الدعوى رقم 14 لسنة 34 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م،
الموافق الثاني عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم
والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد
سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 34 قضائية " دستورية
".
المقامة من
1 – محمد محمد أحمد محمـــود
2 – محمد أحمد حسين محمــد
3 – خليل على خليل إبراهيــــم
4 – محمد أحمد عباس علــــى
5 – إبراهيم محمد إبراهيم سليمان
6 – إبراهيم محمد إبراهيم محمـد
7 – محمود محمد محمود مطاوع
8 – حمدى رمضان عبد العزيز الرحمانى
9 – أحمد خضرى نعمــــــان
ضــــد
1 – رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2 – رئيس مجلس الشعب (النــواب حاليًا)
3 – رئيس مجلس الوزراء
4 – وزيــــــر العـــــــدل
5 – شركة المعمورة للتعمير والتنمية السياحية
الإجـراءات
بتاريخ الحادى عشر من فبراير سنة 2012، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (44) من قانون
الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم
152 لسنة 2009 فيما تضمنه من التفرقة بين العاملين غير المؤهلين المعينين بعد
تاريخ العمل بذلك القانون، والعاملين المعينين قبل العمل به.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1069 لسنة 2011 عمال كلى، أمام محكمة
الإسكندرية الابتدائية، ضد الشركة المدعى عليها الأخيرة، بطلب الحكم أصليًّا:
بأحقيتهم في ضم مدة خدمتهم العسكرية كاملة، وما يترتب على ذلك من احتسابها في الأقدمية
والعلاوات، وإلزام الشركة بالفروق المالية المستحقة لهم. واحتياطيًّا: إحالة
الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا أو التصريح لهم باتخاذ إجراءات الطعن بعدم
الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، قولاً منهم إنهم من العاملين بالشركة
المدعى عليها الأخيرة غير الحاصلين على مؤهلات دراسية، وعينوا بالشركة قبل العمل
بالقانون رقم 152 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية
الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 في 28/12/2009، ولهم مدة خدمة عسكرية لأكثر من
ثلاث سنوات، وأن النص المطعون فيه عصف بحقوقهم وحرمهم من ضم مدة خدمتهم العسكرية،
وتضمن تفرقة وتمييزًا غير مبرر بين العاملين المؤهلين وغير المؤهلين المعينين بعد
العمل به، والعاملين غير المؤهلين المعينين قبل العمل بأحكامه، بأن احتسب مدة
الخدمة العسكرية للفئة الأولى، وما يترتب على ذلك من تمييز تلك الفئة عنهم في الأقدمية
والعلاوات والترقيات، رغم تماثل مراكزهم القانونية وكونهم جميعًا قد أدوا الخدمة
العسكرية في خدمة الوطن، بما يتصادم ومبدأ المساواة الذى كفله الدستور. وأثناء نظر
الدعوى، دفع المدعون بعدم دستورية نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية
والوطنية المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 فيما تضمنه من التفرقة
بين العاملين غير المؤهلين المعينين بعد تاريخ العمل بهذا القانون، والعاملين
المعينين قبل العمل به. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعين برفع
الدعوى الدستورية طعنًا على هذا النص، فقد أقاموا دعواهم المعروضة.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم
152 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون
رقم 127 لسنة 1980، - مقروءةً في ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا
بجلسة 30/7/2011 في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية" - تنص على
أن "يستبدل بنصوص المواد ...... (44) .... من قانون الخدمة العسكرية والوطنية
الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 النصوص الآتية: مادة (44):" تعتبر مدة
الخدمة العسكرية والوطنية الفعلية الحسنة بما فيها مدة الاستبقاء بعد إتمام مدة
الخدمة الإلزامية العاملة لجميع المجندين مؤهلين كانوا أو غير مؤهلين الذين يتم
تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة
المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام كأنها قضيت
بالخدمة المدنية وتحسب هذه المدة في الأقدمية واستحقاق العلاوات المقررة.
وتحدد تلك
المدة بشهادة من الجهة المختصة بوزارة الدفاع، ولا يجوز الاستناد إلى الأقدمية
المترتبة على تطبيق هذه المادة بالنسبة إلى المجندين غير المؤهلين للطعن على
قرارات التعيين والترقية التى تمت قبل أول يناير 2010".
وتنص المادة الرابعة من هذا القانون على أن "ينشر هذا القانون في
الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالى لتاريخ
نشره". وقد نُشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 52 (مكرر) بتاريخ
27/12/2009.
وحيث إن الواضح من استعراض نصوص
القانون رقم 152 لسنة 2009 المشار إليه، أن إعمال أحكام المادة (44) من قانون
الخدمة العسكرية والوطنية بعد تعديله بذلك القانون، في شأن ضم مدة الخدمة العسكرية
للمجندين غير المؤهلين الذين يتم تعيينهم أثناء مدة تجنيدهم أو بعد انقضائها
بالجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع
العام وقطاع الأعمال العام، يكون – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بأثر فورى
مباشر على المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون في 28/12/2009، اليوم
التالى لتاريخ نشــر القانون رقم 152 لسنة 2009 في الجريدة الرسمية، طبقًا
لنص المادة الرابعة من هذا القانون.
وحيث إن من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، هى التى
تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح، وذلك في ضوء طلبات رافعها، وبعد
استظهار حقيقة أبعادها، ومراميها، دون تقيد بمبانيها.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط
لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ارتباطها عقلاً بالمصلحة التى يقوم بها النزاع
الموضوعى، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات
الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعون
من العاملين بالشركة المدعى عليها الأخيرة – وهى من شركات قطاع الأعمال العام –
غير الحاصلين على مؤهلات دراسية، وأدوا الخدمة العسكرية، وعينوا بالشركة في تاريخ
سابق على تاريخ العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 في 28/12/2009. وكانت رحى النزاع
الموضوعى تدور حول أحقيتهم في ضم مدة خدمتهم العسكرية، وما يترتب على ذلك من آثار،
واعتبارها كأنها قُضيت بالخدمة المدنية، وحسابها في الأقدمية واستحقاق العلاوات
المقررة، وكان النص المطعون فيه وهو الحاكم لقواعد ضم مدة الخدمة العسكرية
للمجندين غير المؤهلين، قد قصر الحق في ضم مدة الخدمة العسكرية على المعينين منهم
اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 دون غيرهم، وحرم بذلك فئة
المجندين غير المؤهلين المعينين قبل ذلك التاريخ، من ضم مدة خدمتهم العسكرية،
واعتبارها كأنها قُضيت بالخدمة المدنية، واحتسابها في الأقدمية واستحقاق العلاوات
المقررة. ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة والمصلحة فيها يتحددان بالطعن على النص
المشار إليه فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على المجندين غير المؤهلين
المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل به، دون المجندين غير المؤهلين المعينين قبل هذا
التاريخ، دون غيرها من الأحكام التى تضمنها النص المطعون فيه.
وحيث إن الرقابة على دستورية
القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع
لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التى يجب أن تقوم عليها
الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا
القواعد والأصول التى يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى
القواعد الآمرة التى تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين
التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّا كان تاريخ العمل بها -
لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين
نظم مختلفة يناقض بعضهـا البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس
الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان
ذلك، وكانت المطاعن التى وجهها المدعون للنص المطعون عليه - في النطاق السالف
تحديده - تندرج، تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى
لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعى، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر
رقابتها على النص المطعون عليه، الذى مازال قائمًا ومعمولاً به، في ضوء أحكام
الدستور الحالي الصادر سنة 2014.
وحيث إن
المدعين ينعون على النص المطعون فيه – في حدود النطاق المتقدم – إخلاله بمبدأ
المساواة، المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور، وذلك لتضمنه تمييزًا غير مبرر بين
المجندين غير المؤهلين المعينين اعتبارًا من 28/12/2009 تاريخ العمل بأحكام
القانون رقم 152 لسنة 2009، والمجندين غير المؤهلين المعينين في تاريخ سابق على
التاريخ المشار إليه، في شأن ضم مدة الخدمة العسكرية، واحتسابها في الأقدمية،
واستحقاق العلاوات المقررة.
وحيث إن
الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى
جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية،
وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع
المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم
لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل
فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك
لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى
أسس موضوعية ولا ينطوى من ثمَّ على مخالفة لنص المادتين (4، 53) المشار إليهما،
بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن
كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها
إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا
كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث
يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا، وغير
مستند من ثمَّ إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة. كما جرى قضاء هذه
المحكمة على أن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعنى معاملة المواطنين جميعًا وفق
قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعى قد ينطوى على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء
من خلال الأعباء التى يُلقيها على البعض أم من خلال المزايا التى يمنحها لفئة دون
غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التى ينظم بها المشرع
موضوعًا معينًا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التى توخى تحقيقها بالوسائل التى
لجأ إليها، منطقيًا، وليس واهيًا أو واهنًا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس التى يقوم
عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
وحيث إن
المشرع قد حرص بمقتضى التعديل الذى ضمنه القانون رقم 152 لسنة 2009 على معالجة
أوجه القصور التي أسفر عنها تطبيق نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية
والوطنية المشار إليه قبل تعديله بموجب ذلك القانون، وما انتهت إليه المحكمة
الدستورية العليا بقرارها الصادر بجلسة 7/5/1988 في طلب التفسير رقم 2 لسنة 8
قضائية "تفسير"، من سريان أحكام هذا النص على المجندين الحاصلين على
مؤهلات دراسية دون غيرهم، منظورًا في كل ذلك إلى أن الدفاع عن الوطن وحماية أرضه -
طبقًا لنص المادة (86) من الدستور الحالي ويقابله نص المادة (58) من الدستور
الصادر سنة 1971 – شرف وواجب مقدس، وأن التجنيد إجباري، ومن أجل ذلك كان أداء
الخدمة العسكرية والوطنية – على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الخدمة العسكرية
والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 – عملاً وطنيًّا لا يجــــوز أن يُضار
بسببه الموظف أو العامل، بما استوجب – على ما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم
152 لسنة 2009 المشار إليه – توحيد المعاملة بين المجندين سواء أكانوا مؤهلين أو
غير مؤهلين، وذلك عند ضم مدة الخدمة العسكرية للخدمة المدنية، وحسابها في الأقدمية،
واستحقاق العلاوات المقررة، وعلى ذلك إذا ما استحدث المشرع تنظيمًا جديدًا لضم مدة
الخدمة العسكرية، غايته تحقيق تلك الأهداف، ووضع للانتفاع بهذه المعاملة ضوابط
وشروط تتحدد بها المراكز القانونية المخاطبة بأحكامها، التى يتساوى بها الأفراد
أمام القانون، وجب إعمال مبدأ المساواة بين من توافــــرت في حقهم هذه الشـروط،
فإذا انتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط في بعضهم دون البعض الآخر، كان
لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم التمتع بالحقوق التى كفلها القانون لهم،
ويدخل في تلك الشروط تحديد النطاق الزمنى لسريان القاعدة القانونية، الذى يُعد أحد
أهم العناصر المحددة للمراكز القانونية الداخلة في نطاق تطبيق تلك القاعدة،
والمكونة للبناء القانوني لها، إذ الأصل في تطبيق القاعدة القانونية – على ما جرى
به قضاء هذه المحكمة – أنها تسرى على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من
تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية
أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة
القانونية القديمة من تاريخ إلغائها، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت
وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين – القديم أو الجديد – تخضع لحكمه، فما نشأ
منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية
وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده، وعلى ذلك فإن المشرع
قد حدد بمقتضى نص المادة الرابعة من القانون رقم 152 لسنة 2009 السالف الذكر،
تاريخ العمل بالأحكام الموضوعية الحاكمة لضم مدة الخدمة العسكرية التي تضمنها النص
المطعون فيه، باليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 28/12/2009، معتمدًا
في ذلك الأثر الفوري المباشر للعمل بتلك الأحكام، إنفاذًا للأصل المقـرر بمقتضى نص
المادة (225) من الدستور الحالي - وتقابلها المادة (187) من الدستور الصادر سنة
1971 - التي بموجبها لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها،
وقصر بذلك دائرة المستفيدين من أحكامه على المجندين غير المؤهلين المعينين
اعتبارًا من تاريخ العمل به، دون المعينين في تاريخ سابق على التاريخ المذكور،
الذين يتخلف في حقهم أحد العناصر المحددة للمراكز القانونية الداخلة في نطاق
الدائرة التي يعمل خلالها هذا النص، والتي يتساوى أصحابها أمام القانون، فإن مقتضى
إعمال مبدأ المساواة بينهم يكون منتفيًا لعدم التماثل في المراكز القانونية بينهم،
ليغدو التنظيم الذى أتى به المشرع وضمنه النص المطعون فيه داخلاً تقريره في نطاق
الدائرة التي يجيز فيها الدستور للمشرع أن يُباشر سلطته التقديرية في مجال تنظيم
الحقوق لمواجهة مقتضيات الواقع، وهي الدائرة التي تقع بين حدى الوجوب والنهى
الدستوريين، وذلك كله بمراعاة أن الاختــلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي
تنظم موضـوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحـل الزمنيـة المختلفة، لا
يُعد – على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – إخلالاً بمبدأ المساواة
الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يطبق خلالها النص القانوني
الخاضع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد،
وكان كل منها قد طُبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالاً بمبدأ
المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة، إلى سد حائل دون التطور التشريعي،
ولتغدو المراحل الزمنية التي مر بها التنظيم القانوني الحاكم لضم مدة الخدمة العسكرية
انتهاءً بالنص المطعون فيه، والتي اختلف فيها مسلك المشرع عند معالجته لها، وتحديد
ضوابط وقواعد ضمها، تمثل في جملتها تصنيفًا وتقسيمًا تشريعيًّا انتهجه المشرع
استجابة لمقتضيات واقعية وقانونية، تُعد مبررًا وأساسًا موضوعيًّا لتقرير هذا
التنظيم، يتأبى معه المقارنة لإعمال مبدأ المساواة في شأنها، لتضحى قالة مخالفة
النص المطعون فيه - فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على المجندين غير
المؤهلين المعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 152 لسنة 2009
المشار إليه في 28/12/2009، دون المعينين منهم قبل هذا التاريخ - لمبدأ المساواة
الذى كفلته المادتان (4، 53) من الدستور في غير محله، خاصة مع الوضع في الاعتبار
أن تقرير تلك الحقوق للمعينين اعتبارًا من تاريخ العمل بالقانون المذكور، لا يشكل
في الوقت ذاته مساسًا بالمراكز القانونية المستقرة لغيرهم من العاملين وحقوقهم
المكتسبة، التي صارت لصيقة بأصحابها وفقًا لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج
بها في مواجهة الكافة كأثر لنفاذ هذه الأحكام، بعد أن وضع النص المطعون فيه في فقرته
الأخيرة قيدًا على ضم مدة الخدمة العسكرية، بمقتضاه لا يجوز الاستناد للأقدمية
المترتبة على تطبيق هذا النص بالنسبة للمجندين غير المؤهلين للطعن على قرارات
التعيين والترقية التي تمت قبل 1/1/2010، والذى يقرر قاعدة قانونية تستهدف – كما
تقدم – استقرار المراكز القانونية والحقوق المكتسبة بمقتضى قرارات صدرت صحيحة في وقت
لم يكن لهؤلاء العاملين فيه حق في أقدميات يسمح بالطعن في القرارات المذكورة.
وحيث إن النص
المطعون فيه – في النطاق المتقدم – لا يخالف أي نص آخر في الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين بالمصروفات، ومبلغ مائتى جنيه
مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق