الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 أغسطس 2020

الطعن 557 لسنة 60 ق جلسة 21 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 118 ص 851

جلسة 21 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ سمير ناجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيل رياض وطلعت الأكيابي نائبي رئيس المحكمة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.

------------

(118)
الطعن رقم 557 لسنة 60 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على دفاع متعلق بدليل لم تبن قضاءها عليه.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز أمام النقض.
 (3)دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض أسباب. الطعن ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
الدفع ببطلان القبض لحصوله في غير منزل الطاعن وبطلان الإذن لتلاحق الإجراءات. دفع موضوعي. غير جائز إثارته لأول مرة أمام النقض.
إدانة الحكم للطاعن استناداً إلى أدلة أخرى غير الدليل المستمد من الإجراء المدعي ببطلانه. أثره؟
مثال.
 (4)وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة.
عدم تقيدالمحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في رد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
استناد الوصف الذي دين به الطاعن على ذات الوقائع المرفوع بها الدعوى عليه دون إضافة جديد عليها لا يستأهل لفت نظر الدفاع.
 (5)رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة المنصوص عليها بالمادتين 103، 103 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟
مثال لتسبيب سائغ.
 (6)إثبات، "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق المحكمة الأخذ بالاعتراف الصادر من المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه. متى اطمأنت إليه.
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.

--------------

1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذا أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها.
2 - لما كان الحكم قد أطرح الأحراز. ولم يبن قضاءه بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد منها إنما بني قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن في التحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أن دفاع يتصل بهذه الأحراز فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى بتفريغ التسجيلات الخاصة والمحرزة على ذمة الدعوى ولم يثر شيئاً بشأن الحرز المتضمن مبلغ الرشوة وباقي الأوراق المضبوطة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل إذا ولا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان التفتيش للتجهيل بمكان الضبط والتفتيش فإن هذا الدفع مردود أن التحريات قد اقتصرت على طلب الإذن بضبط المتهم حال تقاضيه الرشوة بمنزل المبلغ وأن المكان الخاص الذي تضمنه إذن التفتيش قد انصرف إلى منزل المبلغ المذكور ولم يكن مجهلاً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله..... وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لانصراف تنفيذه لأي من مأموري الضبطية القضائية وأن الرقابة الإدارية غير مختصة بتنفيذ هذا الإذن فإن هذا الدفع مردود بأن سائر أعضاء الرقابة الإدارية لهم سلطة الضبطية القضائية في الكشف عن الجرائم الجنائية التي تقع من العاملين في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وجميع الجهات التي تتبعهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه إعمالاً بالمواد 2/ ج، 4، 61 من القانون رقم 54 سنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل..... فإن...... عضو الرقابة الإدارية له صفة الضبطية القضائية وأن ما قام به من التحريات والكشف عن جريمة الرشوة للمتهم الذي يعمل بشركة القنال العامة للمقاولات وضبطه وتفتيشه بمنزل المقاول كل ذلك كان في حدود السلطة المخولة له قانوناً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله متعين الرفض". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع سالف الذكر صائباً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن من القول بأن إذن التفتيش قد صدر عن جريمة رشوة لم يتحدد مكانها ولعضو الرقابة الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط القضائي يكون دفعاً ظاهر البطلان. وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه الطعن لحصوله في غير منزله كما لم يدفع ببطلان الإذن لتلاحق الإجراءات فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في الحقيقة دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها ولا يقدح في ذلك ما دفع به الطاعن بجلسة المحاكمة من مخالفة المحكمة مسلك الشاهد في التفتيش لنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك أن الحكم عول في إدانة الطاعن على اعترافه وما أورده شهود الإثبات باعتبار أن هذه الأدلة من عناصر الإثبات المستقلة عن الأدلة المدعي ببطلانه مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان ويكون منعاه في هذا الخصوص على غير أساس.
4 - لما كان الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المطبق عليها ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. لما كان ذلك وكانت الواقعة المادية التي اتخذت أساساً لجريمة الرشوة التي قدم الطاعن من أجلها للمحاكمة طبقاً للمادة 103 من قانون العقوبات هي أنه بصفته موظفاً عمومياً أخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته ودارت مرافعة الدفاع على هذه الواقعة أمام المحكمة وطلب تطبيق المادة 111 من قانون العقوبات باعتبار أن الطاعن ليس موظفاً وهو ما خلصت إليه المحكمة بالفعل وانتهت إليه في حكمها باعتبار الطاعن في حكم الموظف العام طبقاً لنص المادة 111/ 6 من قانون العقوبات فإنه لا يصح النعي عليها أنها أجرت تعديلاً للتهمة دون لفت نظر الدفاع ذلك أن تصدي المحكمة لشرط الصفة لبيان ما إذا كان الطاعن موظفاً عمومياً أم هو في حكم الموظف العمومي هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء حقيقة ركن من أركان الجريمة وليس فيه إضافة لعناصر جديدة لم تكن معلومة للطاعن أو محاميه أثناء المحاكمة. وإذ كان الوصف الذي دين به الطاعن لم يبن على وقائع جديدة غير التي كانت أساساً للدعوى المقامة عليه دون أن تضيف المحكمة إليها جديداً مما يستأهل لفت نظر الدفاع.
5 - لما كان المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان في حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات التي دان الطاعن بها وفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله.
6 - لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً (مهندس بشركة....) طلب وأخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته بأن طلب لنفسه من..... مبلغ خمسمائة جنيه أخذ منه مبلغ مائتين وخمسون جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل تخفيض قيمة غرامة التأخير المستحقة على الأخير لصالح شركة...... زاعماً اختصاصه بذلك وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 103 مكرر، 111/ 6 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم تساند إلى أدلة جاءت وليدة إجراءات باطلة إذ لم تقم المحكمة بفض الأحراز وعرضها على الطاعن وإثباتها بمحضر الجلسة كما أن إذن التفتيش قد شابه البطلان لأن المنوط به ليس له صفة الضبطية القضائية وخلا الإذن من بيان عنصر المكان كما أن الدفاع عن الطاعن دفع بأنه ليس موظفاً عمومياً بل هو عامل بإحدى شركات القطاع العام ولا تقوم جريمة الرشوة في حقه إلا أن الحكم غير وصف التهمة إلى أنه في حكم الموظف العام دون تنبيه للمتهم أو منحه أجلاً لتحضير دفاعه على أساس الوصف الجديد كما أخطأ الحكم في القانون ذلك أن نيابة أمن الدولة تباشر اختصاصها في التحقيق وفقاً لقانون الإجراءات ولم ينص القانون 105 سنة 1980 على إلغاء المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب إذن القاضي بالتسجيل كما أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذا أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها وإذ كان الحكم قد أطرح الأحراز. ولم يبن قضاءه بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد منها إنما بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن في التحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه الأحراز فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى بتفريغ التسجيلات الخاصة والمحرزة على ذمة الدعوى ولم يثر شيئاً بشأن الحرز المتضمن مبلغ الرشوة وباقي الأوراق المضبوطة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ ليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان التفتيش للتجهيل بمكان الضبط والتفتيش فإن هذا الدفع مردود أن التحريات قد اقتصرت على طلب الإذن بضبط المتهم حال تقاضيه الرشوة بمنزل المبلغ وأن المكان الخاص الذي تضمنه إذن التفتيش قد انصرف إلى منزل المبلغ المذكور ولم يكن مجهلاً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله..... وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لانصراف تنفيذه لأي من مأموري الضبطية القضائية وأن الرقابة الإدارية غير مختصة بتنفيذ هذا الإذن فإن هذا الدفع مردود بأن سائر أعضاء الرقابة الإدارية لهم سلطة الضبطية القضائية في الكشف عن الجرائم الجنائية التي تقع من العاملين في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة الشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وجميع الجهات التي تتبعهم الدولة فيها بأي وجه إعمالاً بالمواد 2/ ج، 4، 61 من القانون رقم 54 سنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل.... فإن...... عضو الرقابة الإدارية له صفة الضبطية القضائية وأن ما قام به من التحريات والكشف عن جريمة الرشوة للمتهم الذي يعمل بشركة القنال العامة للمقاولات وضبطه وتفتيشه بمنزل المقاول كل ذلك كان في حدود السلطة المخولة له قانوناً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله متعين الرفض". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع سالف الذكر سائغاًً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن من القول بأن إذن التفتيش قد صدر عن جريمة رشوة لم يتحدد مكانها ولعضو الرقابة الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط القضائي يكون دفعاً ظاهر البطلان. وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه الطعن لحصوله في غير منزله كما لم يدفع ببطلان الإذن لتلاحق الإجراءات فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في الحقيقة دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها ولا يقدح في ذلك ما دفع به الطاعن بجلسة المحاكمة من مخالفة المحكمة مسلك الشاهد في التفتيش لنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك أن الحكم عول في إدانة الطاعن على اعترافه وما أورده شهود الإثبات باعتبار أن هذه الأدلة من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان ويكون منعاه في هذا الخصوص على غير أساس لما كان الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المنطبق عليها ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. لما كان ذلك وكانت الواقعة المادية التي اتخذت أساساً لجريمة الرشوة التي قدم الطاعن من أجلها للمحاكمة طبقاً للمادة 103 من قانون العقوبات هي أنه بصفته موظفاً عمومياً أخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته ودارت مرافعة الدفاع على هذه الواقعة أمام المحكمة وطلب تطبيق المادة 111 من قانون العقوبات باعتبار أن الطاعن ليس موظفاً وهو ما خلصت إليه المحكمة بالفعل وانتهت إليه في حكمها باعتبار الطاعن في حكم الموظف العام طبقاً لنص المادة 111/ 6 من قانون العقوبات فإنه لا يصح النعي عليها أنها أجرت تعديلاً للتهمة دون لفت نظر الدفاع ذلك أن تصدي المحكمة لشرط الصفة لبيان ما إذا كان الطاعن موظفاً عمومياً أم هو في حكم الموظف العمومي هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء حقيقة ركن من أركان الجريمة وليس فيه إضافة لعناصر جديدة لم تكن معلومة للطاعن أو محاميه أثناء المحاكمة. وإذ كان الوصف الذي دين به الطاعن لم يبن على وقائع جديدة غير التي كانت أساساً للدعوى المقامة عليه دون أن تضيف المحكمة إليها جديداً مما يستأهل لفت نظر الدفاع ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان في حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذي ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات التي دان الطاعن بها وفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله لما كان ذلك وكان من الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من إجراء التسجيلات التي تمت في الدعوى ومن ثم فإن النعي ببطلان الدليل المستمد من هذه التسجيلات لصدور الإذن بها على خلاف القانون وقصور الحكم في رده على الدفع ببطلان هذه التسجيلات لا يكون له محل لعدم الجدوى منه طالما أن الحكم أخذ الطاعن باعترافه وأقوال شهود الإثبات اعتباراً بأن هذا الاعتراف وتلك الأقوال من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه والتي اطمأنت المحكمة إلى صحتها مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان وبالقصور ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض. ويكون منعاه في هذا الصدد على غير أساس - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق