جلسة 29 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة ومحمد زايد وصلاح البرجي وزكريا
الشريف.
---------------
(211)
الطعن
رقم 5590 لسنة 57 القضائية
(1)إجراءات "إجراءات المحاكمة". موانع العقاب "المرض
العقلي". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". مسئولية جنائية.
نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إصابة المتهم بعاهة في
العقل بعد وقوع الجريمة. وجوب وقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إلى رشده
ويكون في مكنته الدفاع بذاته عن نفسه والإسهام مع المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه.
المادة 339 إجراءات.
إغفال الحكم دفاع الطاعن
بإصابته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم المسندة إليه. قصور. وإخلال بحق الدفاع.
(2)نقض "نطاق الطعن".
نقض الحكم بالنسبة للمتهم
يقتضي نقضه أيضاً بالنسبة للمسئول عن الحقوق المدنية. أساس ذلك؟
-------------------
1 - لما كانت المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه
"إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد
وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إلى رشده. ويجوز في هذه
الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة
أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس، إصدار الأمر بحجز
المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله"،
وكان الشارع إنما استهدف من هذا النص تحقيق مبادئ العدالة وتقديس حق الدفاع أثناء
التحقيق والمحاكمة وكفالته في كلتا الحالتين بصورة حقيقية حاسمة، إذ أن المتهم هو
صاحب الشأن الأول في الدفاع عن نفسه وما كان النص على وجوب تنصيب محام له في مواد
الجنايات وإجازة ذلك له في مواد الجنح والمخالفات إلا لمعاونته ومساعدته في الدفاع
فحسب، وبالتالي فإذا ما عرضت له عاهة في العقل بعد وقوع الجريمة المسندة إليه فإنه
ولو أن مسئوليته الجنائية لا تسقط في هذه الحالة إلا أنه يتعين أن توقف إجراءات
التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إليه رشده ويكون في مكنته المدافعة بذاته عن نفسه
فيما أسند إليه وأن يسهم مع وكيله المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه ومراميه وهو
متمتع بكامل ملكاته العقلية ومواهبه الفكرية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ
أغفل دفاع الطاعن بأن كان مصاباً أثناء محاكمته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم
المسندة إليه من شأنه إعجازه عن الدفاع عن نفسه ولم يعن بتحقيق هذا الدفاع بلوغاً
إلى غاية الأمر فيه أو يرد عليه بما ينفيه، يكون فوق ما ران عليه من القصور في
التسبيب مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة.
2 - لما كان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى
المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي
دين بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - تسبب خطأ في موت...... و......
وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح وعدم
اتخاذه الحيطة اللازمة بأن قاد جراراً زراعياً بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال
للخطر فأدى ذلك إلى انقلابه فحدثت إصابة المجني عليهما بالإصابات الموصوفة
بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. 2 - تسبب خطأ في جرح كل من..... و..... و.....
وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد
جراراً زراعياً دون اتخاذه الحيطة اللازمة فحدثت إصابة المجني عليهم نتيجة انقلاب
الجرار بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. 3 - قاد جراراً زراعياً بدون رخصة
قيادة 4 - قاد جراراً زراعياً بدون رخصة تسيير 5 - قاد جراراً زراعياً بدون لوحات
معدنية. 6 - قاد جراراً زراعياً بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه
بالمادتين 238/ 1، 244/ 1 - 3 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 5، 63، 75/ 2 -
3 - 4، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 وادعى كل من...... و..... و....... عن
نفسها وبصفتها وصية على..... و..... مدنياً قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة الجمعية
التعاونية الزراعية بصفته وذلك بالتضامن بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
ومحكمة جنح بركة السبع قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل
وكفالة مائة جنيه عن التهم الأولى والثانية والأخيرة وبتغريمه مائة جنيه عن التهمة
الثالثة ومائة جنيه عن التهمتين الرابعة والخامسة وبإلزامه ورئيس الجمعية
التعاونية الزراعية بأن يؤديا بالتضامن للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيهاً
على سبيل التعويض المؤقت. استأنف كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية ومحكمة
شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي
الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ/......
المحامي نيابة عن المحكوم عليه، كما طعن المسئول عن الحقوق المدنية بصفته في هذا
الحكم بطريق النقض .... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجرائم الإصابة والقتل والخطأ وقيادة جرار بحالة ينجم عنها الخطر وبغير رخصتي
تسيير أو قيادة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وذلك أن المدافع
عنه دفع بعدم جواز محاكمته لإصابته بمرض عقلي نتيجة الحادث وتمسك بإحالته إلى
الطبيب الشرعي لإثبات ذلك، إلا أن المحكمة بدرجتيها التفتت عن هذا الدفاع فلم
تحققه أو ترد عليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع
على محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن تمسك بالدفاع المشار
إليه بوجه الطعن، فضلاً عما هو ثابت بالحكم الابتدائي من تقديم مستندات تفيد أن
الطاعن مصاب بشلل بالأطراف مع اضطراب عقلي مزمن. لما كان ذلك، وكانت المادة 339 من
قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا ثبت أن المتهم غير قادر على
الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو
محاكمته حتى يعود إلى رشده. ويجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو للقاضي الجزئي
كطلب النيابة العامة أو المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إذا كانت الواقعة جناية أو
جنحة عقوبتها الحبس، إصدار الأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض
العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله"، وكان الشارع إنما استهدف من هذا النص
تحقيق مبادئ العدالة وتقديس حق الدفاع أثناء التحقيق والمحاكمة وكفالته في كلتا
الحالتين بصورة حقيقية حاسمة، إذ أن المتهم هو صاحب الشأن الأول في الدفاع عن نفسه
وما كان النص على وجوب تنصيب محام له في مواد الجنايات وإجازة ذلك له في مواد
الجنح والمخالفات إلا لمعاونته ومساعدته في الدفاع فحسب وبالتالي فإذا ما عرضت له
عاهة في العقل بعد وقوع الجريمة المسندة إليه فإنه ولو أن مسئوليته الجنائية لا
تسقط في هذه الحالة إلا أنه يتعين أن توقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود
إليه رشده، ويكون في مكنته المدافعة بذاته عن نفسه فيما أسند إليه وأن يسهم مع
وكيله المدافع عنه في تخطيط أسلوب دفاعه ومراميه وهو متمتع بكامل ملكاته العقلية
ومواهبه الفكرية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل دفاع الطاعن بأنه كان
مصاباً أثناء محاكمته بمرض عقلي طرأ بعد وقوع الجرائم المسندة إليه من شأنه إعجازه
عن الدفاع عن نفسه ولم يعن بتحقيق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو يرد
عليه بما ينفيه، يكون فوق ما ران عليه من القصور في التسبيب مشوباً بالإخلال بحق
الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة. لما كان ما تقدم وكان نقض الحكم بالنسبة للمتهم
يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على
ثبوت الواقعة ذاتها التي دين بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً بغير
حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى الخاصة بالمحكوم عليه أو طعن المسئول عن الحقوق
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق