جلسة 3 من يونيه سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة
نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.
---------------
(124)
الطعن رقم 3072 لسنة 60
القضائية
(1)محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام"
"شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في أن
تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من
الأوراق. لها وزن أقوال الشهود وتقديرها لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع
"الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(3)اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات
"بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن
القصد الجنائي في جريمة اختلاس أموال أميرية غير لازم، ما دام قيامها مستفاد من
مجموع عباراته.
(4)اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة التكميلية". نيابة
عامة.
المتهم لا يضار بناءً على
الطعن المرفوع منه وحده.
إغفال الحكم القضاء على
الطاعن بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات وسكوت النيابة عن الطعن في
الحكم، ليس لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.
---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه
طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق. وأن تحصل أقوال الشاهد وتفهم
سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها، ولا يشترط
في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع
تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه
الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي
رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة
التدليلية لأقوال الشاهد...... على النحو الذي أثاره بوجه الطعن لا تعدو أن تكون
جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت أوجه الدفاع
التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه في مجال نفيه التهمة ومحاولة جعلها شائعة، لا
يعدو أن يكون كل منها دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً طالما أن الرد
مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة
ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد
التفاته عنها أنه أطرحها.
3 - من المقرر أنه لا
يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن
يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى
المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في
غير محله.
4 - لما كان الحكم
المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعن بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من
قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم
عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم
عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
كلاً من (1) ....... (طاعن) (2) ....... بأنهما المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً
بقسم الإجازات الخاصة بشئون العاملين لمحافظة أسيوط اختلس نموذج الموافقة على
السفر للخارج رقم...... مجموع (1) للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب
وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال
أوراق أميرية مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي
الذكر وبذات صفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في أوراق أميرية هي كعب نموذج
الموافقة على السفر للخارج سالف البيان بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن
ملأ بياناته باسم وهمي وهو....... واستعمل هذا النموذج المزور بأن قدمه للجهة
المختصة للتدليل على قيامه بصرفه مع علمه بتزويره الأمر المنطبق عليه نص المادتين
11 أ، 214 من قانون العقوبات على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: ( أ )
بصفته موظفاً عاماً مدرس بمدرسة أبنوب الابتدائية اشترك وآخر مجهول بطريقي الاتفاق
والمساعدة في ارتكاب تزوير في أوراق أميرية هي نموذج الموافقة على السفر للخارج
رقم...... مجموعة (1) بأن اتفق مع المتهم المجهول على ارتكابها وساعده بأن أمده
ببياناته الخاصة فأثبتها بالنموذج سالف البيان ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً
إلى الموظفين المختصين بإصدارها واعتمادها بمديرية التربية والتعليم بأسيوط وختمها
بخاتم مزور نسبه زوراً للمديرية آنفة البيان فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق
وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات (ب) بصفته آنفة البيان قلد بواسطة
الغير خاتماً لإحدى مصالح الحكومة مديرية التربية والتعليم بأسيوط واستعمله بأن
بصم به على نموذج الموافقة على السفر للخارج المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه
بتقليده على النحو المبين بالتحقيقات. (جـ) بصفته سالفة الذكر استولى بغير حق على
أوراق أميرية هي نموذج الموافقة على السفر للخارج رقم...... مجموعة (1) لقسم
الإجازات الخاصة بشئون العاملين بمحافظة أسيوط على النحو المبين بالتحقيقات. (د)
بصفته سالفة الذكر أيضاً استعمل المحرر المزور سالف البيان بأن قدمه للسلطة
المختصة للسماح له بالسفر والخروج من أراضي الجمهورية على النحو المبين
بالتحقيقات. وإحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3،
41، 112/ 1 - 2/ أ، ب، 113/ 1، 118، 119/ 1، 119 مكرراً ( أ )، 206/ 3، 211، 212
من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة المتهم
الأول بالسجن ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني
بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر عما أسند إليه وبعزله من وظيفته لمدة ستة أشهر
وبمصادرة المحرر المزور المضبوط وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات
تبدأ من اليوم.
فطعن المحكوم عليه الأول
في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم اختلاس ورقة أميرية وتزوير محرر رسمي
واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استدل على
قيام الطاعن بنزع الورقة محل الاختلاس من الدفتر الذي يضمها بقالة الشاهد.... رغم
أنه لم يقرر بالتحقيقات مشاهدته ذلك الفعل. كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن القائم
على نفي وشيوع تهمة الاختلاس. فضلاً عن أنه لم يورد ما يبرر به توافر نية الاختلاس
لدى الطاعن. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بقوله "أن المتهم....... الطاعن - بصفته موظفاً عاماً
بقسم الإجازات الخاصة بإدارة شئون العاملين بمحافظة أسيوط قام باختلاس نموذج
الموافقة على سفر الموظفين إلى الخارج الرقيم...... مجموعة رقم واحد من الدفتر
الذي يضمها المملوك للجهة المذكورة والموجود في حيازته بسبب وظيفته، وستراً لهذا
الاختلاس وارتباطاً به ارتكب بذات الصفة تزويراً في ورقة أميرية هي كعب نموذج
الموافقة على السفر سالف الذكر والثابت بدفتر تلك النماذج وذلك بجعله واقعة مزورة
في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها، بأن حرر بخطه في ذلك الكعب بيانات شخص وهمي
باسم...... على أنه موظف بمركز شباب صدفا ومرخص له بالسفر خلافاً للحقيقة، واستعمل
هذا الكعب المزور بأن قدمه للجهة المختصة - ضمن الدفتر المحتوى له - تدليلاً على
قيامه باستخراج نموذج الموافقة على السفر الخاص بهذا الكعب وتسليمه لصاحب الشأن مع
علمه بتزويره - كما قام المتهم....... بصفته موظفاً عاماً إبان فترة عمله مدرساً
بمدرسة نزلة فرج الابتدائية التابعة لإدارة ديروط التعليمية - رغبة منه في السفر
إلى الخارج بالاستيلاء بغير حق على نموذج الموافقة على السفر محل الاختلاس واتفق
مع مجهول على تزويره بطريقي الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة ومساعده على ذلك بأن أمده
بالبيانات الخاصة به فدونها المجهول بالنموذج سالف البيان ووقع عليها بإمضاءات
نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بإصدار هذا النموذج واعتماده وختمه ببصمة ختم
مزور منسوب إلى مديرية التربية والتعليم لمحافظة أسيوط فتمت الجريمة بناءً على هذا
الاتفاق وتلك المساعدة.....". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه
الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال كل
من....... و...... و......، ومن تقرير الملازم أول....... وتقارير قسم أبحاث
التزييف والتزوير بالطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في
أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل
مأخذه الصحيح في الأوراق. وأن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما
دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون
واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي
أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة
الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى
المطروحة أمامها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال
الشاهد...... على النحو الذي أثاره بوجه الطعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في
تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت أوجه
الدفاع التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه في مجال نفيه التهمة ومحاولة جعلها
سائغة، لا يعدو أن يكون كل منها دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً طالما أن
الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع
الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه،
لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته -
على السياق المتقدم - كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم
أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون
فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى المطروحة -
فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله.
لما كان ما تقدم، وكان
الحكم المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعنين بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118
من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو
المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار
بالمحكوم عليه، إذ من المقرر إنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع
منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه
موضوعاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق