة بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 17/ 6/ 1991 طلباً فيها القضاء بإلغاء
الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 1886 سنة 54 ق ونظره مجدداً من دائرة
أخرى على سند من القول بأن السيد المستشار/ ....... المقرر في هذا الطعن والذي
اشترك في الهيئة التي أصدرته بتاريخ 9/ 5/ 1991 سبق له إبان عمله رئيساً للنيابة
بنيابة النقض أن أبدى رأياً في النزاع المردد بين الخصوم أنفسهم في الطعن بالنقض
الأول رقم 233 سنة 51 ق إذ مثل النيابة عند نظر الشق الخاص بطلب وقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه وطلب رفض هذا الطلب، مما يفقده الصلاحية لنظر الطعن بالنقض الثاني
وبطلان الحكم الصادر فيه بتاريخ 9/ 5/ 1991 ويجيز لهما عملاً بالمادة 147 من قانون
المرافعات طلب إلغاء هذا الحكم الصادر من تلك الهيئة في ذلك الطعن والقضاء فيه
مجدداً ومن ثم فقد أقاما هذه الدعوى. دفع المدعى عليهم بعدم قبول الطلب، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وفي الجلسة المحددة تمسك الحاضر
عن المدعين بطلباته والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان النص في
المادة 147 من قانون المرافعات على أنه "يقع باطلاً عمل القاضي في الأحوال
المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم..... وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من
محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة
أخرى" وفي المادة 272 من ذات القانون على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام
محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" يدل على أن أحكام محكمة النقض لا يجوز
تعييبها بأي وجه من الوجوه، فهي واجبة الاحترام على الدوام باعتبار مرحلة النقض هي
خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها وإن المشرع
اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن عادية أو غير
عادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة ولم يستثن المشرع من ذلك
الأصل إلا ما أورده في نص الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من
جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه
سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، وذلك
زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء. وسبيل الخصم إلى الطعن ببطلان حكم النقض
طبقاً لهذا النص يكون بطلب يقدمه لمحكمة النقض التي اختصها المشرع بنظره، وإذ كان
ذلك وكان النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أنه "يكون القاضي غير
صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال
الآتية....... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى.... أو كان
قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً" وما تقضي به الفقرة الأولى من
المادة 147 من هذا القانون من بطلان عمل القاضي وقضائه في الأحوال المتقدمة، يدل -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى
التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم،
استناداً إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له
رأياًَ في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن
موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو
إلى التزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه، لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من
المادة 251 من قانون المرافعات أجازت لمحكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم
مؤقتاً إذا طلب ذلك في صحيفة الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر
تداركه، فإن مناط وقف التنفيذ هو خشية وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه إذا ما ألغي بعد
ذلك ولهذا كان حكم وقف التنفيذ حكماً وقتياً مرهوناً بالظروف التي صدر فيها ولا
تتناول فيه محكمة النقض موضوع الطعن وإنما يقتصر بحثها فيه على الضرر الذي يترتب
على تنفيذ الحكم وما إذا كان يتعذر تداركه في حالة نقض الحكم أم لا يتعذر، ومن ثم
فإن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة لموضوع
الطعن وليس لهذا الحكم تأثير على الفصل في موضوعه ولا على الفصل في طعن آخر يتردد
بين الخصوم أنفسهم وأياً بلغ الارتباط بين الطعنين وعلى ذلك فإن اشتراك أحد أعضاء
الهيئة التي أصدرت الحكم في طلب وقف التنفيذ لا يمنع من اشتراكه في الهيئة التي
تفصل في موضوع الطعن أو في أي طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم عن ذات النزاع، ولا
محل للقول بأن هذا العضو قد أبدى رأيه في موضوع الطعن وأنه بذلك قام به سبب من
أسباب عدم الصلاحية يمنعه من الفصل في موضوع الطعن، لما كان ذلك وكان السيد
المستشار .... كان يمثل النيابة العامة بجلسة 16/ 2/ 1981 عند نظر محكمة النقض
لطلب وقف التنفيذ في الطعن رقم 233 سنة 51 ق والذي أمرت فيه المحكمة بوقف تنفيذ
الحكم المطعون فيه فإن هذا لا يحول دون اشتراكه في الهيئة التي نظرت موضوع الطعن
بالنقض رقم 1886 لسنة 54 ق ولا يفقده صلاحية الحكم فيه، ومن ثم يكون طلب المدعين
بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 1886 لسنة 54 ق على غير أساس مما
يتعين معه عدم قبوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق